فرائد الأصول - ج ٣

الشيخ مرتضى الأنصاري

فرائد الأصول - ج ٣

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: سماء قلم
الطبعة: ٢
ISBN: 978-964-8536-66-9
ISBN الدورة:
978-964-8536-63-8

الصفحات: ٤٧٠

١
٢

٣
٤

المقصد الثالث في الشكّ

٥
٦

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

الحمد لله ربّ العالمين ، والصّلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين ، ولعنة

الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

المقصد الثالث من مقاصد هذا الكتاب في الشكّ

قد قسّمنا في صدر هذا الكتاب المكلّف الملتفت إلى الحكم الشرعيّ العملي في الواقعة على ثلاثة أقسام ؛ لأنّه إمّا أن يحصل له القطع بحكمه الشرعيّ ، وإمّا أن يحصل له الظنّ ، وإمّا أن يحصل له الشكّ.

وقد عرفت أنّ القطع حجّة في نفسه لا بجعل جاعل ، والظنّ يمكن أن يعتبر في متعلّقه ؛ لأنّه كاشف عنه ظنّا ، لكنّ العمل به والاعتماد عليه في الشرعيّات موقوف على وقوع التعبّد به شرعا ، وهو غير واقع إلّا في الجملة ، وقد ذكرنا موارد وقوعه في الأحكام الشرعيّة في الجزء الأوّل من هذا الكتاب.

وأمّا الشكّ ، فلمّا لم يكن فيه كشف (١٠٨٧) أصلا لم يعقل أن يعتبر ، فلو ورد في مورده حكم شرعيّ ـ كأن يقول : الواقعة المشكوكة حكمها كذا ـ كان حكما

______________________________________________________

بسم الله الرّحمن الرّحيم ، الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على أشرف الأنبياء والمرسلين ، محمّد وآله المعصومين الأطيبين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

١٠٨٧. لتساوي نسبة الشكّ إلى طرفيه ، فلا يعقل أن يعتبر من باب الكشف بالنسبة إلى أحدهما ، وإلّا لزم ترجيح أحد المتساويين على الآخر. ولكنّا قد أسلفنا

٧

ظاهريّا (١٠٨٨) ،

______________________________________________________

فيما علّقناه على صدر الكتاب ما يناقش في ذلك.

١٠٨٨. اعلم أنّ الأحكام باعتبار تعلّقها بنفس الموضوعات الواقعيّة وبالموضوعات المشكوك في حكمها تنقسم إلى واقعيّة وظاهريّة ، والأدلّة الدالّة عليها إلى اجتهاديّة وفقاهتيّة.

أمّا الاولى فهي ـ كما يستفاد من عبارة المصنّف رحمه‌الله ـ الأحكام المقرّرة في نفس الأمر لنفس الموضوعات الواقعيّة من غير مدخليّة للعلم والجهل فيها ، بمعنى تغيّرها وتبدّلها بعلم المكلّف وجهله بها ، إذ لو كان لهما مدخل فيها لزم التصويب في الأحكام الأوّلية ، لدورانها حينئذ وجودا وعدما مدار العلم والجهل.

نعم ، قد يكون لهما مدخل في موضوع هذه الأحكام ، بمعنى كونهما جزءا من موضوعاتها من دون أن يلزم منه تصويب باطل ، بأن يجعل الشارع الحرمة والنجاسة مرتّبتين على الخمر المعلومة الخمريّة ، ومقتضاه كونها مباحة وطاهرة في حقّ الجاهل بها. ومن هذا القبيل جواز الشهادة ، بناء على كون علم الشاهد بالواقعة جزءا من موضوع هذا الحكم.

وهذه الأحكام على قسمين ، اختياري : وهي الأحكام التي جعلها الشارع للمختار ، كوجوب الإتيان بالصلاة قائما ، وتسمّى بالأحكام الواقعيّة الاختياريّة. واضطراري : وهي الأحكام التي جعلها الشارع للمضطرّ ، مثل وجوب الإتيان بالصلاة قاعدا أو مضطجعا ، وتسمّى بالأحكام الواقعيّة الاضطراريّة. ومن لوازم هذه الأحكام عدم تنجّزها إلّا مع العلم بها. ومع العلم بها لا يجوز للشارع الحكم بخلافها إذا حصل العلم بها تفصيلا ، لوضوح المنافاة بينهما. وأمّا مع العلم بها إجمالا ففيه وجه للجواز ، لعدم امتناع أن يأمر الشارع ببدل الواقع ، بمعنى أن يقنع ببعض محتملات الواقع في مقام امتثاله ، بأن جعله بدلا عن الواقع ، كما في الشبهة المحصورة على القول بعدم وجوب الموافقة القطعيّة وحرمة المخالفة القطعيّة.

٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وأمّا الثانية فهي الأحكام المقرّرة للجاهل بالأحكام الواقعيّة ، كمؤديات الاصول العمليّة. وهي مستلزمة لأحكام أخر مقرّرة في نفس الأمر لينسب الجهل إليها ، وتكون هذه ظاهريّة بالنسبة إليها ، كما قرّره المصنّف رحمه‌الله. وتسمّى أحكاما واقعية ثانويّة في لسان بعضهم ، وظاهريّة في لسان آخرين. ووجه التسمية واضح ممّا قرّره المصنّف رحمه‌الله.

قيل : ومن لوازمها عدم تحقّقها إلّا مع العلم بها ، لأنّ مؤدّى البراءة والاستصحاب مثلا لا يتحقّق ولا يصير حكما في حقّ المكلّف إلّا بعد العلم بكونه حكم الله في حقّه ، فبمجرّد علمه به يجعل هذا الحكم في حقّه ويتنجّز التكليف به ، بخلاف الأحكام الواقعيّة ، لتحقّقها في الواقع مع علم المكلّف بها وجهله. نعم ، تنجّزها يتوقّف على العلم بها على ما أسلفناه ، فتأمّل.

ومن جملة لوازمها أيضا انتفائها حقيقة أو حكما مع العلم أو الظنّ المعتبر بالحكم الواقعي ، على ما قرّره المصنّف رحمه‌الله. وتوضيحه : أنّ الواقع قد يفرض بالنسبة إلى نفس الأمر ، وقد يفرض بالنسبة إلى ما جعله الشارع في عرض الواقع بل عيّنه بالتنزيل ، كمؤديات الكتاب والسنّة على القول باعتبارها بالخصوص ، وبكونها منزّلة بمنزلة الواقع وإن لم تكن هي هو. وقد عرفت كون الأحكام الظاهريّة مجعولة في حقّ الجاهل بالحكم الواقعي لا العالم به.

وحينئذ إن كان المأخوذ في موضوع الحكم الظاهري أعمّ من الجهل بالحكم الواقعي وما هو بمنزلته ، فمع العلم بأحدهما ينتفي موضوعه ، لفرض انتفاء الوصف المأخوذ في موضوعه ، فيتبعه انتفاء الحكم الظاهري حقيقة. وحينئذ تكون الأدلّة الاجتهاديّة ـ سواء أفادت العلم أو الظنّ بالواقع ـ واردة على الاصول.

وإن كان المأخوذ فيه هو الجهل بالحكم الواقعي خاصّة دون ما هو بمنزلته ، فبالعلم به ينتفي الحكم الظاهري حقيقة على ما عرفت. وأمّا مع العلم بما هو بمنزلته ، فيكون انتفاء الحكم الظاهري حينئذ بحسب حكم الشارع لا بحسب

٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الحقيقة ، لكون انتفاء موضوعه حينئذ بحكم الشارع لا بحسب الحقيقة ، لأنّ مؤدّيات ظواهر الكتاب والسنّة لمّا كانت بمنزلة الواقع بجعل الشارع كان العلم بها بمنزلة العلم بالواقع ، فترتّب على العلم بها أحكام العلم بالواقع. فكما أنّه مع العلم بالواقع ينتفي موضوع الحكم الظاهري ، كذلك مع العلم بالحكم المستفاد من ظواهر الكتاب مثلا ، غاية الأمر كون انتفائه هنا حكما وهناك حقيقة. وحينئذ تكون الأدلّة الاجتهاديّة الظنّية حاكمة على الاصول لا واردة عليها.

وعلى تقدير كون المراد من الجهل أعمّ من الجهل بالواقع وما هو بمنزلته ، قد يعتبر وصف الواقعيّة والظاهريّة بالنسبة إلى مؤدّيات الاصول التي هي أحكام ظاهريّة ، فيقال : إنّ شرب التتن مثلا له حكم واقعي مقرّر في نفس الأمر لا يختلف بالعلم والجهل ، وله مع الجهل بالواقع حكم ظاهري ، وهو ما يستفاد من البراءة ، وله حكم ظاهري آخر مع العجز عن ترجيح أدلّة البراءة على أدلّة الاحتياط في الموارد المختلف فيها ، وهو الحظر أو الإباحة على الخلاف في الأشياء المشتملة على منفعة خالية عن أمارة مفسدة ، كشمّ الطيب وأكل الفاكهة. وعلى القول بالإباحة فيها يتّحد الحكمان الظاهريّان ، فالبراءة والاحتياط بالنسبة إلى الواقع حكمان ظاهريّان ، وبالنسبة إلى الحظر والإباحة واقعيّان. وفي جميع هذه المراتب ينتفي موضوع الحكم الظاهري حقيقة أو حكما ـ على ما عرفت ـ بالعلم بالحكم الواقعي أو ما هو بمنزلته.

