درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٢

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩

(ومنها) ما ذكره الشهيد فى الذكرى والمفيد الثانى ولد شيخنا الطوسى من ان الاصحاب قد عملوا بشرائع الشيخ ابى الحسن على بن بابويه عند اعواز النصوص تنزيلا لفتاويه منزلة رواياته ولو لا عمل الاصحاب برواياته الغير العلمية لم يكن وجه فى العمل بتلك الفتاوى عند عدم رواياته ومنها ما ذكره المجلسى فى البحار فى تأويل بعض الاخبار التى تقدم ذكرها فى دليل السيد واتباعه مما دل على المنع من العمل بالخبر الغير المعلوم الصدور من ان عمل اصحاب الائمة عليهم‌السلام بالخبر الغير العلمى متواتر بالمعنى ولا يخفى ان شهادة مثل هذا المحدث الغواص فى بحار انوار اخبار الائمة الاطهار عليهم‌السلام لعمل اصحاب الائمة بالخبر الغير العلمى ودعوية حصول القطع له بذلك من جهة التواتر لا يقصر عن دعوى الشيخ والعلامة الاجماع على العمل باخبار الآحاد وسيأتى ان المحدث الحر العاملى فى الفصول المهمة ادعى ايضا تواتر الاخبار بذلك ومنها ما ذكره شيخنا البهائى فى مشرق الشمسين ان الصحيح عند القدماء ما كان محفوفا بما يوجب ركون النفس اليه وذكر فيما يوجب الوثوق امورا لا تفيد إلّا الظن ومعلوم ان الصحيح هو المعمول به وليس هذا مثل الصحيح عند المتأخرين فى انه قد لا يعمل به لاعراض الاصحاب عنه او لخلل آخر فالمراد ان المقبول عندهم ما تركن اليه النفس وتثق به.

(ومنها) اى من جملة القرائن التى دلت على ان الاصحاب يعملون بالخبر الواحد الغير العلمى ما ذكره الشهيد فى الذكرى والمفيد الثانى ولد الشيخ الطوسى من ان الاصحاب قد عملوا بشرائع الشيخ ابى الحسن على بن الحسين بن موسى بن بابويه شيخ القميين عند فقد النصوص تنزيلا لفتاويه منزلة رواياته لانه يفتى بعين الرواية ولو لا عمل الاصحاب برواياته الغير العلمية لم يكن وجه فى العمل بتلك الفتاوى عند عدم رواياته اذ منشأ عملهم بالفتاوى ظن كون فتاويه على طبق متون الاخبار.

(ومنها) ما ذكره المجلسى قدس‌سره فى البحار فى تأويل الاخبار المانعة

٣٤١

من العمل بالخبر الغير المعلوم الصدور من ان عمل اصحاب الائمة عليهم‌السلام بالخبر الغير العلمى متواتر بالمعنى (ولا يخفى) ان شهادة مثل هذا المحدث الغواص فى بحار انوار اخبار الائمة الاطهار عليهم‌السلام لعمل اصحاب الائمة بالخبر الغير العلمى ودعوية حصول القطع له بذلك من جهة التواتر المعنوى لا تقصر عن دعوى الشيخ والعلامة الاجماع من الفرقة المحقة على العمل باخبار الآحاد وسيأتى ان المحدث الحر العاملى فى الفصول المهمة ادعى ايضا تواتر الاخبار بالتواتر المعنوى على العمل باخبار الآحاد.

(ومنها) ما ذكره شيخنا البهائى فى مشرق الشمسين ان الخبر الصحيح عند القدماء ما كان محفوفا بقرينة يوجب ركون النفس اليه وذكر من القرائن الموجبة للوثوق وركون النفس اليه عدة امور لا تفيد إلّا الظن ومعلوم ان الصحيح عند القدماء هو الخبر المعمول به وليس هذا الصحيح باصطلاحهم مثل الصحيح عند المتأخرين فى انه قد لا يعمل به لاعراض الاصحاب عنه او لخلل آخر كمعارضته لخبر آخر فالمراد ان المقبول عند القدماء ما تركن اليه النفس وتثق به

(قوله وذكر فيما يوجب الوثوق امورا لا تفيد إلّا الظن) منها وجوده فى كثير من الاصول الأربعمائة التى نقلوها عن مشايخهم بطرقهم المتصلة باصحاب العصمة وكانت متداولة فى تلك الاعصار مشتهرة بينهم (ومنها) تكرّره فى اصل او اصلين منها فصاعدا بطرق مختلفة واسانيد معتبرة.

(ومنها) وجوده فى اصل معروف الانتساب الى احد الجماعة الذين اجمعوا على تصديقهم كزرارة ومحمد بن مسلم والفضيل بن يسار او على تصحيح ما يصح عنهم كصفوان بن يحيى ويونس بن عبد الرحمن وغيرهما او على العمل برواياتهم كعمار الساباطى وغيره ممن عده شيخ الطائفة فى العدة وغير ذلك من الامور التى لا نفيد إلّا الظن الموجب للوثوق والاعتماد.

