درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٢

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩

اجماع الصحابة واجماع اهل المدينة عنوانا مستقلا وكان من دأب الخلفاء والصحابة التابعين اذا اشكل الامر عليهم فى آية او مسئلة السؤال ممن سمع النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله فيهما شيئا فاذا نقل وروى منه صلى‌الله‌عليه‌وآله فى حكم ما استشكلوا آية او رواية اخذوا بقوله من دون تأمل فيكشف ذلك اما عن تقرير المعصوم (ع) او متابعة ما وصل اليهم منه من وجوب العمل بخبر الواحد فى الاحكام الشرعية.

(قوله قدس‌سره وهذا الوجه الخ) حاصل الجواب عن هذا الوجه ان عمل الصحابة كانت كاشفيته عن ثبوت السنة قولا او تقريرا فيما كان العامل تابعا فى عمله لقول الحجة او رأيه بحيث لو منعه عن عمله لارتدع بردعه (ع) وان اريد من الصحابة العاملين بالخبر الذين لا يبالون بمخالفة آداب الشريعة ويصغون الى كل ناعق فمن الواضح عدم كشف عملهم عن رضا الامام (ع) لعدم ارتداعهم بردعه فى ذلك اليوم.

(ولعل هذا) اى ان المراد من الصحابة العاملين بالخبر الذين لا يبالون الخ مراد السيد قدس‌سره حيث اجاب عن هذا الوجه الخامس بانه انما عمل بخبر الواحد المتأمرون الذين يتجشم ويصعب بخلافهم وامساك النكير عليهم لا يدل على الرضا بعملهم إلّا ان يقال انه لو كان عملهم منكرا لم يترك الامام (ع) بل ولا اتباعه من الصحابة النكير على العاملين اظهارا للحق وان لم يظنوا الارتداع اذ ليست هذه المسألة باعظم من مسئلة الخلافة التى انكرها عليهم من انكر لاظهار الحق ودفعا لتوهم دلالة السكوت على الرضا.

(قيل) ان قياس ما نحن فيه بمسألة الخلافة فاسد جدا بيان ذلك لوضوح الفرق بينهما وعدم الخوف من اظهار الحق فى اول الامر وان كان موجودا فى الازمنة المتأخرة سيما بالنسبة الى ساير الائمة عليهم‌السلام واصحابهم ولذا لم يظهروا الحق الا عند الخواص هذا مع انه على تقدير لزوم الردع على المعصوم عليه‌السلام مطلقا من الجهة المذكورة لا يجدى فى المقام اصلا اذ نقول على هذا التقدير انا نحتمل ردع المعصوم عليه‌السلام وعدم ارتداع العامل بردعه وليست هنا عادة

٣٦١

قطعية قاضية بوصول الردع الينا على تقدير وجوده فتدبر انتهى

(قوله الهمج الرعاع) الهمج بالتحريك جمع همجة هى ذباب صغير يقع على وجوه الغنم والحمير واعينهما والرعاع بالمهملات وفتح الاول السفلة اى سفلة الناس وقد استعير لهم لفظ الهمج لدناءتهم وخسّة مرتبتهم حيث انهم يتبعون كل ناعق.

٣٦٢

(السادس) دعوى الاجماع من الامامية حتى السيد واتباعه على وجوب الرجوع الى هذه الاخبار الموجودة فى ايدينا المودعة فى اصول الشيعة وكتبهم ولعل هذا هو الذى فهمه بعض من عبارة الشيخ المتقدمة عن العدة فحكم بعدم مخالفة الشيخ للسيد قدس‌سرهما وفيه اولا انه ان اريد ثبوت الاتفاق على العمل بكل واحد من اخبار هذه الكتب فهو مما علم خلافه بالعيان وان اريد ثبوت الاتفاق على العمل بها فى الجملة على اختلاف العاملين فى شروط العمل حتى يجوز ان يكون المعمول به عند بعضهم مطروحا عند الآخر فهذا لا ينفعنا الا فى حجية ما علم اتفاق الفرقة على العمل به بالخصوص وليس يوجد ذلك فى الاخبار الا نادرا خصوصا مع ما ترى من رد بعض المشايخ كالصدوق والشيخ بعض الاخبار المروية فى الكتب المعتبرة بضعف السند او بمخالفة الاجماع او نحوهما.

(الوجه السادس) من الوجوه الستة دعوى الاجماع من الامامية حتى السيد واتباعه على وجوب الرجوع الى هذه الاخبار الموجودة المودعة فى اصول الشيعة وكتبهم الدائرة بينهم غاية الامر جهة عملهم بها متفاوتة لان السيد واتباعه عمل بها لكونها قطعية الصدور اما بالتواتر او الاحتفاف بالقرينة وغيرهم يعملون بها لحجية الخبر الواحد مطلقا على اختلافهم فى شرائط الحجية.

(ولعل هذا) اى رجوع جميعهم الى هذه الاخبار المودعة فى كتبهم هو الذى فهمه بعض من عبارة الشيخ المتقدمة عن العدة بقوله انى وجدت الفرقة مجتمعة على العمل بهذه الاخبار التى رووها فى تصانيفهم ودوّنوها فى اصولهم فحكم بعدم مخالفة الشيخ للسيد قدس‌سرهما.

