النّهاية - ج ١

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ١

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٧٢

وقال : دونكها فإنها تُجِمُ الفؤاد» أى تريح. وقيل تجمعه وتكمّل صلاحه ونشاطه.

[ه] ومنه حديث عائشة رضى الله عنها في التّلبينة «فإنها تُجِمُ فؤاد المريض».

وحديثها الآخر «فإنها مَجَمَّة لها» أى مظنّة للاستراحة.

(س) وحديث الحديبية «وإلا فقد جَمُّوا» أى استراحوا وكثروا.

وحديث أبى قتادة رضى الله عنه «فأتى النّاس الماء جَامِّين رواء» أى مستريحين قد رووا من الماء.

وحديث ابن عباس رضى الله عنهما «لأصبحنا غدا حين ندخل على القوم وبنا جَمَامَة» أى راحة وشبع ورىّ.

(ه) وحديث عائشة رضى الله عنها «بلغها أنّ الأحنف قال شعرا يلومها فيه ، فقالت : سبحان الله : لقد استفرغ حلم الأحنف هجاؤه إيّاى ، ألي كان يَسْتَجِمُ مثابة سفهه؟» أرادت أنه كان حليما عن النّاس ، فلمّا صار إليها سفه ، فكأنه كان يُجَمُ سفهه لها : أى يريحه ويجمعه.

(س) ومنه حديث معاوية «من أحبّ أن يَسْتَجِمَ له الناس قياما فليتبوّأ مقعده من النّار» أى يجتمعون له في القيام عنده ، ويحبسون أنفسهم عليه ، ويروى بالخاء المعجمة. وسيذكر.

[ه] وحديث أنس رضى الله عنه «توفّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم والوحى أَجَمُ ما كان» أى أكثر ما كان.

[ه] وفي حديث أم زرع «مال أبى زرع على الجُمَمِ محبوس» الجُمَمُ جمع جُمَّة : وهم القوم يسألون في الدّية. يقال : أَجَمَ يُجِمُ إذا أعطى الجُمَّة.

(جمن) (س) في صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «يتحدّر منه العرق مثل الجُمَان» هو الّلؤلؤ الصّغار. وقيل حبّ يتّخذ من الفضّة أمثال اللؤلؤ.

ومنه حديث المسيح عليه‌السلام «إذا رفع رأسه تحدّر منه جُمَانُ اللؤلؤ».

٣٠١

(جمهر) (ه) في حديث ابن الزبير «قال لمعاوية : إنا لا ندع مروان يرمى جَمَاهِير قريش بمشاقصه» أى جماعاتها ، واحدها جُمْهُورٌ. وجَمْهَرْتُ الشىء إذا جمعته.

ومنه حديث النّخعى «أنه أهدى له بختج هو الجُمْهُورِيّ» البختج : العصير المطبوخ الحلال ، وقيل له الجُمْهُورِيّ لأن جُمْهُورَ النّاس يستعملونه : أى أكثرهم.

(س) وفي حديث موسى بن طلحة «أنه شهد دفن رجل فقال : جَمْهِرُوا قبره» أى اجمعوا عليه التّراب جمعا ، ولا تطيّنوه ولا تسوّوه. والجُمْهُور أيضا : الرّملة المجتمعة المشرفة على ما حولها.

(باب الجيم مع النون)

(جنأ) (ه) فيه «أنّ يهوديّا زنى بامرأة فأمر برجمها ، فجعل الرجل يُجْنِئُ عليها» أى يكبّ ويميل عليها ليقيها الحجارة. أَجْنَأَ يُجْنِئُ إِجْنَاء. وفي رواية أخرى «فلقد رأيته يُجَانِئُ عليها» مفاعلة ، من جَانَأَ يُجَانِئُ. ويروى بالحاء المهملة. وسيجىء.

ومنه حديث هرقل في صفة إسحاق عليه‌السلام «أبيض أَجْنَأَ خفيف العارضين» الجَنَأ : ميل في الظّهر. وقيل في العنق.

(جنب) (س) فيه «لا تدخل الملائكة بيتا فيه جُنُب» الجُنُب : الذى يجب عليه الغسل بالجماع وخروج المنىّ. ويقع على الواحد ، والاثنين ، والجميع ، والمؤنّث ، بلفظ واحد. وقد يجمع على أَجْنَاب وجُنُبِين. وأَجْنَبَ يُجْنِبُ إِجْنَابًا ، والجِنَابَة الاسم ، وهى في الأصل : البعد. وسمّى الإنسان جُنُباً لأنه نهى أن يقرب مواضع الصلاة ما لم يتطهّر. وقيل لِمُجَانَبَته الناس حتى يغتسل. وأراد بِالجُنُب في هذا الحديث : الذى يترك الاغتسال من الجنابة عادة ، فيكون أكثر أوقاته جُنُبًا ، وهذا يدلّ على قلّة دينه وخبث باطنه. وقيل أراد بالملائكة هاهنا غير الحفظة. وقيل أراد لا تحضره الملائكة بخير. وقد جاء في بعض الروايات كذلك.

(ه) وفي حديث ابن عباس رضى الله عنهما «الإنسان لا يُجْنِب وكذلك الثّوب والماء

٣٠٢

والأرض» يريد أن هذه الأشياء لا يصير شىء منها جُنُباً يحتاج إلى الغسل لملامسة الجُنُب إيّاها ، وقد تكرر ذكر الجُنُب والجِنَابَة في غير موضع.

(س) وفي حديث الزكاة والسّباق «لا جلب ولا جَنَبَ» الجَنَب بالتّحريك في السّباق : أن يَجْنُب فرسا إلى فرسه الذى يسابق عليه ، فإذا فتر المركوب تحوّل إلى المَجْنُوب ، وهو في الزكاة : أن ينزل العامل بأقصى مواضع أصحاب الصّدقة ، ثم يأمر بالأموال أن تُجْنَب إليه : أى تحضر ، فنهوا عن ذلك. وقيل هو أن يَجْنُبَ ربّ المال بماله : أى يبعده عن موضعه حتى يحتاج العامل إلى الإبعاد في اتّباعه وطلبه.

(ه) وفي حديث الفتح «كان خالد بن الوليد رضى الله عنه على المُجَنِّبَة اليمنى ، والزّبير على المُجَنِّبَة اليسرى» مُجَنِّبَة الجيش : هى التى تكون في الميمنة والميسرة ، وهما مُجَنِّبَتَان ، والنون مكسورة. وقيل هى الكتيبة التى تأخذ إحدى ناحيتى الطريق ، والأوّل أصح. ومنه الحديث في الباقيات الصّالحات «هنّ مقدّمات ، وهنّ مُجَنِّبَات ، وهنّ معقّبات».

