درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٢

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩

(فان قلت) فعلى هذا اذا اخبر الفاسق بخبر يعلم بعدم تعمده للكذب فيه تقبل شهادته فيه لان احتمال تعمده الكذب منتف بالفرض واحتمال غفلته وخطائه منفى بالاصل المجمع عليه مع ان شهادته مردودة اجماعا (قلت) ليس المراد مما ذكرنا عدم قابلية العدالة والفسق لاناطة الحكم بهما وجودا وعدما تعبدا كما فى الشهادة والفتوى ونحوهما بل المراد ان الآية المذكورة لا تدل الا على مانعية الفسق من حيث قيام احتمال تعمد الكذب معه فيكون مفهومها عدم المانع فى العادل من هذه الجهة فلا يدل على وجوب قبول خبر العادل اذا لم يمكن نفى خطائه باصالة عدم الخطاء المختصة بالاخبار الحسية فالآية لا تدل ايضا على اشتراط العدالة ومانعية الفسق فى صورة العلم بعدم تعمده الكذب بل لا بد له من دليل آخر فتامل.

(اقول) السؤال المذكور متوجه على التقريب الذى بنى عليه الامر فى المراد من الآية وكون المقصود منها اشتراط التبيّن الخارجى عن حال خبر الفاسق من حيث احتمال التعمد فى الكذب من جهة عدم ما يوجب مرجوحيته من الداخل بخلاف خبر العادل الذى كان فيه ما يوجب مرجوحية احتمال التعمد فى الكذب مع مساواتهما من جهة ساير الاحتمالات فاذا فرض اخبار الفاسق عن الموضوعات عن حس بعنوان الشهادة مع القطع بعدم تعمده للكذب فاللازم على ما ذكر قبوله لفرض انتفاء احتمال التعمد وانتفاء ساير الاحتمالات شرعا بالاصول العقلائية المعتبرة شرعا.

(قوله قلت ليس المراد مما ذكرنا الخ) ملخص الجواب عن السؤال المذكور ان آية النبأ بملاحظة المفهوم وقوله تعالى (فَتَبَيَّنُوا) وبملاحظة التعليل بقوله تعالى (أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) تكون دالة على قبول خبر العادل دون الفاسق من جهة نفى احتمال تعمد الكذب فى الاول دون الثانى لكن بضميمة اصالة عدم الخطاء والغفلة تدل على حجية خبر العادل فى المحسوس اذا كان ضابطا لكون احتمال تعمد الكذب فى خبره امرا مرجوحا فى نفسه مع جريان اصل المذكور.

٢١

(ولا تدل) على عدم الاعتناء باحتمال الخطاء فى الحدس فى العادل لعدم كونه امرا مرجوحا فى نفسه فى حقه مع انه لو كان لكان فى خبر الفاسق ايضا ولا تدل ايضا على حجية خبر العادل ولو فى المحسوس اذا لم يكن ضابطا لعدم اصالة عدم الخطاء والغفلة فى حقه لعدم كونه مرجوحا فى نفسه.

ولا تدل ايضا على عدم حجية خبر الفاسق اذا علم بعدم تعمده الكذب لكن قد يدل دليل من الخارج على عدم حجية خبر الفاسق المذكور كما فى الشهادة والفتوى وغيرهما.

(والحاصل) ان الآية فارقة بين خبر العادل والفاسق فى الجملة فتدل على حجية خبر العادل دون الفاسق فى بعض الموارد وهو ما اذا كان احتمال تعمد الكذب مرجوحا فى العادل دون الفاسق فاذا علم فى مورد بعدم تعمد فاسق فى الكذب فالآية لا تدل على حجية خبره ولا على عدم حجيته بل لا بد فيه من التماس دليل آخر كما يدل دليل من الخارج على عدم حجية خبر الفاسق المذكور فى الشهادة والفتوى وغيرهما.

(قوله فتامل) لعل وجهه ان ظاهر العلماء استدلالهم على اشتراط العدالة فى صورة العلم بعدم الكذب بمنطوق الآية لا مجرد الاجماع وغيره

٢٢

(الامر الثانى) ان الاجماع فى مصطلح الخاصة بل العامة الذين هم الاصل له وهو الاصل لهم هو اتفاق جميع العلماء فى عصر كما ينادى بذلك تعريفات كثير من الفريقين قال فى التهذيب الاجماع هو اتفاق اهل الحل والعقد من امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال صاحب غاية البادى فى شرح المبادى الذى هو احد علمائنا المعاصرين للعلامة قدس‌سره الاجماع فى اصطلاح فقهاء اهل البيت هو اتفاق امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله على وجه يشتمل على قول المعصوم انتهى وقال فى المعالم الاجماع فى الاصطلاح اتفاق خاص وهو اتفاق من يعتبر قوله من الامة انتهى وكذا غيرها من العبارات المصرحة بذلك فى تعريف الاجماع وغيره من المقامات كما تراهم يعتذرون كثيرا عن وجود المخالف بانقراض عصره (ثم) انه لما كان وجه حجية الاجماع عند الامامية اشتماله على قول الامام عليه‌السلام كانت الحجية دائرة مدار وجوده عليه‌السلام فى كل جماعة هو احدهم ولذا قال السيد المرتضى اذا كان علة كون الاجماع حجة كون الامام عليه‌السلام فيهم فكل جماعة كثرت او قلت كان قول الامام عليه‌السلام فى اقوالهم فاجماعها حجة وان خالف الواحد او الاثنين اذا كان الامام احدهما قطعا او تجويزا يقتضى عدم الاعتداد بقول الباقين وان كثروا وان الاجماع بعد الخلاف كالمبتدإ فى الحجية انتهى.

