درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٢

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩

اخبر باخبار جماعة أفاد له العلم بالواقع وقبول هذا الخبر لا يجدى شيئا لان المفروض ان تحقق مضمون المتواتر ليس من لوازم أخبار الجماعة الثابتة بخبر العادل.

(نعم) لو أخبر باخبار جماعة يستلزم عادة لتحقق المخبر به بان يكون حصول العلم بالمخبر به لازم الحصول لاخبار الجماعة كان اخبر مثلا باخبار الف عادل او ازيد بموت زيد وحضور جنازته كان اللازم من قبول خبره الحكم بتحقق الملزوم وهو اخبار الجماعة فيثبت اللازم وهو تحقق موت زيد إلّا ان لازم من يعتمد على الاجماع المنقول وان كان اخبار الناقل مستندا الى حدس غير مستند الى المبادى المحسوسة المستلزمة للمخبر به هو القول بحجية التواتر المنقول لكن ليعلم ان معنى قبول نقل التواتر مثل الاخبار بتواتر موت زيد مثلا يتصور على وجهين :

(الاول) الحكم بثبوت الخبر المدعى تواتره أعنى موت زيد حتى يترتب عليه احكامه من تقسيم ماله واعتداد زوجته وغير ذلك وهذا المعنى هو الذى ذكر فى محله ان الشرط فى قبول خبر الواحد هو كون ما أخبر به مستلزما عادة لوقوع متعلقه أعنى موت زيد.

(الثانى) الحكم بثبوت تواتر الخبر المذكور ليترتب على ذلك الخبر آثار المتواتر وأحكامه الشرعية كما اذا نذر ان يحفظ او يكتب كل خبر متواتر ثم احكام التواتر.

١٢١

منها ما ثبت لما تواتر فى الجملة ولو عند غير هذا الشخص ومنها ما ثبت لما تواتر بالنسبة الى هذا الشخص لا ينبغى الاشكال فى ان مقتضى قبول نقل التواتر العمل به على الوجه الاول واوّل وجهى الثانى كما لا ينبغى الاشكال فى عدم ترتب آثار تواتر المخبر به عند نفس هذا الشخص ومن هنا يعلم ان الحكم بوجوب القراءة فى الصلاة ان كان منوطا بكون المقروء قرآنا واقعيا قرأه النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله فلا اشكال فى جواز الاعتماد على اخبار الشهيد بتواتر القراءات الثلاث اعنى قراءة ابى جعفر واخويه لكن بالشرط المتقدم وهو كون ما اخبر به الشهيد من التواتر ملزوما عادة لتحقق القرآنية وكذا لا اشكال فى الاعتماد من دون الشرط ان كان الحكم منوطا بالقرآن المتواتر فى الجملة فانه قد ثبت تواتر تلك القراءة عند الشهيد باخباره.

وان كان الحكم معلقا على القرآن المتواتر عند القارى او مجتهده فلا يجدى اخبار الشهيد بتواتر تلك القراءات والى احد الاولين ينظر حكم المحقق والشهيد الثانيين بجواز القراءة بتلك القراءات مستندا الى ان الشهيد والعلامة قدس‌سرهما قد ادعيا تواترها وان هذا لا يقصر عن نقل الاجماع والى الثالث نظر صاحب مدارك وشيخه الاردبيلى قدس‌سرهما حيث اعترضا على المحقق والشهيد بان هذا رجوع عن اشتراط التواتر فى القراءة ولا يخلو نظرهما عن نظر فتدبر والحمد لله وصلى الله على محمد وآله ولعنة الله على اعدائهم اجمعين.

(قوله ومن هنا يعلم ان الحكم بوجوب القراءة الخ) اقول قد تقدم سابقا اختلاف العلماء فى تواتر القراءات السبع او العشر وعدمه ومنشأ الخلاف بينهم فيه هو هذه المسألة التى يبحث عنها فى المقام وهى ثبوت التواتر بخبر الواحد وعدمه فمن يقول بالاول يقول بتواتر القراءات ومن يقول بعدمه يلزمه القول بالعدم إلّا اذا ثبت التواتر بدليل آخر كما ارتكبه بعضهم.

قال المحقق الثانى فى جامع المقاصد بعد الحكم بتواتر القراءات السبع المروية عن السبعة وهم نافع وابو عمرو والكسائى وحمزة وابن عامر وابن كثير

١٢٢

وعاصم والتردد فى الثلاث الباقية اعنى أبا جعفر ويعقوب وخلف وقد شهد شيخنا الشهيد ره فى الذكرى بثبوت تواترها ايضا ولا يقصر عن ثبوت الاجماع بخبر الواحد ويقرب منه عبارة الروض والمقاصد العلية وذهب جماعة الى عدم تواترها لاشتراط التواتر بالعلم وعدم كفاية الظن فيه ولكن المشهور هو تواتر القراءات السبع فقط بل ادعى عليه الاجماع.

