درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٢

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩

الاخذ فان الاصل والقاعدة فى مسائل الاصول هو الاخذ بطريق النظر والاستدلال ويدل عليه مواضع من كلماته فى العدة إلّا ان الخطاء فى ترك هذا الاصل معفوّ عنه ولا يكونون فى حكم الفساق ويدل على العفو عنهم عدم قطع الائمة والعلماء الموالاة والمعاشرة منهم واذا لم يحكم بفسقهم فلا يلزم ترك ما نقلوه.

(على ان) من اشاروا اليه لا نسلم انهم كلهم مقلدة بل لا يمتنع ان يكونوا عالمين بالدليل على سبيل الجملة كما يقول اهل العدل فى حق كثير من اهل الاسواق والعامة وليس من حيث يتعذر عليهم ايراد الحجج ينبغى ان يكونوا غير عالمين لان ايراد الحجج والمناظرة صناعة ليس يقف حصول المعرفة على حصولها كما قلنا (فى اصحاب الجملة) وهم الذين لهم على اعتقاداتهم الحقة دليل اجمالى اقتفوا به فى حصول الاعتقاد وبعبارة اخرى ان المراد بهم من وصل الى الحق عن دليل اجمالى مع عدم قدرته على ايراده بحسب الاصطلاحات المقررة عند اهلها كغالب اهل السوق والعوام.

(وليس لاحد) ان يقول هؤلاء المقلدة ليسوا من اصحاب الجملة لانهم اذا سألوا عن التوحيد او العدل او صفات الائمة او صحة النبوة قالوا روينا كذا يروون فى ذلك كله الاخبار والآثار المنقولة عن الائمة عليهم‌السلام وليس هذا طريق اصحاب الجملة(وذلك) انه ليس يمتنع ان يكون هؤلاء المقلدة من اصحاب الجملة وقد حصل لهم المعارف بالله إلّا انهم لما تعذر عليهم ايراد الحجج فى ذلك احالوا على ما كان سهلا عليهم من نقل الروايات اذا سألوا عن التوحيد او العدل او صفات الائمة وليس يلزمهم ان يعلموا ان ذلك اى ايراد الرواية فى الاصول لا يصح ان يكون دليلا الا بعد ان يتقدم منهم المعرفة بالله للزوم الدور لو جعل دليلا على المعرفة قبل المعرفة لان حجية الخبر موقوف على ثبوت النبوة والامامة فاثباتهما به مستلزم للدور وانما الواجب عليهم ان يكونوا عالمين على الاصول وهم عالمون بها على الجملة كما قرره رحمه‌الله فما يتفرع على التمسك بالرواية فى الاصول من الخطاء فى ترك تحصيل العلم بذلك لا يوجب التكفير ولا التفسيق.

٣٠١

(واما الفرق) الذين اشار اليهم من الواقفية والفطحية وغير ذلك فعن ذلك جوابان ثم ذكر الجوابين وحاصل احدهما كفاية الوثاقة فى العمل بالخبر ولهذا قبل خبر ابن بكير وبنى فضال وبنى سماعة وحاصل الثانى انا لا نعمل برواياتهم إلّا اذا انضم اليها رواية غيرهم ومثل الجواب الاخير ذكر فى رواية الغلات ومن هو متهم فى نقله وذكر الجوابين ايضا فى رواية المجبّرة والمشبّهة بعد منع كونهم مجبرة ومشبهة لان روايتهم لاخبار الجبر والتشبيه لا يدل على ذهابهم اليه ثم قال فان قيل ما انكرتم ان يكون الذين اشرتم اليهم لم يعملوا بهذه الاخبار لمجردها بل انما عملوا بها لقرائن اقترنت بها دلتهم على صحتها ولاجلها عملوا بها ولو تجددت لما عملوا بها واذا جاز ذلك لم يكن الاعتماد على عملهم بها قيل لهم القرائن التى تقترن بالخبر ويدل على صحة اشياء مخصوصة نذكرها فيما بعد من الكتاب والسنة والاجماع والتواتر ونحن نعلم انه ليس فى جميع المسائل التى استعملوا فيها اخبار الآحاد ذلك لانها اكثر من ان تحصى موجودة فى كتبهم وتصانيفهم وفتاويهم لانه ليس فى جميعها يمكن الاستدلال بالقرآن لعدم ذكر ذلك فى صريحه وفحواه ودليله ومعناه ولا فى السنة المتواترة لعدم ذكر ذلك فى اكثر الاحكام بل وجودها فى مسائل معدودة ولا فى الاجماع بوجود الاختلاف فى ذلك فعلم ان دعوى القرائن فى جميع ذلك دعوى محالة. (ثم قال رئيس الطائفة) فى العدة واما الفرق الذين اشاروا اليهم من الواقفية والفتحية والناووسية وغيرهم فعن ذلك جوابان.

(احدهما) ان ما يرويه هؤلاء يجوز العمل به اذا كانوا ثقات فى النقل وان كانوا مخطئين فى الاعتقاد اذا علم من اعتقادهم تمسكهم بالدين وتحرجهم عن الكذب ووضع الاحاديث وهذه كانت طريقة جماعة عاصروا الائمة عليهم‌السلام نحو عبد الله بن بكير وسماعة بن مهران ونحو بنى فضال من المتأخرين عنهم وبنى سماعة ومن شاكلهم فاذا علمنا ان هؤلاء الذين اشرنا اليهم وان كانوا مخطئين فى الاعتقاد

٣٠٢

من القول بالوقف وغير ذلك كانوا ثقات فى النقل فما يكون طريقه هؤلاء جاز العمل به.

(والجواب الثانى) ان جميع ما يرويه هؤلاء اذا اختصوا بروايته لا يعمل به وانما يعمل به اذا انضم الى روايتهم رواية من هو على الطريقة المستقيمة والاعتقاد الصحيح فحينئذ يجوز العمل به فاما اذا انفرد فلا يجوز ذلك فيه على حال وعلى هذا سقط الاعتراض.

