عمدة الأصول - ج ٥

السيّد محسن الخرّازي

عمدة الأصول - ج ٥

المؤلف:

السيّد محسن الخرّازي


المحقق: السيّد علي رضا الجعفري
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسه در راه حق
المطبعة: ولي عصر (ع)
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٧٨

قال شيخنا الأعظم قدس‌سره : لم يتوقف أحد في عامّ بمجرد احتمال دليل منفصل يحتمل أن يكون مخصصا له ، بل ربما يعكسون الأمر فيحكمون بنفي ذلك الاحتمال وارتفاع الاجمال لاجل ظهور العام ، ولذا لو قال المولى : أكرم العلماء ، ثم ورد قول آخر من المولى : انه لا تكرم زيدا واشترك زيد بين عالم وجاهل ، فلا يرفع اليد عن العموم بمجرد الاحتمال ، بل يرفعون الإجمال بواسطة العموم ، فيحكمون بإرادة زيد الجاهل من النهى. (١)

ثم إنّ الظهورات الكلامية وإن كانت من الظنون ولكن حجيّتها من الضروريات ؛ إذا الطريق الشائع في تفهيم المقاصد والمرادات منحصر في الألفاظ ، والعقلاء بنوا عليها بلا كلام واحتجوا بها لهم وعليهم ، والشارع لم يخترع طريقا آخر لتفهيم مراداته ، فاعتبار الظنون الكلامية من اليقينيّات والضروريات.

وعليه فظنيّة الظهورات لا تنافي قطعية اعتبارها ، ومع كونها قطعية الاعتبار لا مجال لدعوى كونها مشمولة للآيات الناهية عن العمل بالظن ؛ لانصراف الأدلّة الناهية عن العمل بالظن عن مثلها ، لأن الأخذ بالظنون الكلامية يرجع في الحقيقة إلى الأخذ بالقطع القائم على اعتبارها ، فمثل قوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) لا يشمل المقام.

ولقد أفاد وأجاد الشيخ الأعظم قدس‌سره حيث قال : فرض وجود الدليل على حجيّة الظواهر موجب لعدم ظهور الآيات الناهية في حرمة العمل بالظواهر. (٢)

ومما تقدم يظهر أنّ الاستظهار المعتبر في الالفاظ والكلمات هو الذي يكون ظاهرا بحسب المتفاهم العرفي في مرادات المتكلم ، فإذا كان لفظ ظاهرا عرفا في المعنى المراد ، وادّعى شخص ظهوره في معنى آخر فلا مجال للأخذ بظنه الشخصيّ في تعيين مراد المتكلم ، ولا يكفي الإتيان به في مقام الامتثال : إذا الظن الشخصيّ لا دليل على حجيته ، لما عرفت من أنّ الحجة هو الظهور العرفي ، والظهور العرفي لا يتعدد بتعدد الآحاد والاشخاص ، بل هو قائم بالاستظهار النوعي.

__________________

(١) فرائد الاصول : ٤٥.

(٢) فرائد الاصول : ٤٠.

٢١

نعم يمكن الاختلاف بين الآحاد في كون شيء ظهورا عرفيا وعدمه بأن يدعى كل فرد منهم أنّ ما أقول هو الظاهر عرفا ، فيمكن تعدّد دعوى الظهور العرفي ، ولكن الظهور العرفي بحسب واقع العرف واحد وليس بمتعدد ، والحجيّة مخصوصة به.

وعليه فلا مجال لدعوى حجيّة الظن الشخصيّ في الألفاظ والعبارات بدعوى أنّ لكل شخص استظهارا وهو له حجة ؛ لضرورة ما عرفت من اختصاص أدلة الاعتبار بما إذا كانت الظهورات مفهوما عرفيا والمفروض أنّ دليل الاعتبار لبّي.

هذا ، مضافا إلى أنّ للاستظهار من الكلام في كل قوم وملة ضوابط خاصة وملاحظتها تنجرّ إلى الظهور النوعي ، والاستظهار من دون ضوابط وقاعدة مقرّرة شك في شك ، ولا اعتبار له عند العقلاء في جميع الأعصار ، بل عند المتشرعة ، كما لا يخفى.

ربما يتوهم أنّ التفسيرات المختلفة من القرآن الكريم تؤيّد القول بصحة الظهورات الشخصيّة.

وفيه : أنّ التفسيرات المختلفة إن لم تكن بينها مخالفة وتباين رجعت إلى معنى جامع عرفي ، وإن كانت بينها مخالفة وتباين لم يكن جميعها صحيحة ، بل الصحيح واحد منها ، هذا مضافا إلى أنّ التفسيرات المذكورة لو كانت من الظنون الشخصيّة فكلها تفسير بالرأي ، وهو منهي عنه في لسان الروايات ، كما لا يخفى.

وربما يقاس جواز الأخذ بالظنون الشخصية بجواز الأخذ بالقراءات المختلفة للقرآن الكريم.

وفيه : أنّ القياس مع الفارق ؛ فإنّ القراءات المختلفة وإن لم يكن جميعها صحيحة ومطابقة للواقع لأنّ القرآن واحد نزل من عند واحد ، ولكن قام الدليل على جواز الاكتفاء بواحد منها تسهيلا للأمر ، وهذا بخلاف المقام ؛ إذ لا دليل على جواز الاكتفاء بالظنّ الشخصي ، بل الضرورة على ثبوت الواقع للعالم والجاهل.

وعليه لا يكون كلّ ظنّ شخصيّ صحيح ، والقول بأنّ الواقع في كل مورد هو المظنون بالظنّ الشخصيّ تصويب لا يقول به الإمامية كما لا يخفى.

٢٢

لا يقال : إنّ اختلاف العلماء في الآراء مما يشهد على أنّ اختلاف الفهم من الكلام أمر جائز بل واقع ، فالظنون الشخصيّة حجّة كالقراءات المختلفة.

لأنا نقول : ليس اختلاف العلماء فى الآراء اختلافا في الظنون الشخصيّة ، بل هو اختلاف في دعوى الظنون النوعية ، ويكون مبنيا على رعاية الظوابط والقواعد الكلّية التي لها مدخلية فى الاستظهار والاستنباط والفرق بين هذا الاختلاف والظنون الشخصيّة التي لا تكون مبتنية على رعاية الضوابط والقواعد المدونة واضح.