(واعلم) اختلف الاصحاب فى جواز قراءة ابى جعفر ويعقوب وخلف التى هى كمال العشرة وعدمه على اقوال صرح جمع من الاصحاب بالاول ونسبه غير واحد منهم الى المشهور وجماعة بالثانى وفصّل بعضهم فى ذلك فقال بانه لا يجوز فى الصلاة ويجوز فى غيرها.

(والحاصل) ان الحكم بوجوب القراءة فى الصلاة ان كان منوطا بكون المقروء قرآنا واقعيا قرأه النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله فلا اشكال فى جواز الاعتماد على اخبار الشهيد ره بتواتر القراءات الثلث اعنى قراءة ابى جعفر واخويه لكن بالشرط المتقدم وهو كون ما اخبر به الشهيد من التواتر ملزوما عادة لتحقق القرآنية وكذا لا اشكال فى الاعتماد على نقل التواتر من دون حاجة الى الشرط ان كان الحكم اى وجوب القراءة فى الصلاة منوطا بالقرآن المتواتر فى الجملة ولو عند الغير فانه قد ثبت تواتر تلك القراءات عند الشهيد باخباره.

(واما) ان كان الحكم معلقا على القرآن المتواتر عند القارى او مجتهده فلا يجدى اخبار الشهيد بتواتر تلك القراءات والى احد الاولين اى كون وجوب القراءة منوطا بكون المقروء قرآنا واقعيا او كون وجوب القراءة منوطا بالقرآن المتواتر فى الجملة ولو عند الغير ينظر حكم المحقق والشهيد الثانيين بجواز القراءة بتلك القراءات الثلاث مستندا الى ان الشهيد والعلامة قدس‌سرهما قد ادعيا تواترها وان هذا لا يقصر عن نقل الاجماع والى الثالث اى كون وجوب القراءة منوطا بالمتواتر عند القارى او مجتهده نظر صاحب المدارك وشيخه المقدس

١٢٣

الاردبيلى قدس‌سرهما حيث اعترضا على المحقق والشهيد الثانيين بان هذا رجوع عن اشتراط التواتر فى القراءة ولا يخلو نظرهما عن نظر لان اشتراط التواتر فى القراءة لا دليل عليه اصلا والثابت هو جواز القراءة بما قرأه النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله من دون مدخلية للتواتر فتدبر والحمد لله وصلى الله على محمد وآله ولعنة الله على اعدائهم اجمعين.

١٢٤

(ومن جملة الظنون التى توهم حجيتها بالخصوص الشهرة) فى الفتوى الحاصلة بفتوى جلّ الفقهاء المعروفين سواء كان فى مقابلها فتوى غيرهم بخلاف ، ام لم يعرف الخلاف والوفاق من غيرهم ثم ان المقصود هنا ليس التعرض لحكم الشهرة من حيث الحجية فى الجملة بل المقصود ابطال توهم كونها من الظنون الخاصة وإلّا فالقول بحجيتها من حيث افادتها المظنة بناء على دليل الانسداد غير بعيد ثم ان منشأ توهم كونها من الظنون الخاصة امران : احدهما ما يظهر من بعض ان ادلة حجية خبر الواحد تدل على حجيتها بمفهوم الموافقة لانه ربما يحصل منه الظن الاقوى من الحاصل من خبر العادل وهذا خيال ضعيف تخيّله بعض فى بعض رسائله.

ووقع نظيره من الشهيد الثانى فى المسالك حيث وجه حجية الشياع الظنى بكون الظن الحاصل منه اقوى من الحاصل من شهادة العدلين ووجه الضعف ان الاولوية الظنية اوهن بمراتب من الشهرة فكيف يتمسك بها فى حجيتها مع ان الاولوية ممنوعة رأسا للظن بل العلم بان المناط والعلة فى حجية الاصل ليس مجرد افادة الظن واضعف من ذلك تسمية هذه الاولوية فى كلام ذلك البعض مفهوم الموافقة مع انه ما كان استفادة حكم الفرع من الدليل اللفظى الدال على حكم الاصل مثل قوله تعالى (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ).

(اقول) قبل الشروع فى شرح العبارة ولا بأس بالاشارة الى اقسام الشهرة فنقول ان الشهرة الفتوائية من الظنون التى قيل بحجيتها بالخصوص فان الشهرة على اقسام ثلاثة الشهرة الروائية والشهرة العملية والشهرة الفتوائية.

(اما الشهرة الروائية) فهى عبارة عن اشتهار الرواية بين الرواة وارباب الحديث بكثرة نقلها بان يكون الراوى لها كثيرا ويقابلها الشذوذ والندرة بمعنى قلة الناقل لها وهذه الشهرة هى التى تكون من المرجحات عند تعارض الخبرين على المسلك المشهور استنادا الى ما فى مرفوعة زرارة من قوله عليه‌السلام (خذ بما اشتهر بين اصحابك) وما فى مقبولة عمر بن حنظلة من قوله عليه‌السلام (خذ بالمجمع

١٢٥

عليه بين اصحابك) باعتبار ان المراد منه المشهور لا الاجماع الاصطلاحى بقرينة المقابلة فى قوله عليه‌السلام واترك الشاذ النادر.

