النّهاية - ج ١

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ١

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٧٢

الجمار في الحج فردا ، وهى سبع حصيات ، ويطوف سبعا ، ويسعى سبعا. وقيل أراد بفرديّة الطواف والسعى : أن الواجب منهما مرّة واحدة لا تثنّى ولا تكرّر ، سواء كان المحرم مفردا أو قارنا.

وقيل أراد بالاستجمار : الاستنجاء ، والسّنّة أن يستنجى بثلاث. والأوّل أولى لاقترانه بالطّواف والسعى.

(ه) وفي حديث الشّعبىّ «فما مضت إلّا تَوَّةٌ حتى قام الأحنف من مجلسه» أى ساعة واحدة.

(توا) (س) في حديث أبى بكر رضى الله عنه ، وقد ذكر من يدعى من أبواب الجنة فقال : «ذاك الذى لا تَوَى عليه» أى لا ضياع ولا خسارة ، وهو من التَّوَى : الهلاك.

(باب التاء مع الهاء)

(تهم) (س) فيه «جاء رجل به وضح إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال له : انظر بطن واد لا مُنْجِدٍ ولا مُتْهِمٍ فتمعّك فيه ، ففعل ، فلم يزد الوَضَح حتى مات» المُتْهِم : الموضع الذى ينصبّ ماؤه إلى تِهَامَة. قال الأزهرى : لم يرد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّ الوادى ليس من نجد ولا تِهَامَة ، ولكنّه أراد حدّا منهما ، فليس ذلك الموضع من نجد كلّه ، ولا من تهامة كلّه ، ولكنّه منهما ، فهو مُنْجِدٌ مُتْهِمٌ. ونجد ما بين العذيب إلى ذات عرق ، وإلى اليمامة ، وإلى جبلى طيّئ ، وإلى وجرة ، وإلى اليمن. وذات عرق أوّل تهامة إلى البحر وجدّة. وقيل تِهَامَة ما بين ذات عرق إلى مرحلتين من وراء مكة ، وما وراء ذلك من المغرب فهو غور. والمدينة لا تهاميّة ولا نجديّة ، فإنها فوق الغور ودون نجد.

(س) وفيه «أنه حبس في تُهْمَةٍ» التُّهْمَةُ فُعلة من الوهم ، والتاء بدل من الواو ، وقد تفتح الهاء. واتَّهَمْتُهُ : أى ظننت فيه ما نسب إليه.

(تهن) (س) في حديث بلال حين أذّن قبل الوقت «ألا إنّ العبد تَهِنَ» أى نام. وقيل النّون فيه بدل من الميم. يقال تَهِمَ يَتْهَمُ فهو تَهِم إذا نام. والتّهم شبه سدر يعرض من شدّة الحرّ وركود الرّيح. المعنى : أنه أشكل عليه وقت الأذان وتحيّر فيه فكأنه قد نام.

٢٠١

(باب التاء مع الياء)

(تيح) ـ فيه «فبى حلفت لَأُتِيحَنَّهُمْ فتنة تدع الحليم منهم حيران» يقال أَتَاحَ الله لفلان كذا : أى قدّره له وأنزله به. وتَاحَ له الشّىء.

(تير) ـ في حديث عليّ رضى الله عنه «ثمّ أقبل مزبدا كالتَّيَّار» هو موج البحر ولجّته.

(تيس) [ه] في حديث أبى أيوب رضى الله عنه «أنه ذكر الغول فقال قل لها : تِيسِي جعار»

تِيسِي : كلمة تقال في معنى إبطال الشىء والتّكذيب به. وجعار ـ بوزن قطام ـ مأخوذ من الجعر وهو الحدث ، معدول عن جاعرة ، وهو من أسماء الضّبع ، فكأنه قال لها : كذبت يا خارية. والعامة تغيّر هذه اللفظة ، تقول : طيزى بالطاء والزاى.

(ه) ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «والله لَأُتِيسَنَّهُمْ عن ذلك» أى لأبطلنّ قولهم ولأردّنّهم عن ذلك.

(تيع) (ه) في حديث الزكاة «في التِّيعَة شاة»

التِّيعَة : اسم لأدنى ما تجب فيه الزكاة من الحيوان ، وكأنها الجملة التى للسعاة عليها سبيل ، من تَاعَ يَتِيعُ إذا ذهب إليه ، كالخمس من الإبل ، والأربعين من الغنم.

(ه) وفيه «لا تَتَايَعُوا في الكذب كما يَتَتَايَعُ الفراش في النار» التَّتَايُع : الوقوع في الشّرّ من غير فكرة ولا رويّة ، والمتابعة عليه ، ولا يكون في الخير.

(ه) ومنه الحديث «لما نزل قوله تعالى «وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ» قال سعد بن عبادة رضى الله عنه : إن رأى رجل مع امرأته رجلا فيقتله تقتلونه ، وإن أخبر يجلد ثمانين ، أفلا يضربه بالسّيف؟ فقال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : كفي بالسّيف شا» أراد أن يقول شاهدا فأمسك. ثم قال : «لو لا أن يَتَتَايَعَ فيه الغيران والسكران» وجواب لو لا محذوف ، أراد لو لا تهافت الغيران والسّكران في القتل لتمّمت على جعله شاهدا ، أو لحكمت بذلك.

٢٠٢

ومنه حديث الحسن بن على رضى الله تعالى عنهما «إنّ عليّا كرم الله وجهه أراد أمرا فَتَتَايَعَتْ عليه الأمور فلم يجد منزعا» يعنى في أمر الجمل.

(تيفق) ـ في حديث عليّ رضى الله عنه «وسئل عن (الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) فقال : هو بيت في السماء تِيفَاقَ الكعبة» أراد حِذَاءها ومقابلها. يقال : كان ذلك لوفق الأمر وتَوْفَاقِهِ وتِيفَاقِهِ. وأصل الكلمة الواو ، والتاء زائدة.

(تيم) (ه) في كتابه لوائل بن حجر «والتِّيمَة لصاحبها» التِّيمَة بالكسر : الشّاة الزّائدة على الأربعين حتى تبلغ الفريضة الأخرى. وقيل هى الشاة تكون لصاحبها في منزله يحتلبها وليست بسائمة.

وفي قصيد كعب بن زهير.

مُتَيَّم إثرها لم يفد مكبول

أى معبّد مذلّل وتَيَّمَهُ الحبّ : إذا استولى عليه.