(اقول) ان الامر الثانى على عدم الملازمة بين حجية الخبر وحجية الاجماع المنقول هو توضيح معنى الاجماع فى اصطلاح العامة والخاصة وسيأتى التعرض له عن قريب إن شاء الله تعالى.

(ولا يخفى عليك) ان الامر الثانى بمنزلة الصغرى وما مر فى الامر الاول بمنزلة الكبرى وحاصلهما ان نقل الاجماع اخبار بما هو من الحدسيات وكلما هو كذلك فهو غير مشمول لما دل على حجية الخبر الواحد والنتيجة ان نقل الاجماع غير مشمول له فلا يكون حجة.

(توضيح الكلام) فى الامر الثانى انه قد اختلف كل من العامة والخاصة فى

٢٣

تحديد الاجماع على اقوال وقبل الشروع فى ذلك ينبغى الاشارة الى معنى الاجماع لغة واصطلاحا.

(فنقول) اما معنى الاجماع لغة فيطلق على معنيين (احدهما) الاتفاق يقال اجمع القوم على كذا اى اتفقوا عليه (وثانيهما) العزم ومنه قوله تعالى (وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ) اى عزموا على القائه فيها وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل اى لم يعزمه بمعنى لم ينوه.

(واما معنى الاجماع) فى الاصطلاح فقد اختلف كل من العامة والخاصة فى تحديده على اقوال (اما العامة) الذين هم الاصل له وهو الاصل لهم فيظهر من الفصول انه عرفه الغزالى باتفاق امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله على امر من الامور الدينية واحترز باضافة الامة اليه صلى‌الله‌عليه‌وآله عن اتفاق ساير الامم وبقوله على امر من الامور الدينية عن اتفاقهم على ما عداها من الامور اللغوية والعادية ونحوها فان ذلك لا يسمى اجماعا.

(وعرفه الفخر الرازى) بانه اتفاق اهل الحل والعقد من امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله على امر من الامور والمراد باهل الحل والعقد على ما نبه عليه غير واحد منهم المجتهدون واحترز به عن اتفاق العوام فانه لا يعتبر فى الاجماع لا منفردا ولا منضما وقوله على امر من الامور قيد توضيحى لان الاتفاق لا يعقل إلّا عليه وكان الغرض منه التنبيه على انه لا يختص بامر معين.

(وعرفه الحاجبى) بانه اجتماع المجتهدين من هذه الامة فى عصر على امر ونبه بقوله فى عصر على ان اجتماع السلف والخلف غير معتبر فى كون الاتفاق اجماعا والكلام فى ساير القيود واضح مما مر الى غير ذلك من التعاريف المختلفة سعة وضيقا وأنها لا يخلو عن النقض والابرام.

(ثم) ان الاجماع عند جمهور العامة مما قام الدليل السمعى على اعتباره مثل ما نسب الى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله من ان امتى لا تجتمع على الخطاء وفى لفظ آخر لم يكن الله ليجمع امتى على خطاء وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله كونوا مع الجماعة ويد الله على الجماعة ونحو ذلك فنفس الاجماع بما هو هو يكون حجة شرعا عندهم كحجية خبر الثقة ونحوه

٢٤

وعند الشاذ منهم مما دل العقل على اعتباره وان شئت تحقيق البحث عن مدرك الاجماع على طريقة العامة مع ما له من الجواب مشروحا فراجع الى القوانين.

(قوله بل العامة الذين هم الاصل له وهو الاصل لهم) أقول أما كونهم الاصل له فلا شبهة فى ان اختراع الاجماع ينتهى الى العامة لان الاعتناء بالاجماع من حيث انه اجماع انما صدر عنهم ولانهم يتمسكون به قبل تمسك الخاصة لابتناء مذهبهم عليه بخلاف الخاصة ولانهم يتمسكون به فى الامامة التى هى من اصول العقائد عندنا

(واما كون الاجماع) اصلا لهم فلما ذكرنا من ابتناء مذهبهم عليه فانهم يثبتون خلافة الخليفة باجماع المسلمين عليه لانكار اكثرهم النص على الخلافة وانما اعتمد غالبهم على الاجماع الذى ادّعوه وليت شعرى كيف انعقد الاجماع من اهل الحل والعقد مع مخالفة سيدنا ومولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام وغيره أعنى سلمان وأبا ذر والمقداد وغيرهم مع ما ورد فى الروايات ان الانصار قالوا منا أمير ومنكم أمير (اللهم اجعلنا من المتمسكين بولاية على بن أبى طالب واولاده صلوات الله عليهم أجمعين والراسخين فى محبتهم ونجنا من احوال الفزع الاكبر بشفاعتهم بحقك وبحقهم أجمعين يا أرحم الراحمين).

(وأما عند الخاصة) فلا يكون الاجماع بما هو هو حجة لا شرعا ولا عقلا وانما هو حجة من جهة حكايته رأى الامام عليه‌السلام أما تضمنا أو التزاما عقلا او عادة على ما ستعرف تفصيل الكل ان شاء الله تعالى وقد مرت الاشارة اليه فى أول مبحث الاجماع اجمالا فكيف كان ان الاجماع داخل فى السنة عند الخاصة وجعله دليلا رابعا انما هو من جهة متابعة اهل السنة.

