تفسير الخزرجي

أبي جعفر أحمد بن عبدالصمد بن عبدالحق الخزرجي

تفسير الخزرجي

المؤلف:

أبي جعفر أحمد بن عبدالصمد بن عبدالحق الخزرجي


المحقق: الشيخ أحمد فريد المزيدي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-5480-X

الصفحات: ٤٧٢

من التابعين.

وقد قيل هي منسوخة بقوله : (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى) [النساء : ٨] الآية.

قال محمد بن جرير : فرض الوصية للأقربين ممن لا يرث محكم غير منسوخ وإنما المنسوخ فرض الوصية للوالدين نسخته آية المواريث ، وله بهذا القول الحسن وقتادة وقد قيل أيضا : إنما نسخها قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لا وصية لوارث».

وهذا قول حكاه أبو الفرج عن مالك ، وله به كثير من السلف.

وقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) [البقرة : ١٨٣] الآية ، هي عند قوم منسوخة بقوله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ) [البقرة : ١٨٧] الآية وبقوله : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ) [البقرة : ١٨٧] الآية قاله ابن حبيب وله بذلك السدي وأبو العالية.

وأما ناسخة فلما كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد فرضه من صيام يوم عاشوراء وهذا قول عائشة.

وقيل : إنها نسخت ما كان فرض أيضا من ثلاثة أيام في كل شهر قاله معاذ بن جبل ، وابن عباس وكثير من السلف.

وقوله تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) [البقرة : ١٨٤] الآية. قال معاذ وابن عمر وابن عباس وغيرهم نسخها تعالى بقوله (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة : ١٨٥].

وفي بعض الروايات عن مالك أنها محكمة وهو قول (١) ابن شهاب وزيد بن أسلم ، واختلف هؤلاء في وجوه إحكامها بما يطول ذكره (٢).

وقوله تعالى : (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَ) [البقرة : ١٨٧] قال بعضهم : نسخه بقوله : (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ) [البقرة : ٢٢٢] الآية.

__________________

(١) انظر : الإيضاح : (١٢٧).

(٢) انظر نواسخ القرآن (٦٨).

٤١

وجمهور السلف ينكرون هذا القول ويريدون أنها محكمة (١) وأن قوله (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ) إنما نسخ فعل بني إسرائيل لأنهم كانوا لا يأكلون مع الحائض ولا يجتمعون معها في بيت.

وقوله تعالى : (وَلا تَعْتَدُوا) [البقرة : ١٩٠] قال ابن زيد نسخها بقوله : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ) [البقرة : ١٩٤] الآية هذا في قول من قال : إن الاعتداء ههنا قتل من عاهد. وأما من يرى أن الاعتداء هنا قتل النساء والصبيان فلا نسخ عنده في ذلك. وهو مذهب ابن عباس وعمر بن عبد العزيز وغيرهما (٢).

وقوله تعالى : (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) [البقرة : ١٩١] الآية منسوخة عند قوم ناسخة عند قوم.

منسوخة بقوله تعالى : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) [البقرة : ١٩٣] وبقوله : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) [التوبة : ٣٦] الآية وبقوله (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة : ٥] وبآية السيف وهذا قول قتادة.

أما ناسخة فلقوله : (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) [البقرة : ١٩١] قاله إسماعيل بن أويس (٣).

وقال مجاهد وطاوس هي محكمة ومخصوصة في النهي عن القتال في الحرم و (٤) لا يحل القتال فيه إلا أن يقاتلك.

وقوله تعالى : (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ) [البقرة : ١٩٤] الآية : قال ابن عباس هي منسوخة بقوله تعالى : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا) [الإسراء : ٣٣] الآية وقال كثير من السلف : هي محكمة ثم اختلفوا في وجوه إحكامها (٥).

__________________

(١) انظر : الإيضاح (١٢٩ ، ١٣٠).

(٢) انظر : الإيضاح (١٣٠).

(٣) قطع بالأصل. والزيادة لازمة لتمام السياق.

(٤) في الأصل قطع والزيادة لازمة لتمام السياق.

(٥) انظر : الإيضاح (١٣٣).

٤٢

وقوله تعالى : (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ) [البقرة : ١٩٦] الآية نسخها تعالى بقوله في آخرها : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ) [البقرة : ١٩٦] الآية وقد قيل إنها محكمة لأن الاستثناء ليس بناسخ وإنما هو من تمام الكلام (١) كما تقدم ذكره.

الحزب الرابع : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) [البقرة : ٢٠٣]

غريبه :

٢٠٣ ـ (أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) أيام التشريق وهي يوم الأضحى ، ويومان من بعده ، وأما المعلومات فعشر ذي الحجة (٢).

٢٠٤ ـ (أَلَدُّ) أي : شديد (٣).

و (الْخِصامِ) جمع خصم (٤).

٢٠٥ ـ و (وَإِذا تَوَلَّى) أي : إذا فارقك (٥).

و (الْحَرْثَ) الزرع (٦).

و (وَالنَّسْلَ) الحيوان (٧).

٢٠٦ ـ (الْمِهادُ) الفراش : يقال : مهدت أي : وطأت وفرشت (٨).

