النّهاية - ج ١

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ١

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٧٢

ومنه حديث عائشة رضى الله عنها «كان النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم وبحمدك ، يَتَأَوَّلُ القرآنَ» تعنى أنه مأخوذ من قول الله تعالى «فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ».

ومنه حديث الزهرى «قال قلت لعروة : ما بال عائشة رضى الله عنها تُشِمُّ في السفر ـ يعنى الصلاة ـ قال : تَأَوَّلَتْ كما تَأَوَّلَ عثمانُ» أراد بتأويل عثمان ما روى عنه أنه أتمّ الصلاة بمكة في الحج ، وذلك أنه نوى الإقامة بها.

[ه] وفيه «من صام الدهر فلا صام ولا آلَ» أى لا رجع إلى خير ، والأَوْل : الرجوع.

ومنه حديث خزيمة السلمى «حتى آلَ السّلامى» أى رجع إليه المخّ.

(ه) وفيه «لا تحل الصدقة لمحمد وآلِ محمّدٍ» قد اختلف في آلِ النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : فالأكثر على أنهم أهل بيته. قال الشافعى رضى الله عنه : دل هذا الحديث أن آلَ محمّد هم الذين حرمت عليهم الصدقة وعوّضوا منها الخمس ، وهم صليبة بنى هاشم وبنى المطلب. وقيل آلُهُ أصحابه ومن آمن به. وهو في اللغة يقع على الجميع.

(ه) ومنه الحديث «لقد أعطي مزمارا من مزامير آل داود» أراد من مزامير داود نفسه ، والآل صلة زائدة. وقد تكرر ذكر الآل في الحديث.

وفي حديث قسّ بن ساعدة «قَطَعَتْ مَهْمَهاً وآلاً فَآلاً» الآلُ : السّراب ، والمهمه : القفر.

(أومأ) (س) فيه «كان يصلى على حمار يُومِئُ إِيمَاءً» الإِيمَاءُ : الإشارة بالأعضاء كالرأس واليد والعين والحاجب ، وإنما يريد به هاهنا الرأس. يقال أَوْمَأْتُ إليه أُومِئُ إِيمَاءً ، ووَمَأْتُ لغة فيه ، ولا يقال أَوْمَيْتُ. وقد جاءت في الحديث غير مهموزة على لغة من قال في قرأت قريت ، وهمزة الإيماء زائدة ، وبابها الواو ، وقد تكررت في الحديث.

(أون) ـ فيه «مر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم برجل يحتلب شاة آوِنَة ، فقال : دعه داعى اللبن». يقال فلان يصنع ذلك الأمر آوِنَةً إذا كان يصنعه مرارا ويدعه مرارا ، يعنى أنه يحتلبها مرة بعد

٨١

أخرى ، وداعى اللّبن : هو ما يتركه الحالب منه في الضّرع ولا يستقصيه ليجتمع اللبن في الضّرع إليه. وقيل إن آوِنَة جمع أَوَان ، وهو الحين والزمان.

(س) ومنه الحديث «هذا أَوَانُ قطعت أبهرى» وقد تكرر في الحديث.

(أوه) ـ في حديث أبى سعيد رضى الله عنه «فقال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند ذلك : أَوْهِ عين الربا» أَوْهِ كلمة يقولها الرجل عند الشّكاية والتوجّع ، وهى ساكنة الواو مكسورة الهاء. وربما قلبوا الواو ألفا فقالوا : آهِ من كذا ، وربما شدّدوا الواو وكسروها وسكّنوا الهاء فقالوا : أَوِّهْ ، وربما حذفوا الهاء فقالوا أَوِّ. وبعضهم يفتح الواو مع التشديد فيقول أَوَّه.

ومنه الحديث «أَوَّه لفراخ محمّد من خليفة يستخلف» وقد تكرر ذكره في الحديث.

وفي حديث الدعاء «اللهم اجعلنى لك مخبتا أَوَّاهاً منيبا» الأَوَّاه : المُتَأَوِّه المتضرّع. وقيل هو الكثير البكاء. وقيل الكثير الدعاء. وقد تكرر في الحديث.

(أوي) ـ فيه «كان عليه‌السلام يخوّى في سجوده حتى كنّا نَأْوِي له».

[ه] وفي حديث آخر «كان يصلى حتى كنت آوِي له» أى أرقّ له وأرثى.

(س) ومنه حديث المغيرة «لا تَأْوِي من قلّة» أى لا ترحم زوجها ولا ترقّ له عند الإعدام. وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفي حديث البيعة «أنه قال للأنصار : أبايعكم على أن تَأْوُونِي وتنصرونى» أى تضمونى إليكم وتحوطونى بينكم. يقال أَوَى وآوَى بمعنى واحد. والمقصور منهما لازم ومتعد.

(س) ومنه قوله «لا قطع في ثمر حتى يَأْوِيهِ الجرين» أى يضمّه البيدر ويجمعه.

(ه س) ومنه «لا يَأْوِي الضالّة إلا ضالّ» كل هذا من أَوَى يَأْوِي. يقال أَوَيْتُ إلى المنزل وأَوَيْتُ غيرى وآوَيْتُهُ. وأنكر بعضهم المقصور المتعدّى وقال الأزهرى : هى لغة فصيحة.

ومن المقصور اللازم الحديث الآخر «أمّا أحدهم فَأَوَى إلى الله» أى رجع إليه.

ومن الممدود حديث الدعاء «الحمد لله الذى كفانا وآوَانَا» أى ردّنا إلى مَأْوًى لنا ولم يجعلنا منتشرين كالبهائم. والمَأْوَى : المنزل.

(س) وفي حديث وهب «أن الله تعالى قال : إنى أَوَيْتُ على نفسى أن أذكر من ذكرنى»

٨٢

قال القتيبى : هذا غلط ، إلا أن يكون من المقلوب ، والصحيح وأيت من الوأى : الوعد ، يقول : جعلته وعدا على نفسى.

(س) وفي حديث الرؤيا «فَاسْتَأَى لها» بوزن استقى. وروى فاستاء لها بوزن استاق ، وكلاهما من المساءة ، أى ساءته. يقال استاء واستأى ، أى ساءه. وقال بعضهم : هو استالها بوزن اختارها ، فجعل اللام من الأصل ، أخذه من التأويل ، أى طلب تأويلها ، والصحيح الأوّل.

وفي حديث جرير «بين نخلة وضالة وسدرة وآءَة» الآءَةُ بوزن العاهة ، وتجمع على آءٍ بوزن عاه ، وهو شجر معروف ، وأصل ألفها التى بين الهمزتين واو.

