إعلام الخلف - ج ١

صادق العلائي

إعلام الخلف - ج ١

المؤلف:

صادق العلائي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الآفاق للدراسات الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠١
الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣

أهل السنة والشيعة تقول بتحريف تقول بتحريف القرآن ، فلا عجب إن قالوا بوقوع التحريف في كتاب الله عزّ وجلّ!

تنكيل مراجع الشيعة وأكابرهم بمن شذ وقال بتحريف القرآن

تواترت صولات مراجع الشيعة وتتابعت اعتراضات أعلامهم وهاجت من كل حدب وصوب في وجه من شذ وقال بتحريف القرآن ، فما ترى عيناك أحدا تعرض الحجية ظواهر القرآن منهم إلاّ وذكر مصيبة تحريف القرآن

__________________

يحدد فيها اتجاه قبلة المسلمين في الكوفة! ولأمر ظاهر ، لذا فإن شهرة القضية وبداهتها تجعل النص عليها سخيفا ، والدليل عليه عدم وجود أية رواية عند أهل السنة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تثبت تعهد الله عزّ وجلّ بحفظ كتابه ، أو حتى رواية واحدة عن صحابي يقول : إن القرآن سليم من التحريف ولم يسقط منه شيء ، وأما روايات التحريف التي جاءت عن الصحابة فهي زرافات ومجاميع ، وبهذا نقف على جهل بعض الوهابية الذين يطلبون رواية واحدة عند الشيعة تثبيت صيانة القرآن من التحريف! ، قال الوهابي (عثمان. خ) في شريطه : (ثم إن روايات التحريف ينقلونها عن المعصومين عندهم بينما الإنكار فلا يروون منه شيئا عن المعصومين) ، وسيتضح بعد قليل كذب قوله الأخير بإذنه تعالى ، ولكن السؤال هو لماذا لا يحضر لنا الوهابيون رواية واحدة في صيانه القرآن من التحريف عمن قوله حجة عندهم وهو قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟! ، وقد سمعت بعض مشايخ الوهابية يطلب من أحد عوام الشيعة رواية عن إمام معصوم تثبيت صيانة القرآن من التحريف فنقول : لماذا لا تأتونا أنتم بقول لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟!

٤١

والرزية التي منيت بها الطائفة على يد هؤلاء النفر ، وهم رضوان الله تعالى عليهم ما بين مسفه للرأي ومتحسف لهذا الخطب الجلل ، خاصة حينما طمَّ الأمر واتسع الخرق وزيد للنار حطب بتأليف المحدث النوري كتابه فصل الخطالب الذي لملم فيه شتات الأخبار والروايات التي أعرضت عنها الطائفة منذ أَلف سنة ، فحشى الكتاب بأي رواية وجد فيها أدنى إشارة على وقوع التحريف ولو بتكلفات بعيدة ، وعند ها قامت دنيا الشيعة ولم تقعد ، وثار المراجع والعلماء في وجه المؤلف ونُدد بالكتاب وطعن فيه ، بل هاجوا على المطبعة أيضا ، وكان حديث الساعة بين الأعلام ومحلا لاستنكارهم وسخطهم ، وهذه الرسالة شاهد تاريخي يحكي لنا حال الشيعة حينما علموا بصدور ذلك الكتاب والباطل الذي حواه :

قد أسلفنا تواجد الشيخ النوري نفسه في وحشة العزلة منذ أن سلك هذا الطريق الشائك ، إذ وجد من أقطاب الطائفة متفقة على خلاف رأيه ، وكم حاول العثور على رفقة من مشاهير العلماء ولكن من غير جدوى ، وقد أحسّ الرجل من أول يومه بشَنَعات ومَسبّات سوف تنهال عليه من كلّ صوب ومكان ، وبالفعل قد حصل! ووقع في الورطة التي كان يخافها.