٢٠٧ ـ و (يَشْرِي نَفْسَهُ) أي : يبيع نفسه.

٢٠٨ ـ و (السِّلْمِ) الاستسلام وأصله الصلح (٩).

__________________

(١) الإيضاح (١٣٣).

(٢) انظر : تفسير الغريب (٨٠).

(٣) انظر : مجاز القرآن (١ / ٧١).

(٤) انظر : معاني القرآن وإعرابه (١ / ٢٧٧).

(٥) انظر : تفسير الغريب (٨٠).

(٦) انظر : نزهة القلوب : (٧٥).

(٧) انظر : تفسير الغريب (٨٠).

(٨) انظر : مجاز القرآن (١ / ٧١).

(٩) انظر : تفسير الغريب (٨١).

٤٣

٢١٠ ـ و (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) أي : فرغ منه.

٢١٣ ـ و (أُمَّةً واحِدَةً) أي : ملة واحدة.

٢١٤ ـ (الْبَأْساءُ) ههنا الشدة (١).

و (وَالضَّرَّاءُ) البلاء (٢).

و (وَزُلْزِلُوا) أي : خوفوا وأصله في اللغة حركوا (٣).

٢١٥ ـ و (ما ذا يُنْفِقُونَ) أي : ماذا يتصدقون (٤).

و (مِنْ خَيْرٍ) أي : من مال.

٢١٦ ـ و (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ) أي : فرض عليكم الجهاد.

٢١٧ ـ و (وَالْفِتْنَةُ) الشرك (٥).

و (حَبِطَتْ) أي : بطلت وفسدت (٦).

٢١٩ ـ و (وَالْمَيْسِرِ) القمار (٧).

و (قُلِ الْعَفْوَ) أي : الاستطاعة والميسور يقال ، خذ ما عفا لك أي : ما أتاك من غير مشقة وحقيقة العفو فضل المال (٨) يقال عفا الشيء (٩) ، إذا كثر وزاد ، والمراد به ههنا : الزكاة بعينها (١٠).

__________________

(١) انظر : تفسير الغريب (٨١).

(٢) انظر : تفسير الغريب (٨١).

(٣) انظر : نزهة القلوب (١٠٦).

(٤) انظر : تفسير الغريب (٨١).

(٥) انظر : معاني القرآن (١ / ١٤١).

(٦) انظر : مجاز القرآن (١ / ٧٣).

(٧) انظر : تفسير الغريب (٨٢).

(٨) انظر : نزهة القلوب (١٤٠).

(٩) قطع بالأصل. وطمس والزيادة لتمام السياق.

(١٠) انظر : الإيضاح : ١٤١.

٤٤

٢٢٠ ـ و (لَأَعْنَتَكُمْ) أي : ضيق وشدد (١) عليكم يكلفكم ما يشق عليكم أداؤه (٢) كما فعل بمن كان قبلكم وقد قيل : إن معنى لأعنتكم لأهلككم.

٢٢٢ ـ و (الْمَحِيضِ) هو الحيض (٣).

و (حَتَّى يَطْهُرْنَ) أي : ينقطع الدم عنهن.

(فَإِذا تَطَهَّرْنَ) أي : اغتسلن بالماء.

٢٢٣ ـ و (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) أي : هن للولد كالأرض للزرع (٤).

و (أَنَّى شِئْتُمْ) أي : كيف شئتم.

٢٢٤ ـ و (عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) أي : نصبا لها (٥).

٢٢٥ ـ و (بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) ما يجري في الكلام على غير عقد (٦).

و (يُؤْلُونَ) أي : يحلفون على وطء نسائهم مأخوذ من الآلية وهي اليمين (٧).

٢٢٦ ـ و (تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) أي : مكث أربعة أشهر.

و (فاؤُ) أي : رجعوا إلى نسائهم (٨).

٢٢٨ ـ و (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) هي جمع قرء وهو في أصل اللغة الخروج من شيء إلى شيء ففقهاء العراق يقولون : إن المراد بها الحيض وفقهاء الحجاز يقولون : إنها الأطهار وهي انقطاع الدم عن النساء ، وكلاهما مصيب : فإنهن يخرجن من حيضة إلى طهر إلى

__________________

(١) قطع بالأصل. والزيادة لتمام السياق.

(٢) انظر : نزهة القلوب (٢١٤).

(٣) انظر : نزهة القلوب (١٨٤).

(٤) انظر : مجاز القرآن (١ / ٧٣).

(٥) انظر : نزهة القلوب (١٤٥).

(٦) انظر : معاني القرآن (١ / ١٤٤).

(٧) انظر : مجاز القرآن : (١ / ٧٣).

(٨) انظر : معاني القرآن (١ / ١٤٥).

٤٥

حيضة (١). وقد قيل إن القرء : الوقت في أصل اللغة وكل ذلك يرجع إلى معنى واحد (٢).

وقال ابن السكيت : القرء الطهر والحيض معا وهو من الأضداد.

٢٣١ ـ و (ضِراراً) أي : تطويلا عليها (٣).

