فرائد الأصول - ج ٥

الشيخ مرتضى الأنصاري

فرائد الأصول - ج ٥

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: سماء قلم
الطبعة: ٢
ISBN: 978-964-8536-68-3
ISBN الدورة:
978-964-8536-63-8

الصفحات: ٦٢٤

وممّا ذكرنا يظهر (٢٠٧٣):

______________________________________________________

الشكّ في بقائه ، وقد يكون مع الظنّ به ، وقد يكون مع الظنّ بخلافه ، كما أوضحناه عند شرح قوله : «نظرا إلى أنّ الأحكام العقليّة كلّها مبيّنة ...».

وبالجملة ، إنّ موضوع الحكم العقلي هو علّته التامّة ، كما أوضحناه هنا وهناك. وأمّا موضوع الحكم الواقعي الذي لا يدور مدار العلم والجهل ، فهو كذلك أيضا. وأمّا موضوع الأحكام الفعليّة المتوجّهة إلى المكلّفين ، فهو المذكور في الأدلّة ، وهو أعمّ من موضوع الحكم الواقعي ، فقد يوافقه وقد يتخلّف عنه ، ولا يدور مدار العلم بالحكم ولا الظنّ به ، بل قد يقطع به مع الشكّ في حكمه كما أوضحناه هناك. نعم ، لو بيّن الشارع الحكم الواقعي وموضوعه الواقعي الذي قام به ، لم يصحّ الاستصحاب حينئذ مع الشكّ في بقاء موضوعه ، لعدم صدق بقاء الموضوع حينئذ.

٢٠٧٣. لا يخفى أنّ الحكم إمّا عقليّ محض ، مثل وجوب الإطاعة وجواز العمل بالقطع مطلقا وبالظنّ عند الانسداد ، لعدم صحّة ورود حكم الشارع عليها إلّا من باب الإمضاء والإرشاد ، أو شرعيّ كذلك ، كالأحكام التعبّدية ، أو شرعيّ مستند إلى العقل ، كاستحباب الإحسان وحرمة الظلم ، أو شرعيّ في مورد العقلي ، كعدم التكليف للصغير والمجنون بناء على شمول الأحكام لمثل ذلك ، أو عقليّ محض ، بمعنى كون المكلّف معذورا عند العقل في الفعل أو الترك من دون أن يكون مأمورا بأحدهما عقلا أو شرعا ، كناسي السورة في الصلاة كما سنشير إليه.

ووجه الاستناد في الثالث واضح ، بناء على ما هو الحقّ من الملازمة بين العقل الشرع في الموارد القابلة لورود حكم الشرع عليها.

وأمّا كون الرابع من قبيل ما اجتمع فيه حكمهما من دون استناد حكم الشرع فيه إلى حكم العقل ، فإنّه قد ثبت عقلا وشرعا عدم صحّة تكليف غير المميّز ، ولكن موضوع حكم العقل فيه هو وصف عدم التمييز ، فإذا زال هذا

٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

الوصف وحصل التمييز لا يمنع العقل تكليفه. وأمّا الشرع فلم يظهر كون الموضوع فيه أيضا هو ذلك ، بل كما يحتمل ذلك كذا يحتمل أن يكون شيئا آخر أعمّ من ذلك ، بحيث يبقى مع حصول التمييز أيضا كعدم البلوغ ، بل هو كذلك في الصبيّ غير المميّز ، ولذا لا تتوجّه إليه التكاليف قبل البلوغ وإن حصل له التمييز. ومع عدم ثبوت ذلك لا ريب أنّه محتمل ، وإذا احتمل ذلك فعدم صحّة استصحاب عدم التكليف المستند إلى العقل إلى ما بعد البلوغ لا يستلزم عدم صحّة استصحاب عدمه المستند إلى الشرع ، لأنّ الموضوع في حكم العقل هو عدم التمييز ، وقد زال بالفرض حين البلوغ بل قبله ، والموضوع الواقعي في حكم الشرع غير معلوم ، والثابت في الأدلّة هو رفع القلم عن الصبيّ ، فإذا فرض كون تبدّل حالة الصبا إلى خلافها في نظر أهل العرف من قبيل تبدّل حالات الموضوع لا نفسه ، ارتفع المانع من استصحاب حكم الشرع.

وأمّا عدم جريانه في القسم الأوّل والثالث بل الخامس أيضا يظهر ممّا قدّمناه في الحاشية السابقة وغيرها.

ثمّ إنّ الفرق بين القسم الأوّل والخامس أنّ العقل في أمثلة القسم الأوّل حاكم بالوجوب أو الجواز وإن كان من باب الإرشاد كما هو واضح ، بخلاف الثاني ، لعدم دلالة العقل في ناسي السورة في الصلاة على وجوب باقي الأجزاء ولا على وجوب الجميع من المنسيّ وغيره. أمّا الأوّل فلفرض كون الناسي آتيا بما أتى به بعنوان كونه تمام المأمور به. وأمّا الثاني فلغفلته عن الجزء المنسيّ كما تقدّم في مسألة البراءة. نعم ، غاية ما يدلّ عليه العقل حينئذ كونه معذورا في ترك الجزء المنسيّ لأجل نسيانه.

ومن هنا يظهر أنّ القول بالإجزاء في أمثال المقام من الأعذار العقليّة ـ كما نقله المصنّف رحمه‌الله عن بعضهم كالمحقّق القمّي ـ من فضائح الأقوال وشنايع الآراء ، لفرض عدم الأمر هنا من قبل العقل أو الشرع حتّى يقتضي الإجزاء. وأشنع منه الاستناد فيه إلى استصحاب عدم وجوب الصلاة ، لأنّ موضوع حكم العقل فيه هو النسيان ، وقد فرض ارتفاعه قطعا بالالتفات.

٨٢

أنّ الاستصحاب لا يجري في الأحكام العقلية ، ولا في الأحكام الشرعية المستندة إليها ، سواء كانت وجوديّة أم عدميّة ، إذا كان العدم (٢٠٧٤) مستندا إلى القضيّة العقليّة كعدم وجوب الصلاة مع السورة على ناسيها ، فإنّه لا يجوز استصحابه بعد الالتفات ، كما صدر من بعض من مال إلى الحكم بالإجزاء في هذه الصورة وأمثالها من موارد الأعذار العقليّة الرافعة للتكليف مع قيام مقتضيه. وأمّا إذا لم يكن العدم مستندا إلى القضيّة العقليّة ، بل كان لعدم المقتضي وإن كان القضيّة العقليّة موجودة أيضا ، فلا بأس باستصحاب العدم المطلق بعد ارتفاع القضيّة العقلية.

ومن هذا الباب استصحاب حال العقل ، المراد به في اصطلاحهم استصحاب البراءة والنفي ، فالمراد استصحاب الحال التي يحكم العقل على طبقها وهو عدم التكليف ، لا الحال المستندة إلى العقل ، حتّى يقال إنّ مقتضى ما تقدّم هو عدم جواز استصحاب عدم التكليف عند ارتفاع القضيّة العقلية ، وهي قبح تكليف غير المميّز أو المعدوم.

