النّهاية - ج ١

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ١

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٧٢

وأراد معاوية بذكر نواضحهم تقريعا لهم وتعريضا لأنّهم كانوا أهل زرع وسقى ، فأجابوه بما أسكنه تعريضا بقتل أشياخه يوم بدر.

(ه) وفيه «وعليه خميصة حُرَيْثِيَّة» هكذا جاء في بعض طرق البخارى ومسلم. قيل : هى منسوبة إلى حُرَيْث : رجل من قضاعة. والمعروف جونيّة. وقد ذكرت في الجيم.

(حرج) (ه س) فيه «حدّثوا عن بنى إسرائيل ولا حَرَج» الحَرَجُ في الأصل : الضّيق ، ويقع على الإثم والحرام. وقيل : الحَرَج أضيق الضّيق. وقد تكرر في الحديث كثيرا. فمعنى قوله : حدّثوا عن بنى إسرائيل ولا حَرَجَ : أى لا بأس ولا إثم عليكم أن تحدّثوا عنهم ما سمعتم وإن استحال أن يكون في هذه الأمّة ، مثل ما روى أنّ ثيابهم كانت تطول ، وأنّ النّار كانت تنزل من السماء فتأكل القربان وغير ذلك ؛ لا أن يحدّث عنهم بالكذب. ويشهد لهذا التّأويل ما جاء في بعض رواياته «فإنّ فيهم العجائب» وقيل : معناه إنّ الحديث عنهم إذا أدّيته على ما سمعته حقّا كان أو باطلا لم يكن عليك إثم لطول العهد ووقوع الفترة ، بخلاف الحديث عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لأنه إنما يكون بعد العلم بصحّة روايته وعدالة رواته. وقيل : معناه إنّ الحديث عنهم ليس على الوجوب ؛ لأنّ قوله عليه الصلاة والسلام في أوّل الحديث «بلّغوا عنّى» على الوجوب ، ثم أتبعه بقوله : وحدّثوا عن بنى إسرائيل ولا حَرَجَ : أى لا حَرَجَ عليكم إن لم تحدّثوا عنهم.

ومن أحاديث الحَرَجِ قوله في قتل الحيّات «فَلْيُحَرِّجْ عليها» هو أن يقول لها أنت في حَرَج : أى ضيق إن عدت إلينا ، فلا تلومينا أن نضيّق عليك بالتّتبّع والطّرد والقتل.

ومنها حديث اليتامى «تَحَرَّجُوا أن يأكلوا معهم» أى ضيّقوا على أنفسهم. وتَحَرَّجَ فلان إذا فعل فعلا يخرج به من الحَرَج : الإثم والضّيق.

(س) ومنه الحديث «اللهم إنّى أُحَرِّجُ حقّ الضّعيفين اليتيم والمرأة» أى أضيّقه وأحرّمه على من ظلمهما. يقال : حَرَّجَ علىّ ظلمك : أى حرّمه. وأَحْرَجَهَا بتطليقة : أى حرّمها.

ومنه حديث ابن عباس رضى الله عنهما في صلاة الجمعة «كره أن يُحْرِجَهُمْ» أى

٣٦١

يوقعهم في الحرج. وأحاديث الحَرَجِ كثيرة ، وكلها راجعة إلى هذا المعنى.

(س) وفي حديث حنين «حتّى تركوه في حَرَجَةٍ» الحَرَجَةُ بالتحريك : مجتمع شجر ملتفّ كالغيضة ، والجمع حَرَجٌ وحرِاجٌ.

ومنه حديث معاذ بن عمرو «نظرت إلى أبى جهل في مثل الحَرَجَةِ».

والحديث الآخر «إنّ موضع البيت كان في حَرَجَةٍ وعضاه».

(س) وفيه «قدم وفد مذحج على حَرَاجِيج» الحَرَاجِيج : جمع حُرْجُج وحُرْجُوج ، وهى النّاقة الطّويلة. وقيل الضّامرة. وقيل الحادّة القلب.

(حرجم) [ه] في حديث خزيمة ، وذكر السّنة فقال : «تركت كذا وكذا ، والذِّيخُ مُحْرَنْجِما» أى متقبّضا مجتمعا كالحا من شدّة الجدب : أى عمّ المحل حتّى نال السّباع والبهائم. والذِّيخ : ذكر الضّباع. والنّون في احْرَنْجَمَ زائدة. يقال حَرْجَمْتُ الإبل فَاحْرَنْجَمَتْ : أى رددتها فارتدّ بعضها على بعض واجتمعت.

وفيه «إنّ في بلدنا حَرَاجِمَةً» أى لصوصا ، هكذا جاء في كتب بعض المتأخرين ، وهو تصحيف ، وإنّما هو بجيمين ، كذا جاء في كتب الغريب واللّغة. وقد تقدّم ، إلّا أن يكون قد أثبتها فرواها.

(حرد) (س) في حديث صعصعة «فرفع لى بيت حَرِيدٌ» أى منتبذ متنحّ عن الناس ، من قولهم تَحَرَّدَ الجمل إذا تنحّى عن الإبل فلم يبرك ، فهو حَرِيد فَرِيد. وحَرَدَ الرجل حُرُوداً إذا تحوّل عن قومه.

(س) وفي حديث الحسن :

عَجَّلْتَ قَبْلَ حَنِيذِهَا بِشِوَائِهَا

وقَطَعْتَ مَحْرِدَهَا بحُكْمٍ فَاصِلٍ

المَحْرِدُ : المقطع. يقال حَرَدْتُ من سنام البعير حَرْداً إذا قطعت منه قطعة. وسيجىء مبيّنا في عيا من حرف العين.

(حرر) ـ فيه «من فعل كذا وكذا فله عِدْلُ مُحَرَّرٍ» أى أجر معتق المحرّر : الذى جعل من العبيد حُرّا فأعتق. يقال : حَرَّ العبدُ يَحَرُّ حَرَاراً بالفتح : أى صار حرّا.

٣٦٢

ومنه حديث أبى هريرة «فأنا أبو هريرة المُحَرَّرُ» أى المعتق.

وفي حديث أبى الدّرداء «شراركم الذين لا يُعْتَقُ مُحَرَّرُهُمْ» أى أنّهم إذا أعتقوه استخدموه ، فإذا أراد فراقهم ادّعوا رقّه.

(س) وفي حديث ابن عمر «أنه قال لمعاوية : حاجتى عطاء المُحَرَّرِين ، فإنى رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا جاءه شىء لم يبدأ بأوّل منهم» أراد بالمُحَرَّرِين الموالى ، وذلك أنّهم قوم لا ديوان لهم ، وإنما يدخلون في جملة مواليهم ، والدّيوان إنما كان في بنى هاشم ، ثم الذين يلونهم فى القرابة والسّابقة والإيمان. وكان هؤلاء مؤخّرين في الذّكر ، فذكرهم ابن عمر ، وتشفّع في تقديم أعطياتهم ، لما علم من ضعفهم وحاجتهم ، وتألّفا لهم على الإسلام.