ثم لا يخفى أنّه لا ممانعة من إعمال التعمق الزائد في النصوص والظواهر العرفية لكشف المطالب واستنباط ما يحتاج اليه في كل عصر وزمان ، وإنّما الممانعة من ترتيب الأثر على الظنون الشخصيّة التي لا تكون مبنية على القواعد والاصول العقلائية ؛ إذا لا حجيّة لتلك الظنون ، بل تحميل هذه الظنون الشخصية على النصوص والظواهر الدينية هو التفسير بالرأي الذي نهي عنه اكيدا في الشرع الانور كما لا يخفى ، مع أنّ اللازم في فهم المعاني هو تخلية الذهن لا مدخلية الذهن ، وكم من فرق بينهما؟!

ولعل المنشأ في ذهاب بعض تبعا لجمع من الاوربيين إلى اعتبار الظنون الشخصيّة في زماننا هذا هو التمايل إلى نسبية الحقائق وإنكار ثبوتها ودوامها حيث قالوا : إنّ فهم الإنسان بالنسبة إلى المتون وتفسيرها أو بالنسبة إلى جميع الحقائق فهم نسبيّ ، ومعنى ذلك أنّه ليس لنا فهم قطعي ثابت ؛ لأن الثبوت ينافي النسبية وهو خلاف البداهة والضرورة ؛ إذ لنا معلومات يقينية وضروريّة من العقليّات والشرعيّات.

نعم لا يخلو فهم الإنسان عن التكامل ، ولكنه لا ينافي ثبوت أصل الفهم في الجملة ؛ لأنّ المتكامل يحتوي ثبوت أصل الشيء ، وإنّما زادت مراتبه بسبب الشواهد والتعمق فيه والنقض والإبرام. هذا مضافا إلى أنّه لا يخرج الكلام المتكامل عن الظنون النوعيّة كما لا يخفى.

على أنّه لو لم يكن فهم الحقائق أمرا ثابتا فلا يمكن الاعتماد على شيء من المطالب حتى الادعاء المذكور ، ولا مجال للبحث ولا للاحتجاج ؛ فإنّ هذه الأمور متوقفة على ثبوت الحقائق.

٢٣

وبالجملة فللمعاني في اللغة والعرف مع قطع النظر عن فهم المخاطب ثبوت مستقل ، واللازم على المخاطب أن يفهمها من خلال معرفة معاني الألفاظ بحسب القواعد المذكورة في اللغة والعرف. ولا تختلف المعاني المقصودة بالنسبة إلى الآحاد والأشخاص بعد اعتبار الظنون العرفية في حجية الألفاظ. نعم قد لا يفهمها بعض الناس من جهة التقصير أو القصور في مقدمات فهمها فحينئذ يختلف الأفهام بالنسبة إلى المقاصد والمرادات ، ولكن بعضها صحيح وبعضها باطل ، ولا يتصف جميعها بالصحة والحجيّة ، كما لا يخفى.

ولذلك لا يكون الذين لم يدركوا مرادات المتكلم من جهة تقصيرهم معذورين ؛ لأنّهم اكتفوا بما ليس بحجّة ، ومجرد الفهم الناقص لا يعطي الحجيّة للألفاظ ، ولا يوجب رفع العقوبة عن مخالفة الواقع ومرادات المتكلم ، كما لا يخفى.

على أنّه لو لم يكن فهم الحقائق أمرا ثابتا فلا يمكن الاعتماد على شيء من المطالب حتى الادعاء المذكور ، ولا مجال للبحث ولا للاحتجاج ؛ فإنّ هذه الامور متوقفة على ثبوت الحقائق.

ثم إنّا لا نخالف مع لزوم السعي في فهم المرادات ، بل نؤكّد على ذلك ، ولا نقول بأنّ ما نفهمه بعد السعى إذا كان غير ما فهمه الأصحاب قبلا ليس بحجّة ، بل نقول بأنّه حجة لو لم يخرج الاستنباط الجديد عن الظهورات النوعيّة والضوابط والقواعد الأدبيّة ، ولذا ذهب الفقهاء إلى الأخذ بالفهم الجديد المبني على الاصول والضوابط إذا كان تاما كما في منزوحات البئر.

ولا يقاس الفهم غير المبني على الاصول والضوابط بالفهم المبني عليها ؛ لفقدان الحجيّة في الأوّل دون الثاني. وعليه فدعوى صحة كل فهم ولو كان مبنيا على الظن الشخصيّ وتسميته بقراءة جديدة من المعاني خالية عن التحقيق ، بل هي مغالطة وسفسطة أعاذنا الله منها.

ولا ندّعي أنّ كل فهم من المعاني والحقائق يكون ثابتا غير متغير لظهور ضعف بعضه أو بطلانه ، ولكن نمنع أن يكون جميعها كذلك ، فالتغيّر والتّبدل مقبول بنحو الموجبة الجزئية

٢٤

لا الموجبة الكلية إلّا أنّ تغيّر ذلك البعض من ناحية عدم تمامية المقدمات المقررة لكشف المراد ، لا من ناحية دخالة ذهنية المخاطب ، فتدبر جيدا.

ثم ربما يقال : إنّ المقصود مما ذكروه من أنّ القراءات مختلفة ليس أنّها كلها صحيحة ، بل بعضها صحيح وبعضها باطل ، إلّا أنّ اللازم في تعيين الصحيح عن غيره هو تجريد المخاطب ذهنه عما يحوطه من المناسبات والمأنوسات حتى يصل إلى المعنى الصحيح من الكلام ، وإلّا فحمل الكلام على ما يعرفه من المناسبات كما ترى.

قلت : هو كذلك ، ولكن لازمه هو الاجتناب عن الظنون الشخصيّة لا الأخذ بها ؛ إذا التخلية عن المناسبات والظنون الشخصيّة توجب الأخذ بالظنون النوعيّة لتحصيل مرادات المتكلم ، فإن كان مرادهم مما ذكروه هو ذلك فهو أمر بنى عليه العقلاء والعلماء في استظهاراتهم في جميع الأزمنة ، وليس أمرا خفيا حتى يحتاج إلى التذكار.

