درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٢

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩

عدلا اماميا او ثقة ولو لم يكن امامى المذهب اظهر مما فهمه المحقق من تقييد حجية الخبر بعمل الاصحاب لان الظاهر ان شيخ الطائفة انما يتمسك بالاجماع على العمل بالروايات المدوّنة فى كتب الاصحاب على حجية مطلق خبر العدل الامامى بناء منه على ان الوجه فى عملهم بها كونها اخبار عدول وكذا ما ادعاه من الاجماع على العمل بروايات الطوائف الخاصة كبنى فضال وبنى سماعة من غير الامامية وإلّا فلم يأخذه فى عنوان مختاره ولم يشترط كون الخبر مما رواه الاصحاب وعملوا به فراجع كلام الشيخ فى العدة وتأمله.

(قوله ثم انه لا يبعد الخ) اشارة الى منع استبعاد التدافع بين اجماعى السيد والشيخ مع معاصرتهما واطلاعهما بمذهب الاصحاب فى العمل بخبر الواحد فكم من مسئلة فرعية وقع الاختلاف بينهما فى دعوى الاجماع فيها مع ان المسألة الفرعية اولى بعدم خفاء مذهب الاصحاب فيها عليهما لان المسائل الفرعية معنونة فى الكتب مفتى بها غالبا بالخصوص.

(نعم) قد يتفق دعوى الاجماع فى المسألة الفرعية بملاحظة قواعد الاصحاب من الاصول العملية والعمومات والاطلاقات على ما سبق فى الاجماع المنقول والمسائل الاصولية لم تكن معنونة فى كتبهم انما المعلوم من حالهم انهم عملوا باخبار وطرحوا اخبارا.

(فلعل وجه) عملهم بما عملوا كونه متواترا او محفوفا عندهم بخلاف ما طرحوا على ما يدعيه السيد قدس‌سره على ما صرح به فى كلامه المتقدم من ان الاخبار المودعة فى الكتب بطريق الآحاد متواترة او محفوفة ونص السيد فى موضع آخر على ان معظم الاحكام يعلم بالضرورة والاخبار المعلومة.

(ويحتمل) كون الفارق بين الخبر الذى عملوا به والخبر الذى طرحوه مع اشتراكهما فى عدم التواتر والاحتفاف فقد شرط العمل فى احدهما دون الآخر من كون الراوى عادلا او ثقة وضابطا وسديدا فى نقله وغير ذلك على ما يدعيه شيخ

٣٢١

الطائفة على ما صرح به فى كلامه المتقدم من الجواب عن احتمال كون عمل الاصحاب بالاخبار لاقترانها بالقرائن حيث صرح فى مقام الجواب عنه انه ليس جميع الاخبار التى عملوا بها مقترنا بالقرائن.

(قوله والمسائل الاصولية لم تكن معنونة الخ) اقول كيف لم تكن المسائل الاصولية خصوصا مسئلة حجية خبر الواحد معنونة فى كتبهم مع ما ذكره الشيخ فى العدة أليس الشيوخ لا يزالون يناظرون خصومهم فى ان خبر الواحد لا يعمل به ويدفعونهم عن صحة ذلك وسيأتى كلام السيد على ما نقله فى الكتاب بانهم شدّدوا الانكار على العامل بخبر الواحد وذكر ابن قبة انه لا يجوز التعبد به عقلا لاستلزامه تحريم الحلال وتحليل الحرام وغير ذلك من المسائل الاصولية التى كانت معنونة فى كتبهم فالقول بانها لم تكن معنونة محل نظر وتأمل

٣٢٢

(نعم لا يناسب) ما ذكرناه من الوجه تصريح السيد بانهم شددوا الانكار على العامل بخبر الواحد ولعل الوجه فيه ما اشار اليه الشيخ فى كلامه المتقدم بقوله انهم منعوا من الاخبار التى رواها المخالفون فى المسائل التى روى اصحابنا خلافه واستبعد هذا صاحب المعالم فى حاشية منه على هامش المعالم بعد ما حكاه عن الشيخ بان الاعتراف بانكار عمل الامامية باخبار الآحاد لا يعقل صرفه الى روايات مخالفيهم لان اشتراط العدالة عندهم وانتفائها فى غيرهم كاف فى الاضراب عنها فلا وجه للمبالغة فى نهى العمل بخبر يروونه انتهى وفيه انه يمكن ان يكون اظهار هذا المذهب والتحنن به فى مقام لا يمكنهم التصريح بفسق الراوى فاحتالوا فى ذلك بانا لا نعمل إلّا بما حصل لنا القطع بصدقه بالتواتر او بالقرائن ولا دليل عندنا على العمل بالخبر الظنى وان كان راويه غير مطعون وفى عبارة الشيخ المتقدمة اشارة الى ذلك حيث خص انكار الشيوخ للعمل بالخبر المجرد بصورة المناظرة مع خصومهم والحاصل ان الاجماع الذى ادعاه السيد قولىّ وما ادعاه الشيخ اجماع عملى والجمع بينهما يمكن بحمل عملهم على ما احتف بالقرينة عندهم وبحمل قولهم على ما ذكرنا من الاحتمال فى دفع الروايات الواردة فيما لا يرضونه من المطالب والحمل الثانى مخالف لظاهر القول والحمل الاول ليس مخالفا لظاهر العمل لان العمل مجمل من اجل الجهة التى وقع عليها إلّا ان الانصاف ان القرائن تشهد بفساد الحمل الاول كما سيأتى فلا بد من حمل قول من حكى عنهم السيد المنع اما على ما ذكرنا من ارادة دفع اخبار المخالفين التى لا يمكنهم ردها بفسق الراوى واما على ما ذكره الشيخ من كونهم جماعة معلومى النسب لا يقدح مخالفتهم بالاجماع.

