فرائد الأصول - ج ٥

الشيخ مرتضى الأنصاري

فرائد الأصول - ج ٥

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: سماء قلم
الطبعة: ٢
ISBN: 978-964-8536-68-3
ISBN الدورة:
978-964-8536-63-8

الصفحات: ٦٢٤

في حجّة القول الحادي عشر ما ذكره المحقّق الخوانساري قدس‌سره في شرح الدروس عند قول الشهيد قدس‌سره : " ويجزي ذو الجهات الثلاث" ما لفظه : حجّة القول بعدم الإجزاء : الروايات الواردة بالمسح بثلاثة أحجار ـ والحجر الواحد لا يسمى بذلك ـ ، واستصحاب حكم النجاسة حتّى يعلم لها مطهّر شرعيّ ، وبدون الثلاثة لا يعلم المطهّر الشرعيّ. وحسنة ابن المغيرة وموثّقة ابن يعقوب لا يخرجان عن الأصل ؛ لعدم صحّة سندهما ، خصوصا مع معارضتهما (٢٣٢٨) بالروايات الواردة بالمسح بثلاثة أحجار. وأصل البراءة بعد ثبوت النجاسة ووجوب إزالتها لا يبقى بحاله.

إلى أن قال بعد منع حجّية الاستصحاب : اعلم أنّ القوم ذكروا أنّ الاستصحاب إثبات حكم في زمان لوجوده في زمان سابق عليه ، وهو ينقسم إلى قسمين ، باعتبار انقسام الحكم المأخوذ فيه إلى شرعيّ وغيره. فالأوّل ، مثل : ما إذا ثبت نجاسة ثوب أو بدن في زمان ، فيقولون : إنّ بعد ذلك الزمان يجب الحكم بنجاسته

______________________________________________________

ـ فيما عدا صورة الشكّ في وجود المانع باليقين ـ بوجود ما يشكّ في مانعيّته لا بالشكّ ، مبنيّة على أنّه لو كان بالشكّ لم يكن الشكّ مجتمعا مع اليقين في زمان واحد ، وهذا المبنى مفقود على زعمه في صورة الشكّ في وجود المانع ، لتأخّر الشكّ فيها عن اليقين ، كما أشار إليه بقوله : «فإنّ الشكّ في تلك الصور ـ يعني : ما عدا صورة الشكّ في وجود المانع ـ كان حاصلا من قبل ...» ، فلا يصحّ إلزامه به.

٢٣٢٨. لا يخفى أنّ في الحسنة بعد السؤال عن الاستنجاء قال : «لا حتّى ينقى ما ثمّة». وفي الموثّقة بعد السؤال عن الوضوء الذي افترضه الله على العباد لمن جاء من الغائط أو بال ، قال : «يغسّل ذكره ويذهب الغائط ...». وهما مطلقان بالنسبة إلى أخبار ثلاثة أحجار. ولعلّ الحكم بالتعارض بينهما وعدم تقييدهما بها ـ كما حكى عن الوحيد البهبهاني في حاشية المدارك ـ مبنيّ إمّا على ورود الحسنة والموثّقة في مقام التحديد ، وإمّا على حمل أخبار ثلاثة أحجار على ورودها مورد الغالب ، بناء على حصول النقاء بها غالبا ، فتدبّر.

٣٠١

إذا لم يحصل العلم برفعها. والثاني ، مثل : ما إذا ثبت رطوبة ثوب في زمان ، ففي ما بعد ذلك الزمان يجب الحكم برطوبته ما لم يعلم الجفاف.

فذهب بعضهم إلى حجّيته بقسميه ، وذهب بعضهم إلى حجّية القسم الأوّل. واستدلّ كلّ من الفريقين بدلائل مذكورة في محلّها ، كلّها قاصرة عن إفادة المرام كما يظهر بالتأمّل فيها. ولم نتعرّض لذكرها هنا ، بل نشير إلى ما هو الظاهر عندنا في هذا الباب ، فنقول : إنّ الاستصحاب بهذا المعنى (٢٣٢٩) لا حجّية فيه أصلا بكلا قسميه ؛ إذ لا دليل عليه تامّا ، لا عقلا ولا نقلا. نعم ، الظاهر حجّية الاستصحاب بمعنى آخر : وهو أن يكون دليل شرعيّ على أنّ الحكم الفلاني بعد تحققه ثابت إلى زمان حدوث حال كذا أو وقت كذا ـ مثلا ـ معيّن في الواقع ، بلا اشتراطه بشيء أصلا ، فحينئذ إذا حصل ذلك الحكم فيلزم الحكم باستمراره إلى أن يعلم وجود ما جعل مزيلا له ، ولا يحكم بنفيه بمجرّد الشك في وجوده.

والدليل على حجّيته أمران : أحدهما : أنّ هذا الحكم إمّا وضعي أو اقتضائي أو تخييري ، ولمّا كان الأوّل عند التحقيق يرجع إليهما فينحصر في الأخيرين ، وعلى التقديرين فيثبت ما رمناه. أمّا على الأوّل ، فلأنّه إذا كان أمر أو نهي بفعل إلى غاية معيّنة مثلا ، فعند الشك في حدوث تلك الغاية ، لو لم يمتثل التكليف المذكور لم يحصل الظن بالامتثال (٢٣٣٠) والخروج عن العهدة ، وما لم يحصل الظن لم يحصل الامتثال ، فلا بدّ من بقاء ذلك التكليف حال الشك أيضا ، وهو المطلوب. وأمّا على الثاني ، فالأمر أظهر (٢٣٣١) ، كما لا يخفى. وثانيهما : ما ورد في الروايات من أنّ

______________________________________________________

٢٣٢٩. بمعنى الحكم بالثبوت في الزمان الثاني اتّكالا على ثبوته في الزمان الأوّل مطلقا ، سواء كان الشكّ في بقائه من حيث المقتضي أو الرافع على أقسامها.

٢٣٣٠. لعلّ مراده بالظنّ هو الظنّ المعتبر بالخصوص ، كما يرشد إليه قوله الآتي : «وهنا لم يحصل الظنّ المعتبر شرعا ...» وإلّا فاليقين بالاشتغال يقتضي اليقين بالبراءة ، إلّا على القول بالظنون المطلقة التي لا يقول بها المحقّق الخوانساري.

٢٣٣١. لموافقته لأصالة البراءة ، كما سيشير إليه المصنّف رحمه‌الله.

٣٠٢

" اليقين لا ينقض بالشك".

فإن قلت : هذا كما يدلّ على المعنى الذي ذكرته ، كذلك يدلّ على المعنى الذي ذكره القوم ؛ لأنّه إذا حصل اليقين في زمان فلا ينبغي أن ينقض في زمان آخر بالشك نظرا إلى الروايات ، وهو بعينه ما ذكروه. قلت : الظاهر أنّ المراد من عدم نقض اليقين بالشك أنّه عند التعارض لا ينقض به ، والمراد بالتعارض أن يكون شيء (٢٣٣٢) يوجب اليقين لو لا الشك.

وفيما ذكروه ليس كذلك ؛ لأنّ اليقين بحكم في زمان ليس ممّا يوجب حصوله في زمان آخر لو لا عروض الشك ، وهو ظاهر.

