تفسير من وحي القرآن - ج ١

السيد محمد حسين فضل الله

يتعلّم من خلالها أن الحياة لا تتمثل في وجه واحد ، فهناك عدة وجوه وألوان. ولم تكن لهذين المخلوقين الجديدين أيّة تجربة سابقة مع الغش والكذب والخداع واللف والدوران ؛ كان الصدق ، وكانت البراءة في مواجهة الأشياء ، وكانت العفوية في تقبل الكلمات ، هي الطابع للشخصية البريئة النقية من كل لوث أو شائبة ، أو خاطر سوء ، والتي لم تصهرها التجارب بعد ، ولم تتعرف إلى ما معنى الخير ومعنى الشر ، فنظرتها لكل ما حولها نظرة تفاؤلية جيدة ، وقد كان هذا كله متمثلا في كيانهما.

وبدأت العملية من موقع حقده وحسده وعداوته ، فمشى إليهما في صورة الملاك الناصح ليقول لهما إن هذا النهي عن الأكل من الشجرة لا يلزمهما ، بل سيحصلان من خلال تجاوزه على لذة الخلود والانطلاق في أجواء الملائكة ، كما جاء في قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ) [الأعراف : ٢٠] ، وبدأت الكلمات الجديدة المغلّفة بغلاف من البراءة والنصح تأخذ مفعولها في نفسيهما كما جاء في قوله تعالى : (وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ) [الأعراف : ٢١] ، فهما لم يتصورا أن هناك غشّا في النوايا ، وخداعا في الأساليب ، بل كل ما عندهما الصفاء والنقاء والنظر إلى الحياة من وجه واحد ، هو الحقيقة بعينها ، فاستسلما للكلمات من دون أن يشعرا بأن ذلك يمثل تمردا على الله وعصيانا لإرادته ، فقد كان لأساليب إبليس ، لعنه الله ، فعل السحر في نفسيهما ، تماما كما هي الأحلام عند ما تغرق الإنسان في أجواء روحية لذيذة فتبعده عن واقعه وعن حياته.

وسقطا في أول تجربة ، ونجح إبليس في التحدي الأول للإنسان ، فأهبطه من عليائه وأسقطه من مكانته ، لئلا يبقى الساقط الوحيد في عملية التمرد على الله. فها هو يشعر بالزهو والرضى ، لأنه استطاع أن يهبط بقيمة هذا المخلوق الذي كرمه الله عليه ، إلى درك الخطيئة ، ليصبح منبوذا من الله. وجاء الأمر من الله إليهم ؛ آدم وحواء وإبليس ، أن يهبطوا جميعا ، وأن يعيشوا في

٢٦١

الأرض إلى المدى الذي يريد لهم أن يعيشوا فيه ، ويتمتعوا في ما هيأه الله لهم من صنوف المتع واللذات ، وأن يواجهوا الموقف بين الفريقين ـ فريق الإنسان وفريق الشيطان ـ بروح العداوة التي يشعر معها الإنسان بأن الشيطان لا يخلص له ولا يصفو ، لأن مهمته التي نذر نفسه لها هي إغواء الإنسان ، وإضلاله ، وإبعاده عن رحمة الله ، ولذا فإن الحياة الجديدة تعتبر بداية الصراع.

ولم يترك الله ، سبحانه ، لإبليس أن يجني ثمرة انتصاره ، فأوحى لآدم بالطريقة المثلى التي يستطيع من خلالها أن يتراجع عن خطئه ، لتكون أساسا ثابتا في علاقته بالله في الحالات التي يشعر معها بالحاجة إلى اللقاء به في عملية رجوع واستغفار. واستجاب آدم لرعاية الله له ، ورجع إلى ربه وعاد ـ كما كان ـ إنسانا يسبح في أجواء عفو الله ورحمته ورضوانه ، ليمارس دوره الجديد في الخلافة عن الله من موقع علاقة المخلوق التائب بخالقه الرحيم الغفور (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ).

ولم تكن عملية الهبوط عقوبة لهذا الانحراف عن أوامر الله ، ولا يراد منها الإبعاد والإقصاء عن مجال رحمته ـ تعالى ـ ، بل هي تخطيط لكون جديد يتحرك فيه الإنسان على أساس هدى الله في ما يوجه إليه من خلال رسالاته ، ويمارس على أساسه دوره الطبيعي في خلافته عن الله في الأرض.

وتحولت الجنة إلى هدف كبير للإنسان من خلال خطواته العملية في الحياة. فكما ساهمت المعصية الأولى في خروجه منها ، فإن الطاعة لله تساهم في دخوله إليها من جديد ، لأن قيمتها تكمن في تمثيلها لرضوان الله ولطفه ورحمته ، مما يعني ابتعاد المذنبين عنها وقرب المطيعين إليها.