ومنه حديث أبى بكر رضى الله عنه «أفمنكم عَوْفٌ الذى يقال فيه : لا حُرَّ بوادى عَوْفٍ؟ قال لا» هو عَوْفُ بن مُحَلِّمِ بن ذُهْلٍ الشّيباني ، كان يقال له ذلك لشرفه وعزّه ، وأنّ من حلّ واديه من الناس كان له كالعبيد والخول. والحُرُّ : أحد الأَحْرَار ، والأنثى حُرَّةٌ ، وجمعها حَرَائِرُ.

ومنه حديث عمر رضى الله عنه «قال للنّساء اللّاتى كنّ يخرجن إلى المسجد : لأردّنّكنّ حَرَائِر» أى لألزمنّكنّ البيوت فلا تخرجن إلى المسجد ؛ لأنّ الحجاب إنما ضرب على الحَرَائِر دون الإماء.

(س) وفي حديث الحجّاج «أنه باع معتقا في حَرَارِهِ» الحَرَارُ بالفتح : مصدر ، من حَرَّ يَحَرُّ إذا صار حرّا. والاسم الحُرِّيَّةُ.

وفي قصيد كعب بن زهير :

قَنْوَاءُ في حُرَّتَيْهَا للبصير بها

عِتْقٌ مُبِينٌ وفي الخَدَّيْنِ تَسْهِيلُ

أراد بالحُرَّتَيْنِ : الأذنين ، كأنّه نسبهما إلى الحُرِّيَّةِ وكرم الأصل.

(ه) وفي حديث على «أنه قال لفاطمة رضى الله عنهما : لو أتيت النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسألته خادما يقيك حَرَّ ما أنت فيه من العمل» وفي رواية «حَارَّ ما أنت فيه» يعنى التّعب والمشقّة

٣٦٣

من خدمة البيت ، لأنّ الحَرَارَةَ مقرونة بهما ، كما أنّ البرد مقرون بالراحة والسّكون. والحَارّ : الشاقّ المتعب.

ومنه حديث الحسن بن على رضى الله عنهما «قال لأبيه لمّا أمره بجلد الوليد بن عقبة : وَلِ حَارَّهَا من تَوَلَّى قَارَّهَا» أى ولّ الجَلْدَ من يلزم الوليد أمره ويعنيه شأنه. والقارّ ضدّ الحَارّ.

(س) ومنه حديث عيينة بن حِصْن «حتى أذيق نساءه من الحَرِّ مثل ما أذاق نسائى» يريد حرقة القلب من الوجع والغيظ والمشقّة.

(س) ومنه حديث أم المهاجر «لمّا نُعِيَ عمرُ قالت : وا حَرَّاه ، فقال الغلام : حَرٌّ انتشر فملأ البشر».

(س) وفيه «في كلّ كبد حَرَّى أجر» الحَرَّى : فَعْلَى من الحَرّ ، وهى تأنيث حَرَّان ، وهما للمبالغة ، يريد أنّها لشدّة حرّها قد عطشت ويبست من العطش. والمعنى أنّ في سقى كلّ ذى كبد حَرَّى أجرا. وقيل : أراد بالكبد الحَرَّى حياة صاحبها ، لأنه إنما تكون كبده حَرَّى إذا كان فيه حياة ، يعنى في سقى كلّ ذى روح من الحيوان. ويشهد له ما جاء في الحديث الآخر «في كل كبد حَارَّةٍ أجر».

(س) والحديث الآخر «ما دخل جوفي ما يدخل جوف حَرَّانِ كَبِدٍ» وما جاء في حديث ابن عباس رضى الله عنهما «أنه نهى مُضَارِبَهُ أن يشتري بماله ذا كبد رطبة».

(س) وفي حديث آخر «في كلّ كبد حَرَّى رطبة أجر» وفي هذه الرواية ضعف. فأمّا معنى رطبة فقيل : إنّ الكبد إذا ظمئت ترطّبت. وكذا إذا ألقيت على النار. وقيل كنى بالرّطوبة عن الحياة ، فإن الميّت يابس الكبد. وقيل وصفها بما يؤول أمرها إليه.

(ه) وفي حديث عمر رضى الله عنه وجمع القرآن «إنّ القتل قد اسْتَحَرَّ يوم اليمامة بقرّاء القرآن» أى اشتدّ وكثر ، وهو استفعل من الحَرِّ : الشّدّة.

ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «حَمِسَ الوغا واسْتَحَرَّ الموتُ».

(ه) وفي حديث صفّين «إنّ معاوية زاد أصحابه في بعض أيام صفّين خمسَمائة خمسَمائة ،

٣٦٤

فلما التقوا جعل أصحاب عليّ يقولون : لا خَمْسَ إلّا جندل الإِحَرِّين» هكذا رواه الهروى. والذى ذكره الخطّابى : أنّ حبّة العرني قال : شهدنا مع عليّ يوم الجمل ، فقسم ما في العسكر بيننا ، فأصاب كلّ رجل منّا خمسمائة. فقال بعضهم يوم صفّين :

قلت لنفسى السّوء لا تَفِرِّين

لا خَمْسَ إلّا جندل الإِحَرِّين

قال ورواه بعضهم :

لا خِمْس ...

، بكسر الخاء ، من وِرد الإبل ، والفتح أشبه بالحديث. ومعناه : ليس لك اليوم إلا الحجارة والخيبة. والإِحَرِّين : جمع الحَرَّة ، وهى الأرض ذات الحجارة السّود ، وتجمع على حَرٍّ ، وحِرَار ، وحَرَّات ، وحَرِّين ، وإِحَرِّين ، وهو من الجموع النادرة كثُبِين وقُلِين ، في جمع ثُبَة وقُلَة ، وزيادة الهمزة في أوّله بمنزلة الحركة في أرضين ، وتغيير أوّل سنين. وقيل : إنّ واحد إِحَرِّين : إِحَرَّة (١).

وفي حديث جابر رضى الله عنه «فكانت زيادة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم معى لا تفارقنى حتى ذهبت منّى يوم الحَرَّة» قد تكرّر ذكر الحَرَّة ويومها في الحديث ، وهو يوم مشهور فى الإسلام أيام يزيد بن معاوية ، لما انتهب المدينة عسكره من أهل الشام الذين ندبهم لقتال أهل المدينة من الصحابة والتابعين ، وأَمَّرَ عليهم مسلم بن عقبة المُرِّي في ذى الحجة سنة ثلاث وستين ، وعقيبها هلك يزيد. والحَرَّة هذه : أرض بظاهر المدينة بها حجارة سود كثيرة ، وكانت الوقعة بها.

(س) وفيه «إنّ رجلا لطم وجه جارية ، فقال له : أعجز عليك إلّا حُرُّ وجهها» حُرُّ الوجه : ما أقبل عليك وبدا لك منه. وحُرُّ كل أرض ودار : وسطها وأطيبها. وحُرُّ البقل والفاكهة والطّين : جيّدها.

[ه] ومنه الحديث «ما رأيت أشبه برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الحسن ، إلّا أنّ النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان أَحَرَّ حسنا منه» يعنى أرقّ منه رقّة حسن.

(ه) وفي حديث عمر رضى الله عنه «ذُرِّي وأنا أُحِرُّ لك» يقول ذرّى الدّقيق لأتّخذ لك منه حَرِيرَة. والحَرِيرَةُ : الحسا المطبوخ من الدّقيق والدّسم والماء. وقد تكرر ذكر الحَرِيرَةِ في أحاديث الأطعمة والأدوية.

