النّهاية - ج ١

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ١

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٧٢

(بعق) (ه) في حديث الاستسقاء «جمّ البُعَاق» هو بالضم : المطر الكثير الغزير الواسع. وقد تَبَعَّقَ يَتَبَعَّقُ ، وانْبَعَقَ يَنْبَعِقُ.

(س) ومنه الحديث «كان يكره التَّبَعُّق في الكلام» ويروى الانْبِعَاق ، أى التّوسّع فيه والتّكثّر منه.

(ه) وفي حديث حذيفة : «فأين هؤلاء الذين يُبَعِّقُونَ لقاحنا» أى ينحرونها ويسيلون دماءها.

(بعل) (ه) في حديث التشريق «إنها أيام أكل وشرب وبِعَال» البِعَال : النكاح وملاعبة الرجل أهله. والمُبَاعَلَة : المباشرة. ويقال لحديث العروسين بِعَال. والبَعْل والتَّبَعُّل : حسن العشرة.

ومنه حديث أسماء الأشهليّة «إذا أحسنتنّ تَبَعُّلَ أزواجكنّ» أى مصاحبتهم في الزوجيّة والعشرة. والبَعْل الزوج ، ويجمع على بُعُولَة.

(س) ومنه حديث ابن مسعود «إلّا امرأة يئست من البُعُولَة» والهاء فيها لتأنيث الجمع. ويجوز أن تكون البُعُولَة مصدر بَعَلَتِ المرأة ، أى صارت ذات بعل.

وفي حديث الإيمان «وأن تلد الأمة بَعْلَهَا» المراد بالبَعْل هاهنا المالك. يعنى كثرة السّبى والتّسرّى ، فإذا استولد المسلم جارية كان ولدها بمنزلة ربّها.

ومنه حديث ابن عباس «أنه مرّ برجلين يختصمان في ناقة وأحدهما يقول أنا والله بَعْلُهَا» أى مالكها وربّها.

(ه) وفيه «أن رجلا قال للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أبايعك على الجهاد ، فقال : هل لك من بَعْل» البَعْل : الكَلّ. يقال صار فلان بَعْلاً على قومه ، أى ثقلا وعيالا. وقيل أراد هل بقى لك من تجب عليك طاعته كالوالدين.

(ه) وفي حديث الزكاة «ما سقى بَعْلاً ففيه العشر» هو ما شرب من النّخيل بعروقه من الأرض من غير سقى سماء ولا غيرها. قال الأزهرى : هو ما ينبت من النّخل في أرض يقرب ماؤها ، فرسخت عروقها في الماء واستغنت عن ماء السماء والأنهار وغيرها.

١٤١

ومنه حديث أكيدر «وإنّ لنا الضّاحية من البَعْل» أى التى ظهرت وخرجت عن العمارة من هذا النخل.

ومنه الحديث «العجوة شفاء من السّمّ ونزل بَعْلُها من الجنّة» أى أصلها. قال الأزهرى : أراد ببعلها قسبها الراسخ عروقه في الماء ، لا يسقى بنضح ولا غيره ، ويجىء ثمره يابسا له صوت ، وقد اسْتَبْعَلَ النّخلُ إذا صار بعلا.

(س) وفي حديث عروة «فما زال وارثه بَعْلِيّاً حتى مات» أى غنيّا ذا نخل ومال. قال الخطابى : لا أدرى ما هذا إلا أن يكون منسوبا إلى بعل النّخل. يريد أنه اقتنى نخلا كثيرا فنسب إليه ، أو يكون من البَعْل : المالك والرئيس ، أى ما زال رئيسا متملّكا.

(ه) وفي حديث الشّورى «قال عمر : قوموا فتشاوروا فمن بَعَلَ عليكم أمركم فاقتلوه» أى من أبى وخالف.

(ه) وفي حديث آخر «من تأمّر عليكم من غير مشورة ، أو بَعَلَ عليكم أمرا».

وفي حديث آخر «فإن بَعَلَ أحد على المسلمين يريد تشتّت أمرهم ، فقدّموه فاضربوا عنقه».

(ه) وفي حديث الأحنف «لمّا نزل به الهياطلة ـ وهم قوم من الهند ـ بَعَلَ بالأمر» أى دهش ، وهو بكسر العين.

(باب الباء مع الغين)

(بغت) ـ قد تكرر فيه ذكر «البَغْتَة» ، وهى الفجأة. يقال بَغَتَهُ يَبْغَتُهُ بَغْتاً ، أى فاجأه.

(س) ـ في حديث صلح نصارى الشّام «ولا نظهر بَاغُوتاً» هكذا رواه بعضهم. وقد تقدّم في العين المهملة والثاء المثلثة.

(بغث) (س) في حديث جعفر بن عمرو «رأيت وحشيّا فإذا شيخ مثل البُغَاثَة» هى الضّعيف من الطّير ، وجمعها بُغَاث. وقيل هى لئامها وشرارها.

(س) ومنه حديث عطاء «في بُغَاث الطّير مدّ» أى إذا صاده المحرم.

١٤٢

ومنه حديث المغيرة يصف امرأة «كأنها بُغَاث».

(بغثر) ـ في حديث أبى هريرة رضى الله عنه «إذا لم أرك تَبَغْثَرَتْ نفسى» أى غثت وتقلّبت. ويروى بالعين المهملة وقد تقدّم.

(بغش) (ه) فيه «كنّا مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأصابنا بُغَيْش» تصغير بَغْش ، وهو المطر القليل ، أوّله الطّلّ ثم الرّذاذ ، ثم البَغْش.

(بغل) ـ في قصيد كعب بن زهير :

فيها على الأين إرقال وتَبْغِيل

التَّبْغِيل : تفعيل من البَغْل كأنه شبّه سيرها بسير البَغْل لشدّته.

(بغم) (س) فيه «كانت إذا وضعت يدها على سنام البعير أو عجزه رفع بُغَامه» البُغَام صوت الإبل. ويقال لصوت الظّبى أيضا بُغَام.

(بغي) ـ فيه «ابْغِنِي أحجارا أستطب بها» يقال ابْغِنِي كذا بهمزة الوصل ، أى اطلب لى ، وأَبْغِنِي بهمزة القطع ، أى أعنّى على الطلب.

ومنه الحديث «أَبْغُونِي حديدة أستطب بها» بهمزة الوصل والقطع. وقد تكرر في الحديث. يقال بَغَى يَبْغِي بُغَاءً ـ بالضم ـ إذا طلب.