وممّا ذكرنا ظهر أنّه لا وجه للاعتراض (٢٠٧٥)

______________________________________________________

ومن هنا يظهر أنّا إن قلنا بصحّة الاستصحاب في الأحكام العقليّة مع الشكّ في الموضوع ، كما إذا حكم العقل بقبح الصدق الضارّ وشكّ في إضرار الصدق في مورد ، لا يصحّ القول به هنا ، للقطع بارتفاع الموضوع هنا كما عرفت.

٢٠٧٥. هذا قيد للعدميّة ، وإنّما أتى به مع الاستغناء عنه بقوله «المستندة إليها» إشارة إلى كون حكم الشرع في جميع موارد الأحكام العقليّة الوجوديّة مستندا إلى حكم العقل ، بخلاف العدميّة منها ، إذ قد يكون حكم الشرع فيها مستندا إليه وقد لا يستند ، كما سنشير إلى توضيحه.

٢٠٧٥. ظاهر دفع الاعتراض عن القوم ـ بل صريحه ـ هو عدم وجود مورد من الاستصحابات الوجوديّة ـ ممّا كانت الحالة السابقة فيه ثابتة بالعقل ـ تكون القضيّة الشرعيّة فيه غير مستندة إلى القضيّة العقليّة ، نظير ما ذكره في استصحاب النفي. ولعلّ وجه الفرق كما قيل أنّ عدم توجّه التكليف إلى شخص

٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

لا بدّ وأن يكون لانتفاء مقدّمة من مقدّماته من العقل والعلم والقدرة والالتفات ونحوها ، ولا ريب أنّ انتفاء ذي المقدّمة يستند إلى أوّل ما انتفت من المقدّمات ، لكون عدم كلّ مقدّمة علّة تامّة لعدم ذيها ، وإلّا لم تكن مقدّمة للوجود ، بخلافه في طرف الوجود ، لتوقّف حصوله على حصول جميع المقدّمات التي لها مدخل في حصوله. ولا ريب أنّ من مقدّمات صحّة التكليف ما هو عقليّ ثابت بالعقل كما عرفت ، ومنها ما هو شرعيّ لا يدركه العقل ، ولذا لا يقبّح العقل تكليف الغلام المراهق مع كمال شعوره وعقله ، مع عدم صحّة تكليفه شرعا ، ولا أقلّ من احتمال ذلك ، بمعنى تجويز العقل شرائط شرعيّة للتكليف لا يدركها هو.

وإذا حكم العقل بعدم صحّة التكليف في بعض الموارد ، لانتفاء بعض مقدّماته العقليّة ، وحكم الشرع أيضا على طبقه ، فكما يحتمل أن يكون حكم الشرع مستندا إلى انتفاء ما أدرك العقل انتفائه من المقدّمات ، حتّى لا يصح انسحاب عدم التكليف إلى حالة تحقّق هذه المقدّمة المفقودة ، كذا يحتمل أن يكون مستندا إلى انتفاء بعض المقدّمات الشرعيّة التي لا يدركها العقل ، بأن كان انتفاء هذه المقدّمة سابقا على انتفاء المقدّمة العقليّة التي أدرك العقل انتفائها ، لما عرفت من أنّ السابق من المقدّمات المفقودة هي العلّة التامّة لانتفاء التكليف. وحينئذ يصحّ استصحاب عدم التكليف مع تغيّر القضيّة العقليّة ، بخلافه في طرف الوجود ، لأنّ حكم العقل بشيء موقوف على إدراكه وجود جميع المقدّمات التي لها مدخل في الوجود. وإذا حكم الشرع على طبقه ، فإن كان حكم الشرع أيضا مستندا إلى ما كان حكم العقل مستندا إليه ، لم يصحّ الاستصحاب كما عرفته في الحاشية السابقة. وإن كان مستندا إلى غيره ، فإن كان كلّ ممّا استند إليه العقل والشرع علّة لوجود الحكم لزم اجتماع علّتين على معلول واحد. وإن كان أحدهما علّة دون الآخر ، لزم إمّا خطأ العقل أو الشرع ، وكلاهما خلاف المفروض ، فلا بدّ أن يكون مستند حكم الشرع هو مستند حكم العقل لا محالة.

٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وربّما يورد عليه بأنّ علل الوجود أيضا كعلل العدم قد تتعدّد ، وغاية الأمر عدم تأثير اللاحق منها مع سبق إحداها ، نظير ما عرفته في علل العدم ، كما إذا قال : إن جاءك زيد فأكرمه ، وإن أضافك فأكرمه ، فإنّ كلّ واحد من المجيء والإضافة علّة لوجوب الإكرام ، فمع تحقّق أحدهما خاصّة يكون هي العلّة في الوجود ، ومع تحقّقهما فالسابق منهما ، ومع اقترانهما يشتركان في العليّة ، لا بمعنى استقلال كلّ منهما فيها ، لامتناع اجتماع علّتين على معلول واحد ، بل بمعنى اشتراكهما في التأثير في الوجود.

وحينئذ نقول : إنّ العقل والشرع إذا حكما بوجوب فعل أو حرمته مع عدم العلم بمناط حكم الشرع ، يحتمل أن يكون مناط حكم الشرع ـ مضافا إلى مناط حكم العقل ـ شيئا آخر لا يرتفع بارتفاع مناط حكم العقل ، بحيث يستقلّ لإثبات الحكم مع ارتفاع مناط حكم العقل ، وإن اشتركا في التأثير مع وجودهما ، كما إذا فرض حكم العقل بقبح شرب الخمر بعنوان كونه مسكرا ، وكان مناط حكم الشرع بحرمته في الواقع ـ مضافا إلى مناط حكم العقل ـ شيئا آخر كالإضرار ، فإذا ارتفع مناط حكم العقل صحّ استصحاب حكم الشرع لا محالة.

ثمّ إنّ المعترض هو صاحب الفصول ، حيث قال : «المراد باستصحاب حال العقل كلّ حكم ثبت بالعقل ، سواء كان تكليفيّا ، كالبراءة حال الصّغر ، وإباحة الأشياء الخالية عن أمارة المفسدة قبل الشرع ، وكتحريم التصرّف في مال الغير ، ووجوب ردّ الوديعة إذا عرض هناك ما يحتمل زواله ، كالاضطرار والخوف في المثالين الأخيرين ، أو كان وضعيّا ، سواء تعلّق الاستصحاب بإثباته ، كشرطيّة العلم لثبوت التكليف إذا عرض ما يوجب الشكّ في بقائها مطلقا أو في خصوص مورد ، أو بنفيه كعدم الزوجيّة وعدم الملكيّة الثابتين قبل تحقّق موضوعهما. وتخصيص جمع من الاصوليّين لهذا القسم بالمثال الأوّل ممّا لا وجه له» انتهى.

