النّهاية - ج ١

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ١

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٧٢

(ه س) ومنه حديث عمرو «وإذا ببياض يَنْحَاشُ منّى وأَنْحَاشُ منه» أى ينفر منّى وأنفر منه. وهو مطاوع الحَوْش : النّفار. وذكره الهروى في الياء وإنما هو من الواو.

ومنه حديث سمرة «وإذا عنده ولدان فهو يَحُوشُهُمْ ويصلح بينهم» أى يجمعهم.

ومنه حديث عمر رضى الله عنه «أنّ رجلين أصابا صيدا قتله أحدهما وأَحَاشَهُ الآخر عليه» يعنى في الإحرام ، يقال حُشْتُ عليه الصّيد وأَحَشْتُهُ. إذا نفّرته نحوه وسقته إليه وجمعته عليه.

(ه س) ومنه حديث ابن عمر رضى الله عنهما «أنه دخل أرضا له فرأى كلبا فقال أَحِيشُوهُ علىّ».

(س) وفي حديث معاوية «قلّ انْحِيَاشُهُ» أى حركته وتصرّفه في الأمور.

وفي حديث علقمة «فعرفت فيه تَحَوُّشُ القوم وهيأتهم» يقال احْتَوَشَ القوم على فلان إذا جعلوه وسطهم ، وتَحَوَّشُوا عنه إذا تنحّوا.

(حوص) (ه) في حديث عليّ «أنه قطع ما فضل عن أصابعه من كمّيه ثم قال للخيّاط حُصْهُ» أى خِطْ كفافه. حَاصَ الثّوب يَحُوصُهُ حَوْصاً إذا خاطه.

ومنه حديثه الآخر «كلّما حِيصَتْ من جانب تهتّكت من آخر».

وفيه ذكر «حَوْصَاء» بفتح الحاء والمدّ : هو موضع بين وادى القرى وتبوك نزله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حيث سار إلى تبوك. وقال ابن إسحاق : هو بالضاد المعجمة.

(حوض) ـ في حديث أمّ إسماعيل عليهما‌السلام «لمّا ظهر لها ماء زمزم جعلت تُحَوِّضُهُ» أى تجعل له حَوْضا يجتمع فيه الماء.

(حوط) ـ في حديث العباس رضى الله عنه «قلت : يا رسول الله ما أغنيت عن عمّك يعنى أبا طالب ، فإنه كان يَحُوطُكَ ويغضب لك» حَاطَهُ يَحُوطُهُ حَوْطاً وحِيَاطَةً : إذا حفظه وصانه وذبّ عنه وتوفّر على مصالحه.

ومنه الحديث «وتُحِيطُ دعوته من ورائهم» أى تحدق بهم من جميع جوانبهم. يقال : حَاطَهُ وأَحَاطَ به.

ومنه قولهم «أَحَطْتُ به علما» أى أحدق علمى به من جميع جهاته وعرفته.

٤٦١

وفي حديث أبى طلحة «فإذا هو في الحَائِط وعليه خميصة» الحَائِط هاهنا البستان من النخيل إذا كان عليه حَائِط وهو الجدار. وقد تكرر في الحديث ، وجمعه الحَوَائِط.

ومنه الحديث «على أهل الحَوَائِط حفظها بالنّهار» يعنى البساتين ، وهو عامّ فيها.

(حوف) (س) فيه «سلّط عليهم موت طاعون يَحُوفُ القلوب» أى يغيّرها عن التوكّل ويدعوها إلى الانتقال والهرب منه ، وهو من الحَافَةِ : ناحية الموضع وجانبه. ويروى يُحَوِّفُ بضم الياء وتشديد الواو وكسرها. وقال أبو عبيد : إنّما هو بفتح الياء وتسكين الواو.

(س) ومنه حديث حذيفة «لمّا قتل عمر رضى الله عنه نزل الناس حَافَة الإسلام» أى جانبه وطرفه.

وفيه «كان عمارة بن الوليد وعمرو بن العاص في البحر ، فجلس عمرو على مِيحَاف السّفينة فدفعه عمارة» أراد بالمِيحَاف أحد جانبى السّفينة. ويروى بالنون والجيم.