[ه] ومنه الحديث «وعلى جَنَبَتَيِ الصراط داع» أى جَانِبَاه. وجَنَبَةُ الوادى : جَانِبُه وناحيته ، وهى بفتح النّون. والجَنْبَة بسكون النون : النّاحية. يقال : نزل فلان جَنَبَة : أى ناحية.

(ه) ومنه حديث عمر رضى الله عنه «عليكم بالجَنْبَة فإنها عفاف» قال الهروى : يقول اجْتَنِبُوا النّساء والجلوس إليهنّ ، ولا تقربوا ناحيتهنّ. يقال : رجل ذو جَنْبَة : أى ذو اعتزال عن الناس مُتَجَنِّب لهم.

(س) وحديث رقيقة «استكفوا جَنَابَيْه» أى حواليه ، تثنية جَنَاب وهى النّاحية.

(س) ومنه حديث الشّعبى «أجدب بنا الجَنَاب».

وحديث ذى المشعار «وأهل جَنَاب الهضب» هو بالكسر موضع.

(س) وفي حديث الشّهداء «ذات الجَنْب شهادة».

(س) وفي حديث آخر «ذو الجَنْب شهيد».

[ه] وفي آخر «المَجْنُوب شهيد» ذات الجَنْب : هى الدّبيلة والدّمّل الكبيرة الّتى تظهر

٣٠٣

في باطن الجَنْب وتنفجر إلى داخل ، وقلّما يسلم صاحبها. وذو الجَنْب الذى يشتكى جَنْبَه بسبب الدّبيلة ، إلّا أنّ ذو للمذكّر وذات للمؤنّث ، وصارت ذات الجَنْب علما لها وإن كانت في الأصل صفة مضافة. والمَجْنُوب : الذى أخذته ذات الجَنْب. وقيل أراد بالمَجْنُوب : الذى يشتكى جَنْبَه مطلقا.

وفي حديث الحديبية «كأنّ الله قد قطع جَنْباً من المشركين» أراد بالجَنَبِ الأمر ، أو القطعة ، يقال ما فعلت في جَنْب حاجتى؟ أى في أمرها. والجَنْب : القطعة من الشىء تكون معظمه أو شيئا كثيرا منه.

(س) وفي حديث أبى هريرة في الرجل الذى أصابته الفاقة «فخرج إلى البرّيّة فدعا ، فإذا الرحا يطحن ، والتّنّور مملوء جُنُوب شواء» الجُنُوب : جمع جَنْب ، يريد جَنْب الشّاة : أى أنه كان في التّنّور جُنُوب كثيرة لا جَنْبٌ واحد.

وفيه «بع الجمع بالدّراهم ، ثم ابتع بها جَنِيباً» الجَنِيبُ : نوع جيّد معروف من أنواع التّمر. وقد تكرر في الحديث.

(س) وفي حديث الحارث بن عوف «إن الإبل جُنِّبَتْ قبلنا العام» أى لم تلقح فيكون لها ألبان. يقال جَنَّبَ بنو فلان فهم مُجَنِّبُون : إذا لم يكن في إبلهم لبن ، أو قلّت ألبانهم وهو عام تَجْنِيب.

وفي حديث الحجاج «آكل ما أشرف من الجَنْبَة» الجَنْبَةُ ـ بفتح الجيم وسكون النون ـ رطب الصّلّيان من النبات. وقيل هو ما فوق البقل ودون الشّجر. وقيل هو كلّ نبت مورق في الصّيف من غير مطر.

(س) وفيه «الجَانِب المستغزر يثاب من هبته» الجَانِب : الغريب يقال : جَنَبَ فلان في بنى فلان يَجْنُب جَنَابَة فهو جَانِب : إذا نزل فيهم غريبا : أى أنّ الغريب الطّالب إذا أهدى إليك شيئا ليطلب أكثر منه فأعطه في مقابلة هديّته. ومعنى المستغزر : الذى يطلب أكثر ممّا أعطى.

(س) ومنه حديث الضحاك «أنه قال لجارية : هل من مغرّبة خبر؟ قال : على جَانِب الخبر» أى على الغريب القادم.

٣٠٤

(س) ومنه حديث مجاهد في تفسير السّيّارة «قال : هم أَجْنَاب النّاس» يعنى الغرباء ، جمع جَنْب وهو الغريب.

(جنبذ) (س ه) في صفة الجنة «فيها جَنَابِذ من لؤلؤ» الجَنَابِذ جمع جُنْبَذَة : وهى القبّة.

(جنح) [ه] فيه «أنه أمر بالتَّجَنُّح في الصلاة» هو أن يرفع ساعديه في السّجود عن الأرض ولا يفترشهما ، ويجافيهما عن جانبيه ، ويعتمد على كفّيه فيصيران له مثل جَنَاحَىِ الطائر.

(س) وفيه «إنّ الملائكة لتضع أَجْنِحَتَهَا لطالب العلم» أى تضعها لتكون وطاء له إذا مشى. وقيل : هو بمعنى التّواضع له تعظيما لحقّه. وقيل : أراد بوضع الأَجْنِحَة نزولهم عند مجالس العلم وترك الطّيران. وقيل : أراد به إظلالهم بها.

(س) ومنه الحديث الآخر «تظلّهم الطير بِأَجْنِحَتِها» وجَنَاحُ الطّير : يده.

وفي حديث عائشة رضى الله عنها «كان وقيذ الجَوَانِح» الجَوَانِح : الأضلاع ممّا يلى الصّدر ، الواحدة جَانِحَة.

(س) وفيه «إذا اسْتَجْنَحَ الليل فأكفتوا صبيانكم» جُنْحُ الليل وجِنْحُه : أوّله. وقيل قطعة منه نحو النّصف ، والأوّل أشبه ، وهو المراد في الحديث.

وفي حديث مرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «فوجد من نفسه خفّة فاجْتَنَحَ على أسامة حتّى دخل المسجد» أى خرج مائلا متّكئا عليه.

(س) وفي حديث ابن عباس رضى الله عنهما في مال اليتيم «إنّى لأَجْنَح أن آكل منه» أى أرى الأكل منه جُنَاحًا. والجُنَاحُ : الإثم. وقد تكرر ذكر الجُنَاح في الحديث ، وأين ورد فمعناه الإثم والميل.