٣٤٢

(هذا ما حضرنى من كلمات الاصحاب) الظاهرة فى دعوى الاتفاق على العمل بخبر الواحد الغير العلمى فى الجملة المؤيدة لما ادعاه الشيخ والعلامة واذا ضممت الى ذلك كله ذهاب معظم الاصحاب بل كلهم عدا السيد واتباعه من زمان الصدوق الى زماننا هذا الى حجية الخبر الغير العلمى حتى ان الصدوق تابع فى التصحيح والرد لشيخه ابن الوليد وان ما صححه فهو صحيح وان ما رده فهو مردود كما صرح به فى صلاة الغدير وفى الخبر الذى رواه فى العيون عن كتاب الرحمة ثم ضممت الى ذلك ظهور عبارة اهل الرجال فى تراجم كثير من الرواة فى كون العمل بالخبر الغير العلمى مسلما عندهم مثل قولهم فلان لا يعتمد على ما ينفرد به وفلان مسكون فى روايته وفلان صحيح الحديث والطعن فى بعض بانه يعتمد الضعفاء والمراسيل الى غير ذلك وضممت الى ذلك ما يظهر من بعض أسئلة الروايات السابقة من ان العمل بالخبر الغير العلمى كان مفروغا عنه عند الرواة يعلم علما يقينا صدق ما ادعاه الشيخ من اجماع الطائفة وحكى السيد المحدث الجزائرى عمن يثق به انه قد زار السيد صاحب المدارك المشهد الغروى فزاره العلماء وزارهم الا المولى عبد الله التسترى فقيل للسيد فى ذلك فاعتذر بانه لا يرى العمل باخبار الآحاد فهو مبدع ونقل فى ذلك رواية مضمونها ان من زار مبدعا فقد خرّب الدين وهذه حكاية عجيبة لا بد من توجيهها كما لا يخفى على من اطلع على طريقة المولى المشار اليه ومسلكه فى الفقه فراجع.

(غرضه قدس‌سره) من نقل كلمات الاصحاب اثبات اتفاقهم على العمل بخبر الواحد الغير العلمى فى الجملة اى على اختلاف فى شرائط الحجية المؤيد دعوى الشيخ والعلامة الاجماع على العمل باخبار الآحاد واذا ضم الى ذلك كله ذهاب معظم الاصحاب بل كلهم عدا السيد واتباعه من زمان الصدوق بل من زمان اصحاب الائمة عليهم‌السلام الى زماننا هذا الى حجية الخبر الغير العلمى.

(حتى ان الصدوق) تابع فى التصحيح والرد لشيخه ابن الوليد وان ما صححه

٣٤٣

فهو صحيح وان ما رده فهو مردود كما صرح به فى صلاة الغدير قال فى محكى الفقيه فى آخر باب صوم التطوع واما خبر صلاة غدير خم والثواب المذكور فيه لمن صامه فان شيخنا محمد بن الحسن رضى الله عنه كان لا يصححه ويقول انه من طريق محمد بن موسى الهمدانى وكان غير ثقة وكلما لم يصححه ذلك الشيخ ولم يحكم بصحته من الاخبار فهو عندنا متروك غير صحيح انتهى.

(وفيه دلالة) على عمل الصدوق وشيخه بالخبر الغير العلمى اذا لصحة عندهم على ما ذكره الشيخ البهائى وغيره ما يفيد الاطمينان بالصدور لا القطع به وكذا فى الخبر الذى رواه الصدوق فى العيون عن كتاب الرحمة.

(قال قدس‌سره) ثم ضممت الى ذلك اى الى كلمات الاصحاب الظاهرة فى دعوى الاتفاق على العمل بالخبر الواحد وذهاب معظم الاصحاب اليه ظهور عبارة اهل الرجال فى تراجم وحالات كثير من الرواة فى كون العمل بالخبر الغير العلمى مسلما عندهم مثل قولهم فلان لا يعتمد على ما ينفرد به وفلان مسكون فى روايته يعنى ان الاصحاب متوقفون فى قبول روايته وردها وفلان صحيح الحديث والطعن فى بعض بانه يعتمد الضعفاء والمراسيل مثل البرقى ومحمد بن يحيى واحمد بن محمد بن جمهور ومحمد بن عمرو بن عبد العزيز ومحمد بن حسان الى غير ذلك من عبارات اهل الرجال.

(ثم قال قدس‌سره) وضممت الى تلك المذكورات ما يظهر من بعض أسئلة الروايات السابقة من ان العمل بالخبر الغير العلمى كان مفروغا عنه عند الرواة مثل سؤال البعض عن المعصوم عليه‌السلام ربما احتاج ولست القاك فى كل وقت افيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه معالم دينى قال نعم وظاهر هذه الرواية ان الكبرى اعنى قبول قول الثقة كان مفروغا عنه عند الراوى فسئل عن الصغرى اعنى وثاقة يونس ليترتب عليه اخذ المعالم منه.

فيعلم علما يقينيا صدق ما ادعاه الشيخ من اجماع الطائفة وحكى السيد المحدث الجزائرى عمن يثق به انه قد زار السيد صاحب المدارك المشهد الغروى فزاره العلماء

٣٤٤

وزارهم الا المولى عبد الله التسترى فقيل للسيد فى ذلك اى سئل عنه سبب عدم زيارته له فاعتذر بان التسترى لا يرى العمل باخبار الآحاد فهو مبدع ونقل رواية مضمونها ان من زار مبدعا فقد خرب الدين.

(وهذه حكاية عجيبة) يعنى نسبة السيد عدم جواز العمل باخبار الآحاد الى التسترى حكاية عجيبة لانه رحمه‌الله كان يعمل فى الفقه باخبار الآحاد فحينئذ(لا بد من توجيهها) قال فى بحر الفوائد اما طريقة المولى التسترى فى باب اخبار الآحاد وقوله بحجيتها فى الجملة فهى مما لا يكاد ان يخفى واما توجيهها فلعله نقل للسيد صاحب المدارك قدس‌سره رجوعه الى القول بعدم الحجية وان كان النقل كذبا فى الواقع مع انه على تقدير الصدق او ذهابه الى عدم الحجية من اول الامر لا يستحق رميه بكونه مبدعا فى الدين فلعل الامر اشتبه على الثقة الحاكى للسيد الجزائري والله العالم.