يحدثنا السيد هبة الدين الشهرستاني ـ وهو شاب من طلبة الحوزة العلميّة بسامراء على عهد الإمام الشيرازي الكبير ـ عن ضجّةٍ ونعراتٍ ثارت حول الكتاب ومؤلّفه وناشره يومذاك ، يقول في رسالة بعثها تقريظاً على رسالة البرهان التي كتبها الميرزا مهدي البروجردي بقم المقدّسة١٣٧٣ه. يقول فيها : كم أنت شاكر مولاك إذ أولاك بنعمة هذا التأليف المنيف ، لعصمة

٤٢

المصحف الشريف عن وصمة التحريف ، وتلك العقيدة الصحيحة التي آنست بها منذ الصغر أيّام مكوثي في سامراء ، مسقط رأسي ، حيث تمركز العلم والدين تحت لواء الإمام الشيرازي الكبير ، فكنت أراها تموج ثائرة على نزيلها المحدث النوري بشأن تأليفه كتاب (فصل الخطاب) ، فلا ندخل مجلساً في الحوزة العلمية إلاّ ونسمع الضجّة والعجّة ضدّ الكتاب ومؤلّفه وناشره ، يسلقونه بألسنة حداد.

وهكذا هبّ أرباب القلم يسارعون في الردّ عليه ونقض كتابه بأقسى كلمات وأعنف تعابير لاذعة ، لم يدعوا لبثّ آرائه ونشر عقائده مجالاً ولا قيد شعرة (١).

وهنا نذكر بعض كلمات الأعلام في ذم فعل الؤلف والنيل من ذلك الكتاب :

قال الإمام الحجة البلاغي رضوان الله تعالى عليه في (آلاء الرحمان) :

هذا وإن المحدث المعاصر جهد في كتاب (فصل الخطاب) في جمع الروايات التي استدل بها على النقيصة وكثر أعداد مسانيدها بأعداد المراسيل على الأئمة عليهم السلام في الكتب ، كمراسيل العياشي وفرات وغيرها ، مع أن المتتبع المحقق يجزم بأن هذه المراسيل مأخوذة من تلك المسانيد ، وفي الجملة ما أورده من الروايات ما لا يتسير احتمال صدقها ، ومنها ما هو مختلف باختلاف يؤول به إلى التنافي والتعارض ، وهذا المختصر لا يسع بيان

__________________

(١) صيانة القرآن من التحريف للمحقق الشيخ معرفت حفظه الله : ١١٥.

٤٣

النحوين الأخيرين. هذا مع أن القسم الوافر من الروايات ترجع أسانيده إلى بضعة أنفار ، وقد وصف علماء الرجال كلاًّ منهم إما بأنه ضعيف الحديث فاسد المذهب مجفو الرواية ، وإما بأنه مضطرب الحديث والمذهب ، يعرف حديثه وينكر ويروي عن الضعفاء ، إما بأنه كذاب متهم لا أستحل أن أروي من تفسيره حديثا واحدا ، وأنه معروف بالوقف ، وأشد الناس عداوة للرضا عليه السلام ، وأما أنه كان غاليا كذابا ، وإما بأنه ضعيف لا يلتفت إليه ولا يعول عليه ومن الكذابين ، وأما بأنه فاسد الرواية يرمى بالغلو. ومن الواضح أن أمثال هؤلاء لا تجدي كثرتهم شيئا ، ولو تسامحنا بالاعتناء برواياتهم في مثل هذا المقام الكبير لوجب من دلالة الروايات المتعددة ان ننزلها على مضامينها ... (١)

ثم ذكر بعض موارد التكلف الواضح لإثبات التحريف ، وهو في واقعه تفسير وتنزيل.

ما ذكره الإما الخميني رضوان الله تعالى عليه وعطر الله مرقده في كتابه (أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية) قال :

وأزيدك وضوحا : أنه لو كان الأمر كما توهّم صاحب (فصل الخطاب) الذي كان ما كتَبَهُ لا يفيد علماً ولا عملاً ، وإنّما هو إيراد روايات ضعاف ، أعرض عنها الأصحاب وتنزّه عنها أولوا الألباب من قدماء أصحابنا كالمحمّدين الثلاثة المتقدمين رحمهم الله (٣).