(جند) (ه) فيه «الأرواح جُنُود مُجَنَّدَة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف» مُجَنَّدَة : أى مجموعة ، كما يقال ألوف مؤلّفة ، وقناطير مقنطرة ، ومعناه الإخبار عن مبدأ

٣٠٥

كون الأرواح وتقدّمها الأجساد : أى أنّها خلقت أوّل خلقها على قسمين : من ائتلاف واختلاف ، كالجُنُود المجموعة إذا تقابلت وتواجهت. ومعنى تقابل الأرواح : ما جعلها الله عليه من السّعادة ، والشّقاوة ، والأخلاق في مبدإ الخلق. يقول : إنّ الأجساد الّتى فيها الأرواح تلتقى في الدّنيا فتأتلف وتختلف على حسب ما خلقت عليه ، ولهذا ترى الخيّر يحبّ الأخيار ويميل إليهم ، والشّرّير يحبّ الأشرار ويميل إليهم.

وفي حديث عمر رضى الله عنه «أنه خرج إلى الشّام فلقيه أمراء الأَجْنَاد» الشّام خمسة أَجْنَاد : فلسطين ، والأردنّ ، ودمشق ، وحمص ، وقنّسرين ، كلّ واحد منها كان يسمّى جُنْدًا : أى المقيمين بها من المسلمين المقاتلين.

(س) وفي حديث سالم «سترنا البيت بجُنَادِىٍ أخضر ، فدخل أبو أيّوب فلمّا رآه خرج إنكارا له» قيل هو جنس من الأنماط أو الثّياب يستر بها الجدران.

وفيه «كان ذلك يوم أَجْنَادَين» بفتح الدّال : موضع بالشام ، وكانت به وقعة عظيمة بين المسلمين والرّوم في خلافة عمر رضى الله تعالى عنه ، وهو يوم مشهور.

وفيه ذكر «الجَنَد» هو بفتح الجيم والنّون : أحد مخاليف اليمن : وقيل هى مدينة معروفة بها.

(جندب) ـ فيه «فجعل الجَنَادِب يقعن فيه» الجَنَادِب جمع جُنْدُب ـ بضمّ الدال وفتحها ـ وهو ضرب من الجراد. وقيل هو الذى يصرّ في الحرّ.

ومنه حديث ابن مسعود رضى الله عنه «كان يصلّى الظّهر والجَنَادِب تنقز من الرّمضاء» أى تثب.

(جندع) (ه) «إنى أخاف عليكم الجَنَادِع» أى الآفات والبلايا. ومنه قيل للدّاهية : ذات الجَنَادِع ، والنون زائدة.

(جنز) (ه) فيه «أن رجلا كان له امرأتان فرميت إحداهما في جَنَازَتِها» أى ماتت : تقول العرب إذا أخبرت عن موت إنسان : رمى في جَنَازِتِه ؛ لأن الجنازة تصير مرميّا فيها. والمراد بالرّمى. الحمل والوضع. والجِنَازَة بالكسر والفتح : الميّت بسريره. وقيل بالكسر السّرير ، وبالفتح الميّت. وقد تكرر ذكرها في الحديث.

٣٠٦

(جنف) (ه س) فيه «إنا نردّ من جَنَفِ الظالم مثل ما نردّ من جَنَفِ الموصى» الجَنَف : الميل والجور.

ومنه حديث عروة «يردّ من صدقة الجَانِف في مرضه ما يردّ من وصيّة المُجْنِف عند موته» يقال : جَنَفَ وأَجْنَفَ : إذا مال وجار ، فجمع فيه بين اللّغتين. وقيل الجَانِف : يختصّ بالوصيّة ، والمُجْنِف المائل عن الحقّ.

[ه] ومنه حديث عمر رضى الله عنه «وقد أفطر الناس في رمضان ثم ظهرت الشمس فقال : نقضيه ، ما تَجَانَفْنَا فيه لإثم» أى لم نمل فيه لارتكاب الإثم. ومنه قوله تعالى (غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ).

وفي غزوة خيبر ذكر «جَنْفَاء» هى بفتح الجيم وسكون النّون والمدّ : ماء من مياه بنى فزارة.

(جنق) (ه) في حديث الحجاج «أنه نصب على البيت مِنْجَنِيقَين ، ووكّل بهما جَانِقَيْن ، فقال أحد الجَانِقَيْن عند رميه :

خطّارة كالجمل الفنيق

أعددتها للمسجد العتيق

الجَانِق : الذى يدبّر المَنْجَنِيق ويرمى عنها ، وتفتح الميم وتكسر ، وهى والنون الأولى زائدتان في قول ، لقولهم جَنَقَ يَجْنِق إذا رمى. وقيل الميم أصلية لجمعه على مَجَانِيق. وقيل هو أعجمى معرّب ، والمَنْجَنِيق مؤنّثة.

(جنن) ـ فيه ذكر «الجَنَّة» في غير موضع. الجَنَّة : هى دار النّعيم في الدار الآخرة ، من الاجْتِنَان وهو السّتر ، لتكاثف أشجارها وتظليلها بالتفاف أغصانها. وسمّيت بالجَنَّة وهى المرّة الواحدة من مصدر جَنَّه جَنّاً إذا ستره ، فكأنّها سترة واحدة ؛ لشدّة التفافها وإظلالها.

ومنه الحديث «جَنَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ» أى ستره ، وبه سمّى الجِنُ لاستتارهم واختفائهم عن الأبصار ، ومنه سمّى الجَنِينُ لاستتاره في بطن أمّه.

(س) ومنه الحديث «ولى دفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وإِجْنَانَه عليّ والعبّاس» أى دفنه وستره. ويقال للقبر الجَنَن ، ويجمع على أَجْنَان.

٣٠٧

ومنه حديث عليّ «جعل لهم من الصّفيح أَجْنَان».

(ه) وفيه «أنه نهى عن قتل الجِنَّان» هى الحيّات الّتى تكون في البيوت ؛ واحدها جَانّ ، وهو الدّقيق الخفيف. والجَانُ : الشّيطان أيضا. وقد جاء ذكر الجَانّ والجِنّ والجِنَّان في غير موضع من الحديث.

(ه) ومنه حديث زمزم «إنّ فيها جِنَّانًا كثيرة» أى حيّات.

وفي حديث زيد بن نفيل «جِنَّان الجبال» أى الذين يأمرون بالفساد من شياطين الإنس ، أو من الجِنِّ. والجِنَّة بالكسر : اسم للجِنِّ.

وفي حديث السرقة «القطع في ثمن المِجَنِ» هو التّرس ، لأنه يوارى حامله : أى يستره ، والميم زائدة.

(ه) ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «كتب إلى ابن عباس رضى الله عنهما : قلبت لابن عمّك ظهر المِجَنِ» هذه كلمة تضرب مثلا لمن كان لصاحبه على مودّة أو رعاية ثم حال عن ذلك ، ويجمع على مَجَانَ.