(فاما ما رواه الغلات) ومن هو مطعون عليه فى روايته ومتّهم فى وضع الاحاديث فلا يجوز العمل بروايته اذا انفرد واذا انضم الى روايته رواية بعض الثقات جاز ذلك ويكون ذلك لاجل رواية الثقة دون روايته.

(واما المجبرة والمشبهة) بعد منع كونهم مجبرة ومشبهة فان روايتهم لاخبار الجبر والتشبيه لا يدل على انهم معتقدون لصحتها ولو كانوا معتقدين للجبر والتشبيه كان الكلام على ما يروونه كالكلام على ما يرويه الفرق المتقدم ذكرها.

(ثم قال فان قيل) ما انكرتم ان يكون الذين اشرتم اليهم لم يعملوا بهذه الاخبار بمجردها بل انما عملوا بها لقرائن اقترنت بها دلّتهم على صحتها لاجلها عملوا ولو تجردت لما عملوا بها واذا جاز ذلك لم يكن الاعتماد على عملهم بها (قيل له) القرائن التى تقترن بالخبر ويدل على صحته اشياء مخصوصة نذكرها فيما بعد من الكتاب والسنة والاجماع والتواتر ونحن نعلم انه ليس فى جميع المسائل التى استعملوا فيها اخبار الآحاد ذلك اى اقتران الخبر بالقرينة لانها اكثر من ان تحصى موجودة فى كتبهم وتصانيفهم وفتاويهم لانه ليس فى جميعها يمكن الاستدلال بالقرآن لعدم ذكر ذلك اى جميع المسائل فى صريح القرآن وفحواه ودليله ومعناه ولا فى السنة المتواترة لعدم ذلك اى وجود التواتر فى اكثر الاحكام بل وجودها فى وسائل المعدودة ولا فى الاجماع لوجود الاختلاف فى ذلك اى فى اكثر الاحكام فعلم ان دعوى القرائن فى جميع هذه المسائل دعوى محالة.

٣٠٣

(ومن ادعى القرائن) فى جميع ما ذكرنا كان السبر بيننا وبينه بل كان معوّلا على ما يعلم ضرورة خلافه ومدعيا لما يعلم من نفسه ضده ونقيضه ومن قال عند ذلك انى متى عدمت شيئا من القرائن حكمت بما يقتضيه العقل يلزمه ان يترك اكثر الاخبار واكثر الاحكام ولا يحكم فيها بشىء ورد الشرع به وهذا حد يرغب اهل العلم عنه ومن صار اليه لا يحسن مكالمته لانه يكون معولا على ما يعلم ضرورة من الشرع خلافه انتهى ثم اخذ فى الاستدلال ثانيا على جواز العمل بهذه الاخبار بانا وجدنا اصحابنا مختلفين فى المسائل الكثيرة فى جميع ابواب الفقه وكل منهم يستدل ببعض هذه الاخبار ولم يعهد من احد منهم تفسيق صاحبه وقطع المودة عنه فدل ذلك على جوازه عندهم ثم استدل ثالثا على ذلك بان الطائفة وضعت للكتب لتميّز الرجال الناقلين لهذه الاخبار وبيان احوالهم من حيث العدالة والفسق والموافقة فى المذهب والمخالفة وبيان من يعتمد على حديثه ومن لا يعتمد واستثنوا الرجال من جملة ما رووه فى التصانيف وهذه عادتهم من قديم الوقت الى حديثه فلولا جواز العمل برواية من سلم عن الطعن لم يكن فائدة لذلك كله انتهى المقصود من كلامه زاد الله فى علو مقامه (حاصله) ان من ادعى القرائن فى جميع ما ذكرنا كان السبر بيننا وبينه بل كان معولا على ما يعلم ضرورة خلافه مدافعا لما يعلم من نفسه ضده ونقيضه ومن قال عند ذلك انى متى عدمت شيئا من القرائن حكمت بما يقتضيه العقل اى اصل البراءة يلزمه ان يترك اكثر الاخبار واكثر الاحكام ولا يحكم فيها بشىء ورد الشرع به وهذا حد يرغب اهل العلم عنه ومن صار اليه لا يحسن مكالمته لانه يكون معولا على ما يعلم ضرورة من الشرع خلافه.

(قوله كان السبر) السبر بالفتح مصدر سبر يسبر وله معان تعرض لها اهل اللغة والمناسب فى المقام منها هو الامتحان والاختبار يقال سبر الامر اى جربه واختبره.

(ثم قال فى العدة) ومما يدل ايضا على جواز العمل بهذه الاخبار التى

٣٠٤

اشرنا اليها ما ظهر بين الفرق المحقة من الاختلاف الصادر عن العمل بها فانى وجدتها مختلفة المذاهب فى الاحكام يفتى احدهم بما لا يفتى به صاحبه فى جميع ابواب الفقه من الطهارة الى باب الديات من العبادات والاحكام والمعاملات والفرائض وغير ذلك مثل اختلافهم فى العدد والرؤية فى الصوم واختلافهم فى ان التلفظ بثلث تطليقات هل تقع واحدة ام لا ومثل اختلافهم فى باب الطهارة فى مقدار الماء الذى لا ينجسه شيء ونحو اختلافهم فى حد الكر ونحو اختلافهم فى استيناف الماء الجديد لمسح الرأس والرجلين واختلافهم فى اعتبار اقصى مدة النفاس واختلافهم فى عدد فصول الاذان والاقامة.