(قال السيدان قدس‌سرهما) على ما حكى بعد ان التزما بكونه ليس دليلا آخر وراء السنة بانا لسنا بادين فى ذلك اى فى جعله دليلا رابعا حتى يلزمنا ارتكاب اللغو وانما بدأه مخالفونا فعرضوه علينا فرأيناه حجة عندنا لا للعلة التى اعتمدوا عليها بل لكونه مشتملا ومتضمنا لقول المعصوم عليه‌السلام فارتضيناه وقلنا بحجيته فنحن متفقون

٢٥

معهم فى حجيته ومختلفون فى وجهها انتهى.

(قوله فى عصر الخ) اعتبار كون الاتفاق فى عصر واحد انما يناسب مذهب من ذهب الى طريقة اللطف كالشيخ والمحقق الثانى وغيرهم مما سيأتى نقله ولذا قالوا انه لا قول للميت بالاجماع لانعقاد الاجماع على خلافه ميتا مع عدم امكان انعقاد الاجماع على خلافه حياً واما على طريقة المتأخرين من الحدس والتقرير فلا يخفى عدم اعتباره كذلك فيها.

(قوله كما ينادى بذلك تعريفات كثير من الفريقين الخ) قد تقدم تعريف الاجماع عند العامة مع الاشارة اجمالا الى مدركه عندهم وأما تعريف الاجماع عند الخاصة قال صاحب غاية البادى اعنى الشيخ محمد بن على بن محمد الجرجانى الغروى على ما قيل فى شرح المبادى والمبادى للعلامة الاجماع فى اصطلاح فقهاء اهل البيت هو اتفاق امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله على وجه يشتمل على قول المعصوم عليه‌السلام انتهى

(وقال فى المعالم) انه اتفاق من يعتبر قوله من الامة فى الفتاوى الشرعية على امر من الامور الدينية (وفى الفصول) انه عرفه بعض الاصحاب باجماع رؤساء الدين من هذه الامة فى عصر على أمر والظاهر ان هذا الحد هو حد الحاجبى الذى تقدم ذكره وانما تصرف فيه بتبديل المجتهدين برؤساء الدين ليتناول المعصوم لاعتبار دخوله فيهم عنده وعدم صدق عنوان المجتهد عليه.

(وان العلامة قدس الله سره) قد أختار تعريف الفخر الرازى أى اتفاق اهل الحل والعقد من أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله على أمر من الامور الدينية ويشكل مضافا الى الاشكال الوارد على تعريف الفخر الرازى بانهم عرفوا أهل الحل والعقد بالمجتهدين فلا يتناول المعصوم على مذهب الامامية مع ان حجيته عنده من جهة دخوله فيهم.

(قوله وان الاجماع بعد الخلاف كالمبتدإ فى الحجية) اقول هذا اشارة الى مسئلة وقع النزاع فيها بينهم وهى انه هل يجوز الاجماع على أحد القولين او

٢٦

الاقوال بعد الخلاف ام لا فمن اعتبر انقراض العصر فى تحقق الاجماع قطع بجوازه وانما النزاع بين من لم يعتبر انقراض العصر فى تحقق الاجماع والظاهر على ما حكى عن السيد ره هو الجواز حيث قال على مذهبنا ظاهر لان المعتبر قول المعصوم فاذا فرض الاجماع على احد القولين فقد فرض دخول الامام فيه فيكون حقا وانما الاشكال عند المخالفين لقولهم صحة الاجتهاد انتهى نعم ظاهر العلامة ره فى النهاية على ما حكى عنه اتفاقنا على عدم جواز اتفاقهم على قول آخر غير القولين او الاقوال لاستلزامه بطلان الاجماع الاول.

٢٧

(وقال المحقق) فى المعتبر بعد اناطة حجية الاجماع بدخول قول الامام عليه‌السلام انه لو خلا المائة من فقهائنا من قوله لم يكن قولهم حجة ولو حصل فى اثنين كان قولهما حجة انتهى وقال العلامة بعد قوله ان الاجماع عندنا حجة لاشتماله على قول المعصوم وكل جماعة قلّت او كثرت كان قول الامام عليه‌السلام فى جملة اقوالها فاجماعها حجة لاجله لا لاجل مجرد الاجماع انتهى هذا ولكن لا يلزم من كونه حجة تسميته اجماعا فى الاصطلاح كما انه ليس كل خبر جماعة يفيد العلم متواترا فى الاصطلاح واما ما اشتهر بينهم من انه لا يقدح خروج معلوم النسب واحدا او اكثر فالمراد انه لا يقدح فى حجية اتفاق الباقى لا فى تسميته اجماعا كما علم من فرض المحقق قدس‌سره الامام فى الاثنين (نعم) ظاهر كلمات جماعة يوهم تسميته اجماعا اصطلاحا حيث تراهم يدعون الاجماع فى مسئلة ثم يعتذرون عن وجود المخالف بانه معلوم النسب لكن التامل الصادق يشهد بأن الغرض الاعتذار عن قدح المخالف فى الحجية لا فى التسمية (نعم) يمكن ان يقال انهم قد تسامحوا فى اطلاق الاجماع على اتفاق الجماعة التى علم دخول الامام عليه‌السلام فيها لوجود مناط الحجية فيه وكون وجود المخالف غير مؤثر شيئا.