ووجه اندفاع الاعتراض ، أمّا اوّلا : فبما أشار إليه المصنّف رحمه‌الله. وحاصله : أنّ

٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

مراد القوم بتخصيص استصحاب حال العقل باستصحاب النفي والبراءة ليس من جهة التفصيل في استصحاب الأحكام العقليّة ، بتسليمه في استصحاب النفي ومنعه في استصحاب الوجود ، كيف وقد عرفت عدم جريانه في استصحاب الأحكام الشرعيّة المستندة إلى العقليّة مطلقا ، سواء كانت وجوديّة أم عدميّة ، بل مرادهم التفصيل في موارد اجتماع الحكم العقلي والشرعي ـ من دون استناد الثاني إلى الأوّل ، كما عرفته في الحواشي السابقة ـ بين الوجودي والعدمي ، بدعوى عدم تحقّق ذلك في الوجودي ، كما عرفته في الحاشية السّابقة.

وأمّا ما ذكره من الأمثلة ما عدا مثال أصالة البراءة والإباحة فغير منافية لذلك ، لعدم جريان الاستصحاب في بعضها ، وعدم مدخليّة بعض آخر فيما نحن فيه. أمّا مثال حرمة التصرّف في مال الغير ووجوب ردّ الوديعة مع عروض ما يشكّ معه في بقائهما كالاضطرار والخوف ، ففيه : أنّ حكم العقل بحرمة التصرّف ووجوب الردّ إن كان مطلقا ولو مع فرض الخوف والاضطرار ، فلا معنى لفرض الشكّ في البقاء حينئذ. ودعوى جريان الاستصحاب فيهما ، لفرض بقاء حكم العقل حينئذ في الزمان الثاني كالأوّل ، وإن كان مختصّا بموارد عدم الخوف والاضطرار ، بأن كان موضوع حكم العقل مقيّدا بعدمهما ، فلا معنى للاستصحاب حينئذ أيضا ، لفرض اختصاص موضوع حكم العقل بصورة عدم الخوف والضرر. وإن كان موضوعه مهملا من حيث التقييد بعدمهما ، فقد تقدّم سابقا عدم إمكان فرض الإهمال والإجمال في موضوع الحكم العقلي.

ومنه يظهر الحال في مثال شرطيّة العلم إذا عرض ما يوجب الشكّ في شرطيّته ، كما إذا صار المكلّف سببا في انسداد باب العلم ، لأنّ العقل إن كان حاكما بشرطيّة العلم مطلقا ، سواء كان تفصيليّا أم إجماليّا ، وسواء تسبّب المكلّف للانسداد أم لا ، فلا وجه للاستصحاب. وإن كان حاكما بشرطيّته مع كونه تفصيليّا مع عدم تسبّب المكلّف للانسداد فكذلك أيضا. وإن كان موضوع

٨٦

على القوم في تخصيص استصحاب حال العقل باستصحاب النفي والبراءة بأنّ الثابت بالعقل قد يكون عدميّا وقد يكون وجوديّا ، فلا وجه للتخصيص ؛ وذلك لما عرفت من أنّ الحال المستند إلى العقل المنوط بالقضيّة العقليّة لا يجري فيه الاستصحاب وجوديّا كان أو عدميّا ، وما ذكره من الأمثلة يظهر الحال فيها ممّا تقدّم.

الثالث : انّ دليل المستصحب إمّا أن يدلّ (٢٠٧٦) على استمرار الحكم إلى حصول رافع أو غاية وإمّا أن لا يدلّ. وقد فصّل بين هذين القسمين المحقق في المعارج والمحقق الخوانساري في شرح الدروس ، فأنكرا الحجيّة في الثاني واعترفا بها في الأوّل ، مطلقا كما يظهر من المعارج ، أو بشرط كون الشكّ في وجود الغاية كما يأتي من شارح الدروس.

______________________________________________________

حكمه مهملا فقد عرفت عدم تعقّله.

وأمّا مثال عدم الزوجيّة والملكيّة فلا دخل له في حكم العقل ، لكونهما من قبيل الموضوعات الخارجة التي لا دخل لها في الأحكام العقليّة ، لأنّ عدمهما عند عدم موضوعهما ثابت بالوجدان دون العقل. وقد تعرّض المصنّف رحمه‌الله لكلام المعترض في التنبيه الثالث ، ولحال الأمثلة التي ذكرها ، فانتظره. وأمّا ثانيا : مع تسليم صحّة استصحاب الأحكام العقليّة ، فبأن تفسير القوم لاستصحاب حال العقل بالبراءة الأصليّة في مقابل استصحاب حال الشرع ، إنّما هو من جهة أنّ الثابت بالبراءة الأصليّة هو نفي الحكم الشرعيّ ، وهو ليس من الأحكام الشرعيّة ، ففسّروا استصحاب حال العقل بها لأجل إدراج الاستصحابات الوجوديّة العقليّة في استصحاب حال الشرع ، لكون العقل من أدلّة الشرع.

٢٠٧٦. المراد بالرافع ما كان له تأثير في رفع الحكم الثابت بحيث لولاه كان مستمرّا ، كالحدث الرافع للطهارة والطلاق لعلاقة الزوجيّة ، وبالغاية ما كان كاشفا عن انتهاء استعداد الحكم السابق وانقضائه ، بحيث لولاه لم يكن ثابتا ، كالليل الذي جعل غاية لوجوب صوم النهار ، فإنّ النهار ينتهي بوصول آخره ، ودخول الليل يكشف عن انتهائه. وسنشير إلى الفرق بين الرافع والمانع. وقد

٨٧

وتخيّل بعضهم (٢٠٧٧) تبعا لصاحب المعالم أنّ قول المحقق قدس‌سره موافق للمنكرين ، لأنّ محلّ النزاع ما لم يكن الدليل مقتضيا للحكم في الآن اللاحق لو لا الشكّ في الرافع. وهو غير بعيد بالنظر إلى كلام السيّد والشيخ وابن زهرة وغيرهم ؛ حيث إنّ المفروض في كلامهم هو كون دليل الحكم في الزمان الأوّل قضيّة مهملة ساكتة عن حكم الزمان الثاني ولو مع فرض عدم الرافع ، إلّا أنّ الذي يقتضيه التدبّر في بعض كلماتهم ـ مثل إنكار السيّد لاستصحاب البلد المبنيّ على ساحل البحر مع كون الشكّ فيه نظير الشكّ في وجود الرافع للحكم الشرعي ، وغير ذلك ممّا يظهر للمتأمّل ، ويقتضيه الجمع بين كلماتهم وبين ما يظهر من بعض استدلال المثبتين (٢٠٧٨) والنافين ـ : هو عموم النزاع لما ذكره المحقّق ، فما ذكره في المعارج أخيرا ليس رجوعا عمّا ذكره اوّلا (٢٠٧٩) ، بل لعلّه بيان لمورد تلك الأدلّة التي ذكرها لاعتبار الاستصحاب ، وأنّها لا تقتضي اعتبارا أزيد من مورد يكون الدليل فيه مقتضيا للحكم مطلقا ويشكّ في رافعه.

______________________________________________________

أشرنا أيضا في أوّل هذا الأمر إلى أقسام الشكّ في الرافع ، ويظهر منه أقسام الشكّ في الغاية أيضا فراجع.

