التيسير في التفسير للقرآن - ج ٥

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ٥

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٤٧

في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام يقول : «أرسل البحرين (هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) فالأجاج المرّ ، (وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً) يقول : حاجزا ، وهو المنتهى ، (وَحِجْراً مَحْجُوراً) يقول : حراما محرما ، بأن يغيّر أحدهما طعم الآخر» (١).

* س ٣١ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) (٥٤) [سورة الفرقان : ٥٤]؟!

الجواب / قال بريد العجليّ : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً).

فقال : «إنّ الله تعالى خلق آدم من الماء العذب ، وخلق زوجته من سنخه (٢) ، فبرأها من أسفل أضلاعه ، فجرى بذلك الضلع سبب ونسب ، ثمّ زوّجها إيّاه ، فجرى بسبب ذلك بينهما صهر ، وذلك قوله عزوجل : (نَسَباً وَصِهْراً) ، فالنسب ـ يا أخا بني عجل ـ ما كان من سبب الرجال والصهر ما كان بسبب النساء» (٣).

وقال الباقر عليه‌السلام ـ في هذه الآية ـ «هو محمّد ، وعليّ ، وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام» وفي رواية البشر : الرسول ، والنسب : فاطمة ، والصّهر : علي (صلوات الله وسلامه عليهم) (٤).

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١١٥.

(٢) السنخ : الأصل. «الصحاح ـ سنخ ـ ج ١ ، ص ٤٢٣».

(٣) الكافي : ج ٥ ، ص ٤٤٢ ، ح ٩.

(٤) المناقب : ج ٢ ، ص ١٨١.

١٨١

وقال ابن عباس : لما خلق الله آدم ، خلق نطفة من الماء ، فمزجها بنوره ، ثم أودعها آدم عليه‌السلام ، ثمّ أودعها ابنه شيث ، ثم أنوش ، ثم قينان ، ثمّ أبا فأبا ، حتى أودعها إبراهيم عليه‌السلام ، ثم أودعها إسماعيل عليه‌السلام ، ثم أمّا فأمّا ، وأبا فأبا ، من طاهر الأصلاب ، إلى مطهّرات الأرحام ، حتى صارت إلى عبد المطّلب ، فانفلق ذلك النور فرقتين : فرقة إلى عبد الله ، فولد محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفرقة إلى أبي طالب ، فولد عليّا عليه‌السلام ، ثمّ ألف الله النّكاح بينهما ، فزوّج عليا بفاطمة عليهما‌السلام ، فذلك قوله عزوجل : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً)(١).

* س ٣٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً) (٥٥) [سورة الفرقان : ٥٥]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم القميّ : قد يسمّى الإنسان ربّا لغة ، كقوله : (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ)(٢) وكلّ مالك لشيء يسمى ربّه ، فقوله : (وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً) : الكافر الثاني ، كان على أمير المؤمنين عليه‌السلام ظهيرا (٣).

وقال أبو حمزة الثمالي : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى : (وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً) ، قال : «تفسيرها في بطن القرآن : علي عليه‌السلام هو ربه في الولاية والطاعة ، والربّ هو الخالق الذي لا يوصف».

وقال أبو جعفر عليه‌السلام : «إنّ عليا عليه‌السلام آية لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإنّ محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) تأويل الآيات : ج ١ ، ص ٣٧٧ ، ح ١٤.

(٢) يوسف : ٤٢.

(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١١٥.

١٨٢

يدعو إلى ولاية علي عليه‌السلام ، أما بلغك قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه؟» (١).

* س ٣٣ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (٥٦) قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٥٧) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً) (٥٨) [سورة الفرقان : ٥٦ ـ ٥٨]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ (رحمه‌الله تعالى) : قوله : (وَما أَرْسَلْناكَ) يا محمد (إِلَّا مُبَشِّراً) بالجنة (وَنَذِيراً) من النار. (قُلْ) يا محمد لهؤلاء الكفار (ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) أي : على القرآن وتبليغ الوحي (مِنْ أَجْرٍ) تعطونيه (إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) بإنفاقه ماله في طاعة الله ، واتباع مرضاته ، والمعنى : إني لا أسألكم لنفسي أجرا ، ولكني لا أمنع من إنفاق المال في طلب مرضاة الله سبحانه ، بل أرغب فيه ، وأحث عليه. وفي هذا تأكيد لصدقه ، لأنه له طلب على تبليغ الرسالة أجرا ، لقالوا : إنما يطلب أموالنا.