(وغير ذلك) فى ساير ابواب الفقه حتى ان بابا منه لا يسلم الا وجدت العلماء من الطائفة مختلفة فى مسائل منه او مسئلة متفاوتة الفتاوى وقد ذكرت ما ورد عنهم عليهم‌السلام من الاحاديث المختلفة التى يختص الفقه فى كتابى المعروف بالاستبصار وفى كتاب تهذيب الاحكام ما يزيد على خمسة آلاف حديث وذكرت فى اكثرها اختلاف الطائفة فى العمل بها وذلك اشهر من ان يخفى الى ان قال :

(ثم قال ايضا فى العدة) ومما يدل ايضا على صحة ما ذهبنا اليه انا وجدنا الطائفة ميّزت الرجال الناقلة لهذه الاخبار فوثقت الثقات منهم وضعفت الضعفاء وفرّقوا بين من يعتمد على حديثه وروايته وبين من لا يعتمد على خبره ومدحوا الممدوح منهم وذموا المذموم وقالوا فلان متهم فى حديثه وفلان كذاب وفلان مخلط فى المذاهب والاعتقاد وفلان واقفى وفلان فطحى وغير ذلك من الطعون التى ذكروها وصنفوا فى ذلك الكتب واستثنوا الرجال من جملة ما رووه من التصانيف فى فهارستهم حتى ان واحدا منهم اذا انكر حديثا نظر فى اسناده وضعفه بروايته هذه عادتهم على قديم الوقت وحديثه لا تنخرم فلولا ان العمل بما يسلم من الطعن ويرويه من هو موثوق به جائزا لما كان بينه وبين غيره فرق وكان يكون خبره مطرحا مثل خبر غيره فلا يكون فائدة لشروعهم فيما شرعوا فيه من التضعيف والتوثيق وترجيح الاخبار بعضها على بعض وفى ثبوت ذلك دليل على صحة ما اخترناه انتهى المقصود من كلامه زاد الله فى علو مقامه

٣٠٥

وقد اتى فى الاستدلال على هذا المطلب بما لا مزيد عليه حتى انه اشار فى جملة كلامه الى دليل الانسداد وانه لو اقتصر على الادلة العلمية وعمل باصل البراءة فى غيرها لزم ما علم ضرورة من الشرع خلافه فشكر الله سعيه ثم ان من العجب ان غير واحد من المتأخرين تبعوا صاحب المعالم فى دعوى عدم دلالة كلام الشيخ على حجية الاخبار المجردة عن القرينة قال فى المعالم على ما حكى عنه والانصاف انه لم يتضح من حال الشيخ وامثاله مخالفتهم للسيد قدس‌سره اذ كانت اخبار الاصحاب يومئذ قريبة العهد بزمان لقاء المعصوم عليه‌السلام واستفادة الاحكام منهم وكانت القرائن المعاضدة لها متيسرة كما اشار اليه السيد قدس‌سره ولم يعلم انهم اعتمدوا على الخبر المجرد ليظهر مخالفتهم لرأيه فيه وتفطن المحقق من كلام الشيخ لما قلناه حيث قال فى المعارج ذهب شيخنا ابو جعفر قدس‌سره الى العمل بخبر الواحد العدل من رواة اصحابنا لكن لفظه وان كان مطلقا فعند التحقيق يتبين انه لا يعمل بالخبر مطلقا بل بهذه الاخبار التى رويت عن الائمة عليهم‌السلام ودوّنها الاصحاب لا ان كل خبر يرويه عدل امامى يجب العمل به هذا هو الذى تبين لى من كلامه ويدعى اجماع الاصحاب على العمل بهذه الاخبار حتى لو رواها غير الامامى وكان الخبر سليما عن المعارض واشتهر نقله فى هذه الكتب الدائرة بين الاصحاب عمل به انتهى قال بعد نقل هذا عن المحقق وما فهمه المحقق من كلام الشيخ هو الذى ينبغى ان يعتمد عليه لا ما نسبه العلامة اليه انتهى كلام صاحب المعالم.

(اقول) حاصله ان شيخ الطائفة على ما يستفاد من كلامه ره فى العدة قد أتى فى الاستدلال على هذا المطلب اى حجية خبر الواحد بما لا مزيد عليه حتى انه اشار فى جملة كلامه الى دليل الانسداد يعنى باب العلم بالاحكام منسد لقلة الخبر المتواتر والمحفوف والاجماع فحينئذ لو اقتصر على الادلة العلمية وعمل باصل البراءة فى غيرها لزم ما علم ضرورة من الشرع خلافه.

(ثم ان من العجب) ان غير واحد من المتأخرين تبعا لصاحب المعالم

٣٠٦

ادعوا عدم دلالة كلام الشيخ على حجية الاخبار المجردة عن القرينة بل قالوا ان المستفاد من كلامه حصر الحجية فى الخبر المقرون بالقرائن المفيدة للقطع.

(قال فى المعالم) والانصاف انه لم يتضح من حال الشيخ وامثاله المخالفة للسيد قدس‌سره اذ كانت اخبار الاصحاب يومئذ اى فى زمان الشيخ قريبة العهد بزمان لقاء المعصومين عليهم‌السلام واستفادة الاحكام منهم وكانت القرائن المعاضدة لها متيسرة كما اشار اليها السيد قدس‌سره ولم يعلم انهم اعتمدوا على الخبر المجرد لتظهر مخالفتهم لرأيه فيه.

(وقد تفطن المحقق) من كلام الشيخ لما قلناه حيث قال فى المعارج ذهب شيخنا ابو جعفر ره الى العمل بخبر العدل من رواة اصحابنا لكن لفظه وان كان مطلقا فعند التحقيق يتبين انه لا يعمل بالخبر مطلقا بل بهذه الاخبار التى رويت عن الائمة عليهم‌السلام ودوّنها الاصحاب لا ان كل خبر يرويه امامى يجب العمل به هذا هو الذى تبين لى من كلامه ويدعى اجماع الاصحاب على العمل بهذه الاخبار حتى لو رواها غير الامامى وكان الخبر سليما عن المعارض واشتهر نقله فى هذه الكتب الدائرة بين الاصحاب عمل به انتهى كلام المحقق قال صاحب المعالم بعد نقل هذا عن المحقق وما فهمه المحقق من كلام الشيخ هو الذى ينبغى ان يعتمد عليه لا ما نسبه العلامة الى الشيخ من العمل بخبر الواحد مطلقا وان كان مجردا عن القرائن حيث قال والاصوليون منهم كابى جعفر الطوسى وغيره وافقوا على قبول خبر الواحد ولم ينكره سوى السيد المرتضى بدليل ان السيد انما ينكر العمل بالخبر المجرد عن القرائن دون المعاضد بها انتهى كلام صاحب المعالم.