٢٠٧٧. قد تقدّم ذلك عن محمّد بن علي بن أحمد الحرفوشي في شرح قواعد الشهيد ، وسيحكيه المصنّف رحمه‌الله أيضا عن الفاضل الجواد في شرح الزبدة.

٢٠٧٨. مثل أنّ المقتضي للحكم الأوّل موجود ، والعارض لا يصلح أن يكون دافعا. واستدلال النافين ، مثل قولهم : إنّ الاستصحاب لو كان حجّة لكانت بيّنة النفي أولى ، لاعتضادها بالاستصحاب ، بناء على كون الشكّ في ارتفاع الأعدام من قبيل الشكّ في الرافع ، نظرا إلى استغنائها في البقاء عن المؤثّر. ولعلّه سيجيء الكلام في ذلك.

٢٠٧٩. فيه اعتراض على صاحب المعالم والفاضل الجواد ، لأنّ المحقّق بعد اختياره في أوّل كلامه قول المفيد رحمه‌الله ـ أعني : القول باعتبار الاستصحاب مطلقا ـ قد خصّ الحجّة منه في آخر كلامه بما كان الشكّ فيه في وجود الرافع ، وقال :

٨٨

وأمّا باعتبار الشكّ في البقاء ، فمن وجوه أيضا ، أحدها : من جهة أنّ الشكّ قد ينشأ من اشتباه الأمر الخارجي ـ مثل الشكّ في حدوث البول أو كون الحادث بولا أو وذيا ـ ويسمّى بالشبهة في الموضوع ، سواء كان المستصحب حكما شرعيّا جزئيّا كالطهارة في المثالين ، أم موضوعا كالرطوبة والكريّة ونقل اللفظ عن معناه الأصلي ، وشبه ذلك. وقد ينشأ من اشتباه الحكم الشرعي الصادر من الشارع ، كالشكّ في بقاء نجاسة المتغيّر بعد زوال تغيّره ، وطهارة المكلّف بعد حدوث المذي منه ونحو ذلك.

والظاهر دخول القسمين في محلّ النزاع (٢٠٨٠) ، كما يظهر من كلام المنكرين ؛ حيث ينكرون استصحاب حياة زيد بعد غيبته عن النظر ، والبلد المبنيّ على ساحل البحر ، ومن كلام المثبتين حيث يستدلّون بتوقّف نظام معاش الناس ومعادهم على الاستصحاب.

ويحكى عن الأخباريّين اختصاص الخلاف بالثاني ، وهو الذي صرّح به المحدّث البحراني ، ويظهر من كلام المحدّث الأسترآبادي حيث قال في فوائده :

اعلم أنّ للاستصحاب صورتين معتبرتين باتّفاق الامّة ، بل أقول اعتبارهما من ضروريّات الدين. إحداهما : أنّ الصحابة وغيرهم كانوا يستصحبون ما جاء به نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أن يجئ ناسخه. الثانية : أنّا نستصحب كلّ أمر من الامور الشرعيّة (٢٠٨١) ـ مثل : كون

______________________________________________________

«فإن كان الخصم يعني بالاستصحاب ما أشرنا إليه ، فليس هذا عملا بغير دليل ، وإن كان يعني أمرا وراء هذا فنحن مضربون عنه» انتهى. قال صاحب المعالم والفاضل الجواد بأنّ ما ذكره المحقّق أخيرا راجع إلى قول السيّد المرتضى المنكر للاستصحاب. وسيشير المصنّف رحمه‌الله إلى كلامهم عند التعرّض لبيان مختاره.

٢٠٨٠. بمعنى عدم اختصاصه بالقسم الثاني ، لأنّ المثالين المذكورين في كلام المنكرين من قبيل الشبهة في الموضوع. وكذا الاستدلال المذكور إنّما يتمّ فيها دون الشبهات الحكميّة.

٢٠٨١. يعني : استصحاب أمر شرعيّ أو ما يترتّب عليه أمر شرعيّ ، كاستصحاب الليل والنهار. ففي العبارة نوع مسامحة.

٨٩

الرجل مالك أرض ، وكونه زوج امرأة ، وكونه عبد رجل ، وكونه على وضوء ، وكون الثوب طاهرا أو نجسا ، وكون الليل أو النهار باقيا ، وكون ذمّة الإنسان مشغولة بصلاة أو طواف ـ إلى أن يقطع بوجود شىء جعله الشارع سببا لنقض تلك الامور. ثمّ ذلك الشيء قد يكون شهادة العدلين ، وقد يكون قول الحجّام المسلم أو من في حكمه ، وقد يكون قول القصّار ومن في حكمه ، وقد يكون بيع ما يحتاج إلى الذبح والغسل في سوق المسلمين ، وأشباه ذلك من الامور الحسيّة (١٦) ، انتهى. ولو لا تمثيله باستصحاب الليل والنهار لاحتمل أن يكون معقد إجماعه الشكّ من حيث (٢٠٨٢) المانع وجودا أو منعا ، إلّا أنّ الجامع بين جميع أمثلة الصورة الثانية ليس إلّا الشبهة الموضوعيّة ، فكأنّه استثنى من محل الخلاف صورة واحدة من الشبهة الحكمية ـ أعني الشكّ في النسخ ـ وجميع صور الشبهة الموضوعية.

وأصرح من العبارة المذكورة في اختصاص محلّ الخلاف بالشبهة الحكميّة ما حكي عنه في الفوائد أنّه قال ـ في جملة كلام له ـ : إنّ صور الاستصحاب المختلف فيه راجعة إلى أنّه إذا ثبت حكم بخطاب شرعيّ (٢٠٨٣) في موضوع في حال من حالاته نجريه في ذلك الموضوع عند زوال الحالة القديمة وحدوث نقيضها فيه. ومن المعلوم أنّه إذا تبدّل قيد موضوع المسألة بنقيض ذلك القيد اختلف موضوع المسألتين ، فالذي سمّوه استصحابا راجع في الحقيقة إلى إسراء حكم لموضوع إلى موضوع آخر متّحد معه بالذات مختلف بالقيد والصفات ، انتهى.

الثاني : من حيث إنّ الشكّ بالمعنى الأعم الذي هو المأخوذ في تعريف الاستصحاب : قد يكون مع تساوي الطرفين وقد يكون مع رجحان البقاء أو الارتفاع ، لا إشكال في دخول الأوّلين في محلّ النزاع ، وأمّا الثالث فقد يتراءى من بعض كلماتهم عدم وقوع الخلاف فيه.

______________________________________________________

٢٠٨٢. مع كون منشأ الشبهة اشتباه الامور الخارجة.

٢٠٨٣. كالنجاسة في الماء في حال تغيّره ، فتستصحب إلى حال زواله. وكلامه هذا صريح في اختصاص النزاع بالشبهات الحكميّة.

٩٠

قال شارح المختصر : معنى استصحاب الحال أنّ الحكم الفلاني قد كان ولم يظنّ عدمه ، وكلّ ما كان كذلك فهو مظنون البقاء ، وقد اختلف في صحّة حجّية الاستدلال به لإفادته الظنّ ، وعدمها لعدم إفادته (١٧) ، انتهى.