__________________

(١) مقدمة تفسير آلاء الرحمان.

(٢) ثقة الإسلام الشيخ محمد بن يعقوب الكليني ، المحدث الشيخ محمد بن علي بن بابويه

٤٤

هذا حال كتب روايته غالبا كالمستدرك ، ولا تسأل عن سائر كتبه المشحونة بالقصص والحكايات الغريبة التي غالبها بالهزل أشبه منه بالجد ، وهو رحمه الله شخص صالح متتبع ، إلاّ أنّ اشتياقَه لجمع الضعاف والغرائب والعجائب وما لا بقبلها العقل السليم والرأي المستقيم ، أكثرُ من الكلام النافع ، والعجب من معاصريه من أهل اليقظة! كيف ذهلوا وغفلوا حتّى وقع ما وقع ممّا بكت عليه السماوات ، كادت تتد كدت على الأرض؟! (١).

ولا ريب أن تلك المباني أركبتهم الصعب تسليما للخبر بلا عرض أو نظر ، فكان من المحتم على من يتصدى لرفع هذه الفرية عن القرآن أن يجتث تلك المباني الفاسدة التي ارتكزوا عليها ، لا أن يُغير على النتيجة فيبدأ بالصياح والعويل! فالنقاش لا يتم في تحريف القرآن وإنما في مبانيهم ومقدمات استدلالاتهم التي أملت عليهم تحريف القرآن ، إذ لو قبِل أي رجل مبانيهم سيكون تحريف القرآن نتيجةً حتمية.

وسوف تختم هذا المبحث ببقية أقوال مراجع الشيعة الذين ركب في سفينة كل واحد منهم الآلاف المؤلفة من الشيعة ، وقادوا الجم الغفير على عواتقهم في القول والعملن ويقتفي جماهير الشيعة أثرهم ويميلون حيث مالوا ويرون قولهم هو الفصل في المسألة ، وسنعلم كيف نفوا شبهة التحريف جملة وتفصيلا عن المذهب ، ونحمد الله أن لا أحد من مراجع الطائفة على مر

__________________

الصدوق ، رئيس الطائفة المحقة الشيخ محمد بي الحسن الطوسي قدس الله أسرارهم.

(١) أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية١ : ٢٤٣ ـ ٢٤٧.

٤٥

السنين قال بتحريف القرآن ، وهذا كاف لتوضيح شذوذ الرأي وضآلة عدد قائليه.

أين الافتراء إذن؟!

وبعد هذه المقدمات يتضح لأهل الإنصاف والشرف أن ما يقوم الوهابية به من نشر كتبياتهم السخيفة في الأسواق ، وما يتناجون به في اوكارهم من أن تحريف القرآن من عقائد الشيعة هو عين الافتراء والكذب على جمهور الشيعة وسوادهم الاعظم ، وهو خلط للأوراق وتضليل للبسطاء والسذج ناهيك عن أن هذا الافتراء لا موضوع له اليوم؛ لأن كل الشيعة الإمامية في عصرنا يقولون بسلامة القرآن من التحريف ولا أحد منهم يدعي التحريف ومن قال منهم بدلك قبل مئات السنين هم عشرة ونيف في قبال آلاف الألوف وليت شعري كيف ينسب للملايين من الشيعة رأي شذ به عشرة ونيف بعد أن انتفض لهم المراجع والعلماء من جمهرة الشيعة بالرد والتنكيل؟!

فإن كان نسبة ما شذ به البعض إلى الكل هو ميزان الوهابية العادل فليشد الشيعة همّتهم بنشر أقوال علماء أهل السنة الشاذة ويلزموا الجميع بها ، وبنفس ميزان الوهابية!