وكيف كان ، فقد ظهر ممّا قدّمناه وجه ما ادّعاه المصنّف رحمه‌الله من كون تقديم الأدلّة الاجتهاديّة الظنّية على الاصول من باب الحكومة دون التخصيص. وكذلك الوجه فيما فرّق بين ما لو قلنا باعتبار الاصول من باب الشرع أو العقل ، حيث تنزّل ممّا ذكرناه أوّلا ، فسلّم كون تقديمها عليها من باب التخصيص على الأوّل دون الثاني ، لأنّ المأخوذ في موضوع البراءة والاشتغال إذا قلنا باعتبارهما من باب الشرع هو عدم العلم بالواقع ، وهو لا يرتفع بالظنّ به وإن كان معتبرا شرعا.

١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وحينئذ يمكن أن يتوهّم كون تقديمها عليها من باب التخصيص على نحو ما قرّبه المصنّف رحمه‌الله ، وإن كان الحقّ كون ذلك من باب التخصّص كما حقّقه ثانيا ، وعرفت الوجه فيه ، بخلاف ما لو قلنا باعتبارهما من باب العقل ، إذ لا مجال للتوهّم المذكور حينئذ ، لأنّ المأخوذ في موضوعهما حينئذ إنّما هو التحيّر وعدم معرفة طريق امتثال الواقع لا عدم العلم به ، ولا ريب في ارتفاعه بمجرّد قيام طريق شرعيّ على تعيين الواقع ، وإن تخلّف عنه في نفس الأمر ، فلا بدّ حينئذ أن يكون رفع اليد عن البراءة والاشتغال لأجل التخصّص دون التخصيص.

ومن هنا يظهر وجه الفرق بين القول باعتبارهما من باب الشرع والعقل ، لكون تقديم الأدلّة الاجتهاديّة الظنية عليهما على الأوّل من باب الحكومة ، وعلى الثاني من باب الورود.

وكيف كان ، فما وقع في بعض الكتب ـ سيّما كتاب الرياض ـ من أنّ الأصل مخصّص بالدليل كما نقله المصنّف رحمه‌الله ، يرد عليه أوّلا : منع عموم أدلّة الاصول لموارد وجود الدليل ، لانتفاء موضوعها به ، والتخصيص فرع الشمول ليكون خروج الواقعة من مقتضى الاصول بحسب الحكم دون الموضوع.

وثانيا : مع التسليم أنّ النسبة بينها وبين أدلّة الأمارات عموم من وجه ، لكون الاولى أعمّ من حيث وجود الأمارة في موردها وعدمه ، والثانية من حيث شمولها لغير موارد الاصول ، وحينئذ لا بدّ من الحكم بالإجمال في مورد التعارض ، فتأمّل ، فإنّ في كلام المصنّف رحمه‌الله ما يدفع هذا ، وهو ما أشار إليه بقوله : «لا ينفع بعد قيام الإجماع». وحاصله : أنّ الحكم بالإجمال في مورد التعارض في المتعارضين من وجه إنّما هو مع عدم انعقاد الإجماع على عدم الفرق بين موارد أحد العامين بالخصوص ، وإلّا كانت مادّة التعارض مندرجة تحت هذا العامّ لا محالة ، إذ لا إشكال في جواز العمل به في محلّ الافتراق ، فلا بدّ أن يعمل به في محلّ التعارض أيضا للإجماع المذكور. بل لو كان إطلاق التقديم والتخصيص في المقام مبنيّا على

١١

.................................................................................................

______________________________________________________

المسامحة ـ كما أشار إليه المصنّف رحمه‌الله ـ اندفع الإيرادان معا كما هو واضح.

وأمّا الثالثة ، أعني : الأدلّة الاجتهاديّة ، فهي الأمارات التي تكشف عن الواقع ولو ظنّا ، مثل ظواهر الكتاب والسنّة.

وأمّا الرابعة ، فهي ما كان مثبتا للأحكام الظاهريّة ، مثل الاصول العمليّة. وقد حكيت تسميته هذا القسم بالدليل الفقهائي عن الفاضل الصالح المازندراني في شرح الزبدة. وهذا أولى ممّا نقله المصنّف رحمه‌الله عن التوحيد البهبهاني من تسميته بالدليل الفقاهتي ، لأنّ القياس حذف التاء مع لحوق ياء النسبة.