(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) أي : فوض أمورك إليه ، فإنه ينتقم لك ولو بعد حين ، فإنه الحي الذي لا يموت ، فلن يفوته الانتقام : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) أي : احمده منزها له عما لا يجوز عليه في صفاته بأن تقول : الحمد لله رب العالمين ، الحمد لله على نعمه وإحسانه الذي لا يقدر عليه غيره. الحمد لله حمدا يكافىء نعمه في عظيم المنزلة ، وعلو المرتبة. وما أشبه ذلك. وقيل : معناه واعبده وصل له شكرا منك له على نعمه.

(وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً) أي : عليما فيحاسبهم ، ويجازيهم بها (٢).

__________________

(١) بصائر الدرجات : ص ٩٧ ، ح ٥.

(٢) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٣٠٤ ـ ٣٠٥.

١٨٣

* س ٣٤ : ما هو معنى قوله تعالى :

(الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) (٥٩) [سورة الفرقان : ٥٩]؟!

الجواب / قال عبد الله بن سنان : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «إنّ الله خلق الخير يوم الأحد ، وما كان ليخلق الشر قبل الخير ، وفي يوم الأحد والاثنين خلق الأرضين ، وخلق أقواتها في يوم الثلاثاء ، وخلق السماوات يوم الأربعاء ويوم الخميس ، وخلق أقواتها يوم الجمعة ، وذلك قول الله (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)(١).

وقال مقاتل بن سليمان : سألت جعفر بن محمد عليهما‌السلام عن قول الله عزوجل : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) فقال : «استوى من كلّ شيء أقرب إليه من شيء» (٢).

وقال حنان بن سدير : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن العرش والكرسيّ؟ فقال عليه‌السلام : «إنّ للعرش صفات كثيرة مختلفة ، له في كلّ سبب وضع في القرآن صفة على حدة ، فقوله : (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) يقول : ربّ الملك العظيم ، وقوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) يقول : على الملك احتوى» (٣).

* س ٣٥ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً) (٦٠) [سورة الفرقان : ٦٠]؟!

الجواب / ١ ـ قال علي بن إبراهيم القميّ : جوابه : (الرَّحْمنُ عَلَّمَ

__________________

(١) الكافي : ج ٨ ، ص ١٤٥ ، ح ١١٧.

(٢) التوحيد : ص ٣١٧ ، ح ٧.

(٣) التوحيد : ص ٣٢١ ، ح ١.

١٨٤

الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ)(١).

٢ ـ قال الشيخ الطبرسيّ (رحمه‌الله تعالى) في قوله : (أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً) أي : زادهم ذكر الرحمن تباعدا من الإيمان ، عن مقاتل. والمعنى أنهم ازدادوا عند ذلك نفورا عن الحق وقبول قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢).

* س ٣٦ : ما هو معنى قوله تعالى :

(تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً) (٦١) [سورة الفرقان : ٦١]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في قوله تبارك وتعالى : (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً) ، قال : «فالبروج : الكواكب ، والبروج التي للرّبيع والصيف : الحمل ، والثّور ، والجوزاء ، والسرطان ، والأسد ، والسنبلة ، وبروج الخريف والشّتاء : الميزان ، والعقرب ، والقوس ، والجدي ، والدّلو ، والسمكة ، وهي اثنا عشر برجا» (٣).

* س ٣٧ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً) (٦٢) [سورة الفرقان : ٦٢]؟!

الجواب / قال عنسبة العابد : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١١٥ ، والآية (الرحمن : ١ ـ ٤).

(٢) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٣٠٦.

(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١١٥.

١٨٥

شُكُوراً) ، قال : «قضاء صلاة الليل بالنهار ، وقضاء صلاة النهار بالليل» (١).

وقال رجل لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك ـ يابن رسول الله ـ ربّما فاتتني صلاة الليل ، الشهر والشهرين والثلاثة ، فأقضيها بالنّهار ، أيجوز ذلك؟ قال : «قرّة عين لك والله ـ قالها ثلاثا ـ إن الله يقول : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً) الآية ، فهو قضاء صلاة النّهار باللّيل ، وقضاء صلاة الليل بالنهار ، وهو من سرّ آل محمد المكنون» (٢).