فإن قلت : هل الشكّ في كون الشىء مزيلا للحكم مع العلم بوجوده كالشك في وجود المزيل أو لا؟ قلت : فيه تفصيل (٢٣٣٣) ؛ لأنّه إن ثبت بالدليل أنّ ذلك الحكم مستمرّ إلى غاية معيّنة في الواقع ، ثمّ علمنا صدق تلك الغاية على شيء و

______________________________________________________

٢٣٣٢. أي : دليل يقتضي الحكم.

٢٣٣٣. لا يخفى أنّه إذا ثبت حكم إلى غاية معيّنة ، كعدم جواز الدخول في الصلاة مع الحدث إلى زمان حصول الطهارة ، قد يحصل الشكّ في حدوث الغاية ، وهو واضح.

وقد يحصل في صدق الغاية على شيء مع العلم بصدقها على شيء آخر ، وهو على قسمين :

أحدهما : أن يكون الشكّ ناشئا من إجمال مفهوم الغاية ، كالتيمّم بالحجر عند من يشكّ في شمول الصعيد له ، والتطهير في ماء له مقدار معلوم عند من يشكّ في كون هذا المقدار كرّا.

وثانيهما : أن يكون الشكّ ناشئا من اشتباه المصداق الخارجي ، كالتطهير في ماء مشكوك الكرّية.

وقد يحصل في كون شيء غاية له ابتداء بعد العلم بأنّ له غاية اخرى مستقلّة ، كما إذا علمنا بكون الماء المطلق مزيلا للنجاسة ، وشككنا في إزالة ماء الكبريت و

٣٠٣

شككنا في صدقها على شيء آخر ، فحينئذ لا ينقض اليقين بالشك. وأمّا إذا لم يثبت ذلك ، بل ثبت أنّ ذلك الحكم مستمرّ في الجملة ومزيله الشيء الفلاني ، وشككنا في أنّ الشيء الآخر أيضا يزيله أم لا؟ فحينئذ لا ظهور في عدم نقض الحكم وثبوت استمراره ؛ إذ الدليل الأوّل (٢٣٣٤) غير جار فيه ؛ لعدم ثبوت حكم العقل في مثل هذه الصورة ، خصوصا مع ورود بعض الروايات الدالّة على عدم المؤاخذة بما لا يعلم. والدليل الثاني ، الحقّ أنّه لا يخلو من إجمال ، وغاية ما يسلّم منها ثبوت الحكم في الصورتين اللتين ذكرناهما ، وإن كان فيه أيضا بعض المناقشات ، لكنّه لا يخلو عن تأييد للدليل الأوّل ، فتأمّل.

فإن قلت : الاستصحاب الذي يدّعونه فيما نحن فيه (٢٣٣٥) وأنت منعته ، الظاهر أنّه من قبيل ما اعترفت به ؛ لأنّ حكم النجاسة ثابت ما لم يحصل مطهّر شرعيّ

______________________________________________________

النفت مثلا.

وأشار المحقّق الخوانساري إلى اعتبار الاستصحاب في القسم الأوّل بقوله : «فحينئذ إذا حصل ذلك الحكم فيلزم الحكم باستمراره ...» إلى آخر ما ذكره. وإلى عدم اعتباره في القسم الأخير هنا بقوله : «وأمّا إذا لم يثبت ...». وأمّا القسم الثاني والثالث فربّما يقال إنّ ما ذكره هنا بقوله : «لأنّه إن ثبت بالدليل أنّ ذلك الحكم مستمرّ ...» يشملهما ، بل شموله للقسم الثاني من حيث التعبير بالصدق أظهر ، ولا أقلّ من إطلاقه بالنسبة إليهما. ولكنّ المصنّف رحمه‌الله عند تعداد الأقوال في المسألة قد نسب إليه القول باعتباره في القسم الأوّل والثالث. وصرّح بعض مشايخنا بسكوت كلامه عن التعرّض للقسم الثاني نفيا وإثباتا.

٢٣٣٤. يعني : قاعدة الاشتغال. ويظهر وجه عدم جريانها هنا ممّا ذكره في الجواب عن السؤال الآتي.

٢٣٣٥. يعني : في مسألة زوال النجاسة بالاستنجاء بالحجر ذي الجهات.

ثمّ إنّ حاصل السؤال : دعوى كون ما نحن فيه من قبيل الشكّ في مصداق

٣٠٤

إجماعا ، وهنا لم يحصل الظنّ المعتبر شرعا بوجود المطهّر ؛ لأنّ حسنة ابن المغيرة وموثّقة ابن يعقوب ليستا حجّة شرعيّة ، خصوصا مع معارضتهما بالروايات المتقدّمة ، فغاية الأمر حصول الشك بوجود المطهّر وهو لا ينقض اليقين.

قلت : كونه من قبيل الثاني ممنوع ؛ إذ لا دليل على أنّ النجاسة باقية ما لم يحصل مطهّر شرعيّ ، وما ذكر من الإجماع غير معلوم ؛ لأنّ غاية ما أجمعوا عليه أنّ التغوّط إذا حصل لا يصحّ الصلاة بدون الماء والتمسّح رأسا ، لا بالثلاثة ولا بشعب الحجر الواحد ، فهذا الإجماع لا يستلزم الإجماع على ثبوت حكم النجاسة حتّى يحدث شيء معيّن في الواقع مجهول عندنا قد اعتبره الشارع مطهّرا ، فلا يكون من قبيل ما ذكرنا.

فإن قلت : هب أنّه ليس داخلا تحت الاستصحاب المذكور ، لكن نقول : قد ثبت بالإجماع وجوب شيء على المتغوّط في الواقع ، وهو مردّد بين أن يكون المسح بثلاثة أحجار أو الأعمّ منه ومن المسح بجهات حجر واحد ، فما لم يأت بالأوّل لم يحصل اليقين بالامتثال والخروج عن العهدة ، فيكون الإتيان به واجبا.

قلت : نمنع الإجماع على وجوب (٢٣٣٦) شيء معيّن في الواقع مبهم في نظر

______________________________________________________

الغاية مع العلم بصدقها على شيء ، فإنّ المراد بقوله : «فغاية الأمر حصول الشكّ ...» دعوى كون الشكّ فيما نحن فيه في صدق المطهّر على الحجر ذي الجهات ، مع العلم بصدقه على الأحجار الثلاثة.

وحاصل الجواب : هو منع ذلك ، بدعوى كونه من قبيل ما ثبتت له غاية ، وشكّ في كون شيء آخر غاية مستقلّة له أيضا.

٢٣٣٦. توضيح المقام : أنّ الشكّ تارة يقع في تحقّق الغاية بعد العلم بها حكما وموضوعا واخرى في صدقها ، وهو على وجهين قد أشرنا إلى هذه الأقسام عند شرح قوله : «قلت فيه تفصيل ...». وثالثة في كون شيء غاية مستقلّة ، سواء علم أنّ للحكم غاية اخرى أيضا أم لا. وهذا على وجهين : أحدهما : أن يعلم موضوع الغاية ويشكّ في حكمها ، كالمذي بناء على وقوع الشكّ في رفعه للطهارة. وثانيهما : أن يعلم حكمها ويشكّ في موضوعها ، بأن

٣٠٥

المكلّف ، بحيث لو لم يأت بذلك الشيء المعيّن لاستحقّ العقاب ، بل الإجماع على أنّ ترك الأمرين معا سبب لاستحقاق العقاب ، فيجب أن لا يتركهما.