فلنزم جميع علماء اهل السنة باعتقاد جلوس انبي صلى الله عليه وآله وسلم بجانب الله عزّ وجلّ على عرشه ، خاصة أن هذا الاعتقاد قد نقل فيه موافقة الكثير من علمائهم (١).

__________________

(١) كما ذكره ابن القيم الجوزيّة في بدائع الفوائد٤ : ٣٩ ـ ٤٠ (قال القاضي : صنف المروزي كتابا

٤٦

__________________

في فضيلة النبي صلي الله عليه وآله وسلم وذكر فيه إقعاده على العرش ، قال القاضي : وهو قول أبي داود ، وأحمد بي أصرم ، يحيى ين أبي طالب ، وأبي بكر بن حماد ، وأبي جعفر الدمشقي ، وعياش الدوري وإسحاق بن راهويه ، وعبد الوهاب الوراق ، إبراهيم الأصبهاني وإبراهيم الحربي ، وهارون بن معروف ، ومحمد بن إسماعيل السلمي ، ومحمد بن مصعب العابد ، وأبي بكر بن صدقة ومحمد بن بشر بن شريك ، وأبي قلابة ، وعلي بن سهل ، وأبي عبد الله بن أبي عبد النور وأبي عبيد ، والحسن بن فضل ، وهارون بن العباس الهاشمي وإسماعيل بن إبراهيم الهاشمي ومحمد بن عمران الفارسي الزاهد ، وحمد بن يونس البصري وعبد الله بن الإم أحمد والمروزي ، وبشر الحافي ، قلت ـ ابن القيم ـ : وهو قول ابن جرير الطبري ، وإمام هؤلاء كلهم مجاهد إمام التفسير ، وهو قول أبي الحسن الدار قطني ومن شعره فيه ... ) انتهى.

ومن شدّة تعصب الحنابلة لهذا القول تعرّضهم للإمام الطبري بالضرب والأذى؛ لأنه أنكر هذا الأمر وقال لهم :

سبحان من ليس له أنيس وما له على العرش جليس

فرموه بمحابهم وحصّبوا داره بالحجارة وجاءت الشرطة للتفريق! والحادثة مذكورة في معجم الأدباء لياقوت الحموي١٨ : ٥٧ ـ ٥٩ وكتب الحنابلة هذه الأبيات على باب الطبري ردا عليه

لأحمد منزل لا شك عالٍ

إذا وافى إلى الرحمن وافد

فيدنيه ويقعده كريما على

رغم لهم في أنف حاسد

٤٧

أو نقول : إن كل أهل السنة بعتقدون أن الله عزّ وجلّ يستطيع أن يركب على ظهر بعوضة فتحمله وتطير به؟! (١)

أو نحمّل أهل السنة رأي الوهابية في أن التنويم امغناطيسي شرك بالله! (٣)

__________________

على عرش يغلّفه بطيب

على الأكباد من باغ وعاند

له هذا المقام الفرد حقا

كذلك رواه ليث عن مجاهد

أقول : وكأن الله عزّ وجلّ له عرش كعرش هرقل أو كسرى يجلس بجانبه من يشاء!!

(١) هذا ماقاله إمام السلف عثمان بن سعيد الدارمي ، صاحب السنن المعروفة بسنن الدارمي حيث تجرأ وتفوه بهذا التجسيم في رده على امريسي ، نقلا عن كتاب عقائد السلف : ٤٤٣ وقد بلغنا أنهم ـ الملائكة ـ حين حملوا العرش وفوقه الجبار في عزته وبهائه ، ضعفوا عن حمله واستكانوا وحنوا على ركبهم حتى لقنوا (لاحول ولا قوة إلاّبالله) فاستقلوا به بقدرة الله وإرادته ، ولولا ذلك ما استقل به العرش ، ولا الحملة ولا السماوات ولا الأرض ولا من فيهن. ولو قد شاء لا ستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبيته ، فكيف على عرش عظيم أكبر من السماوات السبع؟! ، وكيف تنكر أيها النفاج أن عرشه يقلّه والعرش أكبر من السماوات السبع والأرضين السبع)).