(واما الشهرة العملية) فهى عبارة عن اشتهار الرواية من حيث العمل بان يكون العامل بها كثيرا ويعلم ذلك من استناد المفتين اليها فى مقام الفتوى وبهذه الشهرة منجبر ضعف سند الرواية على المسلك المشهور وفى قبالها اعراض المشهور الموجب لوهن الرواية وان كانت صحيحة من حيث السند وهذا ايضا على المشهور ولكن كونها جابرة لضعف الرواية ومصححة للعمل بها على ما تعرض له بعض الاعاظم اذا كانت الشهرة العملية من قدماء الاصحاب القريبين من عهد الحضور فلا عبرة بالشهرة العملية اذا كانت من المتأخرين خصوصا اذا خالفت شهرة القدماء (والنسبة) بين الشهرة الروائية والشهرة العملية العموم من وجه اذ ربما تكون الرواية مشهورة ولكن لم يستندوا اليها فى مقام العمل وربما ينعكس الامر وقد يتوافقان.

(واما الشهرة الفتوائية) فهى عبارة عن مجرد اشتهار الفتوى فى مسئلة من الاصحاب من دون استناد منهم الى رواية سواء لم تكن هناك رواية اصلا أم كانت على خلاف الفتوى او على وفقها ولكنه لم يكن استناد الفتوى اليها وهذه الشهرة الفتوائية لا تكون جابرة لضعف الرواية لان الجبر انما يكون بالاستناد الى الرواية ولا اثر لمجرد مطابقة الفتوى لمضمون الرواية بلا استناد اليها ولكن تكون كاسرة لصحة الرواية اذا كانت الشهرة من القدماء بعكس الشهرة العملية الاستنادية حيث انها كانت جابرة لضعف الرواية كما أشرنا اليه آنفا.

(وهذه الشهرة الفتوائية) هى المبحوث عنها فى حجيتها وعدم حجيتها فى المقام كما اشار الشيخ قدس‌سره الى ذلك بقوله ومن جملة الظنون التى توهم حجيتها بالخصوص الشهرة فى الفتوى الحاصلة بفتوى جلّ الفقهاء المعروفين الخ

(قوله ثم ان المقصود هنا الخ) يعنى ان المقصود فى البحث عن الشهرة

١٢٦

هو البحث عن حجيتها بالخصوص من جهة قيام دليل خاص عليها بعنوانها الخاص من غير نظر الى كونها من جزئيات مطلق الظن فانه ليس مقصودا بالبحث فى المقام وإلّا فالقول بحجيتها من حيث افادتها المظنة بناء على دليل الانسداد غير بعيد

(ثم) انه قد ذكر بعضهم ان الاقوال فى المسألة اربعة(القول) بحجيتها مطلقا وقد نسب اختياره الى الشهيد قدس‌سره فى الذكرى والى بعض الاصوليين (القول) بعدم حجيتها مطلقا وقد نسب هذا القول الى الاكثر بل نقلت الشهرة عليه (والتفصيل) بين الشهرة المدعاة قبل زمان الشيخ وبعده بالقول بالحجية فى الاولى ونفيها فى الثانية اختاره صاحب المعالم (والتفصيل) بين الشهرة المقرونة بوجود خبر ولو فى كتب العامة وغيرها بالحجية فى الاولى دون الثانية واختاره صاحب الرياض فى الرسالة المفردة فى هذه المسألة وحكاه عن الوحيد البهبهانى انتهى

(قوله ثم ان منشأ توهم كونها من الظنون الخاصة امران الخ) انه قد استدل على حجيتها بالخصوص بامرين الاول ان الظن الحاصل من الشهرة الفتوائية اقوى من الظن الحاصل من خبر الواحد العادل فالادلة الدالة على حجية خبر الواحد تدل على حجيتها بالاولوية(وحاصل الجواب) عن الدليل الاول على ما اشار اليه الشيخ قدس‌سره بقوله ووجه الضعف الخ ان مناط الحجية فى الخبر الواحد ليس هو الظن الشخصى حتى يقال باولوية الشهرة فى الحجية لاقوائية الظن الحاصل منها من الظن الحاصل من الخبر الواحد وانما ذلك من جهة قيام دليل بالخصوص على حجيته من السيرة وغيرها ولو من جهة كونه مفيدا للظن النوعى.

(قوله واضعف من ذلك) هذا جواب ثان منه قدس‌سره عن الدليل الاول وحاصله ان تسمية هذه الاولوية فى كلام البعض المذكور مفهوم الموافقة اضعف من ذلك مع انه ما كان استفادة حكم الفرع من الدليل اللفظى الدال على حكم الاصل مثل قوله تعالى (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) والظاهر ان مراده ان حكم الفرع فى مفهوم الموافقة يجب ان يكون مستفادا من نفس الدليل اللفظى الذى قد استفيد منه حكم

١٢٧

الاصل بان يكون من اللوازم البيّنة له بالمعنى الاخص ليكون من مداليل اللفظ كما هو الشأن فى كل مفهوم ومن المعلوم ان اعتبار الشهرة فى الفتوى على تقدير استفادته من ادلة اعتبار خبر الواحد ليس بهذه المثابة على نحو كان من المداليل اللفظية لها.