ثم لا يذهب عليك أنّا لا ننكر اختلاف المشارب والمذاهب وتمسكهم مع ذلك بالآيات الكريمة والنصوص الشرعية ، ولكن نقول : كل مشرب ومذهب وإن تمسك بالنصوص والآيات من جهة إثبات مرامه غير أنّ هذا التمسك والاستدلال لا يكون صحيحا إلّا إذا كان التمسك بظهورات نوعيّة ومستفادة منها ، وإلّا فهو تفسير بالرأي وأخذ بالظن الشخصيّ ، ولا حجيّة له ، بل هو منهي عنه كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وبقيّة الكلام في محله.

الأمر الثالث :

أنّه لا فرق في حجيّة الظهورات بين المحاورات العرفيّة وبين النقليّة الشرعيّة ، ولا فرق في النقلية الشرعيّة بين الظهورات القرآنية وبين الأحاديث المرويّة عن سيد المرسلين أو الأئمة الطاهرين عليهم الصلاة والسلام ، لعموم دليل الحجيّة ، وهو بناء العقلاء ، وعدم اختراع الشارع طريقا آخر ، فلا وجه للتفرقة بينهما ، فالظهورات الكلامية كما تكون حاكية عن المرادات في المحاورات العرفيّة ، فكذلك تكون في كلام الله سبحانه وتعالى ورسوله وأوصيائه عليهم الصلاة والسلام من دون فرق بين الكتاب وغيره.

٢٥

ولكن ذهب جماعة من الأخباريين في الأعصار الأخيرة إلى عدم جواز الأخذ بظواهر الكتاب إذا لم يرد التفسير وكشف المراد عن الحجج المعصومين صلوات الله عليهم واستدلوا عليه بوجوه :

منها : الأخبار الدالة على اختصاص فهم القرآن بالنبيّ والأئمة عليهم الصلاة والسلام : كما في خبر إسماعيل بن مخلّد السراج عن أبى عبد الله عليه‌السلام في رسالة طويلة له إلى أصحابه أمرهم بالنظر فيها وتعاهدها والعمل بها ، ومن جملتها : قد أنزل الله القرآن ، وجعل فيه تبيان كل شيء وجعل للقرآن وتعلّم أهلا لا يسع أهل علم القرآن الذين آتاهم الله علمه أن يأخذوا في دينهم بهوى ولا رأى ولا مقاييس ... وهم أهل الذكر الذين أمر الله الامة بسؤالهم. (١)

وكما في خبر شبيب بن أنس عن بعض أصحاب أبى عبد الله عليه‌السلام في حديث أنّ أبا عبد الله عليه‌السلام قال لأبي حنيفة : أنت فقيه العراق؟ قال نعم. قال : فبم تفتيهم؟ قال بكتاب الله وسنة نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا أبا حنيفة تعرف كتاب الله حق معرفته وتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال : نعم. قال : يا أبا حنيفة لقد ادّعيت علما ، ويلك ما جعل الله ذلك إلّا عند أهل الكتاب الذين أنزل عليهم ، ويلك ولا هو إلّا عند الخاصّ من ذريّة نبيّنا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وما ورثك الله من كتابه حرفا ... الحديث. (٢)

وكما في خبر الاحتجاج عن أبى عبد الله عليه‌السلام أنّه قال لأبى حنيفة في احتجاجه عليه : تزعم أنّك تفتي بكتاب الله ولست ممن ورثه. (٣)

وكخبر فضيل عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) : قال الذكر القرآن ؛ ونحن قومه ، ونحن المسئولون. (٤)

وكصحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إنّ من عندنا يزعمون أنّ قول الله

__________________

(١) روضة الكافي : ٥ ـ ٦.

(٢) الوسائل الباب ٦ من ابواب صفات القاضى ، ح ٢٧.

(٣) الوسائل الباب ٦ من ابواب صفات القاضى ، ح ٢٨.

(٤) الوسائل الباب ٧ من ابواب صفات القاضى ، ح ٢.

٢٦

عزوجل (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) أنّهم اليهود والنصارى قال : إذن يدعوكم إلى دينهم قال : ثم قال بيده إلى صدره : نحن أهل الذكر ، ونحن المسئولون. (١)

وكخبر عبد الحميد بن أبى الديلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث طويل قال : قال الله عزوجل (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) قال : الكتاب الذكر ، وأهله آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله امر الله بسؤالهم ولم يؤمروا بسؤال الجهال ، وسمّى الله القرآن ذكرا فقال تبارك (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) الحديث. (٢)

وكخبر يونس بن ظبيان عن الصادق عليه‌السلام في حديث قال : لا تغرّنك صلاتهم وصومهم وكلامهم ورواياتهم وعلومهم ، فإنّهم حمر مستنفرة ، ثم قال : يا يونس إن أردت العلم الصحيح فعندنا أهل البيت ، فإنّا ورثنا وأوتينا شرع الحكمة وفصل الخطاب ، فقلت : يا ابن رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله كل من كان من أهل البيت ورث ما ورثت من كان من ولد علي وفاطمه عليهما‌السلام فقال ما ورثه إلّا الأئمة الاثنا عشر. (٣)

وكخبر الرّيان بن الصلت عن الرضا عليه‌السلام في حديث أنّه قال للعلماء في مجلس المأمون : أخبروني عن هذه الآية (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) فقالت العلماء : أراد الله بذلك الامّة كلها. فقال الرضا عليه‌السلام ، بل أراد الله العترة الطاهرة ، الحديث. (٤)

وكصحيحة ابي الصباح قال : والله لقد قال جعفر بن محمّد عليهما‌السلام : إنّ الله علّم نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله التنزيل والتأويل ، قال : فعلّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا ، قال : وعلّمنا والله ... الحديث. (٥)

وكخبر يعقوب بن جعفر قال : كنت مع أبى الحسن عليه‌السلام بمكة فقال له رجل : إنّك لتفسّر من كتاب الله ما لم نسمع به فقال ابو الحسن عليه‌السلام علينا نزل قبل الناس ، ولنا فسّر قبل أن

__________________

(١) الوسائل الباب ٧ من ابواب صفات القاضى ، ح ٣.

(٢) الوسائل الباب ٧ من ابواب صفات القاضى ، ح ١٣.