(باب الهمزة مع الهاء)

(أهب) ـ في حديث عمر «وفي البيت أُهُبٌ عطنة» الأُهُب ـ بضم الهمزة والهاء وبفتحهما ـ جمع إِهَاب وهو الجلد وقيل إنما يقال للجلد إهاب قبل الدبغ فأما بعده فلا. والعطنة : المنتنة التى هى في دباغها.

(ه) ومنه الحديث «لو جعل القرآن في إِهَاب ثم ألقى في النار ما احترق» قيل : كان هذا معجزة للقرآن في زمن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كما تكون الآيات في عصور الأنبياء. وقيل المعنى : من علمه الله القرآن لم تحرقه نار الآخرة ، فجعل جسم حافظ القرآن كالإهاب له.

ومنه الحديث «أيّما إِهَابٍ دبغ فقد طهر».

[ه] ومنه قول عائشة في صفة أبيها رضى الله عنهما «وحقن الدماء في أُهُبِهَا» أى في أجسادها.

وفيه ذكر «أَهَاب» ، وهو اسم موضع بنواحى المدينة. ويقال فيه يهاب بالياء.

(أهل) (س)فيه «أَهْل القرآن هم أَهْل الله وخاصّته» أى حفظة القرآن العاملون به هم أولياء الله والمختصّون به اختصاص أهل الإنسان به.

ومنه حديث أبى بكر في استخلافه عمر رضى الله عنهما «أقول له إذا لقيته : استعملت عليهم

٨٣

خير أَهْلِكَ» يريد خير المهاجرين. وكانوا يسمّون أهل مكة أهل الله تعظيما لهم ، كما يقال بيت الله. ويجوز أن يكون أراد أهل بيت الله ؛ لأنهم كانوا سكان بيت الله.

وفي حديث أم سلمة رضى الله عنها «ليس بك على أَهْلِكَ هوان» أراد بالأهل نفسه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أى لا يعلق بك ولا يصيبك هوان عليهم.

(س) وفيه «أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أعطى الآهِلَ حظّين والأعزب حظّا» الآهِلُ الذى له زوجة وعيال ، والأعزب الذى لا زوجة له ، وهى لغة رديئة ، واللغة الفصحى عزب. يريد بالعطاء نصيبهم من الفىء.

(س) ومنه الحديث «لقد أمست نيران بنى كعب آهِلَة» أى كثيرة الأهل.

ومنه الحديث «أنه نهى عن الحمر الأَهْلِيَّة» هى التى تألف البيوت ولها أصحاب ، وهى مثل الإنسيّة ، ضد الوحشية.

وفيه «أنه كان يدعى إلى خبز الشعير والإِهَالَة السّنخة فيجيب» كل شىء من الأدهان مما يؤتدم به إِهَالَةٌ. وقيل هو ما أذيب من الألية والشحم. وقيل الدّسم الجامد. والسّنخة المتغيرة الريح.

[ه] ومنه حديث كعب في صفة النار «كأنها متن إِهَالَة» أى ظهرها. وقد تكرر ذكر الإهالة في الحديث.

(باب الهمزة مع الياء)

(أيب) (ه) في حديث عكرمة «قال : كان طالوت أَيَّاباً» قال الخطّابى : جاء تفسيره في الحديث أنه السّقّاء.

(أيد) ـ في حديث حسان بن ثابت «إنّ روح القدس لا يزال يُؤَيِّدُكَ» أى يقوّيك وينصرك. والأَيْد القوّة. ورجل أَيِّد ـ بالتشديد ـ : أى قوىّ.

ومنه خطبة عليّ رضى الله عنه «وأمسكها من أن تمور بِأَيْدِهِ» أى قوّته.

٨٤

(أير) [ه] في حديث عليّ رضى الله عنه «من يطل أَيْرُ أبيه ينتطق به» هذا مثل ضربه : أى من كثرت إخوته (١) اشتدّ ظهره بهم وعزّ. قال الشاعر (٢) :

فلو شاء ربّى كان أَيْرُ أبيكم

طويلا كأير الحارث بن سدوس

قال الأصمعى : كان له أحد وعشرون ذكرا.

(أيس) ـ في قصيد كعب بن زهير :

وجلدها من أطوم لا يُؤَيِّسُهُ

التَّأْيِيس : التّذليل والتأثير في الشىء ، أى لا يؤثّر في جلدها شىء.

(أيض) [ه] في حديث الكسوف «حتى آضَتِ الشمس» أى رجعت. يقال آضَ يَئِيضُ أَيْضاً ، أى صار ورجع. وقد تقدّم.

(أيل) (ه) في حديث الأحنف «قد بلونا فلانا. فلم نجد عنده إِيَالَة للملك» الإِيَالَة : السّياسة. يقال فلان حسن الإِيَالَةِ وسيّئ الإيالة.

(س) وفيه ذكر «جبريل وميكائيل» قيل هما جبر وميكا ، أضيفا إلى إِيل وهو اسم الله تعالى. وقيل هو الربوبية.

وفيه «أن ابن عمر رضى الله عنهما أهلّ بحجّة من إِيلِيَاء» هى ـ بالمدّ والتخفيف ـ اسم مدينة بيت المقدس ، وقد تشدّد الياء الثانية وتقصر الكلمة ، وهو معرّب.

وفيه ذكر «أَيْلَة» ، هو بفتح الهمزة وسكون الياء : البلد المعروف فيما بين مصر والشام.

(أيم) [ه] فيه «الأَيِّم أحقّ بنفسها» الأَيِّم في الأصل التى لا زوج لها ، بكرا كانت أو ثيّبا ، مطلّقة كانت أو متوفّى عنها. ويريد بالأيّم في هذا الحديث الثّيّب خاصّة. يقال تَأَيَّمَتِ المرأة وآمَتْ إذا أقامت لا تتزوج.

ومنه الحديث «امرأة آمَتْ من زوجها ذات منصب وجمال» أى صارت أَيِّماً لا زوج لها.

__________________

(١) عبارة اللسان : «معناه أن من كثرت ذكور ولد أبيه شد بعضهم بعضا».

(٢) هو السرادق السدوسى ، كما في تاج العروس.

٨٥

[ه] ـ ومنه حديث حفصة رضى الله عنها «أنها تَأَيَّمَتْ من زوجها خنيس (١) قبل النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم».

