درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٢

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩

(نظير ذلك) ما اذا علمنا اجمالا بوجود شياة محرمة فى قطيع غنم بحيث يكون نسبته الى كل بعض منها كنسبته الى البعض الآخر وعلمنا ايضا بوجود شياة محرمة فى خصوص طائفة خاصة من تلك الغنم بحيث لو لم يكن من الغنم الا هذه علم اجمالا بوجود الحرام فيها ايضا والكاشف عن ثبوت العلم الاجمالى فى المجموع ما أشرنا اليه سابقا من انه لو عزلنا من هذه الطائفة الخاصة التى علم بوجود الحرام فيها قطعة توجب انتفاء العلم الاجمالى فيها وضممنا اليها مكانها باقى الغنم حصل العلم الاجمالى بوجود الحرام فيها ايضا و (ح) لا بد من ان يجرى حكم العلم الاجمالى فى تمام الغنم اما بالاحتياط او بالعمل بالمظنة لو بطل وجوب الاحتياط وما نحن فيه من هذا القبيل ودعوى ان ساير الامارات المجردة لا مدخل لها فى العلم الاجمالى وان هنا علما اجماليا واحدا بثبوت الواقع بين الاخبار خلاف الانصاف (وثانيا) ان اللازم من ذلك العلم الاجمالى هو العمل بالظن فى مضمون تلك الاخبار لما عرفت من ان العمل بالخبر الصادر انما هو باعتبار كون مضمونه حكم الله الذى يجب العمل به و (ح) فكلما ظن بمضمون خبر منها ولو من جهة الشهرة يؤخذ به وكل خبر لم يحصل الظن بكون مضمونه حكم الله لا يؤخذ به ولو كان مظنون الصدور فالعبرة بظن مطابقة الخبر للواقع لا بظن الصدور (وثالثا) ان مقتضى هذا الدليل وجوب العمل بالخبر المقتضى للتكليف لانه الذى يجب العمل به واما الاخبار الصادرة النافية للتكليف فلا يجب العمل بها نعم يجب الاذعان بمضمونها وان لم يعرف بعينها وكذلك لا يثبت به حجية الاخبار على وجه ينهض لصرف ظواهر الكتاب والسنة القطعية والحاصل ان معنى حجية الخبر كونه دليلا متبعا فى مخالفة الاصول العملية والاصول اللفظية مطلقا وهذا المعنى لا يثبت بالدليل المذكور كما لا يثبت باكثر ما سيأتى من الوجوه العقلية بل كلها فانتظر.

(اقول) مقصوده قدس‌سره من التمثيل توضيح المقام حاصله انا اذا علمنا

٣٨١

اجمالا بوجود شياة محرمة فى خصوص السود من الغنم وعلمنا ايضا بوجود شياة محرمة فى مجموع القطيع من السود والبيض جميعا فاذا عزلنا من السود بمقدار المعلوم بالاجمال فيه وضممنا الى الباقى باقى القطيع كان العلم الاجمالى باقيا على حاله فلو كان العلم الاجمالى مختصا بالسود فقط لانحل العلم الاجمالى بمجرد عزل مقدار منه بمقدار المعلوم بالاجمال فيه وان انضم الى الباقى باقى القطيع.

(وعلى هذا) فاللازم فى المقام وكل مقام آخر كان من هذا القبيل هو مراعاة العلم الاجمالى الكبير الاوسع ففى المقام لا بد اولا من الاحتياط فى مجموع الاخبار وساير الامارات ومع تعذره او تعسره او قيام الدليل على عدم وجوبه يرجع الى كل ما افاد الظن بصدور الحكم عن الحجة سواء كان خبرا او شهرة او غيرهما فهذا الدليل مما لا يفيد حجية خصوص الخبر وانما يفيد حجية كل ما ظن منه بصدور الحكم عن الحجة وان لم يكن خبرا.

