درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٢

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩

(ثم) ان المسامحة من الجهة الاولى أو الثانية فى اطلاق لفظ الاجماع على هذا من دون قرينة لا ضير فيه لان العبرة فى الاستدلال بحصول العلم من الدليل للمستدل نعم لو كان نقل الاجماع المصطلح حجة عند الكل كان اخفاء القرينة فى الكلام الذى هو المرجع للغير تدليسا أما لو لم يكن نقل الاجماع حجة أو كان نقل مطلق الدليل القطعى حجة لم يلزم تدليس اصلا ويظهر من ذلك ما فى كلام صاحب المعالم حيث انه بعد ما ذكر ان حجية الاجماع انما هى لاشتماله على قول المعصوم واستنهض بكلام المحقق الذى تقدم واستجوده قال والعجب من غفلة جمع من الاصحاب عن هذا الاصل وتساهلهم فى دعوى الاجماع عند احتياجهم اليه للمسائل الفقهية حتى جعلوه عبارة عن اتفاق جماعة من الاصحاب فعدلوا به عن معناه الذى جرى عليه الاصطلاح من دون نصب قرينة جليّة ولا دليل لهم على الحجية يعتد به انتهى وقد عرفت ان مساهلتهم وتسامحهم فى محله بعد ما كان مناط حجية الاجماع الاصطلاحى موجودا فى اتفاق جماعة من الاصحاب وعدم تعبيرهم عن هذا الاتفاق بغير لفظ الاجماع لما عرفت من التحفظ على عناوين الادلة المعروفة بين الفريقين.

(اقول) ان المسامحة من الجهة الاولى اى اطلاق الاجماع على اتفاق جماعة كان الامام عليه‌السلام داخلا فيهم أو الثانية أى اطلاق الاجماع على اتفاق جماعة كان قولهم كاشفا من قول الامام عليه‌السلام فى اطلاق لفظ الاجماع على هذا من دون قرينة لا ضير فيه لان العبرة فى الاستدلال بحصول العلم من الدليل للمستدل وبعبارة أخرى ان الاغراء والتدليس انما يلزم لو كان غرض المدعى من دعوى الاجماع ان ذلك مرجعا ودليلا لكل من يقف عليه وليس كذلك لان العبرة فى الاستدلال على مطلوبه لا لان يكون دليلا لمن يأتى بعده ايضا.

(نعم) لو كان نقل الاجماع المصطلح حجة عند الكل كان اخفاء القرينة فى الكلام الذى هو المرجع للغير تدليسا وأما لو لم يكن نقل الاجماع حجة او كان نقل مطلق الدليل القطعى حجة لم يلزم تدليس اصلا.

٤١

(ويظهر من ذلك) ما فى كلام صاحب المعالم حيث انه بعد ما ذكر ان حجية الاجماع انما هى لاشتماله على قول المعصوم واستنهض بكلام المحقق الذى تقدم واستجوده قال والعجب من غفلة جمع من الاصحاب عن هذا الاصل أى اعتبار اتفاق الكل فى الاجماع وتساهلهم فى دعوى الاجماع عند احتياجهم اليه للمسائل الفقهية حتى جعلوه عبارة عن اتفاق جماعة من الاصحاب فعدلوا به عن معناه الذى جرى عليه الاصطلاح من دون نصب قرينة جليّة ولا دليل لهم على الحجية يعتد به انتهى.

(وقد عرفت) ان مساهلتهم وتسامحهم فى محله بعد ما كان مناط حجية الاجماع الاصطلاحى موجودا فى اتفاق جماعة من الاصحاب وعدم تعبيرهم عن هذا الاتفاق بغير لفظ الاجماع لما عرفت من التحفظ على عناوين الادلة المعروفة بين الفريقين.

٤٢

(اذا عرفت ما ذكرنا) فنقول ان الحاكى للاتفاق قد ينقل الاجماع بقول مطلق او مضافا الى المسلمين او الشيعة او اهل الحق او غير ذلك مما يمكن ان يراد به دخول الامام عليه‌السلام فى المجمعين وقد ينقله مضافا الى من عدا الامام كقوله اجمع علمائنا او اصحابنا او فقهائنا او فقهاء اهل البيت فان ظاهر ذلك من عدا الامام وان كان ارادة العموم محتملة بمقتضى المعنى اللغوى لكنه مرجوح فان اضاف الاجماع الى من عدا الامام فلا اشكال فى عدم حجية نقله لانه لم ينقل حجة وان فرض حصول العلم للناقل بصدور الحكم عن الامام عليه‌السلام من جهة هذا الاتفاق إلّا انه انما نقل سبب العلم ولم ينقل المعلوم وهو قول الامام عليه‌السلام حتى يدخل فى نقل الحجة وحكاية السنة بخبر الواحد نعم لو فرض ان السبب المنقول مما يستلزم عادة موافقة قول الامام عليه‌السلام او وجود دليل ظنى معتبر حتى بالنسبة الينا امكن اثبات ذلك السبب المحسوس بخبر العادل والانتقال منه الى لازمه لكن سيجىء بيان الاشكال فى تحقق ذلك وفى حكم الاجماع المضاف الى من عدا الامام الاجماع المطلق المذكور فى مقابل الخلاف كما يقال خرء الحيوان الغير المأكول غير الطير نجس اجماعا وانما اختلفوا فى خرء الطير او يقال ان محل الخلاف هو كذا واما كذا فحكمه كذا اجماعا فان معناه فى مثل هذا كونه قولا واحدا.