وكيف كان ، وقد شاع هذا الاصطلاح في زمان الوحيد البهبهاني وبعده. ولعلّ هذا هو وجه نسبة التسمية إليه دون الفاضل المازندراني. ووجه تسميته بالفقاهتي وسابقه بالاجتهادي : أنّ الاجتهاد ـ على ما عرّفوه ـ هو استفراغ الوسع لتحصيل الظنّ بالأحكام الفرعيّة. والفقه هو العلم بالأحكام الشرعيّة الفرعيّة عن أدلّتها التفصيليّة. فالفقه بناء على كون المراد بالأحكام أعمّ من الواقعيّة والظاهريّة هو العلم والجزم بما ذكر في الحدّ. فالفقيه من حيث بذل جهده لتحصيل الظنّ بالأحكام مجتهد ، ومن حيث علمه بها ـ لأجل مقدّمة أثبتها بدليل خارج ، وهو الإجماع على أنّ ما ظنّه هو حكم الله في حقّه وحقّ مقلّده ـ فقيه ، فاختلافهما إنّما هو بالاعتبار وملاحظة الحيثيّة ، كاختلاف القاضي مع المفتي. ومن هنا كان الأنسب تسمية ما يستعمله الفقيه لتحصيل الظنّ بالأحكام الواقعيّة بالدليل الاجتهادي ، وتسمية ما يستعمله لتحصيل العلم بها بالدليل الفقاهتي. ولا ريب أنّ مؤدّيات الاصول العمليّة هو العلم بالأحكام الظاهريّة لا الظنّ بالأحكام الواقعيّة ، لأنّ ذلك مؤدّى الأمارات المسمّاة بالأدلّة الاجتهاديّة على ما عرفت.

ثمّ إنّه قد يتسامح في إطلاق الدليل الفقاهتي على كلّ أمارة لا تفيد العلم بالواقع ، فيندرج فيه حينئذ ظواهر الكتاب والسنّة أيضا. ووجه التسامح واضح ، لأنّ الدليل الفقاهتي ما كان مثبتا لحكم ظاهري ، وهو ما جعله الشارع للجاهل

١٢

لكونه مقابلا للحكم الواقعي المشكوك بالفرض. ويطلق عليه الواقعي الثانوي أيضا ؛ لأنّه حكم واقعي للواقعة المشكوك في حكمها ، وثانوي بالنسبة إلى ذلك الحكم المشكوك فيه ؛ لأنّ موضوع هذا الحكم الظاهري وهي الواقعة المشكوك في حكمها لا يتحقّق إلّا بعد تصوّر حكم نفس الواقعة والشكّ فيه ، مثلا شرب التتن في نفسه له حكم فرضنا فيما نحن فيه شكّ المكلّف فيه ، فإذا فرضنا ورود حكم شرعيّ لهذا الفعل المشكوك الحكم ، كان هذا الحكم الوارد متأخّرا طبعا عن ذلك المشكوك ، فذلك الحكم واقعي بقول مطلق ، وهذا الوارد ظاهري ؛ لكونه المعمول به في الظاهر ، وواقعي ثانوي ؛ لأنّه متأخّر عن ذلك الحكم ؛ لتأخّر موضوعه عنه. ويسمّى الدليل الدالّ على هذا الحكم الظاهري «أصلا».

وأمّا ما دلّ على الحكم الأوّل علما أو ظنّا معتبرا فيختصّ باسم «الدليل» ، وقد يقيّد ب «الاجتهادي» ، كما أنّ الأوّل قد يسمّى ب «الدليل» مقيّدا ب «الفقاهتي». وهذان القيدان اصطلاحان من الوحيد البهبهاني لمناسبة مذكورة في تعريف الفقه والاجتهاد. (١) ثمّ إنّ الظنّ الغير المعتبر حكمه حكم الشكّ كما لا يخفى.

وممّا ذكرنا من تأخّر مرتبة الحكم الظاهري عن الحكم الواقعي لأجل تقييد

______________________________________________________

من حيث كونه جاهلا ، ولا ريب أنّ مؤدّيات ظواهر الكتاب والسنّة ليست كذلك وإن كانت مجعولة في حال جهل المكلّف بالواقع ، ولذا لا يعتدّ بها مع العلم بالواقع. وبعبارة اخرى : أنّ الجهل مأخوذ في الأحكام الظاهريّة من حيث كونه جزءا من موضوعها ، وفي مؤدّيات ظواهر الكتاب والسنّة من حيث الظرفية وكونها مجعولة في هذا الحال خاصّة ، ولكن مع قطع النظر عنه. ولعلّ هذا هو السبب في هذا التسامح ، لكون مؤدّيات الظواهر شبيهة بمؤديات الاصول فيما ذكرناه ، وإن فارقتها من جهة اخرى كما أوضحناه. ويمكن أن يكون السبب فيه هو كون اعتبار مؤدّيات الظواهر من حيث كونها مظنونة. كما أوضحه المصنّف رحمه‌الله بقوله : «حكما ظاهريّا نظير مفاد الأصل ...». والفرق بينه وبين ما ذكرناه واضح.