٢٣٢ ـ و (تَعْضُلُوهُنَ) أي : تمنعوهن التزوج (٤) وأصله من عضلت المرأة إذا نشب ولدها في بطنها ، فعسرت ولادتها (٥).

والفصال الفطام (٦).

٢٣٥ ـ و (عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ) يعني : بالتعريض في الخطبة : أن يقول لها : الله يسوق لك خيرا ، وإنك لجميلة وما أشبه ذلك (٧).

والخطبة التزوج.

و (أَكْنَنْتُمْ) أي : أضمرتم (٨).

و (لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا) أي : لا تصرحوا لهن بالنكاح في العدة (٩).

و (سِرًّا) ههنا : النكاح (١٠).

و (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ) أي : لا تواقعوا أو تصححوا.

(يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ) أي : تنقضي العدة (١١).

__________________

(١) انظر : مجاز القرآن (١ / ٧٤).

(٢) انظر : تفسير الغريب : (٨٧).

(٣) انظر : معاني القرآن (١ / ١٤٨).

(٤) انظر : مجاز القرآن (١ / ٧٥).

(٥) انظر : نزهة القلوب (٤٩).

(٦) انظر : تفسير الغريب (٨٩).

(٧) انظر : تفسير الغريب : (٧٩ ـ ٩٠).

(٨) انظر : معاني القرآن (١ / ١٥٢).

(٩) انظر : تفسير الغريب (٩٠).

(١٠) انظر : مجاز القرآن (١ / ٧٥).

(١١) قال ابن العربي في الأحكام الصغرى : أي لا تواعدوا نكاحا ولا تعقدوه ؛ فلو واعد في العدة ونكح بعدها ، فقال مالك : يستحب له الفراق بطلقة تورعا ، ثم يخطب إن شاء ؛ فلو عقد في ـ

٤٦

٢٣٦ ـ و (ما لَمْ تَمَسُّوهُنَ) أي : تجامعوهن وقرئ ما لم تماسوهن ومعناهما واحد.

و (أَوْ تَفْرِضُوا) أي : توجبوا (١).

و (لَهُنَّ فَرِيضَةً) قال ابن عباس : يعني : صداقا.

و (الْمُوسِعِ) الغني (٢).

(الْمُقْتِرِ) الفقير.

٢٣٧ ـ و (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) أي : يهبن (٣).

(أَوْ يَعْفُوَا) أي : يهب.

والذي بيده عقدة النكاح قيل هو الأب خاصة ، وقيل هو الولي المنكح كان أبا أو غيره (٤) ، وقيل هو الزوج (٥).

وسأستوفي القول في هذا عند ذكري عقدة النكاح في حرف العين من الباب الذي ختمت به هذا الكتاب.

و (وَأَنْ تَعْفُوا) أي : تهبوا.

٢٣٨ ـ و (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) صلاة العصر (٦) وقيل : إنها صلاة الصبح (٧).

__________________

 ـ العدة وبنى فيها ، لفسخ وحرمت عليه للأبد لقضاء عمر بذلك ؛ ولأنه استعجل ما لا يحل له فيحرمه ، كالقاتل في حرمان الميراث.

(١) انظر : تفسير الطبري (٢ / ٥٢٩).

(٢) انظر : نزهة القلوب : (١٨٦).

(٣) انظر : تفسير الغريب : (٩١).

(٤) انظر : تفسير الطبري (٢ / ٥٤٢).

(٥) انظر : معاني القرآن (١ / ١٥٥).

(٦) انظر : تفسير غريب القرآن (٩١).

(٧) انظر : تفسير الطبري (٢ / ٥٦٥ ـ ٥٦٦).

٤٧

و (قانِتِينَ) أي : صامتين ، وأصل القنوت الطاعة (١).

٢٣٩ ـ و (فَرِجالاً) جمع راجل (٢) و (رُكْباناً) جمع راكب (٣).

٢٤٦ ـ و (الْمَلَإِ) أي : الأشراف (٤).

و (لِنَبِيٍّ لَهُمُ) يعني : شموال عليه‌السلام (٥).

و (عَسَيْتُمْ) تجري عندهم جري لعل ، وهي من أفعال المقاربة. وقرأها القراء بفتح السين وكسرها.

٢٤٧ ـ و (بَسْطَةً) أي : سعة (٦).

٢٤٨ ـ و (آيَةَ مُلْكِهِ) أي : علامة (٧).

و (سَكِينَةٌ) وزنها فعيلة مأخوذ من السكون وسأستوفي في ذكرها في حرف السين من الباب الذي ختمت به هذا الكتاب.

٢٤٩ ـ و (مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ) أي : مختبركم (٨).

و (غُرْفَةً) مصدر غرف (٩) ومن قرأها بضم الغين : فهي مقدار ملء يد من المغروف منه.

و (يَظُنُّونَ) أي : يوقنون (١٠).

__________________

(١) انظر : نزهة القلوب (١٥٨).

(٢) انظر : تفسير الغريب (٩٢).

(٣) انظر : مجاز القرآن (١ / ٧٦).

(٤) انظر : تفسير الغريب (٩٢).