(يعنى) لا يناسب ما ذكرناه من كون الفرق بين الخبر المعمول به والمطروح وجود شرط العمل فى الاول دون الآخر تصريح السيد بان الاصحاب شددوا الانكار على العامل بخبر الواحد.

(ولعل الوجه) فى تشديد الانكار ما اشار اليه الشيخ فى كلامه المتقدم بقوله

٣٢٣

انهم منعوا من الاخبار التى رواها المخالفون فى المسائل التى روى اصحابنا خلافه (ولكن) استبعد صاحب المعالم ما اشار اليه الشيخ فى كلامه المتقدم فى حاشية منه ره على هامش المعالم بعد نقل الكلام المتقدم عن الشيخ بان الاعتراف بانكار عمل الامامية باخبار الآحاد لا يعقل صرفه الى روايات مخالفيهم لان اشتراط العدالة عندهم وانتفائها فى غيرهم كاف فى الاضراب عن اخبار المخالفين فلا وجه للمبالغة فى نهى العمل بخبر يروونه انتهى.

(ولا يخفى عليك) ان العدالة المشترطة فى كلام شيخ الطائفة هو ما يكون طريقا الى الوثاقة فيكون المعتبر هو الوثاقة ولذا عمل الشيخ بروايات المخالفين وساير فرق الشيعة اذا كانوا ثقاة فى النقل ولم يكن عند الامامية خلافه (وفى الفوائد المدنية) حيث قال فى اعتبار شروط فى الراوى المسألة الثانية عدالة الراوى شرط فى العمل بخبره وقال الشيخ يكفى كونه ثقة متحرزا عن الكذب فى الرواية وان كان فاسقا بجوارحه وادعى عمل الطائفة على اخبار جماعة هذه صفتهم انتهى موضع الحاجة من كلامه.

(قوله وفيه انه يمكن الخ) يعنى فيما ذكره الشيخ فى كلامه المتقدم من الوجه الذى اشار اليه بقوله انهم منعوا الخ انه يمكن ان يكون اظهار هذا المذهب اى عدم حجية الخبر والتجنن به اى اخذه جنة والمراد التزام هذا المذهب فى مقام لم يمكن لاصحابنا التصريح بخلافهم احتالوا المنع من العمل بخبر الواحد فى التخلص عن مخالفة المخالفين وطرح اخبارهم بانا لا نعمل إلّا بما حصل لنا القطع بصدقه بالتواتر او بالقرائن ولا دليل عندنا على العمل بالخبر الظنى وان كان راويه غير مطعون وفى عبارة شيخ الطائفة اشارة الى ذلك حيث خص انكار الشيوخ للعمل بالخبر المجرد بصورة المناظرة مع خصومهم. (والحاصل) ان الاجماع الذى ادعاه السيد بان الخبر الغير العلمى ليس بحجة قولىّ وما ادعاه الشيخ بحجية مطلق الخبر علميا او غيره اجماع عملى والجمع بينهما يمكن بحمل عمل الاصحاب على الخبر الذى احتف بالقرينة عندهم فيكون

٣٢٤

ما ادعاه السيد من الاجماع حقا وبحمل قولهم على ما ذكرنا من الاحتمال المذكور فى دفع الروايات الواردة بطريق المخالفين فيما لا يرضونه من المطالب فيكون ما ادعاه شيخ الطائفة حقا والحمل الثانى مخالف لظاهر القول لظهوره فى العموم والحمل الاول اى حمل عملهم على ما احتف بالقرينة ليس مخالفا لظاهر العمل لان العمل مجمل من اجل الجهة التى وقع عليها إلّا ان الانصاف ان القرائن تشهد بفساد الحمل الاول كما سيأتى فلا بد من حمل قول من حكى عنهم السيد المنع اما على ما ذكرنا من ارادة دفع اخبار المخالفين التى لا يمكنهم ردها بفسق الراوى واما على ما ذكره الشيخ من كون المانعين من العمل بخبر الواحد جماعة معلومى النسب لا يقدح مخالفتهم بالاجماع.

(ولا يخفى عليك) ان الجمع المذكور وان كان ممكنا لكن ليس جمعا بين قول السيد والشيخ بان يرتفع النزاع بينهما رأسا بل النزاع بينهما باق فانه على الاحتمال الاول اعنى حمل عملهم على ما احتف بالقرينة وابقاء القول على ظهوره يكون المرجع هو قول السيد ويكون قول الشيخ مطروحا وعلى الاحتمال الثانى اعنى حمل قولهم على ما ذكره من الاحتمال فى دفع الروايات الواردة بطريق المخالفين فيما لا يرضونه من المطالب يكون المرجع هو قول الشيخ ويكون قول السيد من عدم حجية خبر الواحد مطروحا.