(تين) (س) في حديث ابن مسعود رضى الله عنه «تَانِ كالمرّتان» قال أبو موسى : كذا ورد في الرواية ، وهو خطأ ، والمراد به خصلتان مرّتان. والصواب أن يقال : تَانِكَ المرّتان ، ويصل الكاف بالنون ، وهى للخطاب : أى تانك الخصلتان اللّتان أذكرهما لك. ومن قرنهما بالمرّتين احتاج أن يجرّهما ويقول : كالمرّتين ، ومعناه هاتان الخصلتان كخصلتين مرّتين ، والكاف فيها للتّشبيه.

(تيه) ـ فيه «إنّك امرؤ تَائِهٌ» أى متكبّر أو ضالّ متحيّر.

ومنه الحديث «فَتَاهَتْ به سفينته» وقد تَاهَ يَتِيهُ تَيْهاً : إذا تحيّر وضلّ ، وإذا تكبّر. وقد تكرر في الحديث.

(تيا) (س) في حديث عمر رضى الله عنه «أنه رأى جارية مهزولة فقال : من يعرف تَيَّا؟

فقال له ابنه : هى والله إحدى بناتك» تَيَّا تصغير تا ، وهى اسم إشارة إلى المؤنث ، بمنزلة ذا للمذكّر ، وإنما جاء بها مصغّرة تصغيرا لأمرها ، والألف في آخرها علامة التّصغير ، وليست التى في مكبّرها ، ومنه قول بعض السّلف ، وأخذ تبنة من الأرض ، فقال : تَيَّا من التوفيق خير من كذا وكذا من العمل.

٢٠٣

حرف الثاء

(باب الثاء مع الهمزة)

(ثأب) (س) فيه «التَّثَاؤُب من الشيطان» التَّثَاؤُب معروف ، وهو مصدر تَثَاءَبَ ، والاسم الثُّؤَبَاء ، وإنّما جعله من الشيطان كراهة له لأنه إنما يكون مع ثقل البدن وامتلائه واسترخائه وميله إلى الكسل والنّوم ، فأضافه إلى الشيطان لأنه الذى يدعو إلى إعطاء النّفس شهوتها ، وأراد به التّحذير من السّبب الذى يتولّد منه وهو التّوسّع في المطعم والشّبع فيثقل عن الطاعات ، ويكسل عن الخيرات.

(ثأج) (ه) فيه «لا تأتى يوم القيامة وعلى رقبتك شاة لها ثُؤَاج» الثُّؤَاج بالضّم : صوت الغنم.

ومنه كتاب عمير بن أفصى «إنّ لهم الثَّائِجَة» هى التى تصوّت من الغنم. وقيل هو خاص بالضّأن منها.

(ثأد) (ه) في حديث عمر رضى الله عنه «قال في عام الرّمادة : لقد هممت أن أجعل مع كل أهل بيت من المسلمين مثلهم ، فإنّ الإنسان لا يهلك على نصف شبعه ، فقيل له : لو فعلت ذلك ما كنت فيها بابن ثَأْدَاء» أى ابن أمة ، يعنى ما كنت لئيما. وقيل ضعيفا عاجزا (١).

(ثأر) ـ في حديث محمّد بن مسلمة يوم خيبر «أنا له يا رسول الله الموتور الثَّائِر» أى طالب الثَّأْر ، وهو طالب الدّم. يقال ثَأَرْتُ القتيل ، وثَأَرْتُ به فأنا ثَائِر : أى قتلت قاتله.

(س) ومنه الحديث «يا ثَارَات عثمان» أى يا أهل ثاراته ، ويا أيها الطالبون بدمه ،

__________________

(١) زاد الهروى : وقيل من الثأد ، وهو الطين المبتل. يقال : ثئد بالرجل مكانه ، وثئد بالبعير مبركه : إذا ابتل وفسد عليه. قال سويد :

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ

فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى

برفقٍ مجيباً (ما سألتَ يَهُونُ)

٢٠٤

فحذف المضاف ، وأقام المضاف إليه مقامه. وقال الجوهرى : يقال يا ثَارَات فلان : أى يا قتلة فلان ، فعلى الأوّل يكون قد نادى طالبى الثّأر ليعينوه على استيفائه وأخذه ، وعلى الثانى يكون قد نادى القتلة تعريفا لهم وتقريعا وتفظيعا للأمر عليهم ، حتى يجمع لهم عند أخذ الثّأر بين القتل وبين تعريف الجرم. وتسميته وقرع أسماعهم به ؛ ليصدع قلوبهم فيكون أنكى فيهم وأشفي للنّفس.

ومنه حديث عبد الرحمن يوم الشّورى «لا تغمدوا سيوفكم عن أعدائكم فتوتروا ثَأْرَكُمْ» الثَّأْر هاهنا العدوّ ؛ لأنه موضع الثأر ، أراد أنكم تمكّنون عدوّكم من أخذ وتره عندكم. يقال وترته إذا أصبته بوتر ، وأوترته إذا أوجدته وتره ومكّنته منه.

(ثأط) (س) في شعر تبّع المروىّ في حديث ابن عباس :

فرأى مغار الشّمس عند غروبها

في عين ذى خلب وثَأْطٍ حرمد

الثَّأْط : الحمأة ، واحدتها ثَأْطَة. وفي المثل : ثَأْطَة مدّت بماء ، يضرب للرجل يشتدّ حمقه ، فإن الماء إذا زيد على الحمأة ازدادت فسادا.

(ثأل) (س) في صفة خاتم النبوة «كأنّه ثَآلِيل» الثَّآلِيل جمع ثُؤْلُول ، وهو هذه الحبّة التى تظهر في الجلد كالحمّصة فما دونها.

(ثأي) [ه] في حديث عائشة تصف أباها رضى الله عنهما «ورأب الثَّأْى» أى أصلح الفساد ، وأصل الثَّأْى : خرم مواضع الخرز وفساده.

ومنه الحديث الآخر «رأب الله به الثَأْى».

(باب الثاء مع الباء)

(ثبت) ـ في حديث أبى قتادة رضى الله عنه «فطعنته فَأَثْبَتُّهُ» أى حبسته وجعلته ثَابِتاً في مكانه لا يفارقه.

ومنه حديث مشورة قريش في أمر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم «قال بعضهم إذا أصبح فَأَثْبِتُوهُ بالوثاق».

٢٠٥

وفي حديث صوم [يوم](١) الشّك «ثم جاء الثَّبَت أنه من رمضان» الثَّبَت ـ بالتحريك ـ الحجة والبيّنة.

ومنه حديث قتادة بن النعمان «بغير بيّنة ولا ثَبَت» وقد تكرر في الحديث.