(٥) انظر : تفسير الطبري (٢ / ٥٩٥).

(٦) انظر : مجاز القرآن (١ / ٧٧).

(٧) انظر : تفسير الغريب (٩٢).

(٨) انظر : تفسير الغريب (٩٢).

(٩) انظر : مجاز القرآن (١ / ٧٧).

(١٠) انظر : تفسير الغريب (٩٣).

٤٨

و (فِئَةٍ) الجماعة (١).

٢٥٠ ـ و (أَفْرِغْ) أي : صب (٢).

منسوخه

في هذا الحزب من الآي المنسوخة :

قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) [البقرة : ٢١٧] الآية.

قال ابن عباس نسخها تعالى بآية السيف وبقوله (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة : ٥] وهو قول جماعة من التابعين منهم : ابن المسيب وقتادة والضحاك وغيرهم وقال عطاء ومجاهد هي محكمة ولا يجوز القتال في الشهر الحرام.

وقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) [البقرة : ٢١٦] قد قيل : إنها منسوخة بقوله : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) [التوبة : ١٢٢] وأكثرهم يرى أنها ناسخة لكل رخصة في القرآن في ترك القتال إلا أنه فرض على الكفاية يحمله بعض الناس عن بعض إلا في النفير فهو فرض على الجميع.

وقوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) [البقرة : ٢١٩] قال ابن عباس : هي منسوخة بما فرض الله من الزكاة.

ومعنى العفو عنده القليل الذي لا يتبين خروجه من المال (٣) وقال غيره : إن الآية محكمة ، وإن العفو إنما يراد به الزكاة بعينها.

وقد قيل : إنها محكمة مخصوصة في التطوع.

وقوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) [البقرة : ٢٢١] قال ابن عباس : نسخها تعالى بقوله في المائدة (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) [المائدة : ٥].

وهو قول بعض السلف وقد روي عن ابن عباس غير هذا.

__________________

(١) انظر : مجاز القرآن (١ / ٧٧).

(٢) انظر : تفسير الغريب (٩٣).

(٣) انظر : الإيضاح (١٤١).

٤٩

وقال قتادة وابن جبير : إنها محكمة لأن نساء أهل الكتاب لسن من المشركات ثم جاءت آية المائدة مبينة لها ومخصصة.

وقال الحسن وعكرمة : إن هذه الآية الناسخة نسخت من الأولى بعضها.

يعني قوله : نساء أهل الكتاب وبقي التحريم في سائر الكافرات.

وقوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة : ٢٢٨] قال قتادة : نسخ منها التي لم يدخل بها بقوله : (فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها) [الأحزاب : ٤٩].

ونسخ منها أيضا التي يئست من المحيض ، والتي لم تحض والحامل بقوله : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ) إلى قوله : (حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) [الطلاق : ٤ ـ ٦].

وأكثر السلف يرى أنها محكمة وأن هذا ليس بناسخ وإنما هو تبيين وتخصيص (١).

وقوله تعالى : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ) [البقرة : ٢٢٨] الآية.

قال ابن أبي أويس نسخها تعالى بقوله (٢) : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) [البقرة : ٢٢٩] وقال بعضهم : نسخها بالطلاق الثلاث وهو قوله تعالى (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ) [البقرة : ٢٣٠]. الآية.

وقوله تعالى : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً) [البقرة : ٢٢٩] نسخها تعالى بقوله (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) [النساء : ٤] الآية.

حكاه أبو عبيد وأما جمهور العلماء فيرون أنها محكمة في منع ما يأخذ الزوج من زوجته على الإكراه.

وقوله تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) [البقرة : ٢٣٣].

__________________

(١) انظر : الإيضاح (١٤٨).

(٢) انظر : الإيضاح (١٤٩).

٥٠

حكى بعضهم أنها منسوخة بقوله : (فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ) [البقرة : ٢٣٣] الآية.

وهذا مما أنكره أكثر العلماء وهو عندهم ليس بنسخ وإنما هو تخيير من غير إلزام ، فالآية عندهم محكمة.

وقوله تعالى : (وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ) [البقرة : ٢٣٣] روى ابن القاسم عن مالك ، أن ذلك منسوخ ولم يذكرنا ناسخه ولا كيف كان الحكم المنسوخ (١).

فجعل الناس يخوضون بعدهم في تأويل قوله هذا (٢) ، وأكثر العلماء يرى أنها محكمة ثم اختلفوا في وجوه إحكامها.

وفي الإشارة في قوله (مِثْلُ ذلِكَ) إلى ما هي بما يطول ذكره.

وقوله تعالى : (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ) [البقرة : ٢٤٠].

وقوله تعالى أيضا : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ) [البقرة : ٢٤٠]. الآيتان نسخهما تعالى بقوله : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ) [البقرة : ٢٣٤] الآية وقد يتقدم الناسخ على منسوخه في ترتيب الآي ، وهذا منه (٣).

وقوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً) [البقرة : ٢٣٥] قال ابن زيد : نسخها تعالى بقوله : (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ) [البقرة : ٢٣٥] الآية.