(ه) وفي حديث عائشة «تزوّجنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلىّ حَوْفٌ» الحَوْفُ : البقيرة تلبسها الصّبيّة ، وهى ثوب لا كمّين له. وقيل هى سيور تشدّها الصّبيان عليهم. وقيل هو شدّة العيش.

(حوق) (س) في حديث أبى بكر رضى الله عنه حين بعث الجند إلى الشام «كان في وصيّته : ستجدون أقواما مُحَوَّقَةً رءوسهم» الحَوْقُ : الكنس. أراد أنّهم حلقوا وسط رءوسهم ، فشبّه إزالة الشّعر منه بالكنس ، ويجوز أن يكون من الحُوق : وهو الإطار المحيط بالشىء المستدير حوله.

(حول) (ه س) فيه «لا حَولَ ولا قوّة إلا بالله» الحَوْلُ هاهنا : الحركة. يقال حَالَ الشّخص يَحُولُ إذا تحرّك ، المعنى : لا حركة ولا قوّة إلا بمشيئة الله تعالى. وقيل الحَوْلُ : الحيلة ، والأوّل أشبه.

(ه) ومنه الحديث «اللهم بك أصول وبك أَحُولُ» أى أتحرّك. وقيل أَحْتَالُ. وقيل أدفع وأمنع ، من حَالَ بين الشّيئين إذا منع أحدهما عن الآخر.

٤٦٢

(ه) وفي حديث آخر «بك أصاول وبك أُحَاوِلُ» هو من المفاعلة. وقيل المُحَاوَلَةُ طلب الشىء بحيلة.

(ه) وفي حديث طهفة «ونَسْتَحِيلُ الجهام» أى ننظر إليه هل يتحرّك أم لا. وهو نستفعل. من حَالَ يَحُولُ إذا تحرّك. وقيل معناه نطلب حال مطره. ويروى بالجيم. وقد تقدّم (١).

(س) وفي حديث خيبر «فحَالُوا إلى الحصن» أى تَحَوَّلُوا. ويروى أَحَالُوا : أى أقبلوا عليه هاربين ، وهو من التَّحَوُّلِ أيضا.

(س) ومنه «إذا ثوّب بالصلاة أَحَالَ الشيطان له ضراط» أى تَحَوَّلَ من موضعه. وقيل هو بمعنى طفق وأخذ وتهيّأ لفعله.

(ه س) ومنه الحديث «من أَحَالَ دخل الجنة» أى أسلم. يعنى أنه تحوّل من الكفر إلى الإسلام.

وفيه «فاحْتَالَتْهُمُ الشياطين» أى نقلتهم من حال إلى حال هكذا جاء في رواية ، والمشهور بالجيم. وقد تقدم.

ومنه حديث عمر رضى الله عنه «فاسْتَحَالَتْ غربا» أى تَحَوَّلَتْ دلوا عظيمة.

وفي حديث ابن أبى ليلى «أُحِيلَتِ الصلاة ثلاثة أَحْوَال» أى غيّرت ثلاث تغييرات ، أو حُوِّلَتْ ثلاث تَحْوِيلات.

(س) ومنه حديث قباث بن أشيم «رأيت خذق الفيل أخضر مُحِيلا» أى متغيّرا.

ومنه الحديث «نهى أن يستنجى بعظم حَائِل» أى متغير قد غيّره البلى ، وكلّ متغير حَائِل فإذا أتت عليه السّنة فهو مُحِيل ، كأنه مأخوذ من الحول : السّنة.

(س) وفيه «أعوذ بك من شرّ كل ملقح ومُحِيل» المُحِيل : الذى لا يولد له ، من قولهم : حَالَتِ الناقة وأَحَالَتْ : إذا حملت عاما ولم تحمل عاما. وأَحَالَ الرجل إبله العام إذا لم يُضرِبها الفحل.

(ه) ومنه حديث أمّ معبد «والشاء عازب حِيَال» أى غير حوامل. حَالَتْ تَحُولُ حِيَالاً ، وهى شاء حيِال ، وإبل حِيَال : والواحدة حَائِل ، وجمعها حُول أيضا بالضم.