٣٠٧

وانت خبير بان ما ذكره فى وجه الجمع من تيسر القرائن وعدم اعتمادهم على الخبر المجرد قد صرح الشيخ فى عبارته المتقدمة ببداهة بطلانه حيث قال ان دعوى القرائن فى جميع ذلك دعوى محالة وان المدعى لها معوّل على ما يعلم ضرورة خلافه ويعلم من نفسه ضده ونقيضه والظاهر بل المعلوم انه قدس‌سره لم يكن عنده كتاب العدة وقال المحدث الأسترآباديّ فى محكى الفوائد المدنية ان الشيخ لا يجيز العمل إلّا بالخبر المقطوع بصدوره عنهم وذلك هو مراد المرتضى قده فصارت المناقشة لفظية كما توهمه العلامة ومن تبعه انتهى كلامه وقال بعض من تأخر عنه من الاخباريين فى رسالته بعد ما استحسن ما ذكره صاحب المعالم ولقد احسن النظر وفهم طريقة الشيخ والسيد من كلام المحقق كما هو حقه والذى يظهر منه انه لم ير عدة الاصول للشيخ وانما فهم ذلك مما نقله المحقق ولو رآها لصدع بالحق اكثر من هذا وكم له من تحقيق ابان به من غفلات المتأخرين كوالده وغيره وفيما ذكره كفاية لمن طلب الحق او عرفه وقد تقدم كلام الشيخ وهو صريح فيما فهمه المحقق وموافق لما يقوله السيد فليراجع والذى اوقع العلامة فى هذا الوهم ما ذكره الشيخ فى العدة من انه يجوز العمل بخبر العدل الامام ولم يتأمل بقية الكلام كما تأمله المحقق ليعلم انه انما يجوز العمل بهذه الاخبار التى دوّنها الاصحاب واجتمعوا على جواز العمل بها وذلك مما يوجب العلم بصحتها لا ان كل خبر يرويه عدل امامى يجب العمل به وإلّا فكيف يظن باكابر الفرقة الناجية واصحاب الائمة عليهم‌السلام مع قدرتهم على اخذ اصول الدين وفروعه منهم عليهم‌السلام بطريق اليقين ان يعولوا فيها على اخبار الآحاد المجردة مع ان مذهب العلامة وغيره انه لا بد فى اصول الدين من الدليل القطعى وان المقلد فى ذلك خارج عن ربقة الاسلام وللعلامة وغيره كثير من هذه الغفلات لالفة اذهانهم باصول العامة ومن تتبع كتب القدماء وعرف احوالهم قطع بان الاخباريين من اصحابنا لم يكونوا يعولون فى عقائدهم الاعلى الاخبار المتواترة او الآحاد المحفوفة بالقرائن

٣٠٨

المفيدة للعلم واما الخبر الواحد فيوجب عندهم الاحتياط دون القضاء والافتاء والله الهادى انتهى كلامه.

(حاصل الايراد) على صاحب المعالم ان ما ذكره فى وجه الجمع بين كلام السيد القائل بعدم حجية الخبر المجرد وكلام الشيخ القائل بحجيته من تيسّر القرائن وعدم اعتمادهم على الخبر المجرد قد صرح الشيخ فى عبارته المتقدمة فى العدة ببداهة بطلانه حيث قال ان دعوى القرائن فى جميع الاخبار دعوى محالة وان المدعى لها معوّل على ما يعلم ضرورة خلافه ويعلم من نفسه ضده ونقيضه والظاهر بل المعلوم ان كتاب العدة لم يكن عند صاحب المعالم ليطّلع على مذاق الشيخ فى باب حجية الخبر.

(وقال المحدث الاسترآبادى) فى الفوائد المدنية ان صريح كلام رئيس الطائفة قدس‌سره انه لا يجوز العمل بخبر لا يوجب القطع بما هو حكم الله فى الواقع او حكم ورد عنهم عليهم‌السلام ويجوز العمل بخبر يوجب القطع بورود الحكم عنهم عليهم‌السلام وان لم يوجب القطع بما هو حكم الله فى الواقع وما صرح به رئيس الطائفة هو المستفاد من الروايات المتواترة عن العترة الطاهرة وهو مراد علم الهدى عند التحقيق فصارت المناقشة بين النحريرين العلمين المقدسين قدس الله سرهما لفظية لا معنوية كما توهمه العلامة ومن تبعه انتهى كلامه.

(قوله وقال بعض من تاخر عنه الخ) هو الشيخ المحدث شهاب الدين العاملى على ما فى شرح الوافية للسيد صدر الدين قال هذا المحدث فى رسالته بعد ما استحسن ما ذكره صاحب المعالم فى وجه الجمع بين قول الشيخ والسيد قدس‌سرهما ولقد احسن النظر وفهم طريقة الشيخ والسيد من كلام المحقق كما هو حقه وبعبارة اخرى ان صاحب المعالم قد احسن فى فهمه من كلام المحقق ان مناقشة السيد والشيخ لفظية لا معنوية.

(ثم قال المحدث المذكور) الذى يظهر من كلام صاحب المعالم انه

٣٠٩

لم ير عدة الاصول للشيخ وانما فهم طريقة الشيخ والسيد من كلام المحقق ولو رآها لقضى بالحق اكثر من هذا وكم له من تحقيق ابان به من غفلات المتأخرين كوالده الشهيد الثانى وغيره وفيما ذكره صاحب المعالم فى وجه الجمع بين كلام الشيخ والسيد كفاية لمن طلب الحق او عرفه وقد تقدم كلام الشيخ وهو صريح فيما فهمه المحقق وموافق لما يقوله السيد فليراجع.