(اقول) الظاهر من عبارة المحقق فى المعتبر ان الملاك فى حجية الاجماع دخول قول الامام عليه‌السلام حيث قال فيه بعد اناطة حجية الاجماع بدخول قول الامام عليه‌السلام انه لو خلا المائة من فقهائنا من قوله عليه‌السلام لم يكن قولهم حجة ولو حصل قول الامام عليه‌السلام فى اثنين كان قولهما حجة وان لم يطلق عليه الاجماع الاصطلاحى انتهى.

(قال العلامة) بعد قوله ان الاجماع عندنا حجة لاشتماله على قول المعصوم وكل جماعة قلّت او كثرت كان قول الامام عليه‌السلام فى جملة اقوالها فاجماعها حجة لاجل قول الامام عليه‌السلام لا لاجل مجرد الاجماع انتهى.

(هذا) ولكن لا يلزم من كون قول الجماعة حجة لاجل قول الامام عليه‌السلام فيها

٢٨

تسميته اجماعا فى الاصطلاح الا مجازا لان الالحاق الحكمى لا يستلزم الالحاق الموضوعى ضرورة ان الاجماع المصطلح عند الخاصة ليس النظر فيه الى عنوان الاجماع بل الى اشتماله على قول الامام عليه‌السلام فلو فرض ذلك فى غير المصطلح كان حجة ايضا وان لم يندرج فى موضوع الاجماع وبالجملة الالحاق حكما اعم من الالحاق موضوعا من وجه كما انه ليس كل خبر جماعة يفيد العلم متواترا فى الاصطلاح لان الخبر المتواتر فى الاصطلاح هو اخبار جماعة يفيد العلم بنفسه لا بواسطة القرائن او من باب الاتفاق.

(واما ما اشتهر) بينهم من انه لا يقدح خروج معلوم النسب واحدا او اكثر فالمراد انه لا يقدح فى حجية اتفاق الباقين بعد القطع باشتماله على قول الامام عليه‌السلام لا انه لا يقدح فى تسميته اجماعا كما يعلم ذلك من فرض المحقق الامام فى اثنين فان مخالفة الباقين ليست قادحة فى حجية قول الاثنين لكنها تقدح فى تسميته اجماعا اصطلاحيا.

(نعم) ظاهر كلمات جماعة يوهم تسمية كل جماعة لاجل دخول قول الامام عليه‌السلام فيها اجماعا اصطلاحا حيث تريهم يدّعون الاجماع فى مسئلة ثم يعتذرون عن وجود المخالف بانه معلوم النسب فان ظاهر هذه العبارة ان مخالفة البعض كما لا يضر فى الحجية بعد الاشتمال على قول الامام عليه‌السلام كذلك لا يضرّ فى تسميته اجماعا اصطلاحا (لكن) التأمل الصادق يشهد بأن الغرض الاعتذار عن قدح المخالف فى الحجية لا فى التسمية.

(نعم) يمكن ان يقال انهم تسامحوا فى اطلاق الاجماع على اتفاق الجماعة التى علم دخول الامام عليه‌السلام فيها لوجود مناط الحجية فيه وكون وجود المخالف غير مؤثر شيئا.

(فالاجماع المصطلح) عند الخاصة او متأخريهم فقط هو الاتفاق الكاشف عن قول الامام عليه‌السلام سواء كان الكشف من جهة اشتماله على قوله عليه‌السلام

٢٩

بالتضمن او بالالتزام وعلى الاخير كان منشؤه قاعدة اللطف او كان منشؤه الحدس او التقرير.

(ثم) انه قد نقل بعض المحشين كلاما فى المقام لا يخلو نقله عن الفائدة وهو ان صريح الوافية كون الاجماع عند الخاصة غير ما هو عند العامة وثبوت اصطلاح جديد لهم فيه حيث قال واصطلاحا عندنا اتفاق جمع يعلم به ان المتفق عليه صادر من رئيس الامة وسيدها صلوات الله عليه

(ويمكن الاستدلال عليه) بوجوه ثلاثة(احدها) اشتراط الخاصة دخول مجهول النسب فى المجمعين فانه كاشف عن تغاير الاصطلاح اذ لا اثر لهذا الشرط عند العامه (وثانيها) ان اتفاق جماعة يكشف عن قول المعصوم حجة عند الخاصة فلو كان اصطلاحهم فى الاجماع لكان الادلة خمسة لا اربعة(وثالثها) ان الخاصة يدعون الاجماع فى المسألة بمجرد اتفاقهم ولا يعبئون بخلاف المخالفين فيكشف ذلك عن اختلاف الاصطلاح.

(ويرد على الاول) انه فى مقام الحجية لا التسمية وعلى الاخيرين ما يأتى من المصنف انه من باب المسامحة مع امكان دفع الثانى بان المراد حصر معظم الادلة فلا يضرّ زيادة شيء آخر كزيادة القياس عند العامة وهذا نظير ما صنعه الشهيد ره فى الذكرى من حصر الادلة فيما ذكره المعظم ثم اختياره حجية الشهرة وغيرها ويدل على عدم تجدد الاصطلاح ما ذكره العلامة ره فى اول نكاح القواعد عند ذكر خصائص النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله من ان من خصائصه عصمة امته فان نظره الى ان حجية الاجماع انما هى لعدم اجتماع الامة على الخطاء كما هو عند العامة