(اقول) ان البحث فى المقام يقع فى امرين (الاول) فى حيثية الثبوت فان الاجماع ليس حجة عند الخاصة من جهة نفس الاجماع بل حجيته من جهة كشفه عن رأى الامام عليه‌السلام اما لدخوله فى المجمعين بحيث يكون عليه‌السلام احدهم وان لم يعلم بشخصه ويظهر ذلك ممن اعتذر عن وجود المخالف بكونه معلوم النسب ولا يعتبر فى حجيته عند هذا القائل اتفاق كل اهل العصر بل اتفاق جماعة قلّت او كثرت يكون احدهم الامام عليه‌السلام.

(واما لدخول) رأيه عليه‌السلام فى آرائهم وان لم يكن بشخصه عليه‌السلام منهم ويظهر ذلك ممن اعتذر عن وجود المخالف بانقراض عصره فانه يعتبر عنده ان يكون

٤٣

اتفاق اهل العصر على قول واحد فيكون ملازما لقوله عليه‌السلام عقلا فان الاتفاق على شيء فى عصر مع كونه مخالفا لرأى الامام عليه‌السلام بعيد لاستلزامه خلاف اللطف واذا اتفق اهل عصر واحد على حكم فلا مناص من موافقة قوله عليه‌السلام لاقوالهم وإلّا وجب عليه اظهار الخلاف بلسان واحد منهم بناء على قاعدة اللطف.

(واما) لاستلزام اتفاق جماعة قلّت او كثرت لقوله عليه‌السلام عند حاكيه وان لم يكن بمستلزم له عقلا ولاعادة ويظهر ذلك من المتأخرين فى دعواهم الاجماع حيث انهم لحسن ظنهم باعيان الامامية كالعلامة والشيخ والمحقق واضرابهم اذا رأوا اتفاق هؤلاء الاعلام على مسئلة يحصل لهم القطع برأيه عليه‌السلام (وأما) لتشرف حاكى الاجماع بخدمته عليه‌السلام واخذه الحكم عنه ولكنه لا ينقل عنه كذلك لئلا يكذّب فيظهر بلسان الاجماع.

(الثانى) فى حيثية الاثبات ودلالة الالفاظ فان صراحة الالفاظ او ظهورها فى نقل قول الامام عليه‌السلام او نقل ما هو السبب له او نقلهما معا يختلف باختلاف الالفاظ واختلاف المقامات والاشخاص فلا بد فى تعيين كون المنقول هو رأيه عليه‌السلام عن حدس او حس او الكاشف عنه او هما معا من ملاحظة تلك الخصوصيات.

(واذا لاحظت الامرين) فاعلم ان الحاكى للاتفاق قد ينقل الاجماع بقول مطلق كان يقول المسألة كذا للاجماع او مضافا الى المسلمين او الشيعة او اهل الحق كما اذا قال اجمع المسلمون عامة او المؤمنون كافة او اهل الحق قاطبة او نحو ذلك مما ظاهره ارادة الامام عليه‌السلام معهم (وقد اشتهر) هذا النوع بنقل السبب والمسبب جميعا فالسبب هو قول من عدا الامام فانه السبب لكشف قوله عليه‌السلام والمسبب هو نفس قول الامام المكشوف بقول من عداه.

(وقد ينقل الاجماع) مضافا الى من عدا الامام عليه‌السلام كما اذا قال اجمع علمائنا او اصحابنا او فقهائنا او نحو ذلك بما ظاهره من عدى الامام عليه‌السلام فان ظاهر العبارات المذكورة من عدى الامام وان كان ارادة العموم محتملة بمقتضى المعنى

٤٤

اللغوى للامام عليه‌السلام لكنه مرجوح (وقد اشتهر) هذا النوع بنقل السبب فقط وسيأتى ان لكل من هذين النوعين اقساما.

(فان اضاف الاجماع) الى من عدا الامام كالعبارات الاخيرة فلا اشكال فى عدم حجية نقله لانه لم ينقل حجة وهى الكتاب والسنة والاجماع والعقل وان فرض حصول العلم للناقل بصدور الحكم عن الامام عليه‌السلام من جهة هذا الاتفاق إلّا انه نقل سبب العلم اى الاتفاق ولم ينقل المعلوم وهو قول الامام عليه‌السلام حتى يدخل فى نقل الحجة وحكاية السنة بخبر الواحد.

(نعم) لو فرض ان السبب المنقول مما يستلزم عادة موافقة قول الامام عليه‌السلام كما اذا قال الناقل اجمع فقهائنا فى جميع الاعصار والامصار فانه يستلزم عادة موافقة قول الامام عليه‌السلام او يستلزم وجود دليل ظنى معتبر عند الكل حتى بالنسبة الينا امكن اثبات ذلك السبب المحسوس بخبر العادل والانتقال من السبب الى لازمه وهو قول الامام عليه‌السلام او الدليل المعتبر الظنى.

(لكن سيجىء) بيان الاشكال فى تحقق ذلك من حيث ان القدر الذى يمكن تحصيله بالحس من الاقوال للناقل لا يلازم عادة لقول الامام عليه‌السلام والذى يكون ملازما لقول الامام عليه‌السلام لا يحصل بالحس للناقلين فلا فائدة فيه لما عرفت سابقا من ان الذى دل عليه آية النبأ هو حجية نقل السنة عن حسّ او نقل ما يلازمه كذلك.