(قوله وثانيا الخ) ملخص الاشكال الثانى ان اللازم من هذا العلم الاجمالى هو العمل بالظن فى مضمون تلك الاخبار لا العمل بالظن فى صدور تلك الاخبار وذلك لما عرفت من ان العمل بالخبر الصادر انما هو باعتبار كون مضمونه حكم الله الذى يجب العمل به وحينئذ فكلما ظن بمضمون خبر منها ولو من جهة الشهرة على طبقه يؤخذ به ولو لم يكن مظنون الصدور وكل خبر لم يحصل الظن بكون مضمونه حكم الله لا يؤخذ به ولو كان مظنون الصدور كما فى الخبر الذى ظن بصدوره تقية فالعبرة هى بظن مطابقة الخبر للواقع لا بظن صدوره :

(قوله وثالثا ان مقتضى هذا الدليل الخ) اما الاشكال الثالث الذى هو عمدة الامور الثلاثة فمحصله انه لا يثبت بهذا الدليل الا وجوب العمل بالخبر المثبت للتكليف واما الخبر النافى للتكليف فلا يجب العمل به نعم يجب الاذعان بمضمونه وان لم يعرف بعينه وكذلك لا يثبت به حجية الاخبار على وجه ينهض لصرف ظواهر الكتاب والسنة القطعية وانما يجب العمل بمثبته احتياطا من جهة العلم الاجمالى بالصدور

٣٨٢

ومعنى حجية الخبر هو كونه دليلا متبعا فى مخالفة الاصول العملية واللفظية مطلقا اى سواء كان الخبر مثبتا للتكليف او نافيا له وسواء كان الاصل اللفظى هى اصالة العموم او اصالة الاطلاق او اصالة الحقيقة وهذا المعنى مما لا يكاد يثبت بالدليل المذكور كما لا يثبت باكثر ما سيأتى من الوجوه العقلية بل كلها فانتظر

٣٨٣

(الثانى) ما ذكره فى الوافية مستدلا على حجية الخبر الموجود فى الكتب المعتمدة للشيعة كالكتب الاربعة مع عمل جمع به من غير رد ظاهر بوجوه قال الاول انا نقطع ببقاء التكليف الى يوم القيامة سيما بالاصول الضرورية كالصلاة والزكاة والصوم والحج والمتاجر والانكحة ونحوها مع ان جل اجزائها وشرائطها وموانعها انما يثبت بالخبر الغير القطعى بحيث يقطع بخروج حقائق هذه الامور عن كونها هذه الامور عند ترك العمل بخبر الواحد ومن انكر فانما ينكره باللسان وقلبه مطمئن بالايمان انتهى (ويرد عليه اولا) ان العلم الاجمالى حاصل بوجود الاجزاء والشرائط بين جميع الاخبار لا خصوص الاخبار المشروطة بما ذكره ومجرد وجود العلم الاجمالى فى تلك الطائفة الخاصة لا يوجب خروج غيرها عن اطراف العلم الاجمالى كما عرفت فى الجواب الاول عن الوجه الاول وإلّا لما امكن اخراج بعض هذه الطائفة الخاصة ودعوى العلم الاجمالى فى الباقى كاخبار العدول مثلا فاللازم حينئذ اما الاحتياط او العمل بكل خبر دل على جزئية شىء او شرطيته واما العمل بكل خبر ظن صدوره مما دل على الجزئية او الشرطية إلّا ان يقال ان المظنون الصدور من الاخبار هو الجامع لما ذكر من الشروط (وثانيا ان مقتضى) هذا الدليل وجوب العمل بالاخبار الدالة على الشرائط والاجزاء دون الاخبار الدالة على عدمهما خصوصا اذا اقتضى الاصل الشرطية والجزئية.

(الوجه الثانى) من الوجوه العقلية ما ذكره صاحب الوافية مستدلا به على حجية الاخبار الموجودة فى الكتب المعتبرة عند الشيعة كالكتب الاربعة مع عمل جمع بها من غير رد ظاهر وحاصل ما افاده من الوجه هو انا نقطع ببقاء التكليف الى يوم القيامة خصوصا بالضروريات كالصلاة والصوم والحج والزكاة والخمس وغير ذلك من العبادات والمعاملات ولا اشكال ان غالب اجزاء هذه الامور وشرائطها وموانعها انما يثبت بالخبر الغير القطعى بحيث نقطع بخروج حقائق هذه الامور عن كونها هذه الامور عند ترك العمل بخبر الواحد انتهى ملخصا.

٣٨٤

(قوله ويرد عليه اولا الخ) حاصل الايراد الاول ان العلم الاجمالى بثبوت الاجزاء والشرائط والموانع حاصل فى دائرة جميع الاخبار بل جميع الامارات الغير العلمية فلا وجه لتخصيصه بالاخبار المدونة فى الكتب المزبورة ومجرد العلم الاجمالى فى دائرتها ايضا لا يقتضى التخصيص بها فيلزم حينئذ مراعات الاحتياط او العمل بكل خبر دل على جزئية شىء او شرطيته واما العمل بكل خبر ظن صدوره مما دل على الجزئية او الشرطية إلّا ان يقال ان المظنون الصدور من الاخبار هو الجامع لما ذكر من الشروط.