(ثبج) (ه) فيه «خيار أمّتى أوّلها وآخرها ، وبين ذلك ثَبَج أعوج ليس منك ولست منه»

الثَّبَج : الوسط ، وما بين الكاهل إلى الظهر.

(ه) ومنه كتابه لوائل «وأنطوا الثَّبَجَة» أى أعطوا الوسط في الصدقة : لا من خيار المال ولا من رذالته ، وألحقها تاء التأنيث لانتقالها من الاسميّة إلى الوصفية.

(س) ومنه حديث عبادة «يوشك أن يرى الرجل من ثَبَجِ المسلمين» أى من وسطهم. وقيل من سراتهم وعليتهم.

(س) وحديث أمّ حرام «قوم يركبون ثَبَج هذا البحر» أى وسطه ومعظمه.

ومنه حديث الزهرى «كنت إذا فاتحت عروة بن الزبير فتقت به ثَبَج بحر».

ومنه حديث عليّ «وعليكم الرّواق المطنّب فاضربوا ثَبَجَهُ ، فإن الشيطان راكد في كسره».

(س) وفي حديث اللّعان «إن جاءت به أُثَيْبِج فهو لهلال» تصغير الأَثْبَج ، وهو النّاتئ الثَّبَج : أى ما بين الكتفين والكاهل. ورجل أَثْبَج أيضا : عظيم الجوف.

(ثبر) ـ في حديث الدعاء «أعوذ بك من دعوة الثُّبُور» هو الهلاك. وقد ثَبَرَ يَثْبُرُ ثُبُوراً.

وفيه «من ثَابَرَ على ثنتى عشرة ركعة من السّنة» المُثَابَرَة : الحرص على الفعل والقول ، وملازمتهما.

(س) وفي حديث أبى موسى «أتدرى ما ثَبَرَ الناس» أى ما الذى صدّهم ومنعهم من طاعة الله. وقيل ما بطّأ بهم عنها. والثَّبْر : الحبس.

(ه) وفي حديث أبى بردة «قال دخلت على معاوية حين أصابته قرحة ، فقال : هلم يا ابن أخى فانظر ، فنظرت فإذا هى قد ثَبَرَت» أى انفتحت. والثَّبْرَة : النّقرة في الشىء.

__________________

(١) الزيادة من ا.

٢٠٦

(ه) وفي حديث حكيم بن حزام «أن أمّه ولدته في الكعبة ، وأنه حمل في نطع ، وأخذ ما تحت مَثْبِرها فغسل عند حوض زمزم» المَثْبِر : مسقط الولد ، وأكثر ما يقال في الإبل.

وفيه ذكر «ثَبِير» وهو الجبل المعروف عند مكة. وهو اسم ماء في ديار مزينة ، أقطعه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم شريس بن ضمرة.

(ثبط) (ه) فيه «كانت سودة رضى الله عنها امرأة ثَبِطَة» أى ثقيلة بطيئة ، من التَّثْبِيط وهو التّعويق والشّغل عن المراد.

(ثبن) (ه) في حديث عمر رضى الله عنه «إذا مرّ أحدكم بحائط فليأكل منه ولا يتّخذ ثِبَاناً» الثِّبَان : الوعاء الذى يحمل فيه الشىء ويوضع بين يدى الإنسان ، فإن حمل في الحضن فهو خبنة. يقال : ثَبَنْتُ الثّوب أَثْبِنُهُ ثَبْناً وثَبَاناً : وهو أن تعطف ذيل قميصك فتجعل فيه شيئا تحمله ، الواحدة ثُبْنَة.

(باب الثاء مع الجيم)

(ثجج) (ه) فيه «أفضل الحج العجّ والثَّجُ» الثَّجُ : سيلان دماء الهدى والأضاحى. يقال ثَجَّهُ يَثُجُّهُ ثَجّاً.

(ه) ومنه حديث أمّ معبد «فحلب فيه ثَجّاً» أى لبنا سائلا كثيرا.

(ه) وحديث المستحاضة «إنّى أَثُجُّهُ ثَجّاً».

(ه) وقول الحسن في ابن عباس «إنه كان مِثَجّاً» أى كان يصبّ الكلام صبّا ، شبّه فصاحته وغزارة منطقة بالماء المَثْجُوج. والمِثَجّ ـ بالكسر ـ من أبنية المبالغة.

(س) وحديث رقيقة «اكتظ الوادى بِثَجِيجِهِ» أى امتلأ بسيله.

(ثجر) (س) فيه «أنه أخذ بثُجْرَة صبى به جنون ، وقال اخرج أنا محمّد» ثُجْرَة النّحر : وسطه وهو ما حول الوهدة التى في اللّبة من أدنى الحلق. وثُجْرَة الوادى : وسطه ومتّسعه.

(ه) وفي حديث الأشجّ «لا تَثْجُرُوا ولا تبسروا» الثَّجِير : ما عصر من العنب

٢٠٧

فجرت سلافته وبقيت عصارته. وقيل الثَّجِير : ثفل البسر يخلط بالتمر فينتبذ ، فنهاهم عن انتباذه.

(ثجل) (ه) في حديث أم معبد «ولم تزر به ثُجْلَة» أى ضخم بطن. ورجل أَثْجَل ، ويروى بالنون والحاء : أى نحول ودقّة.

(باب الثاء مع الخاء)

(ثخن) ـ في حديث عمر رضى الله عنه «في قوله تعالى (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) ثم أحلّ لهم الغنائم» الإِثْخَان في الشىء : المبالغة فيه والإكثار منه. يقال : أَثْخَنَهُ المرض إذا أثقله ووهنه. والمراد به ها هنا المبالغة في قتل الكفّار.

ومنه حديث أبى جهل «وكان قد أُثْخِنَ» أى أثقل بالجراح.

وحديث عليّ رضى الله عنه «أوطأكم إِثْخَان الجراحة».

وحديث عائشة وزينب رضى الله عنهما «لم أنشبها حتى أَثْخَنْتُ عليها» أى بالغت في جوابها وأفحمتها.

(باب الثاء مع الدال)

(ثدن) (ه) في حديث الخوارج «فيهم رجل مُثَدَّن اليد» ويروى «مَثْدُون اليد» أى صغير اليد مجتمعها. والمُثَدَّن والمَثْدُون : النّاقص الخلق ، ويروى «موتن اليد» بالتاء ، من أيتنت المرأة إذا ولدت يتنا ، وهو أن تخرج رجلا الولد في الأوّل. وقيل المُثَدَّنُ مقلوب ثند ، يريد أنه يشبه ثندوة الثّدى ، وهى رأسه ، فقدّم الدال على النون مثل جذب وجبذ.