والتحقيق : أنّ محلّ الخلاف إن كان في اعتبار الاستصحاب من باب التعبّد والطريق الظاهري ، عمّ صورة الظنّ الغير المعتبر بالخلاف. وإن كان من باب إفادة الظن ـ كما صرّح به شارح المختصر ـ فإن كان من باب الظنّ الشخصي كما يظهر من كلمات بعضهم ـ كشيخنا البهائي في الحبل المتين وبعض من تأخّر عنه ـ كان محلّ الخلاف في غير صورة الظنّ بالخلاف (٢٠٨٤) ؛ إذ مع وجوده لا يعقل ظنّ البقاء ، وإن كان من باب إفادة نوعه الظنّ لو خلّي وطبعه ـ وإن عرض لبعض أفراده ما يسقطه عن إفادة الظنّ ـ عمّ الخلاف صورة الظنّ بالخلاف أيضا. ويمكن أن يحمل كلام العضدي على إرادة أنّ الاستصحاب من شأنه بالنوع أن يفيد الظنّ عند فرض عدم الظنّ بالخلاف ، وسيجىء زيادة توضيح لذلك إن شاء الله.

الثالث : من حيث إنّ الشكّ (٢٠٨٥) في بقاء المستصحب قد يكون من جهة المقتضي ، والمراد به الشكّ من حيث استعداده وقابليّته في ذاته للبقاء ، كالشكّ في

______________________________________________________

٢٠٨٤. أمّا صورة الشكّ ـ بمعنى تساوي الطرفين ـ فلأنّ الشكّ في البقاء مع قطع النظر عن الحالة السابقة المتيقّنة لا ينافي حصول الظنّ به مع ملاحظتها ، بخلاف الظنّ بالخلاف ، كما يشهد بكلا الأمرين قول شارح المختصر : «إنّ الحكم الفلاني قد كان ولم يظنّ عدمه ، وكلّ ما كان كذلك فهو مظنون البقاء» لأنّ قوله «ولم يظنّ عدمه» يعمّ تساوي الطرفين والظنّ بالبقاء ، دون الظنّ بالخلاف.

٢٠٨٥. لا يخفى أنّ الشكّ في الغاية على أقسامه ـ على هذا الوجه الثالث ـ خارج من محلّ النزاع ، بناء على خروج الشكّ في المقتضي منه ، بمعنى عدم خلافهم في عدم حجّية الاستصحاب فيه ، لكونه من قبيله. وكذا على الوجه الثالث من وجوه التقسيم الثاني خارج من محلّ النزاع ، لكنّه مبنيّ على عدم خلافهم في حجيّة الاستصحاب عند الشكّ في الغاية ، وكذا الرافع على ما تقدّم هناك ، لأنّ مبنى التقسيم

٩١

بقاء الليل والنهار وخيار الغبن (٢٠٨٦) بعد الزمان الأوّل ، وقد يكون من جهة طروّ الرافع مع القطع باستعداده للبقاء.

وهذا على أقسام (٢٠٨٧) : لأنّ الشكّ إمّا في وجود الرافع كالشكّ في حدوث البول ، وإمّا أن يكون في رافعيّة الموجود ؛ إمّا لعدم تعيّن المستصحب وتردّده بين ما يكون الموجود رافعا وبين ما لا يكون ، كفعل الظهر المشكوك كونه رافعا لشغل الذمّة بالصلاة المكلّف بها قبل العصر يوم الجمعة من جهة تردّده بين الظهر والجمعة ، وإمّا للجهل بصفة الموجود من كونه رافعا كالمذي ، أو مصداقا لرافع معلوم المفهوم كالرطوبة المردّدة بين البول والوذي ، أو مجهول المفهوم.

ولا إشكال في كون ما عدا الشكّ في وجود الرافع محلا للخلاف ، وإن كان ظاهر استدلال بعض المثبتين : بأنّ المقتضي للحكم الأوّل موجود ... إلى آخره ، يوهم الخلاف (٢٠٨٨). وأمّا هو فالظاهر أيضا وقوع الخلاف فيه ؛ كما يظهر من إنكار

______________________________________________________

هناك على دلالة الدليل على استمرار الحكم وعدمها ، مع قطع النظر عن كون الشكّ في بقائه من قبيل الشكّ في الرافع أو المقتضي ، وهنا على كون الشكّ من أحد القبيلين ، مع قطع النظر عن دلالة الدليل على الاستمرار وعدمها ، فتدبّر.

٢٠٨٦. الوجه في كونه من قبيل الشكّ في المقتضي أنّ تشريع خيار الغبن إنّما هو لدفع ضرر المغبون ، ولكن لم يعلم كون ذلك حكمة فيه ، ليبقى إلى ما بعد الزمان الأوّل من علم المغبون بالغبن ، أو علّة له لينتفي فيه.

٢٠٨٧. تقدّمت إليها الإشارة في أوّل هذا الأمر. ثمّ إنّ الفرق بين الرافع والمانع بعد اشتراكهما في كونهما جزءا من العلّة التامّة : أنّ الأوّل يلاحظ بالنسبة إلى الوجود الثانوي ، بمعنى تأثيره في المنع من الوجود في الزمان الثاني ، والثاني يلاحظ بالنسبة إلى الوجود الاولي ، لأنّ الرفع إنّما يطلق بعد تحقّق الوجود ، والمانع يطلق على ما زاحم الحدوث ، أو على الأعمّ من ذلك. ولكنّ المراد بهما في مورد الاستصحاب هو معنى الرفع كما لا يخفى.

٢٠٨٨. يعني : خلاف ما ذكرناه ، لإيهامه خروج الشكّ في المقتضي من محلّ النزاع ، بمعنى اتّفاقهم على عدم الحجّية فيه.

٩٢

السيّد قدس‌سره للاستصحاب في البلد المبنيّ على ساحل البحر ، وزيد الغائب عن النظر ، وأنّ الاستصحاب لو كان حجّة لكان بيّنة النافي أولى (٢٠٨٩) ؛ لاعتضادها بالاستصحاب.

وكيف كان ، فقد يفصّل بين كون الشكّ من جهة المقتضي وبين كونه من جهة الرافع ، فينكر الاستصحاب في الأوّل. وقد يفصّل في الرافع بين الشكّ في وجوده والشكّ في رافعيّته ، فينكر الثاني مطلقا ، أو إذا لم يكن الشكّ في المصداق الخارجي.

هذه جملة ما حضرني من كلمات الأصحاب. والمتحصّل منها في بادئ النظر أحد عشر قولا : الأوّل (٢٠٩٠) : القول بالحجّية مطلقا. الثاني (٢٠٩١) : عدمها مطلقا.

الثالث (٢٠٩٢) : التفصيل بين العدميّ والوجوديّ. الرابع (٢٠٩٣) : التفصيل بين الامور الخارجيّة وبين الحكم الشرعي مطلقا ، فلا يعتبر في الأوّل. الخامس (٢٠٩٤) : التفصيل بين الحكم الشرعيّ الكلّي وغيره ، فلا يعتبر في الأوّل إلّا في عدم النسخ. السادس (٢٠٩٥):

______________________________________________________

٢٠٨٩. هذا بناء على ما أشرنا إليه سابقا من كون الشكّ في ارتفاع العدم من قبيل الشكّ في الرافع.