والحاصل : أنّه إذا ورد نصّ أو إجماع على وجوب شيء معيّن مثلا معلوم عندنا ، أو ثبوت حكم إلى غاية معيّنة عندنا ، فلا بدّ من الحكم بلزوم تحصيل اليقين أو الظن بوجود ذلك الشيء المعلوم حتّى يتحقق الامتثال ، ولا يكفي الشكّ في وجوده. وكذا يلزم الحكم ببقاء ذلك الحكم إلى أن يحصل العلم أو الظنّ بوجود تلك الغاية

______________________________________________________

يعلم أنّ الشارع قد جعل للحكم غاية ، وتردّدت في أنظارنا بين أمرين أو امور. وعلى الثاني إمّا أن يثبت دليل من الخارج على كون الحكم مغيّا بالغاية الواقعيّة من دون اشتراطه بشيء من العلم وغيره ، وإمّا أن لا يثبت ذلك ، بأن قام الدليل على حرمة ترك الامور المردّدة في أنظارنا ، لا على وجوب تحصيل نفس الواقع.

وإذا عرفت هذا نقول : إنّ السائل قد توهّم كون مسألة الاستنجاء من قبيل القسم الثاني من أقسام الشكّ في الغاية. وحاصل ما أجاب به عنه المحقّق الخوانساري هو دعوى كونها من قبيل القسم الثالث للشكّ في الغائيّة المستقلّة.

وبقي في المقام شيء ، وهو أنّ صريح المحقّق المذكور في الجواب عمّا أورده على نفسه ثانيا ، هو عدم جريان الاستصحاب فيما كان الشكّ فيه في الغائيّة المستقلّة ، وصريح ما ذكره في ذيل قوله : «والحاصل أنّه إذا ورد نصّ أو إجماع ...» هو جريانه في القسم الثاني من الأقسام المتقدّمة للشكّ في الغائيّة المستقلّة ، وهو تناقض واضح.

هذا ويمكن دفعه بأنّ مقصوده من تسليم جريان الاستصحاب في القسم الثاني إنّما هو فيما فرض ثبوت التكليف بالواقع ، من دون اشتراطه بشيء مع اشتباهه في أنظارنا ، ولكنّ الظاهر أنّه يدّعي عدم وقوع مثل ذلك في الشرعيّات ، فكأنّه قال : إنّ التمسّك بالاستصحاب في مثل ذلك على تقدير وقوعه وإن كان صحيحا ، إلّا أنّ كلّ مورد من موارد الشكّ في الغائيّة المستقلة يدّعى فيه ذلك يمكن منعه فيه ، كما فيما نحن فيه من مسألة الاستنجاء بالأحجار.

٣٠٦

المعلومة ، ولا يكفي الشكّ في وجودها في ارتفاع ذلك الحكم.

وكذا إذا ورد نصّ أو إجماع على وجوب شيء معيّن في الواقع مردّد في نظرنا بين امور ، ويعلم أنّ ذلك التكليف غير مشروط بشيء من العلم بذلك الشيء مثلا ، أو على ثبوت حكم إلى غاية معيّنة في الواقع مردّدة عندنا بين أشياء ، ويعلم أيضا عدم اشتراطه بالعلم مثلا ، يجب الحكم بوجوب تلك الأشياء المرددة في نظرنا وبقاء ذلك الحكم إلى حصول تلك الأشياء أيضا ، ولا يكفي الإتيان بشيء واحد منها في سقوط التكليف ، وكذا حصول شيء واحد في ارتفاع الحكم. وسواء في ذلك كون الواجب شيئا معيّنا في الواقع مجهولا عندنا أو أشياء كذلك أو غاية معيّنة في الواقع مجهولة عندنا أو غايات كذلك ، وسواء أيضا تحقق قدر مشترك بين تلك الأشياء والغايات أو تباينها بالكلّية.

وأمّا إذا لم يكن الأمر كذلك ، بل ورد نصّ مثلا على أنّ الواجب الشيء الفلاني ونصّ آخر على أنّ ذلك الواجب شيء آخر ، أو ذهب بعض الامّة إلى وجوب شيء وبعض آخر إلى وجوب شيء آخر ، وظهر بالنصّ والإجماع في الصورتين أنّ ترك ذينك الشيئين معا سبب لاستحقاق العقاب ، فحينئذ لم يظهر وجوب الإتيان بهما معا حتى يتحقق به الامتثال ، بل الظاهر الاكتفاء بواحد منهما ، سواء اشتركا في أمر أم تباينا كلّية.

وكذلك الحكم في ثبوت الحكم الكلّي إلى الغاية.

هذا مجمل القول في هذا المقام. وعليك بالتأمّل في خصوصيّات الموارد واستنباط أحكامها عن هذا الأصل ، ورعاية جميع ما يجب رعايته عند تعارض المعارضات. والله الهادي إلى سواء الطريق (٢١). انتهى كلامه ، رفع مقامه.

وحكى السيّد الصدر في شرح الوافية عنه قدس‌سره حاشية اخرى له عند قول الشهيد رحمه‌الله : " ويحرم استعمال الماء النجس والمشتبه ..." ـ ما لفظه : وتوضيحه : أنّ الاستصحاب لا دليل على حجّيته عقلا ، وما تمسّكوا به ضعيف. وغاية ما تمسّكوا فيها ما ورد في بعض الروايات الصحيحة : " إنّ اليقين لا ينقض بالشك" ، وعلى تقدير تسليم صحّة الاحتجاج بالخبر في مثل هذا الأصل وعدم منعها ـ بناء على أنّ هذا

٣٠٧

الحكم الظاهر أنّه من الاصول ، ويشكل التمسّك بخبر الواحد في الاصول إن سلّم التمسّك به في الفروع ـ نقول أوّلا : أنّه لا يظهر شموله للامور الخارجية ، مثل رطوبة الثوب ونحوها ؛ إذ يبعد أن يكون مرادهم بيان الحكم في مثل هذه الامور التي ليست أحكاما شرعيّة ، وإن أمكن أن يصير منشأ لحكم شرعيّ ، وهذا ما يقال : إنّ الاستصحاب في الامور الخارجية لا عبرة به.

