فرائد الأصول - ج ٢

الشيخ مرتضى الأنصاري

فرائد الأصول - ج ٢

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: سماء قلم
الطبعة: ٢
ISBN: 978-964-8536-65-2
ISBN الدورة:
978-964-8536-63-8

الصفحات: ٦٥٤

١
٢

٣
٤

الخبر الواحد

٥
٦

ومن جملة الظنون الخارجة بالخصوص عن أصالة حرمة العمل بغير العلم ، خبر الواحد في الجملة (٣٨٦) عند المشهور ، بل كاد أن يكون إجماعا.

اعلم : أنّ إثبات الحكم الشرعيّ بالأخبار المرويّة عن الحجج عليهم‌السلام (*)

______________________________________________________

٣٨٦. المراد بخبر الواحد هنا مقابل المتواتر ، فيشمل المستفيض ، وهو ما زاد راويه على الاثنين أو الثلاثة على الخلاف. وفي حكم المتواتر خبر الواحد المحفوف بالقرائن القطعيّة ، لعدم كونه صالحا للنزاع إلّا من حيث البحث عن حجّية القطع ، والمفروض في المقام بيان الظنون التي خرجت أو قيل بخروجها من أصالة حرمة العمل بالظنّ.

ثمّ إنّ الواحد صفة للراوي ، أي : خبر الراوي الواحد. فما يوجد في بعض كلمات المحقّق القمّي رحمه‌الله وغيره من تعريف الخبر أيضا المشعر بكون الواحد صفة للخبر لا وجه له ، لأنّ الخبر الواحد إنّما هو مقابل الاثنين والثلاثة مثلا ، سواء كان الواحد من الآحاد أو من المتواترات ، وهو ليس من محلّ الكلام. نعم ، يحتمل أن يكون الوصف باعتبار المتعلّق ، والمعنى : الخبر الواحد راويه ، مثل قولنا : زيد كريم الأب.

والتقييد بقوله : «في الجملة» يحتمل وجهين :

__________________

(*) في بعض النسخ زيادة : الحاكية لقولهم.

٧

موقوف على مقدّمات ثلاث (٣٨٧):

الاولى : كون الكلام صادرا عن الحجّة. الثانية : كون صدوره لبيان حكم الله ، لا على وجه آخر ، من تقيّة أو (*) غيرها. الثالثة : ثبوت دلالته على الحكم المدّعى ، وهذا يتوقّف : أوّلا : على تعيين أوضاع ألفاظ الرواية. وثانيا : على تعيين المراد منها وأنّ المراد مقتضى وضعها أو غيره. فهذه امور أربعة. وقد أشرنا إلى كون الجهة الثانية من المقدّمة الثالثة من الظنون الخاصّة وهو المعبّر عنه بالظهور اللفظي ، وإلى أنّ الجهة الاولى منها ممّا لم يثبت كون الظنّ الحاصل فيها بقول اللغوي من الظنون الخاصّة ، و

______________________________________________________

أحدهما : الإشارة إلى أنّ النزاع في اعتبار خبر الواحد وخروجه من أصالة حرمة العمل بالظنّ إنّما هو على القول باعتباره من باب الظنّ الخاصّ ، وإلّا فعلى القول باعتباره من باب الظنّ المطلق لا معنى للاستثناء ، إذ الأصل حينئذ جواز العمل بالظنّ لا حرمته.

وثانيهما : الإشارة إلى أنّ الخارج من الأصل ليس خبر الواحد مطلقا ، بل صنف خاصّ ، وهذا الصنف أيضا ليس متعيّنا ، بل مختلف باختلاف الآراء.

٣٨٧. لا يخفى أنّ جهات البحث عن الأدلّة الظنّية لا تخرج من الجهات الثلاث التي جعلها المصنّف رحمه‌الله مقدّمات لإثبات الحكم الشرعيّ بالأخبار المرويّة عن الحجج عليهم‌السلام. أمّا أخبار الآحاد المحكيّة عن الأئمّة الأطهار عليهم‌السلام فالبحث عنها يتأتّى على جميع هذه الجهات ، كما صرّح به المصنّف رحمه‌الله. وأمّا الكتاب والسنّة النبويّة المتواترة فالبحث فيهما إنّما هو عن الجهة الثالثة خاصّة ، لانتفاء احتمال التقيّة فيهما ، وكذلك احتمال تعمّد الكذب ، لاعتبار التواتر في الكتاب وكذا في السنّة بالفرض. ومن هنا يظهر انحصار البحث عن السنّة الإماميّة المتواترة في الجهة الثانية والثالثة. وأمّا السنّة النبويّة المحكيّة بالآحاد فالبحث عنها إنّما هو عن الجهة الاولى والثالثة ، لانتفاء احتمال التقيّة فيها. وأمّا الإجماعات المحكيّة في كلمات القدماء

__________________

(*) في بعض النسخ : بدل «أو» ، و.