* س ٣٨ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (٦٣) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً (٦٤) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً (٦٥) إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) (٦٦) [سورة الفرقان : ٦٣ ـ ٦٦]؟!

الجواب / قال أبو جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) ، قال : «الأئمّة يمشون على الأرض هونا ، خوفا من عدوّهم» (٣).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام ، في قول الله عزوجل : (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) ، قال : «هذه الآيات للأوصياء ، إلى أن يبلغوا (حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً)(٤)» (٥).

__________________

(١) التهذيب : ج ٢ ، ص ٢٧٥ ، ح ١٠٩٣.

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١١٦.

(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١١٦.

(٤) الفرقان : ٧٦.

(٥) تأويل الآيات : ج ١ ، ص ٣٨١ ، ح ١٧.

١٨٦

وقال الطّبرسيّ : في معنى قوله تعالى : (يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «هو الرّجل يمشي بسجيته التي جبل عليها ، ولا يتكلّف ، ولا يتبختر» (١).

وقال علي بن إبراهيم : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً) ، يقول : «ملازما لا يفارق» (٢).

* س ٣٩ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) (٦٧) [سورة الفرقان : ٦٧]؟!

الجواب / عن عبد الله بن سنان ، في قوله تبارك وتعالى : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) فبسط كفّه ، وفرّق أصابعه ، وحناها شيئا.

وعن قوله : (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ)(٣) فبسط راحته ، وقال : هكذا ، وقال : القوام ما يخرج من بين الأصابع ، ويبقى في الرّاحة منه شيء (٤).

وقال أبو الحسن عليه‌السلام في قوله عزوجل : (وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) : «القوام هو المعروف ، (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ)(٥) على قدر عياله ، ومؤنتهم التي هي صلاح له ولهم و (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها)(٦)» (٧).

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٢٧٩.

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١١٦.

(٣) الإسراء : ٢٩.

(٤) الكافي : ج ٤ ، ص ٥٦ ، ح ٩.

(٥) البقرة : ٢٣٦.

(٦) الطلاق : ٧.

(٧) الكافي : ج ٤ ، ص ٥٦ ، ح ٨.

١٨٧

وقال عمرو الأحول : تلا أبو عبد الله عليه‌السلام هذه الآية : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) ، قال : فأخذ قبضة من حصى ، وقبضها بيده ، فقال : «هذا الإقتار الذي ذكره الله في كتابه» ، ثم قبض قبضة أخرى ، فأرخى كفّه كلّها ، ثمّ قال : «هذا الإسراف» ، ثمّ أخذ قبضة أخرى ، فأرخى بعضها وأمسك بعضها وقال : «هذا القوام» (١).

وقال عبد الله بن أبان : سألت أبا الحسن الأول عليه‌السلام عن النفقة على العيال ، فقال : «ما بين المكروهين : الإسراف ، والإقتار» (٢).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام لأبي عبد الله عليه‌السلام : «يا بنيّ ، عليك بالحسنة بين السيّئتين ، تمحوهما». قال : «وكيف ذلك ، يا أبه؟» قال : «مثل قول الله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) لا تجهر بصلاتك سيئة ولا تخافت بها سيئة (وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً)(٣) حسنة ، ومثل قوله : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ)(٤) ، ومثل قوله : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا) إذا أسرفوا سيئة ، وأقتروا سيّئة (وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) حسنة ، فعليك بالحسنة بين السيّئتين» (٥).

__________________

(١) الكافي : ج ٤ ، ص ٥٤ ، ح ١.

(٢) الكافي : ج ٤ ، ص ٥٥ ، ح ٢.

(٣) الإسراء : ١١٠.

(٤) الإسراء : ٢٩.

(٥) تفسير العياشي : ج ٢ ، ص ٣١٩ ، ح ١٧٩.

١٨٨

* س ٤٠ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً (٦٨) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً (٦٩) إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٧٠) [سورة الفرقان : ٦٨ ـ ٧٠]؟!

الجواب / قال سليمان بن خالد : كنت في محمل أقرأ ، إذ ناداني أبو عبد الله عليه‌السلام : «إقرأ ، يا سليمان» وأنا في هذه الآيات التي في آخر تبارك : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ) ، فقال : «هذه فينا ، أما والله لقد وعظنا وهو يعلم أنا لا نزني ، إقرأ يا سليمان».

