النّهاية - ج ١

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ١

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٧٢

(جحش) (ه) فيه «أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم سقط من فرس فَجُحِشَ شقّه» أى انخدش جلده وانسحج (١).

وفي حديث شهادة الأعضاء يوم القيامة «بعدا لكنّ وسحقا ، فعنكنّ كنت أُجَاحِشُ» أى أحامى وأدافع.

(جحظ) (ه) في حديث عائشة ، تصف أباها رضى الله عنهما «وأنتم حينئذ جُحَّظٌ تنتظرون العدوة» جُحُوظ العين : نتوءها وانزعاجها. والرجل جَاحِظ ، وجمعه جُحَّظ. تريد : وأنتم شاخصو الأبصار ، تترقّبون أن ينعق ناعق ، أو يدعو إلى وهن الإسلام داع.

(جحف) (ه) فيه «خذوا العطاء ما كان عطاء ، فإذا تَجَاحَفَتْ قريش الملك بينهم فارفضوه» يقال تَجَاحَفَ القوم في القتال : إذا تناول بعضهم بعضا بالسّيوف. يريد إذا تقاتلوا على الملك.

وفي حديث عمر رضى الله عنه «أنه قال لعدىّ : إنّما فرضت لقوم أَجْحَفَتْ بهم الفاقة» أى أفقرتهم الحاجة ، وأذهبت أموالهم.

(س) وفي حديث عمار رضى الله عنه «أنه دخل على أم سلمة رضى الله عنها ـ وكان أخاها من الرّضاعة ـ فَاجْتَحَفَ ابنتها زينب من حجرها» أى استلبها. يقال : جَحَفْتُ الكرة من وجه الأرض ، واجْتَحَفْتُهَا.

(جحم) (س) فيه «كان لميمونة رضى الله عنها كلب يقال له مسمار ، فأخذه داء يقال له الجُحَام ، فقالت : وا رحمتا لمسمار» هو داء يأخذ الكلب في رأسه ، فيكوى منه ما بين عينيه. وقد يصيب الإنسان أيضا.

وفيه ذكر «الجَحِيم» في غير موضع ، هو اسم من أسماء جهنم. وأصله ما اشتدّ لهبه من النّيران.

(جحمر) (ه) في حديث عمر رضى الله عنه «إنّى امرأة جُحَيْمِر» هو تصغير جَحْمَرِش بإسقاط الحرف الخامس ، وهى العجوز الكبيرة.

__________________

(١) في الدر النثير : «انسحج : أى انقشر. وهو قريب من الخدش. قاله الفارسى»

٢٤١

(باب الجيم مع الخاء)

(جخجخ) (ه) فيه «إذا أردت العزّ فَجَخْجِخْ في جشم» أى ناد بهم وتحوّل إليهم.

(جَخَ) [ه] في حديث البراء «أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان إذا سجد جَخَ» أى فتح عضديه عن جنبيه ، وجافاهما عنهما. ويروى جخّى بالياء ، وهو الأشهر ، وسيرد في موضعه.

(جخر) (ه) في صفة عين الدّجال «ليس بناتئة ولا جَخْرَاء» قال الأزهرى : الجَخْرَاء : الضّيّقة التى لها غمص ورمص. ومنه قيل للمرأة جخراء ، إذا لم تكن نظيفة المكان. ويروى بالحاء المهملة. وقد تقدم.

(جخف) ـ في حديث ابن عباس رضى الله عنهما «فالتفت إلىّ ـ يعنى الفاروق رضى الله عنه ـ فقال : جَخْفاً جخفا» أى فخرا فخرا ، وشرفا شرفا. ويروى جفخا ، بتقديم الفاء ، على القلب.

(ه) وفي حديث ابن عمر رضى الله عنهما «أنه نام وهو جالس حتى سمعت جَخِيفَه ، ثم صلّى ولم يتوضأ» الجَخِيف : الصّوت من الجوف ، وهو أشدّ من الغطيط.

(جخا) (ه) فيه «كان إذا سجد جَخَّى» أى فتح عضديه وجافاهما عن جنبيه ، ورفع بطنه عن الأرض ، وهو مثل جخّ. وقد تقدم.

(ه) وفي حديث حذيفة رضى الله عنه «كالكوز مُجَخِّياً» المُجَخِّي : المائل عن الاستقامة والاعتدال ، فشبّه القلب الذى لا يعى خيرا بالكوز المائل الذى لا يثبت فيه شىء.

(باب الجيم مع الدال)

(جدب) (س) فيه «وكانت فيها أَجَادِب أمسكت الماء» الأَجَادِب : صلاب الأرض الّتى تمسك الماء فلا تشربه سريعا. وقيل هى الأرض التى لا نبات بها ، مأخوذ من الجَدْب ، وهو

٢٤٢

القحط ، كأنه جمع أَجْدُب ، وأَجْدُب ، جمع جَدْب ، مثل كلب وأكلب وأكالب. قال الخطابى : أمّا أَجَادِب فهو غلط وتصحيف ، وكأنه يريد أن اللفظة أجارد ، بالراء والدال ، وكذلك ذكره أهل اللغة والغريب. قال : وقد روى أحادب ، بالحاء المهملة. قلت : والذى جاء في الرواية أجادب بالجيم ، وكذلك جاء في صحيحى البخارى ومسلم.

وفي حديث الاستسقاء «هلكت الأموال وأَجْدَبَتِ البلاد» أى قحطت وغلت الأسعار. وقد تكرر ذكر الجدب في الحديث.

(ه) وفي حديث عمر رضى الله عنه «أنه جَدَبَ السّمر بعد العشاء» أى ذمّه وعابه. وكل عائب جَادِب (١)

(جدث) ـ في حديث عليّ رضى الله عنه «في جَدَثٍ ينقطع في ظلمته آثارها» الجَدَث : القبر ، ويجمع على أَجْدَاث.

ومنه الحديث «نبوّئهم أَجْدَاثَهُمْ» أى ننزلهم قبورهم. وقد تكرر في الحديث.

(جدح) (س) فيه «انزل فَاجْدَح لنا» الجَدَح : أن يحرّك السّويق بالماء ويخوّض حتى يستوى. وكذلك اللّبن ونحوه ، والمِجْدَح : عود مجنّح الرأس تساط به الأشربة ، وربّما يكون له ثلاث شعب.

ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «جَدَحُوا بينى وبينهم شربا وبيئا» أى خلطوا.