(قوله حيث وجه حجية الشياع الظنى الخ) اقول قد فسر بعض الشياع الظنى بانه اخبار جماعة بها تأمن النفس من تواطئهم على الكذب ويحصل بخبرهم الظن المتاخم للعلم والفرق بين الشياع والشهرة على ما قيل ان الاول فى الموضوعات والثانى فى الاحكام ولذا عبر الشيخ قدس‌سره بكلمة النظير

١٢٨

(الامر الثانى) دلالة مرفوعة زرارة ومقبولة ابن حنظلة على ذلك ففى الاولى قال زرارة قلت جعلت فداك يأتى عنكم الخبران والحديثان المتعارضان فبايّهما نعمل قال عليه‌السلام خذ بما اشتهر بين اصحابك ودع الشاذ النادر قلت يا سيدى هما معا مشهوران مأثوران عنكم قال خذ بما يقوله اعدلهما الخبر. بناء على ان المراد بالموصول مطلق المشهور رواية او فتوى او ان اناطة الحكم بالاشتهار يدل على اعتبار الشهرة فى نفسه وان لم يكن فى الرواية وفى المقبولة بعد فرض المسائل تساوى الراويين فى العدالة قال عليه‌السلام ينظر الى ما كان من روايتهم عنا فى ذلك الذى حكما به المجمع عليه بين اصحابك فيؤخذ به ويترك الشاذ الذى ليس بمشهور عند اصحابك فان المجمع عليه لا ريب فيه وانما الامور ثلاثة امر بيّن رشده فيتبع وامر بيّن غيّه فيجتنب وامر مشكل يردّ حكمه الى الله ورسوله قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجى عن المحرمات ومن اخذ بالشبهات وقع فى المحرمات وهلك من حيث لا يعلم.

قلت فان كان الخبر ان عنكم مشهورين قدروهما الثقات عنكم الى آخر الرواية بناء على ان المراد بالمجمع عليه فى الموضعين هو المشهور بقرينة اطلاق المشهور عليه فى قوله ويترك الشاذ الذى ليس بمشهور فيكون فى التعليل بقوله فان المجمع عليه الخ دلالة على ان المشهور مطلقا مما يجب العمل به وان كان مورد التعليل الشهرة فى الرواية ومما يؤيد ارادة الشهرة من الاجماع ان المراد لو كان الاجماع الحقيقى لم يكن ريب فى بطلان خلافه مع ان الامام عليه‌السلام جعل مقابله مما فيه الريب.

(اقول) مما قد استدل على حجية الشهرة الفتوائية ما فى مرفوعة زرارة من قوله عليه‌السلام خذ بما اشتهر بين اصحابك ودع الشاذ النادر حيث دل على الاخذ بالشهرة وترك ما يقابلها بدعوى عموم الموصول لكل ما اشتهر بين الاصحاب سواء

١٢٩

كان بحسب الرواية او بحسب الفتوى او اناطة الحكم بالاشتهار من جهة مفهوم الوصف للاخذ بالمشهور مطلقا رواية او فتوى.

(وما فى المقبولة) التى رواها المشايخ الثلاثة باسنادهم عن عمر بن حنظلة من التعليل فى الموضعين بقوله عليه‌السلام فان المجمع عليه لا ريب فيه بتقريب ان المراد من المجمع عليه فيها ليس هو الاجماع الاصطلاحى بل المراد منه المشهور بقرينة المقابلة فى قوله عليه‌السلام واترك الشاذ النادر فيرجع مفاد التعليل الى ان المشهور مما لا ريب فيه وعموم التعليل يشمل الشهرة الفتوائية وان كان مورد التعليل خصوص الشهرة فى الرواية.

(ومما يؤيد) ارادة الشهرة من الاجماع ان المراد لو كان الاجماع الحقيقى يعنى به اتفاق الكل لم يكن ريب فى بطلان خلافه مع ان الامام عليه‌السلام قد جعل مقابله مما فيه الريب اى بمفهوم قوله فان المجمع عليه لا ريب فيه.

١٣٠

(ولكن) فى الاستدلال بالروايتين ما لا يخفى من الوهن اما الاولى فيرد عليها مضافا الى ضعفها حتى انه ردّها من ليس دأبه الخدشة فى سند الروايات كالمحدث البحرانى ان المراد بالموصول هو خصوص الرواية المشهورة من الروايتين دون مطلق الحكم المشهور ألا ترى انك لو سألت عن ان اىّ المسجدين احب اليك قلت ما كان الاجتماع فيه اكثر لم يحسن للمخاطب ان ينسب اليك محبوبية كل مكان يكون الاجتماع فيه اكثر بيتا كان او خانا او سوقا وكذا لو احببت عن سؤال المرجح لاحد الرمانين فقلت ما كان اكبر.