ومنه حديث أبى بكر «أنه خرج في بُغَاء إبل» جعلوا البُغَاء على زنة الأدواء ، كالعطاس والزّكام ، تشبيها به لشغل قلب الطّالب بالدّاء.

(س) ومنه حديث سراقة والهجرة «انطلقوا بُغْيَاناً» أى ناشدين وطالبين ، جمع بَاغٍ كراع ورعيان.

ومنه حديث أبى بكر في الهجرة «لقيهما رجل بكراع الغميم ، فقال من أنتم؟ فقال أبو بكر : بَاغٍ وهاد ، عرّض ببغاء الإبل وهداية الطريق ، وهو يريد طلب الدّين والهداية من الضلالة.

وفي حديث عمّار «تقتله الفئة البَاغِيَة» هى الظالمة الخارجة عن طاعة الإمام. وأصل البَغْي مجاوزة الحدّ.

١٤٣

ومنه الحديث «فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً» أى إن أطعنكم فلا يبقى لكم عليهنّ طريق إلّا أن يكون بغيا وجورا.

ومنه حديث ابن عمر «قال لرجل : أنا أبغضك ، قال لم؟ قال لأنك تَبْغِي في أذانك» أراد التّطريب فيه والتمديد ، من تجاوز الحدّ.

وفي حديث أبى سلمة «أقام شهرا يداوى جرحه فدمل على بَغْيٍ ولا يدرى به» أى على فساد.

وفيه «امرأة بَغِيّ دخلت الجنة في كلب» أى فاجرة ، وجمعها البَغَايَا. ويقال للأمة بَغِيّ وإن لم يرد به الذّم ، وإن كان في الأصل ذمّا. يقال بَغَتِ المرأة تَبْغِي بِغَاءً ـ بالكسر ـ إذا زنت ، فهى بَغِيّ ، جعلوا البِغَاء على زنة العيوب ، كالحران والشّراد ، لأنّ الزّنا عيب.

(ه) وفي حديث عمر «أنه مرّ برجل يقطع سمرا بالبادية فقال : رعيت بَغْوَتَهَا وبَرَمَتَهَا وحَبَلَتَهَا وبَلَّتَهَا وفَتْلَتَهَا ثم تقطعها؟» قال القتيبى : يرويه أصحاب الحديث : معوتها ، وذلك غلط ؛ لأن المعوة البسرة التى جرى فيها الإرطاب ، والصواب بَغْوَتها ، وهى ثمرة السّمر أوّل ما تخرج ، ثم تصير بعد ذلك برمة ، ثم بلّة ، ثم فتلة.

وفي حديث النّخعى «أن إبراهيم بن المهاجر جعل على بيت الرّزق فقال النخعى : ما بُغِيَ له» أى ما خير له.

(باب الباء مع القاف)

(بقر) (ه) فيه «نهى عن التَّبَقُّر في الأهل والمال» هو الكثرة والسّعة. والبَقْر : الشّق والتّوسعة.

وفي حديث أبى موسى «سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : سيأتى على الناس فتنة بَاقِرَة تدع الحليم حيران» أى واسعة عظيمة.

(ه) وحديثه الآخر حين أقبلت الفتنة بعد مقتل عثمان «إن هذه لفتنة بَاقِرَة كداء البطن

١٤٤

لا يدرى أنّى يؤتى له» أى أنها مفسدة للدّين مفرّقة للناس. وشبّهها بداء البطن لأنه لا يدرى ما هاجه وكيف يداوى ويتأنّى له.

وفي حديث حذيفة «فما بال هؤلاء الذين يَبْقُرُون بيوتنا» أى يفتحونها ويوسّعونها.

ومنه حديث الإفك «فَبَقَرَتْ لها الحديث» أى فتحته وكشفته.

وحديث أمّ سليم «إن دنا منّى أحد من المشركين بَقَرْتُ بطنه».

[ه] وفي حديث هدهد سليمان عليه‌السلام «فَبَقَرَ الأرض» أى نظر موضع الماء فرآه تحت الأرض.

(س) وفيه «فأمر بِبَقَرَةٍ من نحاس فأحميت» قال الحافظ أبو موسى : الذى يقع لى في معناه أنه لا يريد شيئا مصوغا على صورة البقرة ، ولكنّه ربّما كانت قدرا كبيرة واسعة ، فسماها بَقَرَة ، مأخوذا من التَّبَقُّر : التوسع ، أو كان شيئا يسع بقرة تامّة بتوابلها فسميّت بذلك.

وفي كتاب الصّدقة لأهل اليمن «في ثلاثين بَاقُورَة بَقَرَةٌ» البَاقُورَة بلغة اليمن البَقَرُ ، هكذا قال الجوهرى رحمه‌الله ، فيكون قد جعل المميّز جمعا.

(بقط) (ه) فيه «أنّ عليا حمل على عسكر المشركين فما زالوا يُبَقِّطُون» أى يتعادون إلى الجبل متفرّقين. بَقَّطَ الرجل إذا صعد الجبل. والبَقْط : التّفرقة.

(ه) وفي حديث عائشة رضى الله عنها «ما اختلفوا في بُقْطَة» هى البقعة من بقاع الأرض. ويجوز أن تكون من البُقْطَة وهى الفرقة من الناس. وقيل إنها من النّقطة بالنون وستذكر في بابها.

(ه) وفي حديث ابن المسيّب «لا يصلح بَقْط الجنان» هو أن تعطى البستان على الثّلث أو الرّبع. وقيل البَقْط ما سقط من التّمر إذا قطع يخطئه المخلب.

(بقع) ـ في حديث أبى موسى «فأمر لنا بذود بُقْع الذّرى» أى بيض الأسنمة ، جمع أَبْقَع. وقيل : الأَبْقَع ما خالط بياضه لون آخر.

ومنه الحديث «أنه أمر بقتل خمس من الدوابّ ، وعدّ منها الغراب الأَبْقَع».

١٤٥

(ه) ومنه الحديث «يوشك أن يستعمل عليكم بُقْعَان الشام» أراد عبيدها ومماليكها ، سمّوا بذلك لاختلاط ألوانهم ، فإن الغالب عليهم البياض والصّفرة. وقال القتيبى : البُقْعَان الذين فيهم سواد وبياض ، لا يقال لمن كان أبيض من غير سواد يخالطه أبقع ، والمعنى أن العرب تنكح إماء الروم فيستعمل على الشام أولادهم وهم بين سواد العرب وبياض الروم.