[ه] وفي حديث عمر رضى الله عنه «لقد استسقيت بِمَجَادِيح السماء» المَجَادِيح : واحدها مِجْدَح ، والياء زائدة للإشباع ، والقياس أن يكون واحدها مِجْدَاح ، فأمّا مِجْدَح فجمعه مَجَادِح. والمِجْدَح : نجم من النجوم. وقيل هو الدّبران. وقيل هو ثلاثة كواكب كالأثافى ؛ تشبيها بالمجدح الذى له ثلاث شعب ، وهو عند العرب من الأنواء الدّالّة على المطر ، فجعل الاستغفار مشبّها بالأنواء ، مخاطبة لهم بما يعرفونه ، لا قولا بالأنواء. وجاء بلفظ الجمع لأنه أراد الأنواء جميعها التى يزعمون أنّ من شأنها المطر.

__________________

(١) أنشد الهروى لذى الرمة :

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ

فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى

برفقٍ مجيباً (ما سألتَ يَهُونُ)

أى لم يجد مقالا ، فهو يتعلل بالشىء القليل ، وليس بعيب.

٢٤٣

(جدجد) (ه) فيه «فأتينا على جُدْجُد متدمّن» الجُدْجُد بالضم : البئر الكثيرة الماء. قال أبو عبيد : إنما هو الجدّ ، وهو البئر الجيّدة الموضع من الكلأ.

(ه) وفي حديث عطاء «الجُدْجُد يموت في الوضوء قال : لا بأس به». هو حيوان كالجراد يصوّت في الليل. قيل : هو الصّرصر.

(جدد) ـ في حديث الدعاء «تبارك اسمك وتعالى جَدُّكَ» أى علا جلالك وعظمتك. والجَدّ : الحظّ والسّعادة والغنى.

(ه) ومنه الحديث «ولا ينفع ذا الجَدّ منك الجدّ» أى لا ينفع ذا الغنى منك غناه ، وإنّما ينفعه الإيمان والطاعة.

[ه] ومنه حديث القيامة «وإذا أصحاب الجَدّ محبوسون» أى ذوو الحظّ والغنى.

(ه) وحديث أنس رضى الله عنه «كان الرجل إذا قرأ سورة البقرة وآل عمران جَدَّ فينا» أى عظم قدره وصار ذا جدّ.

وفي الحديث «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا جَدَّ في السّير جمع بين الصّلاتين» أى إذا اهتمّ به وأسرع فيه. يقال جَدَّ يَجُدُّ ويَجِدُّ ، بالضم والكسر. وجَدَّ به الأمر وأَجَدّ. وجَدَّ فيه وأَجَدَّ : إذا اجتهد.

ومنه حديث أحد «لئن أشهدنى الله معى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قتال المشركين ليرينّ الله ما أُجِدُّ» أى ما أجتهد.

(ه) وفيه «أنه نهى عن جَدَادِ الليل» الجَدَاد بالفتح والكسر : صرام النخل ، وهو قطع ثمرتها. يقال جَدَّ الثّمرة يَجُدُّهَا جَدّاً. وإنّما نهى عن ذلك لأجل المساكين حتى يحضروا في النهار فيتصدّق عليهم منه (١).

ومنه الحديث «أنه أوصى بِجَادّ مائة وسق للأشعريّين ، وبجادّ مائة وسق للشّيبيّين» الجَادّ : بمعنى المَجْدُود : أى نخل يجدّ منه ما يبلغ مائة وسق.

__________________

(١) زاد الهروى : لقوله تعالى (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ)

٢٤٤

(ه) ومنه حديث أبى بكر رضى الله عنه «قال لعائشة رضى الله عنها : إنّى كنت نحلتك جَادّ عشرين وسقا».

والحديث الآخر «من ربط فرسا فله جَادّ مائة وخمسين وسقا» كان هذا في أوّل الإسلام لعزّة الخيل وقلتها عندهم.

(س) وفيه «لا يأخذنّ أحدكم متاع أخيه لاعبا جَادّاً» أى لا يأخذه على سبيل الهزل ، ثم يحبسه فيصير ذلك جدّا. والجِدّ بكسر الجيم : ضدّ الهزل. يقال : جَدَّ يَجِدُّ جِدّاً.

ومنه حديث قس.

أَجِدَّكُمَا لا تقضيان كراكما

أى أبِجِدٍّ منكما ، وهو منصوب على المصدر.

(س) وفي حديث الأضاحى «لا يضحّى بِجَدَّاء» الجَدَّاء : ما لا لبن لها من كل حلوبة ، لآفة أيبست ضرعها. وتَجَدَّدَ الضّرع : ذهب لبنه. والجَدَّاء من النساء : الصغيرة الثدى.

(س) ومنه حديث عليّ رضى الله عنه في صفة امرأة «قال : إنها جَدَّاء» أى صغيرة الثّديين.

(س) وفي حديث أبى سفيان «جُدَّ ثديا أمّك» أى قطعا ، من الجَدّ : القطع ، وهو دعاء عليه.

(ه) وفي حديث ابن عمر رضى الله عنهما «كان لا يبالى أن يصلى في المكان الجَدَد» أى المستوى من الأرض.

ومنه حديث أسر عقبة بن أبى معيط «فوحل به فرسه في جَدَد من الأرض».

(ه) وفي حديث ابن سيرين «كان يختار الصلاة على الجُدّ إن قدر عليه» الجُدّ بالضم : شاطىء النّهر. والجُدَّة أيضا. وبه سمّيت المدينة التى عند مكة : جُدَّة.

(س) وفي حديث عبد الله بن سلام رضى الله عنه «وإذا جَوَادّ منهج عن يمينى» الجَوَادّ : الطّرق ، واحدها جَادَّة ، وهى سواء الطريق ووسطه. وقيل هى الطّريق الأعظم التى تجمع الطّرق ولا بدّ من المرور عليها.

٢٤٥

(س) وفيه «ما على جَدِيد الأرض» أى وجهها.

(س) وفي قصّة حنين «كإمرار الحديد على الطّست الجَدِيد» وصف الطّست وهى مؤنثة ، بالجديد وهو مذكر ، إمّا لأنّ تأنيثها غير حقيقى فأوّله على الإناء والظرف ، أو لأن فعيلا يوصف به المؤنث بلا علامة تأنيث ، كما يوصف به المذكّر ، نحو امرأة قتيل ، وكف خضيب. وكقوله تعالى (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).

(جدر) (س) في حديث الزبير رضى الله عنه «أنّ النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال له : احبس الماء حتى يبلغ الجَدْر» هو هاهنا المسنّاة. وهو ما رفع حول المزرعة كالجِدَار. وقيل هو لغة في الجِدَار. وقيل هو أصل الجدار. وروى الجُدُر بالضم ، جمع جِدَار. ويروى بالذال. وسيجىء.

ومنه قوله لعائشة رضى الله عنها «أخاف أن يدخل قلوبهم أن أدخل الجَدْر في البيت» يريد الحجر ، لما فيه من أصول حائط البيت.