(قوله وثانيا ان مقتضى هذا الدليل الخ) حاصله ان مقتضى هذا الوجه هو وجوب العمل بكل ما دل على الجزئية والشرطية من الاخبار المذكورة من باب الاحتياط للعلم الاجمالى لا حجية الاخبار الواجدة للشرائط المذكورة بحيث تقدم على الاصول اللفظية والعملية التى مفادها الالزام وثبوت التكليف كما هو المدعى فى المقام.

٣٨٥

(الثالث) ما ذكره بعض المحققين من المعاصرين فى حاشيته على المعالم لاثبات حجية الظن الحاصل من الخبر لا مطلقا وقد لخصناه لطوله وملخصه ان وجوب العمل بالكتاب والسنة ثابت بالاجماع بل الضرورة والاخبار المتواترة وبقاء هذا التكليف ايضا بالنسبة الينا ثابت بالادلة المذكورة وح فان امكن الرجوع اليها على وجه يحصل العلم بهما بحكم او الظن الخاص به فهو وإلّا فالمتبع هو الرجوع اليهما على وجه يحصل الظن منهما هذا حاصله وقد اطال قدس‌سره فى النقض والابرام بذكر الايرادات والاجوبة على هذا المطلب (ويرد عليه) ان هذا الدليل بظاهره عبارة اخرى عن دليل الانسداد الذى ذكروه لحجية الظن فى الجملة او مطلقا وذلك لان المراد بالسنة هى قول الحجة او فعله او تقريره فاذا وجب علينا الرجوع الى مدلول الكتاب والسنة ولم نتمكن من الرجوع الى ما علم انه مدلول الكتاب او السنة تعين الرجوع باعتراف المستدل الى ما يظن كونه مدلولا لاحدهما فاذا ظننا ان مؤدى الشهرة او معقد الاجماع المنقول مدلول للكتاب او لقول الحجة او فعله او تقريره وجب الاخذ به ولا اختصاص للحجية بما يظن كونه مدلولا لاحد هذه الثلاثة من جهة حكاية احدها التى تسمى خبرا وحديثا فى الاصطلاح نعم يخرج عن مقتضى هذا الدليل الظن الحاصل بحكم الله من امارة لا يظن كونه مدلولا لاحد الثلاثة كما اذا ظن بالاولوية العقلية او الاستقراء ان الحكم كذا عند الله ولم يظن بصدوره عن الحجة او قطعنا بعدم صدوره عنه عليه‌السلام إذ رب حكم واقعى لم يصدر عنهم وبقى مخزونا عندهم لمصلحة من المصالح لكن هذا نادر جدا للعلم العادى بان هذه المسائل العامة البلوى قد صدر حكمها فى الكتاب او ببيان الحجة قولا او فعلا او تقريرا فكلّما ظن من امارة بحكم الله تعالى فقد ظن بصدور ذلك الحكم عنهم والحاصل ان مطلق الظن بحكم الله ظن بالكتاب او السنة ويدل على اعتباره ما دل على اعتبار الكتاب والسنة الظنية.

(الوجه الثالث) من الوجوه العقلية التى اقيمت على حجية الظن الحاصل من الخبر ما ذكره صاحب هداية المسترشدين وهى الحاشية المعروفة على المعالم

٣٨٦

وقد جعل هذا الوجه من اقوى الوجوه الثمانية التى اقامها على اعتبار الظن بالطريق

(وملخص ما افاده) هو ان وجوب العمل بالكتاب والسنة ثابت بالاجماع والضرورة والاخبار المتواترة كحديث الثقلين الثابت تواتره عند الفريقين ونحوه مما يدل على الرجوع بهما وبقاء هذا التكليف ايضا ثابت بالنسبة الينا بالادلة المذكورة وحينئذ ان امكن الرجوع اليهما على وجه يحصل العلم بالحكم او الظن الخاص به فهو وإلّا فالمتبع هو الرجوع اليهما على وجه يحصل الظن منهما بالحكم هذا ملخّص كلامه ومحصل مرامه على ما افاده شيخنا الاعظم قدس‌سره.