ومنه حديث أشراط الساعة «وجوههم كالمَجَانِ المطرقة» يعنى التّرك. وقد تكرّر ذكر المِجَنِ والمِجَانِ في الحديث.

وفيه «الصّوم جُنَّةٌ» أى يقى صاحبه ما يؤذيه من الشّهوات. والجُنَّةُ : الوقاية.

(ه) ومنه الحديث «الإمام جُنَّةٌ» لأنه يقى المأموم الزّلل والسّهو.

ومنه حديث الصدقة «كمثل رجلين عليهما جُنَّتَانِ من حديد» أى وقايتان. ويروى بالباء الموحّدة ؛ تثنية جبّة اللّباس.

وفيه أيضا «تُجِنُ بنانه» أى تغطّيه وتستره.

وفيه «أنه نهى عن ذبائح الجِنِ» هو أن يبنى الرجل الدّار فإذا فرغ من بنائها ذبح ذبيحة ، وكانوا يقولون : إذا فعل ذلك لا يضرّ أهلها الجِنُ.

وفي حديث ماعز «أنه سأل أهله عنه فقال : أيشتكى أم به جِنَّةٌ؟ قالوا : لا» الجِنَّة بالكسر : الجُنُون.

٣٠٨

وفى حديث الحسن «لو أصاب ابن آدم في كلّ شىء جُنَ» أى أعجب بنفسه حتّى يصير كالمَجْنُون من شدّة إعجابه. قال القتيبى : وأحسب قول الشّنفرى من هذا :

فلو جُنَ إنسان من الحسن جُنَّت

ومنه حديثه الآخر «اللهم إنّى أعوذ بك من جُنُون العمل» أى من الإعجاب به ، ويؤكّد هذا حديثه الآخر «أنّه رأى قوما مجتمعين على إنسان ، فقال : ما هذا؟ فقالوا : مَجْنُون ، قال : هذا مصاب ، وإنما المَجْنُون الذى يضرب بمنكبيه ، وينظر فى عطفيه ، ويتمطّى فى مشيته.

وفى حديث فضالة «كان يخرّ رجال من قامتهم في الصلاة من الخصاصة ، حتى يقول الأعراب : مَجَانِين ، أو مَجَانُون» المَجَانِين : جمع تكسير لمجنون ، وأما مجانون فشاذ ، كما شذّ شياطون في شياطين. وقد قرئ «واتّبعوا ما تتلوا الشّياطون».

(جنه) (ه) في شعر الفرزدق يمدح علىّ بن الحسين زين العابدين :

في كفّه جُنَهِيٌ ريحه عبق

من كفّ أروع في عرنينه شمم

الجُنَهِىُ : الخيزران. ويروى : في كفّه خيزران.

(جني) ـ فيه «لا يَجْنِي جَانٍ إلا على نفسه» الجِنَايَة : الذّنب والجرم وما يفعله الإنسان ممّا يوجب عليه العذاب أو القصاص في الدنيا والآخرة. المعنى : أنه لا يطالب بجِنَايَة غيره من أقاربه وأباعده ، فإذا جَنَى أحدهما جِنَايَة لا يعاقب بها الآخر ، كقوله تعالى (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) وقد تكرر ذكرها في الحديث.

[ه] وفي حديث عليّ رضى الله عنه :

هذا جَنَاى وخياره فيه

إذ كلّ جان يده إلى فيه

هذا مثل ، أوّل من قاله عمرو بن أخت جذيمة الأبرش ، كان يَجْنِى الكمأة مع أصحاب له ، فكانوا إذا وجدوا خيار الكمأة أكلوها ، وإذا وجدها عمرو جعلها في كمّه حتّى يأتى بها خاله. وقال هذه الكلمة فسارت مثلا. وأراد عليّ رضى الله عنه بقولها أنّه لم يتلطّخ بشىء من فىء المسلمين ،

٣٠٩

بل وضعه مواضعه. يقال جَنَى واجْتَنَى والجَنَا : اسم ما يُجْتَنَى من الثّمر ، ويجمع الجَنَا على أَجْنٍ ، مثل عصا وأعص.

(ه) ومنه الحديث «أهدى له أَجْنٍ زغب» يريد القثّاء الغضّ ، هكذا جاء في بعض الروايات ، والمشهور أجر بالراء. وقد سبق ذكره.

(س) وفي حديث أبى بكر «أنه رأى أبا ذرّ رضى الله عنهما ، فدعاه ، فجنا عليه ، فسارّه» جَنَا على الشّىء يَجْنُو : إذا أكبّ عليه. وقيل هو مهموز. وقيل الأصل فيه الهمز ، من جَنَأَ يَجْنَأُ إذا مال عليه وعطف ، ثم خفّف ، وهو لغة في أجنأ. وقد تقدّمت في أوّل الباب. ولو رويت بالحاء المهملة بمعنى أكبّ عليه لكان أشبه.

(باب الجيم مع الواو)

(جوب) ـ في أسماء الله تعالى «المُجِيبُ» وهو الذى يقابل الدّعاء والسؤال بالقبول والعطاء. وهو اسم فاعل من أَجَابَ يُجِيبُ.

وفي حديث الاستسقاء «حتّى صارت المدينة مثل الجَوْبَة» هى الحفرة المستديرة الواسعة. وكلّ منفتق بلا بناء : جَوْبَة ، أى حتّى صار الغيم والسحاب محيطا بآفاق المدينة.

ومنه الحديث الآخر «فانْجَابَ السّحاب عن المدينة حتى صار كالإكليل» أى انجمع وتقبّض بعضه إلى بعض وانكشف عنها.

(س) وفيه «أتاه قوم مُجْتَابِي النّمار» أى لابسيها. يقال اجْتَبْتُ القميصَ والظّلام : أى دخلت فيهما. وكل شيء قطع وسطه فهو مَجُوب ومُجَوَّب ، وبه سمّى جَيْبُ القميص.

ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «أخذت إهابا معطونا فَجَوَّبْتُ وسطه وأدخلته في عنقى».

(س) وحديث خيفان «وأمّا هذا الحىّ من أنمار فجَوْبُ أب ، وأولاد علّة» أى أنّهم جِيبُوا من أب واحد وقُطِعُوا منه.

[ه] ومنه حديث أبى بكر «قال للأنصار رضى الله عنه وعنهم يوم السّقيفة : إنّما جِيبَت

٣١٠

العرب عنّا كما جِيبَت الرّحا عن قطبها» أى خرقت العرب عنّا ، فكنّا وسطا ، وكانت العرب حوالينا كالرّحا وقطبها الّذى تدور عليه.

(ه) وفي حديث لقمان بن عاد «جَوَّاب ليل سرمد» أى يسرى ليله كله لا ينام. يصفه بالشّجاعة ، يقال. جَابَ البلاد سيرا. أى قطعها.