(والذى اوقع) العلامة فى هذا الوهم اى فى ان النزاع بين الشيخ والسيد معنوى بمعنى اى السيد لا يجوّز العمل إلّا بالخبر العلمى بخلاف الشيخ فانه يجوّز العمل بمطلق الخبر وان كان مجردا عن القرينة ما ذكره الشيخ فى العدة من انه يجوز العمل بخبر العدل الامامى ولم يتأمل بقية الكلام كما تأمله المحقق ليعلم ان الشيخ انما يجوّز العمل بهذه الاخبار التى دوّنها الاصحاب واجتمعوا على جواز العمل بها وتدوين الاصحاب واجتماعهم على جواز العمل بها قرينة توجب العلم بصحتها لا ان كل خبر يرويه عدل امامى يجب العمل به (وإلّا فكيف) يظن باكابر الفرقة الناجية واصحاب الائمة عليهم‌السلام مع قدرتهم على اخذ اصول الدين وفروعه منهم عليهم‌السلام بطريق اليقين ان يعولوا فيها على اخبار الآحاد المجردة مع ان مذهب العلامة وغيره انه لا بد فى اصول الدين من الدليل القطعى وان المقلد فى اصول الدين خارج عن ربقة الاسلام وللعلامة وغيره كثير من هذه الغفلات لالفة اذهانهم باصول العامة ومن تتبع كتب القدماء وعرف احوالهم قطع بان الاخباريين من اصحابنا لم يكونوا يعولون فى عقائدهم الا على الاخبار المتواترة او الآحاد المحفوفة بالقرائن المفيدة للعلم واما الخبر الواحد فيوجب عندهم الاحتياط دون القضاء والافتاء والله الهادى انتهى كلامه اى كلام بعض من تأخر عنه وهو كما اشرنا اليه الشيخ المحدث شهاب الدين العاملى.

(قوله عن ربقة الاسلام) اقول ان الربقة بالفتح والربقة بالكسر العروة فى الحبل وجمعه ربق ورباق وارباق.

٣١٠

(اقول) اما دعوى دلالة كلام الشيخ فى العدة على عمله بالاخبار المحفوفة بالقرائن العلمية دون المجرد عنها وانه ليس مخالفا للسيد قدس‌سرهما فهو كمصادمة الضرورة فى العبارة المتقدمة من العدة وغيرها مما لم نذكرها مواضع تدل على مخالفة السيد نعم يوافقه فى العمل بهذه الاخبار المدونة إلّا ان السيد يدعى تواترها له او احتفافها بالقرينة المفيدة للعلم كما صرح به فى محكى كلامه فى جواب المسائل التبانيات من ان اكثر اخبارنا المروية فى كتبنا معلومة مقطوع على صحتها اما بالتواتر او بامارة وعلامة تدل على صحتها وصدق رواتها فهى موجبة للعلم مفيدة للقطع وان وجدناها فى الكتب مودعة بسند مخصوص من طريق الآحاد انتهى والشيخ يابى عن احتفافها بها كما عرفت كلامه السابق فى جواب ما اورده على نفسه بقوله فان قيل ما انكرتم ان يكون الذين اشرتم اليهم لم يعملوا بهذه الاخبار بمجردها بل انما عملوا بها لقرائن اقترنت بها دلتهم على صحتها الى آخر ما ذكره ومجرد عمل السيد والشيخ بخبر خاص لدعوى الاول تواتره والثانى كون خبر الواحد حجة لا يلزم منه توافقهما فى مسئلة خبر الواحد فان الخلاف فيها يثمر فى خبر يدعى السيد تواتره ولا يراه الشيخ جامعا لشرائط الخبر المعتبر وفى خبر يراه الشيخ جامعا ولم يحصل تواتره للسيد اذ ليس جميع ما دوّن فى الكتب متواترا عند السيد ولا جامعا لشرائط الحجية عند الشيخ.

(اقول) من ادعى ان النزاع بين الشيخ والسيد لفظية لا معنوية وانه ليس بينهما مخالفة فهو كمصادمة الضرورة فان فى العبارة المتقدمة من العدة مواضع يدل على المخالفة بينهما.

(منها) قوله فى العدة ومن ادعى القرائن فى جميع ما ذكرنا كان السبر بيننا وبينه بل كان معولا على ما يعلم ضرورة خلافه الى ان قال :

(ومنها) قوله ومما يدل ايضا على جواز العمل بهذه الاخبار التى اشرنا اليها ما ظهر بين الفرق المحقّة من الاختلاف الصادر عن العمل بها الى ان قال.

٣١١

(ومنها) اشتراط كون الراوى سديدا فى دينه اذ لو كان المقصود اثبات حجية الاخبار المقطوع بصدورها كان اشتراط ذلك لغوا وغير ذلك مما ذكره فى العدة. (نعم) انهما قدس‌سرهما موافقان فى العمل بهذه الاخبار التى دوّنها الاصحاب واجتمعوا على جواز العمل بها إلّا ان السيد يدعى تواترها له واحتفافها بالقرينة المفيدة للعلم كما صرح به فى محكى كلامه فى جواب المسائل التبانيات من ان اكثر اخبارنا المروية فى كتبنا معلومة مقطوع على صحتها اما بالتواتر واما بامارة وعلامة تدل على صحتها وصدق رواتها فهى موجبة للعلم مفيدة للقطع وان وجدناها فى الكتب مودعة بسند مخصوص من طريق الآحاد انتهى والشيخ يأبى عن احتفافها بالقرائن كما عرفت كلامه السابق فى جواب ما اورده على نفسه بقوله فان قيل ما انكرتم ان يكون الذين اشرتم اليهم لم يعملوا بهذه الاخبار بمجردها بل انما عملوا بها لقرائن اقترنت بها دلتهم على صحتها الى آخر ما ذكره. (ومجرد عمل) السيد والشيخ قدس‌سرهما بخبر خاص كالاخبار المدونة فى الكتب المشهورة لدعوى الاول تواتره والثانى كون خبر الواحد حجة لا يلزم منه توافقهما فى مسئلة خبر الواحد فان الخلاف فى حجية الخبر يثمر فى خبر يدعى السيد تواتره ولا يراه الشيخ جامعا لشرائط الخبر المعتبر من المذهب والعدالة والضبط فيعمل به السيد ومن تبعه دون الشيخ ومن تبعه وفى خبر يراه الشيخ جامعا ولم يحصل تواتره للسيد اذ ليس جميع ما دون فى الكتب متواترا عند السيد ولا جامعا لشرائط الحجية عند الشيخ.