(والحاصل) اين دعوى العموم فى المقام لغير الرواية مما لا يظن بادنى التفاوت مع ان الشهرة الفتوائية مما لا يقبل ان يكون فى طرفى المسألة فقوله يا سيدى انهما مشهوران مأثوران أوضح شاهد على ان المراد الشهرة فى الرواية الحاصلة بكون الرواية مما اتفق الكل على روايته او تدوينه وهذا مما يمكن اتصاف الروايتين المتعارضتين به ومن هنا يعلم الجواب عن التمسك بالمقبولة وانه لا تنافى بين اطلاق المجمع عليه على المشهور وبالعكس حتى تصرف احدهما عن ظاهره بقرينة الآخر فان اطلاق المشهور فى مقابل الاجماع انما هو اطلاق حادث تختص بالاصوليين وإلّا فالمشهور هو الواضح المعروف ومنه شهر فلان سيفه وسيف شاهر.

فالمراد انه يؤخذ بالرواية التى يعرفها جميع اصحابك ولا ينكرها احد منهم ويترك ما لا يعرفه إلّا الشاذ ولا يعرفها الباقى فالشاذ مشارك للمشهور فى معرفة الرواية المشهورة والمشهور لا يشارك الشاذ فى معرفة الرواية الشاذة ولهذا كان الرواية المشهورة من قبيل بيّن الرشد والشاذ من قبيل المشكل الذى يرد علمه الى اهله وإلّا فلا معنى للاستشهاد بحديث التثليث ومما يضحك الثكلى فى هذا المقام توجيه قوله هما معا مشهوران بامكان انعقاد الشهرة فى عصر على فتوى وفى عصر آخر على خلافها كما قد يتفق بين القدماء والمتأخرين فتدبر.

(اقول) أما الجواب عن المرفوعة فيرد عليها مضافا الى كونها من المراسيل

١٣١

التى لا يصح الاعتماد عليها فانها مروية فى كتاب غوالى اللئالى لابن ابى جمهور الاحسائى عن العلامة مرفوعة الى زرارة ولم يثبت توثيق راويها حتى طعن فيها من ليس دأبه الخدشة فى سند الروايات كالمحدث البحرانى فى الحدائق ان المراد من الموصول هو خصوص الخبر المشهور من الخبرين دون مطلق الحكم المشهور بقرينة ان السؤال انما هو عن الخبرين المتعارضين فالسؤال عن الخبرين قرينة على ان المراد من الموصول خصوص الخبر المشهور لا مطلق المشهور كما يظهر بالتأمل فى نظائره من الامثلة فاذا قيل اىّ المسجدين تحب فقال فى الجواب ما كان الاجتماع فيه اكثر كان ظاهرا فى خصوص المسجد الذى كان الاجتماع فيه اكثر لا مطلق المكان الذى كان الاجتماع فيه اكثر وكذا لو قيل اىّ الرمانتين تريد فقال فى الجواب ما كان اكبر كان ظاهرا فى ان المراد هو الاكبر من الرمانتين لا مطلق الاكبر فتبين انها مختصة بالشهرة الروائية فلا اطلاق لها ليشمل الشهرة الروائية والشهرة الفتوائية كما أشار الى ذلك قدس‌سره بقوله والحاصل ان دعوى العموم فى المقام لغير الرواية مما لا يظن بادنى التفات مع ان الشهرة الفتوائية مما لا يقبل ان يكون فى طرفى المسألة الخ.

(واما الجواب عن المقبولة) مضافا الى ضعفها ايضا لعدم ثبوت وثاقة عمر بن حنظلة ولم يذكر له توثيق فى كتب الرجال فلاختصاصها بالشهرة فى الرواية ايضا لان المراد من قوله عليه‌السلام فان المجمع عليه لا ريب فيه هو كون احد الخبرين مما قد اتفق الكل عليه وهو مخصوص بباب الشهرة فى الرواية حيث امكن كون احد الخبرين مما قد اتفق الكل عليه حتى الراوى لخبر الشاذ كامكان كون الخبرين كليهما مجمعا عليهما بهذا المعنى بخلاف الشهرة الفتوائية فانها لا يمكن فيها هذا المعنى.

(فتحصل) ان الشهرة الفتوائية مما لم يقم دليل على حجيتها فحينئذ تبقى لا محالة تحت الاصل الاولى وهو حرمة العمل بالظن نعم مثل هذه الشهرة اذا كانت من القدماء تكون موهنة لصحة الرواية وان لم تكن جابرة لضعفها كما اشرنا الى ذلك فيما سبق فراجع.