(ه) وفيه «أنّ رجلا قال : يا رسول الله أىّ اللّيل أَجْوَبُ دعوة؟ قال : جوف اللّيل الغابر» أَجْوَب ، أى أسرع إِجَابَة. كما يقال : أطوع ، من الطّاعة. وقياس هذا أن يكون من جَابَ لا من أَجَابَ ؛ لأنّ ما زاد على الفعل الثّلاثى لا يبنى منه أفعل من كذا إلّا في أحرف جاءت شاذّة قال الزمخشرى : «كأنه في التّقدير من جَابَت الدّعوة بوزن فعلت بالضّم ، كطالت : أى صارت مُسْتَجَابَة ، كقولهم في فقير وشديد ، كأنّهما من فقر وشدد ، وليس ذلك بمستعمل. ويجوز أن يكون من جُبْتُ الأرض إذا قطعتها بالسّير ، على معنى أمضى دعوة ، وأنفذ إلى مظّانّ الإِجَابَة والقبول».

وفي حديث بناء الكعبة «فسمعنا جَوَاباً من السماء ، فإذا بطائر أعظم من النّسر» الجَوَاب : صوت الجَوْب ، وهو انقضاض الطائر.

(س) وفي حديث غزوة أحد «وأبو طلحة مُجَوَّب على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بجحفة» أى مترّس عليه يقيه بها. ويقال للتّرس أيضا جَوْبَة.

(جوث) (س) في حديث التّلب «أصاب النّبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم جُوثَة» هكذا جاء في روايته. قالوا : والصواب خوبة وهى الفاقة ، وستذكر في بابها.

وفيه «أوّل جمعة جمّعت بعد المدينة بِجُوَاثَى» هو اسم حصن بالبحرين.

(جوح) (س) فيه «إنّ أبى يريد أن يَجْتَاح مالى» أى يستأصله ويأتى عليه أخذا وإنفاقا. قال الخطابى : يشبه أن يكون ما ذكره من اجْتِيَاح والده ماله أن مقدار ما يحتاج إليه في النّفقة شىء كثير لا يسعه ماله إلّا أن يَجْتَاح أصله ، فلم يرخّص له في ترك النّفقة عليه. وقال له : أنت ومالك لأبيك. على معنى أنه إذا احتاج إلى مالك أخذ منك قدر الحاجة ، وإذا لم يكن لك مال وكان لك كسب لزمك أن تكتسب وتنفق عليه ، فأمّا أن يكون أراد به إباحة ماله له حتّى يَجْتَاحَه ويأتى عليه إسرافا وتبذيرا فلا أعلم أحدا ذهب إليه. والله أعلم. والاجْتِيَاح من الجَائِحَة : وهى الآفة

٣١١

التى تهلك الثّمار والأموال وتستأصلها ، وكلّ مصيبة عظيمة وفتنة مبيرة : جَائِحَة ، والجمع جَوَائِح. وجَاحَهُم يَجُوحُهم جَوْحاً : إذا غشيهم بالجَوائِح وأهلكهم.

(س) ومنه الحديث «أعاذكم الله من جَوْح الدهر».

(س) والحديث الآخر «أنه نهى عن بيع السّنين ووضع الجَوَائِح» وفي رواية «وأمر بوضع الجَوَائِح» هذا أمر ندب واستحباب عند عامّة الفقهاء ، لا أمر وجوب. وقال أحمد وجماعة من أصحاب الحديث : هو لازم ، يوضع بقدر ما هلك. وقال مالك : يوضع في الثلث فصاعدا : أى إذا كانت الجَائِحَة دون الثّلث فهو من مال المشترى ، وإن كانت أكثر فمن مال البائع.

(جود) (ه) فيه «باعده الله من النار سبعين خريفا للمضمّر المَجِيد» المجيد : صاحب الجَوَاد ، وهو الفرس السّابق الجَيِّد ، كما يقال : رجل مقو ومضعف إذا كانت دابّته قويّة أو ضعيفة.

(س) ومنه حديث الصراط «ومنهم من يمرّ كأَجَاوِيد الخيل» هى جمع أَجْوَاد ، وأَجْوَاد جمع جَوَاد.

(س) ومنه حديث أبى الدرداء رضى الله عنه «التسبيح أفضل من الحمل على عشرين جَوَادا».

(س) وحديث سليمان بن صرد «فسرت إليه جَوَادا» أى سريعا كالفرس الجَوَاد. ويجوز أن يريد سيرا جَوَادا ، كما يقال سرنا عقبة جوادا : أى بعيدة.

وفي حديث الاستسقاء «ولم يأت أحد من ناحية إلا حدّث بالجَوْد» الجَوْد : المطر الواسع الغزير. جَادَهُمُ المطر يَجُودُهم جَوْدا.

(س ه) ومنه الحديث «تركت أهل مكة وقد جِيدُوا» أى مطروا مطرا جَوْداً.

(س) وفيه «فإذا ابنه إبراهيم عليه الصلاة والسّلام يَجُود بنفسه» أى يخرجها ويدفعها كما يدفع الإنسان ماله يَجُود به. والجُود : الكرم. يريد أنه كان في النّزع وسياق الموت.

٣١٢

(س) وفيه «تَجَوَّدْتُها لك» أى تخيّرت الأجود منها.

(س) وفي حديث ابن سلام «وإذا أنا بجَوَادَّ» الجَوَادُّ جمع جَادَّة : وهى معظم الطريق. وأصل هذه الكلمة من جدد ، وإنما ذكرناهاهنا حملا على ظاهرها.

(جور) (ه) في حديث أم زرع «ملء كسائها وغيظ جَارَتِها» الجَارَة : الضّرّة ، من المُجَاوَرَة بينهما : أى أنها ترى حسنها فيغيظها ذلك.

[ه] ومنه الحديث «كنت بين جَارَتَيْن لى» أى امرأتين ضرّتين.

وحديث عمر رضى الله عنه «قال لحفصة : لا يغرّك أن كانت جَارَتُك هى أوسم وأحبّ إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم منك» يعنى عائشة رضى الله عنها.

(س) وفيه «ويُجِيرُ عليهم أدناهم» أى إذا أَجَارَ واحد من المسلمين ـ حرّ أو عبد أو أمة ـ واحدا أو جماعة من الكفّار وخفرهم وأمّنهم جاز ذلك على جميع المسلمين ، لا ينقض عليه جواره وأمانه.

ومنه حديث الدعاء «كما تُجِيرُ بين البحور» أى تفصل بينها وتمنع أحدها من الاختلاط بالآخر والبغى عليه.