(وفى حكم الاجماع) المضاف المضاف الى من عدا الامام الاجماع المطلق المذكور فى مقابل الخلاف فان الناقل حينئذ لم ينقل الحجة وهو قول الامام عليه‌السلام فان وقوعه فى مقابل الخلاف قرينة على ان المراد من الاجماع مجرد نفى الخلاف بين الفقهاء لا نقل قول الامام عليه‌السلام كما يقال عذرة الحيوان الغير المأكول غير الطير نجس اجماعا من الفقهاء وانما اختلفوا فى خرء الطير او يقال ان محل الخلاف بين الفقهاء هو كذا واما كذا فحكمه كذا اجماعا من الفقهاء فان معنى الاجماع فى مقابل ذكر الخلاف كونه قولا واحدا.

٤٥

واضعف مما ذكر نقل عدم الخلاف وانه ظاهر الاصحاب او قضية المذهب وشبه ذلك وان اطلق الاجماع او اضافه على وجه يظهر منه ارادة المعنى المصطلح المتقدم ولو مسامحة لتنزيل وجود المخالف منزلة العدم لعدم قدحه فى الحجية فظاهر الحكاية كونها حكاية للسنة أعنى حكم الامام عليه‌السلام لما عرفت من ان الاجماع الاصطلاحى متضمن لقول الامام عليه‌السلام فيدخل فى الخبر والحديث إلّا ان مستند علم الحاكى بقول الامام عليه‌السلام احد امور (احدها) الحس كما اذا سمع الحكم من الامام فى جملة جماعة لا يعرف اعيانهم فيحصل له العلم بقول الامام عليه‌السلام وهذا فى غاية القلة بل نعلم جزما انه لم يتفق لاحد من هؤلاء الحاكين للاجماع كالشيخين والسيدين وغيرهما ولذا صرح الشيخ فى العدة فى مقام الردّ على السيد حيث انكر الاجماع من باب وجوب اللطف بانه لو لا قاعدة اللطف لم يمكن التوصل الى معرفة موافقة الامام عليه‌السلام للمجمعين.

(يعنى) اضعف ممّا ذكر من العبارات المذكورة فى عدم نقل قول الامام عليه‌السلام نقل عدم الخلاف كما اذا قال لا خلاف فى هذه المسألة او ظاهر الاصحاب فى هذه المسألة كذا او قضية المذهب كذا او شبه ذلك كظاهر عبارات العلماء كذا.

(قوله وان اطلق الاجماع او اضافه على وجه الخ) ظاهر عبارة الشيخ بل صريحها ان مراده من المعنى المصطلح ولو مسامحة هو الاجماع الدخولى المشتمل على قول الامام عليه‌السلام تضمّنا ولا يشمل الاجماع اللطفى والحدسى لقوله قدس‌سره لتنزيل المخالف منزلة عدمه فى بيان التسامح فظاهر الحكاية كونها حكاية للسنة اعنى حكم الامام عليه‌السلام لما عرفت من ان الاجماع الاصطلاحى متضمن لقول الامام (ع) فيدخل فى الخبر والحديث فيشمله ادلة حجية خبر الواحد.

(إلّا ان مستند علم الحاكى بقول الامام (ع)) احد امور احدها الحس كما اذا سمع الحكم من الامام فى جملة جماعة لا يعرف اعيانهم فيحصل له العلم بقول الامام (ع) وحاصل هذا الطريق الاول على ما يظهر من مجموع كلماتهم ان الامام

٤٦

عليه‌السلام موجود فى كل عصر فاذا انعقد الاجماع من الامة فهو داخل فى اشخاصهم وقوله داخل فى اقوالهم فانه منهم وسيدهم ورئيسهم فلا محالة يكون اجماعهم حجة لتضمنه واشتماله على قول الامام (ع) وقد اشتهر هذا الطريق الاول بالاجماع التضمنى.

(وهذا الطريق الاول فى غاية القلة) لان مسلك الدخول مما لا سبيل اليه عادة فى زمان الغيبة بل ينحصر ذلك فى زمان الحضور الذى كان الامام عليه‌السلام يجالس الناس ويجتمع معهم فى المجالس فيمكن ان يكون الامام عليه‌السلام احد المجمعين واما فى زمان الغيبة فلا يكاد يحصل ذلك عادة نعم قد يتفق فى زمان الغيبة لبعض الاتقياء التشرف بخدمته واخذ الحكم منه عليه‌السلام واين هذا من دعوى كون مبنى الاجماع على دخول شخصه عليه‌السلام فى المجمعين.

(بل نعلم جزما) انه لم يتفق لاحد من هؤلاء الحاكين للاجماع كالشيخين والسيدين وغيرهما ولذا صرح الشيخ فى العدة فى مقام الردّ على السيد حيث انكر السيد الاجماع من باب وجوب اللطف بانه لو لا قاعدة اللطف لم يمكن التوصل الى معرفة موافقة الامام عليه‌السلام للمجمعين.

(وعلى كل حال) يعتبر فى هذا الطريق الاول ان يكون فى المجمعين مجهول النسب ليمكن انطباق الامام عليه‌السلام عليه كما صرح به فى العدة والمعالم بل وان يكون مجهول النسب فوق الواحد كى لا يتميز الامام (ع) من بين المجمعين بعينه فيعدم فائدة الاجماع كما انه لا يضر بحجية الاجماع من هذا الطريق بل ولا بصدقه المسامحى خروج معلوم النسب اذا كان واحدا او اثنين او ما يقرب من ذلك إلّا اذا خرج جمع كثير فيخلّ ذلك بتسمية الاجماع حتى المسامحى منه وان لم يخل بحجيته اذا فرض العلم بدخول الامام عليه‌السلام فى البقية.