٣٢٥

(ويمكن الجمع بينهما) بوجه احسن وهو ان مراد السيد قدس‌سره من العلم الذى ادعاه فى صدق الاخبار هو مجرد الاطمينان فان المحكى عنه فى تعريف العلم انه ما اقتضى سكون النفس وهو الذى ادعى بعض الاخباريين ان مرادنا بالعلم بصدور الاخبار هو هذا المعنى لا اليقين الذى لا يقبل الاحتمال رأسا فمراد الشيخ من تجرد هذه الاخبار عن القرائن تجردها عن القرائن التى ذكرها أولا وهى موافقة الكتاب أو السنة أو الاجماع أو دليل العقل ومراد السيد من القرائن التى ادعى فى عبارته المتقدمة احتفاف اكثر الاخبار بها هى الامور الموجبة للوثوق بالراوى أو بالرواية بمعنى سكون النفس بهما وركونها اليهما و (ح) فيحمل انكار الامامية للعمل بخبر الواحد على انكارهم للعمل به تعبدا او لمجرد حصول رجحان بصدقه على ما يقوله المخالفون والانصاف انه لم يتضح من كلام الشيخ دعوى الاجماع على ازيد من الخبر الموجب لسكون النفس ولو بمجرد وثاقة الراوى وكونه سديدا فى نقله لم يطعن فى روايته ولعل هذا الوجه احسن وجوه الجمع بين كلامى الشيخ والسيد خصوصا مع ملاحظة تصريح السيد فى كلامه بان أكثر الاخبار متواترة او محفوفة وتصريح الشيخ فى كلامه المتقدم بانكار ذلك وممن نقل الاجماع على حجية اخبار الآحاد السيد الجليل رضى الدين بن طاوس حيث قال فى جملة كلام له يطعن فيه على السيد ولا يكاد تعجبى ينقضى كيف اشتبه عليه ان الشيعة لا يعمل باخبار الآحاد فى الامور الشرعية ومن اطلع على التواريخ والاخبار وشاهد عمل ذوى الاعتبار وجد المسلمين والمرتضى وعلماء الشيعة الماضين عاملين باخبار الآحاد بغير شبهة عند العارفين كما ذكر محمد بن الحسن الطوسى فى كتاب العدة وغيره من المشغولين بتصفح احبار الشيعة وغيرهم من المصنفين انتهى.

(اقول) فى بحر الفوائد ربما يتوهم من هذه العبارة اى قوله قدس‌سره ويمكن الجمع بينهما بوجه احسن ان ما افاده سابقا من الجمع بين القول والعمل بما فى الكتاب يرجع الى الجمع بين قولى السيد والشيخ قدس‌سرهما فى المسألة

٣٢٦

وهذا كما ترى توهم فاسد ضرورة ان ما أفاده سابقا من ارجاع قولهم فى مقام الانكار على العامل بالخبر المجرد الى ما ينافى اتفاقهم فى العمل بالخبر المجرد فى الجملة او عملهم الى ما ينافى قولهم على ما صنعه السيد لا تعلق له بالجمع بين كلامى السيد والشيخ بل هو صريح فى تصديق احدهما وتكذيب الآخر على كل تقدير بحيث لا يمكن الجمع بينهما اصلا انتهى وقد اشرنا الى هذا التوهم المذكور فيما مر آنفا من ان الجمع المذكور وان كان ممكنا لكنه ليس جمعا بين قول السيد والشيخ بان يرتفع بينهما النزاع رأسا بل النزاع بينهما باق فراجع.

(والجمع الذى ذكره) بقوله يمكن الجمع بينهما بوجه احسن فانه يرجع الى الجمع بين قولى السيد والشيخ فى المسألة من غير ان يكون له نظر وتعلق بالجمع بين الاجماع القولى الذى ادعاه السيد والعملى الذى ادعاه الشيخ فحاصل هذا الجمع ان مراد السيد من الخبر المحفوف بالقرينة القطعية هو المقرون بما يفيد الاطمينان بصدق الراوى والوثوق به فان المحكى عنه فى تعريف العلم انه ما اقتضى سكون النفس وهو الذى ادعى بعض الاخباريين ان مرادنا بالعلم بصدور الاخبار هو هذا المعنى لا اليقين الذى لا يقبل الشك والترديد رأسا.

(ومراد الشيخ) من الخبر المجرد الذى ادعى اجماعهم على العمل به هو المجرد عن القرائن الاربع وهى الكتاب والسنة او الاجماع او دليل العقل مع اعترافه بدوران الحجية مدار الوثوق والاطمينان بصدق الراوى فلا نزاع بينهما حقيقة فحينئذ يحمل انكار الامامية للعمل بخبر الواحد على انكارهم للعمل به تعبدا او لمجرد حصول رجحان بصدقه على ما يقوله المخالفون.

(ويدل عليه) ظاهر المحكى عن السيد فى مسائله الطرابلسية حيث قال ان فروع الدين كاصوله فى ان على كل واحد منهما ادلة قاطعة واضحة وان التوصل بكل واحد من الامرين يعنى الاصول والفروع ممكن صحيح وان الظن لا مجال له فى شىء من ذلك ولا الاجتهاد المفضى الى الظن دون العلم (قوله والمرتضى) قيل قد ضرب فى بعض النسخ لفظ المرتضى ولعله الصواب وعلى تقدير وجوده كما

٣٢٧

فى كثير من النسخ فلعله أراد ان المرتضى عمل به غفلة عما ذكره فى الاصول من عدم حجية خبر الثقة وفيه ما لا يخفى.

(والانصاف) انه لم يتضح من كلام الشيخ دعوى الاجماع على ازيد من العمل على الخبر الموجب لسكون النفس ولو بمجرد وثاقة الراوى وكونه سديدا فى نقله لم يطعن فى روايته ولعل هذا الجمع احسن وجوه الجمع بين كلامى الشيخ والسيد خصوصا مع ملاحظة تصريح السيد فى كلامه بان اكثر الاخبار متواترة او محفوفة وتصريح الشيخ فى كلامه المتقدم بانكار ذلك اى التواتر والاحتفاف بالقرائن الاربع المذكورة.