__________________

(١) ويروى بالخاء المعجمة ، وسيجىء.

٤٦٣

(ه) وفي حديث موسى وفرعون «إنّ جبريل عليه‌السلام أخذ من حَالِ البحر فأدخله فا فرعون» الحَالُ : الطين الأسود كالحمأة.

ومنه الحديث في صفة الكوثر «حَالُهُ المسك» أى طينه.

(ه) وفي حديث الاستسقاء «اللهم حَوَالَيْنَا ولا علينا» يقال رأيت الناس حَولَهُ وحَوَالَيْهِ : أى مطيفين به من جوانبه ، يريد اللهم أنزل الغيث في مواضع النّبات لا فى مواضع الأبنية.

(س) وفي حديث الأحنف «إنّ إخواننا من أهل الكوفة نزلوا في مثل حُوَلَاء الناقة ، من ثمار متهدّلة وأنهار متفجّرة» أى نزلوا في الخصب. تقول العرب : تركت أرض بنى فلان كحُوَلَاء الناقة إذا بالغت في صفة خصبها ، وهى جليدة رقيقة تخرج مع الولد فيها ماء أصفر ، وفيها خطوط حمر وخضر

(س) وفي حديث معاوية «لما احتضر قال لابنتيه : قلّبانى ، فإنكما لتقلّبان حُوَّلاً قُلَّباً ، إن وقى كيّة النار (١)» الحُوَّلُ : ذو التّصرّف والاحْتِيَال في الأمور. ويروى «حُوَّلِيّا قُلَّبِيّا إن نجا من عذاب الله» وياء النّسبة للمبالغة.

ومنه حديث الرجلين اللّذين ادّعى أحدهما على الآخر «فكان حُوَّلاً قُلَّبا».

وفي حديث الحجّاج «فما أَحَالَ على الوادى» أى ما أقبل عليه.

وفي حديث آخر «فجعلوا يضحكون ويُحِيلُ بعضهم على بعض» أى يقبل عليه ويميل إليه.

(س) وفي حديث مجاهد «في التّورّك في الأرض المُسْتَحِيلَة» أى المعوجّة لاسْتِحَالَتِهَا إلى العوج.

(حولق) ـ فيه ذكر «الحَوْلَقَة» هى لفظة مبنيّة من لا حول ولا قوّة إلا بالله ، كالبسملة من بسم الله ، والحمدلة من الحمد لله. هكذا ذكره الجوهرى بتقديم اللّام على القاف ، وغيره يقول :

__________________

(١) في اللسان ، وتاج العروس : كبة ، بالباء الموحدة.

٤٦٤

الحَوْقَلَة بتقديم القاف على اللام ، والمراد من هذه الكلمة إظهار الفقر إلى الله بطلب المعونة منه على ما يحاول من الأمور ، وهو حقيقة العبوديّة. وروى عن ابن مسعود أنه قال : معناه لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله ، ولا قوّة على طاعة الله إلا بمعونة الله.

(حوم) (ه) في حديث الاستسقاء «اللهم ارحم بهائمنا الحَائِمَة» هى التى تَحُومُ على الماء أى تطوف فلا تجد ماء ترده.

(س) وفي حديث عمر «ما ولى أحد إلّا حَامَ على قرابته» أى عطف كفعل الحَائِم على الماء. ويروى «حامى».

(س) وفي حديث وفد مذحج «كأنها أخاشب بالحَومَانَةِ» أى الأرض الغليظة المنقادة.

(حوا) (س) فيه «أنّ امرأة قالت : إنّ ابنى هذا كان بطنى له حِوَاء» الحِوَاء : اسم المكان الذى يَحْوِي الشّيءَ : أى يضمّه ويجمعه.

[ه] وفي حديث قيلة «فوألنا إلى حِوَاء ضخم» الحِوَاء : بيوت مجتمعة من الناس على ماء ، والجمع أَحْوِيَة. ووألنا بمعنى لجأنا.