ومنه كلام عليّ رضى الله عنه «مات قيّمها وطال تَأَيُّمُهَا» والاسم من هذه اللفظة الأَيْمَة.

[ه] ومنه الحديث «تطول أَيْمَةُ إحداكنّ» يقال أَيِّمٌ بيّن الأَيْمَةِ.

(ه) والحديث الآخر «أنه كان يتعوّذ من الأَيْمَة والعيمة» أى طول التّعزّب. ويقال للرجل أيضا أَيِّم كالمرأة.

[ه] وفي الحديث «أنه أتى على أرض جرز مجدبة مثل الأَيْم» الأَيْم والأين : الحيّة اللطيفة. ويقال لها الأَيِّم بالتشديد ، شبّه الأرض في ملاستها بالحية.

(ه) ومنه حديث القاسم بن محمّد «أنه أمر بقتل الأَيْمِ».

وفي حديث عروة «أنه كان يقول : وايْمُ الله لئن كنت أخذت لقد أبقيت» ايْمُ الله من ألفاظ القسم ، كقولك لعمر الله وعهد الله ، وفيها لغات كثيرة ، وتفتح همزتها وتكسر ، وهمزتها وصل ، وقد تقطع ، وأهل الكوفة من النحاة يزعمون أنها جمع يمين ، وغيرهم يقول هى اسم موضوع للقسم أوردناها هاهنا على ظاهر لفظها ، وقد تكررت في الحديث.

(س) وفيه «يتقارب الزمان ويكثر الهرج. قيل أَيْمُ هو يا رسول الله؟ قال : القتل القتل» يريد ما هو؟ وأصله أىّ ما هو ، أى أىّ شىء هو ، فخفف الياء وحذف ألف ما.

(س) ومنهن الحديث «أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ساوم رجلا معه طعام ، فجعل شيبة بن ربيعة يشير إليه لا تبعه ، فجعل الرجل يقول : أَيْمَ تقول؟» يعنى أىّ شىء تقول.

(س) وفي حديث ابن عمر رضى الله عنهما «أنه دخل عليه ابنه فقال : إنى لا إِيمَنُ أن يكون بين الناس قتال» أى لا آمَنُ ، فجاء به على لغة من يكسر أوائل الأفعال المستقبلة ، نحو نعلم وتعلم ، فانقلبت الألف ياء للكسرة قبلها.

(أين) في قصيد كعب بن زهير :

__________________

(١) في الأصل وا واللسان : ابن خنيس. والمثبت أفاده مصحح الأصل ، وهو في الهروى ، وأسد الغابة ج ٥ ص ٤٢٥ طبعة الوهبية ، وطبقات ابن سعد ج ٨ ص ٥٦ طبعة ليدن.

٨٦

فيها على الأَيْن إرقال وتبغيل

الأَيْنُ : الإعياء والتّعب.

وفي حديث خطبة العيد «قال أبو سعيد : فقلت أَيْنَ الابتداء بالصلاة» أى أين تذهب؟ ثم قال : «الابتداء بالصلاة قبل الخطبة». وفي رواية «أين الابتداء بالصلاة؟» أى أين تذهب «ألا تبدأ بالصلاة» والأوّل أقوى.

وفي حديث أبى ذرّ رضى الله عنه «أما آنَ للرجل أن يعرف منزله» أى أما حان وقرب؟ تقول منه آنَ يَئِين أَيْناً ، وهو مثل أنى يأنى أنى ، مقلوب منه. وقد تكرر في الحديث.

(أيه) [ه] فيه «أنه أنشد شعر أميّة بن أبى الصّلت فقال عند كل بيت : إِيهِ» هذه كلمة يراد بها الاستزادة ، وهى مبنية على الكسر ، فإذا وصلت نوّنت فقلت إِيهٍ حدّثنا ، وإذا قلت إِيهاً بالنصب فإنّما تأمره بالسكوت.

[ه] ومنه حديث أصيل الخزاعى «حين قدم عليه المدينة قال له : كيف تركت مكة؟ قال تركتها وقد أحجن ثمامها ، وأعذق إذخرها ، وأمشر سلمها ، فقال إِيهاً أصيل! دع القلوب تقرّ» أى كفّ واسكت. وقد ترد المنصوبة بمعنى التصديق والرّضى بالشىء.

(ه) ومنه حديث ابن الزبير ، لما قيل له يا بن ذات النّطاقين فقال : «إِيهاً والاله» أى صدقت ورضيت بذلك. ويروى إِيهِ بالكسر ، أى زدنى من هذه المنقبة.

(ه) وفي حديث أبى قيس الأودى «إنّ ملك الموت عليه‌السلام قال : إنى أُأَيِّهُ بها كما يُؤَيِّهُ بالخيل فتجيبنى» يعنى الأرواح. أَيَّهْتُ بفلان تَأْيِيهاً إذا دعوته وناديته ، كأنك قلت له يا أيّها الرجل.

(ه) وفي حديث معاوية «آهاً أبا حفص» هى كلمة تأسف ، وانتصابها على إجرائها مجرى المصادر ، كأنه قال : أتأسّف تأسّفا ، وأصل الهمزة واو.

وفي حديث عثمان رضى الله عنه «أحلّتهما آيَةٌ وحرّمتهما آية» الآية المحلّة هى قوله تعالى (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) والآية المحرّمة قوله تعالى (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ. إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) ومعنى الآيَة من كتاب الله تعالى جماعة حروف وكلمات ، من قولهم خرج القوم بِآيَتِهِمْ ، أى بجماعتهم

٨٧

لم يدعوا وراءهم شيئا ، والآيَةُ في غير هذا : العلامة. وقد تكرر ذكرها في الحديث.

وأصل آيَة أُوَيَة بفتح الواو ، وموضع العين واو ، والنسبة إليها أَوَوِيٌ. وقيل أصلها فاعلة ، فذهبت منها اللام أو العين تخفيفا. ولو جاءت تامة لكانت آيية. وإنما ذكرناها في هذا الموضع حملا على ظاهر لفظها.

(أيهق) ـ في حديث قس بن ساعدة «ورضيع أَيْهُقَان» الأَيْهُقَان الجرجير البرّى.

(إيا) (ه) في حديث أبى ذرّ رضى الله عنه «أنه قال لفلان : أشهد أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال إني أو إِيَّاكَ فرعون هذه الأمة» يريد أنك فرعون هذه الأمة ، ولكنه ألقاه إليه تعريضا لا تصريحا ، كقوله تعالى «وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ» وهذا كما تقول أحدنا كاذب ، وأنت تعلم أنك صادق ولكنك تعرّض به.