٨

إن لم نستبعد الحجّية أخيرا. وأمّا المقدّمة الثانية فهي أيضا ثابتة بأصالة عدم صدور الرواية لغير داعي بيان الحكم الواقعي ، وهي حجّة ؛ لرجوعها إلى القاعدة المجمع عليها بين العلماء والعقلاء من حمل كلام المتكلّم على كونه صادرا لبيان مطلوبه الواقعي ، لا لبيان خلاف مقصوده من تقيّة أو خوف ؛ ولذا لا يسمع دعواه ممّن يدّعيه إذا لم يكن كلامه محفوفا بأماراته.

وأمّا المقدّمة الاولى فهي التي عقد لها مسألة حجّية أخبار الآحاد ، فمرجع هذه المسألة إلى أنّ السنّة ـ أعني قول الحجّة أو فعله أو تقريره ـ هل تثبت بخبر الواحد أم لا تثبت إلّا بما يفيد القطع من التواتر والقرينة؟ ومن هنا يتّضح دخولها (٣٨٨)

______________________________________________________

فالبحث فيها عن كلّ واحدة من الجهات الثلاث ، لاحتمال التقيّة من المدّعي فيها. وأمّا المحكيّة في كلمات المتأخّرين فالبحث فيها من الجهة الاولى والثالثة ، للقطع بانتفاء التقيّة فيهم.

٣٨٨. توضيح المقام أنّه قد وقع الخلاف في جملة من المسائل الاصوليّة ـ كمسائل مقدّمة الواجب ، واجتماع الأمر والنهي ، والاستصحاب ، والاجتهاد والتقليد ، ونحوها ـ في كونها منها أو الفروع أو علم الكلام ، ومنها هذه المسألة ، فربّما يظهر من المحقّق القمّي في بعض حواشيه دخولها في المبادي ، حيث قال : «وقد يعدّ من جملة ذلك البحث عن كون خبر الواحد حجّة والإجماع المنقول حجّة ، وليس بذلك ، إذ ذلك كلام في تعيين الدليل لا في عوارض الأدلّة ، فتدبّر» انتهى.

وتحقيق المقام : أنّ موضوع كلّ علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة ، أي : ما يعرض الشيء ويلحقه لذاته أو لجزئه أو لأمر مساو له ، ومسائله هي المحمولات العارضة للموضوعات نفيا أو إثباتا. وموضوع علم الاصول هي الأدلّة المبحوث فيه عن أحوالها وعوارضها ، ومسائله هي العوارض اللاحقة لها. فعلى تقدير كون موضوعه هي الأدلّة بوصف كونها أدلّة ـ كما يظهر من المحقّق المذكور ، حيث جعل مناط إخراج البحث عن خبر الواحد والإجماع المنقول ذلك ـ يلزم إخراج أكثر مباحث علم الاصول منه ، مثل البحث عن حجّية الكتاب و

٩

.................................................................................................

______________________________________________________

السنّة والإجماع والاستصحاب والبراءة ونحوها ، لكون البحث في جميعها عن حجّيتها وعن كونها أدلّة شرعيّة ، فمرجع البحث عنها إلى البحث عن تشخيص الموضوع ، فيدخل في المبادي. ولم يبق ممّا يدخل في مقاصده إلّا مثل البحث عن جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد وعدمه ، وجواز تخصيصه بخبر الواحد وعدمه ، والبحث عن التعادل والترجيح ونحوها ، مع أنّ الأخير ذكروه في الخاتمة ، وهو مشعر بخروجه من المقاصد.

وكيف كان ، فخروج جميع ما ذكرناه من المقاصد بعيد جدّا. والأقرب دخولها فيها ، لكون مرجع البحث عن جميعها إلى البحث عن أحوال الأدلّة. ويقرّر ذلك بوجوه يعمّ بعضها جميعها ، ويخصّ بعضها ببعضها :

أحدها : ما ذكره صاحب الفصول ، قال : «وأمّا بحثهم عن حجّية الكتاب وخبر الواحد فهو بحث عن الأدلّة ، لأنّ المراد بها ذات الأدلّة لا هي مع وصف كونها أدلّة ، فكونها أدلّة من أحوالها اللاحقة لها ، فينبغي أن يبحث عنها أيضا» انتهى. وهذا هو ما حكاه المصنّف رحمه‌الله ناسبا له إلى التكلّف والتجشّم. وعليه ، فالمراد بموضوع علم الاصول ذات الأدلّة ، بمعنى ما يصلح لأن يكون دليلا. وحينئذ يدخل فيه أيضا مثل القياس والاستحسان. وقول أصحابنا بعدم حجّيتهما لا يخرجهما من صلاحيّتهما لذلك ، كما أنّ قول الأخباريّين بعدم حجّية الكتاب والاستصحاب لا يخرجهما من ذلك. وبالجملة ، إنّ قول العامّة بحجّيتهما كاف في دخول البحث عن حجّيتهما في مسائل هذا العلم ، لأنّ المراد بمسائل هذا العلم هو المسائل المعهودة المقرّرة في كتب القوم ، ومخالفة بعضهم أو طائفة منهم في بعضها لا يخرجه من كونه من مسائلها.