(س) وفي حديث أبى هريرة «أنه رأى رجلا مُبَقَّع الرجلين وقد توضأ» يريد به مواضع في رجليه لم يصبها الماء ، فخالف لونها لون ما أصابه الماء.

(س) ومنه حديث عائشة رضى الله عنها «إنى لأرى بُقَّعَ الغسل في ثوبه» جمع بُقْعَة.

(س) وفي حديث الحجاج «رأيت قوما بُقْعاً ، قيل ما البُقْع؟ قال : رقّعوا ثيابهم من سوء الحال» شبّه الثياب المرقّعة بلون الأَبْقَع.

[ه] وفي حديث أبى بكر والنّسابة «أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لأبى بكر رضى الله عنه : لقد عثرت من الأعرابىّ على بَاقِعَة» البَاقِعَة : الداهية. وهى في الأصل طائر حذر إذا شرب الماء نظر يمنة ويسرة. وفي كتاب الهروى : أن عليا هو القائل لأبى بكر.

ومنه الحديث «ففاتحته فإذا هو بَاقِعَة» أى ذكىّ عارف لا يفوته شىء ولا يدهى.

(س) وفيه ذكر «بَقِيع الغرقد». البَقِيع من الأرض : المكان المتّسع ، ولا يسمّى بَقِيعاً إلا وفيه شجر أو أصولها. وبَقِيع الغرقد : موضع بظاهر المدينة فيه قبور أهلها ، كان به شجر الغرقد ، فذهب وبقى اسمه.

وفيه ذكر «بُقْع» ، هو بضم الباء وسكون القاف : اسم بئر بالمدينة ، وموضع بالشام من ديار كلب ، به استقرّ طلحة بن خويلد الأسدى لما هرب يوم بزاخة.

(بقق) (ه) فيه «أنّ حبرا من بنى إسرائيل صنّف لهم سبعين كتابا في الأحكام ، فأوحى الله تعالى إلى نبىّ من أنبيائهم أن قل لفلان إنك قد ملأت الأرض بَقَاقاً ، وإنّ الله لم يقبل من بَقَاقِكَ شيئا»

البَقَاق : كثرة الكلام. يقال بَقَ الرجل وأَبَقَ ، أى أن الله لم يقبل من إكثارك شيئا.

١٤٦

وفيه «أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لأبى ذرّ : ما لي أراك لقّا بَقّاً ، كيف بك إذا أخرجوك من المدينة» يقال : رجل لقّاق بَقَّاق ، ولقاق بقاق ، إذا كان كثير الكلام. ويروى لقا بقا ، بوزن عصا ، وهو تبع للقا. واللّقا : المرمىّ المطروح.

(بقل) (س) في صفة مكة «وأَبْقَلَ حمضها» أَبْقَلَ المكان إذا خرج بَقْلُهُ ، فهو بَاقِل. ولا يقال مبقل ، كما قالوا أورس الشجر فهو وارس ولم يقولوا مورس ، وهو من النّوادر.

وفى حديث أبى بكر والنّسّابة «فقام إليه غلام (١) من بنى شيبان حين بَقَلَ وجهه» أى أوّل ما نبتت لحيته.

(بقي) ـ فى أسماء الله تعالى «البَاقِي» هو الذى لا ينتهى تقدير وجوده في الاستقبال إلى آخر ينتهى إليه ، ويعبّر عنه بأنه أبدىّ الوجود.

(ه) وفي حديث معاذ «بَقَيْنَا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد تأخر لصلاة العتمة» يقال بَقَيْتُ الرجل أَبْقِيهِ إذا انتظرته ورقبته.

ومنه حديث ابن عباس وصلاة الليل «فَبَقَيْتُ كيف يصلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم» وفي رواية «كراهة أن يرى أنى كنت أَبْقِيه» أى أنظره وأرصده.

وفي حديث النجاشىّ والهجرة «وكان أَبْقَى الرجلين فينا» أى أكثر إبقاء على قومه. ويروى بالتّاء من التّقى.

(ه) وفيه «تَبَقَّهْ وتوقّه» هو أمر من البقاء والوقاء ، والهاء فيهما للسّكت ، أى استبق النّفس ولا تعرّضها للهلاك ، وتحرّز من الآفات.

(ه) وفي حديث الدعاء «لا تَبْقَى على من يضرع إليها» يعنى النار ، يقال أَبْقَيْتُ عليه أُبْقِي إِبْقَاءً ، إذا رحمته وأشفقت عليه. والاسم البُقْيَا.

__________________

(١) في الأصل : فقام إليه رجل. وما أثبتناه من ا واللسان ، وهو المناسب لما بعده.

١٤٧

(باب الباء مع الكاف)

(بكأ) [ه] فيه «نحن معاشر الأنبياء فينا بَكَاء» أى قلّة الكلام إلا فيما يحتاج إليه. يقال بَكَأَتِ النّاقة والشاة إذا قلّ لبنها فهى بَكِيءٌ وبَكِيئَة ، ومعاشر منصوب على التّخصيص.

ومنه الحديث «من منح منيحة لبن بَكِيئَة كانت أو غزيرة».

(ه) وحديث عليّ «دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنا على المنامة ، فقام إلى شاة بَكِيء فحلبها».

وحديث عمر «أنه سأل جيشا : هل ثبت لكم العدوّ قدر حلب شاة بَكِيئَة؟».

وحديث طاوس «من منح منيحة لبن فله بكل حلبة عشر حسنات غزرت أو بَكَأَت».

(بكت) (ه) فيه «أنه أتى بشارب فقال بَكِّتُوهُ» التَّبْكِيت : التّقريع والتّوبيخ. يقال له يا فاسق أما استحييت؟ أما اتّقيت الله» قال الهروى : و [قد](١) يكون باليد والعصا ونحوه.

(بكر) (س) في حديث الجمعة «من بَكَّرَ وابْتَكَرَ» بَكَّرَ أتى الصّلاة في أوّل وقتها. وكلّ من أسرع إلى شىء فقد بَكَّرَ إليه. وأما ابْتَكَرَ فمعناه أدرك أوّل الخطبة. وأوّل كلّ شىء بَاكُورَتُهُ. وابْتَكَرَ الرجل إذا أكل باكورة الفواكه. وقيل معنى اللّفظتين واحد ، فعّل وافتعل ، وإنما كرّر للمبالغة والتوكيد ، كما قالوا جادّ مجدّ.