ومنه الحديث الآخر «ويطلب في الحِوَاء العظيم الكاتب فما يوجد».

(ه) وفي حديث صفيّة «كان يُحَوِّي وراءه بعباءة أو كساء ثم يردفها» التَّحْوِيَة : أن يدير كساء حول سنام البعير ثم يركبه ، والاسم الحَوِيَّة. والجمع الحَوَايَا.

ومنه حديث بدر «قال عمير بن وهب الجمحى لمّا نظر إلى أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحزرهم وأخبر عنهم : رأيت الحَوَايَا عليها المنايا ، نواضح يثرب تحمل الموت النّاقع».

(س) وفي حديث أبى عمرو النّخعى «ولدت جديا أسفع أَحْوَى» أى أسود ليس بشديد السّواد.

(ه) وفيه «خير الخيل الحُوُّ» الحُوُّ جمع أَحْوَى ، وهو الكميت الذى يعلوه سواد. والحُوَّة : الكمتة. وقد حَوِيَ فهو أَحْوَى.

٤٦٥

(ه) وفيه «أنّ رجلا قال : يا رسول الله هل علىّ في مالي شىء إذا أدّيت زكاته؟ قال : فأين ما تَحَاوَتْ عليك الفضول؟» هى تفاعلت ، من حَوَيْتُ الشيءَ إذا جمعته. يقول : لا تدع المواساة من فضل مالك. والفضول جمع فضل المال عن الحوائج. ويروى «تحاوأت» بالهمز ، وهو شاذّ مثل لبّأت بالحجّ.

وفي حديث أنس «شفاعتى لأهل الكبائر من أمّتى حتّى حَكَم وحَاء» هما حيّان من اليمن من وراء رمل يبرين. قال أبو موسى : يجوز أن يكون حَا ؛ من الحُوَّة ، وقد حذفت لامه. ويجوز أن يكون من حَوَى يَحْوِي. ويجوز أن يكون مقصورا غير ممدود.

(باب الحاء مع الياء)

(حيب) (س) في حديث عروة «لمّا مات أبو لهب أريه بعض أهله بشرّ حِيبَةٍ» أى بشرّ حال. والحِيبَةُ والحُوبَةُ : الهمّ والحزن. والحِيبَةُ أيضا الحاجة والمسكنة.

(حيد) (ه) فيه «أنه ركب فرسا فمرّ بشجرة فطار منها طائر فحَادَتْ فندر عنها» حَادَ عن الشيء والطّريق يَحِيدُ إذا عدل ، أراد أنها نفرت وتركت الجادّة.

وفي خطبة عليّ «فإذا جاء القتال قلتم حِيدِي حَيَادِ» حِيدِي أى ميلى. وحَيَادِ بوزن قَطَامِ. قال الجوهرى : هو مثل قولهم : فِيحِي فَيَاحِ ، أى اتّسعي. وفَيَاحِ اسم للغارة.

وفي كلامه أيضا يذمّ الدّنيا «هى الجَحُود الكَنُود الحَيُود المَيُود» وهذا البناء من أبنية المبالغة.

(حير) ـ في حديث عمر «أنه قال : الرّجال ثلاثة : فرجل حَائِرٌ بائر» أى مُتَحَيِّر في أمره لا يدرى كيف يهتدى فيه.

[ه] وفي حديث ابن عمر رضى الله عنهما «ما أعطى رجل قطّ أفضل من الطّرق ، يطرق الرّجل الفحل فيلقح مائة فيذهب حَيْرِيَ دهر» ويروى «حَيْرِي دهر» بياء ساكنة «وحَيْرِيَ دهر» بياء مخفّفة ، والكل من تَحَيُّر الدّهر وبقائه. ومعناه مدّة الدهر. ودوامه : أى ما أقام الدّهر. وقد جاء في تمام الحديث : «فقال له رجل : ما حَيْرِيُ الدهر ، قال : لا يحسب» أى لا يعرف حسابه

٤٦٦

لكثرته ، يريد أنّ أجر ذلك دائم أبدا لموضع دوام النّسل.