فمنع من التعريض وغيره في العدة وقال أكثر أهل العلم : هي محكمة أباح بها التعريض بالنكاح للمعتدة (٤).

وقوله تعالى : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَ) [البقرة : ٢٣٦]

__________________

(١) انظر : الإيضاح (١٥١).

(٢) انظر : الإيضاح (١٥١).

(٣) انظر : الإيضاح (١٥٤).

(٤) انظر : الإيضاح (١٥٥).

٥١

الآية.

نسخها تعالى بقوله : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) [البقرة : ٢٣٧](١).

وقوله تعالى : (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) [البقرة : ٢٣٨] نسخ بها صلاة العصر (٢) قال البراء بن عازب كنا نقرأها حين نزلت حافظوا على الصلوات وصلاة العصر وقوموا لله قانتين ثم نسخت وصلاة العصر ب (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى)(٣).

وقوله تعالى : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) [البقرة : ٢٣٨] هذا ناسخ لما كانوا عليه من التكلم في الصلاة ورد السّلام.

وقد تقدم أن معنى (قانِتِينَ) صامتين وأكثرهم ينكر النسخ في هذا ويرى أنه محكم.

الحزب الخامس : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) [البقرة : ٢٥٣].

غريبه :

٢٥٣ ـ (دَرَجاتٍ) أي : مراتب (٤).

(وَأَيَّدْناهُ) أي : قويناه (٥).

٢٥٤ ـ و (وَلا خُلَّةٌ) أي : لا صداقة (٦).

٢٥٥ ـ و (سِنَةٌ) النعاس من غير نوم ، وهو عند ما يبتدئ في الرأس فإذا خالط القلب صار نوما (٧).

__________________

(١) انظر : الناسخ والمنسوخ (٧٨).

(٢) انظر : الإيضاح (١٥٩).

(٣) انظر : الإيضاح : (١٦٠).

(٤) انظر : معاني القرآن وإعرابه (١ / ٣٣٤).

(٥) انظر : نزهة القلوب (٥).

(٦) انظر : تفسير الغريب (٩٣).

(٧) انظر : نزهة القلوب (١١٧).

٥٢

و (يَؤُدُهُ) أي : يثقله يقال : آد يؤود وأود يئيد أدا إذا أثقل (١).

٢٥٦ ـ و (بِالطَّاغُوتِ) كل معبود غير الله من وثن أو غيره (٢).

و (لَا انْفِصامَ) أي : لا انكسار (٣).

٢٥٨ ـ و (فَبُهِتَ) أي : انقطع وذهبت حجته (٤).

٢٥٩ ـ و (خاوِيَةٌ) أي : خراب (٥).

و (عُرُوشِها) أي : سقوفها ، وأصل ذلك أن تسقط السقوف ثم تسقط الحيطان عليها (٦).

و (بَعَثَهُ) أي : أحياه (٧).

و (لَمْ يَتَسَنَّهْ) أي : لم يتغير على مر السنين (٨).

وقرأت القراء بإثبات الهاء وبحذفها ، والهاء فيها بدل من نون وأصله : لم يتسنن.

ومنه قوله تعالى : (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) [الحجر : ٢٦ ، ٢٨ ، ٣٣] هذا قول (٩) أبي عمرو الشيباني.

وحكى بعضهم سنه الطعام أي : تغير ، وحكى ابن قتيبة أنه مأخوذ من السنة يقال سانهت النخلة إذا حملت عاما ، وحالت عاما ، قال : وكأنه من المنقوص وأصله سنهة فمن ذهب إلى هذا قرأها في الوصل والوقف بالهاء يتسنه (١٠).

__________________

(١) انظر : مجاز القرآن (١ / ٧٨).

(٢) انظر : مجاز القرآن (١ / ٧٩).

(٣) انظر : تفسير الغريب (٩٣).

(٤) انظر : غريب القرآن (٩٧).

(٥) انظر : تفسير الغريب (١ / ٨٠).

(٦) انظر : نزهة القلوب (١٤٥).

(٧) انظر : تفسير الغريب (٩٤).

(٨) انظر : مجاز القرآن (١ / ٨٠).

(٩) انظر : نزهة القلوب (٢١٨).

(١٠) انظر : تفسير الغريب (٩٤).

٥٣

و (آيَةً لِلنَّاسِ) أي : دليلا.

و (نُنْشِزُها) قرأت القراء بالراء وبالزاي أيضا ، فمن قرأ بالراء فمعناه نحييها.

يقال : أنشره الله أي : أحياه ، ومن قرأ بالزاي فمعناه :

نحرك بعضها إلى بعض (١) ونزعجه وأصله من النشز وهو المرتفع من الأرض ومنه يقال : نشزت المرأة يعني : زوجها (٢).

٢٦٠ ـ و (لِيَطْمَئِنَ) أي : ليسكن كأن قلبه متعلق بالنظر إلى ذلك ، فإذا نظر إليه سكن ، وليس المراد أنه كان في شك من إحياء الموتى (٣).

و (فَصُرْهُنَ) بضم الصاد أي : أملهن وضمهن إليك من قولهم صرت الشيء فانصار أي : أملته فمال.