(٢) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء١ : ٣٤٨ : (التنويم المغناطيسي ضرب من ضروب الكهانة بالستخدام جني حتى يسلطه المنوِّم على المنوَّم؛ فيتكلم بلسانه ويكسبه قوة على بعض الأعمال بالسيطرة عليه ، إن صدق مع المنوم وكان طوعا له مقابل ما يتقرب به المنوِّم إليه ويجعل ذلك الجني المنوَّم طوع إرادة المنوِّم بما يطلبه من الأعمال أو الأخبار بمساعدة

٤٨

أو نحمل رأي الوهابية في أن كتابة الآيات كالبسملة أو سورة التوحيد أو آية الكرسي وتعليقها على احائط ذريعة من الشرك وبدعة محرمة! (١)

__________________

الجني له إن صدق ذلك الجني مع المنوم ، وعلى ذلك يكون استغلال التنويم المغناطيسي واتخاذه طريقا أو وسيلة للدلالة على مكان سرقة أو ضالة أو علاج مريض أو القيام بأي عمل آخر بواسطة المنوم غير جائز ، بل ه وش ر ك ، لما تقدم ، ولأنه التجاء إلى غير الله فيما هو من وراء الأسباب العادية التي جعلها سبحانه إلى المخلوقات وأباحها لهم).

أقول : لو سمي الأطباء النفسيون بالكهنة كان مناسبا لهذه الفتوى!

(١) فتاوى اللجنة الدئمة للبحوث العلمية والإفتاء٤ : ٤٧ ـ ٤٨ (اطلعت اللجنة على الخرق الثلاث (العلاقات) فوجدت أن إحداها قد كتب عليهما البسمة ، وقوله تعالى (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) (البقرة : ١٤٤) ، وقوله (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) (النمل : ١٩) وفيها صورة لرجال ونساء في المطاف ، وفي الثانية : البسملة وسورة الفاتحة ودعاء ولفظ الجلالة واسم محمد صلي الله عليه ـ وآله ـ وسلم وأسماء الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم بازاء لفظ الجلالة ، وصورة المسجد الأقصى. وتطبيقا لما تقدم ... لايجوز اتخاذ هذه الخرق ولا تعليقها في البيوت أو المدارس أو النوادي أو المحلات التجارية ونحوها زينة لها أو تبركاً بها مثلا ، للأمور التالية :

١ ـ لما في ذلك من الانحراف بالقرآ ، عما أنزل من أجله من الهداية والموعظة الحسنة والتعبيد بتلاوته ونحو ذلك.

٢ ـ لمخالفتها ما كان عليه النبي صلي الله عليه ـ وآله ـ وسلم وخلفاؤه الراشدون رضي

٤٩

أو ندعي أن من صفات الله عزّ وجلّ عند أهل السنة الضحك والهرولة لأن شيخ الوهابية ابن باز يعتقد أن ربه يهرول ويضحك!! ، وأوضح منه قول احد أئمتهم أن الله ـ والعياذ بالله ـ يهرول فوق عرشه وهي صفة قديمة!! (١)

____________

الله عنهم فإنهم لم يكونوا يفعلون ذلك والخير كل الخير في اتباعهم لا في الابتداع.

٣ ـ سد ذريعة الشرك والقضاء على وسائله من الحروز والتمائم وإن كانت من القرآن لعموم حديث النهي عن ذلك ، ولا شك أن تعليق هذه الخرق وأمثالها بفضي إلى اتخذها حروزا لصيانة ما علقت فيه ، كما دل على ذلك التجربة وواقع الحال ... ) ،

ولا أدري إذ كانت دور المسلمين بل حتى مساجد الوهابية ودور عبادتهم مليئة بالبدعة فمن من المسلمين لي بمبتدع!