وحديث القسامة «وأحبّ أن تُجِيرَ ابنى هذا برجل من الخمسين» أى تؤمّنه منها ، ولا تستخلفه وتحول بينه وبينها. وبعضهم يرويه بالزّاى : أى تأذن له في ترك اليمين وتجيزه.

وفي حديث ميقات الحج «وهو جَوْرٌ عن طريقنا» أى مائل عنه ليس على جادّته ، من جَارَ يَجُورُ إذا مال وضلّ.

ومنه الحديث «حتى يسير الرّاكب بين النّطفتين لا يخشى إلّا جَوْراً» أى ضلالا عن الطريق. هكذا روى الأزهرى وشرح. وفي رواية «لا يخشى جَوْراً» بحذف إلّا ، فإن صح فيكون الجَوْرُ بمعنى الظّلم.

(س) وفيه «أنه كان يُجَاوِرُ بحراء ويجاور في العشر الأواخر من رمضان» أى يعتكف وقد تكرر ذكرها في الحديث بمعنى الاعتكاف ، وهى مفاعلة من الجِوَار.

٣١٣

(س) ومنه حديث عطاء «وسئل عن المُجَاوِر يذهب للخلاء» يعنى المعتكف فأمّا المُجَاوَرَة بمكة والمدينة فيراد بها المقام مطلقا غير ملتزم بشرائط الاعتكاف الشرعى.

وفيه ذكر «الجَار» هو بتخفيف الراء : مدينة على ساحل البحر ، بينها وبين مدينة الرّسول عليه الصلاة والسلام يوم وليلة.

(جوز) ـ فيه «أنّ امرأة أتت النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالت : إنى رأيت في المنام كأنّ جَائِز بيتى قد انكسر ، فقال : يردّ الله غائبك ، فرجع زوجها ثمّ غاب ، فرأت مثل ذلك ، فأتت النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلم تجده ، ووجدت أبا بكر فأخبرته فقال : يموت زوجك ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : هل قصصتها على أحد؟ قالت : نعم. قال : هو كما قال لك» الجَائِز هو الخشبة التى توضع عليها أطراف العوارض في سقف البيت ، والجمع أَجْوِزة ).

ومنه حديث أبى الطّفيل وبناء الكعبة «إذا هم بحيّة مثل قطعة الجَائِز».

[ه] وفيه «الضّيافة ثلاثة أيام ، وجَائِزَته يوم وليلة ، وما زاد فهو صدقة» أى يضاف ثلاثة أيام فيتكلّف له في اليوم الأول مما اتّسع له من برّ وإلطاف ، ويقدّم له في اليوم الثانى والثالث ما حضره ولا يزيد على عادته ، ثم يعطيه ما يَجُوزُ به مسافة يوم وليلة ، ويسمّى الجِيْزَة : وهى قدر ما يَجُوز به المسافر من منهل إلى منهل ، فما كان بعد ذلك فهو صدقة ومعروف ، إن شاء فعل وإن شاء ترك ، وإنما كره له المقام بعد ذلك لئلا تضيق به إقامته فتكون الصّدقة على وجه المنّ والأذى.

ومنه الحديث «أَجِيزُوا الوفد بنحو ما كنت أَجِيزُهم» أى أعطوهم الجَيزَة والجَائِزَة : العطية. يقال أَجَازَه يُجِيزُه إذا أعطاه.

ومنه حديث العباس «ألا أمنحك ألا أُجِيزُك» أى أعطيك. والأصل الأوّل فاستعير لكلّ عطاء.

(س) وفيه «إن الله تَجَاوَزَ عن أمّتى ما حدّثت به أنفسها» أى عفا عنهم. من جَازَه يَجُوزُه إذا تعدّاه وعبر عليه. وأنفسها بالنصب على المفعول. ويجوز الرفع على الفاعل.

__________________

(١) وجوزان وجوائز أيضا كما في القاموس.

٣١٤

ومنه الحديث «كنت أبايع الناس ، وكان من خلقى الجَوَازُ» أى التّساهل والتسامح في البيع والاقتضاء. وقد تكرر في الحديث.

ومنه الحديث «أسمع بكاء الصّبى فأَتَجَوَّز في صلاتى» أى أخفّفها وأقلّلها.

ومنه الحديث «تَجَوَّزُوا في الصلاة» أى خفّفوها وأسرعوا بها. وقيل إنّه من الجَوْز : القطع والسّير.

وفي حديث الصراط «فأكون أنا وأمّتى أوّل من يُجِيزُ عليه» يُجِيزُ : لغة في يَجُوز. يقال جَازَ وأَجَاز بمعنى.

ومنه حديث المسعى «لا تُجِيزُوا البطحاء إلّا شدّا».

وفي حديث القيامة والحساب «إنى لا أُجِيزُ اليوم على نفسى شاهدا إلا منّى» أى لا أنفذ وأمضى ، من أَجَاز أمره يُجِيزه إذا أمضاه وجعله جَائِزاً.

(س) ومنه حديث أبى ذرّ رضى الله عنه «قبل أن تُجِيزُوا علىّ» أى تقتلونى وتنفذوا فىّ أمركم.

وفي حديث نكاح البكر «فإن صمتت فهو إذنها ، وإن أبت فلا جَوَازَ عليها» أى لا ولاية عليها مع الامتناع.

(ه) ومنه حديث شريح «إذا باع المُجِيزان فالبيع للأوّل ، وإذا أنكح المجيزان فالنّكاح للأوّل» المُجِيزُ : الولىّ والقيّم بأمر اليتيم. والمُجِيز : العبد المأذون له في التّجارة.

(ه) ومنه حديثه الآخر «إنّ رجلا خاصم غلاما لزياد في برذون باعه وكفل له الغلام ، فقال : إن كان مُجِيزاً وكفل لك غَرِمَ».

(س) وفي حديث عليّ رضى الله عنه «أنه قام من جَوْز اللّيل يصلّى» جَوْزُ كلّ شىء : وسطه.

(س) ومنه حديث حذيفة رضى الله عنه «ربط جَوْزَه إلى سماء البيت ، أو جَائِز البيت» وجمع الجَوْز أَجْوَاز.

٣١٥

(س) ومنه حديث أبى المنهال «إنّ في النار أودية فيها حيّات أمثال أَجْوَاز الإبل» أى أوساطها.

(س) وفيه ذكر «ذى المَجَاز» هو موضع عند عرفات كان يقام به سوق من أسواق العرب في الجاهلية. والمَجَاز : موضع الجَوَاز ، والميم زائدة. قيل سمّى به لأن إِجَازَة الحاجّ كانت فيه.