تلك هي الصورة الإجمالية المستوحاة من هذه الآيات الكريمة. وتبقى

٢٦٢

أمامنا عدة نقاط فكرية وعملية ، لا بد لنا من الوقوف أمامها وقفة تأمل وتفكير.

* * *

خطيئة آدم وعلاقتها بعصمة الأنبياء

إننا نعلم من بعض الآيات القرآنية اعتبار آدم نبيا ، وذلك في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) [آل عمران : ٣٣] ، وقد تقرر لدى جمهور علماء الإمامية أن الأنبياء معصومون قبل النبوّة وبعدها ، فكيف يمكن أن نوفق بين ذلك وبين هذه الآيات الدالة على أن هناك عصيانا من آدم وزوجته لأوامر الله لهما في الجنة؟ ويجيب علماؤنا عن ذلك ، باتجاهات مختلفة :

* * *

المعصية بين المولوية والإرشادية

أما الاتجاه الأول ، فيرى أن للمعصية مجالين : المجال القانوني الذي يتحدد بالتمرد على التكاليف الصادرة من الله بصفته مشرّعا ومولى بحيث يطلب من المكلف أن يمتثلها تحت طائلة العقوبة الأخروية أو الجزاء الدنيوي ، والمجال الإرشادي الذي يتحدد بالتمرد على الأوامر والنواهي الصادرة من الله بصفته ناصحا ومرشدا يوجه الإنسان نحو مصلحته من دون أن يلزمه بالسير على أساسها من ناحية قانونية ، تماما كأوامر الطبيب ونواهيه ، فلا يترتب عليها إلا الوقوع في الضرر الذي حذّر منه ، أو عدم النفع الذي أريد له أن يحصل

٢٦٣

عليه. ويعبّر عن النهي في المجال الأول بالنهي المولوي ، وفي المجال الثاني ، بالنهي الإرشادي. ويقولون : إن العصمة لا تتنافى مع القسم الثاني من النهي ، لأن النبي لم يتمرد على الله في فعل ما يغضبه ، بل كل ما هناك أنه أساء إلى نفسه في ما وجهه الله إليه من نصيحة وإرشاد. وهذا ما نستوحيه من الآية ، حيث الظاهر أن النهي كان إرشاديا ، باعتبار أن نتيجته فقدان نعيم الجنة ، وليس التعرض لعقاب الله .. وقد نجد شواهد على ذلك من هذه الآية وغيرها. فنحن نجد النهي هنا واقعا بعد الحديث معهما عن حريتهما المطلقة في التنعم بنعيم الجنة في ما يشاءان ، مما يوحي بأن القضية تتحرك في إطار النصيحة. ونجد ذلك في قوله سبحانه : (فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى * إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى * وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى) [طه : ١١٧ ـ ١١٩] فنحن نواجه ترغيبا في نعم الجنة كأسلوب من أساليب التشجيع على الانسجام مع التوجيه الإلهي ، من دون أن تكون هناك ضغوط تشريعية في هذا المجال. فلم تكن القضية هي أن يعذب أو لا يعذب ، بل كل ما كان هناك هو : هل يبقى في الجنة أو لا يبقى فيها؟ فلا منافاة في ذلك لفكرة العصمة من قريب أو من بعيد.

وقد يقول قائل : إن كثيرا من ظواهر القرآن لا تؤدي هذه الفكرة ، فنحن نلتقي بقوله تعالى : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) [طه : ١٢١] ، وبقوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) وقوله تعالى : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا) وقوله تعالى : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ). فنحن نلاحظ أن المعصية ضد الطاعة ، وأن الغواية ضد الرشد ، وأن التوبة لا تكون إلا عن ذنب ، وأن اعتبار الإنسان ظالما لنفسه لا يكون إلا من خلال عصيانه لله ، مما كثر التعبير عنه في القرآن الكريم.

ونجيب عن ذلك : إن كلمة المعصية لا تختص بالمعصية القانونية المستتبعة للعقاب ، فيصحّ لنا أن نطلق على التمرد على أوامر الطبيب كلمة

٢٦٤

العصيان ، فتقول : عصيت أمر الطبيب ، أما كلمة الغواية ، فإنها ضد الرشد كما ذكر ، ولكن الرشد قد يكون في جانب المصلحة الدنيوية أو الذاتية ، وقد يكون في إطار المصلحة الأخروية. وكذلك كلمة التوبة ، فإنها تعبر عن الرجوع عن الخطأ ، سواء كان في ما يتعلق بالأمور الدنيوية أم الأخروية ، فيقال : تاب فلان عن العمل المضرّ ، من دون أن يكون محرّما في نفسه.