ثم بعد تخصيصه بالأحكام الشرعيّة ، فنقول : الأمر على وجهين : أحدهما أن يثبت حكم شرعيّ في مورد خاص باعتبار حال يعلم من الخارج أنّ زوال تلك الحال لا يستلزم زوال ذلك الحكم. والآخر أن يثبت باعتبار حال لا يعلم فيه ذلك. مثال الأوّل : إذا ثبت نجاسة ثوب خاصّ باعتبار ملاقاته للبول ، بأن يستدلّ عليها : بأنّ هذا شيء لاقاه البول ، وكلّ ما لاقاه البول نجس ، فهذا نجس. والحكم الشرعيّ النجاسة ، وثبوته باعتبار حال هو ملاقاة البول ، وقد علم من خارج ـ ضرورة أو إجماعا أو غير ذلك ـ بأنّه لا يزول النجاسة بزوال الملاقاة فقط. ومثال الثاني : ما نحن بصدده ، فإنّه ثبت وجوب الاجتناب عن الإناء المخصوص باعتبار أنّه شيء يعلم وقوع النجاسة فيه بعينه ، وكلّ شيء كذلك يجب الاجتناب عنه ، ولم يعلم بدليل من الخارج أنّ زوال ذلك الوصف الذي يحصل باعتبار زوال المعلومية بعينه لا دخل له في زوال ذلك الحكم. وعلى هذا نقول : شمول الخبر للقسم الأوّل ظاهر ، فيمكن التمسّك بالاستصحاب فيه. وأمّا القسم الثاني فالتمسّك فيه مشكل.

فإن قلت : بعد ما علم في القسم الأوّل أنّه لا يزول الحكم بزوال الوصف ، فأيّ حاجة إلى التمسّك بالاستصحاب؟ وأيّ فائدة فيما ورد في الأخبار من أنّ اليقين لا ينقض بالشك؟ قلت : القسم الأوّل على وجهين (٢٣٣٧):

______________________________________________________

٢٣٣٧. أحدهما : ما كان الشكّ فيه في وجود الغاية ، والآخر ما كان الشكّ فيه في كون شيء غاية للحكم. ومقصوده من إجراء الاستصحاب على الوجهين إجرائه على الأوّل على مختاره ، وعلى الثاني على مذهب المشهور ، لوضوح أنّ المحقّق الخوانساري لا يقول باعتباره مع الشكّ في كون شيء غاية للحكم ابتداء ،

٣٠٨

أحدهما : أن يثبت أنّ الحكم ـ أعنى النجاسة بعد الملاقاة ـ حاصل ما لم يرد عليه الماء على الوجه المعتبر في الشرع ، وحينئذ فائدته أنّ عند حصول الشك في ورود الماء لا يحكم بزوال النجاسة. والآخر : أن يعلم ثبوت الحكم في الجملة بعد زوال الوصف ، لكن لم يعلم أنّه ثابت دائما أو في بعض الأوقات إلى غاية معيّنة محدودة أم لا؟ وفائدته أنّه إذا ثبت الحكم في الجملة فيستصحب إلى أن يعلم المزيل.

ثمّ لا يخفى : أنّ الفرق (٢٣٣٨) الذي ذكرنا ـ من أنّ إثبات مثل هذا بمجرّد الخبر مشكل ، مع انضمام أنّ الظهور في القسم الثاني لم يبلغ مبلغه في القسم الأوّل ، وأنّ اليقين لا ينقض بالشك ـ قد يقال : إنّ ظاهره أن يكون اليقين حاصلا ـ لو لا الشكّ ـ باعتبار دليل دالّ على الحكم في غير صورة ما شكّ فيه ؛ إذ لو فرض عدم دليل عليه لكان نقض اليقين حقيقة باعتبار عدم الدليل الذي هو دليل العدم ، لا الشكّ ، كأنّه يصير قريبا. ومع ذلك ينبغي رعاية الاحتياط في كلّ من القسمين ، بل في الامور الخارجية أيضا. انتهى كلامه ، رفع مقامه.

______________________________________________________

كما صرّح به في كلامه المحكيّ عن شرح الدروس.

٢٣٣٨. هكذا نقلت العبارة عن شرح الوافية للسيّد الصدر ، وهي كذلك في النسخة التي عندنا. والظاهر أنّ فيها سقطا وزيادة ، والأنسب أن تكون العبارة هكذا : أنّ الفرق الذي ذكرناه بعد ملاحظة أنّ إثبات ... ، أو أنّ الفرق بعد ما ذكرناه من أنّ إثبات. وحاصل المقصود : أنّ الفرق الذي ذكرناه بين الوجهين من حيث جريان الاستصحاب بالمعنى المختار على الأوّل وبالمعنى المشهور على الثاني ، بعد ملاحظة ما ذكرناه من أنّ إثبات مثل هذا بمجرّد الخبر مشكل ، مع انضمام ظهور الخبر في الاستصحاب بالمعنى الذي اخترناه ، يصير هذا الفرق قريبا. وقوله : «وأنّ اليقين لا ينقض بالشكّ قد يقال ...» عطف تفسير لقوله : «وأنّ الظهور في الثاني ...».

وأمّا كون إشكال إثبات هذا بمجرّد خبر الواحد موجبا للفرق ، فوجهه أنّ الحكم المستفاد من الاستصحاب مع كون الشبهة في وجود المزيل ، كما في الوجه

٣٠٩

أقول : لقد أجاد فيما أفاد ، وجاء بما فوق المراد ، إلّا أنّ في كلامه مواقع للتأمّل ، فلنذكر مواقعه ونشير إلى وجهه ، فنقول : قوله : " وذهب بعضهم إلى حجّيته في القسم الأوّل". ظاهره كصريح ما تقدّم منه في حاشيته الاخرى ، وجود القائل بحجّية الاستصحاب في الأحكام الشرعيّة الجزئية كطهارة هذا الثوب ، والكلّيّة كنجاسة المتغيّر بعد زوال التغيّر ، وعدم الحجّية في الامور الخارجية ، كرطوبة الثوب وحياة زيد.

وفيه نظر (٢٣٣٩) ، يعرف بالتتبّع في كلمات القائلين بحجّية الاستصحاب وعدمها ، والنظر في أدلّتهم ، مع أنّ ما ذكره في الحاشية الأخيرة ـ دليلا لعدم الجريان في الموضوع ـ جار في الحكم الجزئي أيضا ؛ فإنّ بيان وصول النجاسة إلى هذا الثوب الخاص واقعا وعدم وصولها ، وبيان نجاسته المسبّبة عن هذا الوصول وعدمها لعدم

______________________________________________________

الأوّل من المسائل الفرعيّة ، لكون الشبهة حينئذ في واقعة شخصيّة ، وموضوع الحكم المستفاد من الاستصحاب الجاري في الوقائع الشخصيّة عمل المكلّف ، فيدخل في المسائل الفرعيّة ، بخلاف الشبهة في كون شيء مزيلا مستقلا كما في الوجه الثاني ، لكون الشبهة حينئذ متعلّقة بأمر كلّي ، لكون الشبهة حينئذ حكميّة لا موضوعيّة ، وإجراء الاستصحاب في الأحكام الكلّية داخل في المسائل الاصوليّة ، وحينئذ يمكن إثبات اعتبار الاستصحاب في الأوّل بخبر الواحد ، لما عرفت من كونه حينئذ فرعيّا ، بخلاف الثاني.

هذا غاية ما يخطر بالبال في توجيه كلامه وتوضيحه. وقد ظهر بما ذكرناه هنا وفي الحاشية السابقة توافق كلامه ، وأنّ مقصوده هنا بيان جريان الاستصحاب عند الشكّ في وجود الغاية ، وعدمه عند الشكّ في كون شيء غاية مستقلّة ، وأنّه موافق لما حكاه عنه في شرح الدروس ، فلا يرد حينئذ ما توهّمه الفاضل النراقي من كون تصريحه هنا بجريان الاستصحاب ، مع تعلّق الشكّ بكون شيء غاية ، مناقضا لما ذكره في شرح الدروس من منع ذلك ، فتأمّل.