(٣) الوسائل الباب ٧ من ابواب صفات القاضى ، ح ٢٩.

(٤) الوسائل الباب ٧ من ابواب صفات القاضى ، ح ٣١.

(٥) البرهان : الفصل الخامس من المقدمات : ١٥.

٢٧

يفسر فى الناس ، فنحن نعرف حلاله وحرامه وناسخه ومنسوخه وسفريّه وحضريّه وفي أيّ ليلة نزلت من آية وفيمن نزلت وفيما نزلت ... الخبر. (١)

وكخبر جمع من الثقات من اصحاب الصادق عليه‌السلام انه قال بعد أن أومأ بيده إلى صدره : علم الكتاب كله والله عندنا ثلثا. (٢)

وكما روي عن ابي جعفر عليه‌السلام أنّه قال : ما ادعى أحد من الناس أنّه جمع القرآن كله كما أنزل إلّا كذاب ، وما جمعه وحفظه كما أنزل إلّا علي بن ابي طالب عليه‌السلام والأئمة : من بعده. (٣)

وكخبر زيد الشحام عن أبى جعفر أنّه قال في حديث له مع قتادة المفسر : ويحك يا قتادة إنّما يعرف القرآن من خوطب به. (٤)

وكما روي في تفسير العياشي عن الصادق عليه‌السلام قال : إنّا أهل بيت لم يزل الله يبعث فينا من يعلم كتابه من أوّله إلى آخره. (٥)

وكخبر الأصبغ بن نباته قال : لمّا بويع أمير المؤمنين عليه‌السلام بالخلافة خرج إلى المسجد فقال : سلوني قبل أن تفقدوني ، فو الله إنى لا علم بالقرآن وتأويله من كل مدع علمه ، فو الذي فلق الحبة وبرىء النسمة لو سألتموني عن آية آية لا خبرتكم بوقف نزولها وفيم نزلت ... الخبر إلى أن قال البحراني : أقول : والأخبار في هذا الباب أكثر من أن تحصي. (٦)

وبالجملة : فالمستدل بهذه الأخبار يقول مع اختصاص فهم القرآن بالنبيّ وآله عليهم الصلوات والسلام لا يمكن الاستظهار من الآيات الكريمة لغيرهم ، ومع فرض الإمكان لا حجية له كما لا يخفى.

__________________

(١) البرهان : ١٥.

(٢) البرهان : ١٥.

(٣) البرهان : ١٥.

(٤) روضة الكافى : ٣١٢.

(٥) البرهان : ١٦.

(٦) البرهان : ١٦.

٢٨

ويمكن الجواب عنه : اوّلا : بأنّ اختصاص علم القرآن بتمامه وكماله بهم عليهم‌السلام لا ينافي إمكان الاستظهار من جملة من الآيات وحجيتها مع مراعاة شرائطها من التفحص عما ورد حولها عن اهل البيت عليهم‌السلام ، قال صاحب الكفاية إنّ المراد مما دل على اختصاص فهم القرآن ومعرفته بأهله هو اختصاص فهمه بتمامه بمتشابهاته ومحكماته بداهة أنّ فيه ما لا يختص به كما لا يخفى.

وردع أبي حنيفة وقتادة عن الفتوى به إنّما هو لأجل الاستقلال في الفتوى بالرجوع إليه من دون مراجعة أهله ، لا عن الاستدلال بظاهره مطلقا ولو مع الرجوع إلى رواياتهم والفحص عمّا ينافيه والفتوى به مع اليأس عن الظفر به ، وكيف وقد وقع في غير واحد من الروايات الإرجاع إلى الكتاب والاستدلال بغير واحد من آياته. (١)

وثانيا : بأنّ لازم الاختصاص بأهل البيت مطلقا هو أن يكون القرآن لغزا أو معمّى مع أنّه ليس كذلك.

قال في نهاية الاصول : إنّ القرآن لم ينزل بنحو المعمى بل ، نزل لبيان طرق صلاح الناس ، وهو بنفسه يدعو الناس إلى التأمّل فيه والتدبّر في آياته ، وقد اثّر آثارا عجيبة في المسلمين في صدر الإسلام ، وكان العمل به والاستدلال به ممّا جرت عليه سيرة المسلمين ، فإذا سمعوا مثلا قوله تعالى : (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) الآية فهموا المقصود من هذه الآية من دون أن يحتاجوا إلى مراجعة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، كيف وربما استدلوا بما هو أخفى من هذه الآية من دون أن يردعهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو الائمة عليهم‌السلام؟! وقد روي : أنّ عليا عليه‌السلام لمّا خرج إلى صفّين رأى جماعة من المسلمين قد ضربوا الفسطاط خارجا من العسكرين فسئل عن حالهم فقيل له هؤلاء يقولون إنّا لا نقاتل أهل القبلة حتى يثبت لنا بغي أحدهما على الآخر : إذ لم يثبت لنا جواز قتالهم إلّا حينئذ حيث قال الله تعالى (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ)(٢) فلمّا سمع

__________________

(١) الكفاية ٢ : ٦١.

(٢) الحجرات / ٩.

٢٩

علي عليه‌السلام هذه المقالة قال : هذا هو الفقه ، ولم يردع مقالتهم فهؤلاء وإن قصّروا في باب الإمامة إلّا أنهم حسب اعتقادهم في الامامة من عدم وجوب إطاعة الإمام إلّا فيما يوافق الكتاب والسنة انعزلوا عنه ، فإن نظرهم إلى الامام كالنظر إلى الخلفاء والسلاطين.

فالتفصيل المذكور في حجية الظواهر هو الذي ظهر في الأعصار الأخيرة عن بعض الإمامية من التشكيك في حجية ظواهر الكتاب المجيد بعد ما لم يكن خلاف بين المسلمين من العامة والخاصة في حجيته بداهة أنّه لم ينزل للإلغاز والتعمية ، بل نزل ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ، وقد أخرجهم عنها ، كما يظهر بمراجعة التواريخ ، وكان الأعراب يفهمونه بمجرد قراءة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان يؤثر في أنفسهم أشدّ التأثير ، كما روي أنّ رئيس بني مخزوم أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقرأ عليه سورة «حم سجدة» حتى وصل إلى قوله تعالى (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) فجعل أصابعه في أذنيه وخرج من عنده ، فلمّا سأله قومه عمّا رآه قال : لقد سمعت بكلام لم أسمع بمثله.