٣٤٥

(والانصاف) انه لم يحصل فى مسئلة يدعى فيها الاجماع من الاجماعات المنقولة والشهرة القطعية والامارات الكثيرة الدالة على العمل ما حصل فى هذه المسألة فالشاك فى تحقق الاجماع فى هذه المسألة لا اراه يحصل له الاجماع فى مسئلة من المسائل الفقهية اللهم الا فى ضروريات المذهب لكن الانصاف ان المتيقن من هذا كله الخبر المفيد للاطمينان لا مطلق الظن ولعله مراد السيد من العلم كما اشرنا اليه آنفا بل كلام بعض احتمال ان يكون مراد السيد من خبر الواحد غير مراد الشيخ قدس‌سره قال الفاضل القزوينى فى لسان الخواص على ما حكى عنه ان هذه الكلمة اعنى خبر الواحد على ما يستفاد من تتبع كلماتهم يستعمل فى ثلاثة معان احدها الشاذ النادر الذى لم يعمل به احد او ندر من يعمل به ويقابله ما عمل به كثيرون الثانى ما يقابل المأخوذ من الثقات المحفوظ فى الاصول المعمولة عند جميع خواص الطائفة فيشمل الاول ومقابله الثالث ما يقابل المتواتر القطعى الصدور وهذا يشمل الاولين وما يقابلهما ثم ذكر ما حاصله ان ما نقل اجماع الشيعة على انكاره هو الاول وما انفرد السيد قدس‌سره بردّه هو الثانى واما الثالث فلم يتحقق من احد نفيه على الاطلاق انتهى وهو كلام حسن واحسن منه ما قدمناه من ان مراد السيد من العلم ما يشمل الظن الاطمينانى كما يشهد به التفسير المحكى عنه للعلم بانه ما اقتضى سكون النفس.

(اقول) حاصل ما يقتضى انصافه قدس‌سره ان تحقّق الاجماع فى مسئلة حجية الخبر الواحد مما الاشكال فيه والحال انه لم يحصل فى مسئلة من المسائل التى يدعى فيها الاجماع من الاجماعات المنقولة والشهرة القطعية والامارات الكثيرة الدالة على العمل مثل ما حصل فى هذه المسألة فمن شك فى تحقق الاجماع فيها فلا يبعد ان لا يحصل له الاجماع فى مسئلة من المسائل الفقهية الّا فى ضروريّات المذهب.

(ثم قال قدس‌سره) لكن الانصاف ان المتيقن من هذا كله الخبر المفيد

٣٤٦

للاطمينان لا مطلق الظن ولعله مراد السيد واتباعه من العلم كما اشرنا اليه آنفا بل كلام بعض احتمال ان يكون مراد السيد من خبر الواحد غير مراد الشيخ قدس‌سره.

(قال الفاضل القزوينى) محمد بن الحسن المشتهر بالآقا رضى فى كتاب لسان الخواص على ما حكى عنه ان هذه الكلمة اعنى خبر الواحد على ما يستفاد من تتبع كلماتهم يستعمل فى ثلاثة معان.

(احدها) الشاذ النادر الذى لم يعمل به احدا وندر من يعمل به ويقابله الخبر الواحد الذى يعمل به الاكثر.

(الثانى) ما يقابل المأخوذ من الثقات المحفوظ فى الاصول المعمولة عند جميع خواص الطائفة فيكون مقابله خبر غير الثقة فيشمل خبر الواحد بهذا المعنى الثانى الاول اى الشاذ ومقابله اى غير الشاذ لان خبر غير الثقة قد يكون شاذا وقد يكون مشهورا منجبرا بالشهرة.

(الثالث) ما يقابل المتواتر القطعى الصدور فيكون ما يقابله الخبر الواحد الغير المتواتر وهذا المعنى الثالث يشمل الاولين وما يقابلهما.

(ثم ذكر ما حاصله) ان الخبر الواحد الذى نقل اجماع الشيعة على انكاره هو المعنى الاول اى الشاذ والخبر الواحد الذى انفرد السيد برده هو المعنى الثانى اى خبر غير الثقة واما الثالث فلم يتحقق من احد نفيه على الاطلاق انتهى وقال الشيخ قدس‌سره ان ما افاده كلام حسن من جهة الجمع بين قولى السيد والشيخ قدس‌سرهما والاحسن منه ما قدمناه من ان مراد السيد من العلم ما يشمل الظن الاطمينانى كما يشهد به التفسير المحكى عنه للعلم بانه ما اقتضى سكون النفس ولعل وجه الاحسنية على ما تعرض له بعض المحشين ان الاصطلاح المذكور فى كلام القزوينى ليس له اثر فى كلام القوم وانما نشأ من الفاضل المذكور.