(قوله وهو الذى ادعى بعض الاخباريين) قال الوحيد البهبهانى فى بعض رسائله على ما تعرض له بعض المحشين اعلم ان بعض الفرقة الموجهة من الاخباريين قال لفظ العلم يطلق لغة على الاعتقاد الجازم الثابت المطابق للواقع وهذا يسمى باليقين وعلى ما تسكن اليه النفس وتقتضى العادة بصدقه ويسمى العلم العادى ويحصل بخبر الثقة وغيره اذا دل القرينة على صدقه وهذا هو الذى اعتبره الشارع فى ثبوت الاحكام الشرعية كما يرشد اليه موضوع الشريعة السمحة وقد عمل الصحابة واصحاب الائمة بخبر العدل الواحد وبالمكاتبة على يد شخص بل وبخبر غير العدل اذا دلت القرائن على صدقه ولا ينافى هذا الجزم تجويز العقل خلافه نظرا الى امكانه كما لا ينافى العلم بحياة زيد الذى غاب بخطه تجويز موته فجأة ومن تتبع كلام العرب ومواقع لفظ العلم فى المحاورات جزم بان اطلاقه عليه عندهم حقيقة وان تخصيصه باليقين اصطلاح جديد من اهل المنطق وتحقق ان الظن لغة هو الاعتقاد الراجح الذى لا جزم معه اصلا والعلم بهذا المعنى اعتبره الاصوليون والمتكلمون فى قواعدهم.

(وفى الذريعة) عرّف العلم بانه ما اقتضى سكون النفس وهو يشمل اليقينى والعادى فهذا هو العلم الشرعى فان شئت سمه علما وان شئت سمه ظنا ولا مشاحة بعد العلم بانه كاف فى ثبوت الاحكام فالنزاع لفظى لان الكل اجمعوا على انه يجب

٣٢٨

العمل باليقين ان امكن وإلّا كفى ما يحصل به الاطمينان والجزم عادة ولكن هل يسمى علما حقيقة بان له افراد متفاوتة اعلاه اليقين وادناه ما قرب من الظن المتاخم او حقيقة واحدة لا تتفاوت وهى اليقين وما سواه ظن وذلك خارج عما نحن فيه انتهى.

(وممن نقل الاجماع) على حجية اخبار الآحاد السيد الجليل رضى الدين بن طاوس حيث قال فى جملة كلام له يطعن فيه على السيد ولا يكاد تعجبى ينقضى كيف اشتبه عليه اى خفى عليه ان الشيعة لا يعمل باخبار الآحاد فى الامور الشرعية ومن اطلع على التواريخ والاخبار وشاهد عمل ذوى الاعتبار والعقلاء وجد المسلمين والسيد المرتضى وعلماء الشيعة الماضين عاملين باخبار الآحاد بغير شبهة عند العارفين كما ذكر محمد بن الحسن الطوسى فى كتاب العدة وغيره من المشغولين بتتبع اخبار الشيعة وغيرهم من المصنفين انتهى.

٣٢٩

(وفيه) دلالة على ان غير الشيخ من العلماء ايضا ادعى الاجماع على عمل الشيعة باخبار الآحاد وممن نقل الاجماع ايضا العلامة فى النهاية حيث قال ان الاخباريين منهم لم يعوّلوا فى اصول الدين وفروعه الاعلى اخبار الآحاد والاصوليين منهم كابى جعفر الطوسى عمل بها ولم ينكره سوى المرتضى واتباعه لشبهة حصلت لهم انتهى وممن ادعاه ايضا المحدث المجلسى فى بعض رسائله حيث ادعى تواتر الاخبار وعمل الشيعة فى جميع الاعصار على العمل بخبر الواحد ثم ان مراد العلامة قدس‌سره من الاخباريين يمكن ان يكون مثل الصدوق وشيخه قدس‌سرهما حيث اثبتا السهو للنبى والائمة لبعض اخبار الآحاد وزعما ان نفيه عنهم اول درجة فى الغلو ويكون ما تقدم فى كلام الشيخ من المقلدة الذين اذا سألوا عن التوحيد وصفات النبى والائمة والامام عليهم‌السلام قالوا روينا كذا ورووا فى ذلك الاخبار وقد نسب الشيخ فى هذا المقام من العدة العمل باخبار الآحاد فى اصول الدين الى بعض غفلة اصحاب الحديث ثم انه يمكن ان يكون الشبهة التى ادعى العلامة حصولها للسيد واتباعه هو زعم الاخبار التى عمل بها الاصحاب ودوّنوها فى كتبهم محفوفة عندهم بالقرائن او ان من قال من شيوخهم بعدم حجية اخبار الآحاد اراد بها مطلق الاخبار حتى الاخبار الواردة من طرق اصحابنا مع وثاقة الراوى او ان مخالفته لاصحابنا فى هذه المسألة لاجل شبهة حصلت له فخالف المتفق عليه بين الاصحاب.

(يعنى) يدل كلام ابن طاوس على ان غير الشيخ من العلماء ايضا ادعى الاجماع على عمل الشيعة باخبار الآحاد(يمكن) ان يكون وجه الدلالة عطف كلمة غيره فى عبارته على محمد بن الحسن الطوسى فانه ذكر اجماع العلماء على العمل بخبر الواحد فى الشريعة فلا بد ان يكون غيره ايضا كذلك بمقتضى العطف المقتضى للاشتراك (وممن نقل الاجماع ايضا العلامة) اقول هذا الاجماع منه قدس‌سره قد حكى بعبارات متعددة قد تعرض لها بعض المحشين ولكونها على مناط واحد قد اكتفى الشيخ قدس‌سره منها واحدة وهى ما ذكره فى المتن نقلا عن العلامة حيث قال ان الاخباريين

٣٣٠

من الشيعة لم يعوّلوا فى اصول الدين وفروعه الا على اخبار الآحاد المروية عن الائمة عليهم‌السلام والاصوليين منهم كابى جعفر الطوسى وغيره عملوا بها ولم ينكره سوى المرتضى واتباعه لشبهة حصلت لهم انتهى وسيأتى بيان الشبهة إن شاء الله تعالى.