وقد نقل أيضا قصة مصعب بن عمير حيث أرسله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى يثرب فوجه الناس إلى الاسلام بقراءة القرآن.

فأمثال هذه القضايا تشهد بأنّهم كانوا يفهمون القرآن ، كيف وقد قال الله تعالى في شأنه (نَذِيراً لِلْبَشَرِ)(١) وقال (لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ)

وبالجملة فالقرآن نزل بلسان قوم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مبيّنا لمقاصده بنحو يخرج عن طاقة البشر. (٢)

فالحاصل : أنّ دعوى اختصاص القرآن بالنبيّ وأهل بيته عليهم‌السلام صحيح بالنسبة إلى تمام علوم القرآن ظاهرها وباطنها لا بالنسبة إلى ظواهرها ، فإنّها لا تختص بهم بعد ما عرفت من أنّ القرآن كسائر الكتب لها ظواهر ، ولذا لم يرد السؤال عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو الأئمة المعصومين عليهم‌السلام عن الآيات الظاهرة بنفسها ، بل السؤال عن مقيّداتها ونواسخها و

__________________

(١) المدثر : ٣٦.

(٢) نهاية الاصول : ٤٤٧ ـ ٤٨٠.

٣٠

شروطها ، فكما أنّ القيود والشروط من نفس الكتاب مقدمة على إطلاق الآيات الظاهرة ، فكذلك القيود والشروط الآتية في سنة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أو روايات اهل البيت عليهم‌السلام بعد حجيّة كلامهم بنص قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا ابدا»

ومما ذكر ينقدح أنّ الظهورات القرآنيّة كسائر الظهورات في الحجيّة بعد ملاحظة ما ورد في نفس الكتاب أو السنة أو الأحاديث في بيان المراد الجدّى منها.

ومن هذه الجهة لا فرق بين ظهورات الكتاب وغيرها. والشاهد على ذلك هو الإرجاع إلى الكتاب في غير واحد من هذه الأخبار.

ومنها الأخبار الدالة على أنّ القرآن يحتوي على مضامين شامخة ومطالب غامضة عالية لا يكاد تصل إليها أيدي أفكار اولي الانظار غير الراسخين العالمين بتأويله.

ففي خطبة مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام : أنّ علم القرآن ليس يعلم ما هو إلّا من ذاق طعمه ، فعلم بالعلم جهله وبصر به عماه وسمع به صممه وأدرك به ما قد فات وحيّ به بعد إذ مات ، فاطلبوا ذلك من عند أهله وخاصّته ، فإنّهم خاصّة نور يستضاء به وأئمّة تقتدى بهم ، هم عيش العلم وموت الجهل ، وهم الذين يخبركم حلمهم عن علمهم وصمتهم عن منطقهم وظاهرهم عن باطنهم ، لا يخالفون الحق ، ولا يختلفون فيه. (١)

وفي خبر ابن عباس قال : قال رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله في خطبة : إنّ عليا هو أخي ووزيري وهو خليفتي وهو المبلّغ عنّي ، إن استرشدتموه أرشدكم ، وإن اتبعتموه نجوتم ، وإن خالفتموه ضللتم ، إنّ الله انزل عليّ القرآن وهو الذى ومن خالفه ضلّ ومن يبتغي علمه عند غير علي هلك. (٢)

وفي خبر المعلّى بن خنيس قال : أبو عبد الله عليه‌السلام في رسالة : فأمّا ما سألت عن القرآن فذلك

__________________

(١) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٢٦.

(٢) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٢٩.

٣١

أيضا من خطراتك المتفاوتة المختلفة ، لأنّ القرآن ليس على ما ذكرت ، وكل ما سمعت فمعناه على غير ما ذهبت إليه ، وإنّما القرآن أمثال لقوم يعلمون دون غيرهم ولقوم يتلونه حق تلاوته وهم الذين يؤمنون به ويعرفونه ، وأمّا غيرهم فما أشدّ إشكاله عليهم وأبعده من مذاهب قلوبهم ، ولذلك قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إنّه ليس شيء أبعد من قلوب الرجال من تفسير القرآن ، وفي ذلك تحيّر الخلائق أجمعون إلّا من شاء الله. وإنّما أراد الله بتعميته في ذلك أن ينتهوا إلى بابه وصراطه وأن يعبدوه وينتهوا في قوله إلى طاعة القوّام بكتابه والناطقين عن أمره وأن يستنبطوا ما احتاجوا اليه من ذلك عنهم لا عن انفسهم ، ثم قال (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) فأمّا عن غيرهم فليس يعلم ذلك أبدا ولا يوجد ، وقد علمت أنّه لا يستقيم أن يكون الخلق كلهم ولاة الأمر ؛ لأنّهم لا يجدون من يأتمرون عليه ومن يبلغونه أمر الله ونهيه ، فجعل الله الولاة خواص ليقتدى بهم ، فافهم ذلك إن شاء الله ، وإيّاك وإيّاك وتلاوة القرآن برأيك فإنّ الناس غير مشتركين في علمه كاشتراكهم فيما سواه من الامور ولا قادرين على تأويله إلّا من حدّه وبابه الذي جعله الله له ، فافهم إن شاء الله واطلب الأمر من مكانه تجده إن شاء الله. (١)

وفي خبر جابر بن يزيد قال سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن شيء من التفسير فأجابني ، ثم سألته عنه ثانية فأجابني بجواب آخر ، فقلت : كنت أجبتني في هذه المسألة بجواب غير هذا؟! فقال : يا جابر إنّ للقرآن بطنا وله ظهر وللظهر ظهر ، يا جابر وليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن ، إنّ الآية يكون أوّلها في شيء وآخرها في شيء ، وهو كلام متصل متصرف على وجوه. (٢)

وفي خبر إسحاق بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إنّ للقرآن تأويلا ، فمنه ما قد جاء ، ومنه ما لم يجئ ، فإذا وقع التأويل في زمان امام من الأئمة عرفه إمام ذلك الزمان. (٣)

__________________

(١) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٣٨.

(٢) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٤١.

(٣) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٤٧.