٢٠٩٠. عزاه الشهيد الثاني إلى أكثر المحقّقين ، بل لعلّه المشهور عند الفقهاء ، يظهر بالتّتبّع في الفقه ، وهو المختار.

٢٠٩١. نسبه التوني إلى المشهور ، ولكنّه ـ كما قيل ـ عدل عن هذه الدعوى بعد صفحتين ، ونسب الأوّل إليهم. نعم ، ذهب إليه السيّدان وصاحبا المدارك والمعالم ، وفهمه الأخير من المحقّق ، كما نبّه عليه المصنّف رحمه‌الله سابقا والشيخ إن قلنا بكون الوقف قولا بالمنع ، لأنّه بعد أن نقل فيه قولين للعامّة ونقل أحدهما عن شيخه ابن عبد الله والآخر عن المرتضى ، قال : ولي فيه نظر.

٢٠٩٢. نسبه شارح الشرح ـ كما تقدّم سابقا ـ إلى الحنفيّة.

٢٠٩٣. حكاه الخونساري عن بعضهم. وقد أنكر المصنّف رحمه‌الله عند التعرّض لأدلّة الأقوال وجود قائل بهذا التفصيل.

٢٠٩٤. اختاره الأخباريّون.

٢٠٩٥. حكاه المصنف رحمه‌الله سابقا عن المحقّق الخونساري في حاشية له على كلام

٩٣

التفصيل بين الحكم الجزئي وغيره ، فلا يعتبر في غير الأوّل ، وهذا هو الذي تقدّم أنّه ربما يستظهر من كلام المحقق الخوانساري في حاشية شرح الدروس على ما حكاه السيّد في شرح الوافية. السابع (٢٠٩٦) : التفصيل بين الأحكام الوضعيّة ـ يعني نفس الأسباب والشروط والموانع ـ والأحكام التكليفيّة التابعة لها ، وبين غيرها من الأحكام الشرعيّة ، فيجري في الأوّل دون الثاني. الثامن (٢٠٩٧) : التفصيل بين ما ثبت بالإجماع وغيره ، فلا يعتبر في الأوّل. التاسع (٢٠٩٨) : التفصيل بين كون المستصحب ممّا ثبت بدليله أو من الخارج استمراره فشكّ في الغاية الرافعة له وبين غيره ، فيعتبر في الأوّل دون الثاني ، كما هو ظاهر المعارج. العاشر : هذا التفصيل مع اختصاص الشكّ بوجود الغاية (٢٠٩٩) ،

______________________________________________________

الشهيد. وفيه نظر ، لأنّ المستفاد منها التفصيل بين الامور الخارجة وغيرها ، سواء كان حكما جزئيّا أم كلّيا ، بالقول باعتباره في الثاني دون الأوّل ، كما صرّح به عند التعرّض لأدلّة الأقوال.

٢٠٩٦. حكاه المصنّف رحمه‌الله عن الفاضل التوني ، وحكي أيضا عن الغزالي وفقه المعالم. وحكى في الفصول قولا بالتفصيل بين الوضعيّ والطلبي ، ولعلّه أراد به قول الفاضل المذكور ، كما يظهر من استدلاله عليه. ولكن تعبير المصنّف بالتفصيل بين الوضعيّ بالمعنى الذي ذكره وغيره أولى ، إذ على ما ذكره تكون الإباحة واسطة بينهما ، ولكنّ الظاهر أنّ مراده بالطلبي ما يشملها أيضا.

٢٠٩٧. حكاه جماعة عن الغزالي. وسيشير المصنّف رحمه‌الله عند نقل أدلّة الأقوال إلى ضعف النسبة. وقد أشرنا سابقا أيضا إلى أنّ الظاهر أنّ مرادهم باستصحاب حال الإجماع هو استصحاب حال الشرع ، سواء كان المستصحب ثابتا بالإجماع أم بغيره من الأدلّة الشرعيّة.

٢٠٩٨. اختاره المصنّف رحمه‌الله وصاحب الفصول في الجملة ، كما سنشير إليه عند بيان أدلّة الأقوال.

٢٠٩٩. دون الأقسام الأربعة الأخر للرافعيّة ، كما ذكره المصنّف رحمه‌الله آنفا ،

٩٤

كما هو الظاهر من المحقق السبزواري فيما سيجيء من كلامه. الحادي عشر : زيادة الشكّ (٢١٠٠) في مصداق الغاية من جهة الاشتباه المصداقيّ دون المفهوميّ ، كما هو ظاهر ما سيجىء من المحقّق الخوانساري.

ثمّ إنّه لو بني على ملاحظة ظواهر كلمات من تعرّض لهذه المسألة في الاصول والفروع ، لزادت الأقوال (٢١٠١) على العدد المذكور بكثير ، بل يحصل لعالم واحد قولان أو أزيد في المسألة ، إلّا أنّ صرف الوقت في هذا ممّا لا ينبغي.

والأقوى : هو القول التاسع ، وهو الذي اختاره المحقّق (٢١٠٢) ، فإنّ المحكيّ عنه في المعارج (٢١٠٣) أنّه قال : إذا ثبت حكم في وقت ، ثمّ جاء وقت آخر ولم يقم دليل على انتفاء ذلك الحكم ، هل يحكم ببقائه على ما كان ، ما لم يقم دلالة على نفيه؟ أم يفتقر الحكم به في الوقت الثاني إلى دلالة؟

حكي عن المفيد قدس‌سره : أنّه يحكم ببقائه ، وهو المختار. وقال المرتضى قدس‌سره : لا يحكم. ثمّ مثّل بالمتيمّم الواجد للماء في أثناء الصلاة ، ثمّ احتجّ للحجّية بوجوه ، منها : أنّ المقتضي للحكم الأوّل موجود ، ثمّ ذكر أدلّة المانعين وأجاب عنها.

______________________________________________________

فلا يعتبر فيها أيضا على هذا القول ، بخلافه على القول التاسع ، فإنّه بناء عليه يعتبر في جميع الأقسام الخمسة.

٢١٠٠. يعني : زيادة الشكّ في المصداق على الشكّ في الوجود ، فيعتبر على هذا القول في قسمين من الأقسام الخمسة للرافع.

٢١٠١. قيل : تبلغ الأقوال في المسألة نيّفا وخمسين. ونعم ما صنع المصنّف رحمه‌الله من ترك التعرّض لها ، لعدم ترتّب كثير فائدة عليه ، بل لا يترتّب على إطالة الكلام في أمثال المقام إلّا تضييع المداد والقرطاس.

٢١٠٢. لا يخفى أنّ في استفادة القول التاسع ممّا نقله المصنّف رحمه‌الله عن المعارج إشكالا قد اعترف به عند نقل أدلّة الأقوال ، ونستوفي الكلام فيما يتعلّق بالمقام هناك ، فانتظره.