(قوله ويرد عليه ان هذا الدليل الخ) اقول ان كان المقصود هو ثبوت التكليف بالواقع وبقائه فعلا من جهة العلم الاجمالى بوجود تكاليف كثيرة فى الواقع كما يقتضيه ظهور السنة فى كلامه فى السنة الواقعية فهو مع رجوعه الى الدليل الآتى المعروف بدليل الانسداد لا يقتضى التخصيص بخصوص الاخبار بل يعم كل ما يظن بان مدلوله مضمون للكتاب او السنة التى هى قول المعصوم وفعله وتقريره كما هو المصطلح عليه وقام الاجماع والضرورة على الرجوع اليها.

(فعليه) كان اللازم عند تعذر تحصيل العلم بما هو واقع السنة من قول الامام عليه‌السلام وفعله وتقريره هو العمل بما ظن انه مدلول السنة اى ما ظن انه مقول قول المعصوم عليه‌السلام من غير فرق بين ما اذا حصل الظن بذلك من الاخبار او من الشهرة والاجماع المنقول لاستواء الكل فى حصول الظن منها بمدلول السنة إلّا اذا شك او ظن بان مدلول الشهرة لم يكن مقول قول المعصوم عليه‌السلام ولم يصدر ما قامت عليه الشهرة عن الامام عليه‌السلام بل كان مما سكت الله عنه.

(وان كان المقصود) ثبوت التكليف شرعا بالرجوع الى تلك الاخبار غير المفيدة للعلم وعدم جواز طرحها عملا بان كان المراد من السنة فى كلامه هو الخبر الحاكى عن السنة لا نفس السنة الواقعية فللمنع عنه مجال اذ لم يثبت ذلك باجماع ولا ضرورة من الدين او المذهب خصوصا مع دعوى السيد واتباعه الاجماع على المنع وجرى العمل به مجرى العمل بالقياس عند الامامية.

٣٨٧

(وان كان المقصود) وجوب العمل بالاخبار المدونة فى ما بايدينا من الكتب من جهة دعوى العلم الاجمالى بصدور كثير منها فهو راجع الى التقريب الاول فلا يكون دليلا برأسه فى قباله.

(ولكن ذكر صاحب الكفاية رحمه‌الله) ان الوجه الثالث دليل مستقل ولا يرجع الى الوجه الاول ولا الى دليل الانسداد بدعوى ان ملاكه ليس هو العلم الاجمالى بتكاليف واقعية ليرجع الى دليل الانسداد ولا العلم الاجمالى بصدور جملة من الاخبار عنهم عليهم‌السلام ليرجع الى الوجه الاول بل ملاكه العلم بوجوب الرجوع الى الروايات مع قطع النظر على العلمين المذكورين فتامل.

٣٨٨

(فان قلت) المراد بالسنة الاخبار والاحاديث والمراد انه يجب الرجوع الى الاخبار المحكية عنهم فان تمكن من الرجوع اليها على وجه يفيد العلم فهو وإلّا وجب الرجوع اليها على وجه يظن منه بالحكم قلت مع ان السنة فى الاصطلاح عبارة عن نفس قول الحجة او فعله او تقريره لا حكاية احدها يرد عليه ان الامر بالعمل بالاخبار المحكية المفيدة للقطع بصدورها ثابت بما دل على الرجوع الى قول الحجة وهو الاجماع والضرورة الثابتة من الدين او المذهب واما الرجوع الى الاخبار المحكية التى لا تفيد القطع بالصدور عن الحجة فلم يثبت ذلك بالاجماع والضرورة من الدين التى ادعاها المستدل فان غاية الامر دعوى اجماع الامامية عليه فى الجملة كما ادعاه الشيخ والعلامة فى مقابل السيد واتباعه واما دعوى الضرورة من الدين والاخبار المتواترة كما ادعاها المستدل فليست فى محلها ولعل هذه الدعوى قرينة على ان مراده من السنة نفس قول المعصوم او فعله او تقريره لا حكايتها التى لا توصل اليها على وجه العلم نعم لو ادعى الضرورة على وجوب الرجوع الى تلك الحكايات الغير العلمية لاجل لزوم الخروج عن الدين لو طرحت بالكلية يرد عليه انه ان اراد لزوم الخروج عن الدين من جهة العلم بمطابقة كثير منها للتكاليف الواقعية التى يعلم بعدم جواز

(حاصل الاشكال) انه يمكن ان يدعى ان المراد بالسنة الاخبار والاحاديث المصطلحة فعليه يحتمل ان يكون مراد صاحب الحاشية على المعالم انه يجب الرجوع الى الاخبار المحكية عنهم عليهم‌السلام فان تمكن المكلف من الرجوع اليها على وجه يفيد العلم فهو وإلّا وجب الرجوع اليها على وجه يظن منه بالحكم.

