تفسير من وحي القرآن - ج ٢٢

السيد محمد حسين فضل الله

تفسير من وحي القرآن - ج ٢٢

المؤلف:

السيد محمد حسين فضل الله


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الملاك
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٤

فالمؤمن لا يعيش الضعف الداخلي أمام كل التهاويل والضغوط التي يوجهها إليه الكافرون والمشركون والظالمون ، ما دام واعيا لإيمانه ولموقعه من ربه وموقع ربه منه ، وذلك في ما عبر عنه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لصاحبه (إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) [التوبة : ٤٠] ، وفي ما حدثنا الله عن موقف المؤمنين (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) [آل عمران : ١٧٣] وفي ما يواجه به المؤمنون الكافرين في ساحة القتال (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) [التوبة : ٥٢] ، مما يوحي بأن المؤمن لا يخاف الموت ، فلا يضعف أمام كل التهاويل التي تخوفه بالموت.

* * *

الإمام الصادق (ع) يستوحي الآية

وقد استوحى الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام من الآية عمق العزة في شخصية المؤمن ، من خلال عمق إرادة العزة في حركة إيمانه ، فقد جاء في الكافي بإسناده إلى سماعة عن أبي عبد الله (جعفر الصادق عليه‌السلام) قال : إن الله تبارك وتعالى فوّض إلى المؤمن أموره كلها ، ولم يفوّض إليه أن يذلّ نفسه ، ألم تر قول الله سبحانه وتعالى هاهنا (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) والمؤمن ينبغي أن يكون عزيزا ولا يكون ذليلا (١).

* * *

__________________

(١) تفسير الميزان ، ج : ١٩ ، ص : ٢٩٩.

٢٤١

العزة في أجواء خط الحرية

وهكذا نستطيع أن نؤكّد خط العزة الذي يلتقي بخط الحرية كخط مستقيم في الواقع الإسلامي ، بحيث لا يملك المسلمون جماعات وأفرادا أن ينحرفوا عنه إلى خط الذل ، لأن المسألة تتصل بأصالة الإنسان المسلم في شخصيته وفي حركيته وموقع الإسلام في الحياة. وفي ضوء ذلك ، لا بد من أن يرسم المعنيون بحركة السياسة الإسلامية ومواقع التحدي في ساحة الصراع ، السياسة الإسلامية ، على أساس انفتاح خطوطها على معنى العزة ، وانطلاق حركة الصراع في هذا الاتجاه ، فيكون الخط الذي يبتعد عن ذلك خطا غير شرعي من جهة ، وخائنا لأمانة الإسلام والمسلمين من جهة أخرى ، مهما حشد له أصحابه من التأييد الشعبي ، لأن الشعب لا يملك أن يذل نفسه ، كما أن القيادة لا تملك الحرية في أن تفرض ذلك على الواقع وعلى الناس ، انطلاقا من وعي هذه القيمة الروحية والسياسية التي تفرض العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، بالرغم من تهويلات المنافقين والكافرين ، (وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) لأنهم لا يعرفون عمق القوة والحرية والعزة في العقيدة الإسلامية ، والعمق الروحي في شخصية المسلم ، مما يجعلهم ينظرون إلى الواقع من خلال الضغوط المادية على المسلمين ، ولا ينظرون إلى الإرادة الإسلامية الصلبة في ما هو التصميم والموقف الحاسم في مواجهة التحديات.

* * *

٢٤٢

الآيات

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٩) وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (١١)

* * *

معاني المفردات

(تُلْهِكُمْ) : الإلهاء ، الإشغال.

* * *

النهي عن التلهي بالأولاد والأموال

لما كان النفاق ينطلق في الغالب من الاستغراق في الأموال والأولاد وغيرهما من شؤون الحياة الدنيا ، والبعد عن الله وعن التفكير في الوقوف غدا