٣٤٧

(الثانى) من وجوه تقرير الاجماع ان يدعى الاجماع حتى من السيد واتباعه على وجوب العمل بالخبر الغير العلمى فى زماننا هذا وشبهه مما انسد فيه باب القرائن المفيدة للعلم بصدق الخبر فان الظاهر ان السيد انما منع من ذلك لعدم الحاجة الى خبر الواحد المجرد كما يظهر من كلامه المتضمن للاعتراض على نفسه بقوله فان قلت اذا سددتم طريق العمل باخبار الآحاد فعلى اى شىء تعوّلون فى الفقه كله فاجاب بما حاصله ان معظم الفقه يعلم بالضرورة والاجماع والاخبار العلمية وما يبقى من المسائل الخلافية يرجع فيها الى التخيير وقد اعترف السيد قدس‌سره فى بعض كلامه على ما فى المعالم بل وكذا الحلى فى بعض كلامه على ما هو ببالى بان العمل بالظن متعين فيما لا سبيل فيه الى العلم.

(اقول) الثانى من وجوه تقرير الاجماع الاجماع القولى من جميع العلماء حتى السيد واتباعه بدعوى انهم اختاروا عدم الحجية لاعتقاد هم انفتاح باب العلم بالاحكام الشرعية ولو كانوا فى زماننا المنسد فيه باب العلم لعملوا بخبر الواحد جزما.

فان الظاهر ان السيد ومن تبعه انما منع من العمل بالخبر الغير العلمى لعدم الحاجة الى خبر الواحد المجرد كما يظهر من كلامه المتضمن للاعتراض على نفسه بقوله.

(فان قلت) اذا سددتم طريق العمل باخبار الآحاد فعلى اى شيء تعوّلون فى الفقه كله فاجاب بما حاصله ان معظم الفقه يعلم بالضرورة والاجماع والاخبار العلمية وما يبقى من المسائل الخلافية يرجع فيها الى التخيير وقد اعترف السيد قدس‌سره فى بعض كلامه على ما فى المعالم بان العمل بالظن متعين فيما لا سبيل فيه الى العلم.

(قال فى بحر الفوائد) انه يمكن المناقشة فى هذا التقرير الثانى اولا بعدم كشفه عن الحجية بعد فرض عدم تسليم السيد للانسداد وهذا معنى ما يقال ان الاجماع

٣٤٨

التقديرى والتعليقى لا فائدة فيه فتامل وثانيا ان تسليم السيد وغيره من المانعين لحجية الظن عند انسداد باب العلم لا يفيد فيما نحن بصدده من اثبات حجية الخبر من حيث الخصوص نعم لو استظهر من كلماتهم حجية الخبر من حيث انه خبر على تقدير الحاجة بحيث لا يتعدى الى غيره من الظنون كما هو مذهب جمع كان الاستدلال فى محله انتهى.

(والفرق) بين التقرير الاول والثانى ان الاول خاص من حيث المجمعين لان المراد منهم من عدا السيد واتباعه وعام من حيث المورد لان مورده اعم من زمن الانفتاح والانسداد بخلاف الثانى فانه عام من حيث المجمعين وخاص من حيث المورد فتبين ان النسبة بينهما عموم من وجه.

٣٤٩

(الثالث) من وجوه تقرير الاجماع استقرار سيرة المسلمين طرا على استفادة الاحكام الشرعية من اخبار الثقات المتوسطة بينهم وبين الامام عليه‌السلام او المجتهد أترى ان المقلدين يتوقفون فى العمل بما يخبرهم الثقة عن المجتهد او الزوجة تتوقف فيما يحكيه زوجها عن المجتهد فى مسائل حيضها وما يتعلق بها الى ان يعلموا من المجتهد تجويز العمل بالخبر الغير العلمى وهذا مما لا شك فيه ودعوى حصول القطع لهم فى جميع الموارد بعيدة عن الانصاف نعم المتيقن من ذلك حصول الاطمينان بحيث لا يعتنى باحتمال الخلاف وقد حكى اعتراض السيد على نفسه بانه لا خلاف بين الامة فى ان من وكلّ وكيلا او استناب صديقا فى ابتياع امة او عقد على امرأة فى بلدته او بلاد نائية فحمل اليه الجارية وزفّ اليه المرأة واخبره انه ازاح العلة فى ثمن الجارية ومهر المرأة وانه اشترى هذه وعقد على تلك ان له وطئها والانتفاع بها فى كل ما يسوغ للمالك والزوج وهذه سبيله مع زوجته وامته اذا اخبرته بطهرها وحيضها ويرد الكتاب على المرأة بطلاق زوجها او بموته فيتزوج وعلى الرجل بموت امرأته فيتزوج اختها وكذا لا خلاف بين الامة فى ان للعالم ان يفتى وللعامى ان يأخذ منه مع عدم علم ان ما افتى به من شريعة الاسلام وانه مذهبه.

(اقول) هذا هو الوجه الثالث من الوجوه الستة التى تعرض لها الشيخ قدس‌سره حاصله استقرار سيرة المسلمين طرا على استفادة الاحكام الشرعية من اخبار الثقات المتوسطة بينهم وبين الامام عليه‌السلام او المجتهد.

أ ترى ان المقلدين يتوقفون فى العمل بما يخبرهم الثقة عن المجتهد او ـ الزوجة تتوقف فيما يحكيه زوجها من المجتهد فى مسائل حيضها وما يتعلق بها الى ان يعلموا من المجتهد تجويز العمل بالخبر الغير العلمى.

(ولا يخفى) ان السيرة المذكورة مما لا تقبل الانكار اذ كل واحد من اصحاب الائمة عليهم‌السلام المترددين عندهم السائلين عنهم كانوا يأخذون الخبر وينقلون الى

٣٥٠

غيرهم للعمل ولم يكن يحصل بخبر كل واحد منهم العلم للسامع ومع ذلك كان ائمتهم عليهم‌السلام مطلعين على طريقتهم ويقررونهم على ذلك واحتمال ان كل ذلك كان من القرائن المفيدة للعلم مما يأباه العقل السليم والفهم المستقيم.