(س) وفي حديث عطاء «كان معاوية إذا رفع رأسه من السجدة الأخيرة كانت إِيَّاهَا» اسم كان ضمير السجدة ؛ وإياها الخبر ، أى كانت هى هى ، يعنى كان يرفع منها وينهض قائما إلى الركعة الأخرى من غير أن يقعد قعدة الاستراحة ، وإِيَّا اسم مبنى ، وهو ضمير المنصوب ، والضمائر التى تضاف إليها من الهاء والكاف والياء لا موضع لها من الإعراب في القول القوىّ ، وقد تكون إِيَّا بمعنى التحذير.

(س) ومنه حديث عمر بن عبد العزيز «إِيَّاي وكذا» أى نحّ عنّى كذا ونحّنى عنه.

(س) وفي حديث كعب بن مالك «فتخلفنا أيّتها الثلاثة» يريد تخلّفهم عن غزوة تبوك وتأخّر توبتهم ، وهذه اللفظة تقال في الاختصاص ، وتختص بالمخبر عن نفسه ، تقول أمّا أنا فأفعل كذا أَيُّهَا الرجل ، يعنى نفسه ، فمعنى قول كعب أَيَّتُهَا الثلاثة : أى المخصوصين بالتخلّف. وقد تكرر.

(إي) (س) في الحديث «إِي والله» وهى بمعنى نعم ، إلّا أنّها تختص بالمجىء مع القسم إيجابا لما سبقه من الاستعلام.

٨٨

حرف الباء

(باب الباء مع الهمزة)

(بأر) (ه) فيه «إن رجلا آتاه الله مالا فلم يَبْتَئِرْ خيرا» أى لم يقدم لنفسه خبيئة خير ولم يدّخر ، تقول منه : بَأَرْتُ الشىء وابْتَأَرْتُهُ إِبَارَةً وأَبْتَئِرُهُ.

وفي حديث عائشة رضى الله عنها «اغتسلى من ثلاثة أَبْؤُرٍ ، يمدّ بعضها بعضا» أَبْؤُر جمع قلة للبِئْرِ وتجمع على آبَار ، وبِئَار ، ومدّ بعضها بعضا هو أن مياهها تجتمع في واحدة كمياه القناة.

وفيه «البِئْر جبار» قيل هى العاديّة القديمة لا يعلم لها حافر ولا مالك فيقع فيها الإنسان أو غيره فهو جبار ، أى هدر. وقيل هو الأجير الذى ينزل إلى البئر فينقّيها ويخرج شيئا وقع فيها فيموت.

(بأس) (س) في حديث الصلاة «تقنع يديك وتَبْأَسُ» هو من البُؤْسِ : الخضوع والفقر. ويجوز أن يكون أمرا وخبرا. يقال بَئِسَ يَبْأَسُ بُؤْساً وبَأْساً : افتقر واشتدّت حاجته ، والاسم منه بَائِس.

ومنه حديث عمار رضى الله عنه «بُؤْسُ ابن سميّة» كأنه ترحّم له من الشدة التى يقع فيها.

(س) ومنه الحديث الآخر «كان يكره البُؤْسَ والتَّبَاؤُس» يعنى عند الناس. ويجوز التَّبَؤُّس بالقصر والتشديد.

ومنه في صفة أهل الجنة «إن لكم أن تنعّموا فلا تَبْؤُسُوا» بَؤُسَ يَبْؤُسُ ـ بالضم فيهما ـ بَأْساً ، إذا اشتد حزنه. والمُبْتَئِس : الكاره والحزين.

ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «كنا إذا اشتد البَأْس اتّقينا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» يريد الخوف ، ولا يكون إلا مع الشدّة. وقد تكرر في الحديث.

(س) ومنه الحديث «نهى عن كسر السّكة الجائزة بين المسلمين إلا من بَأْس» يعنى

٨٩

الدّنانير والدراهم المضروبة ، أى لا تكسر إلا من أمر يقتضى كسرها ، إمّا لرداءتها أو شك في صحة نقدها. وكره ذلك لما فيها من اسم الله تعالى. وقيل لأن فيه إضاعة المال. وقيل إنما نهى عن كسرها على أن تعاد تبرا ، فأمّا للنفقة فلا. وقيل كانت المعاملة بها في صدر الإسلام عددا لا وزنا ، فكان بعضهم يقصّ أطرافها فنهوا عنه.

وفي حديث عائشة رضى الله عنها «بِئْسَ أخو العشيرة» بِئْسَ ـ مهموزا ـ فعل جامع لأنواع الذم ، وهو ضد نعم في المدح. وقد تكرر في الحديث.

(س) وفي حديث عمر رضى الله عنه «عسى الغوير أَبْؤُساً» هو جمع بَأْس ، وانتصب على أنه خبر عسى. والغوير ماء لكلب. وهو مثل ، أوّل من تكلم به الزّبّاء. ومعنى الحديث عسى أن تكون جئت بأمر عليك فيه تهمة وشدّة.

(بابل) ـ في حديث عليّ رضى الله عنه «قال إنّ حبّى صلى‌الله‌عليه‌وسلم نهانى أن أصلّى في أرض بَابِلَ فإنها ملعونة» بَابِل هذا الصّقع المعروف بالعراق. وألفه غير مهموزة. قال الخطابى : في إسناد هذا الحديث مَقال ، ولا أعلم أحدا من العلماء حرّم الصلاة في أرض بابل. ويشبه ـ إن ثبت الحديث ـ أن يكون نهاه أن يتّخذها وطنا ومقاما ، فإذا أقام بها كانت صلاته فيها. وهذا من باب التعليق في علم البيان ، أو لعلّ النهى له خاصّة ، ألا تراه قال نهانى.

ومثله حديثه الآخر «نهانى أن أقرأ ساجدا وراكعا ولا أقول نهاكم» ولعلّ ذلك إنذار منه بما لقى من المحنة بالكوفة وهى من أرض بابل.

(بابوس) (ه) في حديث جريج العابد «أنه مسح رأس الصّبى وقال : يا بَابُوسُ مَن أبوك» البَابُوس الصّبىّ الرضيع. وقد جاء في شعر ابن أحمر لغير الإنسان. قال :

حنّت قلوصى إلى بَابُوسِهَا جزعا

وما حنينك أم ما أنت والذّكر

والكلمة غير مهموزة ، وقد جاءت في غير موضع. وقيل هى اسم للرضيع من أىّ نوع كان. واختلف في عربيّته.