__________________

(١) في اللسان : قال ثعلب : إنما هو الأحرّين ، جاء به على أحر ، كأنه أراد هذا الموضع الأحر ، أى الذى هو أحر من غيره. فصيره كالأكرمين والأرحمين.

٣٦٥

وفي حديث عائشة رضى الله عنها «وقد سئلت عن قضاء صلاة الحائض فقالت : أحَرُورِيَّةٌ أنت» الحَرُورِيَّةُ : طائفة من الخوارج نسبوا إلى حَرُورَاء بالمدّ والقصر ، وهو موضع قريب من الكوفة ، كان أوّل مجتمعهم وتحكيمهم فيها ، وهم أحد الخوارج الذين قاتلهم علىّ كرم الله وجهه. وكان عندهم من التّشدّد في الدين ما هو معروف ، فلما رأت عائشة هذه المرأة تشدّد في أمر الحيض شبّهتها بالحَرُورِيَّةِ وتشدّدهم في أمرهم ، وكثرة مسائلهم وتعنّتهم بها. وقيل أرادت أنها خالفت السّنّة وخرجت عن الجماعة كما خرجوا عن جماعة المسلمين. وقد تكرر ذكر الحرورية في الحديث.

(س) وفي حديث أشراط الساعة «يُسْتَحَلُ الحِرُ والحَرِيرُ» هكذا ذكره أبو موسى في حرف الحاء والراء ، وقال : الحِرُ بتخفيف الراء : الفرج ، وأصله حرح بكسر الحاء وسكون الراء ، وجمعه أحراح. ومنهم من يشدّد الراء وليس بجيّد ، فعلى التخفيف يكون في حرح ، لا في حرر. والمشهور في رواية هذا الحديث على اختلاف طرقه «يستحلّون الخزّ» بالخاء المعجمة والزّاى ، وهو ضرب من ثياب الإبريسم معروف ، وكذا جاء في كتابى البخارى وأبى داود ، ولعلّه حديث آخر ذكره أبو موسى ، وهو حافظ عارف بما روى وشرح ، فلا يتّهم. والله أعلم.

(حرز) ـ في حديث يأجوج ومأجوج «فَحَرِّزْ عبادى إلى الطّور» أى ضُمَّهُم إليه ، واجعله لهم حِرْزاً. يقال : أَحْرَزْتُ الشيءَ أُحْرِزُهُ إِحْرَازاً إذا حفظته وضممته إليك وصنته عن الأخذ.

ومنه حديث الدعاء «اللهم اجعلنا في حِرْزٍ حَارِزٍ» أى كهفٍ منيعٍ. وهذا كما يقال : شِعْرٌ شَاعِرٌ ، فأجرى اسم الفاعل صفة للشّعر ، وهو لقائله ، والقياس أن يقول حِرْزٍ مُحْرِزٍ ، أو حِرْزٍ حَرِيزٍ ، لأن الفعل منه أَحْرَزَ ، ولكن كذا روي ، ولعله لغة.

(ه) ومنه حديث الصدّيق «أنه كان يوتر من أوّل الليل ويقول :

وا حَرَزَا وأبتغى النّوافلَا

ويروى

«أَحْرَزْتُ نهبي وأبتغي النّوافل»

يريد أنه قضى وتره ، وأمن فواته ، وأَحْرَزَ أجره ، فإن استيقظ من الليل تنفّل ، وإلا فقد خرج من عهدة الوتر. والحَرَزُ بفتح الراء : المُحْرَزُ ، فَعَلٌ بمعنى مُفْعَلٍ ، والألف في وا حَرَزَا منقلبة عن ياء الإضافة ، كقولهم يا غلاما أقبل ، في يا غلامى ، والنّوافل : الزّوائد. وهذا مثل للعرب يضرب لمن ظفر بمطلوبه وأَحْرَزَهُ ثم طلب الزيادة.

٣٦٦

(ه) وفي حديث الزكاة «لا تأخذوا من حَرَزَاتِ أموالِ الناس شيئا» أى من خيارها. هكذا يروى بتقديم الراء على الزاى ، وهو جمع حَرْزَة بسكون الراء ، وهى خيار المال ؛ لأنّ صاحبها يُحْرِزُهَا ويَصُونُها. والرّواية المشهورة بتقديم الزّاى على الراء ، وسنذكرها في بابها.

(حرس) (ه) فيه «لا قَطْعَ في حَرِيسَةِ الجبل» أى ليس فيما يحرس بالجبل إذا سرق قطع ؛ لأنه ليس بحرز. والحَرِيسَة فعيلة بمعنى مفعولة : أى أنّ لها من يَحْرُسُهَا ويَحْفَظُها. ومنهم من يجعل الحَرِيسَةَ السّرقة نفسها : يقال حَرَسَ يَحْرِسُ حَرْساً إذا سَرَقَ ، فهو حَارِسٌ ومُحْتَرِسٌ : أى ليس فيما يسرق من الجبل قطع.

ومنه الحديث «أنه سئل عن حَرِيسَةِ الجبل فقال فيها غرم مثلها وجلدات نكالا ، فإذا أواها المُرَاح ففيها القطع» ويقال للشّاة الّتى يدركها الليل قبل أن تصل إلى مُرَاحها : حَرِيسَة. وفلان يأكل الحَرَسَات : إذا سرق أغنام الناس وأكلها. والاحْتِرَاسُ : أن يسرق الشىء من المرعى. قاله شمر.

(ه) ومنه الحديث «أن غلمة لحاطب احْتَرَسُوا ناقةً لرجل فانتحروها»

وفي حديث أبى هريرة «ثمن الحَرِيسَة حرام لعينها» أى أنّ أكل المسروقة وبيعها وأخذ ثمنها حرام كلّه.

وفي حديث معاوية «أنه تناول قُصَّةً من شَعر كانت في يد حَرَسِيٍ» الحَرَسِيُ بفتح الراء : واحد الحُرَّاس والحَرَسِ ، وهم خَدَمُ السلطان المرتّبون لحفظه وحِرَاسَتِهِ. والحَرَسِيُ واحد الحَرَسِ ، كأنه منسوب إليه حيث قد صار اسم جنس. ويجوز أن يكون منسوبا إلى الجمع شاذّا.

(حرش) (س) فيه «أنّ رجلا أتاه بِضِبَاب احْتَرَشَهَا» الاحْتِرَاشُ والحَرْشُ : أن تهيّج الضّبّ من جحره ، بأن تضربه بخشبة أو غيرها من خارجه فيخرج ذنبه ويقرب من باب الجحر يحسب أنه أفعى ، فحينئذ يهدم عليه جحره ويؤخذ. والاحْتِرَاشُ في الأصل : الجمع والكسب والخداع.

٣٦٧

(ه) ومنه حديث أبى حَثْمَة في صفة التمر «وتُحْتَرَشُ به الضّباب» أى تصطاد. يقال إن الضّبّ يعجب بالتمر فيحبّه.

[ه] ومنه حديث المِسْوَر «ما رأيت رجلا ينفُرُ من الحَرْشِ مثله» يعنى معاوية ، يريد بالحَرْشِ الخديعة.