٢١٠٣. الظرف الثاني مستقرّ حال من الموصول ، وليس بمتعلّق بالحكاية ، و

٩٥

ثمّ قال : والذي نختاره : أن ننظر في دليل ذلك الحكم ، فإن كان يقتضيه مطلقا وجب الحكم باستمرار الحكم ، ك : " عقد النكاح" ، فإنّه يوجب حلّ الوطء مطلقا ، فإذا وقع الخلاف في الألفاظ التي يقع بها الطلاق ، فالمستدلّ على أنّ الطلاق لا يقع بها لو قال : " حلّ الوطء ثابت قبل النطق بهذه الألفاظ ، فكذا بعده" كان صحيحا ؛ لأنّ المقتضي للتحليل وهو العقد اقتضاه مطلقا ، ولا يعلم أنّ الألفاظ المذكورة رافعة لذلك الاقتضاء ، فيثبت الحكم عملا بالمقتضي. لا يقال : إنّ المقتضي هو العقد ، ولم يثبت أنّه باق. لأنّا نقول : وقوع العقد اقتضى حلّ الوطء لا مقيّدا بوقت ، فيلزم دوام الحلّ نظرا إلى وقوع المقتضي ، لا إلى دوامه (٢١٠٤) ، فيجب أن يثبت الحلّ حتّى يثبت الرافع. ثمّ قال : فإن كان الخصم يعني بالاستصحاب ما أشرنا إليه فليس هذا عملا بغير دليل ، وإن كان يعني أمرا آخر وراء هذا فنحن مضربون عنه (١٨) ، انتهى.

ويظهر من صاحب المعالم اختياره ؛ حيث جعل هذا القول من المحقّق نفيا لحجّية الاستصحاب ، فيظهر أنّ الاستصحاب المختلف فيه غيره.

لنا على ذلك وجوه : الأوّل : ظهور كلمات جماعة (٢١٠٥) في الاتّفاق عليه.

______________________________________________________

إلّا لا يستقيم المعنى.

٢١٠٤. حتّى يقال : إنّ الدوام غير ثابت ، لفرض حصول الشكّ فيه.

٢١٠٥. لا يخفى أنّ التمسّك بالإجماعات المنقولة في المسائل الاصوليّة ، سيّما مع تشتّت الأقوال في محلّ النزاع ، ولا سيّما مع وهن الصريح منها في دعوى الإجماع أو الاتّفاق بوجود المخالف ، والظاهر منها بابتنائه على الاجتهاد في كلام مدّعيه ، كما ترى في غاية من الضعف. أمّا الأوّلان فواضحان. وأمّا الثالث فلاعتراف المصنّف رحمه‌الله به ، كما تقدّم عند بيان الأقوال.

وأمّا الرابع فإنّ تصريح صاحب المعالم والفاضل الجواد بخروج ما ذكره المحقّق من محلّ النزاع ، لعلّه مبنيّ على فهمهما من كلام المحقّق اعتبار الاستصحاب فيما كان دليل المستصحب عامّا للحالة الثانية ، كما يرشد إليه قوله : «أن ننظر في دليل ذلك الحكم ...» ، لا اعتباره فيما كان الشكّ في الرافع دون المقتضي ، كما هو

٩٦

فمنها : ما عن المبادئ حيث قال : الاستصحاب حجّة ؛ لإجماع الفقهاء على أنّه متى حصل حكم ، ثمّ وقع الشكّ في أنّه طرأ ما يزيله أم لا؟ وجب الحكم ببقائه على ما كان اوّلا ، ولو لا القول بأنّ الاستصحاب حجّة ، لكان ترجيحا لأحد طرفي الممكن من غير مرجّح ، (١٩) انتهى. ومراده وإن كان الاستدلال به على حجّية مطلق الاستصحاب ، بناء على ما ادّعاه من أنّ الوجه في الإجماع على الاستصحاب مع الشكّ في طروّ المزيل ، هو اعتبار الحالة السابقة مطلقا ، لكنّه ممنوع ؛ لعدم الملازمة ، كما سيجيء.

ونظير هذا ما عن النهاية : من أنّ الفقهاء بأسرهم ـ على كثرة اختلافهم ـ اتّفقوا على أنّا متى تيقّنا حصول شىء وشككنا في حدوث المزيل له أخذنا بالمتيقّن ، وهو عين الاستصحاب ؛ لأنّهم رجّحوا بقاء الباقي على حدوث الحادث.

ومنها : تصريح صاحب المعالم والفاضل الجواد بأنّ ما ذكره المحقّق أخيرا في المعارج راجع إلى قول السيّد المرتضى المنكر للاستصحاب ؛ فإنّ هذه شهادة منهما على خروج ما ذكره المحقّق عن مورد النزاع وكونه موضع وفاق ، إلّا أنّ في صحّة هذه الشهادة نظرا ، لأنّ ما مثّل في المعارج من الشكّ في الرافعيّة من مثال النكاح هو بعينه ما أنكره الغزالي ومثّل له بالخارج من غير السبيلين ؛ فإنّ الطهارة كالنكاح في أنّ سببها مقتض لتحقّقه دائما إلى أن يثبت الرافع.

______________________________________________________

مدّعى المصنّف رحمه‌الله. ولا ريب في خروج الأوّل من محلّ النزاع باعتراف من المصنّف رحمه‌الله في غير المقام ، لكون مرجعه إلى العمل بأصالة عموم العامّ وإطلاق المطلق ما لم يثبت المخصص والمقيّد. وسنشير إلى تتمّة الكلام في ذلك عند شرح قول المحقّق رحمه‌الله. مضافا إلى ما أشار إليه المصنّف رحمه‌الله من منع الشهادة.

ثمّ إنّه مع تسليم ذلك كلّه إنّ دعوى ظهور كلمات الجماعة مع صراحة كلام صاحب غاية المبادي في دعوى الإجماع وكلام العلّامة في دعوى الاتّفاق غير مجدية في المقام ، لعدم صراحة كلمات المجمعين في كون ما أجمعوا عليه من وجوب الحكم بالبقاء من جهة الاستصحاب ، أعني : الاتّكال في إثبات الوجود الثاني على مجرّد الوجود الأوّل ، لاحتمال كونه من جهة قاعدة إحراز المقتضي والشكّ في المانع.

٩٧

الثاني : أنّا تتبّعنا موارد الشكّ (٢١٠٦)

______________________________________________________

٢١٠٦. كما في باب الطهارة والنجاسة والأنكحة والأملاك وغيرها ، مثل الحكم بالطهارة عند الشكّ في الحدث وبالعكس ، وبطهارة الثوب ونحوه عند الشكّ في طروء النجاسة وبالعكس ، وبناء الشاهد على ما شهد به متى لم يعلم رافعه له ، والحكم ببقاء الزوجيّة ما لم يعلم مزيلها ، وببقاء الملك ما لم يعلم الناقل ، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى. ومنه تقديم بيّنة المنكر ، لاعتضادها بالأصل. والظنّ يلحق المشكوك فيه بالأعمّ الأغلب.

ويرد عليه أوّلا : أنّه إن أراد به الاستقراء التامّ المفيد للقطع فهو ممنوع. وإن أراد به الاستقراء الناقص فهو غير مجد ، لعدم الدليل على اعتباره.