وفيه «الكمأة جُدَرِيّ الأرض» شبّهها بالجدرى ، وهو الحبّ الذى يظهر في جسد الصّبى لظهورها من بطن الأرض ، كما يظهر الجدرى من باطن الجلد ، وأراد به ذمّها.

(س) ومنه حديث مسروق «أتينا عبد الله في مُجَدَّرِين ومحصّبين» أى جماعة أصابهم الجُدَرِيّ والحصبة : شبه الجدرى تظهر في جلد الصّغير.

وفيه ذكر «ذى الجَدْر» بفتح الجيم وسكون الدال : مسرح على ستّة أميال من المدينة كانت فيه لقاح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما أغير عليها.

(جدس) (ه) في حديث معاذ رضى الله عنه «من كانت له أرض جَادِسَة» هى الأرض التى لم تعمر ولم تحرث ، وجمعها جَوَادِس.

(جدع) (س) فيه «نهى أن يضحّى بِجَدْعَاء» الجَدْع : قطع الأنف ، والأذن ـ والشّفة ، وهو بالأنف أخصّ ، فإذا أطلق غلب عليه. يقال : رجل أَجْدَع ومَجْدُوع ، إذا كان مقطوع الأنف.

٢٤٦

ومنه حديث المولود على الفطرة «هل تحسّون فيها من جَدْعَاء» أى مقطوعة الأطراف ، أو واحدها. ومعنى الحديث : أن المولود يولد على نوع من الجبلّة ، وهى فطرة الله تعالى وكونه متهيّئا لقبول الحق طبعا وطوعا ، لو خلّته شياطين الإنس والجنّ وما يختار لم يختر غيرها ، فضرب لذلك الجمعاء والجدعاء مثلا. يعنى أن البهيمة تولد مجتمعة الخلق ، سويّة الأطراف ، سليمة من الجدع ، لو لا تعرّض الناس إليها لبقيت كما ولدت سليمة.

ومنه الحديث «أنه خطب على ناقته الجَدْعَاء» هى المقطوعة الأذن ، وقيل لم تكن ناقته مقطوعة الأذن ، وإنما كان هذا اسما لها.

(س) والحديث الآخر «اسمعوا وأطيعوا وإن أمّر عليكم عبد حبشىّ مُجَدَّع الأطراف» أى مقطّع الأعضاء. والتّشديد للتكثير.

وفي حديث الصديق رضى الله عنه «قال لابنه يا غنثر فَجَدَّعَ وسبّ» أى خاصمه وذمّه. والمُجَادَعَة : المخاصمة.

(جدف) ـ فيه «لا تُجَدِّفُوا بنعم الله» أى تكفروها وتستقلّوها. يقال منه جَدَّفَ يُجَدِّفُ تَجْدِيفاً.

(ه) ومنه حديث كعب «شرّ الحديث التَّجْدِيف» أى كفر النّعمة واستقلال العطاء.

(ه) وفي حديث عمر رضى الله عنه «أنه سأل رجلا استهوته الجنّ ، فقال : ما كان طعامهم؟ قال : الفول وما (لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ). قال : فما كان شرابهم؟ قال : الجَدَف» الجَدَف بالتّحريك : نبات يكون باليمن لا يحتاج آكله معه إلى شرب ماء. وقيل : هو كلّ ما لا يغطّى من الشّراب وغيره وقال القتيبى : أصله من الجدف : القطع ، أراد ما يرمى به عن الشراب من زبد أو رغوة أو قذى ، كأنه قطع من الشّراب فرمى به ، هكذا حكاه الهروى عنه. والذى جاء في صحاح الجوهرى : أن القطع هو الجذف ، بالذال المعجمة ، ولم يذكره في الدال المهملة ، وأثبته الأزهرى فيهما.

(جدل) ـ فيه «ما أوتى قوم الجَدَل إلا ضلّوا» الجَدَل : مقابلة الحجّة بالحجّة. والمُجَادَلَة :

٢٤٧

المناظرة والمخاصمة. والمراد به في الحديث الجدل على الباطل ، وطلب المغالبة به. فأما الجدل لإظهار الحقّ فإنّ ذلك محمود ، لقوله تعالى (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).

(ه) وفيه «أنا خاتم النبيين في أمّ الكتاب ، وإنّ آدم لَمُنْجَدِل في طينته» أى ملقى على على الجَدَالَة ، وهى الأرض.

(ه) ومنه حديث ابن صيّاد «وهو مُنْجَدِل في الشّمس».

(ه) وحديث عليّ «حين وقف على طلحة رضى الله عنهما فقال ـ وهو قتيل ـ أعزز عليّ أبا محمّد أن أراك مُجَدَّلاً تحت نجوم السماء» أى مرميّا ملقى على الأرض قتيلا.

(س) ومنه حديث معاوية «أنه قال لصعصعة : ما مرّ عليك جَدَّلْتَهُ» أى رميته وصرعته.

(ه) وفي حديث عائشة رضى الله عنها «العقيقة تقطع جُدُولاً لا يكسر لها عظم» الجُدُول جمع جِدْل ، بالكسر والفتح ، وهو العضو.

(س) وفي حديث عمر رضى الله عنه «أنه كتب في العبد إذا غزا على جَدِيلَتِهِ لا ينتفع مولاه بشىء من خدمته : فأسهم له» الجَدِيلَة : الحالة الأولى. يقال : القوم على جديلة أمرهم : أى على حالتهم الأولى. وركب جَدِيلَةَ رأيه : أى عزيمته. والجَدِيلَة : الناحية ، أراد أنه إذا غزا منفردا عن مولاه غير مشغول بخدمته عن الغزو.

ومنه قول مجاهد في تفسير قوله تعالى (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) قال «على جَدِيلَتِهِ» : أى طريقته وناحيته. قال شمر : ما رأيت تصحيفا أشبه بالصّواب ممّا قرأ مالك بن سليمان ، فإنه صحّف قوله على جديلته فقال : على حدّ يليه.

وفي حديث البراء رضى الله عنه في قوله تعالى (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) قال : جَدْوَلاً ، وهو النّهر الصغير.

(جدا) (ه) فيه «أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بِجَدَايَا وضغابيس» هى جمع جَدَايَة ، وهى من أولاد الظّباء ما بلغ ستّة أشهر أو سبعة ، ذكرا كان أو أنثى ، بمنزلة الجدى من المعز.

٢٤٨

ومنه الحديث الآخر «فجاءه بِجَدْي وجَدَايَة».

[ه] وفي حديث الاستسقاء «اللهم اسقنا جَداً طبقا» الجَدَا : المطر العامّ. ومنه أُخِذَ جَدَا العطيّة والجَدْوَى.