٢٤٣

بين يديه ، مما يدفع الإنسان إلى أن يبحث عن مصالحه وشهواته في الأجواء النفاقية ، كانت هذه الآيات من أجل إيجاد جوّ نفسيّ ضاغط على روحية الإنسان المؤمن ، بحيث ينفتح على ذكر الله بقلبه ، وعلى الموت في ما ينتظره بعده من مواقف ومخاوف ، ليتوازن في موقفه ، ويخلص في إيمانه ، ويستعد لما بعد الموت.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) بحيث تستغرقون فيها استغراق الإنسان الذي ينصرف بكل كيانه إليها ، من دون أن يواجه عناصر المسؤولية في حياته ، فينسى ربه ، وينسى نفسه من خلال ذلك ، بل ينبغي لكم أن تنفتحوا على الله بقلوبكم ، فلا يغيب عنها طرفة عين في كل ما تأخذون به أو تدعونه من شؤون الحياة الدنيا ، فإذا أخذتم بالشأن المالي ، فإنكم تتصرفون فيه من موقع المسؤوليات المترتبة عليكم من الله في أمره ، في ما يجب عليكم إنفاقه في مواردكم الخاصة والعامة ، وإذا أخذتم بالشأن المتعلق بأولادكم ، فإن عليكم أن تدرسوا المسألة وتتحركوا فيها على أساس أنهم أمانة الله عندكم ، وزينة الحياة الدنيا في عواطفكم ، فتتصرفون في شؤونهم من موقع المسؤولية التي تنفتح عليهم من خلال الله ، ليكون الموقع الذي يمثل الخضوع لأوامر الله ونواهيه ، بعيدا عما هو الجانب الذاتي الغارق في العاطفة ، وبذلك لا تكون الأموال والأولاد ملهاة عن ذكر الله ، بل منفتحة على مواقع المسؤولية أمامه.

(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) لأن الالتهاء عن ذكر الله ، يبعد الإنسان عن ربه ، فيورطه في معصيته ، ويشغله عن طاعته ، فيترك الدنيا بعد ذلك من دون عمل ، ويترك المال والأولاد فيها ، ثم يقف بين يدي الله من دون أن يكون له أيّ عمل يتقرب به إليه ويحصل به على رضوانه وعلى الدخول في جنته ، بل يكون مصيره النار وبئس القرار.

* * *

٢٤٤

الإنفاق مما رزق الله

(وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ) للمحرومين الذين جعل الله رزقهم في أيديكم ، وحمّلكم مسئولية الإنفاق عليهم من موقع الحق تارة ، ومن موقع الإحسان أخرى ، وجعل لكم ثواب ذلك رضوانه ، (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) فتفوته الفرصة الذهبية التي يستطيع أن يحصل بها على خير الدنيا والآخرة ، فيلتفت إلى الزمن الضائع التفاتة حسرة وخوف ، وتتحرك تمنياته غير الواقعية في وجدانه (فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) لتكون تلك هي الفرصة الأخيرة التي تمنحني إياها ، لأنطلق إليك منها من خلال روحية العطاء وصلاح العمل ، ليكون ذلك هو الوجه الذي ألقاك فيه.

(وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها) فتلك أمنيات الحمقى الذين يعيشون مع الأجواء المستحيلة المستقبلية ، بعد أن يكونوا قد أضاعوا الواقع الذي كان مفتوحا أمامهم بكل سعته وامتداده ، فقد أراد الله للعمر الإنساني المحتوم أن يقف عند حدود الأجل من دون أن يمنح أي إنسان فرصة لامتداده إلى أبعد من ذلك ، (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) في طبيعة الظروف الضاغطة أو في الأجواء التي تفرض القيام بهذا العمل أو ذاك ، أو في الاختيارات الذاتية التي تتحرك من خلال العقد النفسية أو الشهوات الغريزية أو المنافع المادية ، فيعطي كل إنسان جزاء عمله تبعا لخلفيات العمل وظروفه ، وبذلك لا بد للإنسان من دراسة حساباته بكل دقة ومسئولية.