(وقد حكى اعتراض السيد قدس‌سره على نفسه) بانه لا خلاف بين الامة فى ان من وكل وكيلا او استناب صديقا فى ابتياع امة او عقد على امرأة فى بلدته او بلاد نائية فحمل الوكيل او النائب الى الموكل الجارية وزفّ اليه المرأة واخبره انه ازاح العلّة اى المانع فى ثمن الجارية ومهر المرأة بمعنى انه ليس فى تصرف الموكل مانع من جهة الثمن والمهر وانه اشترى هذه الجارية وعقد على تلك المرأة فان للموكل وطئها والانتفاع بها فى كل ما يسوغ للمالك والزوج وهذه سبيله مع زوجته وامته اذا اخبرته بطهرها وحيضها وكذا يرد الكتاب على المرأة بطلاق زوجها او بموته فيتزوج ويرد الكتاب على الرجل بموت امرأته فيتزوج اختها وكذا لا خلاف بين الامة فى ان للعالم ان يفتى وللعامى ان يأخذ منه مع عدم علم ان ما افتى به من شريعة الاسلام وانه مذهبه.

(والفرق) بين هذا الوجه الثالث وسابقيه انهما اجماع قولى من العلماء خاصة وهم اهل الفتوى والاستنباط وهذا اجماع عملى من المسلمين طرا على العمل بخبر الثقة فى الامور الشرعية واخذ الاحكام والمسائل الفرعية من غير مدخلية لخصوص العالم.

٣٥١

(فاجاب بما حاصله) انه ان كان الغرض من هذا الرد على من احال التعبد بخبر الواحد فمتوجه فلا محيص وان كان الغرض الاحتجاج به على وجوب العمل باخبار الآحاد فى التحليل والتحريم فهذه مقامات ثبت فيها التعبد باخبار الآحاد من طرق علمية من اجماع وغيره على انحاء مختلفة فى بعضها لا يقبل إلّا اخبار اربعة وفى بعضها لا يقبل إلّا عدلان وفى بعضها يكفى قول العدل الواحد وفى بعضها يكفى خبر الفاسق والذمى كما فى الوكيل والامة والزوجة فى الحيض والطهر وكيف يقاس على ذلك رواية الاخبار فى الاحكام اقول المعترض حيث ادعى الاجماع على العمل فى الموارد المذكورة فقد لقن الخصم طريق الزامه والرد عليه بان هذه الموارد للاجماع ولو ادعى استقرار سيرة المسلمين على العمل فى الموارد المذكورة وان لم يطلعوا على كون ذلك اجماعيا عند العلماء كان ابعد عن الرد فتأمل (الرابع) استقرار طريقة العقلاء طرا على الرجوع بخبر الثقة فى امورهم العادية ومنها الاوامر الجارية من الموالى الى العبيد فنقول ان الشارع ان اكتفى بذلك منهم فى الاحكام الشرعية فهو وإلّا وجب عليه ردعهم وتنبيههم على بطلان سلوك هذا الطريق فى الاحكام الشرعية كما ردع فى مواضع خاصة وحيث لم يردع علم منه رضاء بذلك لان اللازم فى باب الاطاعة والمعصية الاخذ بما يعد طاعة فى العرف وترك ما يعد معصية كذلك

(حاصل جواب السيد قدس‌سره) عن الاعتراض المذكور بقوله لا خلاف بين الامة الخ انه ان كان الغرض من اجتماع الامة على العمل بخبر الواحد فى الموارد المذكورة الردّ على من أحال التعبد بخبر الواحد كابن قبة وبعض من تبعه فهو حق فلا محيص من الالتزام بالامكان الوقوعى.

(وان كان الغرض) الاحتجاج به على وجوب العمل باخبار الآحاد فى التحليل والتحريم فهذه موضوعات ثبت فيها التعبد باخبار الآحاد من طرق علمية من اجماع وغيره على انحاء مختلفة فى بعضها لا يقبل إلّا اخبار اربعة كالزناء وفى بعضها لا يقبل إلّا عدلان كما فى اغلب الموضوعات من الحقوق والاموال وغيرهما و

٣٥٢

فى بعضها يكفى قول العدل الواحد كالمفتى وفى بعضها يكفى خبر الفاسق والذمى كما فى الوكيل والامة والزوجة فى الحيض والطهر وكيف يقاس على الاخبار فى الموضوعات رواية الاخبار فى الاحكام كاخبار الرواة عن الواجبات والمحرمات لان التعبد بالخبر فى الموضوعات الخارجية لاجل الدليل الخاص فعلى هذا لا يصح قياس رواية الاخبار فى الاحكام على الاخبار فى الموضوعات.

(قوله اقول المعترض حيث ادعى الاجماع الخ) قال فى بحر الفوائد ان ما افاده قدس‌سره مبنى على كون مراده من نفى الخلاف الاجماع القولى كما هو الظاهر وقد يناقش فيما افاده بان الخصم لم يتمسك فى جميع موارد ثبوت التعبد بالخبر بالاجماع حتى كان من تلقين خصمه بل انما ذكر فى الجواب ان هذه مقامات ثبت فيها التعبد باخبار الآحاد من طرق علمية من اجماع وغيره الى آخر ما ذكره فاين تمسكه فى الموارد المذكورة بخصوص الاجماع حتى كان من تلقين المعترض (قوله فتأمل) يمكن ان يكون اشارة الى منع السيرة على وجه يكشف عن رأى المعصوم ومنع قياس الاحكام بالموضوعات وبالعكس لان قيام السيرة على العمل بالظن فى بعض الموارد لا يقتضى العمل بغيره بعد الاتفاق على كون الاصل حرمة العمل بغير العلم.