٤٧

(الثانى) قاعدة اللطف على ما ذكره الشيخ فى العدة وحكى القول به من غيره من المتقدمين ولا يخفى ان الاستناد اليه غير صحيح على ما ذكر فى محله فاذا علم استناد الحاكى اليه فلا وجه للاعتماد على حكايته والمفروض ان اجماعات الشيخ كلها مستندة الى هذه القاعدة لما عرفت من الكلام المتقدم من العدة وستعرف منها ومن غيرها من كتبه فدعوى مشاركته للسيد قدس‌سره فى استكشاف قول الامام عليه‌السلام من تتبع اقوال الامة واختصاصه بطريق آخر مبنى على وجوب قاعدة اللطف غير ثابتة وان ادعاها بعض فانه قدس‌سره قال فى العدة فى حكم ما اذا اختلفت الامة على قولين يكون احد القولين قول الامام على وجه لا يعرف بنفسه والباقون كلهم على خلافه انه متى اتفق ذلك فان كان على القول الذى انفرد به الامام عليه‌السلام دليل من كتاب او سنة مقطوع بها لم يجب عليه الظهور ولا الدلالة على ذلك لان الموجود من الدليل كاف فى ازاحة التكليف ومتى لم يكن عليه دليل وجب عليه الظهور او اظهار من يبيّن الحق فى تلك المسألة الى ان قال وذكر المرتضى على بن الحسين الموسوى انه يجوز ان يكون الحق عند الامام عليه‌السلام والاقوال الأخر كلها باطلة ولا يجب عليه الظهور لانا اذا كنا نحن السبب فى استتاره فكل ما يفوتنا من الانتفاع به وبما يكون معه من الاحكام قد فاتنا من قبل انفسنا ولو ازلنا سبب الاستتار لظهر وانتفعنا به وادّى الينا الحق الذى كان عنده قال وهذا عندى غير صحيح لانه يؤدّى الى ان لا يصح الاحتجاج باجماع الطائفة اصلا لانا لا نعلم دخول الامام عليه‌السلام فيها إلّا بالاعتبار الذى بيّناه ومتى جوزنا انفراده بالقول وانه لا يجب ظهوره منع ذلك من الاحتجاج بالاجماع انتهى كلامه.

(اقول) ان الثانى من مستند علم الحاكى بقول الامام عليه‌السلام هو قاعدة اللطف على ما ذكره الشيخ فى العدة وحكى القول به من غيره من المتقدمين.

(والمشهور) ان هذا الطريق الثانى هو طريق مستقل لا ربط له بالطريق الاول الذى هو طريق القدماء إلّا انه يظهر من عبارة المحقق القمى فى القوانين

٤٨

ان الشيخ مشارك للسيد المرتضى فى طريقته ايضا وبعبارة اخرى ان لشيخ الطائفة طريقين اى الاول والثانى جميعا ولكن يظهر من كلام الشيخ الانصارى قدس‌سره وغيره ان طريقه منحصر بالثانى وليس له طريق آخر سواه وقد اصرّ على ذلك واستشهد ببعض العبائر المحكية.

(وكيف كان) انه لا يخفى ان الاستناد الى قاعدة اللطف غير صحيح على ما ذكر فى محله من ان الواجب من باب اللطف على الله تعالى ارسال الرسل وتبليغ الاحكام على النحو المتعارف بحيث لو لا تقصير المقصرين لبلغ الحكم الى كل مكلف حتى المخدّرات فى الحجال وكذا يجب عليه نصب الحافظ للاحكام لصونها من الضياع والاختفاء بعد بيان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله لها اذا كان محفوظا من شرّ الاشرار فاذا كان هناك مانع من ظهور الامام عجل الله تعالى فرجه وارشاده المكلفين فلا يلزم خلاف لطف على الحكيم تعالى.

(أ لا ترى) ان اكثر الائمة عليهم‌السلام فى ازمنة ظهورهم وحياتهم لم يكونوا يتصرّفون كمال التصرف من جهة التقية والمصالح الظاهرية والخفية فكذا الامام الغائب عليه‌السلام عن انظارنا من جهة الموانع والجهات الظاهرية والخفية لا يجب عليه التصرف الظاهرى وان كان فيوضاته الغيبية والظاهرة فائضة علينا بل على كل موجود (وبما ذكرنا) ردّ السيد المرتضى قول الشيخ بانه يجوز ان يكون الحق عند الامام عليه‌السلام والاقوال الأخر كلها باطلة ولا يجب عليه الظهور لانا اذا كنا نحن السبب فى استتاره فكل ما يفوتنا من الانتفاع به وبما يكون معه من الاحكام قد فاتنا من قبل انفسنا ولو ازلنا سبب الاستتار لظهر وانتفعنا به وادّى الينا الحق الذى كان عنده انتهى.

وحاصل كلام السيد المرتضى قدس‌سره هو الذى ذكره المحقق الطوسى رحمه‌الله تعالى فى التجريد حيث قال وجوده عليه‌السلام لطف وتصرفه لطف آخر وعدمه منا قال الشيخ وما ذكره السيد من عدم وجوب اللطف غير صحيح عندى لانه يؤدى الى ان لا يصح الاحتجاج باجماع الطائفة اصلا لانّا لا نعلم دخول الامام عليه‌السلام

٤٩

فيها إلّا بالاعتبار الذى بيناه ومتى جوزنا انفراده بالقول وانه لا يجب ظهوره منع ذلك من الاحتجاج بالاجماع انتهى.