١٣

موضوعه بالشكّ في الحكم الواقعي يظهر لك وجه تقديم الأدلّة على الاصول ؛ لأنّ موضوع الاصول يرتفع بوجود الدليل ، فلا معارضة بينهما ، لا لعدم اتّحاد الموضوع ، بل لارتفاع موضوع الأصل ـ وهو الشكّ ـ بوجود الدليل. ألا ترى أنّه لا معارضة ولا تنافي بين كون حكم شرب التتن المشكوك حكمه هي الإباحة وبين كون حكم شرب التتن في نفسه مع قطع النظر عن الشكّ فيه هي الحرمة ، فإذا علمنا بالثاني لكونه علميّا والمفروض (*) سلامته عن معارضة الأوّل ، خرج شرب التتن عن موضوع دليل الأوّل وهو كونه مشكوك الحكم ، لا عن حكمه حتّى يلزم فيه تخصيص وطرح لظاهره. ومن هنا كان إطلاق التقديم والترجيح في المقام تسامحا ؛ لأنّ الترجيح فرع

______________________________________________________

فإن قلت : إنّ اعتبار الاستصحاب عند الأكثر إنّما هو من جهة إفادته الظنّ بالحكم السابق. وإليه أشار العضدي في تعريفه بأنّ الشيء الفلاني قد كان ولم يظنّ عدمه ، وكلّ ما هو كذلك فهو مظنون البقاء. وحينئذ يجب إدخاله في الأدلّة الاجتهاديّة مثل ظواهر الكتاب والسنّة ، فما وجه تقديم سائر الأدلّة عليه عند التعارض؟

قلت : إنّ الوجه في تقديمها عليه على القول باعتباره من باب الظنّ أنّه إنّما يفيد الظنّ في مورد الشكّ ، بمعنى أنّ الشاكّ في بقاء الحكم السابق يحصل له الظنّ ببقائه بملاحظة كونه متيقّنا في السابق ، وحينئذ تكون سائر الأدلّة الاجتهاديّة واردة عليه.

ولكن يشكل ذلك بأنّ مقتضاه عدم العمل به في مقابل سائر الأمارات المشكوكة الاعتبار ، وهو خلاف ما استقرّت عليه طريقة الفقهاء ، لعملهم بالاصول في مقابلها. والإنصاف أنّ هذا الإشكال وارد على القول باعتبار الاستصحاب من باب الظنّ الشخصي ، لا على الجواب المذكور.

__________________

(*) في بعض النسخ : بدل «المفروض» ، ولفرض.

١٤

المعارضة. وكذلك إطلاق الخاصّ على الدليل والعامّ على الأصل ، فيقال : يخصّص الأصل بالدليل أو يخرج عن الأصل بالدليل.

ويمكن أن يكون هذا الاطلاق على الحقيقة بالنسبة إلى الأدلّة الغير العلميّة ، بأن يقال : إنّ مؤدّى أصل البراءة مثلا : أنّه إذا لم يعلم حرمة شرب التتن فهو غير محرّم ، وهذا عامّ ، ومفاد الدليل الدالّ على اعتبار تلك الأمارة الغير العلميّة المقابلة للأصل أنّه إذا قام تلك الأمارة الغير العلميّة على حرمة الشيء الفلاني فهو حرام ، وهذا أخصّ من دليل أصل البراءة مثلا ، فيخرج به عنه. وكون دليل تلك الأمارة أعمّ من وجه ـ باعتبار شموله لغير مورد أصل البراءة ـ لا ينفع بعد قيام الإجماع على عدم الفرق في اعتبار تلك الأمارة بين مواردها.

توضيح ذلك (١٠٨٩) : أنّ كون الدليل رافعا لموضوع الأصل ـ وهو الشكّ ـ إنّما يصحّ في الدليل العلمي ؛ حيث إنّ وجوده يخرج حكم الواقعة عن كونه مشكوكا فيه ، وأمّا الدليل الغير العلمي فهو بنفسه (*) غير رافع لموضوع الأصل وهو عدم العلم ، وأمّا الدليل الدالّ على اعتباره فهو وإن كان علميّا إلّا أنّه لا يفيد إلّا حكما ظاهريا نظير مفاد الأصل ؛ إذ المراد بالحكم الظاهري ما ثبت لفعل المكلّف بملاحظة الجهل بحكمه الواقعي الثابت له من دون مدخليّة العلم والجهل ، فكما أنّ مفاد قوله عليه‌السلام : «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» (٢) يفيد الرخصة في الفعل الغير المعلوم ورود النهي فيه ، فكذلك ما دلّ على حجيّة الشهرة الدالّة مثلا على وجوب شيء ، يفيد وجوب ذلك الشيء من حيث إنّه مظنون مطلقا (١٠٩٠) أو بهذه الأمارة (١٠٩١) ولذا اشتهر : أنّ علم المجتهد بالحكم مستفاد من صغرى وجدانيّة وهي :

______________________________________________________

١٠٨٩. أي كون دليل الأمارة مخصّصا لدليل أصل البراءة.