(وفيه اولا) مضافا الى انه يرد عليه ان هذا الوجه السادس لا يثبت اعتبار الاخبار الموجودة فى اصول الشيعة وكتبهم من باب الظنون الى الخاصة لاحتمال عملهم بها من باب الظن المطلق الثابت اعتباره بدليل الانسداد. (انه ان اريد) ثبوت الاتفاق على العمل بكل واحد من اخبار هذه الكتب

٣٦٣

فهو مما علم خلافه بالعيان اذ تقدم فيما سبق ان القميين استثنوا كثيرا من اخبار نوادر الحكمة مع كونه من الكتب المعروفة وابن الوليد استثنى من روايات العبيدى ما يرويها عن يونس مع نقلها فى الكتب المشهورة.

(وان اريد) ثبوت الاتفاق على العمل بها فى الجملة على اختلاف العاملين فى شروط العمل من حيث ملاحظة الراوى او الرواية حتى يجوز ان يكون المعمول به عند بعضهم مطروحا عند الآخر فهذا الاجماع لا ينفع إلّا فى حجية ما علم اتفاق الفرقة على العمل به بالخصوص وليس يوجد ذلك اى المتفق عليه الا نادرا خصوصا مع ما ترى من رد بعض المشايخ كالصدوق والشيخ بعض الاخبار المروية فى الكتب المعتبرة بضعف السند او بمخالفة الاجماع او نحوهما.

٣٦٤

(واما ثانيا) فلان ما ذكر من الاتفاق لا ينفع حتى فى الخبر الذى علم اتفاق الفرقة على قبوله والعمل به لان الشرط فى الاتفاق العملى ان يكون وجه عمل المجمعين معلوما ألا ترى انه لو اتفق جماعة يعلم برضاء الامام عليه‌السلام بعملهم على النظر الى امرأة لكن يعلم او يحتمل ان يكون وجه نظرهم كونها زوجة لبعضهم وامّا لآخر وبنتا لثالث وام زوجة لرابع وبنت زوجة لخامس وهكذا فهل يجوز لغيرهم ممن لا محرمية بينها وبينه ان ينظر اليها من جهة اتفاق الجماعة الكاشف عن رضاء الامام عليه‌السلام بل لو رأى شخص الامام عليه‌السلام ينظر الى امرأة فهل يجوز لعاقل التأسى به وليس هذا كله الامن جهة ان الفعل لا دلالة فيه على الوجه الذى يقع عليه فلا بد فى الاتفاق العملى من العلم بالجهة والحيثية التى اتفق المجمعون على ايقاع الفعل من تلك الجهة والحيثية ومرجع هذا الى وجوب احراز الموضوع فى الحكم الشرعى المستفاد من الفعل ففيما نحن فيه اذا علم بان بعض المجمعين يعملون بخبر من حيث علمه بصدوره بالتواتر او بالقرينة وبعضهم من حيث كونه ظانا بصدوره قاطعا بحجية هذا الظن فاذا لم يحصل لنا العلم بصدوره ولا العلم بحجية الظن الحاصل منه او علمنا بخطاء من يعمل به لاجل مطلق الظن او احتملنا خطاءه فلا يجوز لنا العمل بذلك الخبر تبعا للمجمعين.

(واما الاشكال الثانى) فحاصله ان الاتفاق على العمل بخبر شخص او باخبار كثيرة حتى فى الخبر الذى علم اتفاق الفرقة على قبوله والعمل به لا ينفع اذ الشرط فى كون الاتفاق العملى دليلا لحجية الخبر ان يكون وجه عمل المجمعين معلوما.

(ومن المعلوم) ان العاملين بالخبر المجرد القائلين بحجيته مختلفين فى العنوان الذى اقتضى حجية الخبر من حيث كونه خبر عدل او ثقة فى روايته وان لم يكن ثقة على الاطلاق بل ولا معتقدا للحق او مظنون الصدور الى غير ذلك من العناوين فلا يفيد الاجماع العملى الراجع الى كشفه عن تقرير المعصوم عليه‌السلام فى حقنا.

(واستشهد قدس‌سره على هذا الشرط) بقوله ألا ترى انه لو اتفق جماعة

٣٦٥

يعلم برضاء الامام عليه‌السلام بعملهم على النظر الى امرأة لكن يعلم او يحتمل ان يكون وجه نظرهم كونها زوجة لبعضهم وامّا لآخر وبنتا لثالث وام زوجة لرابع وبنت زوجة لخامس وهكذا فهل يجوز لغيرهم ممن لا محرمية بينها وبينه ان ينظر اليها من جهة اتفاق الجماعة الكاشف عن رضاء الامام عليه‌السلام بل لو رأى شخص الامام ينظر الى امرأة فهل يجوز لعاقل التأسى به.

(وليس هذا كله) اى ليس عدم جواز النظر الى المرأة فى المورد المذكور الا من جهة ان الفعل لا دلالة فيه على الوجه الذى يقع عليه فلا بد فى الاتفاق العملى من العلم بالجهة والحيثية التى اتفق المجمعون على ايقاع الفعل من تلك الجهة والحيثية.