(فاذا علم استناد الحاكى لقول الامام الى قاعدة اللطف) فلا وجه للاعتماد على حكايته من جهة نقل السنة لما ذكر من عدم وجوب اللطف على الحكيم تعالى والمفروض ان اجماعات الشيخ كلها مستندة الى هذه القاعدة لما عرفت من الكلام المتقدم من العدة وستعرف منها ومن غيرها من كتبه.

(فدعوى) مشاركته اى الشيخ للسيد قدس‌سرهما فى استكشاف قول الامام عليه‌السلام من تتبع اقوال الامة واختصاص الشيخ بطريق آخر مبنى على وجوب قاعدة اللطف غير ثابتة وان ادّعاها بعض والمراد من هذا البعض هو المحقق القمى كما اشرنا اليه فيما سبق.

فان الشيخ قدس‌سره قال فى العدة فى حكم ما اذا اختلفت الامة على قولين لا يجرى فيهما التخيير كالوجوب والحرمة مثلا وكان احدهما قول الامام عليه‌السلام ولم يشاركه احد من العلماء فيه وكان الجميع كلهم على خلافه انّه متى اتفق ذلك فان كان على القول الذى انفرد به الامام عليه‌السلام دليل من كتاب او سنة مقطوع بها لم يجب عليه الظهور ولا الدلالة على ذلك لان الموجود من الدليل كاف فى ازاحة التكليف اى فى ازالة العلة والمانع عن التكليف لاتمام الحجة (ع) على العباد ومتى لم يكن عليه دليل وجب عليه الظهور واظهار الحق واعلام بعض ثقاته حتى يؤدى الحق الى الامة الى ان قال.

٥٠

وذكر فى موضع آخر من العدة ان هذه الطريقة يعنى طريقة السيد المتقدمة غير مرضية عندى لانها تؤدى الى ان لا يستدل باجماع الطائفة اصلا لجواز ان يكون قول الامام عليه‌السلام مخالفا لها ومع ذلك لا يجب عليه اظهار ما عنده انتهى واصرح من ذلك فى انحصار طريق الاجماع عند الشيخ فيما ذكره من قاعدة اللطف ما حكى عن بعض انه حكاه من كتاب التمهيد للشيخ ان سيدنا المرتضى قدس‌سره كان يذكر كثيرا انه لا يمتنع ان يكون هنا امور كثيرة غير واصلة الينا علمها مودع عند الامام عليه‌السلام وان كتمها الناقلون ولا يلزم مع ذلك سقوط التكليف عن الخلق الى ان قال وقد اعترضنا على هذا فى كتاب العدة فى اصول الفقه وقلنا هذا الجواب صحيح لو لا ما نستدل فى اكثر الاحكام على صحته باجماع الفرقة فمتى جوزنا ان يكون قول الامام عليه‌السلام خلافا لقولهم ولا يجب ظهوره جاز لقائل ان يقول ما انكرتم ان يكون قول الامام خارجا عن قول من تظاهر بالامامة ومع هذا لا يجب عليه الظهور لانهم أتوا من قبل انفسهم فلا يمكننا الاحتجاج باجماعهم اصلا انتهى فان صريح هذا الكلام ان القادح فى طريقة السيد منحصر فى استلزامها رفع التمسك بالاجماع ولا قادح فيها سوى ذلك ولذا صرح فى كتاب الغيبة بانها قوية تقتضيها الاصول فلو كان لمعرفة الاجماع وجواز الاستدلال به طريق آخر غير قاعدة وجوب اظهار الحق عليه لم يبق ما يقدح فى طريقة السيد لاعتراف الشيخ بصحتها لو لا كونها مانعة عن الاستدلال بالاجماع.

(اقول) قد تقدم ان طريقة السيد فى باب الاجماع هى طريقة الدخول او هى وطريقة الحدس ايضا على ما احتمله بعض المحشين وذكر الشيخ فى موضع آخر من العدة ان طريقة السيد غير مرضية عندى لانها تؤدى الى ان لا يستدل باجماع الطائفة اصلا لجواز ان يكون قول الامام عليه‌السلام مخالفا لها ومع ذلك لا يجب عليه اظهار ما عنده انتهى ويظهر من هذه العبارة ايضا ان طريق الشيخ منحصر فى قاعدة اللطف.

٥١

(واصرح من ذلك) فى انحصار طريق الاجماع عند الشيخ فيما ذكره من قاعدة اللطف ما حكى عن بعض انه حكاه من كتاب التمهيد للشيخ ان سيدنا المرتضى قدس‌سره كان يذكر كثيرا انه لا يمتنع ان يكون فى الشرع امور كثيرة غير واصلة الينا علمها مودع عند الامام عليه‌السلام وان كتمها الناقلون ولا يلزم مع عدم وصولها الينا سقوط التكليف عن الخلق الى ان قال.

قال الشيخ وقد اعترضنا على هذا فى كتاب العدة فى اصول الفقه وقلنا هذا الجواب صحيح اى عدم وجوب اللطف على الامام صحيح لو لا الاستدلال فى اكثر الاحكام على صحته باجماع الفرقة فمتى جوزنا ان يكون قول الامام عليه‌السلام خلافا لقولهم ولا يجب ظهوره جاز لقائل ان يقول ما انكرتم ان يكون قول الامام عليه‌السلام خارجا عن قول من تظاهر بالامامة ومع هذا لا يجب عليه الظهور لانهم أتوا من قبل انفسهم فلا يمكننا الاحتجاج باجماعهم اصلا انتهى.