(ه) ومنه الحديث «لا تزال أمّتى على سنّتى ما بَكَّرُوا بصلاة المغرب» أى صلّوها أوّل وقتها.

والحديث الآخر «بَكِّرُوا بالصلاة في يوم الغيم فإنه من ترك العصر حبط عمله» أى حافظوا عليها وقدّموها.

__________________

(١) الزيادة من الهروى.

١٤٨

وفيه «لا تعلّموا أَبْكَار أولادكم كتب النصارى» يعنى أحداثكم. وبِكْر الرجل بالكسر : أوّل ولده.

(س) وفيه «استسلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من رجل بَكْراً» البَكْر بالفتح : الفتىّ من الإبل ، بمنزلة الغلام من الناس. والأنثى بَكْرَة. وقد يستعار للناس.

ومنه حديث المتعة «كأنها بَكْرَة عيطاء» أى شابّة طويلة العنق في اعتدال.

ومنه حديث طهفة «وسقط الأملوج من البِكَارَة» البِكَارَة بالكسر : جمع البَكْر بالفتح يريد أن السّمن الذى قد علا بكارة الإبل بما رعت من هذا الشجر قد سقط عنها ، فسماه باسم المرعى إذ كان سببا له.

(س) وفيه «جاءت هوازن على بَكْرَة أبيها» هذه كلمة للعرب يريدون بها الكثرة وتوفّر العدد ، وأنهم جاءوا جميعا لم يتخلّف منهم أحد ، وليس هناك بكرة في الحقيقة ، وهى التى يستقى عليها الماء ، فاستعيرت في هذا الموضع. وقد تكررت في الحديث.

(س) وفيه «كانت ضربات عليّ مُبْتَكَرَات (١) لا عونا» أى إنّ ضربته كانت بِكْراً يقتل بواحدة منها لا يحتاج أن يعيد الضّربة ثانيا. يقال ضربة بِكْر إذا كانت قاطعة لا تثنى. والعون جمع عوان ، وهى في الأصل الكهلة من النساء ، ويريد بها هاهنا المثنّاة.

(س) وفي حديث الحجاج «أنه كتب إلى عامله بفارس : ابعث إلىّ من عسل خلّار ، من النّحل الأَبْكَار ، من الدّستفشار ، الذى لم تمسّه النار» يريد بالأَبْكَار أفراخ النّحل ؛ لأن عسلها أطيب وأصفى ، وخلّار موضع بفارس ، والدّستفشار كلمة فارسية معناها ما عصر بالأيدى.

(بكع) (ه) في حديث أبى موسى «قال له رجل : ما قلت هذه الكلمة ، ولقد خشيت أن تَبْكَعَنِي بها» بَكَعْتُ الرّجل بَكْعاً إذا استقبلته بما يكره ، وهو نحو التّقريع.

ومنه حديث أبى بكرة ومعاوية رضى الله عنهما «فَبَكَعَهُ به فزخّ في أقفائنا».

[ه] ومنه حديث عمر «فَبَكَعَهُ بالسيف» أى ضربه ضربا متتابعا.

__________________

(١) في أساس البلاغة : «وكانت ضربات على أبكارا».

١٤٩

(بكك) [ه] فيه «فَتَبَاكَ الناس عليه» أى ازدحموا.

[ه] وفي حديث مجاهد «من أسماء مكة بَكَّة» قيل بَكَّة موضع البيت ، ومكّة سائر البلد. وقيل هما اسم البلدة ، والباء والميم يتعاقبان. وسميت بَكَّة لأنها تَبُكُ أعناق الجبابرة ، أى تدقّها. وقيل لأن الناس يَبُكُ بعضهم بعضا في الطواف ، أى يزحم ويدفع.

(بكل) (س) في حديث الحسن «سأله رجل عن مسئلة ثم أعادها فقلبها. فقال : بَكَّلْتَ علىّ» أى خلّطت ، من البَكِيلَة وهى السّمن والدقيق المخلوط. يقال : بَكَلَ علينا حديثه ، وتَبَكَّلَ في كلامه ، أى خلط.

(بكم) ـ في حديث الإيمان «الصّم البُكْم» هم جمع الأَبْكَم وهو الذى خلق أخرس لا يتكلّم ، وأراد بهم الرّعاع والجهّال ، لأنهم لا ينتفعون بالسمع ولا بالنّطق كبير منفعة ، فكأنّهم قد سلبوهما.

ومنه الحديث «ستكون فتنة صماء بَكْمَاء عمياء» أراد أنها لا تسمع ولا تبصر ولا تنطق فهى لذهاب حواسّها لا تدرك شيئا ولا تقلع ولا ترتفع. وقيل شبّهها لاختلاطها ، وقتل البرىء فيها والسقيم بالأصم الأخرس الأعمى الذى لا يهتدى إلى شىء ، فهو يخبط خبط عشواء.

(بكا) (س) فيه «فإن لم تجدوا بُكَاءً فَتَبَاكَوْا» أى تكلّفوا البكاء.

(باب الباء مع اللام)

(بلبل) ـ فيه «دنت الزلازل والبَلَابلِ» هى الهموم والأحزان. وبَلْبَلَة الصّدر : وسواسه.

(ه) ومنه الحديث «إنما عذابها في الدنيا البَلَابِل والفتن» يعنى هذه الأمة.

ومنه خطبة عليّ «لَتُبَلْبَلُنَ بَلْبَلَة ولتغربلنّ غربلة».

(بلت) ـ في حديث سليمان عليه‌السلام «احشروا الطّير إلا الشّنقاء والرّنقاء والبُلَت» البُلَت : طائر محترق الرّيش ، إذا وقعت ريشة منه في الطّير أحرقته.

١٥٠

(بلج) (ه) في حديث أمّ معبد «أَبْلَج الوجه» أى مشرق الوجه مسفره. ومنه تَبَلَّجَ الصّبح وانْبَلَجَ. فأنا الأَبْلَج فهو الذى قد وضح ما بين حاجبيه فلم يقترنا ، والاسم البَلَج ، بالتحريك ، لم ترده أم معبد ؛ لأنها قد وصفته في حديثها بالقرن

ومنه الحديث «ليلة القدر بُلْجَة» أى مشرقة. والبُلْجَة بالضم والفتح : ضوء الصبح.

(بلح) [ه] فيه «لا يزال المؤمن معنقا صالحا ما لم يصب دما حراما ، فإذا أصاب دما حراما بَلَّحَ» بَلَّحَ الرجل إذا انقطع من الإعياء فلم يقدر أن يتحرّك. وقد أَبْلَحَهُ السّير فانقطع به ، يريد به وقوعه في الهلاك بإصابة الدّم الحرام. وقد تخفّف اللام.