* * *

٢٤٥
٢٤٦

سورة التغابن

مدنيّة

وآياتها ثماني عشرة

٢٤٧
٢٤٨

في أجواء السورة

وهذه سورة مدنية تتصل فيها النظرة الإنسانية بالجانب العقيدي في التصور الشامل للإيمان بالله في سعة قدرته ، وشمول ملكه وحاجة الإنسان إليه في وجوده وفي حركته ، وإحاطته بكل أموره السرية والعلنية ، ثم تطل السورة على اليوم الآخر ، لتوجه الناس إلى الاهتمام بالمصير المحتوم الذي تحدده أعمالهم في الدنيا ، من خير أو شر ، ولتؤكد الحقيقة الكونية الإلهية في أن الأشياء كلها ، في ما يصيب الإنسان ، وفي ما تختزنه الحياة من مشاكل في داخلها ، لن تحصل بعيدا عن التقدير الإلهي ، لأن الله هو المهيمن على الأمر كله في ما قدره للحياة من نظام وتدبير ، فليتوكل المؤمنون عليه ، وليسألوه الهداية من موقع إيمانهم العميق ، وليطيعوه من موقع حاجتهم إليه ، ومن قاعدة المصلحة التي تكمن في طاعتهم له ولرسوله ، في ما تخطط لهم الرسالة في مضمون أوامر الله ونواهيه ، لأن الله لم يأمر إلا بما فيه الصلاح لعباده ، ولم ينه إلا عما فيه المفسدة لهم.

وإذا كانوا يلتزمون الخط الإلهي في مواقع العقيدة والعمل ، فلا بد لهم من أن ينفصلوا عن كل شيء يبعدهم عنه ، مما يتصل بالعاطفة في ما يرتبط به الإنسان في علاقته بزوجته وولده ، أو في ما يتصل بالرغبة في علاقته بماله ، فقد يكون في الأزواج والأولاد أعداء له في الذات أو في الدين ، وقد يكون في

٢٤٩

الاستغراق في المال والبخل به بعض الخطر على مصيره في الدنيا والآخرة.

ولذلك فلا بد من أن يبقى الإيمان بالله واليوم الآخر هو العنوان الذي يطلّ على كل علاقات الناس وأوضاعهم ونظراتهم في جانب التصور والعمل ، بحيث يصدر كل شيء من خلال ذلك ، ليعيشوا الوحدة في القاعدة التي ترتكز عليها تفاصيل حياتهم الذهنية والعملية ، لأن الانطلاق فيها بعيدا عن القاعدة الواحدة يوقعهم في الازدواجية التي تجعل مواقعهم منفصلة عن بعضها البعض ، مما يؤدي إلى الضياع ، في متاهات الظلام.

وهكذا تكون السورة في تنوع موضوعاتها التفصيلية مرتكزة على الفكرة التي تريد أن تؤكد الوحدة في الكيان الإنساني ، على أساس أن يكون الإسلام لله هو الأساس الذي يرتكز عليه السلوك الإيماني في الفكر والعمل.

* * *

اسم السورة

وقد جاءت تسمية السورة باسم «التغابن» من خلال الآية الكريمة (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) في ما تريد الإيحاء به من أن يوم القيامة هو اليوم الذي يشعر فيه الناس بالغبن في ما حصلوا عليه من نتائج أعمالهم ، سواء منهم المؤمنون والكافرون ، لأن المؤمن كان يستطيع الاستزادة من الحسنات في ما أضاعه من الفرص الكثيرة التي تركها من دون عمل ، ولأن الكافر كان يستطيع الحصول على الجنة من خلال الإيمان والعمل الصالح.

* * *

٢٥٠

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الآيات

(يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢) خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣) يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٤)

* * *

معاني المفردات

(الْحَمْدُ) : قال الراغب : الحمد لله تعالى ، الثناء عليه بالفضيلة ، وهو أخصّ من المدح وأعمّ من الشكر (١).

* * *

__________________

(١) مفردات الراغب ، ص : ١٣٠.

٢٥١

تسبيح ما في السماوات والأرض لله

(يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) في تعبير الكون كله في وجوده وفي لغته الخاصة عن تعظيم الله في خضوع كل الموجودات لقدسه وجلاله ، (لَهُ الْمُلْكُ) فلا يملك أحد شيئا إلا من خلاله ، لأنه المالك لكل شيء من موقع خلقه له ، (وَلَهُ الْحَمْدُ) فهو الذي يمنح الأشياء كل مفردات الحمد فلا حمد لأحد أو لشيء إلا من خلال الخصائص التي يعطيها له ، فله الحمد كله ، (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فلا يعجز عن أي شيء مهما كان عظيما ، لأن الوجود كله منقاد إليه من موقع سيطرته عليه ، فلا حدّ لقدرته في ما يريده منه.

وتلك هي الصورة الشاملة في التصور الإنساني لله ، بحيث لا يرى هناك أي شيء حوله إلا ويرى الله مهيمنا عليه ، ولا يرى عظمة لشخص أو ملكا له إلا ويرى الله هو الأساس في ذلك كله ، مما يوجب أن يصغر كل شيء في وعيه ، وأن يتضاءل كل عظيم لديه أمام الله ليتحرك في حياته من خلال هذا الموقع المطلق لله في وجدانه وفي حركته.