(قوله الرابع استقرار طريقة العقلاء طرا على الرجوع بخبر الثقة الخ) لا يخفى صحة هذه الدعوى وملخص الاستدلال بهذه الطريقة ان من المسلمات استقرار طريقة العقلاء من ذوى الاديان وغيرهم على توسيط اخبار الثقات فى جميع امورهم العادية ومنها الاوامر الجارية من الموالى الى العبيد وجعلها طرقا فى باب اطاعة الاوامر والاعتماد بها فى سقوطها وامتثالها فهو يكشف كشفا علميا عن حكم العقل بحجية خبر الثقة وعن رضاء الشارع بها فى اطاعة الاحكام الشرعية وإلّا كان اللازم عليه ردعهم وتنبيههم على بطلان سلوك هذا الطريق فى الاحكام الشرعية كما ردع فى مواضع خاصة كما فى ثبوت الزنا والقتل وفى مقام القضاء ودفع الخصومات والحكم بين الناس سواء كان فى حقوق الله تعالى او فى حقوق الناس فانه اعتبر فى بعضها من شهادة اربع عدول وفى بعضها عدلين او رجل وامرأتين او رجل

٣٥٣

واحد عادل مع اليمين ونحو ذلك من الطرق المختلفة بحسب اختلاف المقامات وبالجملة لا يكتفى فيها بخبر الثقة وان افاد الوثوق والاطمينان حيث ان حكم العقل فى طريق الاطاعة ليس تنجيزيا بحيث لا يقبل تصرف الشارع فيه كحكمه فى اصل وجوب الاطاعة حيث انه مما لا يقبل التصرف فيه اصلا. (ويظهر من بعض الاعلام) على ما حكى عنه ان جميع اهل الشرائع متفقون على توسيط اخبار الثقات بينهم وبين صاحب شرعهم ونبىّ عصرهم وزمانهم ومن يقوم مقامه من غير توقف فى ذلك اصلا وتقرير جميع الانبياء والاولياء لهم على ذلك وهذه طريقتهم وسجيتهم الى زمان خاتم النبيين وسيد المرسلين واوصيائه الطيبين الطاهرين سلام الله عليهم اجمعين بحيث كان هذا المطلب مسلما عندهم مركوزا فى نفوسهم ومن هنا وقع السؤال فى بعض الروايات عن وثاقة الراوى بحيث يظهر منه كون اصل الرجوع الى خبر الثقة امرا مسلما مفروغا عنه لا يحتاج الى السؤال عنه اصلا ولم يعهد من نبى او وصى من آدم على نبينا وآله وعليه‌السلام الى الخاتم صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن بينهما ايجاب الاخذ بخصوص الطرق العلمية بالسؤال عنه بلا واسطة او بوسائط علمية ضرورة استحالة تحقق ذلك لجميع المكلفين بالنسبة الى آحاد الاحكام عادة بعد فرض ابتناء التبليغ على الوجه المتعارف المعهود فى تبليغ المطالب الى عموم الناس ومن هنا ترى المكلفين يعتمدون على اخبار الثقة عن فتوى مرجعهم وفقيه عصرهم من دون تأمل فى ذلك حتى يسألوا عن جواز الاعتماد بنقله. (والفرق) بين هذا الوجه الرابع وسابقه ان الوجه السابق كان سيرة المسلمين خاصة على العمل بخبر الثقة فى خصوص الامور الشرعية واما سيرة العقلاء فهى عامة على العمل بخبر الثقة فى تمام امورهم العادية ومنها الامور الدينية فهذا الوجه اوسع من سابقه ولا يخفى ان المناط فى طريقة العقلاء على العمل بخبر الثقة هو حصول الوثوق والاطمينان من اينما حصلا وتحققا فحينئذ يعاملون معهما معاملة العلم واليقين بلا شبهة فتأمل جيدا.

٣٥٤

(فان قلت) يكفى فى ردعهم الآيات المتكاثرة والاخبار المتظافرة بل المتواترة على حرمة العمل بما عدا العلم قلت قد عرفت انحصار دليل حرمة العمل بما عدا العلم فى امرين وان الآيات والاخبار راجعة الى احدهما الاول ان العمل بالظن والتعبد به من دون توقيف من الشارع تشريع محرم بالادلة الاربعة والثانى ان فيه طرحا لادلة الاصول العملية واللفظية التى اعتبرها الشارع عند عدم العلم بخلافها وشيء من هذين الوجهين لا يوجب ردعهم عن العمل لكون حرمة العمل بالظن من اجلهما مركوزا فى ذهن العقلاء لان حرمة التشريع ثابت عندهم والاصول العملية واللفظية معتبرة عندهم مع عدم الدليل على الخلاف ومع ذلك نجد بناءهم على العمل بالخبر الموجب للاطمينان والسر فى ذلك عدم جريان الوجهين المذكورين بعد استقرار سيرة العقلاء على العمل بالخبر لانتفاع تحقق التشريع مع بنائهم على سلوكه فى مقام الاطاعة والمعصية فان الملتزم بفعل ما اخبر الثقة بوجوبه وترك ما اخبر بحرمته لا يعد مشرعا بل لا يشكّون فى كونه مطيعا ولذا يعوّلون به فى اوامرهم العرفية من الموالى الى العبيد مع ان قبح التشريع عند العقلاء لا يختص بالاحكام الشرعية.