(س) وفي حديث ابن سيرين في غسل الميّت «يؤخذ شيء من سدر فيجعل في مَحَارَة أو سكرّجة» المَحَارَةُ والحَائِرُ : الموضع الذى يجتمع فيه الماء ، وأصل المَحَارَةِ الصّدفة. والميم زائدة.

وقد تكرر فيه ذكر «الحِيرَةِ» وهى بكسر الحاء : البلد القديم بظهر الكوفة ، ومحلّة معروفة بنيسابور.

(حيزم) (س) في حديث بدر «أقدم حَيْزُومُ» جاء في التفسير أنه اسم فرس جبريل عليه‌السلام ، أراد أقدم يا حَيْزُومُ ، فحذف حرف النّداء. والياء فيه زائدة.

(س) وفي حديث عليّ :

اشدد حَيَازِيمَكَ للموت

فإنّ الموت لاقيك (١)

الحَيَازِيمُ : جمع الحَيْزُوم ، وهو الصّدر. وقيل وسطه. وهذا الكلام كناية عن التّشمير للأمر والاستعداد له.

(حيس) (س) فيه «أنه أولم على بعض نسائه بحَيْس» هو الطّعام المتّخذ من التّمر والأقط والسّمن. وقد يجعل عوض الأقط الدّقيق ، أو الفتيت. وقد تكرر ذكر الحَيْسِ في الحديث.

(ه) وفي حديث أهل البيت «لا يحبنا اللّكع ولا المَحْيُوسُ» المَحْيُوس : الذى أبوه عبد وأمّه أمة ، كأنه مأخوذ من الحَيْس.

(حيش) (ه) فيه «أنّ قوما أسلموا فقدموا إلى المدينة بلحم ، فَتَحَيَّشَتْ أنفس أصحابه منه ، وقالوا : لعلّهم لم يسمّوا ، فسألوه فقال : سمّوا أنتم وكلوا» تَحَيَّشَتْ : أى نفرت. يقال : حَاشَ يَحِيشُ حَيْشاً إذا فزع ونفر. ويروى بالجيم. وقد تقدّم.

(س) ـ ومنه حديث عمر «أنه قال لأخيه زيد يوم ندب لقتال أهل الرّدّة : ما هذا الحَيْشُ والقِلّ» أى ما هذا الفزع والنفور. والقِلّ : الرّعدة.

__________________

(١) كذا بالأصل وا واللسان وتاج العروس. والبيت من بحر الهزج المخزوم ـ والخزم زيادة تكون في أول البيت لا يعتد بها في تقطيعه ـ والذى في الأساس :

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ

فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى

برفقٍ مجيباً (ما سألتَ يَهُونُ)

٤٦٧

(ه) وفيه «أنه دخل حَائِشَ نخل فقضى فيه حاجته» الحَائِشُ : النّخل الملتفّ المجتمع ، كأنه لالتفافه يَحُوش بعضه إلى بعض. وأصله الواو ، وإنّما ذكرناه هاهنا لأجل لفظه.

ومنه الحديث «أنه كان أحبّ ما استتر به إليه حَائِش نخل أو حائط» وقد تكرر في الحديث.

(حيص) (ه) في حديث ابن عمر «كان في غزاة قال : فَحَاصَ المسلمون حَيْصَةً» أى جالوا جولة يطلبون الفرار. والمَحِيص : المهرب والمحيد. ويروى بالجيم والضّاد المعجمة. وقد تقدّم.

ومنه حديث أنس «لمّا كان يوم أحد حَاصَ المسلمون حَيْصَة ، قالوا : قتل محمّد».

(س) وحديث أبى موسى «أنّ هذه الفتنة حَيْصَة من حَيَصَات الفتن» أى روغة منها عدلت إلينا.

(ه) وفي حديث مطرّف «أنه خرج زمن الطاعون ، فقيل له في ذلك ، فقال : هو الموت نُحَايِصُهُ ولا بدّ منه» المُحَايَصَةُ : مفاعلة ، من الحَيْص : العدول والهرب من الشىء. وليس بين العبد وبين الموت مُحَايَصَة ، وإنّما المعنى أن الرجل في فرط حرصه على الفرار من الموت كأنه يباريه ويغالبه ، فأخرجه على المفاعلة لكونها موضوعة لإفادة المباراة والمغالبة في الفعل ، كقوله تعالى (يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ) فيؤول معنى نُحَايِصُهُ إلى قولك نحرص على الفرار منه.