(ثدا) (س) في حديث الخوارج «ذو الثُّدَيَّة» هو تصغير الثَّدْي ، وإنما أدخل فيه الهاء وإن كان الثَّدْي مذكّرا ، كأنه أراد قطعة من ثدى. وهو تصغير الثّندوة بحذف النون ؛ لأنها من تركيب الثّدى ، وانقلاب الياء فيها واوا ؛ لضمة ما قبلها ، ولم يضرّ ارتكاب الوزن الشّاذّ لظهور الاشتقاق. ويروى ذو اليديّة بالياء بدل الثّاء ؛ تصغير اليد ، وهى مؤنثة.

٢٠٨

(باب الثاء مع الراء)

(ثرب) (ه) فيه «إذا زنت أمة أحدكم فليضربها الحدّ ولا يُثَرِّب» أى لا يوبّخها ولا يقرّعها بالزّنا بعد الضّرب. وقيل أراد لا يقنع في عقوبتها بِالتَّثْرِيب ، بل يضربها الحدّ ، فإنّ زنا الإماء لم يكن عند العرب مكروها ولا منكرا ، فأمرهم بحدّ الإماء كما أمرهم بحدّ الحرائر.

(ه) وفيه «نهى عن الصلاة إذا صارت الشمس كالأَثَارِب» ، أى إذا تفرّقت وخصّت موضعا دون موضع عند المغيب ، شبّهها بالثُّرُوب ، وهى الشّحم الرقيق الذى يغشّى الكرش والأمعاء ، الواحد ثَرْب ، وجمعها في القلة أَثْرُب. والأَثَارِب : جمع الجمع.

ومنه الحديث «إنّ المنافق يؤخّر العصر حتى إذا صارت الشمس كَثَرْبِ البقرة صلاها».

(ثرثر) ـ فيه «أبغضكم إلىّ الثَرْثَارُون المتفيهقون» هم الذين يكثرون الكلام تكلّفا وخروجا عن الحقّ. والثَّرْثَرَة : كثرة الكلام وترديده.

(ثرد) (س) فيه «فضل عائشة على النّساء كفضل الثَّرِيد على سائر الطّعام!!» قيل لم يرد عين الثَّرِيد ، وإنما أراد الطّعام المتّخذ من اللحم والثَّرِيد معا ، لأنّ الثَّرِيد لا يكون إلا من لحم غالبا ، والعرب قلما تجد طبيخا ولا سيّما بلحم. ويقال الثَّرِيد أحد اللّحمين ، بل اللّذّة والقوّة إذا كان اللحم نضيجا في المرق أكثر ممّا يكون في نفس اللحم.

وفي حديث عائشة «فأخذت خمارا لها قد ثَرَدَتْه بزعفران» أى صبغته. يقال ثوب مَثْرُود : إذا غمس في الصّبغ.

(ه) وفي حديث ابن عباس رضى الله عنهما «كل ما أفرى الأوداج غير مُثَرِّد» المُثَرِّد الذى يقتل بغير ذكاة. يقال ثَرَّدْتَ ذبيحتك. وقيل التَّثْرِيد : أن تذبح بشىء لا يسيل الدّم. ويروى غير مُثَرِّد ، بفتح الراء على المفعول. والرّواية كل ، أمر بالأكل ، وقد ردّها أبو عبيد وغيره ، وقالوا : إنّما هو كلّ ما أفرى الأوداج ؛ أى كلّ شىء أفرى الأوداج ، والفرى : القطع.

٢٠٩

وفي حديث سعيد ، وسئل عن بعير نحروه بعود فقال «إن كان مارَ مورا فكلوه ، وإن ثَرَدَ فلا».

(ثرر) (ه) في حديث خزيمة وذكر السّنة «غاضت لها الدّرّة ونقصت لها الثَّرَّة»

الثَّرَّة بالفتح : كثرة اللّبن. يقال سحاب ثَرٌّ : كثير الماء. وناقة ثَرَّة : واسعة الإحليل ، وهو مخرج اللّبن من الضّرع ، وقد تكسر الثاء.

(ثرم) (س) فيه «نهى أن يضحّى بالثَّرْماء» الثَّرَم : سقوط الثّنيّة من الأسنان. وقيل الثّنيّة والرّباعية. وقيل هو أن تنقلع السّنّ من أصلها مطلقا ، وإنما نهى عنها لنقصان أكلها.

(س) ومنه الحديث في صفة فرعون «أنه كان أَثْرَم».

(ثرا) (س) فيه «ما بعث الله نبيّا بعد لوط إلا في ثَرْوَة من قومه» الثَّرْوَة : العدد الكثير وإنما خصّ لوطا ، لقوله تعالى : «لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ».

(س) ومنه الحديث «أنه قال للعباس رضى الله عنه : يملك من ولدك بعدد الثُّرَيَّا» الثُّرَيَّا : النّجم المعروف ، وهو تصغير ثَرْوَى. يقال ثَرَى القوم يَثْرُون ، وأَثْرَوا : إذا كثروا وكثرت أموالهم. ويقال : إنّ خلال أنجم الثُّرَيَّا الظاهرة كواكب خفيّة كثيرة العدد.

ومنه حديث إسمعيل عليه‌السلام «وقال لأخيه إسحاق عليه‌السلام : إنك أَثْرَيْت وأمشيت» أى كثر ثَرَاؤُك وهو المال ، وكثرت ماشيتك.

(ه) وحديث أم زرع «وأراح علىّ نعما ثَرِيَّا» أى كثيرا.

وحديث صلة الرّحم «هى مَثْرَاة في المال منسأة في الأثر» مَثْرَاة ـ مفعلة ـ من الثَّرَاء : الكثرة.

(ه) وفيه «فأتى بالسّويق فأمر به فثُرِّىَ» أى بلّ بالماء. ثَرَّى التّراب يُثَرِّيه تَثْرِية : إذا رشّ عليه الماء.

ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «أنا أعلم بجعفر ، إنه إن علم ثَرَّاه مرّة واحدة ثم أطعمه» أى بلّه وأطعمه الناس.

وحديث خبز الشعير «فيطير منه ما طار وما بقى ثَرَّيْنَاه».

٢١٠

وفيه «فإذا كلب يأكل الثَّرَى من العطش» أى التّراب النّدىّ.

ومنه حديث موسى والخضر عليهما‌السلام «فبينا هو في مكان ثَرْيَان» يقال مكان ثَرْيَان ، وأرض ثَرْيَا : إذا كان في ترابهما بلل وندى.