ومن هنا يظهر فساد ما ذكره المحقق القمّي رحمه‌الله تبعا لشيخنا البهائي في إخراج القياس من موضوع هذا العلم ، من أنّه ليس من مذهبنا. اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ مسائل هذا العلم هي القواعد الممهّدة في كتب القوم للاستنباط ، مثل أنّ الكتاب

١٠

في مسائل أصول الفقه الباحثة عن أحوال الأدلّة ، ولا حاجة إلى تجشّم دعوى : أنّ البحث عن دليليّة الدليل بحث عن أحوال الدليل (١).

ثمّ اعلم أنّ أصل وجوب العمل بالأخبار المدوّنة في الكتب المعروفة ممّا اجمع عليه في هذه الأعصار ، بل لا يبعد كونه ضروري المذهب. وإنّما الخلاف في مقامين : أحدهما : كونها مقطوعة الصدور أو غير مقطوعة. فقد ذهب شرذمة من متأخّري الأخباريّين (٢) فيما نسب إليهم إلى كونها قطعيّة الصدور. وهذا قول لا فائدة

______________________________________________________

حجّة والسنّة حجّة ، وهي مختلفة باختلاف أنظار المجتهدين ، فمن قال بحجّية الكتاب مثلا كانت داخلة في جملة مسائلها عنده ، ومن نفاها فلا بدّ أن ينفي كونها منها ، وهكذا في غيرها.

وثانيها : كون مرجع البحث عن حجّية خبر الواحد إلى البحث عن جواز تخصيص الكتاب أو الخبر المتواتر به وعدمه ، وكذلك إلى البحث عن جواز رفع اليد عن الاصول المعتبرة مثل البراءة والاستصحاب والاحتياط في مورده وعدمه. فمرجع البحث عن حجّية خبر الواحد إلى البحث عن أحوال الكتاب والسنّة المتواترة والاصول المعتبرة بعد الفراغ من حجّيتها ، فيدخل بهذا الاعتبار في مسائل علم الاصول.

وثالثها : ما ذكره المصنّف رحمه‌الله ، وهو أحسن الوجوه وأمتنها. وحاصله : أنّ مرجع البحث عن حجّية خبر الواحد إلى البحث عن أحوال السنّة المعلومة الحجّية من جواز إثباتها بخبر الواحد وعدمه ، إذ السنّة هي قول المعصوم أو فعله أو تقريره ، والخبر هو الحاكي لأحدها ، مثل قول الراوي : قال الصادق عليه‌السلام كذا ، إذ قوله «قال» هو الخبر الحاكي ، وقوله «كذا» هي السنّة المحكيّة ، والنسبة بينهما عموم من وجه ، ومادّة الاجتماع حكاية معصوم عن معصوم ، مثل قول الراوي : قال الصادق : قال أبي كذا ، إذ قوله «قال أبي» خبر من حيث كونه حكاية عن معصوم ، وسنّة من حيث كونه قول المعصوم ، ومادّة الافتراق من الجانبين ما عرفته من المثال.

١١

في بيانه والجواب عنه ، إلّا التحرّز عن حصول هذا الوهم لغيرهم كما حصل لهم ؛ وإلّا فمدّعي القطع لا يلزم بذكر ضعف مبنى قطعه. وقد كتبنا في سالف الزمان (٣٨٩) في ردّ هذا القول رسالة تعرّضنا فيها لجميع ما ذكروه ،

______________________________________________________

٣٨٩. لم أقف على هذه الرسالة بعد أن تفحّصت عنها في زمان المصنّف وبعده. ولا بأس بأن نورد شطرا ممّا وقفت على كلماتهم في المقام موضحا لضعفها ، ومبيّنا لفسادها لئلّا تحصل الشبهة للناظر في كتبهم كما حصلت لهم ، فنقول مستمدّا من الملك العلّام وحججه أهل العصمة عليهم‌السلام : إنّ هذه المسألة من أهمّ المسائل الاصوليّة التي قد اختلفت آرائهم فيها ، وقد كثر القيل والقال فيها بين المجتهدين والأخباريّين بما لا تسع هذه التعليقة لذكر عشر معشاره ، لكنّي قد أحببت أن لا تخلو هذه التعليقة من بعض مقالاتهم وإن كانت ضعيفة ، وعن بعض كلماتهم وإن كانت سقيمة ، فإنّ في الاستقصاء تضييعا للمداد والقرطاس.