(س) وفيه «أنه نهى عن التَّحْرِيش بين البهائم» هو الإغراء وتهييج بعضها على بعض كما يفعل بين الجمال والكباش والدّيوك وغيرها.

(س) ومنه الحديث «إن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب ولكن في التَّحْرِيش بينهم» أى في حملهم على الفتن والحروب.

ومنه حديث عليّ في الحج «فذهبت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مُحَرِّشاً على فاطمة» أراد بالتَّحْرِيش هاهنا ذكر ما يوجب عتابه لها.

وفيه «أنّ رجلا أخذ من رجل آخر دنانيرَ حُرْشاً» جمع أَحْرَش : وهو كلّ شىء خشن : أراد بها أنّها كانت جديدة عليها خشونة النّقش (١).

(حرشف) (س) في حديث غزوة حنين «أرى كتيبة حَرْشَفٍ» الحَرْشَفُ : الرَّجَّالة شبّهوا بالحَرْشَفِ من الجراد وهو أشدّه أكلا. يقال ما ثَمَّ غير حَرْشَفٍ رجال : أى ضعفاء وشيوخ. وصغار كلّ شىء حَرْشَفُهُ.

(حرص) (ه) في ذكر الشّجاج «الحَارِصَة» وهى التى تَحْرُصُ الجلد أى تشقّه. يقال : حَرَصَ القصّار الثّوب إذا شقّه.

(حرض) (س) فيه «ما من مؤمن يَمْرَضُ مَرَضاً حتى يُحْرِضه» أى يُدْنِفُهُ ويُسْقِمُهُ. يقال : أَحْرَضَهُ المرض فهو حَرِضٌ وحَارِضٌ : إذا أفسد بدنه وأشفي على الهلاك.

(ه) وفي حديث عوف بن مالك «رأيت مُحَلِّم بن جَثَّامَة في المنام ، فقلت : كيف أنتم؟ فقال بخير ، وجدنا ربّا رحيما غفر لنا ، فقلت : لكلّكم؟ فقال : لكلّنا غير الأَحْرَاض ، قلت : ومن

__________________

(١) «في حديث أبى الموالى «فأتت جارية فأقبلت وأدبرت وإنى لأسمع بين فخذيها من لففها مثل فشيش الحرايش» الحرايش جنس من الحيات واحدها حريش». ذكر بهامش الأصل. وانظره في مادة ف ش ش من هذا الكتاب

٣٦٨

الأَحْرَاض؟ قال : الذين يشار إليهم بالأصابع» أى اشتهروا بالشّرّ. وقيل : هم الذين أسرفوا في الذنوب فأهلكوا أنفسهم. وقيل : أراد الذين فسدت مذاهبهم.

(ه) وفي حديث عطاء في ذكر الصّدفة «كذا وكذا والإِحْرِيض» قيل هو العصفر.

وفيه ذكر «الحُرُض» بضمّتين وهو واد عند أحد.

وفيه ذكر «حُرَاض» بضم الحاء وتخفيف الراء : موضع قرب مكّة. قيل كانت به العزّى.

(حرف) (ه) فيه «نزل القرآن على سبعة أَحْرُفٍ كلّها كاف شاف» أراد بالحَرْفِ اللّغة ، يعنى على سبع لغات من لغات العرب : أى إنها مفرّقة في القرآن ، فبعضه بلغة قريش ، وبعضه بلغة هذيل ، وبعضه بلغة هوازن ، وبعضه بلغة اليمن ، وليس معناه أن يكون في الحَرْفِ الواحد سبعة أوجه ، على أنه قد جاء في القرآن ما قد قرئ بسبعة وعشرة ، كقوله تعالى (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) و (عَبَدَ الطَّاغُوتَ) وممّا يبيّن ذلك قول ابن مسعود : إنّى قد سمعت القَرَأَةَ فوجدتهم متقاربين ، فاقْرَءُوا كما علّمتم ، إنّما هو كقول أحدكم : هلمّ وتعال وأقبل. وفيه أقوال غير ذلك هذا أحسنها. والحَرْفُ في الأصل : الطّرف والجانب ، وبه سمّى الحَرْفُ من حُرُوف الهجاء.

[ه] ومنه حديث ابن عباس «أهل الكتاب لا يأتون النّساء إلّا على حَرْفٍ» أى على جانب. وقد تكرر مثله في الحديث.

وفي قصيد كعب بن زهير :

حَرْفٌ أبوها أخوها من مُهَجَّنَةٍ

وعمّها خالها قَوْدَاء شِمْلِيل

الحَرْفُ : الناقة الضّامرة ، شبّهت بالحَرْفِ من حُرُوف الهجاء لدقّتها.

(ه) وفي حديث عائشة «لمّا اسْتُخْلِفَ أبو بكر قال : لقد علم قومى أنّ حِرْفَتِي لم تكن تعجز عن مؤونة أهلى ، وشغلت بأمر المسلمين فسيأكل آل أبى بكر من هذا ويَحْتَرِفُ للمسلمين فيه» الحِرْفَةُ : الصّناعة وجهة الكسب. وحَرِيفُ الرجل : معامله في حرفته ، وأراد باحْتِرَافِهِ للمسلمين نظره في أمورهم وتثمير مكاسبهم وأرزاقهم. يقال : هو يَحْتَرِفُ لعياله ، ويَحْرُفُ : أى يكتسب.

٣٦٩

(س) ومنه حديث عمر رضى الله عنه «لَحِرْفَةُ أحدكم أشدّ علىّ من عيلته» أى إنّ إغناء الفقير وكفايته أيسر علىّ من إصلاح الفاسد. وقيل : أراد لعدم حرفة أحدهم والاغتمام لذلك أشدّ علىّ من فقره.

ومنه حديثه الآخر «إنى لأرى الرجل يعجبنى فأقول هل له حِرْفَةٌ؟ فإن قالوا لا سقط من عينى» وقيل معنى الحديث الأوّل هو أن يكون من الحرْفَة بالضّم وبالكسر ، ومنه قولهم : حُرْفَةُ الأدب. والمُحَارَفُ بفتح الراء : هو المحروم المجدود الذى إذا طلب لا يرزق ، أو يكون لا يسعى في الكسب. وقد حُورِفَ كسب فلان إذا شدّد عليه في معاشه وضيّق ، كأنه ميل برزقه عنه ، من الانْحِرَاف عن الشىء وهو الميل عنه.

ومنه الحديث «سلّط عليهم موت طاعون ذفيف يُحَرِّفُ القلوب» أى يميلها ويجعلها على حَرْف : أى جانب وطرف. ويروى يحوّف بالواو وسيجىء.

ومنه الحديث «ووصف سفيان بكفّه فحَرَّفَهَا» أى أمالها.

والحديث الآخر «وقال بيده فَحَرَّفَهَا» كأنه يريد القتل. ووصف بها قطع السّيف بحدّه.

[ه] ومنه حديث أبى هريرة رضى الله عنه «آمنت بمُحَرِّفِ القلوب» أى مزيغها ومميلها ، وهو الله تعالى. وروى «بمحرّك القلوب».