وثانيا : أنّه يعتبر في الاستقراء كون المشكوك فيه من سنخ الأفراد المستقرأ فيها ، وما ذكر من الأمثلة من قبيل الشبهة الموضوعيّة ، والمقصود إثبات اعتبار الاستصحاب في الأحكام الكلّية ، ولم يوجد مورد من الأحكام الكلّية قد اعتبر الشارع الاستصحاب فيه ، بأن كان ذلك ثابتا بالإجماع ، سوى استصحاب عدم النسخ. مع أنّه لم يثبت كون إجماعهم على وجوب البناء على عدم النسخ فيما احتمل فيه ذلك لأجل الاستصحاب ، لاحتمال كونه لأجل قواعد أخر ، كما نبّهنا عليه عند بيان فساد توهّم من زعم خروج الاستصحابات العدميّة من محلّ النزاع.

وثالثا : أنّ ما ادّعاه من عدم وجدان مورد في أبواب الفقه من موارد الشكّ في الرافع إلّا وقد حكم الشارع فيه بالبقاء ، منقوض بوجوب البناء على الأكثر عند الشكّ في عدد ركعات الصلاة ، إذ الأصل عدم الإتيان بالمشكوك فيه ، بناء على كون الشكّ في ارتفاع العدم من قبيل الشكّ في الرافع ، كما نبّهنا عليه غير مرّة. ثمّ إنّه سيجيء الكلام في تتمّة ما يتعلّق بالمقام ، وفي بيان الفرق بين الغلبة والاستقراء والقياس ، عند التعرّض لأدلّة القول بالحجّية مطلقا ، فانتظره.

٩٨

في بقاء الحكم السابق المشكوك من جهة الرافع ، فلم نجد من أوّل الفقه إلى آخره موردا إلّا وحكم الشارع فيه بالبقاء ، إلّا مع أمارة توجب الظنّ بالخلاف ، كالحكم بنجاسة الخارج قبل الاستبراء ؛ فإنّ الحكم بها ليس لعدم اعتبار الحالة (٢١٠٧) السابقة ـ وإلّا لوجب الحكم بالطهارة لقاعدة الطهارة ـ بل لغلبة بقاء جزء من البول أو المني في المخرج ، فرجّح هذا الظاهر على الأصل ، كما في غسالة الحمّام عند بعض ، والبناء على الصحّة المستندة إلى ظهور فعل المسلم. والإنصاف : أنّ هذا الاستقراء يكاد يفيد القطع ، وهو أولى من الاستقراء الذي ذكر غير واحد ـ كالمحقق البهبهاني وصاحب الرياض ـ أنّه المستند في حجّية شهادة العدلين على الإطلاق.

الثالث : الأخبار المستفيضة منها : صحيحة زرارة ولا يضرّها الإضمار (٢١٠٨)

______________________________________________________

٢١٠٧. لأنّه إن لم تعتبر الحالة السابقة ـ أعني : طهارة المخرج بعد غسله بعد البول أو خروج المني ، وطهارة الملاقي للخارج ـ فلا شكّ في اعتبار قاعدة الطهارة حينئذ ، فحكم الشارع بالنجاسة مع ذلك ، وحصول الحدث بخروج الخارج وارتفاع الطهارة ، يكشف عن ترجيح الشارع للظاهر هنا على الأصل والقاعدة ، لا أنّ الأصل غير معتبر.

٢١٠٨. رواها الشيخ في التهذيب عن المفيد ، عن أحمد بن محمّد بن الحسن ، عن أبيه ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن أبان جميعا ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن زرارة ، عنه عليه‌السلام.

أما صحّتها ، فإنّ العلّامة في الخلاصة قد صحّح طريق الشيخ إلى الحسين بن سعيد ، وهو ثقة. وكذا حمّاد بن عيسى ، وهو من أصحاب الإجماع. وقال الشيخ محمّد بن صاحب المعالم في شرح التهذيب في نظير سند الرواية ، وهي ما رواه الشيخ بسنده عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد ، عن عمر بن أذينة وحريز ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : «لا ينقض الوضوء إلّا ما خرج من طرفيك والنوم». أمّا حماد فهو ابن عيسى من غير ريب عند الوالد قدس‌سره ، واحتمال

٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ابن عثمان في حيّز الإمكان» انتهى. ولا يخفى أنّ ابن عثمان أيضا ثقة من أصحاب الإجماع. وأمّا حريز فمع كون الراوي عنه من أصحاب الإجماع قد وثّقه الشيخ في الفهرست ، وإن روى فيه ما لم يثبت القدح به. ولذا صحّح المصنّف رحمه‌الله المضمرة تبعا لصاحب المعالم في منتقى الجمان ، بل حكى أنّه عدّها من الصحيح الأعلائي. وصرّح أيضا في كتاب الانتخاب الجيّد وفي شرح التهذيب للمحقّق الشيخ محمّد بصحّة الرواية الثانية ، مع اتّحاد سندها مع سند المضمرة.

نعم ، ربّما يشكل ذلك بما ذكره الشيخ المذكور من «أنّ الذي يقتضيه الاعتبار بعد تتّبع كثير من الأخبار في كتابي الشيخ التهذيب والإستبصار ، أنّه إذا روى عن الشيخ المفيد عن أحمد بن محمّد عن أبيه ، فهو أحمد بن محمّد بن الوليد. وإذا روى عن الحسين بن عبيد الله عن أحمد بن محمّد عن أبيه ، فهو أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار. والرجلان غير مذكورين بالتوثيق ، بل الأوّل غير مذكور أصلا ، والثاني مذكور بغير مدح ولا ذمّ. وقد جزم الوالد قدس‌سره بعدّ حديثهما من الصحيح ، لأنّهما من أجلّاء المشايخ ، ولعلّ عدم عدّهما من الرجال الموثّقين لأنّهما ليسا من المصنّفين والناقلين للأخبار ، وإنّما يذكران لمجرّد اتصال السند» انتهى.

لأنّ ما ذكره أخيرا في محلّ المنع ، لأنّ كون الرجل من مشايخ الإجازة وإن دلّ على حسن حاله ، إلّا أنّ دلالته على توثيقه لا يخلو من نظر. وحينئذ يشكل عدّ الرواية من الصحاح ، إذ ليس الوجه فيه سوى ما عرفته من تصحيح العلّامة سند الشيخ إلى الحسين بن سعيد مع وقوع أحمد بن محمّد بن الوليد فيه. ونحوه ما حكي عنه في المختلف من حكمه بصحّة حديثه.

وقد أورد عليه بأنّ العلّامة لم يقصر إطلاق الصحّة في الثقات ، كيف وقد حكي عن الشّهيد وصاحب المعالم التوقّف في توثيقات العلّامة وابن طاوس ، وكذا ولد صاحب المعالم في توثيقات العلّامة. وقيل : لا يبعد موافقة غيرهم لهم.

نعم ، وثّقه الشهيد في الدراية على ما حكاه عنه غير واحد. ولعلّه يبنى على

١٠٠