١٠٩٠. بأن كانت حجيّة الشهرة ثابتة بدليل الانسداد.

١٠٩١. بأن كانت حجيّة الشهرة ثابتة بدليل خاصّ.

__________________

(*) في بعض النسخ زيادة : بالنسبة إلى أصالة الاحتياط والتخيير كالعلم رافع للموضوع ، وأمّا بالنسبة إلى ما عداهما فهو بنفسه.

١٥

«هذا ما أدّى إليه ظنّي» ، وكبرى برهانيّة وهي : «كل ما أدّى إليه ظنّي فهو حكم الله في حقّي» ، فإنّ الحكم المعلوم منهما هو الحكم الظاهري ، فإذا كان مفاد الأصل ثبوت الإباحة للفعل الغير المعلوم الحرمة ومفاد دليل تلك الأمارة ثبوت الحرمة للفعل المظنون الحرمة ، كانا متعارضين لا محالة ، فإذا بني على العمل بتلك الأمارة كان فيه خروج عن عموم الأصل وتخصيص له لا محالة.

هذا ، ولكنّ التحقيق أنّ دليل تلك الأمارة وإن لم يكن كالدليل العلمي رافعا لموضوع الأصل ، إلّا أنّه نزّل شرعا منزلة الرافع ، فهو حاكم على الأصل لا مخصّص له كما سيتّضح إن شاء الله تعالى ، على أنّ ذلك إنّما يتمّ بالنسبة إلى الأدلة الشرعيّة (١٠٩٢) ، وأمّا الأدلّة العقليّة القائمة على البراءة والاشتغال فارتفاع موضوعها بعد ورود الأدلّة الظنيّة واضح ، لجواز الاقتناع بها (١٠٩٣) في مقام البيان وانتهاضها رافعا لاحتمال (١٠٩٤) العقاب كما هو ظاهر. وأمّا التخيير فهو أصل عقلي لا غير.

واعلم : أنّ المقصود بالكلام (١٠٩٥) هذه الرسالة الاصول المتضمّنة لحكم الشبهة في الحكم الفرعي الكلّي وإن تضمّنت حكم الشبهة في الموضوع أيضا ، وهي منحصرة في أربعة : «أصل البراءة» و «أصل الاحتياط» و «التخيير» و «الاستصحاب» بناء على كونه ظاهريّا ثبت التعبّد به من الأخبار ؛ إذ بناء على كونه مفيدا للظنّ يدخل في الأمارات الكاشفة عن الحكم الواقعي. وأمّا الاصول المشخّصة لحكم الشبهة في الموضوع ـ كأصالة الصحّة وأصالة الوقوع فيما شكّ فيه بعد تجاوز المحلّ ـ فلا يقع الكلام فيها إلّا لمناسبة يقتضيها المقام.

______________________________________________________

١٠٩٢. الدالّة على اعتبار الاصوليّة.

١٠٩٣. هذا بالنسبة إلى البراءة.

١٠٩٤. هذا بالنسبة إلى قاعدة الاشتغال.

١٠٩٥. لأنّ علم الاصول هو العلم بالقواعد الممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعيّة الفرعيّة ، فما تستنبط منها أحكام الموضوعات الخارجة التي لا يتعلّق بها إلّا

١٦

ثمّ إنّ انحصار موارد الاشتباه في الاصول الأربعة عقلي (١٠٩٦) ،

______________________________________________________

أحكام جزئيّة فهي داخلة في الفقه دون الاصول ، مثل قاعدة البراءة والاشتغال والطهارة بالنسبة إلى إجرائها في الموضوعات الخارجة. وكذا قاعدة الشكّ بعد الفراغ ، وقاعدة حمل فعل المسلم على الصحّة ، ونحوها. ولكنّك خبير بأنّ مقتضى هذا الوجه كون قاعدة الطهارة من الاصول إذا أثبتت طهارة موضوع كلّي ، وهو خلاف ظاهرهم. وقد أوضحنا الكلام في ذلك في محلّ آخر.