(س) ومنه «شعر خفاف بن ندبة السّلمى يمدح الصدّيق رضى الله عنه :

ليس لشىء غير تقوى جَدَا

وكلّ خلق عمره للفنا

هو من أَجْدَى عليه يُجْدِي إذا أعطاه.

(س) ومنه حديث زيد بن ثابت رضى الله عنه «أنه كتب إلى معاوية يستعطفه لأهل المدينة ويشكو إليه انقطاع أعطيتهم والميرة عنهم ، وقال فيه : وقد عرفوا أنه ليس عند مروان مال يجادونه عليه» يقال جَدَا ، واجْتَدَى ، واسْتَجْدَى ، إذا سأل وطلب. والمُجَادَاة مفاعلة منه : أى ليس عنده مال يسألونه عليه.

[ه] وفي حديث سعد رضى الله عنه «قال : رميت يوم بدر سهيل بن عمرو فقطعت نساه ، فانثعبت جَدِيَّة الدم» الجَدِيَّة : أوّل دفعة من الدّم. ورواه الزمخشرى فقال : فانبعثت جَدِيَّة الدم ، أى سالت. وروى فاتّبعت جَدِيَّة الدم. قيل هى الطّريقة من الدم تتّبع ليقتفي أثرها.

(س) وفي حديث مروان «أنه رمى طلحة بن عبيد الله يوم الجمل بسهم فشكّ فخذه إلى جَدْيَة السّرج» الجَدْيَة بسكون الدال (١) : شىء يحشى ثم يربط تحت دفّتى السّرج والرّحل ، ويجمع على جَدَيَات وجَدًى بالكسر (٢).

ومنه حديث أبى أيوب «أتى بدابّة سرجها نمور» فنزع الصّفة يعنى الميثرة ، فقيل : الجَدَيَات نمور ، فقال : إنما ينهى عن الصّفّة».

(باب الجيم مع الذال)

(جذب) (س) فيه «أنه عليه‌السلام كان يحبّ الجَذَب» الجَذَب بالتحريك : الجمّار ، وهو شحم النّخل ، واحدتها جَذَبَة.

__________________

(١) وبكسرها مع تشديد الياء ، كما في القاموس.

(٢) في صحاح الجوهرى بالفتح ، وحكاه عنه في اللسان.

٢٤٩

(جذذ) ـ فيه «أنه قال يوم حنين : جُذُّوهُم جَذّاً» الجَذُّ : القطع : أى استأصلوهم قتلا.

ومنه حديث مازن «فثُرتُ إلى الصّنم فكسرتُه أَجْذَاذاً» أى قطعا وكسرا ، واحدها جَذٌّ.

ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «أصول بيد جَذَّاء» أى مقطوعة ، كنى به عن قصور أصحابه وتقاعدهم عن الغزو ، فإنّ الجند للأمير كاليد ، ويروى بالحاء المهملة.

(ه) وفي حديث أنس «أنه كان يأكل جَذِيذَة قبل أن يغدو في حاجته» أراد شربة من سويق أو نحو ذلك ، سمّيت به لأنها تُجَذُّ : أى تُدَقُّ وتُطْحَنُ.

(ه) ومنه حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «أنه أمر نوفا البِكاليّ أن يأخذ من مِزْوَدِهِ جَذِيذاً». وحديثه الآخر «رأيت عليّا رضى الله عنه يشرب جَذِيذاً حين أفطر».

(جذر) (س) في حديث الزبير رضى الله عنه : «احبس الماء حتّى يبلغ الجَذْرُ» يريد مبلغ تمام الشّرب ، من جَذْرِ الحساب ، وهو بالفتح والكسر : أصل كلّ شىء. وقيل أراد أصل الحائط. والمحفوظ بالدال المهملة. وقد تقدم.

(ه) ومنه حديث حذيفة «نزلت الأمانة في جَذْرِ قلوب الرّجال» أى في أصلها.

(س) وحديث عائشة رضى الله عنها «سألته عن الجَذْرِ قال : هو الشّاذَرْوَان الفارغ من البناء حول الكعبة».

(جذع) (س) في حديث المبعث «أنّ ورقة بن نوفل قال : يا ليتنى فيها جَذَعاً» الضّمير في فيها للنّبوّة : أى يا ليتنى كنت شابّا عند ظهورها ، حتى أبالغ في نصرتها وحمايتها. وجَذَعاً منصوب على الحال من الضّمير في فيها ؛ تقديره ليتنى مستقرّ فيها جَذَعاً : أى شابّا. وقيل هو منصوب بإضمار كان ، وضعّف ذلك ؛ لأن كان النّاقصة لا تضمر إلا إذا كان في الكلام لفظ ظاهر يقتضيها ، كقولهم : إن خيرا فخير ، وإن شرّا فشرّ ؛ لأنّ إن تقتضى الفعل بشرطيّتها. وأصل الجَذَعِ من أسنان الدّوابّ ، وهو ما كان منها شابّا فتيّا ، فهو من الإبل ما دخل في السّنة الخامسة ، ومن البقر والمعز ما دخل في السّنة الثّانية ، وقيل البقر في الثالثة ، ومن الضأن ما تمّت له سنة ، وقيل أقل منها. ومنهم من يخالف بعض هذا في التّقدير.

٢٥٠

(ه س) ومنه حديث الضّحيّة «ضحّينا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالجَذَعِ من الضّأن ، والثّنيّ من المعز» وقد تكرر الجَذَعُ في الحديث.

(جذعم) (ه) في حديث عليّ رضى الله عنه «أسلم أبو بكر وأنا جَذْعَمَةُ» وفي رواية «أسلمت وأنا جَذْعَمَةُ» أراد وأنا جَذَعٌ : أى حديث السّنّ ، فزاد في آخره ميما توكيدا ، كما قالوا زرقم وستهم (١) ، والهاء للمبالغة.

(جذل) (ه) فيه «يبصر أحدكم القذى في عين أخيه ، ولا يبصر الجِذْلُ في عينه» الجِذْلُ بالكسر والفتح : أصل الشّجرة يقطع ، وقد يجعل العود جِذْلاً.

ومنه حديث التّوبة «ثم مرّت بِجِذْلِ شجرة فتعلّق به زمامها».

وحديث سفينة «أنه أشاط دم جزور بِجِذْلٍ» أى بعود.

(ه) وحديث السقيفة «أنا جُذَيْلُهَا المِحَكَّك» هو تصغير جِذْلٍ ، وهو العود الذى ينصب للإبل الجربى لتحتكّ به ، وهو تصغير تعظيم : أى أنا ممّن يستشفي برأيه كما تستشفي الإبل الجربى بالاحتكاك بهذا العود.

(جذم) ـ فيه «من تعلّم القرآن ثم نسيه لقى الله يوم القيامة وهو أَجْذَمُ» أى مقطوع اليد ، من الجَذْمِ : القطع.