٢٣٣٩. لا يخفى أنّ إنكار وجود قائل بهذا القول لا يناسب عدّه من جملة أقوال

٣١٠

الوصول ، كلاهما خارج عن شأن الشارع ، كما أنّ بيان طهارة الثوب (٢٣٤٠) المذكور ظاهرا وبيان عدم وصول النجاسة إليه ظاهرا الراجع في الحقيقة إلى الحكم بالطهارة ظاهرا ، ليس إلّا شأن الشارع ، كما نبّهنا عليه فيما تقدّم.

قوله : " والظاهر حجّية الاستصحاب بمعنى آخر ...". وجه مغايرة ما ذكره لما ذكره المشهور ، هو : أنّ الاعتماد في البقاء عند المشهور على الوجود السابق ـ كما هو ظاهر قوله : " لوجوده في زمان سابق عليه" ، وصريح قول شيخنا البهائي : " إثبات الحكم في الزمان الثاني تعويلا على ثبوته في الزمن الأوّل" (٢٢) ـ وليس الأمر كذلك على طريقة شارح الدروس.

قوله قدس‌سره : " إنّ الحكم الفلاني (٢٣٤١) بعد تحقّقه ثابت إلى حدوث حال كذا أو وقت كذا ...".

______________________________________________________

المسألة ، وجعلها به أحد عشر قولا ، كما صنعه المصنّف رحمه‌الله عند تعدادها ، فالأولى ترك هذا القول في جملتها وجعلها عشرة كاملة.

٢٣٤٠. قال في الحاشية : «نظير أدلّة حلّ الأشياء الواردة في الشبهة الموضوعيّة ، كما في رواية مسعدة بن صدقة الواردة في الثوب المشتبه بالحرام ، والمملوك المشتبه بالحرّ ، والزوجة المشتبهة بالرضيعة» انتهى.

٢٣٤١. لا يخفى أنّ جميع ما ذكره في شرح هذا الكلام متعلّق بالاعتراض على المحقّق الخوانساري في تمسّكه بقاعدة الاشتغال والبراءة في إثبات اعتبار الاستصحاب. ولكن بقي هنا شيء لم يتعرّض له المصنّف رحمه‌الله ، وهو أنّ ما ذكره المحقّق المذكور من دعوى رجوع الأحكام الوضعيّة إلى الطلبيّة إنّما هو لتصحيح جريان قاعدة الاشتغال والبراءة فيها ، لاختصاص موردهما بالأحكام الطلبيّة.

وأنت خبير بأنّ تخصيص مورد الاستصحاب حينئذ بما كان الشكّ في وجود الغاية أو مصاديقها لا يخلو من إشكال ، لأنّ الحكم الوضعي قد يكون مغيّا بغاية دون الطلبي ، فعلى القول بانتزاعه منه إذا شكّ في وجود غاية الحكم الوضعي ،

٣١١

أقول : بقاء الحكم إلى زمان كذا يتصوّر على وجهين (٢٣٤٢):

______________________________________________________

لا يمكن استصحابه باعتبار استصحاب الحكم الطلبي الذي انتزع منه ، وذلك مثل ولاية الوليّ المغيّاة ببلوغ الصغير ورشده ، فإنّها منتزعة من الأحكام الطلبيّة المتعلّقة به ، من جواز تصرّفه في مال الصغير بالبيع والشراء مع الغبطة ، وما يتبع ذلك من جواز تصرّف المشتري فيما اشتراه من الوليّ ونحو ذلك ، فإذا باع الوليّ أو اشترى من ماله جاز التصرّف فيه لمن انتقل إليه ، ولا ريب أنّ هذا الجواز غير مغيّا بشيء سوى الأسباب الموظّفة من الشارع للنقل والانتقال مثلا ، وليس بلوغ الصغير منها.

نعم ، جواز تصرّفه فيه بالبيع والشراء مثلا ابتداء مغيّا بذلك ، وأمّا بعد البيع والشراء فجواز التصرّف فيه لمن انتقل إليه غير مغيّا بذلك. وكذا وجوب الوفاء بالعقود الصادرة عنه. وهكذا مع كون الولاية عبارة عن هذه الأحكام الطلبيّة. وكذا الحال في الوكالة ونحوها. اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ غرضه من إرجاع الوضعيّة إلى الطلبيّة إنّما هو بيان الواقع ، والإشارة إلى ما هو الحقّ عنده ، لا لتصحيح جريان قاعدتي الاشتغال والبراءة في الوضعيّات.

ثمّ إنّه على تقدير التسليم فلا معنى للاكتفاء بالظنّ في الخروج من عهدة التكليف المعلوم ، لأنّ الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينيّة ، إلّا على القول بالظنون المطلقة ، والمحقّق المذكور لا يقول بها ، سيّما في الموضوعات الخارجة التي لا يقول بها فيها أصحاب هذا القول أيضا. اللهمّ إلّا أن يريد بالظنّ ما كان معتبرا شرعا ، بأن كان من الظنون الخاصّة ، كما يظهر من بعض كلماته.

٢٣٤٢. اعلم أنّ المصنّف رحمه‌الله قد أهمل بعض الوجوه المتصوّرة في المقام ، لأنّ الغاية إمّا أن تكون غاية للفعل المكلّف به خاصّة ، أو للحكم خاصّة. وعلى الأوّل : إمّا أن يكون الفعل المغيّا مضيّقا أو موسّعا. وعلى الأوّل : إمّا أن يلاحظ الفعل إلى الغاية موضوعا واحدا ، وإمّا أن يلاحظ في كلّ زمان يسعه موضوعا مستقلّا. وعلى التقادير : إمّا أن يكون الفعل المغيّا مطلوب الفعل ، أو الترك ، وإمّا أن يكون

٣١٢

الأوّل : أن يلاحظ الفعل إلى زمان كذا موضوعا واحدا تعلّق به الحكم الواحد ، كأن يلاحظ الجلوس في المسجد إلى وقت الزوال فعلا واحدا تعلّق به أحد الأحكام الخمسة ، ومن أمثلته : الإمساك المستمر إلى الليل ؛ حيث إنّه ملحوظ فعلا واحدا تعلّق به الوجوب أو الندب أو غيرهما من أحكام الصوم.

الثاني : أن يلاحظ الفعل في كلّ جزء يسعه من الزمان المغيّا (*) موضوعا مستقلا تعلّق به حكم ، فيحدث في المقام أحكام متعدّدة لموضوعات متعدّدة ، ومن أمثلته : وجوب الصوم عند رؤية هلال رمضان إلى أن يرى هلال شوّال ؛ فإنّ صوم كلّ يوم إلى انقضاء الشهر فعل مستقلّ تعلّق به حكم مستقلّ.