[ه] وفي حديث ابن مسعود «موت المؤمن بعَرَقِ الجبين فيُحَارَفُ عند الموت بها ، فتكون كفّارة لذنوبه» أى يقايس بها. والمُحَارَفَةُ : المقايسة بالمِحْرَافِ ، وهو الميل الذى تختبر به الجراحة ، فوضع موضع المجازاة والمكافأة. والمعنى أنّ الشّدّة التى تعرض له حتى يعرق لها جبينه عند السّياق تكون كفّارة وجزاء لما بقى عليه من الذّنوب ، أو هو من المُحَارَفَةِ ، وهو التشديد في المعاش.

(ه) ومنه الحديث «إنّ العبد لَيُحَارَفُ على عمله الخير والشرّ» أى يجازى. يقال : لا تُحَارِفْ أخاك بالسّوء : أى لا تجازه. وأَحْرَفَ الرجل إذا جازى على خير أو شرّ. قاله ابن الأعرابى.

٣٧٠

(حرق) (ه) فيه «ضالّة المؤمن حَرَقُ النار» حَرَقُ النار بالتحريك : لهبها وقد يسكّن : أى إنّ ضالّة المؤمن إذا أخذها إنسان ليتملّكها أدّته إلى النار.

(ه) ومنه الحديث «الحَرَقُ والغَرَقُ والشَّرَقُ شهادة».

ومنه الحديث الآخر «الحَرِقُ شهيد» بكسر الراء

وفي رواية «الحَرِيق» هو الذى يقع في حَرْقِ النار فيلتهب.

(ه) وفي حديث المظاهر «احْتَرَقْتُ» أى هلكتُ. والإِحْرَاق : الإهلاك ، وهو من إِحْرَاق النار.

ومنه حديث المجامع في نهار رمضان أيضا «احْتَرَقْتُ» شبّها (١) ما وقعا فيه من الجماع في المظاهرة والصّوم بالهلاك.

(س) ومنه الحديث «أوحي إليّ أن أَحْرِقَ قريشا» أى أَهْلِكَهُمْ.

وحديث قتال أهل الرّدة «فلم يزل يُحَرِّقُ أعضاءهم حتى أدخلهم من الباب الذى خرجوا منه».

(ه) وفيه «أنه نهى عن حَرْقِ النّواة» هو بَرْدُها بالمِبْرَد. يقال حَرَقَهُ بالمِحْرَقِ. أى برده به.

ومنه القراءة «لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً» ويجوز أن يكون أراد إحراقها بالنار ، وإنما نهى عنه إكراما للنخلة ، ولأنّ النوى قوت الدّواجن.

(ه) وفيه «شرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الماء المُحْرَقَ من الخاصرة» الماء المُحْرَقُ : هو المغلى بالحَرَقِ وهو النار ، يريد أنه شربه من وجع الخاصرة.

وفي حديث عليّ رضى الله عنه «خير النّساء الحَارِقَة» وفي رواية «كَذَبَتْكُمُ الحَارِقَةُ» هى المرأة الضّيّقة الفرج. وقيل : هى التى تغلبها الشّهوة حتى تَحْرُقَ أنيابها بعضها على بعض : أى تحكّها. يقول عليكم بها (٢)

__________________

(١) في ا وتاج العروس : شبه

(٢) في الدر النثير : وقيل الحارقة : النكاح على جنب. حكاه ابن الجوزى ا ه ، وانظر القاموس (حرق)

٣٧١

ومنه حديثه الآخر «وجدتها حَارِقَةً طارقة فائقة».

ومنه الحديث «يَحْرُقُونَ أنيابهم غيظا وحنقا» أى يحكّون بعضها على بعض.

[ه] وفي حديث الفتح «دخل مكّة وعليه عمامة سوداء حَرَقَانِيّة» هكذا يروى. وجاء تفسيرها في الحديث : أنها السّوداء ، ولا يدرى ما أصله. وقال الزمخشرى : الحَرَقَانِيّة هى التى على لون ما أَحْرَقَتْهُ النار ، كأنها منسوبة ـ بزيادة الألف والنون ـ إلى الحَرَق بفتح الحاء والراء. وقال : يقال الحَرْقُ بالنار والحَرَقُ معا. والحَرَقُ من الدّق الذى يعرض للثوب عند دقه محرّك لا غير.

ومنه حديث عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه «أراد أن يستبدل بعمّاله لما رأى من إبطائهم في تنفيذ أمره فقال : أمّا عدىّ بن أرطاة فإنما غرّنى بعمامته الحَرَقَانِيّة السّوداء».

(حرقف) ـ فيه «أنه عليه‌السلام ركب فرسا فنفرت. فندر منها على أرض غليظة ، فإذا هو جالس ، وعُرْض ركبتيه ، وحَرْقَفَتَيْهِ ، ومَنكِبَيه ، وعُرْض وجهه مُنْسَح» الحَرْقَفَةُ : عظم رأس الورك. يقال للمريض إذا طالت ضجعته : دبرت حَرَاقِفُهُ.

(س) ومنه حديث سويد «ترانى إذا دبرت حَرْقَفَتِي وما لي ضجعة إلّا على وجهى ، ما يسرّنى أنى نقصت منه قلامة ظفر».

(حرم) [ه] فيه «كلّ مسلم عن مسلم مُحْرِمٌ» يقال إنه لَمُحْرِمٌ عنك : أى يَحْرُمُ أذاك عليه. ويقال : مسلم مُحْرِمٌ ، وهو الذى لم يُحِلَّ من نفسه شيئا يوقع به. يريد أنّ المسلم معتصم بالإسلام ممتنع بحُرْمَتِهِ ممن أراده أو أراد ماله.

[ه] ومنه حديث عمر «الصيام إِحْرَام» لاجتناب الصائم ما يثلم صومه. ويقال للصائم مُحْرِمٌ. ومنه قول الراعى :

قتلوا ابن عفّان الخليفة مُحْرِماً

ودعا فلم أر مثله مخذولا.

وقيل : أراد لم يحلّ من نفسه شيئا يوقع به. ويقال للحالف مُحْرِمٌ لتَحَرُّمِهِ به.

ومنه قول الحسن «في الرجل يُحْرِمُ في الغضب» أى يَحْلف.

(س) وفي حديث عمر «في الحَرَامِ كفّارة يمين» هو أن يقول : حَرَامُ الله لا أفعل كذا ،

٣٧٢

كما يقول يمينُ الله ، وهى لغة العُقَيليّين. ويحتمل أن يريد تَحْرِيم الزوجة والجارية من غير نيّة الطلاق.

ومنه قوله تعالى (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) ثم قال (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ).

ومنه حديث عائشة «آلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من نسائه وحَرَّمَ ، فجعل الحَرَامَ حلالا» تعنى ما كان قد حَرَّمَهُ على نفسه من نسائه بالإيلاء عاد أحلّه وجعل في اليمين الكفارة.

ومنه حديث عليّ «في الرجل يقول لامرأته أنت عليَ حَرَامٌ».

وحديث ابن عباس «من حَرَّمَ امرأته فليس بشيء».

وحديثه الآخر «إذا حَرَّمَ الرجل امرأته فهى يمين يكفّرها».