(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ) وهذه هي الحقيقة الوجودية التي تحكم وعي الوجود في حياتكم. فقد كنتم حالة ضائعة في العدم ، فأوجدكم الله بحكمته وقدرته ، وأطلق لكم حرية الاختيار في الالتزام بالخط الذي تريدونه فلم يفرض عليكم في تكوينكم الذاتي إيمانا ولا كفرا ، فانطلقتم في الحياة من موقع الاختيار الجيد لبعضكم ، والاختيار السيئ لبعض آخر.

(فَمِنْكُمْ كافِرٌ) أساء عملية الاختيار فأغلق عقله وقلبه عن وحي الفطرة ، وأغمض عينيه عن مشاهد العظمة في خلق الله ، وابتعد عن التفكير في ما توحي به الظواهر الكونية التي تدل على الله أبلغ تعبير وأعظم تحليل ، فعاش اللامبالاة أمام كل علاقات الاستفهام التي تتحرك في وجدانه لتقود تفكيره إلى خط الإيمان بالله ، فكفر به من حيث يستطيع الإيمان به.

٢٥٢

(وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) اختار الإيمان بالله من خلال انفتاحه على عمق الفطرة وسعة التفكير ووعي الكون كله ، في سر الإبداع فيه وفي صفاء التحليل بطبيعته ، وروعة الاستنتاج من تفاصيله ، فعرف الله في خلقه ، فآمن به في كل وجوده ، وخضع له في حركة حياته. (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فهو المطلع على كل مواقع الإيمان والكفر في ما كنتم تتحركون به من أسبابهما ، فلا يعزب عن علمه مثقال ذرة.

* * *

خلق السماوات والأرض بالحق

(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) فلم يكن للباطل أيّ موقع في خلقهما ، بل كان كل شيء فيهما منطلقا من غاية وخاضعا لحكمة ، ومتحركا في خطة تربط الوجود كله برباط واحد يجعل لكل ظاهرة موقعا يتصل ببعض المواقع الأخرى ، لتكون كل واحدة مكملة للأخرى في تحقيق الهدف الكبير.

ولعل الإيحاء بالحق في خلق السماوات والأرض يشير إلى الحق في خلق الإنسان وفي حركة وجوده ، فلا مجال فيه للعبث ولا للباطل ، مما يوحي بالمعاد الذي هو المظهر الحي للغاية التي خلق الإنسان من أجلها ، ليواجه الإنسان في الآخرة نتائج عمله في الدنيا ، لتكون لديه الجدية في مواجهة كل الأشياء المحيطة به ، وكل الأوضاع المجتمعة عنده على أساس الحق ، في ما هي الحكمة في العمل ، والغاية في مواقع الهدف.

(وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) في ما تتمثل به الصورة العامة للإنسان من تناسق الأعضاء ، وترتيبها وتجهيزها بالأجهزة المتنوعة المتكاملة ، في تحقيق النتائج العملية التي تنسجم مع الحكمة التي خلق الإنسان من أجلها في طاعته لربه

٢٥٣

وعبادته له ، والقيام بمسؤوليته الكبرى في خلافته عن الله في إدارة شؤون الحياة ، في نطاق قدراته الخاصة ، فلا عذر للإنسان في التخلي عن مسئوليته العامة والخاصة ، من خلال قدراته العقلية والجسدية ، لأن الله قد أحسن تجهيزها في نطاق الصورة العامة بأحسن تجهيز في أحسن صورة.

(وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) الذي يقف الناس جميعا في ساحته ليواجهوا نتائج قيامهم بدورهم المسؤول ، أو نتائج ابتعادهم عنه ، مما يفرض عليهم التدقيق في ما يأخذون به ، أو في ما يدعونه من أعمال وأوضاع.