أمّا الأوّل ، فالحكم التكليفي إمّا أمر وإمّا نهي وإمّا تخيير ، فإن كان أمرا ، كان اللازم عند الشكّ في وجود الغاية ما ذكره من وجوب الإتيان بالفعل تحصيلا لليقين بالبراءة من التكليف المعلوم ، لكن يجب تقييده بما إذا لم يعارضه تكليف آخر محدود بما بعد الغاية ، كما إذا وجب الجلوس في المسجد إلى الزوال ، ووجب الخروج منه من الزوال إلى الغروب ؛ فإنّ وجوب الاحتياط للتكليف بالجلوس عند الشكّ في الزوال معارض بوجوب الاحتياط (٢٣٤٣) للتكليف بالخروج بعد الزوال ، فلا بدّ من

______________________________________________________

مباحا. والمصنّف رحمه‌الله قد أشار إلى جميع هذه الوجوه ما عدا صورة كون الغاية قيدا للحكم وصورة التوسعة. ولعلّ الوجه فيه ظهور حكمهما ممّا ذكره ، فتدبّر.

٢٣٤٣. ربّما تمنع المعارضة ، لأنّ ثبوت التكليف بما بعد الغاية مشروط بوصول زمان الغاية ، لعدم صحّة التكليف قبل زمان الفعل ، فمع الشكّ في وجود الغاية لا يحصل العلم بشرط التكليف الثابت فيما بعد الغاية حتّى تجري فيه قاعدة الاشتغال.

نعم ، قد يمنع عدم صحّة التكليف قبل زمان الفعل ، كيف لا والواجب المعلّق من قبيل ذلك ، لأنّ الفرق بينه وبين الواجب المشروط فيما كان الزمان شرطا

__________________

(*) بعض النسخ : بدل «المغيّا» ، المعيّن.

٣١٣

الرجوع في وجوب (٢٣٤٤) الجلوس عند الشكّ في الزوال إلى أصل آخر غير الاحتياط ، مثل : أصالة عدم الزوال ، أو عدم الخروج عن عهدة التكليف بالجلوس ، أو عدم حدوث التكليف بالخروج أو غير ذلك.

وإن كان نهيا ، كما إذا حرّم الإمساك المحدود بالغاية المذكورة أو الجلوس المذكور ، فإن قلنا بتحريم الاشتغال كما هو الظاهر (٢٣٤٥) كان المتيقّن التحريم

______________________________________________________

هو كون الزمان على الأوّل ظرفا للفعل مع تنجّز التكليف به قبله ، مثل أن تقول : أوجبت عليك الآن أن تصوم غدا ، وعلى الثاني شرطا للتكليف ، مثل الفرائض اليوميّة المشروط وجوبها بدخول أوقاتها. ولكنّا قد قرّرنا في مبحث المقدّمة ضعف ذلك.

نعم ، قد ذكرنا هناك أنّ العقل قد يستقلّ بوجوب تحصيل المقدّمات الوجوديّة للواجب المشروط قبل تحقّق شرطه ، إمّا لعدم إمكان تحصيلها بعده ، كتحصيل الزاد والراحلة للحجّ ، أو لكونه مضيّقا ، كما في صوم شهر رمضان أو نحو ذلك. ونقول فيما نحن فيه أيضا : إنّه يجب الخروج في زمان الشكّ مقدّمة لتحصيل العلم بامتثال الأمر بالخروج بعد الغاية.

٢٣٤٤. الظاهر أنّ المقصود هو الحكم بتعيّن الرجوع بعد تعارض قاعدة الاشتغال من الطرفين إلى اصول أخر ، على اختلاف مذاقهم في جريان هذه الاصول ، وليس في كلامه دلالة على صحّة التمسّك بها ، وإلّا يمكن منع جريان بعضها ، لأنّ أصالة عدم الخروج من عهدة التكليف مع الشكّ في وجود الغاية غير جارية ، لأنّها إن كانت مع استصحاب عدم الغاية يرد عليه : أنّ وجود المغيّا من آثار عدم تحقّق الغاية ، فلا وجه لاستصحاب الحكم مع استصحاب موضوعه. وإن كانت بدونه يرد عليه : منع جريان الاستصحاب مع الشكّ في بقاء موضوعه. وكذا أصالة عدم حدوث التكليف لا تثبت بقاء التكليف فيما قبل الغاية إلّا على القول بالاصول المثبتة.

٢٣٤٥. لصدق المخالفة عرفا ، لأنّ النهي عن المركّب ـ كالنهي عن التصوير ـ

٣١٤

قبل الشكّ في وجود الغاية ، وأمّا التحريم بعده فلا يثبت بما ذكر في الأمر (٢٣٤٦) ، بل يحتاج إلى الاستصحاب المشهور (٢٣٤٧) ، وإلّا فالأصل الإباحة في صورة الشكّ. وإن قلنا : إنّه لا يتحقق الحرام ولا استحقاق العقاب إلّا بعد تمام الإمساك والجلوس المذكورين ، فيرجع إلى مقتضى (٢٣٤٨) أصالة عدم استحقاق العقاب وعدم

______________________________________________________

وإن لم تتحقّق مخالفته بحسب العقل إلّا بالإتيان بتمام المركّب ، إلّا أنّ المخالفة العرفيّة صادقة بالشروع. ومن هنا يندفع ما يقال من أنّ حرمة الاشتغال إن كانت لأجل كون الشروع من مقدّمات الحرام ، فحرمة المقدّمة فيما لم تكن علّة تامّة له أو لم يقصد بها التوصّل إلى الحرام ممنوعة كما قرّر في مبحث المقدّمة ، وإلّا لزمه حرمة أغلب الأفعال المباحة التي يتوصّل بعد بها إلى الحرام ، كالأكل والشرب ونحوهما ممّا يتقوّى به البدن ويتوصّل به إليه. وإن كانت لدلالة الخطاب عليها بالأصالة ، فهو واضح المنع ، وإلّا كانت الأجزاء محرّمة بالأصالة ، والفرض خلافه.

٢٣٤٦. لعدم جريان قاعدة الاشتغال هنا ، إذ على القول بتحريم الاشتغال تثبت حرمة كلّ جزء يصحّ تعلّق الحرمة به ، فترجع حرمة المركّب إلى أحكام متعدّدة متعلّقة بموضوعات كذلك ، فمع الشكّ في حرمة بعض الأجزاء المتأخّرة لا يمكن استصحاب حرمة الأجزاء السابقة.

٢٣٤٧. يعني : في استصحاب الحرمة. أمّا عدم جريانه على مذهب الخوانساري ، فإنّه إن اريد به استصحاب حرمة الاشتغال فهي قائمة بالأجزاء السابقة ، وإن اريد به استصحاب حرمة المجموع المركّب فلفرض تعلّق التكليف بالمجموع المركّب المغيّا بغاية معيّنة ، فلا يتحقّق التكليف قبل تحقّق الغاية حتّى يجري فيه الاستصحاب. نعم ، على المشهور من المسامحة في موضوعه أمكن التمسّك هنا باستصحاب الحرمة الثابتة حين الاشتغال.

٢٣٤٨. فيما إذا جلس أو أمسك إلى زمان الشكّ في الغاية وخرج مقارنا لزمانه ، إذ احتمال حرمة الفعل المأتيّ به لأجل احتمال انتهاء زمان النهي بابتداء

٣١٥

تحقّق المعصية ، ولا دخل له بما ذكره في الأمر.