١٣٢

(قوله وإلّا فلا معنى للاستشهاد) لان المقصود من الاستشهاد بيان حكم الشاذ والمشكل دون الامر البين الرشد والبين الغى لوضوح امرهما وعدم احتياجهما الى الاستشهاد بكلام الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله فلا بد ان يكون الشاذ داخلا فى الامر المشكل فى تثليث الامام عليه‌السلام وفى المشتبه فى تثليث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله دون بيّن الغىّ والحرام البيّن.

(قوله ومما يضحك الثكلى فى هذا المقام) اقول الوجه فيه انه قد فرض الراوى الشهرة فى كلا الخبرين المتعارضين فى زمان صدورهما ولكن وجّه بعض قوله هما معا مشهوران بامكان انعقاد الشهرة فى عصر على فتوى وفى عصر آخر على خلافها كما قد يتفق بين القدماء والمتأخرين وهذا التوجيه مما يضحك الثكلى كيف لا يضحكها والحال انه لم يتحقق فى زمن الائمة عليهم‌السلام صدور الفتاوى ولا طبقة المتأخرين والقدماء لكى يسأل احد عن حكم الشهرتين المتعارضتين منهما.

١٣٣

(ومن جملة الظنون الخارجة بالخصوص عن اصالة حرمة العمل بغير العلم خبر الواحد) فى الجملة عند المشهور بل كاد أن يكون اجماعا اعلم ان اثبات الحكم الشرعى بالاخبار المروية عن الحجج عليهم‌السلام موقوف على مقدمات ثلاث : الاولى كون الكلام صادرا عن الحجة الثانية كون صدوره لبيان حكم الله لا على وجه آخر من تقية وغيرها الثالثة ثبوت دلالتها على الحكم المدعى وهذا يتوقف اولا على تعيين اوضاع الفاظ الرواية وثانيا على تعيين المراد منها وان المراد مقتضى وضعها او غيره فهذه امور اربعة قد اشرنا الى كون الجهة الثانية من المقدمة الثالثة من الظنون الخاصة وهو المعبر عنه بالظهور اللفظى والى ان الجهة الاولى منها مما لم يثبت كون الظن الحاصل فيها بقول اللغوى من الظنون الخاصة واما المقدمة الثانية فهو ايضا ثابت باصالة عدم صدور الرواية لغير داعى بيان الحكم الواقعى وهى حجة لرجوعها الى القاعدة المجمع عليها بين العلماء والعقلاء من حمل كلام المتكلم على كونه صادرا لبيان مطلوبه الواقعى لا لبيان خلاف مقصوده من تقية او خوف ولذا لا يسمع دعواه ممن يدعيه اذا لم يكن كلامه محفوفا باماراته.

(اقول) قد تقدم فى تأسيس الاصل عند الشك فى التعبد بالامارات الغير العلمية ان الاصل الاوّلى المؤسّس فى الظنون فى قبال القول باعتباره بانسداد باب العلم الذى كان موجبا للرجوع الى مطلق الظن من غير اختصاص بخبر الثقة يقتضى حرمة التعبد بكل امارة لم يعلم التعبد بها من قبل الشارع بالادلة الاربعة التى تقدم ذكرها تفصيلا فى اوائل الظن.

(ومن جملة الظنون الخارجة) عن الاصل المذكور بالخصوص خبر الواحد فى الجملة على المشهور بين الاصحاب بل كاد أن يكون اجماعا (وليعلم) ان البحث عن حجية خبر الواحد من اهم المسائل الاصولية اذ العلم الضرورى بالاحكام الشرعية غير حاصل الا فى الاحكام الكلية الاجمالية كوجوب الصلاة والصوم وامثالهما والعلم الغير الضرورى بالاحكام كالعلم الحاصل من الخبر المقطوع

١٣٤

صدوره للتواتر او للقرينة القطعية قليل جدا (فمعظم) الفقه من الطهارة الى الديات انما يثبت باخبار الآحاد فالبحث عن حجيتها من اهم المسائل الاصولية وباثباتها ينفتح باب العلمى فى الاحكام الشرعية وينسد باب الانسداد وبعدمها ينسدّ باب العلمى وهذا واضح ظاهر.

(قوله بالخصوص) يعنى خروج خبر الواحد عن تحت الاصل الاوّلى كان بادلة خاصة يأتى ذكرها تفصيلا إن شاء الله تعالى فهو من قبيل الظن الخاص وهو ما ثبت اعتباره بدليل خاص عقلا او نقلا لا لاجل الاضطرار الى اعتبار مطلق الظن بعد تعذر العلم (ويقابله) الظن المطلق وهو ما ثبت اعتباره من جهة انسداد باب العلم بخصوص الاحكام الشرعية ولا بأس بالاشارة الى تعريف الظن النوعى والشخصى (والمراد) بالاول هو كون اللفظ بنفسه لو خلى وطبعه مفيدا للظن بالمراد وبالثانى هو كون اللفظ بنفسه مفيدا للظن الفعلى بالمراد.