(١) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية ةلإفتاء٣ : ١٩٦ : (س : هل لله صفة الهرولة؟ج : نعم ، على نحو ما جاء في الحديث القدسي الشريف على ما يليق به قال تعالى : إذا تقرب إليّ العبد شبراً تقربت إليه ذراعاً وإ       ذا تقرب إليّ ذراعاً تقربت منه باعاً وإذا أتاني ماشياً أتيته هرولة. رواه البخاري ومسلم).

قال إمامهم الدارمي في رده على المريسي ، كما نقلت في كتال عقائد السلف : ٤٧٩ : (لا نسلم أن مطلق المفعولات مخلوقة ، وقد أجمعنا واتفقنا على أن الحركه والنزول والمشي والهروله على العرش ، وإلى السماء قديم ، والرضى والفرح والغضب والحب والمقت كلها أفعال في الدات للدات وهي قديمه) ، أقول لا ادري كيف صارت الهرولة قديمة وهي تحدث ، عند تقرب الله لعباده؟!!

وفي نفس الجزء من فتاوى اللجنة الدائمة : ٢٠٦ (س : مامعنى قوله صلي الله عليه[وآله]

٥٠

أو نقول إن أهل السنة يعتقدون أن من سكن في الطابق الأعلى اقرب إلى الله عزّ وجلّ ممن سكن في الطابق الأسفل!! (١)

أو أن أهل السنة يحكمون بحرمة التوسل أو دعاء الله عزّ وجلّ بحق وبجاه الأنياء والصالحين بعد وفاتهم ، فقط لما شذ به ابن تيمية وأذنا به من

__________________

وسلم : يضحك الله من رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة. متفق عليه؟ج : لفظ الحديث : يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة ، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله على القاتل فيستشهد. انتهى ، وهو يدل على إثبات صفة الضحك لله تعالى كما يليق بجلاله وعظمته لا يشابه خلقه في شيء كما قال سبحانه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ). انتهى.

قال تعالى (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا) (الإسراء : ٤٣).

(١) قال إمامهم عثمان بن سعيد الدارمي صاحب السنن ، في رده على المريسي : (ثم أكد المعارض دعواه في أن الله في كل مكان بقياس ضل به عن سواء السبيل ، فقال : ألا ترى أنه من صعد الجبل لا يقال أنه أقرب إلى الله. فيقال لهذا المعارض المدعي ما لا يعلم به : من أنبأك أن رأس الجبل ليس بأقرب إلى الله من أسلفه؟! ، لأنه من آمن بأن الله فوق عرشه فوق سماواته علم يقينا الخامسة ثم كذلك إلى الأرض.

كذلك روى إسحاق بن ابراهيم الحنظلي عن ابن المبارك أنه قال : رأس المنارة أقرب إلى الله من أسفلها. وصدق ابن المبارك؛ لأن كل ما كان إلى السماء أقرب كان الله أقرب) ، نقلنا بالنص من كتاب عقائد السلف : ٤٥٨.

٥١

الوهابية ، وقد قال شيخهم ابن باز : إن هذا العمل بدعي محدث ووسيلة من وسائل الشرك القريبة! (١)

__________________

(١) الموسوعة الفقهية١٤ : ١٦١ ، ط : وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت : (التوسل بالنبي بعد وفاته : اختلف العلماء في مشروعية التوسل بالنبي صلي الله عليه [وآله] وسلم بعد وفاته كقول القائل : اللهم إني أسألك بنبيِّك أو بجاه نبيك أو بحق نبيك ، على أقوال :

القول الأول : ذهب جمهور الفقهاء المالكية والشافعية ومتأخر والحنفية ، وهو المذهب عند الحنانبلة إلى جواز هذا النوع من التوسل ، سواء في حياة النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم أو بعد وفاته.

القول الثاني : مكروه عند أبي حنيفة وأبي يوسف وأبي محمد.

القول الثالث : ذهب تقي الدين بن تيمية وبعض الحنابلة من المتأخرين إلى أن التوسل بذات النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم لا يجوز).