(ومن هنا اختلف) فى حكم ما لم يعلم وجهه من افعال المعصوم عليه‌السلام وانه هل يجب متابعته فيه او يستحب او يباح او يجب التوقف فيه والذى ذهب اليه المحققون هو عدم الوجوب لاصالة البراءة وعدم دليل صالح لاثبات الوجوب نعم لا يبعد القول بالاستحباب نظرا الى اكثرية الراجح فى افعالهم واستنادا الى عمومات التأسى مع انه مقتضى الاحتياط إلّا ان ذلك فيما لا يظن كونه من الخواص وبالجملة ادلة حجية فعل المعصوم عليه‌السلام كقوله لا تتمشى فى ما لم نطلع على وجهه من افعالهم.

(ومرجع هذا) اى ان الفعل لا دلالة فيه على الوجه الذى يقع عليه فلا بد فى الاتفاق العملى من العلم بالجهة والحيثية الى وجوب احراز الموضوع فى الحكم الشرعى المستفاد من الفعل ففيما نحن فيه اذا علم بان بعض المجمعين يعملون بخبر من حيث علمه بصدوره بالتواتر او بالقرينة وبعضهم من حيث كونه ظانا بصدوره وقاطعا بحجية هذا الظن فاذا لم يحصل لنا العلم بصدوره ولا العلم بحجية الظن الحاصل منه او علمنا بخطاء من يعمل به لاجل مطلق الظن او احتملنا خطائه فلا يجوز لنا العمل بذلك الخبر تبعا للمجمعين هذا تمام الكلام فى وجوه الاجماع التى اقاموها على حجة الخبر.

٣٦٦

(والانصاف) ان شيئا من هذه الوجوه لا ينهض دليلا على حجية الخبر الا الوجه الرابع وهى طريقة العقلاء فانه لا سبيل الى المناقشة فى هذه الطريقة القائمة على الاعتماد بخبر الثقة والاتكال عليه فى محاوراتهم بل يمكن ان يدعى ان الاخبار المتقدمة الدالة على جواز العمل بخبر الثقة كلها امضاء لما عليه بناء العقلاء لانه ليس للشارع فى تبليغ او امره طريق خاص بل طريق تبليغها هو الطريق الجارى بين الموالى والعبيد العرفية وحال الخبر الموثوق به عند الموالى والعبيد حال العلم فى جواز الركون اليه والالزام والالتزام به فى مقام المخاصمة والمحاجة ولا يرد عليها شيء من الاشكال الا توهم ان الآيات الناهية عن العمل بغير العلم رادعة عن هذه الطريقة وقد اجبنا عنه فيما تقدم بما حاصله ان العمل بخبر الثقة فى هذه الطريقة ليس من العمل بما وراء العلم بل هو من افراد العمل بالعلم لعدم التفات العقلاء الى مخالفة الخبر للواقع لما قد جرت على ذلك طباعهم واستقرت عليه عادتهم فهو خارج عن العمل بالظن موضوعا فلا تصلح لان تكون الآيات الناهية عن العمل بما وراء العلم رادعة عن العمل بخبر الثقة بل الردع عنه يحتاج الى قيام الدليل عليه بالخصوص

(فائدتان)

(الاول) ان الخبر الواحد ان كان ضعيفا فى نفسه هل ينجبر ضعفه بعمل المشهور ام لا المشهور بين المتأخرين هو ذلك وان قال بعض المحققين بعدم الانجبار وليعلم ان مراد القائلين بالانجبار هو الانجبار بعمل قدماء الاصحاب باعتبار قرب عهدهم بزمان المعصوم عليه‌السلام

(الثانى) ان الخبر الواحد ان كان صحيحا او موثقا فى نفسه هل يكون اعراض المشهور عنه موجبا لوهنه وسقوطه عن الحجية ام لا المشهور بينهم هو ذلك بل صرحوا بانه كلما ازداد الخبر صحة ازداد ضعفا باعراض المشهور عنه ولكن لا يبعد عدم تمامية ذلك اذ بعد كون الخبر صحيحا او موثقا موردا لقيام سيرة العقلاء ومشمولا لاطلاق الادلة اللفظية بالفرض لا وجه لرفع اليد عنه لاعراض المشهور عنه

٣٦٧

(نعم) اذا تسالم جميع الفقهاء على حكم مخالف لخبر الواحد المعتبر يحصل من ذلك الاطمينان بان هذا الخبر لم يصدر من المعصوم عليه‌السلام او صدر عن تقية فيسقط الخبر عن الحجية لا محالة ولكنه خارج عن محل الكلام واما اذا اختلف الفقهاء على قولين وذهب المشهور الى ما يخالف الخبر الصحيح او الموثق واعرضوا عنه واختار غير المشهور منهم ما هو موافق للخبر المذكور فحينئذ لا دليل لرفع اليد عن الخبر لمجرد اعراض المشهور عنه.