(قوله فى الجملة) اشارة الى الاختلافات التى هى بين القائلين باعتبار خبر الواحد سيتعرض لها الشيخ قدس‌سره فيما يأتى واما القائلون بالاعتبار فهم مختلفون من جهة ان المعتبر من اخبار الآحاد كل ما فى الكتب المعتبرة كما يحكى عن بعض الاخباريين ايضا وتبعهم بعض المعاصرين من الاصوليين بعد استثناء ما كان مخالفا للمشهور او ان المعتبر بعضها وان المناط فى الاعتبار عمل الاصحاب كما يظهر من كلام المحقق او عدالة الراوى او وثاقته او مجرد الظن بصدور الرواية من غير اعتبار صفة فى الراوى او غير ذلك من التفصيلات فى الاخبار والمقصود هنا بيان اثبات حجية خبر الواحد بالخصوص فى الجملة فى مقابل السلب الكلى.

(وكيف كان) فاثبات الحكم الشرعى بالخبر الواحد يتوقف على عدة امور(منها) اصل الصدور(ومنها) صدور الخبر عن المعصوم عليه‌السلام لبيان الحكم الواقعى لا للتقية ونحوها والمتكفل لجهة الصدور هو الاصول العقلائية ايضا فانها تقتضى ان يكون جهة صدور الكلام من المتكلم لبيان المراد النفس الامرى وان مؤداه هو

١٣٥

المقصود إلّا ان يثبت خلافه وعلى ذلك استقرت طريقة العقلاء واستمرت سيرتهم فى محاوراتهم.

(ومنها) ثبوت دلالتها على الحكم المدعى وثبوت الدلالة يتوقف اولا على تعيين اوضاع الفاظ الرواية وثانيا على تعيين المراد من الفاظ الرواية وان المراد مقتضى وضعها او غيره والمتكفل لهذه الجهة الثالثة من جهة الظهور وارادة الظهور هو الاوضاع اللغوية والقرائن العامة والاصول العقلائية وقد تقدم تفصيل ذلك كله فى البحث عن حجية الظواهر وقول اللغويين فى الاوضاع (فتحصل) ان اثبات الحكم الشرعى بخبر الواحد موقوف على احراز هذه الامور المذكورة ولو بالاصول العقلائية.

١٣٦

(اما المقدمة الاولى) فهى التى عقد لها مسئلة حجية اخبار الآحاد فمرجع هذه المسألة الى ان السنة اعنى قول الحجة او فعله او تقريره هل تثبت بخبر الواحد ام لا تثبت إلّا بما يفيد القطع من التواتر والقرينة ومن هنا يتضح دخولها فى مسائل اصول الفقه الباحثة عن احوال الادلة ولا حاجة الى تجشم دعوى ان البحث عن دليلية الدليل بحث عن احوال الدليل ثم اعلم ان اصل وجوب العمل بالاخبار المدونة فى الكتب المعروفة مما اجمع عليه فى هذه الاعصار بل لا يبعد كونه ضرورى المذهب وانما الخلاف فى مقامين.

(احدهما) كونها مقطوعة الصدور او غير مقطوعة فقد ذهب شرذمة من متأخرى الاخباريين فيما نسب اليهم الى كونها قطعية الصدور وهذا قول لا فائدة فى بيانه والجواب عنه الا التحرز عن حصول هذا الوهم لغيرهم كما حصل لهم وإلّا فمدعى القطع لا يلزم بذكر ضعف مبنى قطعه وقد كتبنا فى سالف الزمان فى رد هذا القول رسالة تعرضنا فيها لجميع ما ذكروه وبيان ضعفها بحسب ما ادى اليه فهمى القاصر.

(الثانى) انها مع عدم قطعية صدورها معتبرة بالخصوص ام لا فالمحكى عن السيد والقاضى وابن زهرة والطبرسى وابن ادريس قدس‌سرهم المنع وربما نسب الى المفيد حيث حكى عنه فى المعارج انه قال ان خبر الواحد القاطع للعذر هو الذى يقترن اليه دليل يفضى بالنظر الى العلم وربما يكون ذلك اجماعا او شاهدا من عقل وربما ينسب الى الشيخ كما سيجىء عند نقل كلامه وكذا الى المحقق بل الى ابن بابويه بل فى الوافية انه لم يجد القول بالحجية صريحا ممن تقدم على العلامة وهو عجيب.

(يعنى) ان المقصود بالبحث فى المقام هو الامر الاول وهو صدور الخبر من المعصوم عليه‌السلام والمتكفل لاثبات هذه الجهة هى الادلة الدالة على حجية الخبر الواحد كما قال قدس‌سره فهى التى عقد لها مسئلة حجية اخبار الآحاد.

١٣٧

(قوله فمرجع هذه المسألة الى ان السنة الخ) يعنى ان البحث عن حجية خبر الواحد يرجع الى ثبوت السنة التى هى قول المعصوم او فعله او تقريره بخبر الواحد ام لا فيكون البحث عن عوارض السنة التى هى احد الادلة الاربعة التى هى موضوع علم الاصول فيكون البحث عن حجيته من عوارضها الذاتية ومن هنا يتضح دخولها فى مسائل اصول الفقه الباحثة عن احوال الادلة.