وإن كان تخييرا (٢٣٤٩) ، فالأصل فيه وإن اقتضى عدم حدوث حكم ما بعد الغاية للفعل عند الشكّ فيها ، إلّا أنّه قد يكون حكم ما بعد الغاية تكليفا منجّزا يجب فيه الاحتياط ، كما إذا أباح الأكل إلى طلوع الفجر مع تنجّز وجوب الإمساك من طلوع الفجر إلى الغروب عليه ؛ فإنّ الظاهر لزوم الكفّ من الأكل عند الشكّ. هذا كلّه إذا لوحظ الفعل المحكوم عليه بالحكم الاقتضائي أو التخييري أمرا واحدا مستمرّا.

وأمّا الثاني ، وهو ما لوحظ فيه الفعل امورا متعدّدة ، كلّ واحد منها متّصف بذلك الحكم غير مربوط بالآخر ، فإن كان أمرا أو نهيا فأصالة الإباحة والبراءة قاضية بعدم الوجوب والحرمة في زمان الشكّ ، وكذلك أصالة الإباحة في الحكم التخييري ، إلّا إذا كان الحكم فيما بعد الغاية تكليفا منجزا يجب فيه الاحتياط.

فعلم ممّا ذكرنا أنّ ما ذكره من الوجه الأوّل الراجع إلى وجوب تحصيل الامتثال لا يجري إلّا في قليل من الصور المتصوّرة في المسألة ، ومع ذلك فلا يخفى أنّ

______________________________________________________

زمان الشكّ مندفع بالأصالة المزبورة.

ثمّ إنّ مقصوده بأصالة عدم استحقاق العقاب والمعصية هو أصالة عدم ملزومهما ، وهي الحرمة التي يترتّب على مخالفتها استحقاق العقاب والمعصية. وبعبارة اخرى : إنّ المراد بها أصالة البراءة عن الحرمة ، وإلّا فهما من الامور العقليّة التابعة لتحقّق عدم المخالفة ، وليسا قابلين لاستصحابهما.

٢٣٤٩. توضيحه : أنّ ما قبل الغاية إذا كان مباحا فلا يخلو ما بعدها : إمّا أن يكون مستحبّا أو مكروها أو واجبا أو حراما. ومع الشكّ في وجود الغاية فعلى الأوّلين لا إشكال في الحكم بالتخيير ، لأنّ الفعل على الأوّل والترك على الثاني وإن كانا راجحين عقلا ، لاحتمال الاستحباب والكراهة ، إلّا أنّه لا ينافي التخيير والإباحة بالمعنى الأعمّ. وأمّا الثالث والرابع فيجب الفعل على الأوّل والترك على الثاني من باب المقدّمة ، فلا وجه لإطلاق القول بالتخيير ، لأصالة البراءة حتّى بالنسبة إليهما.

٣١٦

إثبات الحكم في زمان الشكّ بقاعدة الاحتياط كما في الاقتضائي ، أو قاعدة الإباحة والبراءة كما في الحكم التخييري ، ليس قولا بالاستصحاب المختلف فيه أصلا ؛ لأنّ مرجعه إلى أنّ إثبات الحكم في الزمان الثاني يحتاج إلى دليل يدلّ عليه ولو كان أصالة الاحتياط أو البراءة ، وهذا عين إنكار الاستصحاب ؛ لأنّ المنكر (*) يرجع إلى اصول أخر ، فلا حاجة إلى تطويل الكلام وتغيير اسلوب كلام المنكرين في هذا المقام.

بقي الكلام في توجيه ما ذكره : من أنّ الأمر في الحكم التخييري أظهر ، ولعلّ الوجه فيه (٢٣٥٠) : أنّ الحكم بالتخيير في زمان الشكّ في وجود الغاية مطابق لأصالة الإباحة الثابتة بالعقل والنقل ، كما أنّ الحكم بالبقاء في الحكم الاقتضائي كان مطابقا لأصالة الاحتياط الثابتة في المقام بالعقل والنقل.

______________________________________________________

٢٣٥٠. قد ذكر الفاضل النراقي هذا الوجه في حاشية المنهاج. وأنت خبير بأنّ غايته إثبات التسوية لا الأظهريّة. اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ القول بأصالة البراءة عند الشكّ في وجود الغاية أو مصداقها الخارجي ـ المندرجين في الشبهات الموضوعيّة ـ فيما كان الشكّ فيه في المكلّف به غير الإلزامي ، أظهر من القول بوجوب الاحتياط فيهما فيما كان الشكّ فيه في المكلّف به الإلزامي ، لمخالفة جماعة من الاصوليّين في الثاني ، بخلاف الأوّل ، لعدم الخلاف فيه حتّى من الأخباريّين.

وفيه : أنّ مخالفة من خالف في وجوب الموافقة القطعيّة في موارد الشكّ في المكلّف به ، إنّما هو بزعم عدم ثبوت التكليف بالواقع بحيث لا يتغيّر بالعلم والجهل أصلا ، والمفروض في كلام المحقّق الخوانساري ثبوت التكليف في الواقع إلى غاية معيّنة من دون مدخلية للعلم والجهل فيها من رأس.

والأنسب بالمقام هو لفظ «كذلك» كما نقله المحقّق القمّي بدل لفظ «أظهر». والمراد تشبيه الشكّ في غاية الحكم التخييري بالشكّ في غاية الحكم

__________________

(*) في بعض النسخ زيادة : للاستصحاب لا بدّ أن.

٣١٧

وقد وجّه المحقق القميّ قدس‌سره إلحاق الحكم التخييري بالاقتضائي : بأنّ مقتضى التخيير إلى غاية وجوب الاعتقاد بثبوته في كلّ جزء ممّا قبل الغاية ، ولا يحصل اليقين بالبراءة من التكليف باعتقاد التخيير عند الشكّ في حدوث الغاية إلّا بالحكم بالإباحة واعتقادها في هذا الزمان أيضا (٢٣).

وفيه : أنّه إن اريد وجوب الاعتقاد بكون الحكم المذكور ثابتا إلى الغاية المعيّنة ، فهذا الاعتقاد موجود (٢٣٥١) ولو بعد القطع بتحقق الغاية فضلا عن صورة الشكّ فيه ؛ فإنّ هذا اعتقاد بالحكم الشرعيّ الكليّ ووجوبه غير مغيّا بغاية ؛ فإنّ الغاية غاية للمعتقد لا لوجوب الاعتقاد. وإن اريد وجوب الاعتقاد بذلك الحكم التخييري في كلّ جزء من الزمان الذي يكون في الواقع مما قبل الغاية وإن لم يكن معلوما عندنا ، ففيه : أنّ وجوب الاعتقاد في هذا الجزء المشكوك بكون الحكم فيه هو الحكم الأوّلي أو غيره ممنوع جدّا ، بل الكلام في جوازه ؛ لأنّه معارض بوجوب الاعتقاد بالحكم الآخر الذي ثبت فيما بعد الغاية واقعا وإن لم يكن معلوما ، بل لا يعقل وجوب الاعتقاد مع الشكّ في الموضوع ، كما لا يخفى.