٣٦٨

(الرابع) دليل العقل وهو من وجوه بعضها مختص باثبات حجية خبر الواحد وبعضها مختص باثبات حجية الظن مطلقا او فى الجملة فيدخل فيه الخبر اما الاول فتقريره من وجوه اولها ما اعتمدته سابقا وهو انه لا شك للمتتبع فى احوال الرواة المذكورة فى تراجمهم فى ان اكثر الاخبار بل جلها الا ما شذ وندر صادرة عن الائمة عليهم‌السلام وهذا يظهر بعد التأمل فى كيفية ورودها الينا وكيفية اهتمام ارباب الكتب من المشايخ الثلاثة ومن تقدمهم فى تنقيح ما اودعوه فى كتبهم وعدم الاكتفاء باخذ الرواية من كتاب وايداعها فى تصانيفهم حذرا من كون ذلك مدسوسا فيه من بعض الكذابين فقد حكى عن احمد بن محمد بن عيسى انه جاء الى الحسن بن الوشاء وطلب منه ان يخرج اليه كتابا لعلاء بن رزين وكتابا لأبان بن عثمان الاحمر فلما اخرجهما قال احب ان اسمعهما قال ما اعجلك اذهب فاكتبهما فقال له رحمك الله ما عليك اذهب فاكتبهما واسمع من بعده فقال له لا آمن الحدثان فقال لو علمت ان الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه فانى قد ادركت فى هذا المسجد مائة شيخ كل يقول حدثنى جعفر بن محمد عليهما‌السلام وعن حمدويه عن ايوب بن نوح انه دفع اليه دفترا فيه احاديث ابن سنان فقال ان شئتم تكتبوا ذلك فافعلوا فانى كتبت عن محمد بن سنان ولكن لا اروى لكم عنه شيئا فانه قال قبل موته كلما حدثتكم فليس بسماع ولا برواية وانما وجدته فانظر كيف احتاطوا فى الرواية عمن لم يسمع من الثقات وانما وجد فى الكتب وكفاك شاهدا ان على بن الحسن بن فضال لم يرو كتب ابيه الحسن عنه مع مقابلتها عليه وانما يرويها عن اخويه احمد ومحمد عن ابيه واعتذر عن ذلك بانه يوم مقابلته الحديث مع ابيه كان صغير السن ليس له كثير معرفة بالروايات فقرأها على اخويه ثانيا.

(اقول) لما فرغ قدس‌سره عن البحث فى الادلة الشرعية التى اقيمت على حجية خبر الواحد شرع فى الادلة العقلية وهى على قسمين الاول ما يثبت به حجية خبر الواحد والثانى ما يثبت به حجية الظن مطلقا او فى الجملة على الخلاف فى نتيجة دليل الانسداد فى انها قضية مهملة او مطلقة وكيف كان فالبحث فى المقام انما هو فى

٣٦٩

القسم الاول فتقريره من وجوه.

(ملخص الوجه الاول) منه قدس‌سره وكان يعتمد عليه سابقا عند البحث عن حجية كلام اللغوى انه لا شك للمتتبع فى احوال الرواة المذكورة فى تراجمهم من حيث شدة اهتمامهم ومواظبتهم على حفظ الاحاديث واخذها من الكتب المعتبرة وفى كيفية اهتمام ارباب الكتب من المشايخ الثلاثة ومن تقدمهم فى تنقيح ما او دعوه فى كتبهم لئلا يودع فيها الاخبار المدسوسة المكذوبة على الائمة عليهم‌السلام حتى انهم من شدة مواظبتهم فى ذلك كانوا غير معتنين باخبار من كان يعمل بالقياس ومتحرزين عمن كان يروى عن الضعفاء او يعتمد على المراسيل وان كان هو بنفسه من الثقات فى ان اكثر الاخبار بل جلها الا ما شذ وندر صادر عن الائمة عليهم‌السلام فاذا ثبت العلم الاجمالى بوجود الاخبار الصادرة فيجب بحكم العقل العمل بكل خبر مظنون الصدور لان تحصيل الواقع الذى يجب العمل به اذا لم يمكن على وجه العلم تعين المصير الى الظن فى تعيينه توصلا الى العمل بالاخبار الصادرة بل ربما يدعى وجوب العمل بكل واحد منها مع عدم المعارض والعمل بمظنون الصدور او بمظنون المطابقة للواقع من المتعارضين.

(ويشهد لما ذكر) ما عن على بن الحسين بن الفضال من انه لم يرو كتب ابيه معتذرا بانه يوم مقابلته الحديث مع ابيه كان صغير السن ليس له كثير معرفة بالروايات فقرأها ثانيا على اخويه احمد ومحمد فمن ذلك كله يحصل العلم الاجمالى بصدور كثير من الاخبار المتضمنة للتكاليف عن الائمة فيما بايدينا من الاخبار الموجودة بل جلها الا ما شذ وندر ومقتضى هذا العلم الاجمالى هو الاحتياط والاخذ بجميع هذه الاخبار الموجودة فى الكتب المعتبرة بحكم العقل.

(فقد حكى عن احمد بن محمد بن عيسى) انه جاء الى الحسن ابن الوشاء وطلب منه ان يخرج اليه كتابا لعلاء بن رزين وكتابا لأبان بن عثمان الاحمر فلما اخرجهما قال احمد اقرأهما فانى احب ان اسمعهما منك قال الحسن ما اعجلك اذهب فاكتبهما واسمع من بعده اى الكتابة فقال له الحسن لا آمن الحدثان يعنى

٣٧٠

اخاف ان تحدث حادثة فيفوتنى ان اسمع منك فقال الحسن لو علمت ان الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه فانى قد ادركت فى هذا المسجد مائة شيخ كل يقول حدثنى جعفر بن محمد عليهما‌السلام.