ومنه الحديث «استنفرتهم فَبَلَحُوا علىّ» أى أبوا ، كأنهم قد أعيوا عن الخروج معه وإعانته.

ومنه الحديث «في الذى يدخل الجنة آخر الناس ، يقال له اعد ما بلغت قدماك ، فيعدو حتّى إذا بَلَّحَ».

(ه) ومنه حديث عليّ «إنّ من ورائكم فتنا وبلاء مكلحا مُبْلِحاً» أى معييا.

(س) وفي حديث ابن الزبير «ارجعوا فقد طاب البَلَح» هو أول ما يرطب من البسر ، واحدها بَلَحَة ، وقد تكرر في الحديث.

(بلد) (س) فيه «وأعوذ بك من ساكنى البَلَد» البَلَد من الأرض ما كان مأوى للحيوان وإن لم يكن فيه بناء ، وأراد بساكنيه الجنّ لأنهم سكان الأرض.

وفي حديث العباس «فهى لهم تالدة بَالِدَة» يعنى الخلافة لأولاده ، يقال للشى الدائم الذى لا يزول تالد بَالِد ، فالتّالد القديم ، والبَالِد إتباع له.

وفيه «بُلَيد» ، هو بضم الباء وفتح اللام : قرية لآل على بواد قريب من ينبع.

(بلدح) ـ فيه ذكر «بَلْدَح» ، بفتح الباء وسكون اللام ، والحاء المهملة اسم موضع بالحجاز قرب مكة.

(بلس) (س) فيه «فتأشّب أصحابه حوله وأَبْلَسُوا حتى ما أوضحوا بضاحكة» أَبْلَسُوا

١٥١

أى أُسْكِتُوا ، والمُبْلِس : الساكت من الحزن أو الخوف. والإِبْلَاس : الحيرة.

ومنه الحديث «ألم تر الجنّ وإِبْلَاسَهَا» أى تحيّرها ودهشها.

(ه) وفيه «من أحبّ أن يرقّ قلبه فليدم أكل البَلَس» هو بفتح الباء واللام : التّين وقيل هو شىء باليمن يشبه التّين. وقيل هو العدس ، وهو عن ابن الأعرابى مضموم الباء واللام.

ومنه حديث ابن جريج «قال سألت عطاء عن صدقة الحبّ ، فقال : فيه كلّه الصّدقة ، فذكر الذّرة والدّخن والبُلُس والجلجلان» وقد يقال فيه البُلْسُن ، بزيادة النون.

(س) وفي حديث ابن عباس «بعث الله الطير على أصحاب الفيل كالبَلَسَان» قال عبّاد بن موسى : أظنّها الزّرازير ، والبَلَسَان شجر كثير الورق ينبت بمصر ، وله دهن معروف. هكذا ذكره أبو موسى في غريبه.

(بلط) ـ في حديث جابر «عقلت الجمل في ناحية البَلَاط» البَلَاط ضرب من الحجارة تفرش به الأرض ، ثم سمى المكان بَلَاطا اتّساعا ، وهو موضع معروف بالمدينة. وقد تكرر في الحديث.

(بلعم) ـ في حديث عليّ «لا يذهب أمر هذه الأمة إلّا على رجل واسع السّرم ضخم البُلْعُوم» البُلْعُوم بالضم ، والبُلْعُم : مجرى الطعام في الحلق ، وهو المرىء ، يريد على رجل شديد عسوف ، أو مسرف في الأموال والدّماء ، فوصفه بسعة المدخل والمخرج.

ومنه حديث أبى هريرة «حفظت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما لو بثثته فيكم لقطع هذا البُلْعُوم».

(بلغ) ـ في حديث الاستسقاء «واجعل ما أنزلت لنا قوّة وبَلَاغاً إلى حين» البَلَاغ ما يَتَبَلَّغُ ويتوصّل به إلى الشىء المطلوب.

(ه) ومنه الحديث «كل رافعة رفعت عنا من البَلَاغِ فَلْتُبَلِّغْ عنّا» يروى بفتح الباء وكسرها ، فالفتح له وجهان : أحدهما أنه ما بَلَّغَ من القرآن والسّنن ، والآخر من ذوى البَلَاغِ ، أى الذين بَلَّغُونَا

١٥٢

يعنى ذوى التّبليغ ، فأقام الاسم مقام المصدر الحقيقى ، كما تقول أعطيته عطاء. وأما الكسر فقال الهروى : أراه من المبالغين في التّبليغ. يقال بَالَغَ يُبَالِغُ مُبَالَغَةً وبِلَاغاً إذا اجتهدوا في الأمر ، والمعنى في الحديث. كلّ جماعة أو نفس تبلغ عنّا وتذيع ما نقوله فلتبلّغ ولتحك.

وفي حديث عائشة «قالت لعليّ يوم الجمل قد بَلَغْتَ منا البُلَغِين» يروى بكسر الباء وضمها مع فتح اللام. وهو مثل. معناه قد بلغت منّا كلّ مَبْلَغ. ومثله قولهم : لقيت منه البرحين (١) ، أى الدّواهى ، والأصل فيه كأنه قيل خطب بُلَغٌ أى بَلِيغٌ ، وأمر بُرَح أى مبرّح ، ثم جمعا جمع السلامة إيذانا بأنّ الخطوب في شدّة نكايتها بمنزلة العقلاء الذين لهم قصد وتعمّد.

(بلق) (س) في حديث زيد «فَبُلِقَ الباب» أى فتح كله ، يقال بَلَقْتُهُ فَانْبَلَقَ.

(بلقع) (ه) فيه «اليمين الكاذبة تدع الديار بَلَاقِع» البَلَاقِع جمع بَلْقَع وبَلْقَعَة وهى الأرض القفر التى لا شىء بها ، يريد أن الحالف بها يفتقر ويذهب ما في بيته من الرزق. وقيل هو أن يفرّق الله شمله ويغيّر عليه ما أولاه من نعمه.

ومنه حديث عمر رضى الله عنه «فأصبحت الأرض منى بَلَاقِع» ، وصفها بالجمع مبالغة ، كقولهم أرض سباسب ، وثوب أخلاق.

[ه] ومنه الحديث «شر النساء البَلْقَعَة» أى الخالية من كل خير.