٣١٢

ثم ان اجماع الاصحاب الذى ادعاه الشيخ على العمل بهذه الاخبار لا يصير قرينة لصحتها بحيث تفيد العلم حتى يكون حصول الاجماع للشيخ قرينة عامة لجميع هذه الاخبار كيف قد عرفت انكاره للقرائن حتى للنفس المجمعين ولو فرض كون الاجماع على العمل قرينة لكنه غير حاصل فى كل خبر بحيث يعلم او يظن ان هذا الخبر بالخصوص وكذا ذاك وذاك مما اجتمع على العمل به كما لا يخفى بل المراد الاجماع على الرجوع اليها والعمل بها بعد حصول الوثوق من الراوى او من القرائن ولذا استثنى القميون كثيرا من رجال نوادر الحكمة مع كونه من الكتب المشهورة المجمع على الرجوع اليها واستثنى ابن الوليد من روايات العبيدى ما يرويها عن يونس مع كونها فى الكتب المشهورة والحاصل ان معنى الاجماع على العمل بها عدم ردها من جهة كونها اخبار آحاد لا الاجماع على العمل بكل خبر خبر منها ثم ان ما ذكره من تمكن اصحاب الائمة عليهم‌السلام من اخذ الاصول والفروع بطريق اليقين دعوى ممنوعة واضحة المنع واقل ما يشهد عليها ما علم بالعين والاثر من اختلاف اصحابهم صلوات الله عليهم فى الاصول والفروع ولذا شكا غير واحد من اصحاب الائمة عليهم‌السلام اليهم اختلاف اصحابه فاجابوهم تارة بانهم عليهم‌السلام قد القوا الاختلاف بينهم حقنا لدمائهم كما فى رواية حريز وزرارة وابى ايوب الخزاز واخرى اجابوهم بان ذلك من جهة الكذابين كما فى رواية الفيض بن المختار قال قلت لابى عبد الله عليه‌السلام جعلنى الله فداك ما هذا الاختلاف الذى بين شيعتكم قال واى الاختلاف يا فيض فقلت له عليه‌السلام انى اجلس فى حلقتهم بالكوفة واكاد اشك فى اختلافهم فى حديثهم حتى ارجع الى المفضل بن عمر فيوقفني من ذلك على ما يستريح به نفسى فقال عليه‌السلام اجل كما ذكرت يا فيض ان الناس قد اولعوا بالكذب علينا كان الله افترض عليهم ولا يريد منهم غيره انى احدث احدهم بحديث فلا يخرج من عندى حتى يتأوله على غير تأويله وذلك لانه لا يطلبون بحديثنا وبحبنا ما عند الله تعالى وكل يحب ان يدعى رأسا.

(اقول) ان الاجماع الذى ادعاه الشيخ على العمل بهذه الاخبار المدونة

٣١٣

فى الكتب لا يصير قرينة عامة لصحتها بحيث تفيد العلم لان الاجماع على حجية الخبر التى هى مسئلة اصولية لا يصلح لذلك اذا لفرض حصول الاجماع على حجيته لا على صدوره من المعصوم فلا يكون حصول الاجماع للشيخ قرينة عامة لجميع هذه الاخبار كيف قد عرفت انكاره للقرائن حتى لنفس المجمعين فكيف يكون مثل هذا الاجماع قرينة على الصحة لغير المجمعين.

(ولو فرض) كون الاجماع على العمل قرينة على صدور الخبر عن المعصوم عليه‌السلام لكن هذا الاجماع العملى غير حاصل فى كل خبر بحيث يعلم او يظن ان هذا الخبر بالخصوص وكذا ذاك وذاك مما اجمع على العمل به كما لا يخفى بل يمكن ان يكون المراد من الاجماع الاجماع على الرجوع اليها والعمل بها بعد حصول الوثوق من الراوى او من القرائن ولا شك ان جهة الوثوق بالراوى والقرائن قد تختلف باختلاف الانظار.

(ولذا) اى ولاجل ان المراد من الاجماع الاجماع على الرجوع الى الاخبار المدونة والعمل بها بعد حصول الوثوق من الراوى او من القرائن الموجبة للوثوق استثنى القميون كثيرا من رجال نوادر الحكمة مع كونه من الكتب المشهور المجمع على الرجوع اليها (وهذا الكتاب) لابى جعفر محمد بن احمد بن يحيى بن عمران بن عبد الله بن سعد بن مالك الاشعري القمى قيل كان ثقة فى الحديث إلّا ان اصحابنا قالوا كان يروى عن الضعفاء ويعتمد على المراسيل وهو كتاب كبير يعرّفه القميون بدبّة شبيب كناية عن ان فيه كلما يريده الطالب من الاحاديث وشبيب رجل كان بقم له دبّة ذات بيوت يعطى منها ما يطلب منه من دهن فشبهوا هذا الكتاب بها واستثنى ابن الوليد من روايات العبيدى ما يرويها عن يونس مع كون الروايات التى يرويها العبيدى عن يونس فى الكتب المشهورة.