ونقل البهائى ره عن والده عن مشايخه ان مراده العصمة عن المسخ والخسف قيل انه توجيه بما لا يرضى صاحبه لتصريحه فى التذكرة بالاول نعم يمكن توجيهه كرواية لا تجتمع امتى على الخطاء على وجه لا يدل معه على ذلك بان يقال ان فى امته معصوما هو على (ع) من حين بعثته لا تجتمع الامة معه على الخطاء بخلاف ساير الانبياء

٣٠

فان لهم اوصياء معصومين لا عند بعثتهم هذا

(ولكن التحقيق) اختلاف الاصطلاح لظهور ان اجماعنا وان تحقق فيما يتحقق اجماعهم فيه من اتفاق الكل إلّا ان اجماعنا يحصل باتفاق جماعة يكشف عن قول المعصوم دخولا او رضا او صدورا بخلاف اجماعهم ومجرد الالحاق الحكمى بعيد انتهى.

٣١

(وقد شاع) هذا التسامح بحيث كاد ان ينقلب اصطلاح الخاصة عمّا وافق اصطلاح العامة الى ما يعم اتفاق طائفة من الامامية كما يعرف من ادنى تتبع لموارد الاستدلال بل اطلاق لفظ الاجماع بقول مطلق على اجماع الامامية فقط مع انهم بعض الامة لا كلهم ليس إلّا لاجل المسامحة من جهة ان وجود المخالف كعدمه من حيث مناط الحجية وعلى اىّ تقدير فظاهر اطلاقهم ارادة دخول قول الامام عليه‌السلام فى اقوال المجمعين بحيث يكون دلالته عليه بالتضمن فيكون الاخبار عن الاجماع اخبارا عن قول الامام وهذا هو الذى يدل عليه كلام المفيد والمرتضى وابن زهرة والمحقق والعلامة والشهيدين ومن تأخر عنهم واما اتفاق من عدى الامام بحيث يكشف عن صدور الحكم عن الامام عليه‌السلام بقاعدة اللطف كما عن الشيخ ره او التقرير كما عن بعض المتأخرين او بحكم العادة القاضية باستحالة توافقهم على الخطاء مع كمال بذل الوسع فى فهم الحكم الصادر عن الامام عليه‌السلام فهذا ليس اجماعا اصطلاحيا إلّا ان ينضم قول الامام عليه‌السلام المكشوف عنه باتفاق هؤلاء الى اقوالهم فيسمى المجموع اجماعا بناء على ما تقدم من المسامحة فى تسمية اتفاق جماعة مشتمل على قول الامام عليه‌السلام اجماعا وان خرج عنه الكثير او الاكثر.

(اقول) انه قد شاع هذا التسامح اى اطلاق الاجماع على اتفاق الجماعة التى علم دخول الامام عليه‌السلام فيها لوجود مناط الحجية فيه وكون وجود المخالف غير مؤثر شيئا وقد كان شيوخ هذا التسامح بحيث كاد أن ينقلب اصطلاح الخاصة فى اطلاق الاجماع عن الاصطلاح الذى وافق اصطلاح العامة الى اصطلاح آخر يعم اتفاق طائفة من الامامية.

(فكيف كان) ان الاجماع فى اصطلاح العامة والخاصة عبارة عن اتفاق الكل فى عصر ثم انقلب اصطلاح الخاصة الى اصطلاح آخر وهو اتفاق جماعة احدهم الامام عليه‌السلام سواء كان جميع علماء الامة او طائفة من الامامية او جميع علماء الامامية.

٣٢

كما يعرف شيوع هذا التسامح من ادنى تتبع لموارد الاستدلال بل اطلاق لفظ الاجماع بقول مطلق على اجماع الامامية فقط من دون اضافته الى الامامية مع أن الامامية بعض الامة لا كلهم ليس إلّا لاجل المسامحة والتجوز من جهة أن وجود المخالف كعدمه من حيث مناط الحجية.

(وعلى اى تقدير) فان الظاهر من اطلاق لفظ الاجماع عند عدم القرينة وعند الاطلاق ارادة دخول قول الامام عليه‌السلام فى أقوال المجمعين بحيث يكون دلالة الاجماع على قول الامام عليه‌السلام بالتضمن المسمى بالاجماع الدخولى فحينئذ يكون الاخبار عن الاجماع اخبارا عن قول الامام عليه‌السلام وهذا هو الذى يدل عليه كلام المفيد والسيد المرتضى وابن زهرة والمحقق والعلامة والشهيدين ومن تأخر عنهم فيكون الاخبار عن الاجماع بناء عليه اخبارا عن السنة عند من قال بكون الوجه فى حجية الاجماع اشتماله على قول المعصوم عليه‌السلام.

(واما اتفاق من عدى الامام) بحيث يكشف عن صدور الحكم عن الامام عليه‌السلام بقاعدة اللطف كما عن الشيخ قدس‌سره فانه يقول بانه لو اجمعت الامة على باطل لوجب على الامام عليه‌السلام ان يظهر حتى يردهم الى الحق ولو بالبحث بخلاف ما اذا لم يجمعوا فانه (ح) لا يجب عليه الظهور ليردّ المبطل اذ الموجب انما هو اظهار كلمة الحق فيهم وقد ظهرت ولو على لسان البعض والاصل فى ذلك ما استفاضت به الاخبار بل ادعى بعض تواتره من ان الارض لا تخلو عن حجة يعرف به الحلال عن الحرام.