(قد اجاب قدس‌سره عن الاشكال) بقوله مع ان السنة فى الاصطلاح عبارة عن نفس قول الحجة او فعله او تقريره لا حكاية احدها التى تسمى خبرا وحديثا فى الاصطلاح يرد عليه ان الامر بالعمل بالاخبار المحكية المفيدة للقطع بصدورها ثابت بما دل على وجوب الرجوع الى قول الحجة وهو الاجماع والضرورة الثابتة من الدين عند العامة والخاصة او المذهب اى عند الخاصة فقط.

٣٨٩

رفع اليد عنها عند الجهل بها تفصيلا فهذا يرجع الى دليل الانسداد الذى ذكروه لحجية الظن ومفاده ليس إلا حجية كل امارة كاشفة عن التكليف الواقعى وان اراد لزومه من جهة خصوص العلم الاجمالى بصدور اكثر هذه الاخبار حتى لا يثبت بها غير الخبر الظنى من الظنون ليصير دليلا عقليا على حجية خصوص الخبر فهذا الوجه يرجع الى الوجه الاول الذى قدمناه وقدمنا الجواب عنه فراجع هذا تمام الكلام فى الادلة التى اقاموها على حجية الخبر وقد علمت دلالة بعضها وعدم دلالة البعض الآخر والانصاف ان الدال منها لم يدل الاعلى وجوب العمل بما يفيد الوثوق والاطمينان بمؤداه وهو الذى فسر به الصحيح فى مصطلح القدماء والمعيار فيه ان يكون احتمال مخالفته للواقع بعيدا بحيث لا يعتنى به العقلاء ولا يكون عندهم موجبا للتحير والتردد الذى لا ينافى حصول مسمى الرجحان كما نشاهد فى الظنون الحاصلة بعد التروى فى شكوك الصلاة فافهم.

(واما الرجوع) الى الاخبار المحكية التى لا تفيد القطع بصدورها عن الحجة فلم يثبت ذلك بالاجماع والضرورة من الدين التى ادعاها المستدل فان غاية امر دعوى اجماع الامامية عليه فى الجملة كما ادعاه الشيخ والعلامة فى مقابل السيد واتباعه واما دعوى الضرورة من الدين والاخبار المتواترة كما ادعاها المستدل فليست فى محلها ولعل هذه الدعوى اى دعوى الضرورة قرينة على ان مراد المستدل من السنة نفس قول المعصوم او فعله او تقريره لا حكايتها التى لا توصل المكلف اليها على وجه العلم.

(نعم لو ادعى الضرورة) على وجوب الرجوع الى تلك الحكايات الغير العلمية يعنى بها الاخبار لاجل الخروج عن الدين لو طرحت بالكلية.

(يرد عليه) انه ان اراد لزوم الخروج عن الدين من جهة العلم بمطابقة كثير منها للتكاليف الواقعية التى يعلم بعدم جواز رفع اليد عنها عند الجهل بها تفصيلا فهذا يرجع الى دليل الانسداد الكبير الذى ذكروه لحجية مطلق الظن فلا بد

٣٩٠

حينئذ من جريان مقدمات الانسداد لاثبات حجية مطلق الظن بالحكم الشرعى للعلم بثبوت الاحكام فى الشريعة ولا يجوز اهمالها وترك التعرض لها الى آخر المقدمات الآتية فى باب الانسداد وقد جرى الاصطلاح على التعبير عن ذلك بالانسداد الكبير.

(ويقابله) الانسداد الصغير وهو اقامة الدليل على اثبات بعض ما يتوقف عليه استنباط الحكم من الرواية دون بعض كما لو فرض انه قام الدليل على الصدور وجهة الصدور وارادة الظهور ولكن لم يمكن تشخيص الظهور وتوقف على الرجوع الى كلام اللغوى فى تعيين ان اللفظ الكذائى كلفظ الصعيد مثلا موضوع للمعنى الكذائى ولم يقم دليل بالخصوص على اعتبار قوله ففى اعتبار الظن الحاصل من كلام اللغوى وعدمه مبنى على صحة جريان مقدمات الانسداد فى خصوص معانى الالفاظ لاستنتاج حجية الظن الحاصل من كلام اللغوى فى معنى اللفظ وان لم يحصل الظن بالحكم الشرعى من قوله وقد جرى الاصطلاح على التعبير عن ذلك بالانسداد الصغير.