(ه) وفي حديث ابن عمر رضى الله عنهما «أنه كان يقعى في الصلاة ويُثَرَّى» معناه أنه كان يضع يديه في الأرض بين السّجدتين فلا يفارقان الأرض حتى يعيد السجدة الثّانية ، وهو من الثَّرَى : التّراب ؛ لأنهم أكثر ما كانوا يصلّون على وجه الأرض بغير حاجز ، وكان يفعل ذلك حين كبرت سنّه.

(ثُرَيْر) ـ هو بضمّ الثاء وفتح الراء وسكون الياء : موضع من الحجاز كان به مال لابن الزبير ، له ذكر في حديثه.

(باب الثاء مع الطاء)

(ثطط) (س) في حديث أبى رهم «سأله النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم عمّن تخلف من غفار ، فقال : ما فعل النّفر الحمر الثِّطَاط» هى جمع ثَطَّ ، وهو الكوسج الذى عرى وجهه من الشّعر إلّا طاقات في أسفل حنكه. رجل ثَطٌّ وأَثَطُّ.

ومنه حديث عثمان رضى الله عنه «وجيء بعامر بن عبد قيس فرآه أشغى ثَطًّا» ويروى حديث أبى رهم «النّطانط» جمع نطناط وهو الطّويل.

(ثطا) (ه) فيه «أنه مرّ بامرأة [سوداء (١)] ترقّص صبيّا وتقول :

ذؤال يا ابن القرم يا ذؤاله

يمشى الثَّطَا ويجلس البهنقعه

فقال عليه‌السلام : «لا تقولى ذؤال فإنه شرّ السّباع». الثَّطَا : إفراط الحمق. رجل ثَطٌّ بيّن الثَّطَاة. وقيل : يقال هو يمشى الثَّطَا : أى يخطو كما يخطو الصّبىّ أوّل ما يدرج. والهبنقعة : الأحمق. وذؤال ـ ترخيم ذؤالة ـ وهو الذئب. والقرم : السيّد.

__________________

(١) الزيادة من اللسان وتاج العروس. وستأتى فيما بعد ، في «ذأل»

٢١١

(باب الثاء مع العين)

(ثعب) (ه) فيه «يجىء الشّهيد يوم القيامة وجرحه يَثْعَب دما» أى يجرى.

ومنه حديث عمر رضى الله عنه «صلّى وجرحه يَثْعَب دما».

ومنه حديث سعد «فقطعت نساه فانْثَعَبَت جديّة الدم» أى سالت. ويروى فانبعثت.

(ثعجر) ـ في حديث عليّ رضى الله عنه «يحملها الأخضر المُثْعَنْجَر» هو أكثر موضع في البحر ماء. والميم والنون زائدتان.

ومنه حديث ابن عباس رضى الله عنهما «فإذا علمى بالقرآن في علم عليّ كالقرارة في المُثْعَنْجَر» القرارة : الغدير الصّغير.

(ثعد) (س) في حديث بكار بن داود «قال : مرّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقوم ينالون من الثَّعْد والحُلْقان وأَشْلٍ من لحم ، وينالون من أسقية لهم قد علاها الطّحب ، فقال : ثكلتكم أمّهاتكم ، ألهذا خلقتم؟ أو بهذا أمرتم؟ ثم جاز عنهم فنزل الرّوح الأمين وقال : يا محمّد ربّك يقرئك السلام ويقول لك : إنّما بعثتك مؤلّفا لأمّتك. ولم أبعثك منفّرا ، ارجع إلى عبادى فقل لهم فليعملوا ، وليسدّدوا ، ولييسّروا» جاء في تفسيره أنّ الثَّعْد : الزّبد ، والحُلقان : البسر الذى قد أرطب بعضه ، وأشل من لحم : الخروف المشوىّ. كذا فسره إسحاق بن إبراهيم القرشى أحد رواته. فأما الثَّعْد في اللغة فهو ما لان من البسر ، واحدته ثَعْدَة.

(ثعر) (ه) فيه «يخرج قوم من النار فينبتون كما تنبت الثَّعَارِير» هى القثّاء الصّغار ، شبّهوا بها لأنّ القثّاء ينمى سريعا. وقيل هى رءوس الطّراثيث تكون بيضا ، شبّهوا ببياضها ، واحدتها طرثوث ، وهو نبت يؤكل.

(ثعع) (ه) فيه «أتته امرأة فقالت : إن ابنى هذا به جنون ، فمسح صدره ودعا له ، فثَعَ ثَعَّةً فخرج من جوفه جرو أسود» الثَّعُ : القئ. والثَّعَّة : المرّة الواحدة.

(ثعل) (ه) في حديث موسى وشعيب عليهما‌السلام «ليس فيها ضبوب ولا ثَعُول» الثَّعُول : الشاة الّتى لها زيادة حلمة ، وهو عيب ، والضّبوب : الضيقة مخرج اللبن.

٢١٢

(ثعلب) [ه] في حديث الاستسقاء «اللهم اسقنا حتى يقوم أبو لبابة يسدّ ثَعْلَب مربده بإزاره» المربد : موضع يجفّف فيه التّمر ، وثَعْلَبُه : ثقبه الذى يسيل منه ماء المطر.

(باب الثاء مع الغين)

(ثغب) (ه) في حديث عبد الله «ما شبّهت ما غبر من الدنيا إلّا بثَغْب ذهب صفوه وبقى كدره»

الثَّغْب ـ بالفتح والسكون ـ : الموضع المطمئن في أعلى الجبل يستنقع فيه ماء المطر. وقيل هو غدير في غلظ من الأرض ، أو على صخرة ويكون قليلا.

ومنه حديث زياد «فثئت بسلالة من ماء ثَغْب».

(ثغر) (ه) فيه «فلما مرّ الأجل قفل أهل ذلك الثَّغْر»

الثَّغْر : الموضع الذى يكون حدّا فاصلا بين بلاد المسلمين والكفار ، وهو موضع المخافة من أطراف البلاد.

(ه) وفي حديث فتح قيساريّة «وقد ثَغَرُوا منها ثَغْرَة واحدة» الثَّغْرَة : الثّلمة.

ومنه حديث عمر رضى الله عنه «تستبق إلى ثُغْرَة ثنيّة».

وحديث أبى بكر والنّسّابة «أمكنت من سواء الثُغْرَة» أى وسط الثغرة. وهى نقرة النّحر فوق الصدر.

والحديث الآخر «بادروا ثُغَر المسجد» أى طرائقه. وقيل : ثُغْرَة المسجد أعلاه.