(بالام) (س) في ذكر أدم أهل الجنة «قال إدامهم بَالام والنّون. قالوا : وما هذا؟ قال : ثور ونون» هكذا جاء في الحديث مفسّرا. أما النّون فهو الحوت ، وبه سمّى يونس عليه‌السلام

٩٠

ذا النون. وأما بَالامُ فقد تمحّلوا لها شرحا غير مرضىّ. ولعلّ اللفظة عبرانية. قال الخطابى : لعل اليهودى أراد التّعمية فقطع الهجاء وقدّم أحد الحرفين على الآخر وهى لام ألف وياء ، يريد لأى بوزن لعى ، وهو الثور الوحشى ، فصحّف الراوى الياء بالباء. قال : وهذا أقرب ما وقع لى فيه.

(بأو) (ه) في حديث عمر رضى الله عنه حين ذكر له طلحة لأجل الخلافة قال : «لو لا بَأْوٌ فيه» البَأْوُ : الكبر والتّعظيم.

(ه) ـ ومنه حديث ابن عباس مع ابن الزبير «فَبَأَوْتُ بنفسى ولم أرض بالهوان» أى رفعتها وعظّمتها.

ومنه حديث عون بن عبد الله «امرأة سوء إن أعطيتها بَأَتْ» أى تكبّرت ، بوزن رمت.

(باب الباء مع الباء)

(ببان) (ه) في حديث عمر رضى الله عنه «لو لا أن أترك آخر الناس بَبَّاناً واحدا ما فتحت علىّ قرية إلا قسمتها» أى أتركهم شيئا واحدا ، لأنه إذا قسم البلاد المفتوحة على الغانمين بقى من لم يحضر الغنيمة ومن يجئ بعد من المسلمين بغير شىء منها ، فلذلك تركها لتكون بينهم جميعتهم. قال أبو عبيد : ولا أحسبه عربيا. وقال أبو سعيد الضرير : ليس في كلام العرب بَبَّان. والصحيح عندنا بيّانا واحدا ، والعرب إذا ذكرت من لا يعرف قالوا هيّان بن بيّان ، المعنى لأسوّينّ بينهم في العطاء حتى يكونوا شيئا واحدا لا فضل لأحد على غيره. قال الأزهرى : ليس كما ظن. وهذا حديث مشهور رواه أهل الإتقان. وكأنها لغة يمانيّة ولم تفش في كلام معدّ. وهو والبأج بمعنى واحد.

(ببة) في حديث ابن عمر رضى الله عنه «سلم عليه فتى من قريش فردّ عليه مثل سلامه ، فقال له : ما أحسبك أثبتّنى ، فقال : ألست بَبَّة» يقال للشابّ الممتلئ البدن نعمة : بَبَّة. وبَبَّة لقب عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب والى البصرة. قال الفرزدق :

وبايعت أقواما وفيت بعهدهم

وبَبَّة قد بايعته غير نادم

٩١

وكانت أمّه (١) لقّبته به في صغره ترقّصه فتقول :

لأنكحنّ بَبَّة

جارية خدبّة

(باب الباء مع التاء)

(بتت) (س) في حديث دار النّدوة وتشاورهم في أمر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم «فاعترضهم إبليس في صورة شيخ جليل عليه بَتٌ» أى كساء غليظ مربّع. وقيل طيلسان من خزّ ، ويجمع على بُتُوت.

ومنه حديث عليّ «أن طائفة جاءت إليه فقال لقنبر : بَتَّتْهُمْ» أى أعطهم البتوت.

ومنه حديث الحسن «أين الذين طرحوا الخزوز والحبرات ، ولبسوا البُتُوت والنّمرات».

ومنه حديث سفيان «أجد قلبى بين بُتُوت وعباء»

(ه) وفي حديث كتابه لحارثة بن قطن «ولا يؤخذ منكم عشر البَتَات» هو المتاع الذى ليس عليه زكاة مما لا يكون للتجارة.

(ه) وفيه «فإن المُنْبَتَ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى» يقال للرجل إذا انقطع به في سفره وعطبت راحلته : قد انْبَتَ ، من البَتِ : القطع ، وهو مطاوع بتّ يقال بَتَّهُ وأَبَتَّهُ. يريد أنه بقى فى طريقه عاجزا عن مقصده لم يقض وطره : وقد أعطب ظهره.

(ه) ومنه الحديث «لا صيام لمن لم يَبِتَ الصيام» في إحدى الروايتين ، أى لم ينوه ويجزمه فيقطعه من الوقت الذى لا صوم فيه وهو الليل.

ومنه الحديث «أَبِتُّوا نكاح هذه النساء» أى اقطعوا الأمر فيه وأحكموه بشرائطه. وهو

__________________

(١) هى هند بنت أبى سفيان. وأول الرجز ، كما في تاج العروس :

* والله ربّ الكعبة *

وتمامه :

مكرمة محبّة

تحبّ من أحبّه

تحبّ أهل الكعبة

يُدخل فيها زبّه

وتجب أهل الكعبة : أى تغلب نساء قريش حسنا.

٩٢

تعريض بالنهى عن نكاح المتعة ، لأنه نكاح غير مَبْتُوت ، مقدّر بمدّة.

ومنه الحديث «طلقها ثلاثا بَتَّةً» أى قاطعة ، وصدقة بتّة أى منقطعة عن الإملاك. يقال بَتَّة والبَتَّة.

ومنه الحديث «أدخله الله الجنة البَتَّة».

ومنه حديث جويرية في صحيح مسلم «أحسبه قال جويرية أو البَتَّة» كأنه شك في اسمها فقال أحسبه قال جويرية ، ثم استدرك فقال : أو أَبُتُ وأقطع أنه قال جويرية ، لا أحسب وأظن.

ومنه الحديث «لا تبيت المَبْتُوتَة إلا في بيتها» هى المطلّقة طلاقا بائنا.

(بتر) [ه] فيه «كل أمر ذى بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أَبْتَر» أى أقطع. والبَتْر القطع.

ومنه حديث ابن عباس رضى الله عنهما «أن قريشا قالت : الذى نحن عليه أحقّ مما هو عليه هذا الصّنبور المُنْبَتِر» يعنون النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأنزل الله تعالى سورة الكوثر. وفي آخرها (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) المُنْبَتِر الذى لا ولد له. قيل لم يكن يومئذ ولد له ، وفيه نظر ؛ لأنه ولد له قبل البعث والوحى ، إلا أن يكون أراد لم يعش له ذكر.