(وعن حمدويه) عن ايوب بن نوح انه دفع اليه دفترا فيه احاديث ابن سنان فقال نوح لابنه ايوب ان شئتم تكتبوا ذلك فافعلوا فانى كتبت عن محمد بن سنان ولكن لا اروى لكم عنه شيئا فانه قال قبل موته كلما حدثتكم فليس بسماع ولا برواية وانما وجدته فى الكتب فانظر كيف احتاطوا فى الرواية عمن لم يسمع من الثقات.

٣٧١

(والحاصل) ان الظاهر انحصار مدارهم على ابداع ما سمعوه من صاحب الكتاب او ممن سمعه منه فلم يكونوا يودعون الا ما سمعوا ولو بوسائط من صاحب الكتاب ولو كان معلوم الانتساب مع اطمينانهم بالوسائط وشدة وثوقهم بهم حتى انهم ربما كانوا يتبعونهم فى تصحيح الحديث وردّه كما اتفق للصدوق بالنسبة الى شيخه ابن الوليد قدس‌سرهما وربما كانوا لا يثقون بمن يوجد فيه قدح بعيد المدخلية فى الصدق ولذا حكى عن جماعة التحرز عن الرواية عمن يروى من الضعفاء ويعتمد المراسيل وان كان ثقة فى نفسه كما اتفق بالنسبة الى البرقى بل يتحرزون عن الرواية عمن يعمل بالقياس مع ان عمله لا دخل له بروايته كما اتفق بالنسبة الى الاسكافى حيث ذكر فى ترجمته انه كان يرى القياس فترك رواياته لاجل ذلك وكانوا يتوقفون فى روايات من كان على الحق فعدل عنه وان كانت كتبه ورواياته حال الاستقامة حتى اذن لهم الامام عليه‌السلام او نائبه كما سألوا العسكرى عليه‌السلام عن كتب بنى فضال وقالوا ان بيوتنا منها ملاء فاذن لهم وسألوا الشيخ أبا القاسم بن روح عن كتب ابن عذافر التى صنفها قبل الارتداد عن مذهب الشيعة حتى اذن لهم الشيخ فى العمل بها والحاصل ان الامارات الكاشفة عن اهتمام اصحابنا فى تنقيح الاخبار فى الازمنة المتأخرة عن زمان الرضا عليه‌السلام اكثر من ان يحصى ويظهر للمتتبع والداعى الى شدة الاهتمام مضافا الى كون تلك الروايات اساس الدين وبها قوام شريعة سيد المرسلين صلى‌الله‌عليه‌وآله ولهذا قال الامام عليه‌السلام فى شأن جماعة من الرواة لو لا هؤلاء لاندرست آثار النبوة وان الناس لا يرضون بنقل ما لا يوثق به فى كتبهم المؤلفة فى التواريخ التى لا يترتب على وقوع الكذب فيها اثر دينى بل ولا دنيوى فكيف فى كتبهم المؤلفة لرجوع من يأتى اليها فى امور الدين على ما اخبرهم الامام عليه‌السلام بانه يأتى على الناس زمان هرج لا يأنسون إلّا بكتبهم.

(اقول) ملخص الكلام انه من تتبع فى احوال الرواة فى تراجمهم من حيث شدة اهتمامهم ومواظبتهم على حفظ الاحاديث واخذها من الكتب المعتبرة

٣٧٢

وفى كيفية اهتمام ارباب الكتب فى تنقيح ما اودعوه فى كتبهم يعلم ان الظاهر انحصار مدارهم على ايداع ما سمعوه من صاحب الكتاب او ممن سمعه منه فلم يكونوا يودعون الا ما سمعوا ولو بوسائط من صاحب الكتاب ولو كان معلوم الانتساب مع اطمينانهم بالوسائط وشدة وثوقهم بهم حتى ان الرواة ربما يتبعون الوسائط فى تصحيح الحديث وردّه كما اتفق ذلك للصدوق بالنسبة الى شيخه ابن الوليد حيث قال ما صححه شيخى فهو صحيح وما رده فهو مردود وربما كانت الرواة لا يثقون بمن يوجد فيه قدح بعيد المدخلية فى الصدق.

(ولذا حكى عن جماعة) انهم كانوا غير معتنين باخبار من كان يعمل بالقياس ومتحرزين عمن كان يروى عن الضعفاء او يعتمد على المراسيل وان كان هو من الثقات كما اتفق ذلك بالنسبة الى البرقى الذى هو من اجلتهم وكذا بالنسبة الى الاسكافى حيث ذكر فى ترجمته انه كان يرى القياس فترك رواياته لاجل ذلك (وكذا كانت الجماعة) يتوقفون فى روايات من على الحق فعدل عنه وان كانت كتبه ورواياته فى حال الاستقامة حتى اذن الامام عليه‌السلام او نائبه كما سألوا العسكرى عليه‌السلام عن كتب بنى فضال حيث كانت كتبهم ورواياتهم فى حال استقامتهم قبل عدولهم الى الفطحية وقالوا ان بيوتنا منها ملاء فاذن لهم وسألوا الشيخ أبا القاسم بن روح عن كتب ابن عذافر التى صنفها قبل الارتداد عن مذهب الشيعة حتى اذن لهم الشيخ فى العمل بها.