(ه) وفيه «كانوا يحبّون أن يعلّموا الصّبى الصلاة إذا اثَّغَرَ» الاثِّغَار : سقوط سنّ الصبّى ونباتها ، والمراد به هاهنا السقوط. يقال إذا سقطت رواضع الصّبى قيل : ثُغِرَ فهو مَثْغُور ، فإذا نبتت بعد السقوط قيل : اثَّغَرَ ، واتَّغَرَ بالثّاء والتّاء تقديره اثْتَغَرَ ، وهو افتعل ، من الثَّغَر وهو ما تقدّم من الأسنان ، فمنهم من يقلب تاء الافتعال ثاء ويدغم فيها الثّاء الأصلية ، ومنهم من يقلب الثاء الأصلية تاء ويدغمها في تاء الافتعال.

(ه) ومنه حديث جابر رضى الله عنه «ليس في سنّ الصّبى شىء إذا لم يَثَّغِرْ» يريد النّبات بعد السّقوط.

٢١٣

وحديث ابن عباس رضى الله عنهما «أفتنا في دابة ترعى الشّجر في كرش لم تَثَّغِر» أى لم تسقط أسنانها.

(ه) وفي حديث الضحاك «أنه ولد وهو مُثَّغِرٌ» والمراد به هاهنا النّبات.

(ثغم) (ه) فيه «أتى بأبى قحافة يوم الفتح وكأنّ رأسه ثَغَامَة» هو نبت أبيض الزّهر والثمر يشبّه به الشّيب. وقيل هى شجرة تبيضّ كأنها الثّلج.

(ثغا) (س) في حديث الزكاة وغيرها «لا تجىء بشاة لها ثَغَاء» الثَّغَاء : صياح الغنم. يقال ما له ثَاغِيَة : أى شىء من الغنم.

ومنه حديث جابر رضى الله عنه «عمدت إلى عنز لأذبحها فثَغَت ، فسمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثَغْوَتَها فقال : لا تقطع درّا ولا نسلا» الثَّغْوَة : المرّة من الثِّغَاء. وقد تكررت في الحديث.

(باب الثاء مع الفاء)

(ثفأ) (س [ه]) فيه «ما ذا في الأمرّين من الشفاء؟ الصّبر والثُّفَّاء» الثُّفَّاء : الخردل. وقيل الحرف ، ويسمّيه أهل العراق حبّ الرّشاد ، الواحدة ثُفَّاءَة. وجعله مرّا للحروفة التى فيه ولذعه للّسان.

(ثفر) (ه) فيه «أنه أمر المستحاضة أن تَسْتَثْفِر» هو أن تشدّ فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشى قطنا ، وتوثق طرفيها في شىء تشدّه على وسطها ، فتمنع بذلك سيل الدّم ، وهو مأخوذ من ثَفَر الدّابة الذى يجعل تحت ذنبها.

(ه) ومنه حديث ابن الزبير رضى الله عنه في صفة الجنّ «فإذا نحن برجال وال كأنهم الرّماح ، مُسْتَثْفِرين ثيابهم» هو أن يدخل الرجل ثوبه بين رجليه كما يفعل الكلب بذنبه.

(ثفرق) ـ في حديث مجاهد «إذا حضر المساكين عند الجداد ألقى لهم من الثَّفَارِيق والتمر» الأصل في الثَّفَارِيق : الأقماع التى تلزق في البسر ، واحدها ثُفْرُوق ، ولم يردها هاهنا وإنما كنى بها

٢١٤

عن شىء من البسر يعطونه. قال القتيبى : كأنّ الثُّفْرُوق ـ على معنى هذا الحديث ـ شعبة من شمراخ العذق.

(ثفل) (س) في غزوة الحديبية «من كان معه ثُفْلٌ فليصطنع» أراد بالثُّفْلِ الدّقيق والسّويق ونحوهما. والاصطناع اتخاذ الصّنيع. أراد فليطبخ وليختبز.

(س) ومنه كلام الشافعي رضى الله عنه «قال : وبيّن في سنته صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن زكاة الفطر من الثُّفْل مما يقتات الرّجل وما فيه الزكاة» وإنما سمى ثُفْلاً لأنه من الأقوات التى يكون لها ثُفْل ، بخلاف المائعات.

(س) وفيه «أنه كان يحب الثُّفْل» قيل هو الثريد (١) وأنشد :

يحلف بالله وإن لم يسئل

ما ذاق ثُفْلا منذ عام أوّل

(ه) وفي حديث حذيفة ، وذكر فتنة فقال : «تكون فيها مثل الجمل الثَّفَال ، وإذا أكرهت فتباطأ عنها» هو البطىء الثَّقِيل. أى لا تتحرك فيها. وأخرجه أبو عبيد عن ابن مسعود رضى الله عنه. ولعلهما حديثان.

ومنه حديث جابر رضى الله عنه «كنت على جمل ثَفَال».

(ه) وفي حديث عليّ رضى الله عنه «وتدقّهم الفتن دقّ الرّحا بثِفَالِها» الثِّفَال ـ بالكسر ـ جلدة تبسط تحت رحا اليد ليقع عليها الدقيق ، ويسمى الحجر الأسفل ثُفَالاً بها. والمعنى : أنها تدقهم دقّ الرّحا للحبّ إذا كانت مُثَفَّلَة ، ولا تُثَفَّل إلا عند الطّحن.

ومنه حديثه الآخر «استحار مدارها ، واضطرب. ثِفَالُها».

(ه) وفي حديث ابن عمر رضى الله عنهما «أنه غسل يديه بالثِّفَال» هو ـ بالكسر والفتح ـ الإبريق.

(ثفن) ـ في حديث أنس رضى الله عنه «أنه كان عند ثَفِنَة ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عام حجة الوداع» الثَّفِنَة ـ بكسر الفاء ـ ما ولى الأرض من كل ذات أربع إذا بركت ، كالرّكبتين وغيرهما ، ويحصل فيه غلظ من أثر البروك.

__________________

(١) جاء في الدر النثير : قال الترمذى في الشمائل : يعنى ما بقى من الطعام.

٢١٥

ومنه حديث ابن عباس رضى الله عنهما في ذكر الخوارج «وأيديهم كأنّها ثَفِنُ الإبل (١)» هو جمع ثَفِنَة ، وتجمع أيضا على ثَفِنَات.

(س [ه]) ومنه حديث أبى الدرداء رضى الله عنه «رأى رجلا بين عينيه مثل ثَفِنَة البعير ، فقال : لو لم تكن هذه كان خيرا» يعنى كان على جبهته أثر السّجود ، وإنما كرهها خوفا من الرّياء بها.