(ه) وفيه «أن العاص بن وائل دخل على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو جالس فقال : هذا الأَبْتَرُ» أى الذى لا عقب له.

(ه) وفي حديث الضحايا «أنه نهى عن المَبْتُورَة» هى التى قطع ذنبها.

(ه) وفي حديث زياد «أنه قال في خطبته البَتْرَاء» كذا قيل لها البَتْرَاء ؛ لأنه لم يذكر فيها الله عزوجل ولا صلّى فيها على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وفيه «كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم درعٌ يقال لها البَتْرَاء» سميت بذلك لقصرها.

(س) وفيه «أنه نهى عن البُتَيْرَاء» هو أن يوتر بركعة واحدة ، وقيل هو الذى شرع في ركعتين فأتمّ الأولى وقطع الثانية.

ومنه حديث سعد «أنه أوتر بركعة فأنكر عليه ابن مسعود رضى الله عنهما وقال ما هذه البُتَيْرَاء؟».

٩٣

(ه) وفي حديث عليّ رضى الله عنه ، وسئل عن صلاة الضحى فقال «حين تبهر البُتَيْرَاء الأرض» البُتَيْرَاء الشمس ، أراد حين تنبسط على وجه الأرض وترتفع. وأَبْتَرَ الرجل إذا صلى الضحى.

(بتع) (ه) فيه «أنه سئل عن البِتْع فقال : كل مسكر حرام» البِتْع بسكون التاء : نبيذ العسل وهو خمر أهل اليمن ، وقد تحرّك التاء كقمع وقمع ، وقد تكرر في الحديث.

(بتل) [ه] فيه «بَتَل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم العمرى» أى أوجبها وملّكها ملكا لا يتطرّق إليه نقض. يقال بَتَلَهُ يَبْتُلُهُ بَتْلاً إذا قطعه.

(ه) وفيه «لا رهبانيّة ولا تَبَتُّلَ في الإسلام» التَّبَتُّل : الانقطاع عن النساء وترك النكاح وامرأة بَتُول منقطعة عن الرجال لا شهوة لها فيهم. وبها سمّيت مريم أمّ المسيح عليهما‌السلام. وسميت فاطمة البَتُول لانقطاعها عن نساء زمانها فضلا ودينا وحسبا. وقيل لانقطاعها عن الدّنيا إلى الله تعالى.

(ه) ومنه حديث سعد رضى الله عنه «ردّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم التَّبَتُّل على عثمان بن مظعون» أراد ترك النكاح.

(س) وفي حديث النضر بن كلدة «والله يا معشر قريش لقد نزل بكم أمر ما أَبْتَلْتُمْ بَتْلَه» يقال مرّ على بَتِيلَةٍ من رأيه ، ومُنْبَتِلَة ، أى عزيمة لا تردّ. وانْبَتَلَ في السّير : مضى وجدّ. وقال الخطّابىّ : هذا خطأ ، والصواب ما انْتَبَلْتُمْ نَبْلَهُ ، أى ما انتبهتم له ولم تعلموا علمه. تقول العرب : أنذرتك الأمر فلم تَنْتَبِلْ نَبْلَهُ ، أى ما انتبهت له ، فيكون حينئذ من باب النون لا من الباء.

(ه) وفي حديث حذيفة «أقيمت الصلاة فتدافعوها وأبوا إلا تقديمه ، فلما سلّم قال : لَتُبَتِّلُنَ لها إماما أو لتصلّنّ وحدانا» معناه لتنصبنّ لكم إماما وتقطعنّ الأمر بإمامته ، من البَتْل : القطع ، أورده أبو موسى في هذا الباب ، وأورده الهروى في باب الباء واللام والواو ، وشرحه بالامتحان والاختبار ، من الابتلاء ، فتكون التّا آن فيها عند الهروى زائدتين ؛ الأولى للمضارعة والثانية

٩٤

للافتعال ، وتكون الأولى عند أبى موسى زائدة للمضارعة والثانية أصلية ، وشرحه الخطّابى في غريبه على الوجهين معا.

(باب الباء مع الثاء)

(بثث) (ه) في حديث أمّ زرع «زوجى لا أَبُثُ خبره» أى لا أنشره لقبح آثاره.

(ه) وفيه أيضا «لا تَبُثَ حديثنا تَبْثِيثاً» ويروى تنثّ بالنون بمعناه.

(ه) وفيه أيضا «ولا يولج الكفّ ليعلم البَثّ» البَثّ في الأصل أشدّ الحزن والمرض الشديد ، كأنه من شدّته يبثّه صاحبه ، والمعنى أنه كان بجسدها عيب أو داء فكان لا يدخل يده في ثوبها فيمّسه لعلمه أن ذلك يؤذيها ، تصفه باللطف. وقيل هو ذمّ له ، أى لا يتفقّد أمورها ومصالحها ، كقولهم : ما أدخل يدى في هذا الأمر ، أى لا أتفقّده.

ومنه حديث كعب بن مالك رضى الله عنه «فلما توجه قافلا من تبوك حضرنى بَثِّي» أى أشدّ حزنى.

(ه) وفي حديث عبد الله «لما حضر اليهودىّ الموت قال بَثْبِثُوه» أى كشّفوه. من البَثِ : إظهار الحديث ، والأصل فيه بَثِّثُوهُ ، فأبدلوا من الثاء الوسطى باء تخفيفا ، كما قالوا فى حثثت حثحثت.

(بثق) ـ في حديث هاجر أمّ إسماعيل عليه‌السلام «فغمز بعقبه على الأرض فَانْبَثَقَ الماء» أى انفجر وجرى.

(بثن) (ه) في حديث خالد بن الوليد رضى الله عنه ، لما عزله عمر عن الشام «فلما ألقى الشّام بوانيه وصار بَثْنِيَّةً وعسلا عزلنى واستعمل غيرى» البَثْنِيَّة حنطة منسوبة إلى البَثْنَة ، وهى ناحية من رستاق دمشق. وقيل هى الناعمة اللّيّنة من الرملة اللينة ، يقال لها بثنة. وقيل هى الزّبدة ، أى صارت كأنها زبدة وعسل ؛ لأنها صارت تجبى أموالها من غير تعب.