أما الظلم ، فقد يظلم الإنسان نفسه إذا منعها من الفرص الطيبة التي تجلب لها الراحة الذاتية ، وقد يطلق الظلم على تعريضها للعقاب الأخروي.

أما طلب المغفرة والرحمة ، فإنه قد ينطلق من الشعور بالإساءة إلى مقام الله في ترك اتباع نصائحه ، وبمنافاة ذلك لحقّ العبودية للخالق. هذه هي بعض الأفكار التي أثارها الاتجاه الأول في موضوع عصمة آدم.

* * *

المعصية بين دار التكليف ودار النعيم

ويثير الاتجاه الثاني الموضوع بطريقة أخرى ، وهي أن الجنة ليست دار التكليف والمسؤولية ، بل هي دار النعيم. وقد يجاب بأن ذلك هو وصف الجنة بعد الدنيا ، فلا نعلم أن ذلك هو شأنها قبل النزول إلى الأرض.

أما الاتجاه الثالث ، فيرى أن لا مانع من حصول المعصية من الأنبياء قبل النبوّة ، ولا سيّما في المعاصي الصغيرة التي لا تسيء إلى مكانتهم ، ولا تعتبر لطخة عار في تاريخهم ، مما لا ينسجم مع جوّ النبوّة.

* * *

٢٦٥

ضرورة التجربة للإعداد

ويرى الاتجاه الرابع في قصة آدم وضعا خاصا لا يرتبط بالأجواء التي تثيرها قضية العصمة كعنصر ذاتي من عناصر النبوّة الهادية ، وذلك أنّ آدم يمثل بداية الإنسان في وجوده ، فهو الحلقة الأولى من هذه السلسلة الإنسانية الممتدة في هذا الكون ، وهو خليفة الله في الأرض ـ بصفته الإنسانية ـ ، فكان لا بد له من أن يعيش التجربة الحية في مواجهة الإغراء ليخرج من براءته الذهنية ، التي قد توحي له بأن الكون يعيش روح البراءة والصفاء في نصائحه وعلاقاته ، لأن مثل هذه البراءة قد تؤدي به إلى الوقوع في قبضة الغش والعداوة ، لأنه لا يفهم معنى الغش والعداوة في حركة الحياة. ولذا ، فقد كانت هذه القضية أسلوبا تجريبيا تدريبيا ، حيث يضعه في مواجهة الواقع ، ليتعرف ، من خلال تجربته ، على طبيعة الضعف في تكوينه ، ونوعية الأساليب الملتوية التي يبتدعها الشيطان في الإغواء والإضلال ، ليأخذ من ذلك فكرة عملية عن الأسلوب الأفضل للمواجهة الدائمة مع الشيطان ، ليكون استعداده الجديد ، من خلال التجربة الحية ، لا من خلال الفكرة المجردة ، وليفهم معنى العداوة في النتائج السيئة التي انتهى إليها في إطاعته للشيطان.

وقد يثور أمامنا هنا سؤال : إننا نعرف في قصة خلق آدم ، في حوار الله مع الملائكة ، أن الله قد خلقه للأرض ولم يخلقه ابتداء ليعيش في الجنة ، فكيف نفسر هذا الأمر الذي يوحي بأن الجنة كانت المكان الطبيعي له لولا العصيان؟

والجواب عن ذلك ، هو أن هذا الأمر الإلهي كان جزءا من عملية التدريب الإلهي المرتكزة على فكرة الربط بين الجنة والطاعة في وعي الإنسان ،

٢٦٦

مع علم الله بأنه لن ينجح في الامتحان ، فكان تقديره في خلقه للأرض لاشتراط بقاء آدم عليه‌السلام في الجنة بشرط غير متحقق ، فلا منافاة بين الأمرين.

وقد نستوضح الصورة في إطار الفكرة الأصولية التي يبحثها علماء الأصول في موضوع صيغة الأمر ، وهي أن دوافع الأمر قد تختلف ، فقد يكون الدافع له هو إرادة حصول الفعل من المأمور ، وقد يكون الدافع هو امتحان إخلاص المأمور وطاعته ، أو إظهار قوة إيمانه وإخلاصه ، من دون أن يكون هناك أي غرض يتعلق بالفعل ، كما نلاحظه في أمر الله لإبراهيم بذبح ولده ، لا لأن الله يريد ذلك ، ولذلك رفعه قبل حصوله ، بل ليظهر عظمة التسليم المطلق لله في سلوك الأب والابن ، ليكونا مثلا وقدوة للناس ، وقد يكون الداعي أمرا آخر ، وهو تدريب الإنسان على مواجهة حالات السقوط بتعريضه لتلك التجربة لينتبه إلى أمثالها في المستقبل كما في حالة آدمعليه‌السلام.