(ه) ومنه حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «من نكث بيعته لقى الله وهو أَجْذَمُ ليست له يد» قال القتيبى : الأَجْذَمُ هاهنا الذى ذهبت أعضاؤه كلّها ، وليست اليد أولى بالعقوبة من باقى الأعضاء. يقال : رجل أَجْذَمُ ومَجْذُومٌ إذا تهافتت أطرافه من الجُذَام ، وهو الدّاء المعروف. قال الجوهرى : لا يقال للمَجْذُوم أَجْذَم. وقال ابن الأنبارى ردّا على ابن قتيبة : لو كان العقاب لا يقع إلّا بالجارحة الّتى باشرت المعصية لما عوقب الزّانى بالجلد والرّجم في الدّنيا ، وبالنّار في الآخرة. وقال ابن الأنبارى : معنى الحديث أنه لقي الله وهو أَجْذَمُ الحجّة ، لا لسان له يتكلّم ، ولا حجّة في يده. وقول عليّ رضى الله عنه : ليست له يد : أى لا حجّة له. وقيل معناه لقيه منقطع السّبب ، يدلّ عليه قوله : القرآن سبب بيد الله وسبب بأيديكم ، فمن نسيه فقد قطع سببه. وقال الخطابى : معنى الحديث ما ذهب إليه ابن الأعرابى ، وهو أن من نسى القرآن لقى الله خالى اليد من الخير صفرها من الثّواب ، فكنى باليد عمّا تحويه وتشتمل عليه من الخير. قلت : وفي تخصيص عليّ بذكر اليد معنى ليس في حديث

__________________

(١) للأزرق ، ولعظيم الاست. (اللسان ـ جذع)

٢٥١

نسيان القرآن ، لأن البيعة تباشرها اليد من بين الأعضاء ، وهو أن يضع المبايع يده في يد الإمام عند عقد البيعة وأخذها عليه.

(س) ومنه الحديث «كل خطبة ليست فيها شهادة فهى كاليد الجَذْمَاء» أى المقطوعة.

ومنه حديث قتادة في قوله تعالى (وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) قال : «انْجَذَمَ أبو سفيان بالعير» أى انقطع بها من الرّكب وسار.

(س) وفي حديث زيد بن ثابت «أنه كتب إلى معاوية : إن أهل المدينة طال عليهم الجَذْمُ والجَذْبُ» أى انقطاع المِيرَة عنهم.

وفيه «أنه قال لمَجْذُوم في وفد ثقيف : ارجع فقد بايعتك» المَجْذُومُ : الذى أصابه الجُذَام ، وهو الدّاء المعروف ، كأنه من جُذِمَ فهو مَجْذُومٌ. وإنّما ردّه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لئلّا ينظر أصحابه إليه فيزدرونه ويرون لأنفسهم عليه فضلا فيدخلهم العجب والزّهو ، أو لئلّا يحزن المَجْذُوم برؤية النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه رضى الله عنهم ، وما فضلوا به عليه ، فيقلّ شكره على بلاء الله تعالى. وقيل لأن الجُذَام من الأمراض المعدية ، وكانت العرب تتطيّر منه وتتجنّبه ، فردّه لذلك ، أو لئلا يعرض لأحدهم جُذَام فيظنّ أن ذلك قد أعداه. ويعضد ذلك : الحديث الآخر «أنه أخذ بيد مَجْذُوم فوضعها مع يده في القصعة ، وقال : كل ثقة بالله وتوكّلا عليه» وإنما فعل ذلك ليعلم النّاس أن شيئا من ذلك لا يكون إلا بتقدير الله تعالى ، وردّ الأوّل لئلا يأثم فيه الناس ، فإنّ يقينهم يقصر عن يقينه.

(س) ومنه الحديث «لا تديموا النّظر إلى المَجْذُومِين» لأنه إذا أدام النّظر إليه حقره ، ورأى لنفسه فضلا وتأذّى به المنظور إليه.

ومنه حديث ابن عباس رضى الله عنه «أربع لا يَجُزْنُ في البيع ولا النّكاح : المجنونة ، والمَجْذُومَة ، والبرصاء ، والعفلاء.

(ه) وفي حديث الأذان «فَعَلَا جِذْم حائط فأذّن» الجِذْمُ : الأصل ، أراد بقيّة حائط أو قطعة من حائط.

(س) ومنه حديث حاطب «لم يكن رجل من قريش إلّا وله جِذْمٌ بمكة» يريد الأهل والعشيرة.

٢٥٢

(ه س) وفيه «أنه أتى بتمر من تمر اليمامة ، فقال : ما هذا؟ فقيل : الجُذَامِيُ ، فقال اللهم بارك في الجُذَامِيُ» قيل هو تمر أحمر اللّون.

(جذا) (ه) فيه «مثل المنافق كالأرزة المُجْذِيَةِ» هى الثّابتة المنتصبة. يقال جَذَتْ تَجْذُو ، وأَجْذَتْ تُجْذِي.

(س) ومنه حديث ابن عباس رضى الله عنهما «فَجَذَا على ركبتيه» أى جثا ، إلّا أنّه بالذّال أدلّ على اللّزوم والثّبوت منه بالثّاء.

ومنه حديث فضالة «دخلت على عبد الملك بن مروان وقد جَذَا منخراه وشخصت عيناه ، فعرفنا فيه الموت» أى انتصب وامتدّ.

(س) وفي حديث ابن عباس رضى الله عنهما «مرّ بقوم يُجْذُونَ حجرا» أى يشيلونه ويرفعونه. ويروى «وهم يَتَجَاذَوْنَ مهراسا» المهراس : الحجر العظيم الذى تمتحن برفعه قوّة الرّجل وشدّته.

(باب الجيم مع الراء)

(جرأ) ـ في حديث ابن الزبير رضى الله عنهما وبناء الكعبة «تركها ، حتى إذا كان الموسم وقدم الناس يريد أن يُجَرِّئَهُمْ على أهل الشّام» هو من الجَرَاءَةِ : الإقدام على الشىء ، أراد أن يزيد في جَرَاءَتِهِمْ عليهم ومطالبتهم بإحراق الكعبة. ويروى بالحاء المهلة والباء ، وسيذكر في موضعه.

ومنه حديث أبى هريرة رضى الله عنه «قال فيه ابن عمر : لكنّه اجْتَرَأَ وجبنّا» يريد أنّه أقدم على الإكثار من الحديث عن النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وجبنّا نحن عنه ، فكثر حديثه وقلّ حديثنا.

ومنه الحديث «وقومه جُرَآءُ عليه» بوزن عُلَمَاء ، جمع جَرِيء : أى متسلّطين عليه غير هائبين له. هكذا رواه وشرحه بعض المتأخرين. والمعروف حرآء ، بالحاء المهملة ، وسيجىء.