ولنقدّم أمام الخوض في المقصود جملة من أقوالهم أو أفعالهم التي صدرت عنهم عن تعصّب وعناد ، فنقول : إنّ طائفة من جهّالهم قد تعصّبوا على المجتهدين ، فارتكبوا من الشنائع ما لا يرتكبه الجاهل ، وتحلّوا من القبائح بما لا يرضى به العاقل. ففي منتهى المقال قال : «حكى لي غير واحد ممّن أثق به عن رجل ورع صالح ممّن يدّعي الأخباريّة من أبناء هذا الزمان ، أنّه كان في دار شيخنا يوسف فتناول كتابا لينظر إليه ما هو ، فقيل له قبل أن يفتحه : إنّه كتاب الشرائع ، فطرحه من يده مسرعا كأنّه عقرب لدغته. ثمّ أشار إلى كتاب آخر فقيل : إنّه كتاب المفاتيح ، ففتحه وجعل ينظر فيه. وحكى الأستاذ العلّامة أدام الله أيّامه أنّ أوائل قدومه العراق كان يرى الرجل منهم إذا أراد أن ينظر إلى كتاب من كتب فقهائنا رضوان الله عليهم كان يحمله مع منديل. ونقل أنّه شهد بعض الطلبة عند الشيخ محمّد بن الحرّ العاملي بشهادة فأجازها ، فقال المدّعى عليه وهو من بعض تلامذته : تقبل شهادة هذا ، وأقيم لك الشهود على أنّهم رأوه يطالع في كتاب زبدة الاصول ، فقال : إذن لا نقبله. وهذا أفضل فضلائهم وأصلح صلحائهم شيخنا يوسف يقول

١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

في مقام الردّ على المحقّق الشيخ حسن في تقسيمه الحديث إلى صحر (*) وصحي : الإعراض من كلامه أحرى ، فإنّه ممّا زاد في الطنبور نغمة اخرى ، فشبّه اصول فقه الطائفة بالطنبور. وذكرنا نبذة من مقالاتهم في رسالتنا عقد اللئالي البهيّة في الردّ على الطائفة الغبيّة» انتهى.

والعجب أنّ الشيخ يوسف ـ مع ما عرفت من غلوّه وطغيان قلمه في تشبيه اصول الفقه بالطنبور ـ قد طعن في اللؤلؤة على رئيس الأخباريّين المولى محمّد أمين الأسترآبادي قال : «كان فاضلا محقّقا مدقّقا ماهرا في الاصولين والحديث أخباريّا صلبا ، وهو أوّل من فتح باب الطعن على المجتهدين ، وتقسيم الفرقة الناحية إلى أخباري ومجتهد ، وأكثر في كتابه الفوائد المدنيّة من التشنيع على المجتهدين ، بل ربّما نسبهم إلى تخريب الدين ، وما أحسن وما أجاد ، ولا وافق الصواب والسداد ، لما قد ترتّب على ذلك من عظيم الفساد» انتهى. ويا ليته كان واعظا لنفسه وناظرا في عمله قبل تخطئة صاحبه.

وقال في الفوائد المدنيّة في آخر الفصل الثامن : «وقع تخريب الدين مرّتين : مرّة يوم توفّي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومرّة يوم أجريت القواعد الاصوليّة للعامّة ، والاصطلاحات التي ذكرتها العامّة في الكتب الاصوليّة وفي كتب دراية الحديث في أحكامنا وأحاديثنا» انتهى.

وقال الميرزا محمّد في الرسالة المسمّاة بميزان التمييز في العلم العزيز في جملة كلام له في الردّ على المجتهدين العاملين بالظنون الاجتهاديّة : «مغرور بوسوسة جمهور وفتواى بلا دليل شيخ زنبور وملّا سنطور مباش ، ودليل را از كتاب الله وأمناء الله مى جوى وطريق ايمن از ضلال ثقلين را مى پوى».

أقول : لا أدري ما أجرأه في الاستهزاء والسخريّة على العلماء الذين هم

__________________

(*) كذا في الطبعة الحجريّة. والظاهر أنّهما من الرموز التي استعملها أبو علي الرجالي قدس‌سره في كتباه منتهي المقال للتعبير عن المصطلحات الرجاليّة اختصارا.