ولعلّ هذا الموجّه قدس‌سره قد وجد عبارة شرح الدروس في نسخته ـ كما وجدته في بعض نسخ شرح الوافية ـ هكذا : " وأمّا على الثاني (٢٣٥٢) فالأمر كذلك" كما لا يخفى ، لكنّي راجعت بعض نسخ شرح الدروس فوجدت لفظ" أظهر" بدل" كذلك" ، وحينئذ فظاهره مقابلة وجه الحكم بالبقاء في التخيير بوجه الحكم بالبقاء في الاقتضاء ، فلا وجه لإرجاع أحدهما إلى الآخر.

______________________________________________________

الإلزامي ، في ثبوت قاعدة الاستصحاب في كلّ منهما ، وإن كان ثبوتها في الأحكام الإلزاميّة بقاعدة الاشتغال ، وفي الأحكام التخييريّة بأصالة البراءة والإباحة.

٢٣٥١. لكونه من توابع وجوب الاعتقاد بحقية ما جاء به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا يختلف فيه كون الحكم مطلقا أو مقيّدا بغاية.

٢٣٥٢. يعني : أنّ الموجود في بعض النسخ هكذا.

٣١٨

والعجب من بعض المعاصرين (٢٤) (٢٣٥٣) ؛ حيث أخذ التوجيه المذكور عن القوانين ونسبه إلى المحقق الخوانساري ، فقال : حجّة المحقّق الخوانساري أمران : الأخبار ، وأصالة الاشتغال. ثمّ أخذ في إجراء أصالة الاشتغال في الحكم التخييري بما وجّهه في القوانين ، ثمّ أخذ في الطعن عليه. وأنت خبير : بأنّ الطعن في التوجيه ، لا في حجّة المحقّق ، بل لا طعن في التوجيه أيضا ؛ لأنّ غلط النسخة ألجأه إليه.

هذا ، وقد أورد عليه السيّد الشارح (٢٣٥٤) بجريان ما ذكره من قاعدة وجوب تحصيل الامتثال في استصحاب القوم ، قال : بيانه : أنّا كما نجزم في الصورة التي فرضنا بتحقق الحكم في قطعة من الزمان ، ونشكّ أيضا حين القطع في تحقّقه في زمان يكون حدوث الغاية فيه وعدمه متساويين عندنا ، فكذلك نجزم بتحقق الحكم في زمان لا يمكن تحقّقه إلّا فيه ، ونشكّ ـ حين القطع في تحقّقه في زمان متّصل بذلك الزمان ؛ لاحتمال وجود رافع لجزء من أجزاء علّة الوجود ، وكما أنّ في الصورة الاولى يكون الدليل محتملا لأن يراد منه وجود الحكم في زمان الشكّ وأن يراد عدم وجوده ، فكذلك الدليل في الصورة التي فرضناها ، وحينئذ فنقول : لو لم يمتثل المكلّف لم يحصل الظنّ بالامتثال ... إلى آخر ما ذكره ، انتهى.

أقول : وهذا الإيراد ساقط (٢٣٥٥) عن المحقّق ؛ لعدم جريان قاعدة الاشتغال

______________________________________________________

٢٣٥٣. هو صاحب الفصول.

٢٣٥٤. لا يخفى أنّ شارح الوافية قد أورد عليه بوجهين ، أحدهما : ما نقله عنه المصنّف رحمه‌الله ، والآخر : أنّ تحصيل القطع أو الظنّ بالامتثال إنّما يلزم مع القطع أو الظنّ بثبوت التكليف ، وفي زمان الشكّ ليس شيء منهما حاصلا.

وفيه : أنّ جريان قاعدة الاشتغال في مورد مبنيّ على القطع بثبوت التكليف ثمّ الشكّ في الخروج من عهدته ، ولا يعتبر فيه حصول القطع أو الظنّ به في الزمان الثاني ، لكون القطع بثبوته والشكّ في الخروج من عهدته علّة تامّة لحكم العقل بوجوب الإتيان بما يحصل معه القطع بالبراءة.

٢٣٥٥. توضيحه : أنّ المحقّق الخوانساري إنّما يقول باعتبار الاستصحاب

٣١٩

في غير الصورة التي فرضها المحقّق ، مثلا : إذا ثبت وجوب الصوم في الجملة ، وشككنا في أنّ غايته سقوط القرص أو ميل الحمرة المشرقية ، فاللازم حينئذ ـ على ما صرّح به المحقّق المذكور في عدّة مواضع من كلماته ـ الرجوع في نفي الزائد وهو وجوب الإمساك بعد سقوط القرص إلى أصالة البراءة ؛ لعدم ثبوت التكليف بإمساك أزيد من المقدار المعلوم ، فيرجع إلى مسألة الشكّ في الجزئية ، فلا يمكن أن يقال : إنّه لو لم يمتثل التكليف لم يحصل الظنّ بالامتثال ؛ لأنّه إن اريد امتثال التكليف المعلوم فقد حصل قطعا ، وإن اريد امتثال التكليف المحتمل فتحصيله غير لازم. وهذا بخلاف فرض المحقّق ؛ فإنّ التكليف بالإمساك إلى السقوط على القول به أو ميل الحمرة على القول الآخر معلوم مبين ، وإنّما الشكّ في الإتيان به عند الشكّ في حدوث الغاية. فالفرق بين مورد استصحابه ومورد استصحاب القوم ، كالفرق بين الشكّ في إتيان الجزء المعلوم الجزئية والشك في جزئية شيء ، وقد تقرّر في محلّه جريان أصالة الاحتياط في الأول دون الثاني. وقس على ذلك سائر موارد استصحاب القوم ، كما لو ثبت أنّ للحكم غاية وشككنا في كون شيء آخر أيضا غاية له ، فإنّ المرجع في الشكّ في ثبوت الحكم بعد تحقّق ما شكّ في كونه غاية عند المحقّق الخوانساري قدس‌سره هي أصالة البراءة دون الاحتياط.

______________________________________________________

فيما كان الشكّ في وجود الغاية أو مصداقها الخارجي ، والمشهور يقولون به فيهما وفيما كان الشكّ في كون شيء غاية وعدمه ، وكذا فيما كان الشكّ فيه في المقتضي دون الغاية. ومرجع الشكّ على الأوّلين إلى الشكّ في تحقّق الجزء المعلوم الجزئيّة. وعلى الثالث إلى الشكّ في الجزئيّة ، كما هو واضح ممّا ذكره المصنّف رحمه‌الله من مثال الصوم. وعلى الرابع إلى الشكّ البدوي في التكليف ، لأنّه إذا ثبت وجوب الاجتناب عن الماء المتغيّر بالنجس ، فإذا زال التغيّر عنه من قبل نفسه ، وشكّ في وجوب الاجتناب عنه أيضا ، فالشكّ فيه ليس من الشكّ في المكلّف به في شيء ، بأن علم التكليف وتردّد المكلّف به بين أمرين فصاعدا ، لاحتمال اختصاصه بحال وجود التغيّر ، فشموله لحال زوال التغيّر مشكوك من رأس.

٣٢٠