(جرب) ـ في حديث قرّة المُزَنِيّ «قال أتيت النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأدخلت يدى في جُرُبَّانِهِ» الجُرُبَّانُ بالضم وتشديد الباء : جيب القميص ، والألف والنّون زائدتان.

٢٥٣

ومنه الحديث «والسّيف في جُرُبَّانِهِ» أى في غمده.

وفيه ذكر «جُرَابٍ» بضم الجيم وتخفيف الرّاء بئر قديمة كانت بمكة.

وفي حديث الحوض «ما بين جنبيه كما بين جَرْبَاء وأذرح» هما قريتان بالشّام بينهما ثلاث ليال ، وكتب لهما النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمانا ، فأمّا جَرْبَة بالهاء ، فقرية بالمغرب لها ذكر في حديث رويفع بن ثابت.

(جرث) ـ في حديث عليّ رضى الله عنه «أنه أباح أكل الجِرِّيثِ» وفي رواية أنه كان ينهى عنه ، هو نوع من السّمك يشبه الحيّات. ويقال له بالفارسية : المارماهى.

(جرثم) (ه) فيه «الأَسْدُ جُرْثُومَةُ العرب ، فمن أضلّ نسبه فليأتهم» الأَسْدُ بسكون السّين : الأزد ، فأبدل الزّاى سينا. والجُرْثُومَةُ : الأصل.

وفي حديث آخر «تميم بُرْثُمَتُهَا وجُرْثَمَتُهَا» الجُرْثُمَةُ : هى الجُرْثُومَةُ ، وجمعها جَرَاثِيم.

[ه] ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «من سرّه أن يَتَقَحَّمَ جَرَاثِيم جهنم فليقض في الجَدّ».

[ه] وفي حديث ابن الزبير «لما أراد هدم الكعبة وبناءها كانت في المسجد جَرَاثِيم» أى كان فيه أماكن مرتفعة عن الأرض مجتمعة من تراب أو طين ، أراد أنّ أرض المسجد لم تكن مستوية.

[ه] وفي حديث خزيمة «وعاد لها النِّقاد مُجْرَنْثِماً» أى مجتمعا منقبضا. والنِّقاد : صغار الغنم. وإنّما تجمّعت من الجَدْب لأنها لم تجد مرعى تنتشر فيه ، وإنّما لم يقل مُجْرَنْثِمَة لأنّ لفظ النِّقاد لفظ الاسم الواحد ، كالجدار والخمار. ويروى مُتَجَرْثِماً ، وهو مُتَفَعْلِلٌ منه ، والتّاء والنّون فيه زائدتان.

(جرج) ـ في مناقب الأنصار «وقُتِلَتْ سَرَوَاتُهُمْ وجُرِجُوا» هكذا رواه بعضهم بجيمين ، من الجَرَجِ : الاضطراب والقلق. يقال جَرِجَ الخاتم إذا جال وقلق ، والمشهور في الرواية جرحوا بالجيم والحاء ، من الجراحة.

٢٥٤

(جرجر) (ه) فيه «الذى يشرب في إناء الذّهب والفضّة إنما يُجَرْجِرُ في بطنه نارَ جهنم» أى يحدر فيها نار جهنم. فجعل الشّرب والجرع جَرْجَرَةً ، وهى صوت وقوع الماء في الجوف. قال الزمخشرى : يروى برفع النار ، والأكثر النّصب ، وهذا القول مجاز ، لأنّ نار جهنم على الحقيقة لا تُجَرْجِرُ في جوفه ، والجَرْجَرَةُ : صوت البعير عند الضّجر ، ولكنّه جعل صوت جرع الإنسان للماء في هذه الأوانى المخصوصة ـ لوقوع النّهى عنها واستحقاق العقاب على استعمالها ـ كجَرْجَرَةِ نار جهنم في بطنه من طريق المجاز ؛ هذا وجه رفع النار. ويكون قد ذكر يُجَرْجِرُ بالياء للفصل بينه وبين النار. فأمّا على النّصب فالشّارب هو الفاعل ، والنّار مفعوله ، يقال جَرْجَرَ فلان الماء إذا جرعه جرعا متواترا له صوت. فالمعنى كأنّما يجرع نار جهنم.

ومنه حديث الحسن «يأتي الحُبَّ فَيَكْتَازُ منه ثم يُجَرْجِرُ قائما» أى يغترف بالكوز من الحبّ ، ثم يشربه وهو قائم.

والحديث الآخر «قوم يقرأون القرآن لا يجاوز جَرَاجِرَهُمْ» أى حُلُوقَهم ، سمّاها جَرَاجِرَ لجَرْجَرَةِ الماء.

(جرجم) (ه) في حديث قتادة ، وذكر قصّة قوم لوط «ثم جَرْجَمَ بعضها على بعض» أى أسقط. والمُجَرْجَمُ : المصروع.

ومنه حديث وهب «قال : قال طالوت لداود عليه‌السلام : أنت رجل جريء ، وفي جبالنا هذه جَرَاجِمَةٌ ) يَحْتَرِبُون النّاس» أى لصوص يَسْتَلِبُون الناس ويَنْهَبُونَهم.

(جرح) ـ فيه «العجماء جَرْحُهَا جُبَار» الجَرْحُ هاهنا بفتح الجيم على المصدر لا غير ، قاله الأزهرى : فأما الجُرْحُ بالضم فهو الاسم.

(ه) ومنه حديث بعض التابعين «كثرت هذه الأحاديث واسْتَجْرَحَتْ» أى فسدت وقلّ صحاحها ، وهو اسْتَفْعَلَ ، من جَرَحَ الشّاهدَ إذا طعن فيه وردّ قوله. أراد أنّ الأحاديث كثرت حتى أحوجت أهل العلم بها إلى جَرْحِ بعض رواتها وردّ روايته.

__________________

(١) في الدر النثير : «وروى بالحاء أوله. وهو تصحيف». وانظر «حرج» فيما يأتى.

٢٥٥

(ه) ومنه قول عبد الملك بن مروان وعظتكم فلم تزدادوا على الموعظة إلا اسْتِجْرَاحاً» أى إلّا ما يُكْسِبُكُم الجَرْح والطّعن عليكم.

(جرد) [ه] في صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنه كان أنور المُتَجَرَّد» أى ما جُرِّدَ عنه الثّياب من جسده وكشف ، يريد أنه كان مشرق الجسد.

وفي صفته أيضا «أنه أَجْرَدُ ذو مسربة» الأَجْرَدُ الذى ليس على بدنه شعر ، ولم يكن كذلك ، وإنّما أراد به أنّ الشّعر كان في أماكن من بدنه ، كالمسربة ، والساعدين ، والسّاقين ، فإنّ ضدّ الأَجْرَدِ الأشعر ، وهو الذى على جميع بدنه شعر.