(ه) وفي حديث بعضهم «فحمل على الكتيبة فجعل يَثْفِنُها» أى يطردها. قال الهروى : ويجوز أن يكون يفنّها ، والفنّ : الطّرد.

(باب الثاء مع القاف)

(ثقب) (س) في حديث الصدّيق رضى الله عنه «نحن أَثْقَب الناس أنسابا» أى أوضحهم وأنورهم. والثَّاقِب : المضىء.

(ه) ومنه قول الحجاج لابن عباس رضى الله عنهما «إن كان لَمِثْقَباً» أى ثَاقِب العلم مضيئه. والمِثْقَب ـ بكسر الميم ـ العالم الفطن.

(ثقف) (ه) في حديث الهجرة «وهو غلام لقن ثَقِف» أى ذو فطنة وذكاء. ورجل ثَقِفٌ ، وثَقُفٌ ، وثَقْفٌ. والمراد أنه ثابت المعرفة بما يحتاج إليه.

(ه) وفي حديث أمّ حكيم بنت عبد المطلب «إنّى حَصَانٌ فما أُكَلَّمُ ، وثَقَافٌ فما أُعَلم».

(س) وفي حديث عائشة ، تصف أباها رضى الله عنهما «وأقام أوده بثِقَافِه» الثِّقَاف : ما تقوّم به الرّماح ، ريدانه سوّى عوج المسلمين.

وفيه «إذا ملك اثنا عشر من بنى عمرو بن كعب كان الثَّقَف والثِّقَاف إلى أن تقوم الساعة» يعنى الخصام والجلاد.

(ثقل) (ه) فيه «إنى تارك فيكم الثَّقَلَيْن : كتاب الله وعترتى» سمّاهما ثَقَلَيْن ؛ لأنّ الأخذ بهما والعمل بهما ثَقِيل. ويقال لكلّ خطير [نفيس](٢) ثَقَل ، فسمّاهما ثَقَلَين إعظاما لقدرهما وتفخيما لشأنهما.

__________________

(١) يصفهم بكثرة الصلاة. ولهذا قيل لعبد الله بن وهب رئيسهم «ذو الثفنات» لأن طول السجود أثر في ثفناته. (القاموس ـ ثفن)

(٢) الزيادة من ا واللسان والهروى.

٢١٦

وفي حديث سؤال القبر «يسمعهما من بين المشرق والمغرب إلّا الثَّقَلَين» الثَّقَلان : هما الجنّ والإنس ؛ لأنّهما قطّان الأرض. والثَّقَل في غير هذا. متاع المسافر.

ومنه حديث ابن عباس رضى الله عنهما «بعثنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الثَّقَل من جمع بليل».

وحديث السائب بن يزيد «حجّ به في ثَقَل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم».

وفيه «لا يدخل النار من في قلبه مِثْقَال ذرّة من إيمان» المِثْقَال في الأصل. مقدار من الوزن ، أىّ شىء كان من قليل أو كثير ، فمعنى مِثْقَال ذرّة : وزن ذرّة. والناس يطلقونه في العرف على الدّينار خاصّة ، وليس كذلك.

(باب الثاء مع الكاف)

(ثكل) (س) فيه «أنه قال لبعض أصحابه : ثَكِلَتْكَ أمّك» أى فقدتك. والثُّكْل : فقد الولد. وامرأة ثَاكِل وثَكْلَى. ورجل ثَاكِل وثَكْلَان ، كانه دعا عليه بالموت لسوء فعله أو قوله. والموت يعمّ كلّ أحد ، فإذن الدعاء عليه كلا دعاء ، أو أراد إذا كنت هكذا فالموت خير لك لئلا تزداد سوءا ، ويجوز أن يكون من الألفاظ التى تجرى على ألسنة العرب ولا يراد بها الدّعاء ، كقولهم تربت يداك ، وقاتلك الله.

ومنه قصيد كعب بن زهير :

قامت فجاوبها نكد مَثَاكِيل

هنّ جمع مِثْكَال ، وهى المرأة التى فقدت ولدها.

(ثكم) (ه) في حديث أمّ سلمة رضى الله عنها «قالت لعثمان بن عفّان رضى الله عنه : توخّ حيث توخّى صاحباك ، فإنّهما ثَكَمَا لك الحقّ ثَكْماً» أى بيّناه وأوضحاه. قال القتيبى : أرادت أنّهما لزما الحقّ ولم يظلما ، ولا خرجا عن المحجّة يمينا ولا شمالا. يقال ثَكِمْتُ المكان والطّريق : إذا لزمتهما.

٢١٧

(ه) ومنه الحديث الآخر «إنّ أبا بكر وعمر رضى الله عنهما ثَكَمَا الأمر فلم يظلما» قال الأزهرى : أراد ركبا ثَكَمَ الطّريق ، وهو قصده.

(ثكن) (ه) فيه يحشر النّاس على ثُكَنِهِم» الثُّكْنَة : الراية والعلامة ، وجمعها ثُكَن. أى على ما ماتوا عليه ، وأدخلوا في قبورهم من الخير والشّرّ. وقيل : الثُّكَنُ : مراكز الأجناد ومجتمعهم على لواء صاحبهم.

ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «يدخل البيت المعمور كلّ يوم سبعون ألف ملك على ثُكَنِهم. أى بالرّايات والعلامات.

(ه) وفي حديث سطيح :

كأنّما حثحث من حضنى ثَكَن (١)

ثَكَن بالتحريك : اسم جبل حجازى.

(باب الثاء مع اللام)

(ثلب) (ه) فيه «لهم من الصّدقة الثِّلْبُ والنّاب» الثِّلْب من ذكور الإبل : الّذى هرم وتكسّرت أسنانه. والنّاب : المسنّة من إناثها.

(ه) ومنه حديث ابن العاص «كتب إلى معاوية : إنّك جرّبتنى ، فوجدتنى لست بالغمر الضّرع ، ولا بالثِّلْب الفانى» الغمر : الجاهل ، والضّرع : الضّعيف.

(ثلث) ـ فيه «لكن اشربوا مثنى وثُلَاثَ وسمّوا الله تعالى» يقال فعلت الشىء مثنى وثُلَاثَ ورُباعَ ـ غير مصروفات ـ إذا فعلته مرّتين مرّتين ، وثَلَاثا ثَلَاثا ، وأربعا أربعا.