(ه) وفي حديث عائشة «كنت أطيّب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لحلّه وحُرْمِهِ» الحُرْمُ ـ بضم الحاء وسكون الراء ـ الإِحْرَام بالحج ، وبالكسر : الرجل المُحْرِم. يقال : أنت حلّ ، وأنت حِرْمٌ. والإِحْرَام : مصدر أَحْرَمَ الرجل يُحْرِمُ إِحْرَاماً إذا أهلّ بالحج أو بالعمرة وباشر أسبابهما وشروطهما من خلع المخيط واجتناب الأشياء التى منعه الشرع منها كالطّيب والنكاح والصّيد وغير ذلك. والأصل فيه المنع. فكأنّ المُحْرِم ممتنع من هذه الأشياء. وأَحْرَمَ الرجل إذا دخل الحَرَم ، وفي الشّهور الحُرُم وهى ذو القعدة ، وذو الحجّة ، والمحرّم ، ورجب. وقد تكرر ذكرها في الحديث.

ومنه حديث الصلاة «تَحْرِيمُهَا التكبير» كأنّ المصلّى بالتكبير والدخول في الصلاة صار ممنوعا من الكلام والأفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأفعالها ، فقيل للتكبير : تَحْرِيمٌ ؛ لمنعه المصلّى من ذلك ، ولهذا سمّيت تكبيرة الإِحْرَام : أى الإِحْرَامُ بالصلاة.

وفي حديث الحديبية «لا يسألونى خُطَّة يُعَظّمون فيها حُرُمَاتِ الله إلا أعطيتهم إيّاها» الحُرُمَات : جمع حُرْمَة ، كظُلْمَة وظُلُمَات ، يريد حُرْمَةَ الحَرَم ، وحُرْمَةَ الإحرام ، وحُرْمَةَ الشهر الحَرَام. والحُرْمَةُ : ما لا يحلّ انتهاكه.

ومنه الحديث «لا تسافر المرأة إلّا مع ذي مَحْرَمٍ منها» وفي رواية «مع ذي حُرْمَةٍ منها» ذو المَحْرَمِ : من لا يحلّ له نكاحها من الأقارب كالأب والإبن والأخ والعم ومن يجرى مجراهم.

٣٧٣

[ه] ومنه حديث بعضهم «إذا اجتمعت حُرْمَتَانِ طرحت الصّغرى للكبرى» أى إذا كان أمر فيه منفعة لعامّة الناس ، ومضرّة على الخاصّة قدّمت منفعة العامّة.

ومنه الحديث «أما علمت أنّ الصّورة مُحَرَّمَةٌ» أى مُحَرَّمَةُ الضّرب ، أو ذات حُرْمَة.

والحديث الآخر «حَرَّمْتُ الظّلمَ على نفسي» أى تقدّستُ عنه وتعاليتُ ، فهو في حقّه كالشيء المُحَرَّم على الناس.

والحديث الآخر «فهو حَرَام بحُرْمة الله» أى بتَحْرِيمه. وقيل الحُرْمَة الحقّ : أى بالحق المانع من تحليله.

وحديث الرضاع «فَتَحَرَّمَ بلبنها» أى صار عليها حراما.

وفي حديث ابن عباس وذكر عنده قول عليّ أو عثمان في الجمع بين الأمتين الأختين «حَرَّمَتْهُنّ آيةٌ وأَحَلَّتْهُنّ آيةٌ» فقال : «تُحَرِّمُهُنَّ عليّ قرابتي منهنّ ، ولا تُحَرِمُهنَّ علىّ قرابة بعضهنّ من بعض» أراد ابن عباس أن يخبر بالعلة التى وقع من أجلها تَحْرِيم الجمع بين الأختين الحرّتين فقال : لم يقع ذلك بقرابة إحداهما من الأخرى ، إذ لو كان ذلك لم يحلّ وطء الثانية بعد وطء الأولى ، كما يجرى في الأم مع البنت ، ولكنّه قد وقع من أجل قرابة الرجل منهما ، فَحَرُمَ عليه أن يجمع الأخت إلى الأخت لأنها من أصهاره ، وكأنّ ابن عباس رضى الله عنهما قد أخرج الإماء من حكم الحرائر ؛ لأنه لا قرابة بين الرجل وبين إمائه. والفقهاء على خلاف ذلك ، فإنهم فلا يجيزون الجمع بين الأختين في الحرائر والإماء. فأمّا الآية المُحَرِّمَةُ فهى قوله تعالى (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) وأما الآية المُحِلَّة فقوله تعالى (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ).

(ه) وفي حديث عائشة «أنه أراد البَدَاوَة فأرسل إلىّ ناقة مُحَرَّمَة» المُحَرَّمَةُ هى التى لم تركب ولم تذلّل.

(ه) وفيه «الذين تدركهم الساعة تبعث عليهم الحِرْمَةُ» هي بالكسر الغُلْمَة وطلب الجماع ، وكأنها بغير الآدمىّ من الحيوان أخصّ. يقال اسْتَحْرَمَتِ الشّاة إذا طلبت الفحل.

(س) وفي حديث آدم عليه‌السلام «أنه اسْتَحْرَمَ بعد موت ابنه مائة سنة لم يضحك» هو من قولهم أَحْرَمَ الرجل إذا دخل في حُرْمَة لا تُهْتَك ، وليس من اسْتِحْرَام الشّاة.

٣٧٤

(ه) وفيه «إنّ عياض بن حماد (١) المجاشعىّ كان حِرْمِيَ رسولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكان إذا حجّ طاف في ثيابه» كان أشراف العرب الذين كانوا يتحمّسون في دينهم ـ أى يتشدّدون ـ إذا حجّ أحدهم لم يأكل إلّا طعام رجل من الحرم ، ولم يطف إلّا في ثيابه ، فكان لكل شريف من أشرافهم رجل من قريش ، فيكون كلّ واحد منهما حِرْمِيَ صاحبه ، كما يقال كَرِيٌّ للمُكْرِي والمُكتري. والنّسب في الناس إلى الحَرَم حِرْمِيٌ بكسر الحاء وسكون الراء. يقال رجل حِرْمِيٌ ، فإذا كان في غير الناس قالوا ثوب حَرَمِيٌ.

(ه) وفيه «حَرِيم البئر أربعون ذراعا» هو الموضع المحيط بها الذى يلقى فيه ترابها : أى إن البئر التى يحفرها الرجل في موات فَحَرِيمِهَا ليس لأحد أن ينزل فيه ولا ينازعه عليه. وسمّى به لأنه يَحْرُمُ منعُ صاحبِهِ منه ، أو لأنه يَحْرُمُ على غيره التصرّفُ فيه.

(حرمد) ـ في شعر تبّع :

فرأى مغار الشّمس عند غروبها

في عين ذى خلب وثأط حَرْمَدٍ

الحَرْمَدُ : طين أسود شديد السّواد.

(حرا) [ه] في حديث وفاة النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم «فما زال جسمه يَحْرِي» أى ينقص. يقال : حَرَى الشّيءُ يَحْرِي إذا نقص.

(ه) ومنه حديث الصدّيق «فما زال جسمه يَحْرِي بعد وفاة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى لحق به».

ومنه حديث عمرو بن عبسة «فإذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مستخفيا حِرَاءٌ عليه قومُه» أى غِضَاب ذَوُو غمّ وهمّ ، قد انْتَقَصَهُم أمرُهُ وعِيلَ صبرهم به ، حتى أَثّر في أجسامهم وانتقصهم.