١٠٩٦. لدوران الأمر فيها بين النفي والإثبات. وقد أسلفنا ما يتعلّق بذلك وبتقسيم الاصول إلى الأربعة عند شرح ما يتعلّق بصدر الكتاب ، ونقول هنا :

إن قلت : كيف تدّعي دوران الأمر بين الأربعة المذكورة مع أنّ في الشرع اصولا أخر لم يبحثوا عنها في الاصول ، مثل أصالة الطهارة المستفادة من قوله عليه‌السلام : «كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر»؟ فما وجه الحصر المذكور؟ وما السّر في عدم بحثهم عنها هنا؟

قلنا : إنّ ما ذكره المصنّف رحمه‌الله من الحصر ناظر إلى ظاهر كلمات الفقهاء ، حيث إنّ ظاهرها كون الاصول الأربعة من الأدلّة الاجتهاديّة ، لأنّهم قد اعتبروا أصالتي البراءة والاستصحاب من أسباب الظنّ الذي مستنده العقل ، ولذا لم يتمسّك أحد منهم في إثباتهما ـ إلى زمان والد شيخنا البهائي رحمه‌الله ـ بالأخبار ، وهو رحمه‌الله قد تمسّك في بعض كلماته في إثبات اعتبار الاستصحاب بالأخبار ، وتبعه من تأخّر عنه. واعتبروا أصالتي الاشتغال والتخيير من باب حكم العقل ، نظير حكمه بوجوب ردّ الوديعة وقبح الظلم ، بخلاف أصالة الطهارة ، فإنّها قاعدة مستفادة من الشرع خاصّة. نعم ، قد تمسّك الفاضل في بعض كتبه في تأسيس أصالة الطهارة بالأدلّة الأربعة ، نظرا في دلالة العقل إلى اقتضاء قاعدة اللطف من حيث رفع المشاقّ عن العباد لخلق الماء طهورا. ولكنّه ضعيف كما قرّر في محلّه.

١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وبالجملة ، إنّ عدم بحثهم عن أصالة الطهارة في الاصول إنّما هو من جهة عدم كونها من الأدلّة ، لكونها عندهم من القواعد الشرعيّة ، بخلاف الاصول الأربعة ، ولذا جعلوها من الأدلّة العقليّة. والفرق بين الدليل والقاعدة واضح ، ولذا جعلوا كلّ واحد منهما معنى مستقلا للأصل.

ثمّ إنّ هنا أمرين لم يتعرّض لهما المصنّف رحمه‌الله ينبغي التنبيه عليهما.

الأمر الأوّل : إنّ هنا إشكالين يجري أحدهما في جميع الأدلّة العقليّة ، ويختصّ الآخر بالاصول الأربعة.

أمّا الأوّل فهو أنّهم قد عرّفوا علم الاصول بأنّه ما يبحث فيه عن أحوال الأدلّة ، ولا ريب أنّ البحث في الأدلّة العقليّة ليس عن أحوال الدليل ، لأنّ بحثهم فيها ـ كما قرّر في محلّ آخر ـ إنّما هو عن حكم العقل لا عن أحواله من حيث كونه حجّة وعدمها ، لأنّهم قد بحثوا في مسألة البراءة والاستصحاب ، وكذا في مسألة الحسن والقبح ، عن أنّ العقل هل يحكم بالبراءة عن التكليف عند فقد الدليل على الحكم المشكوك فيه ، وأنّه يحكم ببقاء الحالة السابقة عند الشكّ في بقائها ، وأنّه يحكم بحسن فعل أو قبحه أو لا؟ لا عن اعتباره بعد فرض حكمه ، لكون اعتبار حكم العقل مسلّما عندهم بعد فرض وجوده ، والبحث عن أحوال الدليل العقلي إنّما يصدق بعد فرض حكمه.

وبالجملة ، إنّ البحث في الأدلّة العقليّة صغروي ، والبحث عن حجيّتها بعد إحراز الصغرى كبروي ، والأدلّة العقليّة إنّما تدخل في موضوع علم الاصول بالاعتبار الثاني [لا](*) الأوّل ، فيجب إخراجها عن موضوع هذا العلم. ومع تسليم كون البحث فيها عن حجيّتها فلا ريب أنّ البحث من هذه الحيثيّة داخل في المبادئ ، لأنّ موضوع علم الاصول هي الأدلّة الأربعة ، والبحث عن الحجيّة بحث عن دليليّة الدليل ، وهو بحث عن موضوع الدليل ، لا عن أحواله ليدخل في

__________________

(*) سقط ما بين المعقوفتين من الطبعة الحجريّة ، وإنّما أضفناه ليستقيم المعنى.

١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

المقاصد.

والجواب : أنّ البحث عن إدراك العقل من حيث هو وإن كان داخلا في المبادئ ، إلّا أنّ الملحوظ في ذلك هو إثبات حكم العقل وإدراكه لتخصّص وتقيّد به عمومات الكتاب والسنّة وإطلاقاتهما عند المعارضة ، فمرجع البحث من هذه الجهة إلى البحث عن أحوال الكتاب والسنّة من حيث جواز تخصيصهما وتقييدهما بالعقل. ومن هنا تظهر الحال فيما كان البحث عنه من حيث حجيّته بعد الفراغ عن حكم العقل. مضافا إلى ما ذكره بعض الأفاضل من كون موضوع علم الاصول هي ذات الأدلّة لا هي بوصف الدليليّة ، وحينئذ يكون البحث عن حجيّتها بحثا عن أحوالها ، فيدخل في المقاصد.