(وان اراد) لزوم الخروج من الدين من جهة خصوص العلم الاجمالى بصدور اكثر هذه الاخبار حتى لا يثبت بها غير الخبر الظنى من الظنون ليصير دليلا عقليا على حجية خصوص الخبر فهذا الوجه يرجع الى الوجه الاول الذى قدّمه قدس‌سره وقدّم الجواب عنه فراجع.

(هذا تمام الكلام) فى الادلة التى اقاموها على حجية الخبر الموثوق به وقد علمت دلالة بعضها وعمدتها الطريقية العقلائية مع عدم ردع الشارع عنها وعدم دلالة البعض الآخر من الآيات والوجوه العقلية.

(والانصاف) ان الدال منها لم يدل الاعلى وجوب العمل بما يفيد الوثوق والاطمينان بمؤداه من حيث الحكاية عن السنة لا الحكم الواقعى الذى تضمنته السنة المحكية فانه لا تعلق له بالمقام وهو الذى فسر به الصحيح فى اصطلاح القدماء والمعيار

٣٩١

فى الخبر الذى يفيد الوثوق ان يكون احتمال مخالفته للواقع بعيدا بحيث لا يعتنى به العقلاء ولا يكون عندهم موجبا للتحير والتردد الذى لا ينافى حصول مسمى الرجحان كما نشاهد اجتماع التحير معه فى الظنون الحاصلة بعد التروّى فى شكوك الصلاة فافهم.

(هذا) تمام الكلام فى الجزء الثانى من شرح الفرائد ويتلوه الجزء الثالث والرابع إن شاء الله تعالى والحمد لله اولا وآخرا والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين الى يوم الدين وقد وقع الفراع من طبعه فى شهر رجب المعظم سنة واحدة واربعمائة بعد الالف من الهجرة النبويّة.

٣٩٢

فهرس ما فى الجزء الثانى من شرح الفرائد

فى حجية الاجماع المنقول بخبر الواحد................................................ ٣

فى مدرك حجية الاجماع المحصل.................................................... ٤

فى ان الاجماع المنقول بخبر الواحد من جملة الظنون الخارجة عن الاصل................... ٧

فى ان الاجماع له اقسام كثيرة بعبارات مختلفة.......................................... ٨

فى الاجماع البسيط والمركب....................................................... ١٠

فى بيان عدم الملازمة بين حجية الخبر والاجماع...................................... ١١

فى دلالة آية النبأ على حجية خبر الواحد.......................................... ١٣

فى الاشكال على دلالة آية النبأ والجواب عنه....................................... ١٦

فى معنى الاجماع لغة واصطلاحا................................................... ٢٣

فى معنى الاجماع فى اصطلاح الخاصة والعامة........................................ ٢٤

فى وجه حجية الاجماع عند الخاصة................................................ ٢٩

فى انقلاب اصطلاح الخاصة فى الاجماع الى اصطلاح آخر............................ ٣٢

فى بيان وجوه حجية الاجماع...................................................... ٣٤

٣٩٣

فى بيان المسامحة فى اطلاق الاجماع على اتفاق جماعة كان الامام عليه‌السلام داخلا فيهم....... ٤٠

فى الوجوه التى استند اليها الحاكى للاجماع فى نقله................................... ٤٣

فى بيان مستند علم الحاكى بقول الامام عليه‌السلام....................................... ٤٧

فى نقل كلام المحقق الداماد قدس‌سره................................................... ٥٥

فى بيان اقسام الحدس لمدعى الاجماع.............................................. ٥٨

فى نقل كلام السيد المحقق السيد محسن الكاظمى قدس‌سره............................... ٦٤

فى الوجوه التى ينحصر فيها محمل نقل الاجماعات................................... ٧٠

فى بيان وجه الاجماعات المتعارضة................................................. ٧٣

فى اجماع الاصحاب على انه لا يقع الطلقتان او الطلقات الثلاث فى مجلس واحد........ ٧٨

فى نقل كلام الحلى فى الفتوى بالمضايقة............................................ ٨٠

فى وجوه تأويل الاجماعات لاجل مشاهدة المخالف فى مواردها......................... ٨٤

فى نقل كلام المحقق السبزوارى فى توجيه الاجماعات المنقولة............................ ٨٨

فى توجيه الاجماعات المنقولة...................................................... ٩٣

فى نقل كلام المحقق التسترى فى وجه حجية الاجماع................................ ١٠١

فى اثبات حجية نقل السبب الكاشف وجواز التعويل عليه.......................... ١٠٤

فى نقل كلام المحقق التسترى.................................................... ١١١