(محصل الاشكال) ان سيرة العقلاء على العمل بخبر الثقة فى عامة امورهم وان كانت مسلّمة ولكنها بما هى هى لا تكون حجة ولو كانت من المسلمين بما هم مسلمون ومتدينون بنحلة الاسلام فضلا عما اذا كانوا من العقلاء بما هم عقلاء ولو لم يلتزموا بدين ما لم يمضها الشارع وعدم الردع عنها وان كان مما يكفى فى امضائها ولكن الآيات المتكاثرة والاخبار الناهية عن العمل بما سوى العلم مثل قوله تعالى (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) وقوله (ع) ما علمتم انه قولنا فالزموه وما لم تعلموا فردوه الينا الى غير ذلك من الآيات والروايات التى تقدم تفصيلهما عند استدلال المانعين بهما رادعة عنها مانعة عن دليليتها فلا تصلح السيرة للاستدلال بها اصلا.

(قوله قلت قد عرفت الخ) ملخص ما اجاب به الشيخ قدس‌سره ان مفاد ادلة حرمة العمل بما عدا العلم راجع الى احد وجهين.

٣٥٥

(الاول) ان العمل والتعبد بما عدا العلم من دون اذن من الشارع تشريع محرّم بالادلة الاربعة.

(والثانى) ان فى العمل والتعبد بما عدا العلم طرحا للاصول من العملية واللفظية التى اعتبرها الشارع عند عدم العلم بخلافها وشىء من الوجهين مما لا يجرى بعد استقرار سيرة العقلاء على العمل بخبر الثقة.

(اما الاول) فلانتفاء التشريع مع بنائهم على سلوكه فى مقام الاطاعة والمعصية فان الملتزم بفعل ما اخبر الثقة بوجوبه وترك ما اخبر بحرمته لا يعد مشرعا لعدم صدق تعريف التشريع عليه لانه عبارة عن ادخال ما ليس من الدين فى الدين او ادخال ما علم انه ليس من الدين فيه او ادخال ما لم يعلم انه من الدين فيه على اختلاف فى تفسيره.

(واما الثانى) فلان الاصول مما لا دليل على جريانها فى مقابل خبر الثقة والاصول العملية واللفظية معتبرة عندهم مع عدم الدليل على الخلاف فانها لا تجرى بعد استقرار سيرة العقلاء على العمل بخبر الثقة هذا محصل الجواب منه قدس‌سره عن الاشكال المذكور.

(ولكن يمكن الجواب عن هذا الاشكال) بوجه آخر ايضا وهو ان الآيات الناهية والروايات المانعة عن العمل بالظن قد وردت ارشادا الى عدم كفاية الظن فى اصول الدين ولو سلمنا انهما ليستا مختصة باصول الدين بل عامة تشمل فروع الدين ايضا فنقول انما المتيقن لو لا انه المنصرف اليه اطلاقها هو خصوص الظن الذى لم يقم على اعتباره حجة وغير ذلك من الوجوه التى ذكرت فى الجواب

٣٥٦

(واما الاصول المقابلة للخبر) فلا دليل على جريانها فى مقابل خبر الثقة لان الاصول التى مدركها حكم العقل لا الاخبار لقصورها عن افادة اعتبارها كالبراءة والاحتياط والتخيير لا اشكال فى عدم جريانها فى مقابل خبر الثقة بعد الاعتراف ببناء العقلاء على العمل به فى احكامهم العرفية لان نسبة العقل فى حكمه بالعمل بالاصول المذكورة الى الاحكام الشرعية والعرفية سواء واما الاستصحاب فان اخذ من العقل فلا اشكال فى انه لا يفيد الظن فى المقام وان اخذ من الاخبار فغاية الامر حصول الوثوق بصدورها دون اليقين واما الاصول اللفظية كالاطلاق والعموم فليس بناء اهل اللسان على اعتبارها حتى مقام وجود الخبر الموثوق به فى مقابلها فتامل.

(واما الاصول المقابلة للخبر) فهى على قسمين لفظى وعملى (والمراد من الاول) هى الاصول التى تساق فى بيان المراد من اللفظ نحو اصالة عدم التخصيص عند الشك فى ان المراد من العام هل هو العموم او الخصوص واصالة عدم التقييد عند الشك فى ان المراد من المطلق هل هو كل فرد من افراده او المقيد واصالة عدم التجوز عند الشك فى ان المراد من اللفظ هل هو معناه الحقيقى او المجازى وغير ذلك فان جميعها فى مقام بيان مراد اصلاح اللفظ من العموم والاطلاق والحقيقة.

(والمراد من الثانى) هى الاصول التى تثبت للشك فى مقام العمل ولكونها فى مقام اصلاح العمل عند الشك فى الحكم الواقعى سميّت بالاصول العملية مثلا اذا شك زيد فى طهارة لباسه عند ارادة الصلاة مع تيقنه بانه كان طاهرا سابقا فيعمل بمقتضى الاستصحاب وكذا اذا شك فى وجوب الدعاء عند رؤية الهلال فيعمل بمقتضى البراءة.

(والاصول العملية ايضا) بين قسمين عقلى كالبراءة والاحتياط والتخيير والاستصحاب على وجه وشرعى كاصالة الطهارة واصالة الاباحة والاستصحاب بناء على القول به من باب الاخبار.