(او التقرير) كما عن بعض المتأخرين هذا ما ذكره البعض فى مقام الانتصار لطريقة الشيخ على ما حكى عنه لان الاستكشاف عن رضاء المعصوم عليه‌السلام فيما ظهر بين الامة قول ولم يظهر فيه مخالف تارة من حيث وجوب الردع عن الباطل على الامام عليه‌السلام لو كان ما اشتهر باطلا فى الواقع وأخرى من حيث تقريرهم ما اشتهر بينهم (والحاصل) ان اعتبار الاجماع انما من حيث دلالته على قول الامام اما بالضمن كما هو مقتضى طريقة القدماء واما بضميمة قاعدة اللطف كما هو مقتضى طريقة الشيخ

٣٣

أو التقرير كما عن بعض المتأخرين أو بضميمة العادة كما هو مقتضى طريقة أكثر المتأخرين.

(او بحكم العادة) القاضية باستحالة توافقهم على الخطاء كما عليه أكثر المتأخرين فانهم معتقدون بانهم اذا اتفقوا فى حكم نقطع بانه موافق لحكم الامام لاستحالة الاجتماع على الخطاء مع كمال بذل الوسع فى فهم الحكم الصادر عن الامام عليه‌السلام.

(فهذا) أى اتفاق من عدى الامام على التقادير الثلاثة المذكورة ليس اجماعا اصطلاحيا الذى هو احد الادلة الاربعة إلّا ان ينضم قول الامام عليه‌السلام المكشوف عنه باتفاق هؤلاء الى أقوالهم فيسمى المجموع المركب من الكاشف والمنكشف اجماعا بناء على ما تقدم من مسامحة الخاصة فى تسمية اتفاق جماعة مشتمل على قول الامام عليه‌السلام اجماعا وان خرج عنه الكثير او الاكثر.

(والحاصل) ان للاصحاب فى وجه حجية الاجماع وجوها (الاول) ما اختاره القدماء من ان اعتبار الاجماع من حيث دخول قول الامام عليه‌السلام فى اقوال المجمعين المسمى بالاجماع الدخولى والتضمنى وهذا هو الذى يدل عليه كلام المفيد والسيد المرتضى وابن زهرة والمحقق والعلامة والشهيدين ومن تأخر عنهم

(وقال فى المعالم) ونحن لما ثبت عندنا بالادلة العقلية والنقلية كما حقق مستقصيا فى كتب اصحابنا الكلامية ان زمان التكليف لا يخلو من امام معصوم حافظ للشرع يجب الرجوع الى قوله فيه فمتى اجتمعت الامة على قول كان داخلا فى جملتها لانه سيدها والخطاء مأمون على قوله فيكون ذلك الاجماع حجة

(وقال فى الفصول) فى مقام ذكر طرق الاصحاب فى حجية الاجماع ما لفظه الاول ما ذكره العلامة وجماعة وهو ان الامة اذا قالت بقول فقد قال المعصوم به ايضا لانه من الامة وسيدها ورئيسها والخطاء مأمون عليه انتهى.

(وحاصل) هذا الطريق الاول على ما يظهر من مجموع كلماتهم ان الامام عليه‌السلام موجود فى كل عصر فاذا انعقد الاجماع من الامة فهو داخل فى اشخاصهم فلا محالة

٣٤

يكون اجماعهم حجة لتضمنه واشتماله على قول الامام عليه‌السلام

(والطريق الثانى) ما يستفاد من مواضع متعددة من كلمات شيخ الطائفة فى العدة المشتهر بقاعدة اللطف قال رضوان الله عليه فى حكم ما اذا اختلفت الامامية على اقوال ما هذا لفظه ومتى فرضنا ان يكون الحق فى واحد من الاقوال ولم يكن هناك ما يميز ذلك القول من غيره فلا يجوز للامام المعصوم حينئذ الاستتار ووجب عليه ان يظهر ويبيّن الحق فى تلك المسألة او يعلم بعض ثقاته الذى يسكن اليه الحق من تلك الاقوال حتى يؤدّى ذلك الى الامة ويقترن بقوله علم معجز يدل على صدقه لانه متى لم يكن كذلك لم يحسن التكليف الى ان قال

(وحاصل) هذا الطريق الثانى انه لا يجوز انفراد الامام عليه‌السلام بقول الحق فيما لم يكن عليه دليل من كتاب او سنة ولا يجوز ان تكون الامة مجتمعين على الباطل فمهما اتفق ذلك وجب على الامام عليه‌السلام لطفا منه على العباد ان يظهر لهم الحق اما بنفسه او يبعث اليهم من يثق به فيظهر لهم الحق مع اقترانه بمعجز يصدقه الناس به

(ولا يخفى عليك) ان هذا الطريق الثانى هو طريق مستقل لا ربط له بالطريق الاول الذى هو طريق القدماء إلّا انه يظهر من المحقق القمى على ما حكى عنه ان لشيخ الطائفة طريقين اى الاول والثانى جميعا ولكن يظهر من المصنف قدس‌سره ان طريق شيخ الطائفة منحصر بالثانى وليس له طريق آخر سواه وقد اصر على ذلك واستشهد ببعض العبائر المحكية عن التهذيب