٩٥

(باب الباء مع الجيم)

(بجبج) (س) في حديث عثمان رضى الله عنه «إن هذا البَجْبَاج النّفّاج لا يدرى أين الله عزوجل» البَجْبَجَة شىء يفعل عند مناغاة الصبى. وبَجْبَاج نفّاج أى كثير الكلام. والبَجْبَاج : الأحمق ؛ والنّفّاج : المتكبّر.

(بجج) (س) فيه «قد أراحكم الله من البَجَّة والسّجّة» هى الفصيد ، من البَجّ : البطّ والطّعن غير النافذ. كانوا يفصدون عرق البعير ويأخذون الدم يتبلّغون به في السّنة المجدبة ، ويسمونه الفصيد ، سمّى بالمرّة الواحدة من البج ، أى أراحكم الله من القحط والضّيق بما فتح عليكم في الإسلام. وقيل البَجَّة اسم صنم.

(بجح) (ه) في حديث أمّ زرع «وبَجَّحَنِي فَبَجِحْتُ» أى فرّحنى ففرحت. وقيل عظّمنى فعظمت نفسى عندى. يقال فلان يَتَبَجَّحُ بكذا أى يتعظّم ويفتخر.

(بجد) (ه) في حديث جبير بن مطعم «نظرت والناس يقتتلون يوم حنين إلى مثل البِجَاد الأسود يهوى من السماء» البِجَاد الكساء ، وجمعه بُجُد. أراد الملائكة الذين أيدهم الله بهم. ومنه تسمية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عبد الله بن عبد نهم ذا البِجَادَين ؛ لأنه حين أراد المصير إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قطعت أمّه بِجَاداً لها قطعتين فارتدى بإحداهما وائتزر بالأخرى.

ومنه حديث معاوية رضى الله عنه «أنه مازح الأحنف بن قيس فقال : ما الشىء الملفّف فى البِجَاد؟ قال : هو السّخينة يا أمير المؤمنين» الملفّف في البِجَاد وطب اللّبن يلفّ فيه ليحمى ويدرك. وكانت تميم تعيّر به. والسخينة : حساء يعمل من دقيق وسمن يؤكل في الجدب. وكانت قريش تعيّر بها. فلما مازحه معاوية بما يعاب به قومه مازحه الأحنف بمثله.

(بجر) ـ فيه «أنه بعث بعثا فأصبحوا بأرض بَجْرَاء» أى مرتفعة صلبة. والأَبْجَر : الذى ارتفعت سرّته وصلبت.

ومنه الحديث الآخر «أصبحنا في أرض عزوبة بَجْرَاء. وقيل هى التى لا نبات بها.

(ه) ومنه حديث عليّ «أشكو إلى الله عجرى وبُجَرِي» أى همومى وأحزانى. وأصل

٩٦

العجرة نفخة في الظهر ، فإذا كانت في السّرة فهى بُجْرَة. وقيل العجر العروق المتعقّدة في الظهر ، والبُجَر العروق المتعقّدة في البطن ، ثم نقلا إلى الهموم والأحزان ، أراد أنه يشكو إلى الله أموره كلّها ما ظهر منها وما بطن.

ومنه حديث أمّ زرع «إن أذكره أذكر عجره وبُجَرَه» أى أموره كلّها باديها وخافيها. وقيل أسراره وقيل عيوبه.

(س) ومنه حديث صفة قريش «أشحّة بُجْرَة» هى جمع بَاجِر ، وهو العظيم البطن. يقال بَجِرَ يَبْجَرُ بَجَراً فهو أَبْجَر وبَاجِر. وصفهم بالبطانة ونتوّ السّرر. ويجوز أن يكون كناية عن كنزهم الأموال واقتنائهم لها ، وهو أشبه بالحديث ؛ لأنه قرنه بالشّحّ وهو أشدّ البخل.

(س) وفي حديث أبى بكر «إنما هو الفجر أو البَجْر» البَجْر بالفتح والضّم : الداهية ، والأمر العظيم. أى إن انتظرت حتى يضىء لك الفجر أبصرت الطريق ، وإن خبطت الظلماء أفضت بك إلى المكروه. وقال المبرد فيمن رواه البحر بالحاء : يريد غمرات الدّنيا ، شبّهها بالبحر لتبحّر أهلها فيها.

ومنه كلام عليّ رضى الله عنه «لم آت لا أبا لكم بُجْرا».

(س) وفي حديث مازن «كان لهم صنم في الجاهلية يقال له بَاجِر» تكسر جيمه وتفتح. ويروى بالحاء المهملة ، وكان في الأزد.

(بجس) (ه) في حديث حذيفة رضى الله عنه «ما منّا إلّا رجل به آمّة يَبْجُسُهَا الظّفر غير الرّجلين» يعنى عمر وعليا رضى الله عنهما. الآمّة الشّجّة التى تبلغ أمّ الرأس. ويَبْجُسُهَا : يفجرها ، وهو مثل ، أراد أنها نغلة كثيرة الصّديد ، فإن أراد أحد أن يفجرها بظفره قدر على ذلك لامتلائها ولم يحتج إلى حديدة يشقّها بها ، أراد ليس منا أحد إلّا وفيه شىء غير هذين الرجلين.

ومنه حديث ابن عباس رضى الله عنهما «أنه دخل على معاوية وكأنه قزعة تَنْبَجِسُ» أى تنفجر.

(بجل) (ه) في حديث لقمان بن عاد «خذى منّي أخى ذا البَجَل» البَجَل بالتحريك الحسب والكفاية. وقد ذمّ أخاه به ، أى أنه قصير الهمّة راض بأن يكفي الأمور ويكون كلّا على غيره ، ويقول حسبى ما أنا فيه.

٩٧

(ه) ومنه الحديث «فألقى تمرات في يده وقال بَجَلِي من الدنيا» أى حسبى منها. ومنه قول الشاعر يوم الجمل :

نحن بنى ضبّة أصحاب الجمل

ردّوا علينا شيخنا ثمّ بَجَل

أى ثم حسب. وأمّا قول لقمان في صفة أخيه الآخر : خذى منّى أخى ذا البَجَلَة ، فإنه مدح ، يقال رجل ذو بَجَلَة وذو بَجَالَة : أى ذو حسن ونبل ورواء. وقيل كانت هذه ألقابا لهم. وقيل البَجَال : الذى يُبَجِّلُهُ الناس ، أى يعظّمونه.

(ه) ومنه الحديث «أنه أتى القبور فقال : السلام عليكم أصبتم خيرا بَجِيلاً» أى واسعا كثيرا ، من التَّبْجِيل : التعظيم ، أو من البَجَال : الضّخم.