فان صريح هذا الكلام ان القادح فى طريقة السيد منحصر فى استلزامها رفع التمسك بالاجماع ولا قادح فيها سوى ذلك فظهر انه ليس فى نظر الشيخ لحجية الاجماع طريق عدا قاعدة اللطف ولاجل انحصار القادح فى ذلك صرح الشيخ فى كتاب الغيبة بان طريقة السيد قوية تقتضيها الاصول فلو كان لمعرفة الاجماع وجواز الاستدلال به طريق آخر غير قاعدة وجوب اظهار الحق عليه لم يبق ما يقدح فى طريقة السيد لاعتراف الشيخ بصحتها لو لا كونها مانعة عن الاستدلال بالاجماع.

٥٢

(ثم) ان الاستناد الى هذا الوجه ظاهر من كل من اشترط فى تحقق الاجماع عدم مخالفة أحد من علماء العصر كفخر الدين والشهيد والمحقق الثانى قال فى الايضاح فى مسئلة ما يدخل فى المبيع ان من عادة المجتهد اذا تغير اجتهاده الى التردد أو الحكم بخلاف ما اختار اولا لم يبطل ذكر الحكم الاول بل يذكر ما أدى اليه اجتهاده ثانيا فى موضع آخر لبيان عدم انعقاد اجماع أهل عصر الاجتهاد الاول على خلافه وعدم انعقاد اجماع أهل العصر الثانى على كل واحد منهما وانه لم يحصل فى الاجتهاد الثانى مبطل للاول بل معارض لدليله مساو له انتهى وقد أكثر فى الايضاح من عدم الاعتبار بالخلاف لانقراض عصر المخالف وظاهره الانطباق على هذه الطريقة كما لا يخفى وقال فى الذكرى ظاهر العلماء المنع عن العمل بقول الميت محتجين بانه لا قول للميت ولهذا ينعقد الاجماع على خلافه ميتا.

(حاصله) ان الاستناد الى هذا الوجه اى قاعدة اللطف أمر ظاهر لا سترة فيه من كل من اشترط فى تحقق الاجماع اتفاق جميع علماء العصر وقدح المخالف فى حجيته ولو كان واحدا كفخر الدين والشهيد والمحقق الثانى.

(قال فى الايضاح) فى مسئلة ما يدخل فى المبيع اى فى توابع المبيع ان من عادة المجتهد اذا تغير اجتهاده الى التردد أو الحكم بخلاف ما اختار اولا لم يبطل ذكر الحكم الاول على التقديرين بل يذكر ما أدى اليه اجتهاده ثانيا فى موضع آخر.

(قوله لبيان عدم انعقاد اجماع أهل عصر الاجتهاد الاول) تعليل لعدم ابطال ذكر الحكم الاول وفيه دلالة واضحة على ان خلاف الفقيه الواحد لاهل عصره يمنع من انعقاد الاجماع فى هذا العصر على خلافه.

(وقوله وعدم انعقاد اجماع أهل العصر الثانى على كل واحد منهما الخ) تعليل لقوله بل يذكر ما أدى اليه اجتهاده ثانيا فى موضع آخر بالنسبة الى بعض أفراده اعنى التردد يعنى اذا كان المجتهد مترددا فى الزمان الثانى بعد اختياره حكما فى

٥٣

السابق لا يمكن انعقاد اجماع اهل العصر الثانى على طبق حكمه الاول لعدول المجتهد المذكور عنه الى التردد ثانيا ولا على حكم آخر على خلاف الحكم الاول لفرض كون المجتهد المذكور مترددا وفى كلامه دلالة واضحة على كون التردد مضرا فى انعقاد الاجماع على أحد طرفيه فضلا عن كونه مخالفا يحكم بالخلاف فكلامه قدس‌سره منطبق على طريقة اللطف اذ لا يخفى عدم قدح معلوم النسب فى الاجماع الدخولى وعدم قدح المخالف مطلقا فى الاجماع الحدسى وقوله وانه لم يحصل الخ تعليل على ذكر ما أدى اجتهاده اليه ثانيا بالنسبة الى التردد ايضا.

وقد أكثر فى الايضاح من عدم الاعتبار بالخلاف لانقراض عصر المخالف وظاهره الانطباق على طريقة اللطف كما لا يخفى لان ظاهره قدح مخالف واحد فى انعقاد الاجماع فى عصر واحد وهو منطبق على قاعدة اللطف وإلّا كان الانسب ان يعتذر بعدم قدح وجود المخالف مطلقا لا بانقراض عصر المخالف فالاعتذار به ظاهر فى الاستناد الى القاعدة.

(وقال الشهيد) قدس‌سره فى الذكرى ظاهر العلماء المنع عن العمل بقول الميت محتجين بانه لا قول للميت ولاجل انه لا قول للميت ينعقد الاجماع على خلافه ميتا مثلا اذا ذهب علماء العصر الى وجوب صلاة الجمعة الا واحدا منهم فذهب الى حرمتها فما دام حيا لا ينعقد الاجماع على خلافه واذا مات وانحصر العلماء فى القائلين بالوجوب يصير الوجوب اجماعيا لعدم الاعتبار بقوله ميتا.