(بلل) (ه) فيه «بُلُّوا أرحامكم ولو بالسّلام» أى ندّوها بصلتها. وهم يطلقون النّداوة على الصّلة كما يطلقون اليبس على القطيعة ، لأنهم لما رأوا بعض الأشياء يتّصل ويختلط بالنّداوة ، ويحصل بينهما التّجافي والتّفرّق باليبس استعاروا البَلَل لمعنى الوصل ، واليبس لمعنى القطيعة.

(س) ومنه الحديث «فإنّ لكم رحما سَأَبُلُّهَا بِبِلَالِهَا» أى أصلكم في الدنيا ولا أغنى عنكم من الله شيئا. والبِلَال جمع بَلَل. وقيل هو كلّ ما بلّ الحلق من ماء أو لبن أو غيره.

(ه) ومنه حديث طهفة «ما تبضّ بِبِلَال» أراد به اللّبن. وقيل المطر.

__________________

(١) البرحين : بتثليث الباء. كما في القاموس.

١٥٣

(س) ومنه حديث عمر رضى الله عنه «إن رأيت بَلَلاً من عيش» أى خصبا ؛ لأنه يكون من الماء.

(ه) وفي حديث زمزم «هى لشارب حلّ وبِلٌ» البِلُ : المباح. وقيل الشّفاء ، من قولهم بَلَ من مرضه وأَبَلَ ، وبعضهم يجعله إتباعا لحلّ ، ويمنع من جواز الإتباع الواو.

(س) وفيه «من قدّر في معيشته بَلَّهُ الله تعالى» أى أغناه. وفي كلام عليّ رضى الله تعالى عنه «فإن شكوا بانقطاع شرب أو بَالَّة» يقال لا تبلّك عندى بَالَّة ، أى لا يصيبك منى ندى ولا خير.

(س) وفي حديث المغيرة «بَلِيلَة الإرعاد» أى لا تزال ترعد وتهدّد. والبَلِيلَة : الرّيح فيها ندى ، والجنوب أَبَلُ الرّياح ، جعل الإرعاد مثلا للوعيد والتّهديد ، من قولهم أرعد الرجل وأبرق إذا تهدّد وأوعد.

(س) وفي حديث لقمان «ما شىء أَبَلُ للجسم من اللهو» هو شىء كلحم العصفور ، أى أشدّ تصحيحا وموافقة له.

وفي حديث عمر رضى الله عنه «أنه كتب يستحضر المغيرة من البصرة : يمهل ثلاثا ثم يحضر على بُلَّتِهِ» أى على ما فيه من الإساءة والعيب. وهو بضم الباء.

(ه) وفي حديث عثمان «ألست ترعى بَلَّتَهَا» البَلَّة نور العضاه قبل أن ينعقد.

(بلم) (س) في حديث الدجّال «رأيته بَيْلَمَانِيّا أقمر هجانا» أى ضخم منتفخ. ويروى بالفاء.

وفي حديث السقيفة «كقدّ الأُبْلُمَة» أى خوصة المقل. وقد تقدّم في الهمزة.

(بلن) ـ فيه «ستفتحون بلادا فيها بَلَّانَات» أى حمّامات. والأصل بلّالات فأبدل اللام نونا.

(بلور) ـ في حديث جعفر الصادق «لا يحبّنا أهل البيت الأحدب الموجَّه ولا الأعور البِلَّوْرَة» قال أبو عمر الزاهد : هو الذى عينه ناتئة ، هكذا شرحه ولم يذكر أصله.

(بله) (س) في حديث نعيم الجنة «ولا خطر على قلب بشر ، بَلْهَ ما اطّلعتم عليه» بَلْهَ

١٥٤

من أسماء الأفعال بمعنى دع واترك ، تقول بَلْهَ زيدا. وقد يوضع موضع المصدر ويضاف ، فيقال بَلْهَ زيد ، أى ترك زيد. وقوله ما اطّلعتم عليه : يحتمل أن يكون منصوب المحلّ ومجروره على التّقديرين ، والمعنى : دع ما اطّلعتم عليه من نعيم الجنة وعرفتموه من لذّاتها.

(ه) وفيه «أكثر أهل الجنة البُلْه» هو جمع الأَبْلَه وهو الغافل عن الشّر المطبوع على الخير (١). وقيل هم الذين غلبت عليهم سلامة الصّدور وحسن الظنّ بالناس ؛ لأنهم أغفلوا أمر دنياهم فجهلوا حذق التّصرّف فيها ، وأقبلوا على آخرتهم فشغلوا أنفسهم بها ، فاستحقّوا أن يكونوا أكثر أهل الجنة. فأمّا الأَبْلَه وهو الذى لا عقل له فغير مراد في الحديث.

وفي حديث الزّبرقان «خير أولادنا الأَبْلَه العقول» يريد أنّه لشدّة حيائه كالأبله وهو عقول.

(بلا) ـ في حديث كتاب هرقل «فمشى قيصر إلى إيلياء لمّا أَبْلَاهُ الله تعالى» قال القتيبى : يقال من الخير أَبْلَيْتُهُ أُبْلِيهِ إِبْلَاءً. ومن الشّر بَلَوْتُهُ أَبْلُوهُ بَلَاءً. والمعروف أن الابْتِلَاء يكون في الخير والشّر معا من غير فرق بين فعليهما. ومنه قوله تعالى «وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً» وإنّما مشى قيصر شكرا لاندفاع فارس عنه.

(س) ومنه الحديث «من أُبْلِيَ فذكر فقد شكر» الإِبْلَاء : الإنعام والإحسان ، يقال بَلَوْتُ الرجل وأَبْلَيْتُ عنده بَلَاءً حسنا. والابْتِلَاء في الأصل الاختبار والامتحان. يقال بَلَوْتُهُ وأَبْلَيْتُهُ وابْتَلَيْتُهُ.

ومنه حديث كعب بن مالك «ما علمت أحدا أَبْلَاهُ الله أحسن ممّا أبلانى».

ومنه الحديث «اللهم لا تُبْلِنَا إلّا بالّتى هى أحسن» أى لا تمتحنّا.

وفيه «إنّما النّذر ما ابْتُلِيَ به وجه الله تعالى» أى أريد به وجهه وقصد به.

(س) وفي حديث برّ الوالدين «أَبْلِ الله تعالى عذرا في برّها» أى أعطه وأبلغ العذر فيها إليه. المعنى أحسن فيما بينك وبين الله تعالى ببرّك إيّاها.