فقرأت حتى انتهيت إلى قوله : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) ، قال : «قف ، هذه فيكم ، إنه يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى يوقف بين يدي الله عزوجل ، فيكون هو الذي يلي حسابه ، فيوقفه على سيئاته ، شيئا فشيئا ، فيقول : عملت كذا وكذا ، في يوم كذا ، في ساعة كذا ، فيقول : أعرف ، يا ربّ ـ قال ـ حتى يوقفه على سيئاته كلها ، كل ذلك يقول : أعرف ، فيقول : سترتها عليك في الدنيا ، وأغفرها لك اليوم ، أبدلوها لعبدي حسنات ـ قال ـ فترفع صحيفته للناس ، فيقولون : سبحان الله ، أما كانت لهذا العبد ولا سيّئة واحدة! فهو قول الله عزوجل (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ).

قال : ثم قرأت ، حتى انتهيت إلى قوله : (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً)(١) ، قال : «هذه فينا».

__________________

(١) الفرقان : ٧٢.

١٨٩

ثمّ قرأت : (وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً)(١) ، فقال : «هذه فيكم ، إذا ذكرتم فضلنا لم تشكوا».

ثم قرأت : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ)(٢) ، إلى آخر السورة ، فقال : «هذه فينا» (٣).

وقال علي بن إبراهيم القميّ : قوله تعالى : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً) وأثام : واد من أودية جهنّم ، من صفر مذاب ، قدّامها خدّة (٤) في جهنّم ، يكون فيه من عبد غير الله ، ومن قتل النفس التي حرم الله ، ويكون فيه الزناة ، ويضاعف لهم فيه العذاب ، (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ) إلى قوله (وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً)(٥) ، يقول : لا يعود إلى شيء من ذلك بالإخلاص ، ونيّة صادقة (٦).

وقال علي بن إبراهيم أيضا ، في قوله : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) إلى قوله : (يَلْقَ أَثاماً) ، قال : واد في جهنم يقال له أثام ، ثم استثنى عزوجل ، فقال : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ)(٧).

__________________

(١) الفرقان : ٧٣.

(٢) الفرقان : ٧٤.

(٣) المحاسن : ص ١٧٠ ، ح ١٣٦.

(٤) الخدّة : الحفرة تحفرها في الأرض مستطيلة. «لسان العرب ـ خدد ـ ج ٣ ، ص ١٦٠».

(٥) الفرقان : ٧١.

(٦) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١١٦.

(٧) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١١٧.

١٩٠

* س ٤١ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً) (٧١) [سورة الفرقان : ٧١]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسي (رحمه‌الله تعالى) : ثم قال سبحانه : (مَنْ تابَ) أي : أقلع عن معاصيه ، وندم عليها (وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً) أي : يرجع إليه مرجعا عظيما جميلا ، وفرق علي بن عيسى بين التوبة إلى الله ، والتوبة من القبيح لقبحه بأن التوبة إلى الله تقتضي طلب ثوابه ، وليس كذلك التوبة من القبيح لقبحه. فعلى هذا يكون المعنى : من عزم على التوبة من المعاصي ، فإنه ينبغي أن يوجه توبته إلى الله بالقصد إلى طلب جزائه ورضائه عنه ، فإنه يرجع إلى الله فيكافيه. وقيل : معناه من تاب وعمل صالحا ، فقد انقطع إلى الله ، فاعرضوا ذلك له ، فإن من انقطع إلى خدمة بعض الملوك ، فقد أحرز شرفا ، فكيف المنقطع إلى الله سبحانه (١).

* س ٤٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) (٧٢) [سورة الفرقان : ٧٢]؟!

الجواب / قال الطّبرسيّ : في معنى قوله تعالى : (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) عن أبي جعفر ، وأبي عبد الله عليهما‌السلام : «هو الغناء» (٢).

ومثله رواه الشيبانيّ عنهما عليهما‌السلام في (نهج البيان) (٣).

وقال في قوله تعالى : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) عن أبي جعفر عليه‌السلام : «هم الذين إذا أرادوا ذكر الفرج كنّوا (٤) عنه» ذكره الطبرسيّ (٥).