(والحاصل) ان الامارات الكاشفة عن اهتمام اصحابنا فى تنقيح الاخبار فى الازمنة المتأخرة عن زمان الرضا عليه‌السلام اكثر من ان يحصى ويشهد على ذلك مهاجرتهم على الاهل والاوطان ومباعدتهم عن الاموال والاولاد والنسوان وارتحالهم الى الاصقاع والبلدان فى تحصيل هذا الامر العظيم الشأن ويحكى ان النجاشى انفق فى طلب العلم تركة ابيه وكانت ثلاثمائة الف دينار وكانت داره كالمسجد مملوة من الناسخ والمقابل والقارى وغيرهم.

(قوله والداعى الى شدة الاهتمام الخ) هذا مبتدأ خبره قوله ما تنبهوا له

٣٧٣

اقول ان الداعى الى شدة اهتمام الاصحاب فى تنقيح الاخبار امور الاول منها كون الروايات الصادرة عن الائمة عليهم‌السلام اساس الدين وبها قوام شريعة سيد المرسلين ولهذا قال الامام عليه‌السلام فى شأن جماعة من الرواة لو لا هؤلاء لاندرست آثار النبوة ففى الوسائل قال ابو عبد الله عليه‌السلام رحم الله زرارة بن اعين لو لا زرارة ونظرائه لاندرست آثار ابى عليه‌السلام وغير ذلك من الاخبار والآثار والثانى ان المورخين لا يرضون بنقل ما لا يوثق به فى كتبهم المؤلفة فى التواريخ التى لا يترتب على وقوع الكذب فيها اثر دينى ولا دنيوى فكيف لا يهتم المحدثون فى كتبهم المؤلفة لرجوع من يأتى اليها فى امور الدين على ما رواه فى الكافى عن مفضل بن عمر قال قال لى ابو عبد الله عليه‌السلام اكتب وبثّ علمك فى اخوانك واورث كتبك بنيك فانه يأتى على الناس زمان هرج لا يأنسون إلّا بكتبهم.

٣٧٤

(وعلى ما ذكره الكلينى) قدس‌سره فى ديباجة الكافى من كون كتابه مرجعا لجميع من يأتى بعد ذلك ما تنبهوا له ونبههم عليه الائمة عليهم‌السلام من ان الكذابة كانوا يدسون الاخبار المكذوبة فى كتب اصحاب الائمة عليهم‌السلام كما يظهر من الروايات الكثيرة منها انه عرض يونس بن عبد الرحمن على سيدنا ابى الحسن الرضا عليه‌السلام كتب جماعة من اصحاب الباقر والصادق عليهما‌السلام فانكر منها احاديث كثيرة ان يكون من احاديث ابى عبد الله عليه‌السلام وقال عليه‌السلام ان أبا الخطاب كذب على ابى عبد الله عليه‌السلام وكذلك اصحاب ابى الخطاب يدسون الاحاديث الى يومنا هذا فى كتب اصحاب ابى عبد الله عليه‌السلام ومنها ما عن هشام بن الحكم انه سمع أبا عبد الله عليه‌السلام يقول كان المغيرة بن سعد يتعمد الكذب على ابى ويأخذ كتب اصحابه وكان اصحابه المتسترون باصحاب ابى يأخذون الكتب من اصحاب ابى فيدفعونها الى المغيرة لعنه الله فكان يدس فيها الكفر والزندقة ويسندها الى ابى عليه‌السلام الحديث ومنها رواية الفيض المختار المتقدمة فى ذيل كلام الشيخ الى غير ذلك من الروايات.

(اقول) قال بعض الاعلام فى ضبط لفظ الكلينى ناسبا له الى العوائد انه بضم الكاف وتخفيف اللام منسوب الى كلين قرية من قرى رى ونحوه فى بعض لغات الفرس وحكى عن الشهيد الثانى قدس‌سره انه ضبط فى اجازته لعلى بن حارث الحائري الكلينى بتشديد اللام وفى القاموس كلين كامير قرية بالرى منها محمد بن يعقوب من فقهاء الشيعة اقول القرية موجودة الآن فى الرى فى قرب الوادى المشهور بوادى الكرج وعبرت عنها ومشهور عند اهلها واهل تلك النواحى جميعا بكلين بضم الكاف وفتح اللام المخففة وفيها قبر الشيخ يعقوب والد محمد انتهى

(قوله ما تنبهوا له ونبههم عليه الائمة عليهم‌السلام الخ) هذا ثالث الامور التى تشهد على شدة اهتمام الاصحاب فى تنقيح الاخبار حاصله ان الكذابة كانوا يدسون الاخبار المكذوبة فى كتب اصحاب الائمة عليهم‌السلام كما يظهر من الروايات الكثيرة.

٣٧٥

(منها) انه عرض يونس بن عبد الرحمن على سيدنا ابى الحسن الرضا عليه‌السلام كتب جماعة من اصحاب الباقر والصادق عليهما‌السلام فانكر منها احاديث كثيرة ان يكون من احاديث ابى عبد الله عليه‌السلام وقال عليه‌السلام ان أبا الخطاب كذب على ابى عبد الله عليه‌السلام وكذلك اصحاب ابى الخطاب يدسون الاحاديث الى يومنا هذا فى كتب اصحاب ابى عبد الله عليه‌السلام.