(وممن ادعى الاجماع ايضا المحدث المجلسى) انه قدس‌سره ادعى على ما حكى عنه فى المجلد الاول من البحار أن عمل اصحاب الائمة عليهم‌السلام على اخبار الآحاد متواتر بالمعنى لا يمكن انكاره وفى موضع آخر منه ان ما قيل من ان مثل هذا التناقض والتنافى الذى يوجد فى الاجماعات يكون فى الروايات ايضا قلنا حجية الاخبار ولزوم العمل بها مما تواترت به الاخبار واستقر عليه عمل الشيعة بل جميع المسلمين فى جميع الاعصار بخلاف الاجماع الذى لا نعلم حجيته ولا تحققه ولا مأخذه قال وفى الجملة من تتبع موارد الاجماعات وخصوصياتها اتضح عليه امر السائلين فيها انتهى

(ثم ان مراد العلامة قدس‌سره) يعنى مراده ره من الاخباريين العاملين بخبر الواحد فى الاصول والفروع يمكن ان يكون مثل الصدوق وشيخه ابن الوليد قدس‌سرهما حيث اثبتا السهو للنبى صلى‌الله‌عليه‌وآله والائمة عليهم‌السلام لبعض اخبار الآحاد وزعما ان نفى السهو عنهم اول درجة فى الغلو. (ويمكن) ان يكون مراد العلامة من الاخباريين ما تقدم فى كلام شيخ الطائفة من المقلدة الذين اذا سألوا عن التوحيد وصفات النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله والائمة عليهم‌السلام قالوا روينا كذا ورووا فى ذلك الاخبار وقد نسب الشيخ فى هذا المقام من العدة العمل باخبار الآحاد فى اصول الدين الى بعض غفلة اصحاب الحديث اقول هذا الاحتمال بناء على ان يكون قوله ويكون ما تقدم فى كلام الشيخ معطوفا على قوله يكون مثل الصدوق الخ فعلى هذا لو اتى بكلمة او مكان الواو لكان احسن.

(قال بعض المحشين للكتاب) انه ينبغى بعدم ارادة العلامة هذا الاحتمال الاخير اذ مقابلة الاخباريين بالاصوليين فى كلامه تدل على ان المراد من الاخباريين قوم كثيرون من العلماء المعاصرين للائمة عليهم‌السلام او مقاربين لعصرهم والمفهوم من كلام شيخ الطائفة المنقول سابقا ان المقلدة قوم عاميون من اهل

٣٣١

الاسواق والعامة الذين لا يعرفون الدليل ولو الاجمالىّ منه فى الاصول والفروع فمن اين يمكن ارادة هذا من ذاك انتهى.

(قوله ثم انه يمكن ان يكون الشبهة الخ) اقول الشبهة التى ادعى العلامة حصولها للسيد واتباعه احتمل فيها ثلاث احتمالات (احدها) هو زعم الاخبار التى عمل بها الاصحاب ودوّنوها فى كتبهم محفوفة عندهم بالقرائن (وثانيها) زعمه ان من قال من شيوخهم بعدم حجية اخبار الآحاد اراد بها مطلق الاخبار حتى الاخبار الواردة من طرق اصحابنا مع وثاقة الراوى (وثالثها) راجعة الى مخالفة السيد لاجماعهم فى هذه المسألة مع علمه بان المسألة اتفاقية بينهم من جهة عدم كشف هذا الاتفاق عن قول المعصوم عليه‌السلام نظرا الى حصول شبهة كلامية له مانعة عن الكشف فخالف المتفق عليه بين الاصحاب.

ويمكن ان يكون المراد من الشبهة الكلامية هى ملاحظة قاعدة اللطف المقتضية عقلا لنصب الطرق القطعية فادعى حدسا انعقاد الاجماع على حرمة العمل بالاخبار المجرد عن القرائن كما ادعاه بعضهم.

(والفرق) بين الوجهين الاولين ان الشبهة على الاول حصلت من الاجماع العملى وعلى الثانى حصلت من الاجماع القولى.

٣٣٢

(ثم) ان دعوى الاجماع على العمل باخبار الآحاد وان لم نطلع عليها صريحة فى كلام غير الشيخ وابن طاوس والعلامة والمجلسى إلّا ان هذه الدعوى منهم مقرونة بقرائن تدل على صحتها وصدقها فخرج عن الاجماع المنقول بخبر الواحد المجرد عن القرينة ويدخل فى المحفوف بالقرينة وبهذا الاعتبار يتمسك بها على حجية الاخبار بل السيد قدس‌سره اعترف فى بعض كلامه المحكى كما يظهر منه بعمل الطائفة باخبار الآحاد إلّا انه يدعى انه لما كان من المعلوم عدم عملهم بالاخبار المجردة كعدم عملهم بالقياس فلا بد من حمل موارد عملهم على الاخبار المحفوفة قال فى الموصليات على ما حكى عنه فى محكى السرائر ان قيل أليس شيوخ هذه الطائفة عولوا فى كتبهم فى الاحكام الشرعية على الاخبار التى رووها عن ثقاتهم وجعلوها العمدة والحجة فى الاحكام حتى رووا عن ائمتهم عليهم‌السلام فيما يجىء مختلفا من الاخبار عند عدم الترجيح ان يؤخذ منه ما هو ابعد من قول العامة وهذا يناقض ما قدمتموه قلنا ليس ينبغى ان يرجع عن الامور المعلومة المشهورة المقطوع عليها الى ما هو مشتبه وملتبس ومجمل وقد علم كل موافق ومخالف ان الشيعة الامامية تبطل القياس فى الشريعة حيث لا يؤدى الى العلم وكذلك يقول فى اخبار الآحاد انتهى المحكى عنه وهذا الكلام كما ترى يظهر منه عمل الشيوخ باخبار الآحاد إلّا انه قدس‌سره ادعى معلومية خلافه من مذهب الامامية فترك هذا الظهور اخذ بالمقطوع ونحن نأخذ بما ذكره اولا لاعتضاده بما يوجب الصدق دون ما ذكره اخيرا لعدم ثبوته الا من قبله وكفى بذلك موهنا بخلاف الاجماع المدعى عن الشيخ والعلامة فانه معتضد بقرائن كثيرة تدل على صدق مضمونه وان الاصحاب عملوا بالخبر الغير العلمى فى الجملة. (يعنى) ان من ادعى الاجماع على العمل باخبار الآحاد فليس عليه صراحة فى كلام غير الشيخ وابن طاوس والعلامة والمجلسى إلّا ان هذا الادعاء منهم مقرون بقرائن تدل على صحته وصدقه.