(والطريق الثالث) ما نسبه المحقق القمى الى جماعة من محققى المتأخرين ونسبه الفصول الى معظم المحققين المشتهر هذا الطريق بالاجماع الحدسى وحاصل هذا الوجه الثالث ان اتفاق جميع العلماء مع ما هم عليه من اختلاف الانظار والافكار ومع تجنّبهم عن الاستحسانات الظنية والاعتبارات الوهمية وتحرّزهم عن القول والعمل بغير علم او علمى مما يوجب الحدس القطعى واليقين العادى برأى الامام (ع) وان الحكم قد نشأ من جانبه ووصل اليهم من قبله بلغهم ذلك خلفا عن سلف

(والظاهر) انه يعتبر فى هذا الطريق الثالث اتفاق جميع العلماء فى جميع

٣٥

الاعصار والامصار من الاول الى الآخر فان اتفاقهم كذلك مما يوجب الحدس واليقين برأيه عليه‌السلام وان قولهم نشأ من قوله ورأيهم من رأيه لا مجرد اتفاقهم فى عصر واحد فان الاتفاق فى عصر واحد انما يكفى على الطريق الاول والثانى من انه عليه‌السلام موجود فى كل عصر فاذا اتفق علماء عصر من الاعصار فهو منهم ورئيسهم وشخصه داخل فى اشخاصهم وقوله داخل فى اقوالهم أو أنه لا يجوز انفراد الامام عليه‌السلام بقول الحق وان العلماء مهما اتفقوا على قول غير حق وجب على الامام عليه‌السلام لطفا منه على العباد اظهار الحق لهم اما بنفسه او باظهار من يبيّن لهم الحق ولا يكاد يكفى ذلك على هذا الطريق الثالث ابدا.

(وعلى كل حال) كل من الوجوه الثلاثة لا يخلو عن ايراد(اما الايراد فى الوجه الاول) فان مجرد كون الامام عليه‌السلام موجودا فى كل عصر مما لا يقتضى انه اذا انعقد الاجماع من الامة كان شخصه عليه‌السلام داخلا فى اشخاصهم وقوله فى اقوالهم فانه قد تقدم فى اول مبحث الاجماع ان مسلك الدخول مما لا سبيل اليه عادة فى زمان الغيبة بل ينحصر ذلك فى زمان الحضور الذى كان الامام عليه‌السلام يجالس الناس ويجتمع معهم فى المجالس فيمكن ان يكون الامام عليه‌السلام احد المجمعين واما فى زمان الغيبة فلا يكاد يحصل ذلك عادة.

(واما الايراد) فى الوجه الثانى فان اظهار الحق عند اجماع الامة على الخطاء وان كان لطفا منه عليه‌السلام ولا يجوز له الاخلال به عقلا ولكن مجرد ذلك مما لا يكفى فى استكشاف مطابقة الاجماع لرأى الامام عليه‌السلام وذلك لجواز ان يكون اظهار الحق مقرونا بمانع او بمصلحة اهم فى الاخفاء فان اظهار الحق ليس باهم من ظهور نفسه عليه‌السلام فكما انه مقرون قطعا اما بمانع او بمصلحة اهم فى الاخفاء وإلّا لظهر وبرز فكذلك جاز ان يكون اظهار الحق والصواب اما بنفسه او بارسال من يثق به مقرونا بمانع او بمصلحة اهم فى الاخفاء فعليه اذا اجمع العلماء على امر شرعى دينى لم يكن اجماعهم حجة من هذا الوجه والطريق ايضا

٣٦

(واما الايراد) فى الوجه الثالث فان اتفاق العلماء جميعا انما يستلزم الحدس والقطع عادة برأيه عليه‌السلام اذا انضم اليهم اصحاب الائمة وحملة الاحاديث الذين ليست اقوالهم مستندة الى الرأى والاستنباط والنظر والاجتهاد بل الى محض السماع عن الامام عليه‌السلام بلا واسطة او مع الواسطة وإلّا فمجرد اتفاق اهل الرأى والاستنباط والنظر والاجتهاد مما لا يستلزم القطع عادة برأيه عليه‌السلام لجواز استناد الجميع الى اجتهادهم وامكان خطائهم فى الاجتهاد جميعا مما لا يخفى.

مضافا الى انه لو سلم ان اتفاق العلماء وارباب النظر والفتوى مما يستلزم القطع برأيه عليه‌السلام عادة من دون حاجة الى ضم اقوال الرواة وحملة الاحاديث اليهم فتحصيل اتفاق العلماء باجمعهم مشكل جدا بل محال عادة كيف وتحصيل فتاوى علماء عصر واحد فى غاية الاشكال فكيف باتفاق العلماء فى جميع الاعصار وتمام الامصار فتحصيل اتفاق الكل مما لا يتفق نوعا لاحد كى يستلزم القطع برأيه عليه‌السلام عادة.

(قوله بقاعدة اللطف كما عن الشيخ او التقرير كما عن بعض المتأخرين او بحكم العادة الخ) اقول ان الشيخ قدس‌سره قد ذكر من اقسام الاجماع اربعة مذاهب طريقة الدخول واللطف والتقرير والحدس وللحدس اقسام يأتى إن شاء الله تعالى ويمكن الفرق بين الطرق المذكورة بان دلالة الاجماع الدخولى على قول الامام بالتضمنى بخلاف الباقى فان دلالة الاجماع على قول الامام عليه‌السلام فيه بالالتزام وانه يشترط فى الاجماع الدخولى وجود مجهول النسب بخلاف غيره.