(ومنها) ما عن هشام بن الحكم انه سمع أبا عبد الله عليه‌السلام يقول كان المغيرة بن سعد يتعمد الكذب على ابى ويأخذ كتب اصحاب ابى وكان اصحاب المغيرة المتسترون باصحاب ابى ويأخذون الكتب من اصحاب ابى فيدفعونها الى المغيرة لعنه الله فكان يدس فيها الكفر والزندقة ويسندها الى ابى الحديث ومنها رواية الفيض المختار المتقدمة فى ذيل كلام الشيخ حيث قال عليه‌السلام ان الناس قد اولعوا بالكذب علينا كأن الله افترض عليهم ولا يريد منهم غيره الى غير ذلك من الروايات مثل قول النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله فى الحديث المشهور قد كثرت علىّ الكذابة.

٣٧٦

(وظهر مما ذكرنا) ان ما علم اجمالا من الاخبار الكثيرة من وجود الكذابين ووضع الاحاديث فهو انما كان قبل زمان مقابلة الحديث وتدوين علمى الحديث والرجال بين اصحاب الائمة عليهم‌السلام مع ان العلم بوجود الاخبار المكذوبة انما ينافى دعوى القطع بصدور الكل التى ينسب الى بعض الاخباريين او دعوى الظن بصدور جميعها ولا ينافى ذلك ما نحن بصدده من دعوى العلم الاجمالى بصدور اكثرها او كثير منها بل هذه دعوى بديهية والمقصود مما ذكرنا رفع ما ربما يكابره المتعسف الخالى عن التتبع من منع هذا العلم الاجمالى ثم ان هذا العلم الاجمالى انما هو متعلق بالاخبار المخالفة للاصل المجردة عن القرينة وإلّا فالعلم بوجود مطلق الصادر لا ينفع فاذا ثبت العلم الاجمالى بوجود الاخبار الصادرة فيجب بحكم العقل العمل بكل خبر مظنون الصدور لان تحصيل الواقع الذى يجب العمل به اذا لم يكن على وجه العلم تعين المصير الى الظن فى تعيينه توصلا الى العمل بالاخبار الصادرة بل ربما يدعى وجوب العمل بكل واحد منها مع عدم المعارض والعمل بمظنون الصدور او بمظنون المطابقة للواقع من المتعارضين.

(اقول) قد ظهر مما ذكره قدس‌سره من الدواعى الموجبة لشدة اهتمام اصحاب الحديث فى تنقيح الاخبار ان ما علم اجمالا من الاخبار الكثيرة المدسوسة فى كتب الاصحاب من وجود الكذابين ووضع الاحاديث المكذوبة فهو انما كان قبل زمان مقابلة الحديث وقبل تدوين علم الحديث والرجال بين اصحاب الائمة عليهم‌السلام.

(مع ان العلم الاجمالى) بوجود الاخبار المكذوبة انما ينافى دعوى الاخباريين القطع بصدور جميع الاخبار او دعوى الظن بصدور جميعها ولا ينافى وجود الاخبار الكاذبة ما نحن بصدده من دعوى العلم الاجمالى بصدور اكثرها او كثير منها بل صدور اكثر الاخبار دعوى بديهية والمقصود مما ذكرنا رفع ما ربما يكابره المتعسف الخالى عن التتبع من منع هذا العلم الاجمالى بصدور اكثرها او كثير منها

٣٧٧

(ثم ان هذا العلم الاجمالى) انما هو متعلق بالاخبار المخالفة للاصل المجردة عن القرينة يعنى بالاخبار المخالفة للاصل الاخبار المثبتة للتكليف على خلاف اصل البراءة كما انه يعنى بالاخبار المجردة عن القرينة الاخبار الغير المحفوفة بالقرينة القطعية التى هى محل الكلام بين المشهور وبين السيد واتباعه.

(والسر فى ذلك) ان الخبر المطابق للاصل النافى لا يتضمن وجوب العمل لعدم كون مضمون الخبر حكما الزاميا واما الالتزام بحكم الله الواقعى فهو فى موضوع احرازه بخلاف المقام ويحتمل ان يريد الشيخ قدس‌سره الاعم من الاصول النافية والمثبتة للتكليف فتوجيه كلامه حينئذ ان الخبر اذا كان على طبق الاصل المذكور مثل استصحاب الوجوب او التحريم مع فرض حجيته لا يكون للخبر اثر لكفاية الاستصحاب فى اثبات التكليف فيكون المقام نظير ما اذا علمنا اجمالا بوقوع نجاسة فى احد الإناءين الذين علم بنجاسة احدهما تفصيلا او قامت البينة عليها فعلى تقدير وقوع النجاسة المعلومة بالاجمال فى الاناء المعلوم تفصيلا لا يكون لها اثر لان وقوع النجس فوق النجس لا اثر له وان كان وقوعها فى الاناء الاخر يوجب الاجتناب عنه فيكون للمعلوم بالاجمال اثر على تقدير دون آخر وسيأتى فى باب الشبهة المحصورة عدم كون مثل العلم الاجمالى المذكور مؤثرا لوجوب الاجتناب فتأمل جيدا هذا غاية ما حققه قدس‌سره فى تقريب الوجه الاول من الوجوه العقلية التى دلت على حجية الخبر.