(س) وفيه «إنّ هذا لَحَرِيٌ إِن خطب أَن يُنْكَحَ» يقال : فلان حَرِيٌ بكذا وحَرًى بكذا ، وبالحَرَى أن يكون كذا : أى جدير وخليق. والمثقّل يثنّى ويجمع ، ويؤنث ، تقول

__________________

(١) في نسخة «ابن حمار» ومثله في اللسان. قاله مصحح الأصل.

٣٧٥

حَرِيَّانِ وحَرِيُّونَ (١) وحَرِيَّةٌ. والمخفّف يقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكّر والمؤنّث على حالة واحدة ؛ لأنه مصدر.

(س) ومنه الحديث الآخر «إذا كان الرّجل يدعو في شبيبته ثم أصابه أمر بعد ما كبر فَبِالحَرَى أن يستجاب له».

وفيه «تَحَرَّوْا ليلة القدر في العشر الأواخر» أى تعمّدوا طلبها فيها. والتَّحَرِّي : القصد والاجتهاد في الطلب ، والعزم على تخصيص الشىء بالفعل والقول.

ومنه الحديث «لا تَتَحَرَّوْا بالصلاة طلوع الشمس وغروبها» وقد تكرر ذكرها في الحديث.

(س) وفي حديث رجل من جهينة «لم يكن زيد بن خالد يقرّبه بِحَرَاه سخطا لله عزوجل» الحَرَا بالفتح والقصر : جَنَاب الرجل. يقال : اذهب فلا أراك بحَرَاي.

(س) وفيه «كان يتحنّث بحِرَاء» هو بالكسر والمدّ : جبل من جبال مكة معروف. ومنهم من يؤنثه ولا يصرفه. قال الخطّابى : وكثير من المحدّثين يغلطون فيه فيفتحون حاءه. ويَقْصُرُونَهُ ويُمِيلونه ، ولا يجوز إمالته ؛ لأنّ الراء قبل الألف مفتوحة ، كما لا تجوز إمالة راشد ورافع.

(باب الحاء مع الزاى)

(حزب) (ه) فيه «طرأ علىّ حِزْبِي من القرآن فأحببت أن لا أخرج حتى أقضيه» الحِزْبُ ما يجعله الرجل على نفسه من قراءة أو صلاة كالورد. والحِزْبُ : النّوبة في ورود الماء.

ومنه حديث أوس بن حذيفة «سألت أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : كيف تُحَزِّبُونَ القرآن».

(ه) وفيه «اللهم اهزم الأَحْزَابَ وزلزلهم» الأَحْزَابُ : الطّوائف من الناس ، جمع حِزْب بالكسر.

__________________

(١) وأحرياء ، وهنّ حريّات وحرايا. الصحاح (حرا).

٣٧٦

ومنه حديث ذكر يوم «الأَحْزَاب» ، وهو غزوة الخندق. وقد تكرر ذكرها في الحديث.

(س) وفيه «كان إذا حَزَبَهُ أمر صلّى» أى إذا نزل به مهم أو أصابه غمّ.

ومنه حديث عليّ «نزلت كَرَائِهُ الأمور وحَوَازِبُ الخطوب» جمع حَازِبٍ ، وهو الأمر الشّديد.

ومنه حديث ابن الزبير «يريد أن يُحَزِّبَهُمْ» أى يقوّيهم ويشدّ منهم ، أو يجعلهم من حِزْبِهِ ، أو يجعلهم أَحْزَاباً ، والرواية بالجيم والراء. وقد تقدّم.

ومنه حديث الإفك «وطَفِقَتْ حَمْنَةٌ تُحَازِبُ لها» أى تتعصّب وتسعى سعى جماعتها الذين يَتَحَزَّبُون لها. والمشهور بالحاء والراء ، من الحرب.

ومنه حديث الدعاء «اللهم أنت عدّتى إن حُزِبْتُ» ويروى بالراء بمعنى سلبت ، من الحرب.

(حزر) (ه) فيه «أنه بعث مصدّقا فقال : لا تأخذ من حَزَرَاتِ أنفس الناس شيئا» الحَزَرَاتُ : جمع حَزْرَة ـ بسكون الزاى ـ وهى خيار مال الرجل ، سمّيت حَزْرَةً لأن صاحبها لا يزال يَحْزُرُهَا في نفسه ، سمّيت بالمرّة الواحدة ، من الحَزْر ، ولهذا أضيفت إلى الأنفس.

ومنه الحديث الآخر «لا تأخذوا حَزَرَاتِ أموال الناس ، نكّبوا عن الطعام» ويروى بتقديم الراء على الزاى. وقد تقدّم.

(حزز) (س) فيه «أنه احْتَزَّ من كتف شاة ثم صلى ولم يتوضّأ» هو افْتَعَلَ من الحَزِّ : القطع. ومنه الحُزَّةُ وهى : القطعة من اللحم وغيره. وقيل الحَزُّ : القطع في الشيء من غير إبانة. يقال : حَزَزْتُ العود أَحُزُّهُ حَزّاً.

(ه) ومنه حديث ابن مسعود «الإثم حَوَازُّ القلوب» هى الأمور التى تَحُزُّ فيها : أى تؤثّر كما يؤثر الحَزُّ في الشيء ، وهو ما يخطر فيها من أن تكون معاصى لفقد الطّمأنينة إليها ، وهى بتشديد الزّاى : جمع حَازّ. يقال إذا أصاب مرفق البعير طرف كِرْكِرَتِهِ فقطعه وأدماه : قيل به حَازٌّ. ورواه

٣٧٧

شمر «الإثم حَوَّاز القلوب» بتشديد الواو : أى يحوزها ويتملّكها ويغلب عليها ، ويروى «الإثم حَزَّازُ القلوب» بزايين الأولى مشددة ، وهى فعّال من الحَزِّ.

(ه) وفيه «وفلان آخذ بِحُزَّتِهِ» أى بعنقه. قال الجوهرى : هو على التشبيه بالحُزَّةِ وهو القطعة من اللحم قطعت طولا. وقيل أراد بحجزته وهى لغة فيها.

(س) وفي حديث مطرّف «لقيت عليّا بهذا الحَزِيز» هو المنهبط من الأرض. وقيل هو الغليظ منها. ويجمع على حُزّان.

ومنه قصيد كعب بن زهير :

ترمى الغيوب بعينى مفرد لهق

إذا توقّدت الحُزَّانُ والميل

(حزق) (ه) فيه «لا رأى لحَازِقٍ» الحَازِقُ : الذى ضاق عليه خفّه فحَزَقَ رجله : أى عصرها وضغطها ، وهو فاعل بمعنى مفعول.

ومنه الحديث الآخر «لا يصلّى وهو حاقن أو حاقب أو حَازِقٌ».

(ه) وفي فضل البقرة وآل عمران «كأنهما حَزْقَانِ من طير صوافّ» الحِزْقُ والحَزِيقَة : الجماعة من كل شيء. ويروى بالخاء والراء. وسيذكر في بابه.

(ه) ومنه حديث أبى سلمة «لم يكن أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مُتَحَزِّقِينَ ولا مُتَمَاوِتين» أى متقبّضين ومجتمعين. وقيل للجماعة حِزْقَةٌ لانضمام بعضهم إلى بعض.