(جوس) ـ في حديث قسّ بن ساعدة «جَوْسَة النّاظر الذى لا يحار» أى شدّة نظره وتتابعه فيه. ويروى حثّة النّاظر ، من الحثّ.

(جوظ) ـ فيه «أهل النّار : كلّ جَوَّاظٍ» الجَوَّاظ : الجموع المنوع. وقيل الكثير اللّحم المختال في مشيته. وقيل القصير البطين.

(جوع) (ه) في حديث الرّضاع «إنما الرّضاعة من المَجَاعَة» المَجَاعَة مفعلة ، من الجُوع : أى إن الذى يحرم من الرّضاع إنما هو الذى يرضع من جُوعِه ، وهو الطّفل ، يعنى أنّ الكبير إذا رضع امرأة لا يحرم عليها بذلك الرّضاع ؛ لأنه لم يرضعها من الجُوع.

(س) وفي حديث صلة بن أشيم «وأنا سريع الاسْتِجَاعة» هى شدة الجُوع وقوّته.

(جوف) ـ في حديث خلق آدم صلى‌الله‌عليه‌وسلم «فلما رآه أَجْوَف عرف أنه خلق لا يتمالك» الأَجْوَف : الذى له جَوْف. ولا يتمالك أى لا يتماسك.

ومنه حديث عمران «كان عمر أَجْوَف جليدا» أى كبير الجَوْف عظيمها.

ومنه الحديث «لا تنسوا الجَوْفَ وما وعى» أى ما يدخل إليه من الطّعام والشّراب ويجمع فيه. وقيل أراد بالجَوْف القلب ، وما وعى : ما حفظ من معرفة الله تعالى. وقيل : أراد بالجَوْف البطن والفرج معا.

[ه] ومنه الحديث «إنّ أخوف ما أخاف عليكم الأَجْوَفَان».

(س) وفيه «قيل له : أىّ اللّيل أسمع؟ قال : جَوْف الليل الآخر» أى ثلثه الآخر ، وهو الجزء الخامس من أسداس الليل.

٣١٦

(س) ومنه حديث خبيب «فَجَافَتْنِى» أى وصلت إلى جَوْفِى.

(س) وحديث مسروق في البعير المتردّى في البئر «جُوفُوه» أى اطعنوا في جَوْفِه.

(س) ومنه الحديث «في الجَائِفَة ثلث الدّية» هى الطّعنة التى تنفذ إلى الجَوْف. يقال جُفْتُه إذا أصبت جَوْفه ، وأَجَفْتُه الطّعنة وجُفْتُه بها ؛ والمراد بالجَوْف هاهنا كل ما له قوّة محيلة كالبطن والدّماغ.

(س) ومنه حديث حذيفة «ما منّا أحد لو فتّش إلا فتّش عن جَائِفَة أو منقّلة» المنقّلة من الجراح : ما ينقل العظم عن موضعه ، أراد : ليس منّا أحد إلّا وفيه عيب عظيم ، فاستعار الجَائِفَة والمنقّلة لذلك.

وفي حديث الحج «أنه دخل البيت وأَجَافَ الباب» أى ردّه عليه.

(س) ومنه الحديث «أَجِيفُوا أبوابكم» أى ردّوها. وقد تكرر في الحديث.

(س) وفي حديث مالك بن دينار «أكلت رغيفا ورأس جُوَافَةٍ فعلى الدّنيا العفاء» الجُوَاف بالضّم والتّخفيف : ضرب من السّمك ، وليس من جيّده.

(ه) وفيه «فتوقّلت بنا القلاص من أعالى الجَوْف» الجَوْف : أرض لمراد. وقيل هو بطن الوادى.

(جول) (ه) فيه «فَاجْتَالَتْهُم الشياطين» أى استخفّتهم فَجَالُوا معهم في الضّلال. يقال جِال واجْتَال : إذا ذهب وجاء. ومنه الجَوَلَان في الحرب ، واحتال الشّىء إذا ذهب به وساقه. والجَائِل. الزّائل عن مكانه. وروى بالحاء المهملة. وسيذكر.

(س) ومنه الحديث «لمّا جَالَتِ الخيل أهوى إلى عنقى» يقال جَال يَجُول جَوْلَة إذا دار.

(س) ومنه الحديث «للباطل جَوْلَة ثم يضمحلّ» هو من جَوَّل في البلاد إذا طاف : يعنى أنّ أهله لا يستقرّون على أمر يعرفونه ويطمئنّون إليه.

(س) وأما حديث الصدّيق رضى الله عنه «إنّ للباطل نزوة ، ولأهل الحق جَوْلَة» فإنه يريد غلبة ، من جَال في الحرب على قرنه يَجُول. ويجوز أن يكون من الأوّل ؛ لأنه قال بعده : يعفو لها الأثر وتموت السّنن.

٣١٧

(ه) وفي حديث عائشة رضى الله عنها «كان النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا دخل إلينا لبس مِجْوَلا» المِجْوَل : الصّدرة. وقال الجوهرى : هو ثوب صغير تَجُول فيه الجارية. وروى الخطّابى عنها قالت : كان للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم مِجْول. وقال : تريد صدرة من حديد ، يعنى الزّرديّة.

(س) وفي حديث طهفة «ونَسْتَجِيل الجهام» أى نراه جَائِلا يذهب به الرّيح هاهنا وهاهنا. ويروى بالخاء المعجمة والحاء المهملة ، وهو الأشهر. وسيذكر في موضعه.

(س) وفي حديث عمر للأحنف «ليس لك جُولٌ» أى عقل ، مأخوذ من جُول البئر بالضّم : وهو جدارها : أى ليس لك عقل يمنعك كما يمنع جدار البئر.

(جون) ـ في حديث أنس رضى الله عنه «جئت إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعليه بردة جَوْنِيَّة» منسوبة إلى الجَوْن ، وهو من الألوان ، ويقع على الأسود والأبيض. وقيل الياء للمبالغة ، كما تقول في الأحمر أحمرىّ. وقيل هى منسوبة إلى بنى الجَوْن : قبيلة من الأزد.

(س) ومنه حديث عمر رضى الله عنه «لمّا قدم الشام أقبل على جمل وعليه جلد كبش جُونِيٌ» أى أسود. قال الخطابى : الكبش الجُونِيُ : هو الأسود الذى أشرب حمرة. فإذا نسبوا قالوا جُوِنيٌ بالضّم ، كما قالوا في الدّهرى دهرىّ. وفي هذا نظر ، إلّا أن تكون الرواية كذلك.