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٣١٤ ـ ٣١٥.

(٢) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٢٨٣.

(٣) نهج البيان : ج ٣ ، ص ٢١٠ «مخطوط».

(٤) في «ط» : كفّوا.

(٥) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٢٨٣.

١٩١

* س ٤٣ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً) (٧٣) [سورة الفرقان : ٧٣]؟!

الجواب / قال أبو بصير : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله تعالى ـ الآية ـ ، قال عليه‌السلام : «مستبصرين ليسوا شكّاكا» (١).

* س ٤٤ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) (٧٤) [سورة الفرقان : ٧٤]؟!

الجواب / قال أبان بن تغلب : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) ، قال : «هم نحن أهل البيت» (٢).

وروى غيره : «أنّ أزواجنا : خديجة ، وذريّاتنا : فاطمة عليها‌السلام ، وقرّة أعين : الحسن والحسين عليهما‌السلام ، واجعلنا للمتّقين إماما : علي بن أبي طالب عليه‌السلام» (٣).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام : «أي هداة يهتدى بنا ، وهذه لآل محمد عليهم‌السلام خاصّة» (٤).

وقال أبو بصير : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) ، قال : «سألت ربّك عظيما ، إنما هي : واجعل لنا من المتقين إماما ، وإيّانا عنى

__________________

(١) الكافي : ج ٨ ، ص ١٧٨ ، ح ١٩٩.

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١١٧ ، شواهد التنزيل : ج ١ ، ص ٤١٦ ، ح ٥٧٥.

(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١١٧.

(٤) تأويل الآيات : ج ١ ، ص ٣٨٤ ، ح ٢٥.

١٩٢

بذلك». فعلى هذا التأويل تكون القراءة الأولى واجعلنا للمتقين ـ يعني الشيعة ـ إماما ، أنّ القائلين هم الأئمّة عليهم‌السلام» (١).

* س ٤٥ : ما هو معنى قوله تعالى :

(أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً (٧٥) خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) (٧٦) [سورة الفرقان : ٧٥ ـ ٧٦]؟!

الجواب / ١ ـ جاء في (تحفة الإخوان) : عن ابن مسعود ، وأمّ سلمة زوجة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ في حديث ـ قال له : «يابن مسعود ، إنّ أهل الغرف العليا لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، وشيعته المتولّون له ، المتبرّءون من أعدائه ، وهو قوله تعالى : (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً) على أذى الدنيا» (٢).

وقال الباقر عليه‌السلام في قوله تعالى : (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ) ، قال : «الغرفة : الجنّة (بِما صَبَرُوا) على الفقر في دار الدنيا» (٣).

٢ ـ وقال الطبرسي : (خالِدِينَ) أي مقيمين (فِيها) من غير موت ولا زوال (حَسُنَتْ) الغرفة (مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) أي : موضع قرار واستقامة (٤).

* س ٤٦ : ما هو معنى قوله تعالى :

(قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) (٧٧) [سورة الفرقان : ٧٧]؟!

الجواب / قال الصادق عليه‌السلام : قال علي بن أبي طالب عليهم‌السلام : «إنما الدنيا

__________________

(١) تأويل الآيات : ج ١ ، ص ٣٨٤ ، ح ٢٦.

(٢) تحفة الإخوان : ص ١١٧.

(٣) كشف الغمة : ج ٢ ، ص ١٣٢.

(٤) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٣١٦.

١٩٣

عناء وفناء ، وعبر وغير (١) ، فمن فنائها : أن الدهر موتر قوسه ، مفوّق (٢) نبله ، يصيب الحيّ بالموت ، والصحيح بالسقم ، ومن عنائها : أن المرء يجمع ما لا يأكل ، ويبني ما لا يسكن ، ومن عبرها : أنك ترى المغبوط مرحوما ، والمرحوم مغبوطا ، ليس بينهما إلا نعيم زال ، أو بؤس نزل ، ومن غيرها : أن المرء يشرف عليه أمله ، فيختطفه دونه أجله».

قال : وقال علي عليه‌السلام : «أربع للمرء ، لا عليه : الإيمان ، والشكر ، فإن الله تعالى يقول : (ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ)(٣) ، والاستغفار ، فإنه قال : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)(٤) ، والدعاء ، فإنّه قال : (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً)(٥).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام : (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) ، يقول : «ما يفعل ربّي بكم (فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً)(٦).