١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الحجج بعد الحجج الأطهار عليهم‌السلام على العباد! على ما نطقت به الأخبار وصرّحت به الآثار. ومن عجب العجاب أنّه قد صرّح في تلك الرسالة بأنّ طريقة أعاظم العلماء الإماميّة ورؤسائهم كانت طريقة الأخباريّين ، في انحصار طريق الاستنباط عندهم في الكتاب والسنّة. وقال ما ترجمته : قد نقلنا عبارات مائة نفر منهم تقريبا في الردّ على الاجتهاد في كتابنا منية المرتاد ، ثمّ نقل أسامي ثلاثين نفرا منهم ممّن كان في صدر من تأخّر.

ثمّ قال : وأمّا محقّق چند كه مشهور اجتهاديّت ايشان است ، وحال آنكه در بعضى از تصانيف خود تصريح ببطلان اجتهاد اصطلاحى نموده اند ، واعتراف بطريقه عمل به كتاب وسنّت كرده اند ، پس علّامه حسن بن يوسف بن مطهّر حلّى طاب ثراه صاحب تصانيف كثيرة ، در كتاب منهاج الكرامة كه در آخر عمر خريف خود بعد از تشيّع سلطان محمّد خدابنده كه براى ارشاد او تصنيف نموده ، تصريح به اين مطلب نموده است وعبارت او را در حاشيه دفعا للاستبعاد نقل نموده ام. دويم : شيخ ابو القاسم محقّق حلّى. سيّم : شيخ محمّد بن مكّى معروف به شهيد اوّل در اوّل كتاب ذكرى. چهارم : شيخ زين الدين معروف به شهيد ثانى در رساله اقتصاد بر ردّ اجتهاد. پنجم : خاتمة المجتهدين شيخ بهاء الدين محمّد عاملى ، ولنعم ما قال :

علم نبود علم غير تفسير وحديث

هركه خواهد غير ازين گردد خبيث

ششم : خاتم المحقّقين آقا حسين خوانسارى در اوّل شرح دروس. هفتم : جمال الدين محمّد خوانسارى. وبايد دانست كه اگر كسى را تشكيكى در مختار ايشان باشد ، واين نسبت را كذب وافترا توهم پندارد ، به كتاب منية المرتاد اين خاكسار رجوع كند ، كه در آنجا عبارات تامّة بر مطلب را از هريك ببيان عبارات ايراد نموده ام ، واين رساله چون جهت انتفاع عامّه مواليان است محلّ ايراد عبارات مطوّله عربيّه نيست ، والله على ما نقول شهيد» انتهى.

١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ويخطر ببالي أنّ هذا الرجل الجاهل الذي قد اشتهر فساد اعتقاده في الدين ، وقد قتله العامّة ـ على ما نقل ـ في بلدة كاظمين على ساكنيها صلوات الله ما أشرقت الشمس على الخافقين ، بحكم من السيّد السند والركن المعتمد السيّد محمّد بن صاحب الرياض أستاذ المصنّف قدس‌سره ، قد زعم أنّ طريق الاجتهاد هو استعمال الظنون الاجتهاديّة غير المنتهية إلى القطع أو الكتاب أو السنّة نظير قواعد العامّة. وهذا ممّا لا يمكن نسبته إلى هؤلاء الأجلّاء الأعلام والفضلاء الكرام ، وإلّا فمجرّد تصريحاتهم بالعمل بالكتاب والسنّة أو مع بطلان الاجتهاد على طريقة العامّة لا ينافي طريقة الاجتهاد على طريقتنا. وإن أراد تصريحاتهم بعدم جواز العمل بغير الكتاب والسنّة من الطرق المقرّرة للاستنباط من الاصول والقواعد المقرّرة في الاصول ، فهو مصادم للوجدان أو مناقض للعيان ، لأنّ كتبهم موجودة بأيدينا اليوم ، قد قرّروا فيها الاصول والقواعد ، وتمسّكوا بها في الفروع بحيث لا ينكر.

وأمّا ما نقله عن شيخنا البهائي من البيت الفارسي فهو يحتمل المبالغة في نفي سائر العلوم في جنب علمي التفسير والحديث ، كيف وله قدس‌سره مصنّفات في سائر العلوم ، وزبدته في الاصول قد بلغت في الاشتهار كالشمس في رابعة النهار. ويحتمل أن يكون ذلك لأجل إخفاء مذهبه وكتمان طريقته ، لأنّه كان يعاشر كلّ فرقة وملّة. وقال شيخنا يوسف في اللؤلؤة : وربّما طعن عليه القول بالتصوّف ، لما يتراءى من بعض كلماته وأشعاره. والحقّ في الجواب عن ذلك ما أفاده المحدّث العلّامة السيّد نعمة الله التستري قدس‌سره من أنّ الشيخ المذكور كان يعاشر كلّ فرقة وملّة بمقتضى طريقتهم ودينهم وملّتهم وما هم عليه ، حتّى إنّ بعض علماء العامّة ادّعى أنّه منهم ، قال السيّد المذكور : فأظهرت له كتاب مفتاح الفلاح ، وكان يتعجّب من ذلك ، وذكر جملة من الحكايات المزيد لما ذكره. ثمّ استدلّ بقوله رحمه‌الله تعالى في قصيدته التي في مدح القائم عليه‌السلام وعجل الله فرجه :