فى بيان حكم تعدد ناقل الاجماع................................................ ١١٥

فى بيان اعتراض الشيخ قدس‌سره على المحقق التسترى.................................. ١١٨

من جملة الظنون التى توهم حجيتها بالخصوص الشهرة.............................. ١٢٥

فى حجية الشهرة واقسامها..................................................... ١٢٦

٣٩٤

فى دلالة بعض الروايات على حجية الشهرة الفتوائية............................... ١٢٩

فى الجواب عن الروايات الدالة على حجية الشهرة.................................. ١٣٢

من جملة الظنون الخارجة بالخصوص عن اصالة حرمة العمل بغير العلم خبر الواحد...... ١٣٤

فى بيان الخلاف فى حجية الخبر الواحد فى المقامين................................. ١٣٧

فى بيان الادلة الدالة على المنع من العمل بالخبر الواحد............................. ١٤١

فى بيان ان الاخبار التى استدل النافون على اقسام................................. ١٤٤

من جملة ادلة النافين هو الاجماع الذى ادعاه السيد المرتضى ره...................... ١٥٠

فى الجواب عن الآيات الدالة على المنع من العمل بالخبر الواحد...................... ١٥١

فى الجواب عن الاخبار الدالة على المنع من العمل بخبر الواحد....................... ١٥٢

فى توجيه حديث اختلاف اصحابى رحمة لكم..................................... ١٥٦

فى الجواب عن الاجماع الذى ادعاه السيد والطبرسى قدس‌سرهما........................... ١٦٢

فى استدلال المشهور على حجية الخبر الواحد بالادلة الاربعة........................ ١٦٥

فى تقريب الاستدلال على حجية الخبر بآية النبأ................................... ١٦٧

فى بيان ان الامر بالتبين للوجوب الشرطى لا النفسى.............................. ١٧١

فى الاشكال الوارد على الاستدلال بآية النبأ...................................... ١٧٣

فى بيان الايراد الثانى من الايرادين المشهورين على آية النبأ.......................... ١٧٩

فى بيان النسبة بين المفهوم والتعليل فى آية النبأ.................................... ١٨١

فى بيان تعارض المفهوم والتعليل فى آية النبأ....................................... ١٨٤

فى دفع التنافى بين المفهوم والتعليل............................................... ١٨٧

فى الاشكالات التى اوردت على آية النبأ وهى قابلة للدفع عنها..................... ١٨٩

من الاشكالات التى لا تختص بمفهوم آية النبأ اشكال شمول ادلة الحجية للاخبار الحاكية لقول الامام عليه‌السلام بواسطة او بوسائط   ١٩٥

٣٩٥

فى بيان ان التعبد بحجية الخبر يتوقف على ان يكون المخبر به بنفسه حكما شرعيا او ذا اثر شرعى   ٢٠٠

فى بيان ان العمل بمفهوم آية النبأ فى الاحكام الشرعية لا يجامع القول بوجوب الفحص عن المعارض  ٢٠٦

من الاشكالات التى تختص بآية النبأ هو ان مفهومها غير معمول به فى الموضوعات الخارجية التى منها مورد الآية         ٢٠٩

فى بيان الايراد الذى نقل عن غاية المبادى للشهيد الثانى........................... ٢١١

فى بيان ان المراد بالفاسق مطلق الخارج عن طاعة الله ولو بالصغائر................... ٢١٣

فى بيان انه قد استدل بمنطوق آية النبأ على حجية خبر غير العادل اذا حصل الظن من الخارج بصدقه         ٢١٥

فى انقسام الخبر الواحد باعتبار اختلاف احوال رواته الى اربعة اقسام.................. ٢١٦

من الآيات التى استدل بها على حجية خبر الواحد آية النفر......................... ٢٢٠

فى تفسير كلمة الفرقة والطائفة.................................................. ٢٢٢

فى الاشكال الوارد على الاستدلال بآية النفر...................................... ٢٢٤

فى بيان الاقوال التى ذكرت فى تفسير آية النفر.................................... ٢٢٥

فى الجواب عن الاشكال الوارد على آية النفر...................................... ٢٢٦

فى بيان الاخبار التى تدل على ظهور آية النفر فى وجوب التفقه والانذار.............. ٢٢٨

من الاخبار التى تدل على ان آية النفر ظاهرة فى وجوب التفقه رواية عبد المؤمن الانصارى ٢٣٢

فى استدلال بعض الاعلام على حجية الخبر الواحد بالنبوى المشهور.................. ٢٣٩