ونحن لا نجد أيّ مانع عقلي في ذلك ، بل هو واقع كثيرا في أفعال العقلاء وأساليبهم في الأوامر والنواهي.

ولا مجال للاعتراض هنا بأن الله كلف آدم بما يعلم أنه لا يمتثله من خلال الظروف الموضوعية المحيطة به ؛ أوّلا ، لأن العلم بعدم الامتثال لا يمنع من التكليف أساسا باعتبار أن العلم معلول للمعلوم وليس الأمر بالعكس. وثانيا ، لأن التكليف لم يستهدف حصول الفعل بل استهدف وعي التجربة المستقبلة من خلال التجربة الحاضرة.

وعلى ضوء هذا ، نجد أن الأمر هنا يشبه الأمر في قصة إبراهيم عليه‌السلام ، ولكن بطريقة متعاكسة في الموضعين.

* * *

٢٦٧

مدلول التوبة في حياة الإنسان

(فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) لعل في هذه الآية بعض الدلالة على أن الموقف كله في قضية آدم كان تدريبيا من أجل أن يعي الإنسان في مستقبل حياته كيف تتحرك الخطيئة في نفسه وكيف تدفعه بعيدا عن الله. فقد عالجت هذه الآية قضية التوبة ، ووضعتها في نطاق الأشياء المتلقّاة من الله ، مما يوحي بأن آدم لا يحمل أيّة فكرة فطرية عنها ، فكان الإيحاء والإلهام من الله من أجل أن يتعلم كيف يتراجع عن الخطأ ، فلا يستمر عليه.

أمّا طبيعة الكلمات ، فقد اختلف المفسرون فيها ، ولكن الأقرب إلى الذهن هو ما حدثنا عنه القرآن في سورة الأعراف في قوله تعالى : (قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) [الأعراف : ٢٣].

إنه الشعور العميق بطبيعة الخطأ ، وعلاقته بنفس الخاطئ وحياته ، وانعكاساته على قضية مصيره ، فليست القضية متصلة بالله باعتبارها شيئا يسيء إليه أو يمس سلطانه ، ولكنها متصلة بالموقف الإنساني من الله بقدر علاقة الإنسان بموقفه من مصلحة نفسه ، مما يجعل من بقاء الذنب في موقعه ، خسارة كبيرة للإنسان في الدنيا والآخرة ، ويكون طلب المغفرة والرحمة منطلقا من الرفض الكبير للمصير الخاسر. فلا خسارة أعظم من خسارة الإنسان في علاقة القرب بالله ، لأنه يخسر بذلك امتداده الإنساني في الطريق المستقيم.

* * *

٢٦٨

خطيئة آدم أمام عقيدة الفداء

ما هي علاقتنا بخطيئة آدم؟ هل يحمل الإنسان عبء خطيئته ، فتتحول إلى هاجس يعيشه في دمه وفي حياته؟ ذلك هو ما يظهر من المسيحية المعروفة الآن التي اعتبرت الخطيئة منذ آدم لازمة لأولاده. ولما كانت الخطيئة تستوجب العقاب ، كان لا بد من مخلّص طاهر من الذنب ، يخلّص البشرية منه ، فيتحمل الآلام والعذاب من أجلها ، « وهكذا أظهر الله رحمته بتجسد الكلمة الأزلية ، فلبس هذا الجسد ، وكان يلزم أن يكون هذا الفادي طاهرا قدوسا منزها عن النقص حتى يفي للعدل الإلهي حقه ويخلّص الخاطئين ، فالمسيح يسوع قام بهذا الأمر وقدم نفسه فداء عنا ، فالعدل الإلهي كان يستوجب عقابنا وموتنا ، فمات الفادي عوضا عنا ووفى للعدل الإلهي حقه ».

إننا ـ كمسلمين ـ لا نقر هذه الفكرة ، أولا : لأننا لا نرى أي ارتباط بين خطيئة آدم وخطايانا من ناحية ذاتية ، بل القضية كلها هي أن التكوين الإنساني بطبيعته يفسح في المجال لنوازع الخطيئة لأن تبرز وتعبر عن نفسها بالعصيان. فلآدم أسبابه الطبيعية المستمدة من تجربته في ما عمل ، ولنا أسبابنا الطبيعية في ما عملنا وفي ما نعمل ، فلا ربط لنا بخطيئته من قريب أو بعيد.