(ه) وفي حديث ابن جبير «أثقلتم ظهره وجعلتم عليه الأرض حَيْصَ بَيْصَ» أى ضيّقتم عليه الأرض حتى لا يقدر على التّردّد فيها. يقال : وقع في حَيْصَ بَيْصَ ، إذا وقع في أمر لا يجد منه مخلصا. وفيه لغات عدّة ، ولا تنفرد إحدى اللّفظتين عن الأخرى. وحَيْصَ من حَاصَ إذا حاد ، وبَيْصَ من باص إذا تقدّم. وأصلها الواو. وإنّما قلبت ياء للمزاوجة بحَيْصَ. وهما مبنيّان بناء خمسة عشر.

(حيض) ـ قد تكرر ذكر «الحَيْضِ» وما تصرف منه ، من اسم ، وفعل ، ومصدر ، وموضع ، وزمان ، وهيئة ، في الحديث. يقال : حَاضَتْ المرأة تَحِيضُ حَيْضاً ومَحِيضاً ، فهى حَائِضٌ ، وحَائِضَةٌ.

٤٦٨

(س) فمن أحاديثه قوله : «لا تقبل صلاة حَائِضٍ إلا بخمار» أى التى بلغت سنّ المَحِيض وجرى عليها القلم ، ولم يرد في أيام حيضها ، لأنّ الحائض لا صلاة عليها ، وجمع الحائض حُيَّضٌ وحَوَائِض.

ومنها قوله «تَحَيَّضِي في علم الله ستّا أو سبعا» تَحَيَّضَتِ المرأة إذا قعدت أيّام حيضها تنتظر انقطاعه ، أراد عدّى نفسك حائضا وافعلى ما تفعل الحائض. وإنّما خصّ السّتّ والسبع لأنهما الغالب على أيام الحيض.

(س) ومنها حديث أمّ سلمة «قال لها : إنّ حِيضَتَكَ ليست في يدك» الحِيضَةُ بالكسر الاسم من الحَيْض ، والحال الّتى تلزمها الحائض من التّجنّب والتَّحَيُّض ، كالجلسة والقعدة ، من الجلوس والقعود ، فأما الحَيْضَةُ ـ بالفتح ـ فالمرّة الواحدة من دفع الحيض ونوبه ، وقد تكرر في الحديث كثيرا ، وأنت تفرق بينهما بما تقتضيه قرينة الحال من مساق الحديث.

ومنها حديث عائشة «ليتني كنت حِيضَةً ملقاة» هى بالكسر خرقة الحيض. ويقال لها أيضا المَحِيضَة ، وتجمع على المَحَايِض.

ومنه حديث بئر بضاعة «يلقى فيها المَحَايِض» وقيل المَحَايِض جمع المَحِيض ، وهو مصدر حَاضَ فلما سمّى به جمعه. ويقع المَحِيض على المصدر والزمان والمكان والدّم.

ومنها الحديث «إنّ فلانة اسْتُحِيضَتْ» الاسْتِحَاضَة : أن يستمرّ بالمرأة خروج الدم بعد أيام حيضها المعتادة. يقال اسْتُحِيضَتْ فهى مُسْتَحَاضَة ، وهو استفعال من الحيض.

(حيف) (س) في حديث عمر «حتى لا يطمع شريف في حَيْفِكَ» أى في ميلك معه لشرفه. والحَيْفُ : الجور والظلم.

(حيق) (س) في حديث أبى بكر «أخرجنى ما أجد من حَاقِ الجوع» هو من حَاقَ يَحِيق حَيْقاً وحَاقاً : أى لزمه ووجب عليه. والحَيْقُ : ما يشتمل على الإنسان من مكروه. ويروى بالتشديد. وقد تقدم.