__________________

(١) أنشد الهروى :

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ

فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى

برفقٍ مجيباً (ما سألتَ يَهُونُ)

أراد أنها غر ، لا دهاء لها.

١٥٥

وفي حديث سعد يوم بدر «عسى أن يعطى هذا من لا يُبْلَى بلائى» أى لا يعمل مثل عملى في الحرب ، كأنه يريد أفعل فعلا أختبر فيه ، ويظهر به خيرى وشرى.

(س) وفي حديث أمّ سلمة «إنّ من أصحابى من لا يرانى بعد أن فارقنى. فقال لها عمر رضى الله عنهما : بالله أمنهم أنا؟ قالت : لا ، ولن أُبْلِيَ أحدا بعدك» أى لا أخبر بعدك أحدا. وأصله من قولهم أَبْلَيْتُ فلانا يمينا ، إذا حلفت له بيمين طيّبت بها نفسه. وقال ابن الأعرابى : أَبْلَى بمعنى أخبر.

(س) وفيه «وتبقى حثالة لا يُبَالِيهِمُ الله بَالَة» وفي رواية لا يبالى بهم الله بالة ، أى لا يرفع لهم قدرا ولا يقيم لهم وزنا. وأصل بَالَة بَالِيَة ، مثل عافاه الله عافية ، فحذفوا الياء منها تخفيفا كما حذفوا ألف لم أبل ، يقال ما بَالَيْتُهُ وما بَالَيْتُ به ، أى لم أكترث به.

ومنه الحديث «هؤلاء في الجنة ولا أُبَالِي ، وهؤلاء في النار ولا أبالى» حكى الأزهرى عن جماعة من العلماء أن معناه لا أكره.

(س) ومنه حديث ابن عباس رضى الله عنهما «ما أُبَالِيهِ بَالَة».

(س) وفي حديث الرّجل مع عمله وأهله وماله «قال هو أقلّهم به بَالَة» أى مُبَالاة.

[ه] وفي حديث خالد بن الوليد رضى الله عنه «أما وابن الخطاب حىّ فلا ، ولكن إذا كان الناس بذى بِلِّيٍ وذى بِلَّى» وفي رواية بذى بِلِّيَّان ، أى إذا كانوا طوائف وفرقا من غير إمام ، وكل من بعد عنك حتى لا تعرف موضعه فهو بذى بلىّ ، وهو من بلّ في الأرض إذا ذهب ، أراد ضياع أمور النّاس بعده.

وفي حديث عبد الرزاق «كانوا في الجاهلية يعقرون عند القبر بقرة أو ناقة أو شاة ويسمّون العقيرة البَلِيَّة» ، كان إذا مات لهم من يعزّ عليهم أخذوا ناقة فعقلوها عند قبره فلا تعلف ولا تسقى إلى أن تموت ، وربّما حفروا لها حفيرة وتركوها فيها إلى أن تموت ، ويزعمون أن الناس يحشرون يوم القيامة ركبانا على البَلَايَا إذا عقلت مطاياهم عند قبورهم ، هذا عند من كان يقرّ منهم بالبعث.

(ه) وفي حديث حذيفة رضى الله عنه «لَتَبْتَلُنَ لها إماما أو لتصلّنّ وحدانا» أى لتختارنّ

١٥٦

هكذا أورده الهروى في هذا الحرف ، وجعل أصله من الابْتِلَاءِ : الاختبار ، وغيره ذكره في الباء والتاء واللام. وقد تقدّم ، وكأنّه أشبه. والله أعلم.

(باب الباء مع النون)

(بند) (س) في حديث أشراط الساعة «أن تغزو الرّوم فتسير بثمانين بَنْداً» البَنْدُ : العلم الكبير وجمعه بُنُود.

(بنس) (س) في حديث عمر رضى الله عنه «بَنِّسُوا عن البيوت لا تطمّ امرأة أو صبىّ يسمع كلامكم» أى تأخّروا لئلا يسمعوا ما يستضرّون به من الرّفق الجارى بينكم.

(بنن) ـ في حديث جابر رضى الله عنه وقتل أبيه يوم أحد «ما عرفته إلّا بِبَنَانِهِ» البَنَان : الأصابع. وقيل أطرافها ، واحدتها بَنَانَة.

(ه) وفيه «إن للمدينة بَنَّة» البَنَّة : الرّيح الطّيّبة ، وقد تطلق على المكروهة ، والجمع بِنَان.

(ه) ومنه حديث عليّ «قال له الأشعث بن قيس ما أحسبك عرفتنى يا أمير المؤمنين ، قال : بلى وإنى لأجد بَنَّة الغزل منك» أى ريح الغزل ، رماه بالحياكة. قيل كان أبو الأشعث يولع بالنّساجة.

(س) وفي حديث شريح «قال له أعرابى ـ وأراد أن يعجل عليه بالحكومة ـ تَبَنَّنْ» أى تثبّت. وهو من قولهم أَبَنَ بالمكان إذا أقام فيه.

وفيه ذكر «بُنَانَة» ، وهى بضم الباء وتخفيف النّون الأولى : محلّة من المحالّ القديمة بالبصرة.

(بنها) ـ بِنْهَا هو بكسر الباء وسكون النون : قرية من قرى مصر بارك النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم في عسلها ، والناس اليوم يفتحون الباء.

(بنا) ـ في حديث الاعتكاف «فأمر بِبِنَائِهِ فقوّض» البناء واحد الأَبْنِيَة ، وهى البيوت التى

١٥٧

تسكنها العرب في الصحراء ، فمنها الطّراف ، والخباء ، والبِنَاء ، والقبّة ، والمضرب. وقد تكرر ذكره مفردا ومجموعا في الحديث.

وفي حديث أنس رضى الله عنه «كان أوّل ما أنزل الحجاب في مُبْتَنَى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بزينب» الابْتِنَاء والبِنَاء : الدّخول بالزوجة. والأصل فيه أن الرجل كان إذا تزوج امرأة بنى عليها قبّة ليدخل بها فيها ، فيقال بَنَى الرجل على أهله. قال الجوهرى : ولا يقال بنى بأهله. وهذا القول فيه نظر ، فإنه قد جاء في غير موضع من الحديث وغير الحديث. وعاد الجوهرى استعمله في كتابه. والمُبْتَنَى هاهنا يراد به الابْتِنَاء ، فأقامه مقام المصدر.

ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «قال : يا نبىّ الله متى تَبْنِينِي» أى متى تدخلنى على زوجتى. وحقيقته متى تجعلنى أَبْتَنِي بزوجتى.