ثانيا : إن التفكير الإسلامي يعتبر الخطيئة حالة طارئة في حياة الإنسان ، ويرى أن من الممكن أن تزول بالجهاد النفسي وبالمعاناة والتكفير عنها ، كما يمكن أن تزول آثارها ونتائجها الأخروية من العقاب والغضب الإلهي بالندم والتوبة والإنابة إلى الله. وهذا ما عبّر عنه القرآن في قوله تعالى : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر : ٥٣]. وبذلك يتحول الإنسان إلى صفحة بيضاء ناصعة لا ظلمة فيها ولا سواد ، فأيّة حاجة بعد ذلك إلى المخلّص ، فضلا عن أن

٢٦٩

يكون المخلّص هو الله نفسه الذي يتحمل العذاب الجسدي بتجسّده ليستوفي حقه وعدله. إنه كلام لا نفهم له أساسا معقولا من خلال وعينا لعظمة الذات الإلهية واستحالة التجسد فيها من جهة ، أو من خلال اعتبار المغفرة موقوفة على استيفاء الله لحقه من نفسه بشكل مادي ، مع أنه الجواد الكريم الذي يفيض بجوده وكرمه على جميع خلقه.

ثالثا : ما معنى أن يتحمل شخص العذاب والآلام ليفدي بذلك خطايا البشرية القليلة والكثيرة ؛ إذا لا نعقل معنى لاستيفاء الحق بذلك. فإن الفكرة الطبيعية المعقولة هي أن يتحمل الإنسان مسئولية خطئه ، فيجني ثمارها بنفسه ، وهذا ما ركّزه القرآن في قوله تعالى : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [الأنعام : ١٦٤].

وبهذه المناسبة نحب أن نشير إلى أن مثل هذه الفكرة ـ وهي فكرة التكفير عن خطايا الآخرين بالآلام التي يتحملها شخص معين عظيم يقف ليفدي الناس بذلك ـ قد انتقلت إلى بعض الأساليب الشائعة في عرض قضية الإمام الحسين في ثورته واستشهاده. فإن بعض القارئين للسيرة يحاولون أن يذكروا أن الحسين فدى بنفسه ذنوب شيعته وخطاياهم ، مما يقتضي غفران تلك الذنوب بتضحيته إمّا بشكل مباشر ، كما في التفكير المسيحي ، أو بشكل غير مباشر ، باعتبار أنه يشفع لهم من خلال هذه الشهادة. إننا نحب أن نسجل ابتعاد هذه الأساليب عن التفكير الإسلامي ، وعن الطابع الإسلامي للثورة الحسينية التي انطلقت من أجل إقامة الحق وإزهاق الباطل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بعيدا عن أيّة حالة فداء لذنوب الآخرين ، بل هو الفداء والتضحية للحق وفي سبيل الله.

* * *

٢٧٠

وقفة أمام مفردات التفسير

هذه هي بعض القضايا العامة التي تواجهنا في قضية آدم وخروجه من الجنة ، وتبقى أمامنا بعض اللمحات المتعلقة بمفردات التفسير.

(الْجَنَّةَ) هل هي الجنة التي وعد الله بها المتقين ، أم هي جنة أخرى من جنان الأرض مشابهة للجنة الموعودة؟ لا نريد أن نخوض في الجدل الذي وقع فيه المفسرون ، لأن ذلك لا يتصل بالفكرة الأساسية للتفسير ، وإن كان الأقرب لجو الآيات التي تحدث فيها القرآن عن الجنة أن تكون هي نفسها الجنة الموعودة. وقد يسبق إلى الذهن أنها غيرها ، لأن جنة الله تمثل الطهر كله ، في التفكير ، وفي الممارسة ، وفي الجو العام ، فلا مجال فيها للانحراف ، ولا مجال فيها للخطيئة. ولكننا نحسب أن ذلك لا يمنع أن تكون جنة آدم هي الجنة ، لأن قضية آدم تمثّل تجربة تدريبية في ضمن الجو الذي أريد له أن يعيش فيه مع أولاده من خلال العمل الصالح ، فلا يتنافى ذلك مع الأجواء العامة الطبيعية التي أرادها الله للجنة كدار للثواب وللنعيم الخالد.

(اهْبِطُوا) : هل هو الهبوط المكاني المادي من السماء إلى الأرض ، أم هو الهبوط المعنوي في المنزلة والمكانة والنعيم؟ الظاهر من الكلمة هو الجو المادي ، إلا أن يثبت غيره ، ولم يثبت لنا ذلك.

(بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) : إن هذه التجربة ركزت العداوة وعمّقتها وأوضحت خطوطها الكاملة ، فلم يعد هناك أي مجال للالتباس ، فعلى الإنسان أن يعي دوره الجديد في الأرض ويتعرف إلى أساليب هذا العدو الجديد الذي أخرجه من الجنة ، وأهبطه إلى الأرض ، ويريد ـ من جديد ـ أن يبعده عن الجنة

٢٧١

التي تمثل رحمة الله وغفرانه ليشفي غيظه وعقدته الذاتية من تفضيل الله لآدم وتكريمه.

(وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) إن الأرض هي المجال الجديد الذي يتحرك فيه آدم من موقع التجربة الحية التي انطلقت في حياته بما يشبه الصدمة ، فهزت أعماقه وفجرت فيها الروح الجديدة الخاشعة لله ، فانطلقت تكتشف الآفاق الرائعة التي يمكن أن تفقدها إذا ابتعدت عن طاعة الله ، والآفاق التي يمكن أن تحقق لها الانسجام مع هواه ، فكانت التوبة يقظة الروح الخاشعة المنسابة في أجواء العبودية ، ليبدأ آدم من خلالها دوره الجديد في خلافته لله في الأرض ، من موقع الوعي والطهارة والشعور العميق بالمسؤولية ، والحذر من الألاعيب والملابسات التي يلعب من خلالها إبليس لعبة الإغراء والإغواء التي تهيئ أجواء الخطيئة لتنحرف بالإنسان عن دوره الأصيل ، ولم تكن التوبة حالة فريدة في التجربة الأولى لآدم ، بل كانت سبيلا عاما يلجأ إليه الإنسان لتصحيح نفسه كلما انحرف عن الطريق واستسلم لإغواء إبليس ، ليعيش الانفتاح على أجواء الطهارة في كل مجال يحس فيه بالحاجة إلى التطهّر.

وقد وصف الله تعالى نفسه في هذه الآية بأنه التوّاب الرحيم ، ليشعر الإنسان بعمق مبدأ التوبة وامتداده في علاقته بالله ، باعتبار أنها من صفات الله المرتبطة برحمته ، التي لا تنفصل عن حياة الإنسان ، ولذا تحدث الله عنها بصفة المبالغة التي تعني الكثرة. فقد خلق الله الإنسان وعرف أن غرائزه قد تثور وتنحرف وتقوده إلى غير ما يرضي الله ، فأراد أن يفتح للناس أبواب الرجوع إليه في كل وقت ، ليستقيموا على طريقه ، ويرجعوا إلى شريعته.

(قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا

٢٧٢

هُمْ يَحْزَنُونَ* وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).

وهنا حدد الله القضية وخط السير للإنسان ، المتجسّد بالهدى والعمل الذي ينزله على عباده ، فهو الذي يحدد له دوره ، وهو الذي يقرر له مصيره. إنه الهدى الذي تتضح فيه الرؤية للبداية والنهاية في خط السير ؛ الهدى في الفكر ، وفي العمل ، وفي الوسيلة ، وفي الغاية ، وفي جميع مجالات الحياة ، فلا لبس ولا غموض في ذلك كله. إنه النور الذي يغدقه الله على روح الإنسان وفكره من خلال ألطافه ومن خلال آياته ، لتكون إرادته حرة في الحركة من خلال وضوح الرؤية ، فلا تتجمد أمام عوامل الشك والغموض ، وليكون المصير الإنساني في الآخرة خاضعا لإرادة الإنسان واختياره بعد قيام الحجة عليه من عند الله ، وليشعر الإنسان أولا وأخيرا بأن الحياة الدنيا تعني مواجهة المسؤولية من خلال الرسالات ، وأن الدار الآخرة تعني مواجهة نتائج المسؤولية من خلال العمل.

هذه هي بعض ملامح القضية في ما تتسع له سورة البقرة ، وسنعود إلى هذه القصة في السور الأخرى التي تتحدث عنها إن شاء الله.

* * *

خلاصات عملية من هذه الآيات

أما حصيلتنا من هذه الآيات ـ في الخط العملي لحياتنا ـ فهي أن نستفيد من تركيز الله على عداوة إبليس لآدم ، لإثارة عمق الإحساس بالعداوة في حياتنا إزاء إبليس وجنوده ، مما يجعلنا نعيش الحذر في الفكرة ، وفي الكلمة ، وفي الخطوات العملية ، وذلك ، بأن ننفذ إلى أعماق ذلك كله في شهواتنا وخلفياتها الذاتية ، لأن الدوافع الشريرة قد تختبئ وراء ستار كثيف من

٢٧٣

الانطباعات السطحية الخفيفة الكامنة في زوايا النفس ، وقد تتلوّن ببعض الألوان المحببة إلى النفس في ما تقبله أو ترفضه. ثم نلتفت إلى ما حولنا من الأشياء التي تثيرنا نحو التحرك ، وإلى من حولنا من الناس الذين نختلف معهم في جوانب العقيدة والحياة عند ما نلتقي بهم في بعض مراحل الطريق ، أو نتفق معهم في بعض خطط العمل ، لندرس كل علاقة فكرية أو عملية ، بروح الحذر الذكي الذي لا يتجمد ليشلّ في الإنسان جانب الحركة في جو الشك ، بل يتحرك ليبحث عن كل السلبيات الكامنة في خلفيات الأشياء والنفوس ، فقد تكون هناك بعض الأمور السيئة الكامنة خلف واجهات الإغراء.