وقال الطبرسي : روى العياشي بإسناده عن بريد بن معاوية العجليّ ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : كثرة القراءة أفضل ، أم كثرة الدعاء؟ قال : «كثرة الدعاء أفضل» وقرأ هذه الآية (٧).

__________________

(١) الغير : من تغير الحال. «لسان العرب ـ غير ـ ج ٥ ، ص ٤٠».

(٢) أفقت السهم : وضعته في الوتر لأرمي به. «لسان العرب ـ فوق ـ ج ١٠ ، ص ٣٢٠».

(٣) النساء : ١٤٧.

(٤) الأنفال : ٣٣.

(٥) الأمالي : ج ٢ ، ص ١٠٧.

(٦) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١١٧.

(٧) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٢٨٥.

١٩٤

تفسير

سورة الشعراء

رقم السورة ـ ٢٦ ـ

١٩٥
١٩٦

سورة الشعراء

* س ١ : ما هو فضل سورة الشعراء؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «من قرأ سور الطواسين الثلاث في ليلة الجمعة ، كان من أولياء الله ، وفي جوار الله ، وفي كنفه ، ولم يصبه في الدنيا بؤس أبدا ، وأعطي في الآخرة من الجنّة حتى يرضى ، وفوق رضاه ، وزوّجه الله مائة زوجة من الحور العين» (١).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من أدمن قراءتها ، لم يدخل بيته سارق ، ولا حريق ، ولا غريق ، ومن كتبها وشربها ، شفاه الله من كلّ داء ، ومن كتبها وعلّقها على ديك أبيض أفرق ، فإنّ الديك يسير ولا يقف إلا على كنز ، أو سحر ، ويحفره بمنقاره ، حتى يظهره» (٢).

وعن الصادق عليه‌السلام : «من كتبها وعلّقها على ديك أبيض أفرق وأطلقه ، فإنه يمشي ويقف موضعا ، فحيث ما وقف ، فإنه يحفر موضعه فيه ، يلقى كنزا ، أو سحرا مدفونا ؛ وإذا علّقت على مطلّقة ، يصعب عليها الطلاق ، وربما خيف ، فليتّق فاعله ، فإذا رش ماؤها في موضع ، خرب ذلك الموضع بإذن الله تعالى» (٣).

__________________

(١) ثواب الأعمال : ص ١٠٩.

(٢) خواص القرآن : ص ٥ «قطعة منه».

(٣) خواص القرآن : ص ٤٥ «مخطوط».

١٩٧

* س ٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(طسم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (٣) [سورة الشعراء : ١ ـ ٣]؟!

الجواب / ١ ـ قال سفيان بن سعيد الثوري : قلت لجعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام : يابن رسول الله ما معنى قول الله عزوجل : (طسم) قال : معناه : أنا الطالب السميع المبدىء المعيد (١).

وروي عن ابن الحنفية ، عن علي عليه‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لما نزلت (طسم) قال : «الطاء طور سيناء ، وسين الإسكندرية والميم مكة». وقيل : الطاء : شجر طوبى والسين : سدرة المنتهى ، والميم : محمد المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢).

٢ ـ قال الشيخ الطبرسي (رحمه‌الله تعالى) ، في قوله تعالى : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) إشارة (تِلْكَ) إلى ما ليس بحاضر ، لكنه متوقع فهو كالحاضر لحضور المعنى في النفس ، والتقدير : تلك الآيات التي وعدتم بها ، هي آيات الكتاب أي : القرآن. والمبين : الذي يبين الحق من الباطل (٣).

٣ ـ قال علي بن إبراهيم القميّ : (طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) ، هو حرف من حروف اسم الله الأعظم المرموز في القرآن ، قال : قوله تعالى : (لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ) أي خادع (٤) نفسك (أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)(٥).

__________________

(١) معاني الأخبار : ص ٢٢ ، الصدوق.

(٢) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٣٢٠.

(٣) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٣٢٠.