وقد حاول صاحب الميزان أن يستوحي من هذه الآيات فكرة البعث فقال ـ تعليقا على هذه الآية ـ : «وبهذه الآية تتم المقدمات المنتجة للزوم البعث ورجوع الخلق إليه تعالى ، فإنه تعالى كان ملكا قادرا على الإطلاق ، له أن يحكم بما شاء ويتصرف كيف أراد ، وهو منزه عن كل نقص وشين ، محمود في أفعاله ، وكان الناس مختلفين بالكفر والإيمان ، وهو بصير بأعمالهم ، وكانت الخلقة لغاية من غير لغو وجزاف ، كان من الواجب أن يبعثوا بعد نشأتهم الدنيا لنشأة أخرى دائمة خالدة ، فيعيشوا فيها عيشة باقية على ما يقتضيه اختلافهم بالكفر والإيمان ، وهو الجزاء الذي يسعد به مؤمنهم ويشقى به كافرهم ، وإلى هذه النتيجة يشير بقوله : (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (١).

ونلاحظ على ذلك ، أن دراسة هذه الآيات توحي إلينا بأن الغرض من تتابع الصفات ، إيجاد الحالة الروحية العقيدية التي تطل على الله في الشعور في صفاته ، وعلى حركة الإيمان به في خط العمل ، والإطلالة من خلال ذلك على مسألة البعث ، كجزء من الهيكل الشامل للعقيدة لا كغاية من الحديث كله ، لأن السورة لا تطرح الإيمان باليوم الآخر كمشكلة فكرية ، بل تطرحه على أساس ما يمثّله من مفردة من مفردات العقيدة. والله العالم.

__________________

(١) تفسير الميزان ، ج : ١٩ ، ص : ٣٠٩.

٢٥٤

(يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من موقع خلقه لكل الموجودات الحية والجامدة ، الذي يفرض إحاطته الشاملة بكل خصائصها الوجودية ، في ما هي البداية والنهاية وخط السير ، وتفاصيل الأوضاع ، وتلك هي الحقيقة الإيمانية التي لا بد للمؤمن من أن يعيشها في وجدانه الإيماني ليشعر بالثقة ، لأن الذي يتولى تدبيره ورعاية وجوده من موقع الحكمة والرحمة ، يملك الإحاطة بكل الأشياء الخفية أو الظاهرة بكل دقائقها ، فلا يغيب عنه شيء مما يحتاج إليه الإنسان في ما ينفعه ، أو مما يخافه في ما يضره ، فيبادر إليه من موقع قدرته ليجلبه له ، أو ليدفعه عنه.

(وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ) فالإنسان مكشوف لله تعالى بسره وعلانيته. وهذه الحقيقة يجب أن تشكل هاجسا أساسيا ومحوريا للإنسان المؤمن في حركة حياته الخاصة والعامة ، وفي إطار ما يتحمله من أعباء ومسئوليات ، فالله تعالى لا يخفى عليه من نوايانا وأفعالنا شيء ، مهما كان الأمر خفيا ولطيفا ودقيقا قال تعالى : (وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) ، وهي المنطقة التي يخفي الإنسان في داخلها أسراره الخاصة ، في ما يريد أن يقوم به من عمل مستقبلي ، أو في ما تتحرك به دوافعه في كل مشاريعه الخيرة أو الشريرة.

فلا بد إذن ، من أن يستحضر الإنسان هذه الحقيقة في وعيه الإيماني العملي ، ليشعر بالحضور الإلهي الشامل في عمق وجوده ، وليعيش في أجواء الرقابة الإلهية عليه ، فتصفو بذلك نيته ، ويصلح عمله ، وتستقيم خطاه في الطريق المستقيم.

* * *

٢٥٥

الآيات

(أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٥) ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللهُ وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٦) زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٧) فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (١٠)

* * *

نبأ الذين خلوا من الكفار

وهذا حديث عن الذين تمردوا على الرسل ، فكذبوهم من خلال بعض

٢٥٦

المفاهيم الخاطئة التي كانت تحكم تفكيرهم ، فتدفعهم إلى الكفر بالله واليوم الآخر ، ليعتبر الناس بهم ، فيبتعدوا عن الخضوع لأفكارهم ، ليأخذوا بخط الاستقامة في خط الإيمان بالله ورسوله ، ليصلوا إلى الفوز العظيم.

(أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ) في ما أنزل الله بهم من العذاب في الدنيا ، وهم قوم نوح وعاد وثمود وأمثالهم ممن أهلكهم الله بسوء عملهم. (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) في الآخرة عند ما يواجهون الموقف الحق بين يدي الله في يوم القيامة.

(ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) الواضحة التي لا مجال للشك فيها من قريب أو من بعيد ، ولكنهم أثاروا حولها الكثير من الكلمات العابثة اللامسؤولة ، من أجل إثارة الشك حولها بالابتعاد عن التفكير في مضمونها الفكري ، والاتجاه إلى التركيز على شخصية النبي في ما يتصل بقضية بشريته (فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا) ، فلا يمكن للنبي أن يكون بشرا ولا ينبغي لنا أن نخضع للبشر ، لأن مواقعنا لا تسمح بذلك ، لا سيما إذا كان هذا البشر من الطبقة الدنيا في المجتمع. فلو كان النبي ملكا من الملائكة لكان للمسألة شيء من الجدية والقبول. (فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا) عن الرسول والرسالة ، على أساس هذا المنطق الذي لا أساس له من المعقولية ، لأن قضية الرسالة إذا كانت معقولة في ذاتها ، فما المانع من أن يكون الرسول بشرا ، بل ربما كانت المسألة المطروحة أن يكون كذلك حتى يمكن له أن يمثل الخط الواقعي في القدوة ، عند ما يريد من الناس الاقتداء به ، على أساس التساوي في القدرات البشرية العامة ، في ما يمكن للإنسان أن يحتمله من تكاليف وأوضاع. ولكن مشكلة هؤلاء أنهم لا يفكرون من موقع المسؤولية الفكرية ، بل ينطلقون ـ في مواقفهم ـ من موقع الاستكبار الذاتي الذي يعيش أصحابه حالة الانتفاخ الداخلي ، فيخيل إليهم أنهم يمثلون موقع الأهمية الكبرى في رفضهم الخضوع لله ولرسوله. ولكن الله يرد عليهم هذا الوهم الكبير ليعرّفهم بأنهم لا يمثلون

٢٥٧

شيئا في ميزان القيم ، فإن الله لا يحتاج إلى إيمانهم ، بل إنهم يحتاجون إلى الإيمان للوصول إلى النتائج الصالحة في حياتهم الخاصة من خلال ما يحققه الإيمان لهم من طمأنينة الروح ، وصفاء النفس ، ووحدة الشخصية ، ووضوح الهدف ، وقوة الموقف من خلال الارتباط بقوة الله. ولهذا ، فإن مسألة الكفر لا تضر الله شيئا (وَاسْتَغْنَى اللهُ) عن إيمانهم وعن وجودهم ، ولهذا فلن يضره أن يعذبهم ويهلكهم ويلقيهم في نار جهنم ، (وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) فلا حاجة به لأحد من خلقه ، وهو المحمود في فعله مهما فعل بهم.

(زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا) فقد اعتبروا الحياة الدنيا نهاية المطاف ، وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر ، وما نحن بمبعوثين ، لأنهم لم يسمحوا لأنفسهم أن يدرسوا المعنى العبثي في وجودهم إذا لم تكن هناك عناية حكيمة ينتهي إليها أمر الوجود.

(قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَ) فهذه هي الحقيقة التي أوحى بها الله إلي في ما يعلمه من حدود خلقه في مسألة البداية والنهاية ، مما لا بد من أن يؤمنوا بها انطلاقا من أن العقل لا يرفض ذلك ، ومن أن الوحي يؤكد ذلك. وإذا كانوا قد قالوها نفيا بطريق الجزم الذي لا أساس له لأنهم لا يملكون عليه دليلا ، لأن أقصى ما عندهم أن يثيروا الشك فيه إذا لم يكن لهم دليل قاطع على الإثبات ، فإن عليك يا محمد أن تؤكد المسألة إيجابا بطريق القطع ، لأنك تملك من الأدلة القاطعة ما يمنحك الجزم بذلك في نفسك ومع كل الذين يحتاجون إلى المعرفة من الناس. ولا تقتصر على تقرير الموضوع في طبيعته الذاتية ، بل ركز المسألة في نطاق الإيحاء بالمسؤولية المستقبلية في وجودهم الأخروي ، في ما قدموه من عمل الشر. (ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ) في ما أحصاه الله من صغير الأعمال وكبيرها ، لتواجهوا المسؤولية بشكل دقيق. (وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) ، لأن الذي خلق الخلق كله ، لا يعجزه إحصاء أعمالهم بعلمه الذي لا يغيب عنه شيء من شؤون خلقه.