إن علينا أن نضع أمامنا حقيقة العداوة مع الأعداء ، فلا نستسلم لحالات الاسترخاء الطيّب في نفوسنا للعلاقات الطارئة التي تعيش في جوّ حميم ، لأن العدو الذي يعيش الإحساس بالفواصل الفكرية والروحية والعملية التي تفصله عنا ، لا بد له من التخطيط الفكري والعملي الذي يشل معه قدراتنا عن التحرك ، ويوحي لنا بالانحراف من حيث لا نريد أو لا نشعر ، فنستسلم للسذاجة الطيبة ، وللكلمات المعسولة ، وللأجواء الحميمة التي يتنامى فيها الشعور بحسن الظن ، إن علينا أن نستحضر هذا الإحساس بالفواصل الفكرية والشعورية لنخطط لعملية الثبات على الإيمان من خلال الثبات على القواعد الفكرية والعملية ، لنحفظ خطواتنا من الزلل ، ومشاعرنا من الذوبان ، وأفكارنا من الانحراف ، ولا سيما في مثل هذه الأوقات التي يكثر فيها أعداء الإسلام ، وتتنوع أساليب الإغراء التي تقتطع من الإسلام قطعة من هنا وقطعة من هناك ، لحساب قضية من القضايا غير الإسلامية ، ليتجمع الناس حولها فيحسبوها من الإسلام ، وما هي من الإسلام ، إن هي إلا الكفر المقنّع خلف الواجهات الإسلامية.

إن الله يريد من الإنسان أن يعيش الوعي العميق الممتد في كل خطواته

٢٧٤

من خلال وعيه لتجاربه في ما حوله وفي من حوله ، ليسير إلى غاياته على أساس الرؤية الواضحة ، والإرادة الحرة ، لينتهي إلى رحاب الله من موقع الطاعة الواعية المستقيمة.

* * *

٢٧٥
٢٧٦

الفهرس

مقدمة الطبعة الثانية تأمّلات‌ ‌في‌ المنهج‌ البياني‌ للقرآن.................................. ٥

مقدمة الطبعة الأولي............................................................. ٢٣

‌تفسير سورة الفاتحة [١ ـ ٧]

مدخل‌ عام............................................................... ٣١

الآيات ١ [١ ‌الي‌ ٧]........................................................... ٣٥

ذكر ‌الله‌.................................................................. ٣٥

‌بين‌ الارتباط باللّه‌ والثقة بالنفس‌............................................. ٣٧

البسملة ‌في‌ إطار المنهج‌ التربوي‌ الإسلامي‌..................................... ٣٩

بِسم‌ِ اللّه‌ِ................................................................. ٤٠

الرَّحمن‌ِ الرَّحِيم‌ِ............................................................. ٤١

الوجود مظهر الرحمة الإلهية.................................................. ٤١

المفسرون‌ والفرق‌ ‌بين‌ الرحمن‌ والرحيم‌.......................................... ٤٢

نقاش‌ رأي‌ السيد الخوئي‌ (قده‌).............................................. ٤٤

موقع‌ البسملة ‌في‌ القرآن‌.................................................... ٤٥

الحَمدُ لِلّه‌ِ رَب‌ِّ العالَمِين‌َ..................................................... ٤٧

لماذا الحمد لله‌ وحده‌!....................................................... ٤٨

‌الله‌ ‌هو‌ المربي‌.............................................................. ٤٩

٢٧٧

التازر والتاخي‌ ‌بين‌ مفردات‌ الوجود........................................... ٥٠

مالِك‌ِ يَوم‌ِ الدِّين‌ِ........................................................... ٥٢

إِيّاك‌َ نَعبُدُ وَإِيّاك‌َ نَستَعِين‌ُ.................................................... ٥٤

مفهوم‌ العبادة............................................................. ٥٥

مقياس‌ التوحيد............................................................ ٥٧

التوحيد والشرك‌ ‌في‌ الجانب‌ التطبيقي‌.......................................... ٥٩

الحوار المطلوب‌............................................................ ٦١

‌بين‌ عبادة الأصنام‌ واحترام‌ الأولياء........................................... ٦٢

ضرورة التوازن‌............................................................. ٦٤

الدوافع‌ الروحية للعبادة..................................................... ٦٥

ثمرات‌ عملية.............................................................. ٦٨

التوحيد ‌في‌ الاستعانة باللّه‌.................................................. ٦٩

التوحيد والحاجة ‌إلي‌ ‌النّاس.................................................. ٧٠

‌لا‌ واسطة ‌بين‌ العبد وربه‌.................................................... ٧٢