فى الاستدلال على حجية الخبر الواحد بآية الكتمان............................... ٢٤١

فى الاستدلال على حجية الخبر الواحد بآية السؤال................................ ٢٤٤

٣٩٦

فى الاستدلال على حجية الخبر الواحد بآية الاذن................................. ٢٥٠

فى الاشكال الوارد على الاستدلال بآية الاذن..................................... ٢٥٣

فى نقل كلام صاحب بحر الفوائد................................................ ٢٥٥

فى تفسير القسامة............................................................. ٢٥٧

فى توجيه الرواية المشتملة على قصة اسماعيل....................................... ٢٥٩

فى الاستدلال على حجية الخبر الواحد بالسنة..................................... ٢٦١

فى بيان دلالة رواية من كان من الفقهاء صائنا لنفسه الخ على قبول قول من عرف بالتحرز عن الكذب        ٢٧٢

فى تفسير النصب لغة واصطلاح................................................ ا٢٧٣

فى توضيح رواية من حفظ على امتى اربعين حديثا الخ.............................. ٢٧٩

فى الفرق بين الخبر المستفيض والمتواتر وان التواتر على اقسام ثلاثة.................... ٢٨٠

فى المراد من حفظ الحديث والرواية............................................... ٢٨١

فى بيان انه هل يعتبر العدالة فى حجية الخبر ام لا.................................. ٢٨٥

فى الاستدلال على حجية الخبر بالاجماع......................................... ٢٨٧

فى بيان بعض الاصطلاحات................................................... ٢٨٩

فى تفسير التناسخ............................................................. ٢٩٧

فى تفسير الجبر واقسامه والغلاة وأقسامه.......................................... ٢٩٨

فى تفسير اصحاب الجملة...................................................... ٣٠١

فى بيان ان النزاع بين الشيخ والسيد فى العمل بالخبر الواحد لفظية لا معنوية........... ٣١١

فى بيان وجه اختلاف الاصحاب فى الاصول والفروع............................... ٣١٥

فى نقل كلام صاحب الفوائد المدنية.............................................. ٣٢٤

٣٩٧

ممن ادعى الاجماع على العمل باخبار الآحاد المحدث المجلسى........................ ٣٣١

فى بيان عدد اصحاب الاجماع.................................................. ٣٣٦

فى بيان افراط البعض فى العمل بخبر الواحد....................................... ٣٣٩

من جملة القرائن التى دلت على ان الاصحاب يعملون بالخبر الواحد ما ذكره الشهيد فى الذكرى       ٣٤١

فى بيان ان الغرض من نقل كلمات الاصحاب اثبات اتفاقهم على العمل بالخبر الواحد الغير العلمى   ٣٤٣

فى بيان ان تحقق الاجماع فى مسئلة حجية الخبر الواحد مما لا اشكال فيه.............. ٣٤٦

فى الوجه الثانى من وجوه تقرير الاجماع على حجية الخبر الواحد...................... ٣٤٨

فى الوجه الثالث من وجوه تقرير الاجماع على حجية الخبر الواحد..................... ٣٥٠

من جملة الادلة على حجية الخبر الواحد استقرار طريقة العقلاء طرا على الرجوع به..... ٣٥٣

فى بيان الاشكال الوارد على طريقة العقلاء والجواب عنه............................ ٣٥٥

فى بيان ان الاصول على قسمين لفظى وعملى.................................... ٣٥٧

فى بيان ان الوجه الخامس من وجوه الاجماع الاجماع العملى.......................... ٣٦٠

فى تفسير الهمج الرعاع......................................................... ٣٦٢

فى بيان فائدتين............................................................... ٣٦٧

فى الاستدلال على حجية الخبر بالدليل العقلى.................................... ٣٦٩

فى ضبط لفظ الكلينى......................................................... ٣٧٥

فى الاشكال الوارد على الدليل العقلى............................................ ٣٧٩

فى بيان اقسام العلم الاجمالى.................................................... ٣٨٠

فى بيان الوجه الثانى من الوجوه العقلية............................................ ٣٨٤

٣٩٨

فى بيان الوجه الثالث من الوجوه العقلية.......................................... ٣٨٦

فى الاشكال الوارد على الوجه الثالث من الوجوه العقلية............................. ٣٨٧

فى نقل كلام صاحب الكفاية................................................... ٣٨٨

فى بيان ان المراد من السنة قول المعصوم او فعله او تقريره............................ ٣٨٩

فى بيان دليل الانسداد الكبير والصغير........................................... ٣٩١

٣٩٩