ومن قرأ بكسر الصاد فهي لغة أخرى بمعنى الأولى ، وقد قيل : إن معنى (فَصُرْهُنَ) بالكسر أي : قطعهن (٤).

و (سَعْياً) أي : عدوا على أرجلهن لأن الطيران لا يقال له سعي (٥).

٢٦٤ ـ و (بِالْمَنِ) في الإعطاء : الاعتداء بما يعطى (٦).

و (وَالْأَذى) أي : يوبخ المعطي (٧).

و (صَفْوانٍ) أي : حجر أملس وهي لفظة تقع على الواحد والجمع فإذا كان جمعا فواحده صفوانة (٨).

__________________

(١) انظر : مجاز القرآن (١ / ٨٠).

(٢) انظر : تفسير الغريب (٩٥).

(٣) انظر : معاني القرآن (١ / ١٨٣).

(٤) انظر : مجاز القرآن (١ / ٨٠).

(٥) انظر : تفسير الغريب (٩٧).

(٦) انظر : معاني القرآن وإعرابه (١ / ٣٤٧).

(٧) انظر : معاني القرآن وإعرابه (١ / ٣٤٧).

(٨) انظر : مجاز القرآن (١ / ٨٢).

٥٤

و (وابِلٌ) أشد المطر (١).

و (صَلْداً) الأملس (٢).

٢٦٥ ـ و (وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) أي : تحقيقا (٣).

و (بِرَبْوَةٍ) الارتفاع يقال : ربوة وربوة (٤) وقيل في التفسير إنها دمشق (٥).

وقرأتها القراء في السبع ربوة بضم الراء وفتحها ، ومن العرب من يكسرها لغة لهم (٦).

(أُكُلَها) أي : ثمرها (٧).

و (فَطَلٌ) : أضعف المطر (٨).

٢٦٦ ـ و (إِعْصارٌ) ريح عاصفة ترفع ترابا كالعمود (٩).

٢٦٧ ـ و (أَنْفِقُوا) أي : تصدقوا (١٠).

و (وَلا تَيَمَّمُوا) أي : لا تقصدوا.

و (الْخَبِيثَ) يعني : به ههنا : الحشف من التمر.

و (تُغْمِضُوا فِيهِ) أي : تترخصوا (١١).

٢٦٨ ـ و (بِالْفَحْشاءِ) كل ما يستقبح من قول أو فعل (١٢).

__________________

(١) انظر : تفسير الغريب (٩٧).

(٢) انظر : نزهة القلوب (١٢٦).

(٣) انظر : تفسير الغريب (٩٧).

(٤) انظر : مجاز القرآن (١ / ٨٢).

(٥) انظر : نزهة القلوب (٩٩).

(٦) انظر : معاني القرآن للأخفش (١ / ١٨٧).

(٧) انظر : معاني القرآن وإعرابه (١ / ٣٤٨).

(٨) انظر : تفسير الغريب (٩٧).

(٩) انظر : مجاز القرآن (١ / ٨٢).

(١٠) انظر : تفسير الغريب (٩٧).

(١١) انظر : مجاز القرآن (١ / ٨٣).

(١٢) انظر : نزهة القلوب (١٥٣).

٥٥

٢٦٩ ـ و (الْحِكْمَةَ) ههنا : العقل ، وفيها أقوال سأستوعبها في الباب الذي ختمت به هذا الكتاب.

٢٧٠ ـ و (نَذَرْتُمْ) أي : تطوعتم (١).

و (مِنْ نَذْرٍ) أي : من عمل يتطوع به.

٢٧١ ـ و (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ) أي : تجهروا بها (٢).

و (فَنِعِمَّا هِيَ) أي : فنعم الشيء هي ، يعني : صدقة الجهر.

و (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) يعني : أن صدقة السر خير من صدقة الجهر.

٢٧٣ ـ و (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا) قيل : إنهم أصحاب الصفة.

و (ضَرْباً فِي الْأَرْضِ) أي : سيرا فيها وإبعادا (٣).

و (الْجاهِلُ) ههنا : الذي لم يجرب الأمور (٤).

و (بِسِيماهُمْ) أي : بعلامتهم (٥).

و (إِلْحافاً) : الإلحاح (٦).

٢٧٥ ـ و (مِنَ الْمَسِ) أي : من الجنون ، يقال : رجل ممسوس ومجنون (٧).

٢٧٦ ـ و (يَمْحَقُ) أي : يذهب (٨).

و (وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) أي : ينميها ويكثرها.

٢٧٩ ـ و (فَأْذَنُوا) بالقصر وفتح الذال أي : فاعلموا ذلك واسمعوه ومن قرأ

__________________

(١) انظر : معاني القرآن (١ / ١٨٦).

(٢) انظر : معاني القرآن إعرابه (١ / ٣٥٣).

(٣) انظر : نزهة القلوب (١٣٢).

(٤) انظر : تفسير الغريب (٩٨).

(٥) انظر : نزهة القلوب (١١٧).

(٦) انظر : مجاز القرآن (١ / ٨٣).