٥٤

(واستدل المحقق الثانى) فى حاشية الشرائع على انه لا قول للميت بالاجماع على ان خلاف الفقيه الواحد بسائر اهل عصره يمنع من انعقاد الاجماع اعتدادا بقوله واعتبارا بخلافه فاذا مات وانحصر اهل العصر فى المخالفين له انعقد وصار قوله غير منظور اليه ولا يعتد به انتهى وحكى عن بعض انه حكى عن المحقق الداماد انه قدس‌سره قال فى بعض كلام له فى تفسير النعمة الباطنة ان من فوائد الامام عجل الله فرجه ان يكون مستند الحجية اجماع اهل الحل والعقد من العلماء على حكم من الاحكام اجماعا بسيطا فى احكامهم الاجماعية وحجية اجماعهم المركب فى احكامهم الخلافية فانه عجل الله تعالى فرجه لا ينفرد بقول بل من الرحمة الواجبة فى الحكمة الالهية ان يكون فى المجتهدين المختلفين فى المسألة المختلف فيها من علماء العصر من يوافق رأيه رأى امام عصره وصاحب امره ويطابق قوله وان لم يكن ممن نعلمه بعينه ونعرفه بخصوصه انتهى وكانه لاجل مراعات هذه الطريقة التجاء الشهيد فى الذكرى الى توجيه الاجماعات التى ادعاها جماعة فى المسائل الخلافية مع وجود المخالف فيها بارادة غير المعنى الاصطلاحى من الوجوه التى حكاها عنه فى المعالم ولو جامع الاجماع وجود الخلاف ولو من معلوم النسب لم يكن داع الى التوجيهات المذكورة مع بعدها او اكثرها.

(اقول) انه يظهر من عبارة المحقق الثانى فى حاشية الشرائع ان خلاف الفقيه الواحد يمنع من انعقاد الاجماع اعتدادا بقوله واعتبارا بخلافه وهو ايضا ينطبق على طريقة اللطف.

(وحكى عن بعض) انه حكى عن المحقق الداماد انه قدس‌سره قال فى بعض كلام له فى تفسير النعمة الباطنة ان من فوائد الامام عجل الله فرجه ان يكون مدركا ومستندا لحجية اجماع اهل الحل والعقد من العلماء على حكم من الاحكام اجماعا بسيطا فى احكامهم الاجماعية كالاجماع على نجاسة الماء القليل بالملاقات فانه حكم اجماعى بالاجماع البسيط وان يكون مدركا ايضا حجية اجماعهم المركب

٥٥

فى احكامهم الخلافية كاختلافهم فيما اذا وجد المشترى فى الامة الباكرة بعد الوطى عيبا قيل لا يجوز رده وقيل تردّ مع خسارة البكارة فيتركب من القولين الاجماع على عدم جواز ردّها مجانا فان الامام عجل الله تعالى فرجه لا ينفرد بقول بل من الرحمة الواجبة فى الحكمة الالهية ان يكون فى المجتهدين المختلفين على قول او اقوال فى المسألة المختلف فيها من علماء العصر من يوافق رأيه رأى امام عصره وصاحب امره ويطابق قوله وان لم يكن ممن نعلمه بعينه ونعرفه بخصوصه انتهى.

(قوله وكانه لاجل مراعات هذه الطريقة التجاء الشهيد فى الذكرى الخ) يعنى لاجل مراعات طريقة اللطف التجاء الشهيد فى الذكرى الى توجيه الاجماعات التى ادعاها جماعة فى المسائل الخلافية مع وجود المخالف فيها بارادة غير المعنى الاصطلاحى من الوجوه التى حكاها عنه فى المعالم فهى على ما حكاه صاحب المعالم بتوضيح منا اربعة.

(الاول) ان لفظ الاجماع اطلق على المشهور مجازا باعتبار انه حجة لحصول الظن منه بناء على ان عدالة العلماء تمنع عن الافتاء بغير دليل (الثانى) انه اطلق لفظ الاجماع على قول جماعة لعدم الظفر حين دعوى الاجماع بالمخالف والظاهر ان هذا الاطلاق ايضا مجازى اذ لا بد فى الاطلاق الحقيقى من العلم بعدم المخالف ولا يكفى فيه عدم العلم بالمخالف (الثالث) تأويل الخلاف على وجه يمكن مجامعته لدعوى الاجماع وان بعد كجعل الحكم من باب التخيير مثلا لو قال احد من العلماء لا يجب صلاة الجمعة عينا اجماعا وقال المخالف يجب صلاة الجمعة فيئول قول المخالف بان مراده الوجوب التخييرى ليجامع دعوى الاجماع على نفى وجوبها عينا والظاهر ان هذا الاطلاق حقيقى وإلّا فلا حاجة الى التأويل (الرابع) ان يراد بالاجماع الاجماع على روايته بمعنى تدوينه فى كتبهم منسوبا الى الائمة عليهم‌السلام وهذا الاطلاق مجاز ايضا على الظاهر.

(وقد اورد صاحب المعالم) على الوجوه المذكورة فى توجيه الاجماعات بانه لا يخفى عليك ما فيها من ان تسمية الشهرة اجماعا لا يدفع المناقشة التى ذكرناها

٥٦

وهى العدول عن المعنى المصطلح المتقرر فى علم الاصول من غير اقامة قرينة على ذلك هذا مع ما فيه من الضعف لانتفاء الدليل على حجية مثله كما سنذكره واما عدم الظفر بالمخالف عند دعوى الاجماع فاوضح حالا فى الفساد من ان ببين وقريب منه تأويل الخلاف فانا نراه فى مواضع لا يكاد تنالها يد التأويل وبالجملة فالاعتراف بالخطاء فى كثير من المواضع اخف من ارتكاب الاعتذار ولعل هذا الموضع منها والله اعلم انتهى ولو جامع الاجماع وجود الخلاف ولو من معلوم النسب كما فى طريقة الحدسى والدخولى لم يكن داع الى التوجيهات المذكورة مع بعدها او اكثرها وقد علم وجه بعدها من كلام صاحب المعالم هذا.