(والفرق) بين اللطف والتقرير على ما قيل ان الاول انما هو من جهة ملاحظة منصب الامامة وحفظ الشريعة وقد نصب عليه‌السلام لاجله فيكون اخلاله عليه‌السلام بالوظيفة المذكورة اخلالا بما هو من اعظم الواجبات عليه وهو ينافى عصمته وعلو مقامه واما الثانى فهو من جهة الامر بالمعروف والنهى عن المنكر وتبيين الحق والردع عن الباطل والتنبيه على الخطاء فى الواجبات على كل مكلف

٣٧

بشرائطه سواء كان هو الامام او غيره وفى فوائد العلامة الطباطبائى قدس‌سره على ما حكى عنه بعد ذكر مسلك التقرير انه مبنى على وجوب التنبيه على الخطاء مطلقا او مع العلم دون الظن ولو خص الامام عليه‌السلام لما يلزمه من وجوب الهداية عاد الى قاعدة اللطف انتهى وقيل فى الفرق بينهما ان فى التقرير يشترط وجود شرائطه بخلاف اللطف انتهى.

٣٨

(فالدليل) فى الحقيقة هو اتفاق من عدى الامام عليه‌السلام والمدلول الحكم الصادر عنه نظير كلام الامام ومعناه فالنكتة فى التعبير عن الدليل بالاجماع مع توقفه على ملاحظة انضمام مذهب الامام عليه‌السلام الذى هو المدلول الى الكاشف عنه وتسمية المجموع دليلا هو التحفظ على ما جرت سيرة اهل الفن من ارجاع كل دليل الى احد الادلة المعروفة بين الفريقين اعنى الكتاب والسنة والاجماع والعقل ففى اطلاق الاجماع على هذا مسامحة فى مسامحة وحاصل المسامحتين اطلاق الاجماع على اتفاق طائفة يستحيل بحكم العادة خطائهم وعدم وصولهم الى حكم الامام عليه‌السلام والاطلاع على تعريفات الفريقين واستدلالات الخاصة واكثر العامة على حجية الاجماع يوجب القطع بخروج هذا الاطلاق عن المصطلح وبنائه على المسامحة لتنزيل وجود من خرج من هذا الاتفاق منزلة عدمه كما قد عرفت من السيد والفاضلين قدس‌سرهم من ان كل جماعة قلّت او كثرت علم دخول الامام عليه‌السلام فيهم فاجماعها حجة ويكفيك فى هذا ما سيجىء من المحقق الثانى فى تعليق الشرائع من دعوى الاجماع على ان خروج الواحد من علماء العصر قادح فى انعقاد الاجماع مضافا الى ما عرفت من اطباق الفريقين على تعريف الاجماع باتفاق الكل.

حاصله ان الدليل فى الحقيقة بناء على الاجماع اللطفى والتقريرى والحدسى هو اتفاق من عدى الامام عليه‌السلام والمدلول الحكم الصادر عنه نظير كلام الامام ومعناه.

(فالنكتة) فى التعبير عن الدليل اى اتفاق من عدا الامام بالاجماع مع توقفه باصطلاح الخاصة على ملاحظة انضمام مذهب الامام عليه‌السلام الذى هو المدلول الى الكاشف عنه وتسمية المجموع من الدال والمدلول دليلا واجماعا هو التحفظ على ما جرت سيرة اهل الفن من ارجاع كل دليل الى احد الاربعة المعروفة بين الفريقين اعنى الكتاب والسنة والاجماع والعقل.

٣٩

(قوله ففى اطلاق الاجماع على هذا مسامحة الخ) يعنى ان فى اطلاق الاجماع على اتفاق من عدا الامام عليه‌السلام بحيث يكشف عن صدور الحكم منه بقاعدة اللطف او التقرير او الحدس مسامحة فى مسامحة.

(اما المسامحة الاولى) فاطلاقه على اتفاق طائفة احدهم الامام عليه‌السلام من باب التضمن مع ان الاجماع فى الاصطلاح هو اتفاق الكل (واما الثانية) فاطلاقه على اتفاق من عدا الامام كاشف عن قوله بطريق الالتزام بحيث يكشف عن صدور الحكم منه بقاعدة اللطف او الحدس او التقرير.

(وقد اشار الشيخ قدس‌سره) الى ما ذكر بقوله وحاصل المسامحتين اطلاق الاجماع على اتفاق طائفة يستحيل بحكم العادة خطائهم وعدم وصولهم الى حكم الامام عليه‌السلام واستدلال الخاصة على حجية الاجماع من جهة الاشتمال على قول المعصوم عليه‌السلام ودخوله فيهم واستدلال اكثر العامة بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا تجتمع امتى على الخطاء الظاهر فى جميعهم على حجية الاجماع يوجب القطع بخروج هذا الاطلاق اى اطلاق الاجماع على غير اتفاق الكل عن المصطلح وبنائه على المسامحة لتنزيل وجود من خرج من هذا الاتفاق منزلة عدمه كما قد عرفت من السيد والفاضلين قدس‌سرهم من ان كل جماعة قلّت او كثرت علم دخول الامام عليه‌السلام فيهم فاجماعها حجة.

(ويكفيك) فى هذا أى فى اطلاق الاجماع على اتفاق من عدا الامام عليه‌السلام مسامحة ما سيجىء من المحقق الثانى فى تعليق الشرائع من دعوى على ان خروج الواحد من علماء العصر قادح فى انعقاد الاجماع مضافا الى ما قد عرفت من اطباق الفريقين على تعريف الاجماع باتفاق الكل.

٤٠