٣٢

وفي خبر أبى بصير قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام نحن الراسخون في العلم ، ونحن نعلم تأويله. (١)

وفي خبر عبد الرحيم عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : إنّ هذا العلم انتهى إليّ في القرآن ، ثم جمع أصابعه ، ثم قال : بل هو آيات بيّنات في صدور الذين اوتوا العلم. (٢)

إلى غير ذلك من الروايات الدالة على أنّ المعاني الشامخة التي للقرآن تكون عند النبي وأهل بيته عليهم‌السلام ، ولا يمكن تناولها إلّا بهم.

ويمكن الجواب عنه بأنّ اشتمال القرآن على المضامين العالية الغامضة واختصاص علمها بالراسخين في العلم ولزوم الرجوع إليهم في التفسير والتأويل لا ينافي وجود ظواهر فيه بالنسبة إلى الأحكام وغيرها وحجيتها ، هذا مضافا إلى أنّ علو المضامين لا ينافي فهم بعض مراتبها للعموم وإن اختص فهم كنهها بهم عليهم‌السلام.

قال السيد المحقق البروجردي قدس‌سره : إنّ القرآن وإن اشتمل على المطالب العالية ولكنه لمّا كان منزلا لهداية الناس وإرشادهم إلى ما فيه صلاحهم نزل على أسلوب عجيب ، فيفيد هذه المطالب العالية كل من عرف اللغة العربية. وهذا أحد وجوه إعجازه ، وقياسه بكلمات الأوائل والفلاسفة قياس مع الفارق ؛ فإنّ الفلاسفة لم يصنّفوا كتبهم لعامّة الناس يستفيد منها كل أحد ، ولم يكونوا بصدد إصلاح عامّة الناس وهدايتهم وإرشادهم ، بل قصدوا بذلك بيان ما وصل إليه افكارهم حتى يطلع عليها العارف باصطلاحاتهم. (٣)

على أنّ الإرجاعات الواردة في الروايات إلى ظواهر القرآن مما يشهد على أنّ ظواهر القرآن حجة وإن كان القرآن مشتملا على الحقائق الغامضة التي لا يصل فهم الناس إليها من دون أخذ علمها من الأئمة الطاهرين عليهم‌السلام.

وايضا جعل تمام القرآن غامضا ومشكلا لا يساعد كون القرآن عربيا مبينا مع أنّ القرآن

__________________

(١) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٥٣.

(٢) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٥٦.

(٣) نهاية الاصول : ٤٨.

٣٣

نص في غير مورد بأنّه عربي مبين وآيات بيّنات ، ودعا الناس إلى التأمل والتدبّر فيه. وهذا يقضي بوجود الظهورات فيه وحجيتها.

بل دعوى الإبهام المطلق في القرآن مما لا يساعدها الروايات أيضا :

أحدها : ما عن الهجري عن أبي جعفر عليه‌السلام : أنّ رجلا قال له : أنت الذي تقول ليس شيء من كتاب الله إلّا معروف؟! قال : ليس هكذا قلت ، إنّما قلت : ليس شيء من كتاب الله ، إلّا عليه دليل ناطق عن الله في كتابه مما لا يعلمه الناس .. إلى أن قال : إنّ للقرآن ظاهرا وباطنا ومعاينا وناسخا ومنسوخا ومحكما ومتشابها وسننا وامثالا وفصلا ووصلا واحرفا وتصريفا ، فمن زعم أنّ الكتاب مبهم فقد هلك وأهلك. (١)

وحمله على أنّ المراد أنّه ليس بمبهم على كل أحد بل يعلمه الإمام ومن علّمه إيّاه وإلّا لناقض آخره أوّله ، كما ترى ؛ إذ الرواية تدلّ في الذيل على عدم الإبهام ، وهو يساعد صدره الدال على وجود الظاهر فيه مع كونه واجدا للامور المذكورة.

وثانيها : ما عن مولانا امير المؤمنين عليه‌السلام في ضمن احتجاجه على زنديق : ثم إنّ الله قسّم كلامه ثلاثة أقسام ، فجعل قسما منه يعرفه العالم والجاهل ، وقسما لا يعرفه إلّا من صفا ذهنه ولطف حسّه وصحّ تمييزه ممن شرح الله صدره للإسلام ، وقسما لا يعلمه إلّا الله وملائكته والراسخون في العلم. (٢)

وثالثها : ما روي من أنّ الله لا يخاطب الخلق بما لا يعلمون. (٣)

بدعوى أنّ جعل المراد من المخاطب بالقرآن خصوص أهل العصمة عليهم‌السلام وهم يعلمون القرآن أو جميع المكلفين بدعوى كفاية تعليم بعضهم ؛ لا يخلو عن تكلف ، بل المراد أنّ القرآن عربي مبين يفهمه الخلق ، ولا ينافي ذلك كون معناه ذا مراتب ودرجات يختص علمها بنحو كامل بأهل البيت عليهم‌السلام.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٣٩.

(٢) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٤٤.

(٣) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٨١.

٣٤

ومنها : شمول القرآن للمتشابه ، وقد منع عن اتباع المتشابه قال تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ) والمتشابه يشمل الظواهر ايضا ، ولا أقلّ من احتمال شموله لها لتشابه المتشابه واحتمال كون المراد منه معنى يشمل الظواهر ايضا.

ويمكن الجواب عنه بالمنع عن كون الظاهر من مصاديق المتشابه ، فان المتشابه هو خصوص المجمل ، وليس المتشابه متشابها ومجملا في مفهومه او في مصداقه. وعليه فلا يشمل الظاهر الذي ليس له عرفا احتمالان ، كما لا يخفى. (١)

ومنها : دعوى العلم الإجمالي بطروّ تخصيصات وتقييدات وتجوزات في ظواهر الكتاب ، فلا يجوز العمل بالاصول اللفظية فيها مع كونها من أطراف العلم الإجمالى لتعارضها وسقوطها.

ويمكن الجواب عنه بأنّ العلم الاجمالي يوجب المنع عن العمل بالظواهر فيما إذا لم ينحل بالظفر في الروايات بموارد إرادة خلاف الظاهر بمقدار المعلوم بالإجمال ، وإلّا فلا يبقى بالنسبة إلى غير هذه الموارد علم إجمالي ، بل يكون مجرد احتمال.