(س) ومنه الحديث «أهل الجنة جُرْدٌ مُرْدٌ».

(س) وحديث أنس رضى الله عنه «أنه أخرج نعلين جَرْدَاوَيْنِ ، فقال : هاتان نعلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أى لا شعر عليهما.

وفيه «القلوب أربعة : قلب أَجْرَدُ فيه مثل السراج يزهر» أى ليس فيه غلّ ولا غشّ ، فهو على أصل الفطرة ، فنور الإيمان فيه يزهر.

(ه) وفي حديث عمر رضى الله عنه «تَجَرَّدُوا بالحج وإن لم تحرموا» أى تشبّهوا بالحاجّ وإن لم تكونوا حجّاجا. وقيل يقال : تَجَرَّدَ فلان بالحج إذا أفرده ولم يقرن (١) (ه) وفي حديث ابن مسعود رضى الله عنه «جَرِّدُوا القرآن ليربو فيه صغيركم ولا ينأى عنه كبيركم» أى لا تقرنوا به شيئا من الأحاديث ليكون وحده مفردا. وقيل : أراد أن لا يتعلّموا من من كتب الله شيئا سواه. وقيل أراد جَرِّدُوه من النقّط والإعراب وما أشبههما. واللام في ليربو من صلة جَرِّدُوا. والمعنى اجعلوا القرآن لهذا ، وخصّوه به واقصروه عليه دون النّسيان والإعراض عنه ، لينشأ على تعلّمه صغاركم ، ولا يتباعد عن تلاوته وتدبّره كباركم.

(ه) وفي حديث الشّراة «فإذا ظهروا بين النّهرين لم يطاقوا ، ثم يقلّون حتى يكون آخرهم لصوصا جَرَّادِين» أى يعرون الناس ثيابهم وينهبونها.

__________________

(١) في الدر النثير : «قلت : لم يحك ابن الجوزى ، والزمخشرى سواه ، قال في الفائق : أى جيئوا بالحج مجردا مفردا ، وإن لم تقرنوا الإحرام بالعمرة». انظر الفائق (جرد)

٢٥٦

(س) ومنه حديث الحجاج «قال لأنس : لَأُجَرِّدَنَّك كما يُجَرَّدُ الضّبّ» أى لأسلخنك سلخ الضّبّ ؛ لأنه إذا شوى جُرِّدَ من جلده. وروى «لَأَجْرُدَنَّكَ» بتخفيف الرّاء. والجَرْدُ : أخذ الشىء عن الشّىء جرفا وعسفا. ومنه سمّي الجَارُود ، وهى السّنة الشّديدة المحل ؛ كأنّها تهلك النّاس.

(س) ومنه الحديث «وبها سرحة سُرَّ تحتها سبعون نبيّا لم تعبل ولم تُجَرَّدْ» أى لم تصبها آفة تهلك ثمرتها ولا ورقها. وقيل هو من قولهم جُرِدَتِ الأرض فهى مَجْرُودَة : إذا أكلها الجَرَاد.

(س) وفي حديث أبى بكر رضى الله عنه «ليس عندنا من مال المسلمين إلّا جَرْدُ هذه القطيفة» أى التى انْجَرَدَ خملها وخلقت.

(س) ومنه حديث عائشة رضى الله عنها «قالت لها امرأة : رأيت أمّى في المنام وفي يدها شحمة ، وعلى فرجها جُرَيْدَةٌ» تصغير جَرْدَةٍ ، وهى الخرقة البالية.

(ه) وفي حديث عمر رضى الله عنه «إئتنى بجَرِيدَةٍ» الجَرِيدة : السّعفة ، وجمعها جَرِيد.

(ه) ومنه الحديث «كتب القرآن في جَرَائِد» جمع جَرِيدة.

وفي حديث أبى موسى رضى الله عنه «وكانت فيها أَجَارِدُ أمسكت الماء» أى مواضع مُنْجَرِدَةٌ من النّبات. يقال : مكان أَجْرَدُ وأرض جَرْدَاء.

(ه) ومنه الحديث «تفتح الأرياف فيخرج إليها الناس ، ثم يبعثون إلى أهاليهم : إنكم في أرض جَرَدِيَّةٍ» قيل هى منسوبة إلى الجَرَدِ ـ بالتّحريك ـ وهى كل أرض لا نبات بها.

(س) وفي حديث ابن أبى حدرة «فرميته على جُرَيْدَاء متنه» أى وسطه ، وهو موضع القفا المُتَجَرِّدُ عن اللحم ، تصغير الجَرْدَاء.

(س) وفي قصة أبى رغال «فغنّته الجَرَادَتَان» هما مغنّيتان كانتا بمكة في الزّمن الأوّل مشهورتان بحسن الصّوت والغناء.

(جرذ) (س) في الحديث ذكر «أمّ جُرْذَان» هو نوع من التّمر كبار. قيل : إنّ

٢٥٧

نخله يجتمع تحته الفأر ، وهو الذى يسمّى بالكوفة الموشان ، يعنون الفار بالفارسيّة. والجُرْذَان جمع جُرَذ : وهو الذّكر الكبير من الفأر.

(جرر) ـ فيه «قال يا محمّد بم أخذتنى؟ قال : بجَرِيرَة حلفائك» الجَرِيرَة : الجناية والذّنب ، وذلك أنه كان بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبين ثقيف موادعة ، فلما نقضوها ولم ينكر عليهم بنو عقيل ، وكانوا معهم في العهد ، صاروا مثلهم في نقض العهد ، فأخذه بجَرِيرَتِهم. وقيل معناه أخذت لتدفع بك جَرِيرة حلفائك من ثقيف ، ويدل عليه أنه فدى بعد بالرجلين اللّذين أسرتهما ثقيف من المسلمين.

(ه) ومنه حديث لقيط «ثم بايعه على أن لا يَجُرَّ عليه إلّا نفسه» أى لا يؤخذ بجَرِيرَة غيره من ولد أو والد أو عشيرة.

(ه) والحديث الآخر «لا تُجَارِّ أخاك ولا تشارِّه» أى لا تجنِ عليه وتلحق به جَرِيرَة ، وقيل معناه لا تماطله ، من الجَرِّ وهو أن تلويه بحقّه وتَجُرَّهُ من محلّه إلى وقت آخر. ويروى بتخفيف الراء ، من الجرى والمسابقة : أى لا تطاوله ولا تغالبه.