٥٧

(الثالث) من طرق انكشاف قول الامام عليه‌السلام لمدع الاجماع الحدس وهذا على وجهين (احدهما) ان يحصل له ذلك من طريق لو علمنا به ما خطأناه فى استكشافه وهذا على وجهين (احدهما) ان يحصل له الحدس الضرورى من مباد محسوسة بحيث يكون الخطاء فيه من قبيل الخطاء فى الحس فيكون بحيث لو حصل لنا تلك الاخبار يحصل لنا العلم كما حصل له (ثانيهما) ان يحصل الحدس له من اخبار جماعة اتفق له العلم بعدم اجتماعهم على الخطأ لكن ليس اخبارهم ملزوما عادة للمطابقة بقول الامام عليه‌السلام بحيث لو حصل لنا علمنا بالمطابقة ايضا.

(الثانى) ان يحصل ذلك من مقدمات نظرية واجتهادات كثيرة الخطاء بل علمنا بخطاء بعضها فى موارد كثيرة من نقلة الاجماع علمنا ذلك منهم بتصريحاتهم فى موارد واستظهرنا ذلك منهم فى موارد أخر وسيجىء جملة منها اذا عرفت ان مستند خبر المخبر بالاجماع المتضمن للاخبار من الامام عليه‌السلام لا يخلو من الامور الثلاثة المتقدمة وهى السماع عن الامام مع عدم معرفته بعينه واستكشاف قوله من قاعدة اللطف وحصول العلم من الحدس.

(اقول) ان الثالث من مستند علم الحاكى لقول الامام عليه‌السلام هو الحدس وهذا الطريق الثالث ما نسبه المحقق القمى الى جماعة من محققى المتأخرين ونسبه الفصول الى معظم المحققين المشتهر هذا الطريق بالاجماع الحدسى فان الحدسى كما يظهر من عبارة الشيخ قدس‌سره على وجوه.

(فقد يحصل) الحدس لمدعى الاجماع من مباد محسوسة ملزومة عادة لمطابقة رأى الامام عليه‌السلام كما اذا حصل الحدس من اتفاق الكل من الاول الى الآخر.

(وقد يحصل) من مباد محسوسة غير ملزومة عادة لمطابقة رأى الامام عليه‌السلام كما اذا حصل الحدس من فتوى جماعة اتفق له العلم بعدم اجتماعهم

٥٨

على الخطأ.

(وقد يحصل) من مقدمات نظرية واجتهادات كثيرة الخطأ فان الشيخ قدس‌سره بعد ما فرغ من بيان الطريق الاول والثانى فى مستند علم الحاكى لقول الامام عليه‌السلام قال الثالث من طرق انكشاف قول الامام عليه‌السلام لمدعى الاجماع الحدس وهذا على وجهين.

(احدهما) ان يحصل له ذلك من طريق لو علمنا به ما خطأناه فى استكشافه وهذا على وجهين.

(احدهما) ان يحصل له الحدس الضرورى من مباد محسوسة بحيث يكون الخطأ فيه من قبيل الخطأ فى الحس فيكون بحيث لو حصل لنا تلك الاخبار يحصل لنا العلم كما حصل له.

(ثانيهما) ان يحصل الحدس له من اخبار جماعة اتفق له العلم بعدم اجتماعهم على الخطأ لكن ليس اخبارهم ملزوما عادة للمطابقة لقول الامام عليه‌السلام بحيث لو حصل لنا علمنا بالمطابقة ايضا.

(الثانى) ان يحصل ذلك من مقدمات نظرية واجتهادات كثيرة الخطأ بل علمنا بخطإ بعضها فى موارد كثيرة من نقلة الاجماع علمنا ذلك منهم بتصريحاتهم فى موارد واستظهرنا ذلك منهم فى موارد أخر.

(قوله قدس‌سره احدهما ان يحصل له الحدس الخ) ان المراد من هذا الوجه على ما تعرض له بحر الفوائد ان يحصل له العلم بمقالة المعصوم عليه‌السلام من فتاوى من كان آرائهم من اللوازم العادية لرأى الامام عليه‌السلام بحيث يعلم ان توافقهم فى المسألة النظرية لا يكون عادة الا من جهة متابعة رأى الامام عليه‌السلام الواصل اليهم يدا بيد فهو الداعى على اتفاقهم فى المسألة مع شدة اختلافهم فى اكثر المسائل وتباين انظارهم وافكارهم فلا بد ان يكون طريق الناقل اليها الوجدان والتتبع والاطلاع الحسى وان يكون تلك الفتاوى بحيث لو اطلع عليها غير الناقل

٥٩

لحصل العلم الضرورى له من طريق الحدس بمقالة المعصوم عليه‌السلام بان حصل له العلم بمقالة المعصوم عليه‌السلام من وجدان فتاوى جميع اهل الفتوى ممن عاصره وتقدم عليه مع كثرة المفتين فانه لا اشكال فى كون هذه المرتبة والدرجة سبباً للعلم بمقالة المعصوم عليه‌السلام لكل من وقف بها واطلع عليها انتهى كلامه رفع مقامه.

٦٠