٣٥٧

(وكيف كان) فلا دليل على جريان الاصول العقلية فى مقابل خبر الثقة فانها ليست بحجة فى مورد خبر الثقة لا انها حجة والخبر يوجب طرحها واما الاستصحاب فان اخذ من العقل كما هو المشهور فلا اشكال فى انه لا يفيد الظن فى المقام وان اخذ من الاخبار فغاية الامر حصول الوثوق بصدورها دون اليقين واما الاصول اللفظية كالاطلاق والعموم فليس بناء اهل اللسان على اعتبارها حتى مقام وجود الخبر الموثوق به فى مقابلها.

(قوله فتامل) يمكن ان يكون اشارة الى ان المقصود حجية خبر الواحد بالخصوص فى الجملة فيكفى كونه حجة فى صورة عدم كون الاصول اللفظية على خلافه لحصول الغرض به ويمكن ان يكون اشارة الى ما يتطرق من المناقشة فى وجه رفع اليد عن الاستصحاب فى مقابل خبر الثقة الى غير ذلك من الاحتمالات فى وجه التأمل.

(واما الجواب) عن رادعية الروايات فقد عرفت شرحه عند الجواب عن استدلال المانعين بها وانها بين ما لا يقبل التخصيص والحمل على خبر غير الثقة وبين ما يقبل التخصيص.

(واما الطائفة الاولى) فهى محمولة على الخبر المخالف لنص الكتاب وصريحه بشهادة القطع بصدور الاخبار الكثيرة المخالفة لظاهر الكتاب.

(واما الطائفة الثانية) فهى محمولة على خبر غير الثقة بشهادة الاخبار المتواترة الآمرة بالعمل بخبر الثقة فاذا كانت محمولة على غير الثقة فلا تكون الروايات رادعة عن السيرة العقلائية فتأمل جيدا فان المقام لا يخلو عن دقة.

(التحقيق فى الجواب) عن رادعية الآيات الناهية والاخبار المتظافرة عن السيرة العقلائية ان النهى عن العمل بالظن فرع تحقق الظن خارجا كما هو الشأن فى كل قضية خارجية او حقيقية والظن يتقوم باحتمال الخلاف لا محالة ومع وجود دليل تعبدى على حجية امارة او قيام سيرة العقلاء على العمل بها يكون احتمال الخلاف ملغى بالضرورة ولذا تقوم مقام القطع الطريقى او المأخوذ فى الموضوع على وجه الطريقية

٣٥٨

كما اوضحنا بيانه فى مباحث القطع ومعه يكون الخبر الموثوق بصدوره خارجا عن موضوع الآيات بالحكومة كما انه بدليل الحجية يكون حاكما على ادلة الاصول فالملاك فى تقدم الامارات على الاصول بعينه موجود فى تقدم السيرة العقلائية على الآيات الناهية عن العمل بالظن ايضا فلا بد فى مقام الردع من ورود ادلة خاصة ناهية عن العمل بالسيرة كما وردت فى باب القياس والمفروض انتفائها فى المقام وفى هذا المقام لبحر الفوائد بحث دقيق وتحقيق عميق ولا يسعه هذا المختصر.

٣٥٩

(الخامس) ما ذكره العلامة فى النهاية من اجماع الصحابة على العمل بخبر الواحد من غير نكير وقد ذكر فى النهاية مواضع كثيرة عمل فيها الصحابة بخبر الواحد وهذا الوجه لا يخلو من تامل لانه ان اريد من الصحابة العاملين بالخبر من كان فى ذلك الزمان لا يصدر إلّا عن رأى الحجة عليه‌السلام فلم يثبت عمل احد منهم بخبر الواحد فضلا عن ثبوت تقرير الامام عليه‌السلام له وان اريد به الهمج الرعاع الذين يصغون الى كل ناعق فمن المقطوع عدم كشف عملهم عن رضاء الامام عليه‌السلام لعدم ارتداعهم بردعه فى ذلك اليوم ولعل هذا مراد السيد قدس‌سره حيث اجاب عن هذا الوجه بانه انما عمل بخبر الواحد المتأمرون الذين يتجشم التصريح بخلافهم وامساك النكير عليهم لا يدل على الرضاء بعملهم إلّا ان يقال انه لو كان عملهم منكرا لم يترك الامام عليه‌السلام بل ولا اتباعه من الصحابة النكير على العاملين اظهارا للحق وان لم يظنوا الارتداع اذ ليست هذه المسألة باعظم من مسئلة الخلافة التى انكرها عليهم من انكر لاظهار الحق ودفعا لتوهم دلالة السكوت على الرضاء.

(الوجه الخامس من وجوه الاجماع) الاجماع العملى من جميع المتشرعة من زمن الصحابة الى زماننا هذا على العمل بخبر الواحد من غير نكير فيكون كاشفا عن رضا المعصوم (ع) وقد ذكر فى النهاية مواضع كثيرة عمل فيها الصحابة بخبر الواحد.

(منها) قضاوة ابى بكر بين اثنين فى واقعة ونقضها بعد اخبار بلال بان النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله قضى بخلافه.

(ومنها) ان عمر جعل الدية فى الخنصر ستة وفى البنصر تسعة وفى كل من السبابة والوسطى عشرة وفى الابهام خمسة عشر ولمّا روى له فى كتاب عمرو بن حزام ان فى كل اصبع عشرة رجع عن رأيه.

(وفى بحر الفوائد) يستفاد الاشارة الى هذا الوجه الخامس من كلام الشيخ فى العدة والسيد وغيرهما قدس الله اسرارهم وقد ذكروا فى باب الاجماع

٣٦٠