(ه) وفي حديث الحجاج «وعرضت عليه درع تكاد لا ترى لصفائها ، فقال له أنيس : إنّ الشّمس جَوْنَة» أى بيضاء قد غلبت صفاء الدّرع. وفي صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «فوجدت ليده بردا وريحا كأنّما أخرجها من جُونَة عطّار» الجُونَة بالضم : الّتى يعدّ فيها الطّيب ويحرز.

(جوا) ـ في حديث عليّ رضى الله عنه «لأن أطّلى بِجِوَاءِ قدر أحبّ إلىّ من أن أطّلى بزعفران» الجِوَاء. وعاء القدر ، أو شىء توضع عليه من جلد أو خصفة ، وجمعها أَجْوِيَة. وقيل : هى الجِئَاء مهموزة ، وجمعها أَجْئِئَة. ويقال لها الجِيَاء أيضا بلا همز. ويروى «بجِئَاوَة» مثل جعاوة.

(س) وفي حديث العرنّيين «فاجْتَوَوُا المدينة» أى أصابهم الجَوَى : وهو المرض وداء الجوف إذا تطاول ، وذلك إذا لم يوافقهم هواؤها واستوخموها. ويقال : اجْتَوَيْت البلد إذا كرهت المقام فيه وإن كنت في نعمة.

٣١٨

(س) وفى حديث عبد الرحمن بن القاسم «قال : كان القاسم لا يدخل منزله إلّا تأوّه ، قلت : يا أبت ما أخرج هذا منك إلّا جَوَى» يريد داء الجوف. ويجوز أن يكون من الجَوَى : شدّة الوجد من عشق أو حزن.

(ه) وفى حديث يأجوج ومأجوج «فتَجْوَى الأرض من نتنهم» يقال جَوِىَ يَجْوَى : إذا أنتن. ويروى بالهمز. وقد تقدم.

وفى حديث سلمان رضى الله عنه «إنّ لكلّ امرئ جَوَّانِيًّا وبرّانيّا ، فمن يصلح جَوَّانِيَّه يصلح الله برّانيّه ، ومن يفسد جوّانيّه يفسد الله برّانيّه» أى باطنا وظاهرا ، وسرّا وعلانية ، وهو منسوب إلى جوّ البيت وهو داخله ، وزيادة الألف والنون للتأكيد.

(ه) ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «ثم فتق الأَجْوَاء ، وشقّ الأرجاء» الأَجْوَاء : جمع جَوِّ ، وهو ما بين السّماء والأرض.

(جوارش) ـ فيه «أهدى رجل من العراق إلى ابن عمر رضى الله عنه جَوَارِشَ» هو نوع من الأدوية المركّبة يقوّى المعدة ويهضم الطعام. وليست اللفظة عربية.

(باب الجيم مع الهاء)

(جهجه) (ه) فيه «إنّ رجلا من أسلم عدا عليه ذئب ، فانتزع شاة من غنمه فجَهْجَأَه الرجل» أى زبره : أراد جَهْجَهَه ، فأبدل الهاء همزة لكثرة الهاآت وقرب المخرج.

وفى حديث أشراط الساعة «لا تذهب اللّيالى حتى يملك رجل يقال له الجَهْجَاه» كأنه مركّب من هذا. ويروى الجهجل

(جهد) ـ فيه «لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جِهَاد ونيّة» الجِهَاد : محاربة الكفار ، وهو المبالغة واستفراغ ما فى الوسع والطّاقة من قول أو فعل. يقال جَهَدَ الرجل في الشّىء : أى جدّ فيه وبالغ ، وجَاهَد في الحرب مُجَاهَدَة وجِهَادا. والمراد بالنية إخلاص العمل لله تعالى : أى إنّه لم يبق بعد فتح مكة هجرة ؛ لأنّها قد صارت دار إسلام ، وإنما هو الإخلاص في الجِهَاد وقتال الكفّار.

وفي حديث معاذ رضى الله عنه «أَجْتَهِد رأيى» الاجْتِهَاد : بذل الوسع في طلب الأمر ،

٣١٩

وهو افتعال من الجُهْد : الطّاقة. والمراد به : ردّ القضيّة الّتى تعرض للحاكم من طريق القياس إلى الكتاب والسّنّة. ولم يرد الرّأى الذى يراه من قبل نفسه من غير حمل على كتاب أو سنّة.

وفي حديث أم معبد «شاة خلّفها الجَهْد عن الغنم» قد تكرر لفظ الجَهْد والجَهْد في الحديث كثيرا ، وهو بالضم : الوسع والطّاقة ، وبالفتح : المشقّة. وقيل المبالغة والغاية. وقيل هما لغتان في الوسع والطّاقة ، فأمّا في المشقّة والغاية فالفتح لا غير. ويريد به في حديث أم معبد : الهزال. ومن المضموم حديث الصدقة «أىّ الصّدقة أفضل؟ قال : جُهْد المقلّ» أى قدر ما يحتمله حال القليل المال.

(ه) ومن المفتوح حديث الدعاء «أعوذ بك من جَهْد البلاء» أى الحالة الشّاقّة.

وحديث عثمان رضى الله عنه «والناس في جيش العسرة مُجْهِدُون معسرون» يقال جُهِدَ الرجل فهو مَجْهُود : إذا وجد مشقّة. وجُهِدَ الناس فهم مَجْهُودُون : إذا أجدبوا. فأما أَجْهَد فهو مُجْهِد بالكسر : فمعناه ذو جَهْد ومشقّة ، وهو من أَجْهَدَ دابّته إذا حمل عليها في السّير فوق طاقتها. ورجل مُجْهِدٌ : إذا كان ذا دابّة ضعيفة من التّعب. فاستعاره للحال في قلّة المال. وأُجْهِدَ فهو مُجْهَد بالفتح : أى أنه أوقع في الجَهْد : المشقّة.

(س) وفي حديث الغسل «إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جَهَدَهَا» أى دفعها وحفزها. يقال جَهَدَ الرجل في الأمر : إذا جدّ فيه وبالغ.

وفي حديث الأقرع والأبرص «فو الله لا أَجْهَدُك اليوم بشيء أخذته لله» أى لا أشقّ عليك وأردّك في شىء تأخذه من مالى لله تعالى. وقيل : الجَهْد من أسماء النكاح.

[ه] وفي حديث الحسن «لا يُجْهِد الرجل ماله ثم يقعد يسأل الناس» أى يفرّقه جميعه هاهنا وهاهنا.

(ه) وفيه «أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم نزل بأرض جَهَاد» هى بالفتح : الصّلبة. وقيل : التى لا نبات بها.

(جهر) (ه) في صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «من رآه جَهَرَه» أى عظم في عينه. يقال جَهَرت الرجل واجْتَهَرتَه : إذا رأيته عظيم المنظر. ورجل جَهِير : أى ذو منظر.

٣٢٠