وأمّا الثاني فهو أنّهم قد عرّفوا الدليل العقلي بأنّه حكم عقلي يتوصّل به إلى حكم شرعيّ. وهذا غير صادق على الاصول ، لعدم التوصّل بها إلى حكم شرعيّ ، فلا وجه لعدّها من الأدلّة العقليّة. أمّا أصالة البراءة فلأنّ غاية ما يدلّ عليه العقل عند عدم الدليل على الحكم المحتمل هو الإتيان بالفعل المحتمل للحرمة وترك ما يحتمل الوجوب ، وأمّا دلالته على عدمها فلا سبيل للعقل إليها ، مع أنّ عدمهما ليس من الأحكام الخمسة.

فإن قلت : ربّما يدور الأمر بين الضدّين ، كالوجوب والاستحباب في غسل الجمعة ، حيث قال بكلّ منهما بعضهم ، ولا ريب أنّ نفي الوجوب بأصالة البراءة يثبت الاستحباب.

قلت : إنّ الأقوال ربّما تتكثّر في المسألة ، فنفي أحدها بالأصل لا يعيّن خصوص أحدها ممّا بقي محتملا في المسألة. مع أنّ إثبات الاستحباب بنفي الوجوب إنّما يتمّ على القول بالاصول التي لا نقول بها. وأمّا قاعدة الانتقال فلأنّ وجوب الاحتياط فيما علم التكليف فيه ، وشكّ في المكلّف به ، إنّما هو من أجل كونه من شعب وجوب دفع الضرر المظنون أو المحتمل ، فإنّ حكم العقل بوجوب

١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الإتيان بجميع أطراف الشبهة إنّما هو لخوف ترك الواقع عند الاقتصار ببعض أطرافها في مقام الامتثال. فحكم العقل بوجوب الاحتياط إنّما هو لأجل دفع الضرر المحتمل ، أعني : العقاب الاخروي ، ولا ريب أنّ حكم العقل بذلك ليس إلزاميّا حتّى يقال : إنّه حكم عقلي يتوصّل به إلى حكم شرعيّ ، بل هو إرشادي من باب إراءة مصلحة المكلّف ، فهو نظير أوامر الأطبّاء لا يترتّب على موافقته ثواب ولا على مخالفته عقاب. بل جميع الأحكام العقليّة حتّى ما استقلّ به العقل ـ مثل قبح الظلم وحسن الإحسان ـ من قبيل ذلك ، لعدم إلزامه المكلّف بأمر مولوي بترك الظلم لأجل قبحه ، لأنّ غايته الإرشاد ولو إلزاما إلى أنّ في فعله ارتكابا للقبيح ، لا إلزامه بأمر مولويّ بتركه.

وحينئذ إن كان ما حكم به العقل ممّا يصحّ تعلّق خطاب شرعيّ به فهو ، وإلّا كان هذا الحكم إرشاديّا محضا. ووجوب الاحتياط من قبيل ذلك ، لكونه طريق امتثال إجمالي للواقع المعلوم إجمالا ، وما هو من قبيل كيفيّة امتثال أوامر الشرع لا يصلح تعلّق خطاب به ، لا بمعنى عدم إمكان تعلّق خطاب شرعيّ به ، بل بمعنى أنّه لو فرض ورود خطاب شرعيّ عليه كان من قبيل تقرير حكم العقل لا من باب إنشاء حكم شرعيّ ، إذ لو كان طريق امتثال الواقع محتاجا إلى بيان الشارع لاحتاج امتثال هذا الخطاب أيضا إلى بيان آخر حتّى يتسلسل أو يدور. وما كان قابلا لتعلّق خطاب كلّ من العقل والشرع به كان متّصفا بكلّ من حكمهما ، مثل الظلم والإحسان. وهذا أيضا هو المقصود من قولهم : كلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع.

وممّا ذكرناه يندفع ما يمكن أن يورد علي ما ذكرناه من النقض بالضرر الدنيوي ، لأنّ المشهور حرمة السفر مع خوف الضرر فيه ، فإذا سافر يعاقب عليه في الآخرة وإن لم يصبه الضرر المتوهّم أو المظنون. ووجه الاندفاع : كون ذلك قليلا ، لورود حكم كلّ من العقل والشرع عليه. وتظهر الثمرة بينه وبين ما نحن

٢٠