٤٦٩

ومنه حديث عليّ «تحوّف من الساعة التى من سار فيها حَاقَ به الضّرّ».

(حيك) (ه) فيه «الإثم ما حَاكَ في نفسك» أى أثّر فيها ورسخ. يقال : ما يَحِيكُ كلامك في فلان : أى ما يؤثر. وقد تكرر في الحديث.

(س) وفي حديث عطاء «قال له ابن جريج : فما حِيَاكَتُهُم وحِيَاكَتُكُم هذه؟» الحِيَاكَةُ : مشية تبختر وتثبّط. يقال : تَحَيَّكَ في مشيته ، وهو رجل حَيَّاك.

(حيل) (ه) في حديث الدعاء «اللهم يا ذا الحَيْلِ الشديد» الحَيْلُ : القوّة. قال الأزهرى : المحدّثون يروونه الحبل بالباء ، ولا معنى له ، والصواب بالياء. وقد تقدم ذكره.

وفيه «فصلّى كلّ منّا حِيَالَهُ» أى تلقاء وجهه.

(حين) ـ في حديث الأذان «كانوا يَتَحَيَّنُونَ وقت الصلاة» أى يطلبون حينها. والحِينُ الوقت.

ومنه حديث رمي الجمار «كنا نَتَحَيَّنُ زوال الشمس».

(ه) ـ ومنه الحديث «تَحَيَّنُوا نوقكم» هو أن يحلبها مرة واحدة في وقت معلوم. يقال : حَيَّنْتُهَا وتَحَيَّنْتُهَا.

وفي حديث ابن زمل «أكبّوا رواحلهم في الطريق وقالوا : هذا حِينُ المنزل» أى وقت الرّكون إلى النّزول. ويروى «خير المنزل» بالخاء والراء.

(حيا) ـ فيه «الحَيَاءُ من الإيمان» جعل الحَيَاء ، وهو غريزة ، من الإيمان ، وهو اكتساب ؛ لأنّ المُسْتَحْيِي ينقطع بحيائه عن المعاصى ، وإن لم تكن له تقيّة ، فصار كالإيمان الذى يقطع بينها وبينه. وإنما جعله بعضه لأنّ الإيمان ينقسم إلى ائتمار بما أمر الله به ، وانتهاء عما نهى الله عنه ، فإذا حصل الانتهاء بالحياء كان بعض الإيمان.

(ه) ومنه الحديث «إذا لم تَسْتَحْيِ فاصنع ما شئت» يقال : اسْتَحْيَا يَسْتَحْيِي ، واسْتَحَى يَسْتَحِي ، والأوّل أعلى وأكثر ، وله تأويلان : أحدهما ظاهر وهو المشهور : أى إذا لم تَسْتَحِي من العيب ولم تخش العار مما تفعله فافعل ما تحدّثك به نفسك من أغراضها حسنا كان أو قبيحا ، ولفظه أمر ، ومعناه توبيخ وتهديد ، وفيه إشعار بأن الذى يردع الإنسان عن مواقعة السوء هو الحَيَاء ، فإذا

٤٧٠

انخلع منه كان كالمأمور بارتكاب كل ضلالة وتعاطى كل سيئة. والثانى أن يحمل الأمر على بابه ، يقول : إذا كنت في فعلك آمنا أن تَسْتَحْيِيَ منه لجريك فيه على سنن الصواب ، وليس من الأفعال التى يُسْتَحْيَا منها فاصنع منها ما شئت.

(س) وفي حديث حنين «قال للأنصار : المَحْيَا مَحْيَاكُمْ والممات مماتكم» المَحْيَا مفعل من الحَيَاة ، ويقع على المصدر والزمان والمكان.

وفيه «من أَحْيَا مواتا فهو أحقّ به» الموات : الأرض التى لم يجر عليها ملك أحد ، وإِحْيَاؤُهَا : مباشرتها بتأثير شىء فيها ، من إحاطة ، أو زرع ، أو عمارة ونحو ذلك ، تشبيها بإِحْيَاء الميت.