٣٣٣

(ولا يخفى) ان مراد الشيخ قدس‌سره من نفى الصراحة على ما افاده بعض المحشين انما هو بالنسبة الى الاجماع الاصطلاحى لا الاعم منه ومن الاتفاق ضرورة ان كلام المحقق فى المعتبر وغيره صريحين فى دعوى الاتفاق على العمل باخبار الآحاد كما ان مراده من العلماء من كان قبل المجلسى قدس‌سره وإلّا فدعوى المتأخرين الاجماع من الواضحات التى لا يرتاب فيه من راجع مصنفاتهم فى الاصول والفروع انتهى.

(قوله فخرج عن الاجماع المنقول الخ) دفع ما اورد فى المقام من ان الطريق الى هذا الاجماع اما الخبر المتواتر او آحاد فان كان الاول فلم لم يطلع عليه القدماء وهم كانوا اولى بادراكه مع ان جماعة من المنكرين لحجيته من الخاصة كالسيد واتباعه والعامة وجماعة من المعتزلة يخالفون المدعين فى ادراكه مع مخالطتهم بالاخباريين وان كان الثانى فهو لا يفيد العلم المطلوب عند الخصم مع انه يستلزم الدور.

(قوله قال فى الرسالة الموصليات على ما حكى عنه فى محكى السرائر ان قيل الخ) المستفاد من فرض السيد فى السؤال هو عمل الطائفة باخبار الآحاد حيث قال فيه أليس شيوخ هذه الطائفة اعتمدوا فى كتبهم فى الاحكام الشرعية على الاخبار الآحاد التى رووها عن ثقاتهم وجعلوها العمدة والحجة فى الاحكام حتى رووا عن ائمتهم عليهم‌السلام فيما يجىء مختلفا من الاخبار ان يؤخذ بالراجح منها ان كان وإلّا ان يؤخذ منها ما هو ابعد من قول العامة وعمل الطائفة على الاخبار فى الاحكام يناقض ما قدمتموه من ان اخبار الآحاد ليست حجة عندهم.

(قلنا) ليس ينبغى ان يرجع عن الامور المعلومة المشهورة المقطوع عليها الى ما هو مشتبه وملتبس ومجمل وقد علم كل موافق ومخالف ان الشيعة الامامية تبطل القياس فى الشريعة حيث لا يؤدى الى العلم وكذلك يقول فى اخبار الآحاد انتهى المحكى عنه.

٣٣٤

(وهذا الكلام) كما ترى يظهر من فرضه السؤال ان عمل الشيوخ باخبار الآحاد مسلم إلّا ان السيد قدس‌سره ادعى معلومية خلافه من مذهب الامامية فترك هذا الظهور العملى اخذا بالمقطوع ونحن نأخذ بما ذكره اولا وهو عمل الطائفة باخبار الآحاد لاعتضاد ما ذكر اولا بما يوجب الصدق دون ما ذكره اخيرا لعدم ثبوته الا من قبله وكفى بذلك موهنا اى يكفى فى وهنه ثبوته من قبله وحده لانه ليس بمعتبر فى مسئلة حجية خبر الواحد اثباتا ونفيا هذا بخلاف الاجماع المدعى عن الشيخ والعلامة فان اجماعهما معتضد بقرائن كثيرة تدل على صدق مضمونه وان الاصحاب عملوا بالخبر الغير العلمى فى الجملة كلمة فى الجملة اشارة الى الاختلاف فى شرائط حجية الخبر الواحد.

٣٣٥

(فمن تلك القرائن) ما ادعاه الكشى من اجماع العصابة على تصحيح ما يصح عن جماعة فان من المعلوم ان معنى التصحيح المجمع عليه هو عد خبره صحيحا بمعنى عملهم به لا القطع بصدوره اذ الاجماع وقع على التصحيح لا على الصحة مع ان الصحة عندهم على ما صرح غير واحد عبارة عن الوثوق والركون لا القطع واليقين ومنها دعوى النجاشى ان مراسيل ابن ابى عمير مقبولة عند الاصحاب وهذه العبارة تدل على عمل الاصحاب بمراسيل مثل ابن ابى عمير لا من اجل القطع بالصدور بل لعلمهم بانه لا يروى او لا يرسل إلّا عن ثقة فلولا قبولهم لما يسنده الثقة الى الثقة لم يكن وجه لقبول مراسيل ابن ابى عمير الذى لا يروى إلّا عن الثقة والاتفاق المذكور قد ادعاه الشهيد فى الذكرى ايضا ومن كاشف الرموز تلميذ المحقق ان الاصحاب عملوا بمراسيل البزنطى ومنها ما ذكره ابن ادريس فى رسالة خلاصة الاستدلال التى صنّفها فى مسئلة فورية القضاء فى مقام دعوى الاجماع على المضايقة وانها مما اطبقت الامامية إلّا نفر يسير من الخراسانيين قال فى مقام تقريب الاجماع ان ابنى بابويه والاشعريين كسعد بن عبد الله وسعيد بن سعد ومحمد بن على بن محبوب والقميين اجمع كعلى بن ابراهيم ومحمد بن الحسن بن الوليد عاملون بالاخبار المتضمنة للمضايقة لانهم ذكروا انه لا يحل ردّ الخبر الموثوق برواته انتهى.