(٤) البخع : القتل ، والمعنى : لعلك قاتل نفسك. «تفسير التبيان : ج ٨ ص ٤ ، مجمع البيان : ج ٧ ، ص ١٨٤». ولعل «خادع» ههنا بمعنى قاطع كما في الدعاء للمؤمنين الذين حبسهم المنصور «اللهم اخدع عنهم سلطانهم» أي أقطع ، فالمراد هنا أنك قاطع لنفسك عن الحياة حسرة على ان الكفار لم لا يكونون مؤمنين.

(٥) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١١٨.

١٩٨

قال الصادق عليه‌السلام في خبر : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يا عليّ ، إني سألت الله أن يوالي بيني وبينك ففعل ، وسألته أن يؤاخي بيني وبينك ففعل ، وسألته أن يجعلك وصيّي ففعل» فقال رجل : والله ، لصاع من تمر في شنّ (١) بال خير ممّا سأل محمد ربّه ، هلا سأل ملكا يعضده على عدوّه ، أو كنزا يستعين به على فاقته! فأنزل الله تعالى : (لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)(٢).

* س ٣ : ما هو معنى قوله تعالى :

(إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) (٤) [سورة الشعراء : ٤]؟!

الجواب / قال عمر بن حنظلة : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «خمس علامات قبل قيام القائم عليه‌السلام : الصّيحة ، والسفيانيّ ، والخسف ، وقتل النّفس الزكيّة ، واليمانيّ».

فقلت : جعلت فداك ، إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات ، أنخرج معه؟ قال : «لا».

قال : فلمّا كان من الغد تلوت هذه الآيات : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) فقلت له : أهي الصّيحة؟ فقال : «أما لو كانت ، خضعت أعناق أعداء الله عزوجل» (٣).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «تخضع رقابهم ـ يعني بني أميّة ـ وهي الصّيحة من السّماء باسم صاحب الأمر عليه‌السلام» (٤).

__________________

(١) الشّنّ : القربة الخلق. «لسان العرب ـ شنن ـ ج ١٣ ، ص ٢٤١».

(٢) المناقب : ج ٢ ، ص ٣٤٢ ، أمالي الطوسي : ج ١ ، ص ١٠٦.

(٣) الكافي : ج ٨ ، ص ٣١٠ ، ح ٤٨٣ ، ينابيع المودة : ص ٤٢٦.

(٤) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١١٨.

١٩٩

وقال أبو جعفر محمد بن عليّ عليهما‌السلام : «سئل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ)(١) ، فقال : انتظروا الفرج في ثلاث».

فقيل : يا أمير المؤمنين ، وما هنّ؟ فقال : «اختلاف أهل الشام بينهم ، والرايات السود من خراسان ، والفزعة في شهر رمضان».

فقيل : وما الفزعة في شهر رمضان؟ فقال : «أو ما سمعتم قول الله عزوجل في القرآن : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) ، هي آية تخرج الفتاة من خدرها ، وتوقظ النائم ، وتفزع اليقظان» (٢).

وقال عبد الله ابن سنان : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام ، فسمعت رجلا من همدان يقول له : إنّ هؤلاء العامة يعيّرونا ، ويقولون لنا : إنكم تزعمون أنّ مناديا ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر. وكان متّكئا ، فغضب وجلس ، ثمّ قال : «لا ترووه عنّي ، وارووه عن أبي ، ولا حرج عليكم في ذلك ، أشهد أني قد سمعت أبي عليه‌السلام يقول : والله إن ذلك في كتاب الله عزوجل لبيّن ، حيث يقول : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) ، فلا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلّا خضع ، وذلّت رقبته لها ، فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء : ألا إنّ الحق في عليّ بن أبي طالب وشيعته ـ قال ـ فإذا كان من الغد ، صعد إبليس في الهواء ، حتى يتوارى عن أهل الأرض ، ثم ينادي : ألا إن الحق في عثمان بن عفان وشيعته ، فإنه قتل مظلوما ، فاطلبوا بدمه ـ قال ـ فيثبت لله الذين آمنوا بالقول الثابت على الحقّ ، وهو النداء الأول ، ويرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض ـ والمرض والله عداوتنا ـ فعند ذلك يتبرءون منّا ، ويتناولونا ، فيقولون : إنّ المنادي الأوّل سحر من سحر أهل هذا البيت». ثمّ تلا أبو عبد الله عليه‌السلام :

__________________

(١) مريم : ٣٧.

(٢) الغيبة : ص ٢٥١ ، ح ٨.

٢٠٠