مع أنّ دعوى اختصاص أطرافه بما إذا تفحّص عما يخالفه لظفر به غير بعيدة ، فتأمّل جيّدا.

وعليه فبعد الفحص يحصل العلم التفصيلي بالمخصصات والمقيدات ، ولا يحتمل التخصيص أو التقييد في غير هذه الموارد. (٢)

ومنها : الروايات الواردة في ممنوعية التفسير. وهذه الأخبار على طوائف :

الطائفة الاولى :

الأخبار الدّالة على اختصاص التفسير بالائمة عليهم‌السلام : كخبر سلمة بن محرز قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إنّ من علم ما اوتينا تفسير القرآن وأحكامه الحديث. (٣)

__________________

(١) راجع الكفاية ٢ : ٦١.

(٢) الكفاية ٢ : ٦٢.

(٣) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ١٣.

٣٥

وكخبر جابر بن يزيد قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن شيء من التفسير فأجابني ، ثم سألته عنه ثانية فأجابني بجواب آخر ، فقلت : كنت أجبتني في هذه المسألة بجواب غير هذا؟ فقال : يا جابر إنّ للقرآن بطنا وله ظهر وللظهر ظهر يا جابر ، وليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن ، إنّ الآية يكون أوّلها في شيء وآخرها في شيء ، وهو كلام متصل متصرف على وجوه. (١)

وكخبر الاحتجاج عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في احتجاجه يوم الغدير على تفسير كتاب الله والداعي إليه إلى أن قال : معاشر الناس تدبّروا وافهموا آياته وانظروا في محكماته ، ولا تتبعوا متشابهه ، فو الله لن يبيّن لكم زواجره ولا يوضح لكم عن تفسيره : إلّا الذي أنا آخذ بيده. (٢)

وكخبر موسى بن عقبة : أنّ معاوية أمر الحسين عليه‌السلام أن يصعد المنبر فيخطب : فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : نحن حزب الله الغالبون وعترة نبيّه الأقربون وأحد الثقلين اللذين جعلنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثاني كتاب الله فيه تفصيل كل شيء لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والمعوّل علينا في تفسيره لا نتظنّى تأويله ، بل نتّبع حقائقه ، فأطيعونا فان طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله ورسوله مقرونة ، قال الله : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ)؟ وقال : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)(٣)

وكخبر زرارة عن ابي جعفر عليه‌السلام قال : تفسير القرآن على سبعة اوجه منه ما كان ومنه ما لم يكن بعد ، تعرفه الائمة عليهم‌السلام (٤)

وكخبر يعقوب بن جعفر قال : كنت مع أبى الحسن عليه‌السلام بمكة فقال له قائل : إنّك لتفسر من كتاب الله ما لم تسمع به؟! فقال ابو الحسن عليه‌السلام : علينا نزل قبل الناس ولنا فسّر قبل أن

__________________

(١) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٤١.

(٢) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٤٥.

(٣) نفس المصدر

(٤) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضي ، ح ٥٠.

٣٦

يفسّر في الناس ، فنحن نعرف (نعلم) حلاله وحرامه وناسخه ومنسوخه وسفريّه وحضريّه ، وفي أيّ ليلة نزلت كم من آية وفيمن نزلت وفيما نزلت ، فنحن حكماء الله في أرضه وشهداؤه على خلقه الحديث. (١)

قال البحراني بعد نقل جملة من الروايات المذكورة وغيرها : وأمّا غيرهم عليهم‌السلام فلا شبهة في قصور علومهم وعجز أفهامهم عن الوصول إلى ساحة إدراك كثير من تفسير الظواهر والتنزيل فضلا عن البواطن والتأويل بلا إرشاد من الائمة العالمين وعناية من الله رب العالمين. (٢)

الطائفة الثانية :

الأخبار الناهية عن تفسير القرآن بالرأى من غير المعصوم عليه‌السلام :

ففي موثقة الريّان بن الصلت عن الرضا عليه‌السلام عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال الله جل جلاله : ما آمن بي من فسّر برأيه كلامي الحديث. (٣)

وفي خبر عمار بن موسى عن ابي عبد الله عليه‌السلام في حديث : ومن فسّر برأيه من كتاب الله فقد كفر. (٤)

وفي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : من فسّر القرآن برأيه إن اصاب لم يؤجر وإن أخطأ خرّ أبعد من السماء. (٥)

وفي خبر عبد الرحمن بن سمرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لعن الله المجادلين في دين الله على لسان سبعين نبيّا ، ومن جادل (٦) في آيات الله كفر قال الله (ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلَّا

__________________

(١) بصائر الدرجات الجزء الرابع ١٩٨ ، الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٥١.

(٢) البرهان : ١٦.

(٣) الوسائل الباب ٦ من ابواب صفات القاضى ، ح ٢٢.

(٤) الوسائل الباب ٦ من ابواب صفات القاضى ، ح ٤٥.

(٥) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٦٦.

(٦) جادل مجادلة اذا خاصم بما يشغل عن ظهور الحق ووضوح الصواب ، هذا أصله ، ثم استعمل على لسان حملة الشرع في مقابلة الادلة لظهور ارجحها وهو محمود ان كان للوقوف على الحق ، وإلّا فمذموم (مصباح اللغة) والظاهر انّ المراد من المجادلة في الحديث هو المعنى الاول.

٣٧

الَّذِينَ كَفَرُو) ، ومن فسّر القرآن برأيه فقد افترى على الله الكذب الحديث. (١)

وفي خبر زيد الشحام قال : دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر عليه‌السلام فقال : يا قتادة أنت فقيه اهل البصرة؟! فقال : هكذا يزعمون. فقال أبو جعفر عليه‌السلام بلغني أنّك تفسر القرآن. فقال له قتادة : نعم. فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : فإن كنت تفسره بعلم فأنت أنت ، وأنا أسألك ... إلى أن قال ابو جعفر عليه‌السلام : ويحك يا قتادة إن كنت إنّما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت ، وإن كنت قد فسرته من الرجال فقد هلكت وأهلكت ، وإن كنت قد فسّرته من الرجال فقد هلكت وأهلكت ويحك يا قتادة إنّما يعرف القرآن من خوطب به. (٢)

وفي مجمع البيان عن ابن عباس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار. (٣)

وفيه أيضا : وصحّ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام : أنّ تفسير القرآن لا يجوز إلّا بالأثر الصحيح والنصّ الصريح. (٤)

وفيه أيضا : وروى العامة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من فسّر القرآن برأيه فأصاب الحق فقد أخطأ. (٥)

وفي تفسير البرهان : وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : من فسّر القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النّار. (٦)

إلى غير ذلك من الأخبار الظاهرة في النهي عن التفسير بغير ما ورد عن المعصومين عليهم‌السلام.