وإنّي امرؤ لا يدرك الدهر غايتي

ولا تصل الأيدي إلى سبر أغواري

١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

أخالط أبناء الزمان بمقتضى

عقولهم كيلا يفوهوا بانكاري

وأظهر أنّي مثلهم تستفزّني

صروف الليالي باحتلاء وإمراري

وإذا تحقّق هذا فاعلم أنّ طائفة من الأخباريّين قد ذهبوا إلى كون أخبار الكتب الأربعة ـ بل وغيرها من الكتب المعروفة ـ قطعيّة الصدور عن الحجج الأطهار عليهم‌السلام. وزاد عليها رئيسهم المولى الأمين الأسترآبادي فادّعى كونها قطعيّة الدلالة أيضا ، لأنّه في الفوائد المدنيّة بعد أن ذكر جملة من قرائن الصدور قال : «فإن قلت : بهذه القرائن اندفع احتمال الافتراء ، وبقي احتمال السهو في خصوصيّات بعض الألفاظ. قلت : هذا الاحتمال يندفع تارة بتعاضد الأخبار بعضها مع بعض ، وتارة بتطابق الجواب والسؤال ، وتارة بتناسب أجزاء الحديث وتناسقها. فإن قلت : بقي احتمال آخر لم يندفع ، وهو احتمال إرادة خلاف الظاهر. قلت : من المعلوم أنّ الحكيم في مقام البيان والتفهيم لا يتكلّم بكلام يريد به خلاف ظاهره من غير وجود قرينة صارفة بيّنة ، لا سيّما من اجتمعت فيه نهاية الحكمة مع العصمة» انتهى. بل قد نسب ذلك ـ يعني : كون الأخبار المذكورة قطعيّة السند والدلالة ـ الشيخ عبد علي بن أحمد الدراري البحراني في رسالته المسّماة بإحياء معالم الشريعة إلى جماعة من تبعة الأمين الأسترآبادي. أقول : ومنهم الشيخ الحرّ العاملي في الوسائل.

والكلام معهم يقع في مقامات : أحدها : دعوى القطع بعدم تعمّد رواة هذه الأخبار للكذب في نقلها. وثانيها : دعوى القطع بعدم وقوع الخطأ والسهو منهم في ذلك. وثالثها : دعوى كونها قطعيّة الدلالة على المرادات الواقعيّة منها.

أمّا المقام الأوّل فاعلم أنّ لهم لإثبات ذلك وجوها من القرائن ، قد أنهاها في الوسائل إلى اثنين وعشرين. منها ما ذكره الأمين الأسترآبادي من «أنّا نقطع قطعا عاديا بأنّ جمعا كثيرا من ثقات أصحاب أئمّتنا عليهم‌السلام ـ ومنهم الجماعة الذين أجمعت العصابة على أنّهم لم ينقلوا إلّا الصحيح باصطلاح القدماء ـ صرفوا

١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

أعمارهم في مدّة تزيد على ثلاث مائة سنة في أخذ الأحكام عنهم عليهم‌السلام ، وتأليف ما يسمعونه منهم عليهم‌السلام ، وعرض المؤلّفات عليهم عليهم‌السلام ، ثمّ التابعون لهم تبعوهم في طريقتهم ، واستمرّ هذا المعنى إلى زمن الأئمّة (*) الثلاثة قدس‌سرهم» انتهى.

وهذه القرينة مركّبة من امور : أحدها : حصول القطع بأنّ الثقات من أصحاب الأئمّة لم يتعمّدوا الكذب عليهم عليهم‌السلام. والآخر : حصول القطع بعدم تعمّد الوسائط للكذب. والثالث : إثبات كون جميع الأخبار المودعة في الكتب الأربعة وغيرها من الكتب المعتبرة هي أخبار هؤلاء الثقات.

أمّا الأوّل فيتوقّف الكلام فيه على بيان شطر ممّا يتعلّق بأحوال الثقات من أصحاب الأئمّة عليهم‌السلام ، فنقول : من هؤلاء الثقات أحمد بن محمّد بن عيسى من أصحاب الرضا وأبي جعفر الثاني وأبي الحسن العسكري عليهم‌السلام ، قد توقّف عن الشهادة بسماع النصّ على أبي الحسن الثالث عليه‌السلام. قال أبو الخيراني : فدعوته إلى المباهلة فخاف منها ، فقال : قد سمعت ذلك ، وهي مكرمة كنت أحبّ أن تكون لرجل من العرب ، فأمّا مع المباهلة فلا طريق إلى كتمان الشهادة. وفي تعليقة البهبهاني : ذكر هذه الرواية في الكافي في باب الإشارة والنصّ على أبي الحسن الثالث عليه‌السلام ، وحكي أيضا عن الكشّي وغيره.