(٧) انظر : تفسير الغريب (٩٨).

(٨) انظر : نزهة القلوب (٢١٩).

٥٦

فآذنوا بالمد وكسر الذال ، فمعناه فأعلموا غيركم بذلك (١).

٢٨٠ ـ و (فَنَظِرَةٌ) أي : فانتظار (٢).

و (إِلى مَيْسَرَةٍ) أي : إلى يسار وهو الغنى.

٢٨٢ ـ و (وَلا يَبْخَسْ) أي : ولا ينقص (٣).

و (سَفِيهاً) أي : جاهلا (٤).

و (ضَعِيفاً) ههنا : يراد به الأحمق (٥).

و (أَنْ تَضِلَ) أي : تنسى (٦).

و (تَسْئَمُوا) أي : تملوا (٧).

و (أَقْسَطُ) أي : أقوم (٨).

و (أَلَّا تَرْتابُوا) أي : لا تشكوا (٩).

و (تُدِيرُونَها) أي : تتبايعونها.

و (وَلا يُضَارَّ) أي : لا يضارر فمنهم من يجعل يضار على وزن يفاعل مفتوح العين فعل ما لم يسم فاعله ، فيكون معنى هذا لا يضارر كاتب أي : لا يأتيه فيشغله عن سوقه وصنعته ونحو ذلك من أسباب معاشه.

وهذا قول مجاهد والكلبي في معنى هذه الآية (١٠) ومنهم من يجعل يضارر

__________________

(١) انظر : تفسير الغريب (٩٨).

(٢) انظر : تفسير الغريب (٩٩).

(٣) انظر : مجاز القرآن (١ / ٨٣).

(٤) انظر : معاني القرآن وإعرابه (١ / ٣٦٣).

(٥) انظر : معاني القرآن (١ / ١٨٣).

(٦) انظر : مجاز القرآن (١ / ٨٣).

(٧) انظر : تفسير الغريب (٩٩).

(٨) انظر : نزهة القلوب (٧ / ٣).

(٩) انظر : تفسير الغريب (٩٩).

(١٠) انظر : معاني القرآن وإعرابه (١ / ٣٦٦).

٥٧

على وزن يفاعل مكسور العين ، ويرفع كاتبا على الفاعل فمعناه : لا يكتب كاتب ما لم يحلل عليه ، ولا يشهد شاهد بما لم يشهد عليه.

وقيل : إن معنى هذا لا يمتنعان إذا دعيا (١).

٢٨٣ ـ و (فَرِهانٌ) جمع رهن ومن قرأ فرهن بضم الراء والهاء فهو جمع رهان فكأنه جمع الجمع (٢).

٢٨٦ ـ و (إِلَّا وُسْعَها) أي : طاقتها (٣).

و (إِصْراً) الثقل (٤).

و (مَوْلانا) أي : ولينا (٥).

__________________

(١) انظر : تفسير الغريب (١٠٠).

(٢) انظر : معاني القرآن وإعرابه (١ / ٣٦٦ ـ ٣٦٧).

(٣) انظر : تفسير الغريب (١٠٠).

(٤) انظر : مجاز القرآن (١ / ١٨٤).

(٥) انظر : تفسير الغريب (١٠٠).

٥٨

سورة آل عمران

وهي مدنية قد تقدم القول على (الم) في سورة البقرة.

٧ ـ و (مُحْكَماتٌ) أي : مبينات ظاهرات لا تحتاج إلى تأويل (١).

__________________

(١) قال الشريف الرضي في حقائق التأويل : في وصف الآيات المحكمات بأمّ الكتاب :

ومن سأل عن معنى قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ)[آل عمران : ٧] ، فقال : كيف جمع سبحانه بين قوله : هُنَّ ، وهو ضمير لجمع ، وبين قوله : (أُمُّ الْكِتابِ) وهو اسم لواحد ، فجعل الواحد صفة للجمع ، وهذا فتّ في عضد البلاغة وثلم في جانب الفصاحة!.

فالجواب : أن المراد بذلك كون هذه الآيات باجتماعها وانضمام بعضها إلى بعض في إنزالها ، أمّا للكتاب ، وليست كل واحدة أمّا بانفرادها ؛ فلما كان الأمر على ما قلنا جاز وصف الجمع بالواحد ؛ إذ كان في تعلق بعضه ببعض وأخذ بعضه برقاب بعض بمنزلة الواحد ، ولأنه سبحانه لو قال : هنّ أمّهات الكتاب لذهب ظن السامع إلى أن كل واحدة من الآيات أمّ لجميع الكتاب ، وليس المراد ذلك ، بل المراد ما قدّمنا القول فيه من كون الآيات بأجمعها أمّا للكتاب دون بعضها ؛ لأن المراد بكونها أمّا للكتاب أن بها يعلم ما هو المقصود بالكتاب من بيان معالم الدين ، وذلك لا يرجع إلى كل واحدة من الآيات ، بل يرجع إلى جميعها ، فالأم هاهنا بمعنى : الأصل ، الذي يرجع إليه ويعتمد عليه ؛ لأن المحكم أصل للمتشابه يقدح به فيظهر مكنونه ويستثير دفينه ؛ وعلى ذلك سميت والدة الإنسان أمّا ، لأنها أصله الذي منه طلع وعنه تفرّع ، ولذلك سميت مكّة أمّ القرى ؛ لأن القرى مضافة إليها ، وهي المتقدمة عليها والمذكورة قبلها.