الطائفة الثالثة :

الأخبار الدّالة على المنع عن ضرب القرآن بعضه ببعض ففى خبر القاسم بن سليمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أبي : ما ضرب رجل القرآن بعضه ببعض الّا كفر.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٣٧.

(٢) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٢٥.

(٣) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٧٦.

(٤) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٧٨.

(٥) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٧٩.

(٦) البرهان : ١٦.

٣٨

قال الصدوق : سألت محمّد بن الحسن عن معنى الحديث فقال : هو أن يجيب الرجل في تفسير آية بتفسير آية اخرى. (١)

وقال في تفسير البرهان : والظاهر أنّ المراد تأويل بعض متشابهاته إلى بعض بمقتضى الرأي والهوى من دون سماع من أهله ونور هدى من الله. (٢)

وفي خبر اسماعيل بن جابر عن الصادق عليه‌السلام قال : إنّ الله بعث محمّدا فختم به الأنبياء فلا نبي بعده ، وأنزل عليه كتابا فختم به الكتب فلا كتاب بعده .. إلى أن قال : فجعله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله علما باقيا في أوصيائه ، فتركهم الناس وهم الشهداء على أهل كل زمان حتى عاندوا من أظهر ولاية ولاة الأمر وطلب علومهم ، وذلك أنّهم ضربوا القرآن بعضه ببعض ، واحتجّوا بالمنسوخ وهم يظنون أنّه الناسخ ، واحتجّوا بالخاصّ وهم يقدّرون أنّه العامّ ، واحتجّوا بأوّل الآية وتركوا السنّة في تأويلها ، ولم ينظروا إلى ما يفتتح الكلام وإلى ما يختمه ، ولم يعرفوا موارده ومصادره ؛ إذ لم يأخذوه من أهله ، فضلّوا وأضلّوا.

ثم ذكر كلاما طويلا في تقسيم القرآن إلى أقسام وفنون ووجوه تزيد على مائة وعشر ... إلى أن قال : وهذا دليل واضح على أنّ كلام الباري سبحانه لا يشبه كلام الخلق كما لا تشبه افعاله أفعالهم ، ولهذه العلّة وأشباهها لا يبلغ أحد كنه معنى حقيقة تفسير كتاب الله تعالى إلّا نبيّه وأوصياؤه ... إلى أن قال : ثم سألوه عليه‌السلام عن تفسير المحكم من كتاب الله فقال : أمّا المحكم الذي لم ينسخه شيء فقوله عزوجل (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) الآية ؛ وإنّما هلك الناس في المتشابه ؛ لأنّهم لم يقفوا على معناه ، ولم يعرفوا حقيقته ، فوضعوا له تأويلا من عند أنفسهم بآرائهم ، واستغنوا بذلك عن مسألة الأوصياء ، ونبذوا قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وراء ظهورهم الحديث. (٣)

إلى غير ذلك من الروايات وبالجملة : فحاصل الاستدلال بالطوائف المذكورة أنّ

__________________

(١) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٢٢.

(٢) البرهان ١٦.

(٣) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٦٢.

٣٩

مقصود الله سبحانه وتعالى من القرآن الكريم ليس هو. تفهيم مطالبه بلا واسطة تبيين المعصومين وتفسيرهم عليهم‌السلام : وعليه فالأخذ بظاهره والعمل به من مصاديق تفسير القرآن الذي كان منهيا عنه بحسب الاخبار ، ومعه لا حجيّة لظواهره.

ويمكن الجواب عنه :

أوّلا : بأنّ الاخبار المذكورة دلّت على ممنوعيّة التفسير لا العمل بالظواهر الواضحة المعنى بعد الفحص عن النسخ والتخصيص والتقييد ؛ فإنّ هذا لا يسمّى تفسيرا ، إذا التفسير مختص بما له إبهام وإجمال وتشابه وخفاء بحيث لا يمكن رفعه إلّا بالتفسير وكشف القناع ومن المعلوم أنّه لا إجمال ولا إبهام في الأخذ بالظواهر أو في ضرب بعضها ببعض.

قال الشيخ الأعظم قدس‌سره : إنّ أحدا من العقلاء إذا رأى في كتاب مولاه أنّه أمره بشيء بلسانه المتعارف في مخاطبته عربيا أو فارسيا أو غيرهما فعمل به وامتثله لم يعدّ هذا تفسيرا إذ التفسير كشف القناع ، ولا قناع للظاهر. (١)

هذا ، مضافا إلى ما ورد من الروايات في معنى التفسير من أنّ المراد منه هو تفسير البطون كرواية زيد الشحام قال : دخل قتادة بن دعامة على أبى جعفر عليه‌السلام فقال : يا قتادة أنت فقيه أهل البصرة ، فقال : هكذا يزعمون فقال أبو جعفر عليه‌السلام : بلغني أنّك تفسّر القرآن فقال له قتادة : نعم فقال أبو جعفر عليه‌السلام : بعلم تفسره أن بجهل قال : لا ، بعلم فقال له ابو جعفر عليه‌السلام : فإن كنت تفسّره بعلم فأنت أنت ، وأنا أسألك قال : قتادة سل. قال : أخبرني عن قول الله عزوجل في سبأ (وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ) فسّر قتادة آمنين فقال قتادة : ذلك من خرج من بيته بزاد حلال وكراء حلال يريد هذا البيت كان آمنا حتى يرجع إلى أهله.

فقال أبو جعفر عليه‌السلام : نشدتك الله يا قتادة هل تعلم أنّه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت فيقطع عليه الطريق فتذهب نفقته ويضرب

__________________

(١) فرائد الاصول : ٣٥.

٤٠