(ه) وفيه أنه عليه‌السلام كان يرقّص الحسن والحسين ويقول :

حُزُقَّةٌ حُزُقَّه

تَرَقَّ عينَ بقّه

فترقّى الغلام حتى وضع قدميه على صدره. الحُزُقَّةُ : الضعيف المتقارب الخطو من ضعفه. وقيل القصير العظيم البطن ، فذكرها له على سبيل المداعبة والتّأنيس له. وتَرَقَّ : بمعنى اصعد. وعين بقّة : كناية عن صغر العين. وحُزُقَّةٌ : مرفوع على خبر مبتدإ محذوف تقديره أنت حُزُقَّةٌ ، وحُزُقَّةٌ الثانى كذلك ، أو أنه خبر مكّرر. ومن لم ينوّن حُزُقَّة أراد يا حُزُقَّةُ ، فحذف حرف النداء وهو من الشّذوذ ، كقولهم أَطْرِقْ كَرَا ، لأنّ حرف النداء إنما يحذف من العلم المضموم أو المضاف.

٣٧٨

(ه) وفي حديث الشّعبى «اجتمع جوارٍ فأَرِنَّ وأَشَرْنَ ولَعِبْنَ الحُزُقَّةَ» قيل : هى لعبة من اللّعب ، أخذت من التَّحَزُّقِ : التّجمّع.

(ه) وفي حديث علي «أنه ندب الناس لقتال الخوارج ، فلمّا رجعوا إليه قالوا : أبشر فقد استأصلناهم ، فقال : حَزْقُ عَيْر حَزْقُ عَيْرٍ ، فقد بقيت منهم بقيّة» العَيْرُ : الحمار. والحَزْقُ : الشّدّ البليغ والتّضييق. يقال حَزَقَهُ بالحبل إذا قوّى شدَّه ، أراد أن أمرهم بعد في إحكامه ، كأنه حمل حمار بولغ في شدّه. وتقديره : حَزْقُ حملِ عيرٍ ، فحذف المضاف وإنما خصّ الحمار بإحكام الحمل ؛ لأنه ربما اضطرب فألقاه. وقيل : الحَزْقُ الضّراط ، أى أنّ ما فعلتم بهم في قلّة الاكتراث له هو ضراط حمار. وقيل هو مثل يقال للمخبر بخبر غير تامّ ولا محصّل : أى ليس الأمر كما زعمتم.

(حزل) (ه) في حديث زيد بن ثابت «قال : دعانى أبو بكر إلى جمع القرآن فدخلت عليه وعمر مُحْزَئِلٌ في المجلس» أى منضمّ بعضه إلى بعض. وقيل مستوفز. ومنه احْزَأَلَّتِ الإبل في السّير إذا ارتفعت.

(حزم) (س) فيه «الحَزْمُ سوء الظّنّ» الحَزْمُ ضبط الرجل أمره والحذر من فواته ، من قولهم : حَزَمْتُ الشىء : أى شددته.

ومنه حديث الوتر «أنه قال لأبى بكر : أخذتَ بِالْحَزْمِ».

والحديث الآخر «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الحَازِمِ من إحداكن» أى أذهب لعقل الرجل المحترز في الأمور المستظهر فيها.

والحديث الآخر «أنه سئل ما الحَزْمُ؟ فقال : تستشير أهل الرأى ثم تطيعهم».

(س) وفيه «أنه نهى أن يصلّى الرجل بغير حِزَام» أى من غير أن يشدّ ثوبه عليه ، وإنما أمر بذلك لأنهم كانوا قلّما يتسرولون ، ومن لم يكن عليه سراويل ، وكان عليه إزار ، أو كان جيبه واسعا ولم يتلبّب ، أو لم يشدّ وسطه ، ربما انكشفت عورته وبطلت صلاته.

(س) ومنه الحديث «نهى أن يصلّى الرجل حتى يَحْتَزِمَ» أى يتلبّب ويشدّ وسطه.

(س) والحديث الآخر «أنه أمر بالتَّحَزُّمِ في الصلاة».

(س) وفي حديث الصوم «فَتَحَزَّمَ المفطرون» أى تلّببوا وشدّوا أوساطهم وعملوا للصائمين.

٣٧٩

(حزن) ـ فيه «كان إذا حَزَنَهُ أمر صلّى» أى أوقعه في الحُزْنِ. يقال حَزَنَنِي الأمرُ وأَحْزَنَنِي ، فأنا مَحْزُونٌ. ولا يقال مُحْزَوْنٌ. وقد تكرر في الحديث. ويروى بالباء. وقد تقدّم.

(ه) ومنه حديث ابن عمر وذكر من يغزو ولا نيّة له فقال «إنّ الشيطان يُحَزِّنُهُ» أى يوسوس إليه ويندّمه ، ويقول له لم تركت أهلك ومالك؟ فيقع في الحزن ويبطل أجره.

(س) وفي حديث ابن المسيّب «أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أراد أن يغيّر اسم جدّه حَزْن ويسمّيه سهلا ، فأبى وقال : لا أغيّر اسما سمّاني به أبى ، قال سعيد : فما زالت فينا تلك الحُزُونَةُ بعد» الحَزْنُ : المكان الغليظ الخشن. والحُزُونَةُ : الخشونة.

(س) ومنه حديث المغيرة «مَحْزُون اللهزمة» أى خشنها ، أو أن لهزمته تدّلت من الكآبة.

ومنه حديث الشّعبي «أَحْزَنَ بنا المنزل» أى صار ذا حُزُونَةٍ ، كأخصب وأجدب. ويجوز أن يكون من قولهم أَحْزَنَ الرجلُ وأسهل : إذا ركب الحَزْنَ والسّهل ، كأن المنزل أركبهم الحُزُونَة حيث نزلوا فيه.

(حزور) (س) فيه «كنّا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم غلمانا حَزَاوِرَة» هو جمع حَزْوَرٍ وحَزَوَّرٍ ، وهو الذى قارب البلوغ ، والتاء لتأنيث الجمع.

ومنه حديث الأرنب «كنت غلاما حَزَوَّراً فَصِدْتُ أرنبا» ولعلّه شُبِّهَ بحَزْوَرَةِ الأرض ، وهى الرابية الصغيرة.

(س) ومنه حديث عبد الله بن الحمراء «أنه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو واقف بالحَزْوَرَةِ من مكة» هو موضع بها عند باب الحنّاطين ، وهو بوزن قَسْوَرَة. قال الشافعي : الناس يشدّدون الحَزْوَرَةَ والحُدَيْبِيَة ، وهما مخفّفتان.

(حزا) (س) في حديث هرقل «كان حَزَّاء» الحَزَّاء والحَازِي : الذى يَحْزِرُ الأشياء ويقدّرها بظنّه. يقال : حَزَوْتُ الشىءَ أَحْزُوهُ وأَحْزِيهِ. ويقال لخارص النّخل : الحَازِي. وللذى ينظر في النّجوم حَزَّاء ؛ لأنه ينظر في النّجوم وأحكامها بظنّه وتقديره فربّما أصاب.

(س) ومنه الحديث «كان لفرعون حَازٍ» أى كاهن.

٣٨٠