(س) وفي حديث سعد بن معاذ رضى الله عنه «أنه رمي يوم الأحزاب فقطعوا أَبْجَلَه» الأَبْجَل : عرق في باطن الذراع. وهو من الفرس والبعير بمنزلة الأكحل من الإنسان. وقيل هو عرق غليظ في الرجل فيما بين العصب والعظم.

ومنه حديث المستهزئين «أمّا الوليد بن المغيرة فأومأ جبريل إلى أَبْجَلِهِ».

(بجا) (س) فيه «كان أسلم مولى عمر بُجَاوِيّاً» هو منسوب إلى بُجَاوَة : جنس من السّودان. وقيل هى أرض بها السّودان.

(باب الباء مع الحاء)

(بحبح) (س ه) فيه «من سره أن يسكن بُحْبُوحَة الجنة فليلزم الجماعة» بُحْبُوحَة الدّار : وسطها. يقال تبحبح إذا تمكن وتوسّط المنزل والمقام (س) ومنه حديث غناء الأنصارية. «أهدى لها أكبشا تُبَحْبِحُ في المربد» أى متمكّنة في المبرد وهو الموضع.

(ه) وفي حديث خزيمة «تفطّر اللّحاء وتَبَحْبَحَ الحياء» أى اتّسع الغيث وتمكّن من الأرض.

٩٨

(بحت) ـ في حديث أنس رضى الله عنه قال «اختضب عمر بالحنّاء بَحْتاً» البَحْت الخالص الذى لا يخالطه شىء.

(س) ومنه حديث عمر رضى الله عنه «أنه كتب إليه أحد عمّاله من كورة ذكر فيها غلاء العسل ، وكره للمسلمين مُبَاحَتَة الماء» أى شربه بَحْتاً غير ممزوج بعسل أو غيره. قيل أراد بذلك ليكون أقوى لهم.

(بحث) (ه) في حديث المقداد «قال أبت علينا سورة» يعنى سورة التوبة ، سميت بها لما تضمّنت من البحث عن أسرار المنافقين ، وهو إثارتها والتّفتيش عنها. والبُحُوث جمع بَحْث. ورأيت في الفائق سورة البَحُوث بفتح الباء ، فإن صحت فهى فعول من أبنية المبالغة ، ويقع على الذّكر والأنثى كامرأة صبور ، ويكون من باب إضافة الموصوف إلى الصفة.

(ه) ومنه الحديث «أن غلامين كانا يلعبان البَحْثَة» هى لعبة بالتراب. والبُحَاثَة التّراب الذى يبحث عما يطلب فيه.

(بحح) (س) فيه «فأخذت النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بُحَّةٌ» البُحَّة بالضم غلظة في الصّوت. يقال بَحَ يَبَحُ بُحُوحاً وإن كان من داء فهو البُحَاح. ورجل أَبَحُ : بيّن البَحَح إذا كان ذلك فيه خلقة.

(بحر) (ه) فيه «أنه ركب فرسا لأبى طلحة فقال : إن وجدناه لَبَحْرا» أى واسع الجرى. وسمّى البَحْرُ بحرا لسعته. وتَبَحَّرَ في العلم : أى اتّسع.

ومنه الحديث «أبى ذلك البَحْر ابن عباس رضى الله عنهما» سمى بحرا لسعة علمه وكثرته.

(س) ومنه حديث عبد المطلب وحفر بئر زمزم «ثم بَحَرَهَا» أى شقّها ووسّعها حتى لا تنزف.

(ه) ومنه حديث ابن عباس «حتى ترى الدّم البَحْرَانيّ» دم بَحْرَانيّ شديد الحمرة ، كأنه قد نسب إلى البحر وهو اسم قعر الرّحم ، وزادوه في النسب ألفا ونونا للمبالغة ، يريد الدم الغليظ الواسع. وقيل نسب إلى البحر لكثرته وسعته.

٩٩

وفيه «ذكر بَحْرَان» وهو بفتح الباء وضمها وسكون الحاء : موضع بناحية الفرع من الحجاز ، له ذكر في سريّة عبد الله بن جحش.

(س) وفي حديث القسامة «قتل رجلا بِبَحْرَةِ الرّغاء على شط ليّة» البَحْرَة البلدة.

(ه) ومنه حديث عبد الله بن أبىّ «ولقد اصطلح أهل هذه البُحَيْرَة على أن يعصّبوه بالعصابة» البُحَيْرَة : مدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو تصغير البَحْرَة. وقد جاء في رواية مكبّرا ، والعرب تسمّى المدن والقرى البحار.

ومنه الحديث «وكتب لهم بِبَحْرِهِمْ» أى ببلدهم وأرضهم.

(ه) وفيه ذكر «البَحِيرَة» في غير موضع ، كانوا إذا ولدت إبلهم سقبا بَحَرُوا أذنه : أى شقّوها وقالوا اللهم إن عاش ففتىّ وإن مات فذكىّ ، فإذا مات أكلوه وسمّوه البَحِيرَة. وقيل البَحِيرَة : هى بنت السّائبة ، كانوا إذا تابعت الناقة بين عشر إناث لم يركب ظهرها ، ولم يجزّ وبرها ، ولم يشرب لبنها إلّا ولدها أو ضيف ، وتركوها مسيّبة لسبيلها وسمّوها السّائبة ، فما ولدت بعد ذلك من أنثى شقّوا أذنها وخلّوا سبيلها ، وحرم منها ما حرم من أمّها وسموها البَحِيرَة.

(ه) ومنه حديث أبى الأحوص عن أبيه «أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال له هل تنتج إبلك وافية آذانها فتشقّ فيها وتقول بُحُر» هى جمع بَحِيرَة ، وهو جمع غريب في المؤنث ، إلا أن يكون قد حمله على المذكّر نحو نذير ونذر ، على أن بَحِيرَة فعيلة بمعنى مفعولة ، نحو قتيلة ، ولم يسمع في جمع مثله فعل. وحكى الزمخشرى بَحِيرَة وبُحُر ، وصريمة وصرم ، وهى التى صرمت أذنها : أى قطعت.

(س) وفي حديث مازن «كان لهم صنم يقال له بَاحَر» بفتح الحاء ، ويروى بالجيم. وقد تقدم.

(بحن) (ه) فيه «إذا كان يوم القيامة تخرج بَحْنَانَة من جهنم فتلقط المنافقين لقط الحمامة القرطم» البَحْنَانَة : الشرارة من النار.

١٠٠