(والحاصل) ان معنى الاجماع على العمل بالاخبار المدونة فى الكتب

٣١٤

عدم ردها من جهة كونها اخبار آحاد لا الاجماع على العمل بكل خبر خبر منها ثم ان ما ذكره المحدث المذكور من تمكن اصحاب الائمة عليهم‌السلام من اخذ الاصول والفروع بطريق اليقين دعوى ممنوعة واضحة المنع (واقل ما يشهد) على منع الدعوى المذكور ما علم بالعين والاثر من اختلاف اصحابهم عليهم‌السلام فى الاصول والفروع ولذا شكا غير واحد من اصحاب الائمة عليهم‌السلام اليهم اختلاف اصحابهم فاجابوهم تارة بانهم عليهم‌السلام قد القوا الاختلاف بينهم حقنا لدمائهم كما فى رواية زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام قال سألته عن مسئلة فاجابنى ثم جاءه رجل فسئله عنها فاجابه بخلاف ما اجابنى ثم جاء رجل آخر فاجابه بخلاف ما اجابنى واجاب صاحبى فلما خرج الرجلان قلت يا بن رسول الله رجلان من اهل العراق من شيعتكم قدما يسألان فاجبت كل واحد منهما بغير ما اجبت به صاحبه فقال عليه‌السلام يا زرارة ان هذا خير لنا وابقى لنا ولكم ولو اجتمعتم على امر واحد لصدّقكم الناس علينا ولكان اقل لبقائنا وبقائكم الخبر.

(ورواية) حريز عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال قلت له انه ليس شىء اشدّ علىّ من اختلاف اصحابنا قال عليه‌السلام ذلك من قبلى هذا الحديث مذكور فى العلل باب ١٣١(العلة التى من اجلها حرم الله الكبائر) ولم ينقله المجلسى فى البحار الا عن العلل (ورواية الخزاز) عمن حدثه عن ابى الحسن عليه‌السلام قال اختلاف اصحابى لكم رحمة وقال عليه‌السلام اذا كان ذلك جمعتكم على امر واحد وسئل عن اختلاف اصحابنا فقال عليه‌السلام انا فعلت ذلك بكم ولو اجتمعتم على امر واحد لاخذ برقابكم هذا الحديث مذكور فى العلل فى الباب المتقدم ولم ينقله المجلسى فى البحار إلّا عن العلل وغير ذلك من الاخبار الدالة على انهم عليهم‌السلام قد القوا الاختلاف حقنا لدماء الشيعة.

(واخرى اجابوهم) بان ذلك الاختلاف من جهة الكذابين كما فى رواية الفيض بن المختار قال قلت لابى عبد الله عليه‌السلام جعلنى الله فداك ما هذا الاختلاف الذى بين شيعتكم قال وأىّ الاختلاف يا فيض فقلت له عليه‌السلام انى اجلس فى حلقتهم

٣١٥

بالكوفة واكاد اشك فى اختلافهم فى حديثهم حتى ارجع الى المفضل بن عمر فيوقفني من ذلك على ما يستريح به نفسى فقال عليه‌السلام اجل كما ذكرت يا فيض ان الناس قد اولعوا بالكذب علينا كأن الله افترض عليهم ولا يريد منهم غيره انى احدث احدهم بحديث فلا يخرج من عندى حتى يتأوله على غير تأويله وذلك لانه لا يطلبون بحديثنا وبحبنا ما عند الله تعالى وكل يحب ان يدعى رأسا.

٣١٦

ويقرب منها رواية داود بن سرحان واستثناء القميين كثيرا من رجال نوادر الحكمة معروف وقصة ابن ابى العوجاء انه قال عند قتله قد دسست فى كتبكم اربعة آلاف حديث مذكورة فى الرجال وكذا ما ذكره يونس بن عبد الرحمن من انه اخذ احاديث كثيرة من اصحاب الصادقين عليهما‌السلام ثم عرضها على ابى الحسن الرضا عليه‌السلام فانكر منها احاديث كثيرة الى غير ذلك مما يشهد بخلاف ما ذكره واما ما ذكره من عدم عمل الاخباريين فى عقائدهم الاعلى الاخبار المتواترة والآحاد العلمية ففيه ان الاظهر فى مذهب الاخباريين ما ذكره العلامة بان الاخباريين لم يعوّلوا فى اصول الدين وفروعه الاعلى الآحاد ولعلهم المعنيون مما ذكره الشيخ فى كلامه السابق فى المقلدة انهم اذا سألوا عن التوحيد وصفات الائمة عليهم‌السلام او النبوة قالوا روينا كذا وانهم يروون فى ذلك الاخبار وكيف كان فدعوى دلالة كلام الشيخ فى العدة على موافقة السيد فى غاية الفساد لكنها غير بعيدة ممن يدعى قطعية صدور اخبار الكتب الاربعة لانه اذا ادعى القطع لنفسه بصدور الاخبار التى اودعها الشيخ فى كتابيه فكيف يرضى للشيخ ومن تقدم عليه من المحدثين ان يعملوا بالاخبار المجردة عن القرينة واما صاحب المعالم فعذره انه لم يحضره عدة الشيخ حين كتابة هذا الموضع كما حكى عن بعض حواشيه واعترف به هذا الرجل واما المحقق فليس فى كلامه المتقدم منع دلالة كلام الشيخ على حجية خبر الواحد المجرد مطلقا وانما منع من دلالته على الايجاب الكلى وهو ان كل خبر يرويه عدل امامى يعمل وخص مدلوله بهذه الاخبار التى دونها الاصحاب وجعله موافقا لما اختاره فى المعتبر من التفصيل فى اخبار الآحاد المجردة بعد ذكر الاقوال فيها وهو ان ما قبله الاصحاب او دلت القرائن على صحته عمل به وما اعرض الاصحاب عنه او شذّ يجب اطراحه انتهى.