(قوله ولا حاجة الى تجشم دعوى الخ) اشارة الى ما يظهر من الفصول فانه صرح ان المراد من الادلة الاربعة التى هى موضوع علم الاصول ذات الادلة لا هى مع وصف كونها ادلة فالبحث عن حجية خبر الواحد ودليلية الدليل بحث عن احوال الدليل فيكون البحث عن حجية الخبر داخلا فى مسائل اصول الفقه الباحثة عن احوال الادلة ولكن الشيخ قدس‌سره قد اشار بقوله المتقدم بتوضيح منا من ان مرجع هذه المسألة الى ان السنة الخ الى عدم الحاجة الى تجشم دعوى ان البحث عن دليلية الدليل بحث عن احوال الدليل.

(قوله ثم اعلم ان اصل وجوب العمل الخ) اقول ان المشهور حجية خبر الواحد بل يمكن دعوى الاجماع عليه فى الاعصار المتأخرة خصوصا بالنسبة الى الاخبار المدونة فيما بايدينا من الكتب المعروفة حيث يظهر منهم كون وجوب العمل بهذه الاخبار من المسلمات عندهم وان اختلفوا فى وجهه.

(نعم) حكى القول بعدم الحجية عن جماعة كالسيد المرتضى والقاضى وابن زهرة والطبرسى وابن ادريس بل نسب ذلك الى الشيخ ايضا حتى ان السيد قدس‌سره حكم بجريان العمل به مجرى القياس بل ادعى الضرورة عليه وفى المحكى قال فى الموصليات على ما حكى فى السرائر ان اصحابنا كلهم سلفهم وخلفهم ومتقدميهم ومتأخريهم يمنعون عن العمل باخبار الآحاد وعن القياس فى الشريعة ويعيبون على الذاهب اليهما والمتعلق بهما حتى صار هذا المذهب لظهوره وانتشاره معلوما ضرورة منهم وغير مشكوك فيه من اقوالهم.

١٣٨

(وفى المعالم) وما ذكره السيد فى جواب المسائل التبانيات من ان اصحابنا لا يعملون بخبر الواحد وان ادعاء خلاف ذلك عليهم دفع للضرورة قال لانا نعلم علما ضروريا لا يدخل فى مثله ريب ولا شك ان علماء الشيعة الامامية يذهبون الى ان اخبار الآحاد لا يجوز العمل بها فى الشريعة ولا التعويل عليها وانها ليست بحجة ولا دلالة وقد ملئوا الطوامير وسطروا الاساطير فى الاحتجاج على ذلك والنقض على مخالفيهم فيه انتهى محل الحاجة من كلامه ولكن المشهور هو المنصور بالادلة التى يأتى ذكرها عن قريب إن شاء الله تعالى.

(ولكن) لا يصح الاعتماد والاتكال على هذا الاجماع لاختلاف المجمعين فى مدرك الحجية فان منهم من يعتمد على هذه الاخبار لتخيل انها قطعية الصدور فقد نسب هذا القول الى شرذمة من الاخباريين قال المحدث الامين الاسترآبادى على ما حكى عنه ان اخبارنا كلها قطعية وقال الشيخ الحر العاملى فى آخر الوسائل ان اخبار الكتب الاربعة وما يشابهها من الكتب المعتمدة المشهورة قطعية وهذان القولان فى غاية الضعف كما قال الشيخ قدس‌سره وهذا قول لا فائدة فى بيانه والجواب عنه الا التحرز عن حصول هذا الوهم لغيرهم كما حصل لهم الى ان قال.

(ومنهم) من يعتمد عليها من اجل اعتماده على الظن المطلق بمقدمات الانسداد

(ومنهم) من يعتمد عليها لاجل قيام الدليل بالخصوص عنده على حجيتها والاجماع الذى يكون هذا شأنه لا يصح الاتكال عليه واخذه دليلا فى المسألة فلا بد للقائل بحجية اخبار الآحاد من اقامة الدليل على مدعاه اذا لم يكن ممن يرى حجية مطلق الظن بمقدمات الانسداد ولم تكن الاخبار فى نظره مقطوعة الصدور واما اعتبارها من باب الظن المطلق فهو مبنى على صحة مقدمات الانسداد وسيأتى الكلام فيها.

(قوله لا يلزم بذكر ضعف مبنى قطعه) هذا انما يتم بالنسبة الى العوام او

١٣٩

بعض الاشخاص الحاوى للعصبية وإلّا فمن المعلوم فى اكثر المواضع ان مدعى القطع يرتدع بمجرد ذكر ضعف مبنى قطعه

(قوله وهو عجيب) ان منشأ التعجب ان كلمات من تقدم على العلامة كما تأتى مشحونة به مضافا الى ما ذكره ره لا يساوق مع ادعاء العلامة ره الاجماع على العمل بخبر الواحد

١٤٠