٣٧٨

(والجواب عنه اولا) ان وجوب العمل بالاخبار الصادرة انما هو لاجل وجوب امتثال احكام الله الواقعية المدلول عليها بتلك الاخبار وإلّا فالعمل بالخبر الصادر عن الامام عليه‌السلام انما يجب من حيث كشفه عن حكم الله تعالى و (ح) نقول ان العلم الاجماعى ليس مختصا بهذه الاخبار بل نعلم اجمالا بصدور احكام كثيرة عن الائمة عليهم‌السلام لوجود تكاليف كثيرة و (ح) فاللازم اولا الاحتياط ومع تعذره او تعسره او قيام الدليل على عدم وجوبه يرجع الى ما افاد الظن بصدور الحكم الشرعى التكليفى عن الحجة عليه‌السلام سواء كان المفيد للظن خبرا او شهرة او غيرهما فهذا الدليل لا يفيد حجية خصوص الخبر وانما يفيد حجية كل ما ظن منه بصدور الحكم عن الحجة وان لم يكن خبرا فان قلت المعلوم صدور كثير من هذه الاخبار التى بايدينا واما صدور الاحكام المخالفة للاصول غير مضمون هذه الاخبار فهو غير معلوم لنا ولا مظنون قلت اولا العلم الاجمالى وان كان حاصلا فى خصوص هذه الروايات التى بايدينا إلّا ان العلم الاجمالى حاصل ايضا فى مجموع ما بايدينا من الاخبار ومن الامارات الأخر المجردة عن الخبر التى بايدينا المفيدة للظن بصدور الحكم عن الامام عليه‌السلام وليست هذه الامارات خارجة عن اطراف العلم الاجمالى الحاصل فى المجموع بحيث يكون العلم الاجمالى فى المجموع مستندا الى بعضها وهى الاخبار ولذا لو فرضنا عزل طائفة من هذه الاخبار وضممنا الى الباقى مجموع الامارات الأخر كان العلم الاجمالى بحاله فهنا علم اجمالى حاصل فى الاخبار وعلم اجمالى حاصل بملاحظة مجموع الاخبار وساير الامارات المجردة عن الخبر فالواجب مراعاة العلم الاجمالى الثانى وعدم الاقتصار على مراعاة الاول.

(اقول) انه قدس‌سره قد اورد على هذا الوجه الاول امورا (الاول) ما ملخصه ان وجوب العمل بالاخبار الصادرة عن الائمة عليهم‌السلام ليس إلّا من جهة كاشفيتها عن احكام الله الواقعية المدلول عليها بتلك الاخبار(وعلى هذا) فالعلم الاجمالى بالاخبار الصادرة فيما بايدينا من الاخبار يساوق العلم الاجمالى بالتكاليف الشرعية

٣٧٩

وحينئذ فنقول ان العلم الاجمالى بها ليس مختصا بالاخبار بل العلم الاجمالى بها حاصل فى مجموع ما بايدينا من الاخبار والامارات الأخر كالشهرة فى الفتوى ونحوها فهنا علم اجمالى حاصل فى الاخبار وعلم اجمالى حاصل بملاحظة مجموع الاخبار وساير الامارات ولذا لو فرضنا عزل طائفة من الاخبار بمقدار المعلوم بالاجمال فيها وضممنا الى الباقى ساير الامارات كان العلم الاجمالى باقيا على حاله فلو كان العلم الاجمالى مختصا بالاخبار فقط لانحل العلم بمجرد عزل طائفة منها بمقدار المعلوم بالاجمال فيها وان انضم الى الباقى ساير الامارات.

(فيكون للعلم الاجمالى مراتب ثلاث) الاولى العلم الاجمالى بثبوت الاحكام الشرعية فى مجموع الوقائع المشتبهة المسمى فى الاصطلاح بالعلم الاجمالى الكبير.

(الثانية) العلم الاجمالى المتوسط وهو العلم بثبوت الاحكام فيما بين الاخبار والامارات الأخر كالشهرة فى الفتوى ونحوها (الثالثة) العلم الاجمالى الصغير وهو العلم بثبوت الاحكام فيما بايدينا من الاخبار المعتبرة الموجودة فى الكتب المعتبرة فانا نعلم اجمالا بصدور جملة من هذه الاخبار عن المعصوم عليه‌السلام وحيث ان العلم الاجمالى الاول ينحل بالعلم الاجمالى الثانى وينحل العلم الاجمالى الثانى بالعلم الاجمالى الثالث ونتيجة ذلك هو وجوب العمل على طبق الاخبار المثبتة للتكليف الموجودة فى الكتب المعتبرة لا الاحتياط فى جميع الشبهات كما هو مقتضى العلم الاجمالى الاول لو لا انحلاله ولا الاحتياط فى جميع موارد الامارات المعتبرة وغير المعتبرة كما هو مقتضى العلم الاجمالى الثانى على تقدير عدم انحلاله فى المقام ابحاث لا يسعها هذا المختصر.

٣٨٠