(س) ومنه حديث عبد الله «قال طعنت مسيلمة ومشى في الرمح ، فنادانى رجل : أن أَجْرِرْهُ الرّمح ، فلم أفهم. فنادانى : ألق الرمح من يديك» أى اترك الرمح فيه. يقال أَجْرَرْتُهُ الرمح إذا طعنته به فمشى وهو يَجُرُّه ، كأنك أنت جعلته يَجُرُّهُ.

(س) ومنه الحديث «أَجِرَّ لي سراويلي» قال الأزهرى : هو من أَجْرَرْتُهُ رسنه : أى دع السّراويل علىّ أَجُرُّهُ. والحديث الأوّل أظهر فيه الإدغام على لغة أهل الحجاز ، وهذا أدغم على لغة غيرهم. ويجوز أن يكون لمّا سلبه ثيابه وأراد أن يأخذ سراويله قال : أَجِر لي سراويلي ، من الإجارة ، أى أبقه علىّ ، فيكون من غير هذا الباب.

(ه) ومنه الحديث «لا صدقة في الإبل الجَارَّة» أى التى تَجُرُّ بأزمّتها وتقاد ، فاعلة بمعنى مفعولة ، كأرض غامرة : أى مغمورة بالماء ، أراد ليس في الإبل العوامل صدقة.

(ه) ومنه حديث ابن عمر رضى الله عنهما «أنه شهد الفتح ومعه فرس حرون وجمل جَرُور» هو الذى لا ينقاد ، فعول بمعنى مفعول.

وفيه «لو لا أن يغلبكم الناس عليها ـ يعنى زمزم ـ لنزعت معكم حتّى يؤثّر الجَرِير

٢٥٨

بظهرى» الجَرِير : حبل من أدم نحو الزّمام ، ويطلق على غيره من الحبال المضفورة.

ومنه الحديث «ما من عبد ينام بالليل إلّا على رأسه جَرِير معقود».

(س) والحديث الآخر «أنه قال له نُقَادة الأسدي : إنّي رجل مُغْفِل فأين أَسِمُ؟ قال : في موضع الجَرِير من السّالفة» أى في مقدّم صفحة العنق. والمغفل الذى لا وسم على إبله.

(س) والحديث الآخر «أنّ الصحابة نازعوا جَرِير بن عبد الله رضى الله عنهم زمامه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : خلّوا بين جَرِير والجَرِير» أى دعوا له زمامه.

(ه) وحديث ابن عمر رضى الله عنهما «من أصبح على غير وتر أصبح وعلى رأسه جَرِير سبعون ذراعا».

(س) والحديث الآخر «أن رجلا كان يَجُرُّ الجَرِير فأصاب صاعين من تمر ، فتصدقّ بأحدهما» يريد أنه كان يستقى الماء بالحبل.

وفيه «هلمّ جَرّاً» قد جاءت في غير موضع ، ومعناها استدامة الأمر واتّصاله. يقال كان ذلك عام كذا وهلمّ جَرّاً إلى اليوم ، وأصله من الجَرِّ : السّحب. وانتصب جَرّاً على المصدر أو الحال.

(ه) وفي حديث عائشة رضى الله عنها «قالت : نصبت على باب حجرتى عباءة ، وعلى مَجَرِّ بيتى سترا» المَجَرُّ هو الموضع المعترض في البيت الذى توضع عليه أطراف العوارض ، ويسمّى الجائز.

(س) وفي حديث ابن عباس رضى الله عنهما «المَجَرَّةُ باب السماء» المَجَرَّةُ : هى البياض المعترض في السماء ، والنّسران من جانبيها.

وفيه «أنه خطب على ناقته وهى تقصع بجِرَّتِهَا» الجِرَّة : ما يخرجه البعير من بطنه ليمضغه ثم يبلعه. يقال : اجْتَرَّ البعير يَجْتَرُّ. والقصع : شدّة المضغ.

ومنه حديث أم معبد «فضرب ظهر الشّاة فاجْتَرَّتْ ودَرَّت».

ومنه حديث عمر رضى الله عنه «لا يصلح هذا الأمر إلا لمن لا يحنق على جِرَّتِهِ» أى لا يحقد على رعيّته. فضرب الجِرَّة لذلك مثلا.

(ه) وفي حديث الشُّبْرُم «أنه حارّ جَارٌّ» : جَارٌّ إتباع لحارّ ، ومنهم من يرويه بارّ ، وهو إتباع أيضا.

٢٥٩

وفي حديث الأشربة «أنه نهى عن نبيذ الجَرِّ ، وفي رواية ، نبيذ الجِرَار» الجَرُّ والجِرَار : جمع جَرَّةٌ ، وهو الإناء المعروف من الفخّار ، وأراد بالنّهى عن الجِرَار المدهونة ؛ لأنها أسرع في الشّدّة والتّخمير.

[ه] وفي حديث عبد الرحمن «رأيته يوم أحد عند جَرِّ الجبل» أى أسفله.

(ه س) وفي حديث ابن عباس رضى الله عنهما «أنه سئل عن أكل الجِرِّيِ ، فقال : إنما هو شيء تحرّمه اليهود» الجِرِّيُ : بالكسر والتشديد : نوع من السّمك يشبه الحيّة ، ويسمّى بالفارسية : مارماهى.

ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «أنه كان ينهى عن أكل الجِرِّيِ والجرّيث».

وفيه «أن امرأة دخلت النار من جَرَّا هرّة» أى من أجلها.

(جرز) ـ فيه «أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بينا هو يسير أتى على أرض جُرُزٍ مجدبة مثل الأيّم» الجُرُزُ : الأرض التى لا نبات بها ولا ماء.

ومنه حديث الحجاج ، وذكر الأرض ، ثم قال : «لتوجدنّ جُرُزاً لا يبقى عليها من الحيوان أحد».

(جرس) ـ فيه «جَرَسَتْ نحلُهُ العرفطَ» أى أكلتْ. يقال للنّحل : الجَوَارِس. والجَرْسُ في الأصل : الصّوت الخفىّ. والعرفط شجر.

(س) ومنه الحديث «فيسمعون صوت جَرْسِ طير الجنّة» أى صوت أكلها ، قال الأصمعى : كنت في مجلس شعبة ، فقال : يسمعون صوت جرش طير الجنة ، بالشين ، فقلت : جَرْسُ ، فنظر إلىّ وقال : خذوها عنه فإنه أعلم بهذا منّا.

(س) ومنه الحديث «فأقبل القوم يَدِبّون ويخفون الجَرْسَ» أى الصّوت.

(س) وفي حديث سعيد بن جبير ، في صفة الصّلصال ، قال : «أرض خصبة جَرِسَةٌ» الجَرِسَةُ : الّتى تصوّت إذا حركت وقلبت.

(ه) وفي حديث ناقة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم «وكانت ناقة مُجَرَّسَة» أى مجرّبة مدرّبة

٢٦٠