وفيه «دية شبه العمد أَثْلَاثا» أى ثَلَاث وثَلَاثُون حقّة ، وثَلَاث وثَلَاثُون جذعة ، وأربع وثَلَاثُون ثنيّة.

وفي حديث (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) «والّذى نفسى بيده إنها لتعدل ثُلْثُ القرآن» جعلها تعدل

__________________

(١) صدر البيت كما في اللسان :

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ

فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى

برفقٍ مجيباً (ما سألتَ يَهُونُ)

٢١٨

الثٌلْثَ ؛ لأن القرآن العزيز لا يتجاوز ثَلَاثَة أقسام ، وهى : الإرشاد إلى معرفة ذات الله تعالى وتقديسه ، أو معرفة صفاته وأسمائه ، أو معرفة أفعاله وسنّته في عباده. ولمّا اشتملت سورة الإخلاص على أحد هذه الأقسام الثَّلَاثَة ، وهو التّقديس ، وازنها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بثُلْثِ القرآن ، لأن منتهى التقديس أن يكون واحدا في ثَلَاثَة أمور : لا يكون حاصلا منه من هو من نوعه وشبهه ، ودل عليه قوله : (لَمْ يَلِدْ) ولا يكون هو حاصلا ممّن هو نظيره وشبهه ، ودل عليه قوله : (وَلَمْ يُولَدْ). ولا يكون في درجته ـ وإن لم يكن أصلا له ولا فرعا ـ من هو مثله ، ودل عليه قوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ). ويجمع جميع ذلك قوله : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ). وجملته : تفصيل قولك : لا إله إلا الله. فهذه أسرار القرآن. ولا تتناهى أمثالها فيه. (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ).

[ه] وفي حديث كعب «أنه قال لعمر رضى الله عنه : أنبئنى ما المُثَلِّث؟ فقال : وما المُثَلِّث لا أبا لك؟ فقال : شرّ الناس المُثَلِّث» يعنى السّاعى بأخيه إلى السلطان ، يهلك ثَلَاثَة ؛ نفسه ، وأخاه ، وإمامه بالسّعى فيه إليه.

وفي حديث أبى هريرة «دعاه عمر رضى الله عنه إلى العمل بعد أن كان عزله ، فقال : إنّى أخاف ثَلَاثاً واثنتين ، قال : أفلا تقول خمسا؟ فقال : أخاف أن أقول بغير حكم ، وأقضى بغير علم. وأخاف أن يضرب ظهرى ، وأن يشتم عرضى ، وأن يؤخذ مالى» الثَّلَاث والاثنتان هذه الخلال الخمس التى ذكرها ، وإنّما لم يقل خمسا ؛ لأن الخلّتين الأوليين من الحقّ عليه ، فخاف أن يضيّعه ، والخلال الثَّلَاث من الحقّ له ، فخاف أن يظلمه ، فلذلك فرّقها.

(ثلج) ـ في حديث عمر رضى الله عنه «حتى أتاه الثَّلَج واليقين» يقال ثَلِجَت نفسى بالأمر تَثْلَج ثَلَجاً ، وثَلَجَت تَثْلُج ثُلُوجا إذا اطمأنت إليه وسكنت ، وثبت فيها ووثقت به.

ومنه حديث ابن ذى يزن «وثَلَجَ صدرك».

(س) وحديث الأحوص «أعطيك ما تَثْلُج إليه».

وفي حديث الدعاء «واغسل خطاياى بماء الثَّلْج والبرد» إنما خصّهما بالذكر تأكيدا للطّهارة ومبالغة فيها ؛ لأنهما ما آن مفطوران على خلقتهما ، لم يستعملا ولم تنلهما الأيدى ، ولم تخضهما

٢١٩

الأرجل كسائر المياه التى خالطت التّراب ، وجرت في الأنهار ، وجمعت في الحياض ، فكانا أحقّ بكمال الطهارة.

(ثلط) ـ فيه «فبالت وثَلَطَت» الثَّلْط : الرّجيع الرّقيق ، وأكثر ما يقال للإبل والبقر والفيلة.

(س) ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «كانوا يبعرون وأنتم تَثْلِطُون ثَلْطاً» أى كانوا يتغوّطون يابسا كالبعر ؛ لأنهم كانوا قليلى الأكل والمآكل ، وأنتم تَثْلِطُون رقيقا ، وهو إشارة إلى كثرة المآكل وتنوّعها.

(ثلغ) (ه) فيه «إذن يَثْلَغُوا رأسى كما تُثْلَغ الخبزة» الثَّلْغ : الشّدخ. وقيل هو ضربك الشّىء الرّطب بالشىء اليابس حتى ينشدخ.

ومنه حديث الرؤيا «وإذا هو يهوى بالصخرة فيَثْلَغ بها رأسه».

(ثلل) (ه) فيه «لا حمى إلّا في ثلاث : ثَلَّة البئر ، وطول الفرس ، وحلقة القوم» ثَلَّة البئر : هو أن يحتفر بئرا في أرض ليست ملكا لأحد ، فيكون له من الأرض حول البئر ما يكون ملقى لثَلَّتِها ، وهو التّراب الذى يخرج منها ، ويكون كالحريم لها لا يدخل فيه أحد عليه.

وفي كتابه لأهل نجران «لهم ذمّة الله وذمّة رسوله على ديارهم وأموالهم وثُلَّتِهم» الثُّلَّة بالضّم : الجماعة من الناس.

وفي حديث معاوية «لم تكن أمّه براعية ثَلَّة» الثَّلَّة بالفتح : جماعة الغنم.

ومنه حديث الحسن رضى الله عنه «إذا كانت لليتيم ماشية فللوصىّ أن يصيب من ثَلَّتِها ورسلها» أى من صوفها ولبنها ، فسمّى الصّوف بالثَّلَّة مجازا. وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفي حديث عمر رضى الله عنه «رئى في المنام وسئل عن حاله فقال : كاد يُثَلُ عرشى» أى يهدم ويكسر ، وهو مثل يضرب للرجل إذا ذلّ وهلك. وللعرش هنا معنيان : أحدهما السّرير ، والأسرّة للملوك ، فإذا هدم عرش الملك فقد ذهب عزّه. والثانى البيت ينصب بالعيدان ويظلّل ، فإذا هدم فقد ذلّ صاحبه.

(ثلم) (س) فيه «نهى عن الشّرب من ثُلْمَة القدح» أى موضع الكسر منه. وإنما نهى عنه لأنّه لا يتماسك عليها فمّ الشّارب ، وربّما انصبّ الماء على ثوبه وبدنه. وقيل : لأنّ موضعها

٢٢٠