(س) ـ ومنه حديث عمر ، وقيل سلمان «أَحْيَوا ما بين العشاءين» أى اشغلوه بالصلاة والعبادة والذكر ، ولا تعطلوه فتجعلوه كالميت بعطلته. وقيل : أراد لا تناموا فيه خوفا من فوات صلاة العشاء لأن النّوم موت ، واليقظة حَيَاة ، وإِحْيَاء الليل : السهر فيه بالعبادة ، وترك النوم. ومرجع الصّفة إلى صاحب الليل ، وهو من باب قوله (١) :

فأتت به حوش الفؤاد مبطّنا

سهدا إذا ما نام ليل الهوجل

أى نام فيه ، ويريد بالعشاءين المغرب والعشاء ، فغلّب.

(س) وفيه «أنه كان يصلى العصر والشمس حَيَّةً» أى صافية اللون لم يدخلها التغير بدنوّ المغيب ؛ كأنه جعل مغيبها لها موتا ، وأراد تقديم وقتها.

(س) وفيه «إن الملائكة قالت لآدم عليه‌السلام : حَيَّاكَ الله وبَيَّاكَ» معنى حَيَّاكَ : أبقاك ، من الحياة. وقيل : هو من استقبال المُحَيَّا وهو الوجه. وقيل ملّكك وفرّحك. وقيل سلّم عليك ، وهو من التَّحِيَّةِ : السلام.

(ه) ـ ومنه حديث «تَحِيَّات الصلاة» وهى تفعلة من الحياة. وقد ذكرناها في حرف التاء لأجل لفظها.

__________________

(١) هو أبو كبير الهذلى. (ديوان الهذليين ٢ / ٩٢) والرواية هناك :

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ

فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى

برفقٍ مجيباً (ما سألتَ يَهُونُ)

٤٧١

(ه) وفي حديث الاستسقاء «اللهم اسقنا غيثا مغيثا وحَياً ربيعا» الحَيَا مقصور : المطر لإحيائه الأرض. وقيل الخصب وما يحيا به الناس.

ومنه حديث القيامة «يصبّ عليهم ماء الحَيَا» هكذا جاء في بعض الروايات. والمشهور يصبّ عليهم ماء الحَيَاة.

ومنه حديث عمر رضى الله عنه «لا آكل السّمين حتى يَحْيَا الناس من أوّل ما يَحْيَوْنَ» أى حتى يمطروا ويخصبوا ، فإن المطر سبب الخصب. ويجوز أن يكون من الحياة لأن الخصب سبب الحياة.

(ه س) وفيه «أنه كره من الشّاة سبعا : الدّم ، والمرارة ، والحَيَاء ، والغدّة ، والذّكر ، والأنثيين ، والمثانة» الحَيَاء ممدود : الفرج من ذوات الخفّ والظّلف. وجمعه أَحْيِيَة.

(ه) وفي حديث البراق «فدنوت منه لأركبه ، فأنكرنى ، فَتَحَيَّا منى» أى انقبض وانزوى ، ولا يخلو إما أن يكون مأخوذا من الحياء على طريق التمثيل ؛ لأن من شأن الحَيِيِّ أن ينقبض ، أو يكون أصله تحوّى : أى تجمّع ؛ فقلب واوه ياء ، أو يكون تفيعل من الْحَيّ وهو الجمع كتحيّز من الحوز.

(ه) وفي حديث الأذان «حَيَ على الصلاة حَيَ على الفلاح» أى هلمّوا إليهما وأقبلوا وتعالوا مسرعين.

(ه) ـ ومنه حديث ابن مسعود «إذا ذكر الصّالحون فَحَيَّهَلَا بعمر» أى ابدأ به واعجل بذكره ، وهما كلمتان جعلتا كلمة واحدة. وفيها لغات. وهلا حثّ واستعجال.

(ه) وفي حديث ابن عمير «إن الرجل ليسأل عن كل شىء حتّى عن حَيَّةِ أهله» أى عن كل نفس حَيَّةٍ في بيته كالهرّة وغيرها.

انتهى الجزء الأول من نهاية ابن الأثير

ويليه الجزء الثانى وأوله : (حرف الخاء)

٤٧٢