٢٥٨

(فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا) لأن طبيعة المعطيات التي بين أيديكم من البينات الواضحة تفرض عليكم هذا الإيمان ، وتؤكد لكم طبيعة هذا الإشراق الداخلي للحقيقة الإيمانية في العقيدة والشريعة ومنهج الحياة ، في هذا القرآن الذي أنزلناه ليكون النور الروحي الذي يشرق في عقولكم ، ويمتد في قلوبكم ، ويتحرك في وجدانكم الشعوري ، فإنكم إذا تأملتموه وتدبرتم آياته ، ووعيتم مفاهيمه ، عرفتم أنه كلام الله الذي (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) [فصلت : ٤٢]. ولكن مشكلتكم أنكم تغلقون على أنفسكم نوافذ المعرفة الحقة ، بالابتعاد عن الانفتاح على الحقيقة من موقع التأمل ، ولن تنفعكم كل هذه الاستعراضات الاستكبارية وكل التبريرات الاعتذارية ، لأن الله مطلع على ذلك كله ، (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) بكل ما توحي به الخبرة من معنى المسؤولية في الجزاء على كل الأعمال الشريرة في تاريخكم العملي.

* * *

ذلك يوم التغابن

(يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ) الذي يجمع فيه الناس ليوم الفصل ، (ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) الذي يفكر فيه كل فرد بأن الفرصة التي منحها الله له في الدنيا ، في ما أعطاه من عمر وهيأه له من إمكانات ، كانت تحمل في داخلها الكثير مما كان يمكنه الحصول على نتائجه في الآخرة ، بالمستوى الذي يعتبر فيه نفسه مغبونا ، إذا قارنها بالنتائج الحاضرة التي حصل عليها الآن ، سواء أكانت نتائج إيجابية لأنه كان قادرا على أن يحصل على الأفضل منها ، أم كانت نتائج سلبية لأنه كان متمكنا من الحصول على النتائج الإيجابية بدرجاتها المتفاوتة ، فتكون المسألة أن الجميع لم يقدّروا الفرصة التي فاتت حق قدرها ، تماما كمن باع سلعته بأقل من ثمنها ، حيث يعتبر مغبونا. وفسره البعض بأن اعتبر التغابن بين

٢٥٩

أهل الضلال : متبوعيهم وتابعيهم ، فالمتبوعون وهم المستكبرون يغبنون تابعيهم وهم الضعفاء ، حيث يأمرونهم بأخذ الدنيا وترك الآخرة ، فيضلون ، والتابعون يغبنون المتبوعين حيث يعينونهم في استكبارهم باتباعهم فيضلون ، فكل من الفريقين غابن لغيره ومغبون من غيره.

ولعل الأساس في هذا الوجه هو ملاحظة صيغة التفاعل في كلمة التغابن ، ولكن الظاهر أنها لم ترد بهذا المعنى ، لأن الظاهر أن المخاطب به كل فرد ممن يجمعهم الله ، حيث يواجه الناس مواقعهم في يوم القيامة ، فيحس كل إنسان بأنه مغبون في ما حصل عليه ، لأن من الممكن أن يكون حظه أكبر. وقد نستطيع تطبيق الصيغة على التفاعل ، وذلك بنحو التجريد ، بأن يجرد الإنسان من نفسه شخصا غابنا في ما توحي به نوازعه من أعمال ، وشخصا مغبونا في ما يخضع له من مؤثرات ويتحرك فيه من خطوات. وهذا مما يكثر الاستعمال فيه ، في مواجهة الإنسان لنفسه ، وجهاده لها ، مع أنه لا مجال للتفكيك بين الإنسان ونفسه ، إلا بنحو التجريد الذي يجعل في داخله نفسا أمارة بالسوء ، ونفسا ناهية عنه ، والله العالم.

(وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ) على أساس القاعدة الشرعية القرآنية : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) [هود : ١١٤] ، فيرفع الله عن الإنسان سيئاته ببركة حسناته ، (وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) وهو الجزاء الكبير على استقامته في خط الإيمان والعمل الصالح. (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) الذي يمثل العنوان الكبير للنتيجة الطيبة التي يحصل عليها المؤمنون الصالحون ، في مواجهة الخسارة التي تحصل للكافرين ، (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) لأنهم تنكروا للحق ، وابتعدوا عن الله بعد أن قامت عليهم الحجة من كل جانب.

* * *

٢٦٠