(اقول) قد تقدم ان الاجماع المدعى عن الشيخ والعلامة على حجية الخبر الواحد الغير العلمى معتضد بقرائن كثيرة تدل على صدق مضمونه وان الاصحاب عملوا به فى الجملة.

(فمن تلك القرائن) ما ادعاه الكشى وقد تلقاه بالقبول كل من جاء بعده من دون انكار فى ذلك من احد وان اختلفوا فى عدد الجماعة واشخاصهم من اجماع العصابة على تصحيح ما يصح عن جماعة وهم على ما ذكره الكشى ثمانية عشر وخالفه فيه بعضهم ووافقه فى العدد بعض آخر إلّا انه خالفه فى خصوص الاشخاص وقد جمعهم العلامة الطباطبائى فى الابيات المنسوبة اليه فراجع.

٣٣٦

(واعلم) انه قد اختلفت الاقوال فى تفسير قوله اجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن جماعة والمعنى الذى ذكره الشيخ قدس‌سره هو المشهور فى تفسير العبارة ويؤيده لفظ التصديق بدل التصحيح فى عبارة بعضهم وممن صرح به المحقق الفيض فى مقدمات الوافى والمحقق الداماد فى الرواشح السماوية والوحيد البهبهانى فى فوائد التعليقة.

(فحاصله) ان من المعلوم ان معنى التصحيح المجمع عليه هو عد خبره صحيحا بمعنى عملهم به لا القطع بصدوره اذ الاجماع وقع على التصحيح لا على الصحة مع ان الصحة عندهم على ما صرح غير واحد عبارة عن الوثوق والركون لا القطع واليقين ومع ان الاجماع على القطع بالصدور انما يفيد لو كان محصلا اما لو كان منقولا بخبر الواحد مثل الكشى او غيره فلا يفيد القطع بالصدور والمفروض هو الثانى لا الاول.

(ومنها) عبارة النجاشى على ما حكى عنه فى ترجمة ابن ابى عمير وكان اصحابنا يسكنون الى مراسيله فهذه العبارة تدل على ان مراسيل ابن ابى عمير مقبولة عند الاصحاب وعملهم بمراسيله ليس من جهة القطع بصدورها بل لعلمهم بانه لا يروى او لا يرسل إلّا عن الثقة فلولا قبولهم لما يسنده الثقة الى الثقة لم يكن وجه لقبول مراسيل ابن ابى عمير الذى لا يروى إلّا عن الثقة والاتفاق المذكور قد ادعاه الشهيد فى الذكرى ايضا ومن كاشف الرموز تلميذ المحقق ان الاصحاب عملوا بمراسيل البزنطى.

(ومنها) اى من جملة القرائن الدالة على ان الاصحاب عاملون بالخبر الواحد الغير العلمى ما ذكره ابن ادريس فى رسالة خلاصة الاستدلال التى صنفها فى مسئلة فورية القضاء فى مقام دعوى الاجماع على المضايقة وانها مما اطبقت الامامية الا نفر يسير من الخراسانيين قال فى تقريب الاجماع ان ابنى بابويه والاشعريين كسعد بن عبد الله وسعيد بن سعد ومحمد بن على بن محبوب والقميين اجمع كعلى بن ابراهيم ومحمد بن الحسن بن الوليد عاملون باخبار المتضمنة للمضايقة لانهم ذكروا انه لا يحل رد الخبر الموثوق برواته انتهى.

٣٣٧

فقد استدل على مذهب الامامية بذكرهم لاخبار المضايقة وذهابهم الى العمل برواية الثقة فاستنتج من هاتين المقدمتين ذهابهم الى المضايقة وليت شعرى اذا علم ابن ادريس ان مذهب هؤلاء الذين هم اصحاب الائمة ويحصل العلم بقول الامام عليه‌السلام عن اتفاقهم وجوب العمل برواية الثقة وانه لا يحل ترك العمل بها فكيف تبع السيد فى مسئلة خبر الواحد إلّا ان يدعى ان المراد بالثقة من يفيد قوله القطع وفيه ما لا يخفى او يكون مراده ومراد السيد قدس‌سرهما من الخبر العلمى ما يفيد الوثوق والاطمينان لا ما يفيد اليقين على ما ذكرنا سابقا فى الجمع بين كلامى السيد والشيخ قدس‌سرهما ومنها ما ذكره المحقق فى المعتبر فى مسئلة خبر الواحد حيث قال افرط الحشوية فى العمل بخبر الواحد حتى انقادوا لكل خبر وما فطنوا لما تحته من التناقض فان من جملة الاخبار قول النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله ستكثر بعدى القالة على وقول الصادق عليه‌السلام ان لكل رجل منا رجلا يكذب عليه واقتصر بعضهم من هذا الافراط فقال كل سليم السند يعمل به وما علم ان الكاذب قد يصدق ولم يتنبه على ان ذلك طعن فى علماء الشيعة وقدح فى المذهب اذ ما مصنّف الا وهو يعمل بالخبر المجروح كما يعمل بخبر العدل وافرط آخرون فى طريق ردّ الخبر حتى احالوا استعماله عقلا واقتصر آخرون فلم يروا العقل مانعا لكن الشرع لم يأذن فى العمل به وكل هذه الاقوال منحرفة عن السنن والتوسط اقرب فما قبله الاصحاب او دلت القرائن على صحته عمل به وما اعرض عنه الاصحاب او شذ يجب اطراحه انتهى وهو كما ترى ينادى بان علماء الشيعة قد يعملون بخبر المجروح كما يعملون بخبر العدل وليس المراد عملهم بخبر المجروح والعدل اذا افاد العلم بصدقه لان كلامه فى الخبر الغير العلمى وهو الذى أحال قوم استعماله عقلا ومنعه آخرون شرعا.