(ه) وفي حديث عائشة رضى الله عنها «ما رأيته صلى‌الله‌عليه‌وسلم متّقيا الأرض بشىء إلا أنى أذكر يوم مطر فإنّا بسطنا له بِنَاء» أى نطعا ، هكذا جاء تفسيره. ويقال له أيضا المَبْنَاة.

(س) وفي حديث سليمان عليه‌السلام «من هدم بِنَاء ربّه تبارك وتعالى فهو ملعون» يعنى من قتل نفسا بغير حق ؛ لأنّ الجسم بُنْيَان خلقه الله تعالى وركّبه.

(س) وفي حديث البراء بن معرور «رأيت أن لا أجعل هذه البَنِيَّة منّى بظهر» يريد الكعبة. وكانت تدعى بنيّة إبراهيم عليه‌السلام ، لأنه بناها ، وقد كثر قسمهم بربّ هذه البنيّة.

(س) وفي حديث أبى حذيفة «أنه تَبَنَّى سالما» أى اتّخذه ابْناً ، وهو تفعّل من الابن.

(س) وفي حديث عائشة رضى الله عنها «كنت ألعب بالبَنَات» أى التّماثيل التى تلعب بها الصّبايا. وهذه اللفظة يجوز أن تكون من باب الباء والنون والتاء ، لأنها جمع سلامة لبنت على ظاهر اللفظ.

(ه) وفي حديث عمر رضى الله عنه «أنه سأل رجلا قدم من الثّغر فقال : هل شرب الجيش

١٥٨

في البُنَيَّات الصغار؟ قال : لا ، إن القوم ليؤتون بالإناء فيتداولونه حتى يشربوه كلّهم» البُنَيَّات هاهنا : الأقداح الصغار.

(س) وفيه «من بَنَى في ديار العجم فعمل نيروزهم ومهرجانهم حشر معهم» قال أبو موسى : هكذا رواه بعضهم. والصواب تنأ ، أى أقام. وسيذكر في موضعه.

(ه) وفي حديث المخنّث يصف امرأة «إذا قعدت تَبَنَّتْ» أى فرجّت رجليها لضخم ركبها ، كأنه شبّهها بالقبّة من الأدم ، وهى المَبْنَاة لسمنها وكثرة لحمها. وقيل شبّهها بها إذا ضربت وطنّبت انفرجت ، وكذلك هذه إذا قعدت تربّعت وفرّجت رجليها.

(باب الباء مع الواو)

(بوأ) (ه) فيه «أَبُوءُ بنعمتك علىّ وأَبُوءُ بذنبى» أى ألتزم وأرجع وأقرّ ، وأصل البَوَاء الّلزوم.

(ه) ومنه الحديث «فقد بَاءَ به أحدهما» أى التزمه ورجع به.

ومنه حديث وائل بن حجر «إن عفوت عنه يَبُوء بإثمه وإثم صاحبه» أى كان عليه عقوبة ذنبه وعقوبة قتل صاحبه ، فأضاف الإثم إلى صاحبه ؛ لأن قتله سبب لإثمه. وفي رواية «إن قتله كان مثله» أى في حكم البَوَاء وصارا متساويين لا فضل للمقتصّ إذا استوفي حقه على المقتصّ منه.

(ه) وفي حديث آخر «بُؤْ للأمير بذنبك» أى اعترف به.

(ه) وفيه «من كذب عليّ متعمّدا فَلْيَتَبَوَّأْ مقعده من النار» قد تكررت هذه اللفظة في الحديث ، ومعناها لينزل منزله من النار ، يقال بَوَّأَهُ الله منزلا ، أى أسكنه إيّاه ، وتَبَوَّأْتُ منزلا ، أى اتّخذته ، والمَبَاءَة : المنزل. ومنه الحديث «قال له رجل : أصلّى في مَبَاءَة الغنم؟ قال : نعم» أى منزلها الذى تأوى إليه ، وهو المُتَبَوَّأ أيضا.

(ه) ومنه الحديث «أنه قال في المدينة : هاهنا المُتَبَوَّأ».

١٥٩

(ه) وفيه «عليكم بالبَاءَة» يعنى النّكاح والتّزوّج. يقال فيه البَاءَة والبَاء ، وقد يقصر ، وهو من المَبَاءة ، المنزل ؛ لأن من تزوّج امرأة بَوَّأَهَا منزلا. وقيل لأنّ الرجل يَتَبَوَّأ من أهله ، أى يستمكن كما يتبوّأ من منزله.

ومنه الحديث الآخر «أن امرأة مات عنها زوجها فمرّ بها رجل وقد تزيّنت للبَاءَة».

(س) وفيه «أنّ رجلا بَوَّأَ رجلا برمحه» أى سدّده قبله وهيّأه له.

(س) وفيه «أنه كان بين حيّين من العرب قتال ، وكان لأحدهما طول على الآخر ، فقالوا لا نرضى حتى يقتل بالعبد منّا الحرّ منهم ، وبالمرأة الرجل ، فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يَتَبَاءَوْا» قال أبو عبيد : كذا قال هشيم ، والصواب يَتَبَاوَءُوا بوزن يتقاتلوا ، من البَوَاء وهو المساواة ، يقال بَاوَأْتُ بين القتلى ، أى ساويت. وقال غيره يَتَبَاءَوْا صحيح ، يقال بَاءَ به إذا كان كفؤا له. وهم بَوَاء ، أى أكفاء ، معناه ذوو بَوَاء.

(ه) ومنه الحديث «الجراحات بَوَاء» أى سواء في القصاص ، لا يؤخذ إلّا ما يساويها في الجرح.

ومنه حديث الصادق «قيل له : ما بال العقرب مغتاظة على ابن آدم؟ فقال : تريد البَوَاء» أى تؤذي كما تؤذى.

ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «فيكون الثّواب جزاء والعقاب بَوَاء».

(بوج) (ه) فيه «ثم هبت ريح سوداء فيها برق مُتَبَوِّج» أى متألّق برعود وبروق ، من انْبَاجَ يَنْبَاج إذا انفتق.

(س) ومنه قول الشّمّاخ في مرثية عمر رضى الله عنه :

قضيت أمورا ثمّ غادرت بعدها

بَوَائِج في أكمامها لم تفتّق

البَوَائِج : الدّواهى ، جمع بَائِجَة.

(س) وفي حديث عمر «اجعلها بَاجاً واحدا» أى شيئا واحدا. وقد يهمز ، وهو فارسى معرّب.

١٦٠