(اقول) يقرب منها رواية داود بن سرحان فى الدلالة على ان الاختلاف من جهة الكذابين وقد تقدم ان القميين استثنوا كثيرا من رجال نوادر الحكمة مع

٣١٧

كونه من الكتب المشهورة لعدم توثيقهم ويدل ايضا على ان الاختلاف من جهة الكذب قصة ابن ابى العوجاء انه كان من الزنادقة وقال عند قتله قد دسست فى كتبكم اربعة آلاف حديث كاذبة. (وكذا) ما ذكره يونس بن عبد الرحمن من انه اخذ احاديث كثيرة من اصحاب الصادقين عليهما‌السلام ثم عرضها على ابى الحسن الرضا عليه‌السلام فانكر منها احاديث كثيرة الى غير ذلك مما يشهد بخلاف ما ذكره المحدث المذكور من ان الاصحاب كانوا يعملون بالاخبار المقرونة بالقرائن المفيدة للقطع.

(واما ما ذكره) المحدث من عدم عمل الاخباريين فى عقائدهم الاعلى الاخبار المتواترة والآحاد العلمية ففيه ان الاظهر فى مذهب الاخباريين ما ذكره العلامة من ان الاخباريين لم يعولوا فى اصول الدين وفروعه الا على الاخبار الآحاد ولعلهم المعنيون مما ذكره الشيخ فى العدة فى كلامه السابق (فى المقلدة) قد تقدم ان المراد منهم الاخباريون الذين بناء اصول عقايدهم على التقليد ويكون دليلهم اذا سألوا عن التوحيد وصفات الائمة عليهم‌السلام او النبوة روينا كذا وكذا وانهم يروون فى ذلك الاخبار.

(وكيف كان) فدعوى دلالة كلام الشيخ فى العدة على موافقة السيد فى العمل بالخبر العلمى فى غاية الفساد لكن هذه الدعوى غير بعيدة ممن يدعى قطعية صدور اخبار الكتب الاربعة لانه اذا ادعى القطع لنفسه بصدور الاخبار التى اودعها الشيخ فى كتابيه التهذيب والاستبصار فكيف يرضى للشيخ ومن تقدم عليه من المحدثين ان يعملوا بالاخبار المجردة عن القرينة.

(واما صاحب المعالم) مدعيا موافقة الشيخ مع السيد فى العمل بالخبر العلمى فعذره انه لم يحضره عدة الشيخ حين كتابة هذا الموضع كما حكى عن بعض حواشيه واعترف به هذا الرجل اى المحدث المذكور.

(واما المحقق قدس‌سره) فليس فى كلامه المتقدم منع دلالة كلام الشيخ

٣١٨

على حجية خبر الواحد المجرد مطلقا وانما منع من دلالته على الايجاب الكلى وهو ان كل خبر يرويه عدل امامى يعمل به وخص مدلول كلام الشيخ بهذه الاخبار التى دوّنها الاصحاب وجعله موافقا لما اختاره فى المعتبر من التفصيل فى اخبار الآحاد المجردة بعد ذكر الاقوال فيها وهو ان كل خبر واحد قبله الاصحاب او دلّت القرائن على صحته عمل به وما اعرض الاصحاب عنه او شذ العامل به يجب اطراحه انتهى.

٣١٩

(والانصاف) ان ما فهمه العلامة من اطلاق قول الشيخ بحجية خبر العدل الامامى اظهر مما فهمه المحقق من التقييد لان الظاهر ان الشيخ انما يتمسك بالاجماع على العمل بالروايات المدونة فى كتب الاصحاب على حجية مطلق خبر العدل الامامى بناء منه على ان الوجه فى عملهم بها كونها اخبار عدول وكذا ما ادعاه من الاجماع على العمل بروايات الطوائف الخاصة من غير الامامية وإلّا فلم يأخذه فى عنوان مختاره ولم يشترط كون الخبر مما رواه الاصحاب وعملوا به فراجع كلام الشيخ وتأمله والله العالم وهو الهادى الى الصواب ثم انه لا يبعد وقوع مثل هذا التدافع بين دعوى السيد ودعوى الشيخ مع كونهما معاصرين خبيرين بمذهب الاصحاب فى العمل بخبر الواحد فكم من مسئلة فرعية وقع الاختلاف بينهما فى دعوى الاجماع فيها مع ان المسألة الفرعية اولى بعدم خفاء مذهب الاصحاب فيها عليهما لان المسائل الفرعية معنونة فى الكتب مفتى بها غالبا بالخصوص نعم قد يتفق دعوى الاجماع بملاحظة قواعد الاصحاب والمسائل الاصولية لم تكن معنونة فى كتبهم انما المعلوم من حالهم انهم عملوا باخبار وطرحوا اخبارا فلعلّ وجه عملهم بما عملوا كونه متواترا او محفوفا عندهم بخلاف ما طرحوا على ما يدّعيه السيد قدس‌سره على ما صرح به فى كلامه المتقدم من ان الاخبار المودعة فى الكتب بطريق الآحاد متواترة أو محفوفة ونص فى مقام آخر على ان معظم الاحكام يعلم بالضرورة والاخبار المعلومة ويحتمل كون الفارق بين ما عملوا وما طرحوا مع اشتراكهما فى عدم التواتر والاحتفاف فقد شرط العمل فى احدهما دون الآخر على ما يدعيه الشيخ قدس‌سره على ما صرح به فى كلامه المتقدم من الجواب عن احتمال كون عملهم بالاخبار لاقترانها بالقرائن.

(اقول) حاصل ما يقتضيه انصاف شيخنا الانصارى قدس‌سره ان ما فهمه العلامة من كلام الشيخ من عدم اعتبار عمل الاصحاب ولا الوجود فى الكتب المشهورة فى حجية الخبر الذى قال بحجيته شيخ الطائفة مطلقا سواء كان راويه

٣٢٠