الشفاعة ‌لا‌ الوساطة....................................................... ٧٣

إيحاءات‌ الدعاء ودوره‌ التربوي‌............................................... ٧٥

الصراط المستقيم‌.......................................................... ٧٩

طريق‌ الأنبياء............................................................. ٨٢

مستحقو النعم‌............................................................ ٨٥

المغضوب‌ ‌عليهم‌ والضّالون‌.................................................. ٨٦

الثقافة المتحركة............................................................ ٨٧

‌من‌ ‌هم‌ المغضوب‌ ‌عليهم‌ والضالون‌!.......................................... ٨٨

موقع‌ الفاتحة ‌من‌ الصلاة.................................................... ٩٢

دور الصلاة.............................................................. ٩١

٢٧٨

تفسير سورة البقرة [١ ـ ٣٩]

‌سورة‌ البقرة ‌بين‌ الاسم‌ والمسمي.............................................. ٩٥

مواضيع‌ السورة............................................................ ٩٧

الآياتان‌ [١ ـ ٢]............................................................... ٩٩

معاني‌ المفردات‌............................................................ ٩٩

الحروف‌ المقطّعة ‌في‌ القرآن‌................................................. ١٠٠

‌ذلک‌ الكتاب‌ ‌لا‌ ريب‌ ‌فيه‌................................................ ١٠٣

القرآن‌ كتاب‌ هداية...................................................... ١٠٤

الطابع‌ الفريد للهدي‌ القرآني‌............................................... ١٠٥

المتقون‌ ‌هم‌ المنفتحون‌ ‌علي‌ الحق‌............................................ ١٠٦

هل‌ القرآن‌ هدي‌ للمتقين‌ فقط!........................................... ١٠٦

[الآيات‌ ٣ ـ ٥].............................................................. ١٠٨

معاني‌ المفردات‌.......................................................... ١٠٨

المعرفة ‌بين‌ اتجاهات‌ العقل‌ والحسن‌.......................................... ١٠٩

الإيمان‌ بالغيب‌.......................................................... ١١٣

هل‌ الدين‌ غيب‌ كله‌!.................................................... ١١٤

تجليات‌ العقيدة ‌في‌ الممارسة الإنسانية....................................... ١١٦

الإيمان‌ بالرسالات‌ السماوية، شرط أساس‌................................... ١١٩

دور الاعتقاد بالآخرة..................................................... ١٢١

وقفة ‌مع‌ صاحب‌ الميزان‌................................................... ١٢٢

الآيتان ‌[٦ ـ ٧]......................................................... ١٢٥

معاني‌ المفردات‌.......................................................... ١٢٥

٢٧٩

نموذج‌ آخر ... الكافرون................................................. ١٢٩

الآيتان‌ ‌في‌ حركة الواقع‌ المعاصر............................................. ١٢٨

الآيتان‌ ‌في‌ إطار الجبر والاختيار............................................ ١٢٩

الكفر والعصبية......................................................... ١٣٣

الآيات ‌[٨ ـ ١٥]............................................................. ١٣٥

معاني‌ المفردات.......................................................... ١٣٥

لمنافقون‌ أخطر فئة ‌علي‌ الأمة.............................................. ١٣٧

القرآن‌ دليلنا............................................................ ١٣٩

نماذج‌ ‌علي‌ المشرحة...................................................... ١٤٠

ظاهرة النفاق‌: عللها وأسبابها.............................................. ١٤١

النفاق‌ ‌في‌ سياق‌ قانون‌ السببية............................................. ١٤٢

المنافقون‌ والإفساد ‌عن‌ طريق‌ التظاهر بالإصلاح‌.............................. ١٤٣

المنافقون‌ والشعور بالاستعلاء.............................................. ١٤٦

المنافقون‌ ‌هم‌ السفهاء..................................................... ١٤٧

‌بين‌ الإفساد والسّفه‌...................................................... ١٤٨

المنافقون‌ والتظاهر بالتدين‌................................................. ١٤٩

‌الله‌ يستهزئ‌ بهم‌......................................................... ١٥١

الآيات‌ ‌[١٦ ـ ٢٠]........................................................... ١٥٤

المنافقون‌ اشتروا الضلالة بالهدي‌............................................ ١٥٤

مفهوم‌ الشّراء كمقوّم‌ لكل‌ّ عمل‌ إنساني‌..................................... ١٥٥

‌ما ينبغي‌ للدعاة استيحاؤه‌................................................. ١٥٧

حالة المنافقين‌ ‌في‌ مثلين‌................................................... ١٥٨

الآيتان‌ [٢١ ـ ٢٢]........................................................... ١٦٥

دعوة ‌إلي‌ التأمل‌......................................................... ١٦٥

٢٨٠