وأقول : إنّ هذا الرجل الثقة الذي هو من الجلالة والوثاقة بمرتبة عليا ـ كما ذكروه في الرجال ـ إذ روي في حقّه مثل هذا الأمر المنكر ، فكيف بحال غيره من الثقات؟ ومعه كيف يدّعى القطع بصدقه في جميع ما يرويه في جميع أوقات عمره؟

وعن النجاشي عدم توثيقه ، بل قيل : وفي بعض المواضع ينقل عنه كلاما فربّما يظهر منه تكذيبه ، كما في عليّ بن محمّد بن محمّد بن شيرة.

ومنهم الحسن بن محبوب السرّاد الذي يعدّ من الأركان الأربعة في عصره كما في الفهرست والخلاصة ، وهو من أصحاب الرضا عليه‌السلام. وعن الكشّي : قال

__________________

(*) في هامش الطبعة الحجريّة : «الكليني والصدوق والشيخ. منه».

١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

نصر بن صباح : أحمد بن محمّد بن عيسى لا يروي عن ابن محبوب من أجل أنّ أصحابنا يتّهمون ابن محبوب في روايته عن أبي حمزة ، ثمّ مات أحمد بن محمّد فرجع قبل ما مات.

ومنهم معروف بن خرّبوذ من أصحاب عليّ بن الحسين والباقر عليهما‌السلام ، وهو من أصحاب الإجماع ، وقد ورد فيه من المدح والقدح ما هو مذكور في محلّه. وكذا بريد بن معاوية العجلي وزرارة وليث المرادي ويونس بن عبد الرحمن ، فإنّ هؤلاء مع جلالتهم في الطائفة قد ورد فيهم عنهم عليهم‌السلام مدح وقدح. وأخبار القدح وإن كانت مقدوحة كما ذكر في محلّه ، إلّا أنّها تفتح باب الاحتمال ، سيّما مع كونها مودعة في كتب المشايخ والثقات كالكشّي وأضرابه. وجماعة من أصحاب الإجماع فاسدو العقيدة كابن بكير وغيره.

ومنهم عليّ بن أبي حمزة من أصحاب الصادق والكاظم عليهما‌السلام. وقد صرّح الشيخ في العدّة بعمل الأصحاب بأخباره ، وله أصل ، مع أنّ في رجال الكشّي قال محمد بن مسعود : قال أبو الحسن عليّ بن حسن بن فضّال : عليّ بن أبي حمزة كذّاب متّهم. وفي رجال النجاشي : وهو أحد عمد الواقفيّة. وقيل : إنّه كان عنده ثلاثون ألف دينار للكاظم عليه‌السلام فجحدها ، وكان ذلك سبب وقفه ، إلى غير ذلك ممّا ورد فيه من الذموم.

ومنهم ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى ، وهما من أصحاب أبي الحسن موسى والرضا عليهما‌السلام ، وجلالتهما في الطائفة أوضح من أن يذكر ، وهما من أصحاب الإجماع ، وقد ذكر الشيخ أنّهما لا يرويان إلّا عن ثقة ، مع أنّهما يرويان أصلا لعليّ بن أبي حمزة المتقدّم ذكره ، كما ذكر الشيخ في أصحاب الكاظم.

ومنهم السكوني من أصحاب الصادق عليه‌السلام ، وقيل : عامّي وقد ادّعى الشيخ إجماع الطائفة على العمل برواياته ، مع أنّ الصدوق في الفقيه في باب ميراث المجوسي قال : «لا أفتي بما ينفرد السكوني بروايته».

١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ومنهم غياث بن إبراهيم الذي وثّقه في الخلاصة ورجال النجاشي. ويروي عنه ابن أبي عمير ، وقد عرفت أنّه لا يروي إلّا عن ثقة ، ومال صاحب المدارك وشيخنا البهائي إلى صحّة روايته ، مع أنّه قد نقل عن ربيع الأبرار للزمخشري وجامع الاصول لابن الأثير وشرح الدراية للشهيد الثاني ومجمع البحرين ، أنّه هو الذي وضع حديث الطائر للمهدي ، إلى غير ذلك ممّا يجده المتتبّع في كتب الرجال وغيرها من كتب الأصحاب.