وكان القياس أن يقولوا في جمع أم : أمّات ، ولكنهم قالوا : أمّهات ، لأنه قد جاء في الشعر الفصيح أمّهة ، فصحّ الجمع على أمهات ؛ قال قصيّ بن كلّاب :

أمّهتي خندف والياس أبي

وقال بعضهم : يقال : أمّهات في جمع ما يعقل ، وأمّات في جمع ما لا يعقل ، وأمّا وصفهم فاتحة الكتاب بأنها أمّ الكتاب فهو راجع أيضا إلى المعنى الذي ذكرناه ؛ لأنهم إنما وصفوها بذلك من حيث كانت أصلا يبنى عليها غيرها من القرآن في صلاة المصلي ، وعند تلاوة التالي إذا بدأ بقراءة الكتاب ، فقد صارت إذن متقدمة وبواقي السور لاحقة بها وموجفة خلفها ، وكذلك الآيات المحكمات هنّ أصول للمتشابهات تردّ إليها وتعطف عليها ، فقد بان : أنّ المعنى واحد ، والمراد متفق في وصفهم الآيات المحكمات بأنها أمّ ، وفاتحة الكتاب بأنها أمّ. وقال الأخفش : " إنما قال تعالى : (أُمُّ الْكِتابِ) ، ولم يقل : أمّهات الكتاب ، كما قال الرجل : ما ـ

٥٩

و (مُتَشابِهاتٌ) أي : التي لا تحتاج إلى تأويل (١).

و (زَيْغٌ) أي : جور وميل عن الحق (٢).

__________________

 ـ لي نصير ، فيقول القوم : نحن نصيرك ، و : ما لي أنصار ، فيقول الواحد : أنا أنصارك ، وهو يشبه دعني من تمرتان على الحكاية ، يعني : إذا قال القائل لصاحبه : ما عندي إلا تمرتان ، فيجيبه الآخر بحكاية قوله" : وأنشد قول الشاعر :

تعرّضت لي بمكان حلّ

تعرض المهرة في الطّولّ

تعرّضا لم تأل عن قتلا لي

وأراد : لم تأل عن أن تقول : قتلا لي ، فجعله على الحكاية ، لأنّه كان منصوبا قبل ذلك ، كما تقول : نودي بالصلاة الصلاة ، حكاية لقول القائل : الصلاة الصلاة ، قال : وقد قيل إنما هو : " تعرضا لم تأل أن قتلا لي" ولكنه جعله عينا ؛ لأن أن في لغة هذا الشاعر يجعل في موضعها عن ، وقد قال الشاعر :

قال الوشاة لهند : عن تصارمنا

ولست أنسى هوى هند وتنساني

أراد : أن تصارمنا ، فأبدل ؛ وإنما قال شاعر البيت الأول : (قتلا لي) ؛ لأنّه نصبه على الأمر ، كما تقول : ضربا لزيد ، وقد اعترض على هذا القول باعتراضات تمنع طريقة الاختصار من ذكرها وتمييز صحيحها من عليلها.

وقال بعض العلماء : نظير قوله تعالى : (هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) (على التأويل الذي تقدم في توحيد الأم وهي خبر لهن) قول الله سبحانه : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً)[المؤمنون : ٥٠] ، ولما مضى من الكلام في هذه لم يقل : آيتين ؛ لأن معناه : وجعلناهما جميعا آية ، ولو أراد : أنّ كل واحد منهما آية على انفراده ؛ لقال تعالى : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ) آيتين ؛ لأنّه قد كان في كل واحد منهما عبرة لهم ، وذلك أن مريم عليهاالسّلام ولدت من غير رجل ، ونطق ابنها عليه‌السلام في المهد ، وهو صبيّ لا يجوز من مثله النطق.

قلت أنا : وقد قال أبو العباس المبرّد في هذا المعنى قولا حسنا ، وكان إسماعيل بن إسحاق القاضي يذكره كثيرا على وجه الاستحسان له ، وهو أنّه قال : " إنما وحّد سبحانه صفتهما ، فقال : جعلناهما آية وهما اثنان ؛ لأنّ المعنى الذي أعجز منهما شيء واحد ، وذلك أنّ مريم عليهاالسّلام ولدت من غير ذكر ، وولد عيسى عليه‌السلام من غير أب ، فلو كان هناك زوج لكان أباه وزوجها ، فلما كان المعنى المعجز منهما شيئا واحدا حسن أن يقول سبحانه : جعلناهما آية ، وهما اثنان. وهذا حسن جدّا ، وقد ورد في المسألة ما فيه مقنع بتوفيق الله تعالى.

(١) انظر : تفسير الطبري (٨ / ١٧٢).

(٢) انظر : مجاز القرآن (١ / ٨٦).

٦٠