(المستفاد) من عبارة ابن ادريس فى رسالة خلاصة الاستدلال الّتى صنفها فى مسئلة فورية القضاء ان الامامية ذكرت الاخبار المتضمنة للمضايقة مع ذهابهم الى العمل بها لانهم ذكروا انه لا يحل رد الخبر الموثوق برواته فاستنتج من هاتين المقدمتين دعوى الاجماع من الامامية على المضايقة هذا.

٣٣٨

(ولكن الشيخ) قدس‌سره تعجب من استدلاله حيث قال وليت شعرى اذا علم ابن ادريس ان مذهب هؤلاء اى ابنى بابويه والاشعريين والقميين اجمع الذين هم اصحاب الائمة ويحصل العلم بقول الامام عليه‌السلام عن اتفاقهم وجوب عملهم برواية الثقة وانه لا يحل ترك العمل بها فكيف تبع السيد المرتضى فى مسئلة خبر الواحد إلّا ان يدعى ان المراد بالثقة من يفيد قوله القطع وفيه ما لا يخفى من انه ليس المراد بالثقة من يفيد قوله القطع لا لغة ولا عرفا او يكون مراده ومراد السيد من الخبر العلمى ما يفيد الوثوق والاطمينان لا ما يفيد اليقين على ما مر فى الجمع بين كلامى السيد والشيخ قدس‌سرهما.

(ومنها) ما ذكره المحقق فى المعتبر فى مسئلة خبر الواحد حيث قال افرط الحشوية فى العمل بخبر الواحد حتى انقادوا لكل خبر وما فطنوا اى ولم يتوجهوا الى مفسدة افراطهم فى العمل بكل خبر لما فيه من التناقض فان من جملة الاخبار قول النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله ستكثر بعدى القالة على وقول الصادق عليه‌السلام ان لكل رجل منا رجل يكذب عليه فان عمل الحشوية بخبر الواحد على الايجاب الكلى يناقض السلب الجزئى المستفاد من الخبرين المذكورين ونحوهما.

(والحشوية) بفتح الشين وسكونها قيل انهم طائفة من اهل السنة والجماعة قد وقعوا فى التشبيه والتجسيم وساير المفاسد من جهة جمودهم على ظواهر بعض الآيات والاخبار وقيل هم طائفة من الاخباريين.

(واقتصر بعض العلماء) من هذا الافراط المذكور فقال كل سليم السند يعمل به بان كان راويه عدلا اماميا وما علم ان الكاذب قد يصدق ولم يتنبه ولم يلتفت على ان الاكتفاء بخبر الواحد السليم السند طعن فى علماء الشيعة وقدح فى المذهب اذ ما من مصنف الا وهو يعمل بالخبر المجروح كما يعمل بخبر العدل وافرط آخرون فى طريق رد الخبر حتى احالوا استعماله عقلا على ما مر فى اول الظن واقتصر آخرون فلم يرووا العقل مانعا لكن الشرع لم يأذن فى العمل به كالسيد واتباعه وكل هذه

٣٣٩

الاقوال منحرفة عن السنن والتوسط اقرب بمعنى ان كل خبر قبله الاصحاب وان كان ضعيفا او دل القرائن على صحته عمل به وما اعرض عنه الاصحاب او شذ العامل به يجب اطراحه انتهى ما ذكره المحقق فى المعتبر.

(والمستفاد) من جميع عبارته ان علماء الشيعة كثر الله امثالهم قد يعملون بخبر المجروح كما يعملون بخبر العدل وليس المراد عملهم بخبر المجروح والعدل اذا افاد العلم بصدقه لان كلامه فى الخبر الغير العلمى وهو الذى احال قوم استعماله عقلا كابن قبة وغيره ومنعه آخرون شرعا كالسيد واتباعه.

(قوله فما قبله الاصحاب او دلت القرائن الخ) قال بعض المحشين هذه العبارة لا تخلو عن التناقض فى الجملة اذ قوله او دلت القرائن يدل على وجوب العمل بما كان مقرونا بالقرينة مطلقا سواء قبله الاصحاب او اعرضوا عنه او شذ وقوله وما اعرض عنه الاصحاب يدل على عدم قبول ما اعرض عنه الاصحاب او شذ بحسب العمل او بحسب الرواية او الاعم والظاهر هو الاول سواء دلت القرائن على صحته ام لا فلا بد فى مقام الجمع اما من تقييد قوله او دلت القرائن بما اذا لم يعرض عنه الاصحاب ولم يكن شاذا وبعبارة اخرى بما قبله الاصحاب كلا او جلا واما من تقييد قوله وما اعرض عنه الاصحاب بما اذا لم يقترن بقرائن تدل على الوثوق بصدوره والظاهر هو الثانى لوجهين الاول عطف قوله او دلت القرائن على قوله فما قبله الاصحاب وذكره بعده اذ على الاحتمال الاول يكون ذكره لغوا اذ يكون المناط هو عمل الاصحاب سواء دلت القرائن على الصحة ام لا ويكون ما دلت القرائن على صحته على تقدير عدم قبول الاصحاب غير واجب العمل والثانى قوله قدس‌سره فى محكى المعتبر فى مقام الاستدلال واما مع القرائن فلانها حجة بانفرادها فتكون دالة على صدق مضمون الحديث ويراد بالاحتجاج به التأكيد هذا انتهى محل الحاجة من كلامه.

٣٤٠