فإذا كان هؤلاء الأجلّاء الثقات فضلا عن غيرهم ورد فيهم ما عرفته من القدح والذمّ ، فكيف يدّعى القطع في كلّ ما يرونه في جميع أوقات أعمارهم؟ سيّما مع ملاحظة اختلاف الناس بحسب الأوقات والأحوال ، فربّما يكون أحد في أوائل عمره من أورع زمانه وفي أواخره من فسّاقهم ، وفي حال الفقر من الصلحاء ، وفي حال الغنى من الأشقياء ، والموثّق ربّما يطّلع على حال ورعه وصلاحه دون فسقه وشقاوته. وكثير من أصحاب الأئمّة عليهم‌السلام إن لم نقل أكثرهم قد اختلفوا في تعديله وجرحه ، وكثير منهم مجروحون ، مع أنّ الجرح والتعديل مبنيّان على الظنون الرجاليّة أو أخبار آحاد ورد فيهما بلا معارض ، أو مع ترجيح أحد المتعارضين بالظنون الاجتهاديّة ، فلم يبق ممّن ثبتت وثاقته على سبيل القطع ، بمعنى حصول العلم الجزمي والاعتقاد القطعي بعدم صدور كذب عنه في جميع مرويّاته وفي جميع أوقاته ، إلّا جماعة قليلة إن لم نقل بعدم وجود مثله ، سيّما مع تمادي الأيّام وانقطاع الأخبار والآثار إلّا على سبيل نقل الآحاد ، وانطماس أكثرها واندراس أغلبها ، لتطاول الأزمان وتمادي أيدي الظلم والعدوان.

وعن البيان والتبيين : حدّثني إبراهيم بن راحة عن ابن أبي عمير ، وكان وجها من وجوه الرافضة وكان حبس في أيّام الرشيد ، فقيل : ليلي القضاء ، وقيل : بل ليدلّ على مواضع الشيعة وأصحاب موسى بن جعفر عليه‌السلام. وروي : أنّه ضرب أسواطا بلغت منه ، وكاد أن يقرّ لعظم الألم ، فسمع محمّد يونس بن عبد الرحمن و

١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

هو يقول : اتّق الله يا محمّد بن أبي عمير ، فصبر ففرّج الله عليه. وقيل : إنّ أخته دفنت كتبه في حال استتارها وكونه في الحبس أربع سنين فهلكت الكتب. وقيل : بل تركتها في غرفة فسال عليها المطر فهلكت ، فحدّث عن حفظه وممّا كان سلف له في أيدي الناس ، ولهذا كان أصحابنا يسكنون إلى مراسيله. وقد صنّف كتبا كثيرة ، ويحتمل أن تكون في تلك الكتب الهالكة روايات كثيرة تدلّ على وثاقة كثير من الرواة أو خلافها ، إذ ليس في العقل ما يمنع ذلك ، إلّا أنّ احتماله يمنع حصول القطع بما ذكرناه. ويتّضح ذلك زيادة على ذلك بما سنشير إليه من أحوال صاحب الاصول وغيرها.

وأمّا الثاني فإنّه مع تسليم حصول القطع بصدق الرواة المعاشرين للأئمّة عليهم‌السلام ، أنّ تتبّع أحوال السلف والخلف يقضي باستمرار عادتهم واستقرار طريقتهم على العمل بأخبار الآحاد ، وأنّ الصحيح عندهم إلى زمان ابن طاوس ما حصل الوثوق بصدوره عن أحد العترة الطاهرة عليهم‌السلام.

ويدلّ على الأوّل ما سيأتي في كلام المصنّف رحمه‌الله من دعوى الشيخ في العدّة ، والسيّد الجليل رضيّ الدين بن طاوس ، والعلّامة في النهاية ، والمحدّث المجلسي في بعض رسائله إجماع الإماميّة على العمل بأخبار الآحاد المجرّدة عن القرائن القطعيّة ، مضافا إلى دعوى جماعة الإجماع على العمل بأخبار جماعة مخصوصين ، إلى غير ذلك ممّا سيأتي مستوفى. وادّعى بعض المحقّقين صراحة كلام الشيخ في ديباجة الاستبصار وظهوره في ديباجة التهذيب في العمل بالأخبار المجرّدة عن القرائن القطعيّة.

وعلى الثاني ما ذكره شيخنا البهائي في محكيّ مشرق الشمسين من أنّ الصحيح عند القدماء ما كان محفوفا بما يوجب ركون النفس إليه. وقال المحدث الجزائري في كشف الأسرار : «الصحيح في العصر الأوّل ما اعتضد بما يوجب الركون إليه ، كوجوده في كثير من الاصول الأربعمائة التي كانت معروفة عندهم ، أو تكرّره في أصل أو أصلين منها فصاعدا بطرق مختلفة وأسانيد معتبرة ، أو وجوده

٢٠