هذا النقل باختصار مع حذف الأدلة. وجاء في خاتمة المبحث قول لابن تيمية يرد فيه على من يكفر المسلمين في هذه المسألة الخلافية : (ثم يقرر ابن تيمية إن هذه المسألة خلافية وأن التكفير فيها حرام وإثم).

ويقول بعد ذكر الخلاف في المسألة : ولم يقل أحد ، إن من قال بالقول الأول فقد كفر ، ولا وجه لتكفيره ، فإن هذه المسألة خفية ليست أدلتها جلية ظاهرة ، والكفر إنما يكون بإنكار ما علم من الدين بالضرورة ، أو بإنكار الأحكام المتواترة والمجمع عليها ونحو ذلك. بل المكفر بمثل هذه الأمور يستحق من غليظ القوبة والتعزيز ما يستحقه أمثاله من المفترين على الدين ، لا سيما مع قول النبي صلي الله عليه وآله وسلم ((أيما رجل قال لأخيه : با كافر فقد باء به أحدهما)).

٥٢

أو نشيع أن من عقائد أهل السنة أمر النبي صلي الله عليه وآله وسلم المكلف بفعل ما هو مكروه في حد ذاته ، ولا يخلو ارتكابه من نوع جريمة ويأتي عمر بن الخطاب فيصلح بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما أفسده النبي في أمتع ويؤجر عمر على ذلك! (١)

__________________

رابعاً : التوسل بالصالحين من غير النبي : لا يخرج حكم التوسل بالصالحين من غير النبي عما سبق من الخلاف في التوسل به صلى الله عليه [وآله]وسلم). اه

أقول : لاحظ كيف شذ ابن تيمية والوهابية بتحريم التوسل بالأنبياء والصالحين بعد وفاتهم مع أن كل من سبقه من الفقهاء يذهبون إلى جوازه ، وأما فتوى ابن باز في كون هذا التوسل من البدع المحدثة في الدين يمكن مراجعتها في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية ولإفتاء١ : ١٥٣و ٥٩٥ ، فإن كن (جمهور الفقها المالكية والشافعية ومتأخر والحنفية وهو المذهب عند الحنابلة) قد أجازوا البدعة ، فمن من سلفهم الصالح ليس بمبتدع؟!

(١) بذل المجهود في حل أبي داود١٩ : ١٩٨ (باب فيمن تكنى بأبي عيسى) ط دار الكتب العلمية : (بسنده عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب ضرب إبنا به يكنى أبا عيسى وأن المغيرة بن شعبة يكنى بأبي عيسى فقال له عمر : أما يكفيك أن تكنى بأبي عبد الله!؟ فقال له : إن رسول الله صلي الله عليه[وآله] وسلم كناني!!فقال ـ عمر ـ : إن رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم قد غفر به ما تقدم من ذنبه وما تأخر (!!!) وأنا في جلجتنا فلم يزل يكنى بأبي عبد الله حتى هلك).

قال في الشرح : (فقال عمر : إن رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. كتب مولانا محمد يحيى المرحوم في التقرير يعني بذلك ـ والله أعلم ـ أن من

٥٣

أو ننسب لهم اعتقادا مفاده أن الأنبياء يهمون بمعصية الله ، وأن بعض الأنبياء ليهم بالزنا ولا يردعه تهديد الله ووعيده فيضطر الله لإجباره على الكف والترك ، وأن لا عفة للأنبياء! (١)

__________________

الأمور ما هو مكروه في حد ذاته لا يخلو ارتكابه من نوع جريمة إلاّ أن النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم إنما فعلها لبيان الجواز لئلا تظن به الحرمة فيغتفر له ما فيه من صورة الإثم والذنب ظاهرا ، بل ويثاب على ذلك. وليس هذا لغيره صلى الله عليه [وآله] وسلم).

أقول : كل هذا الطامات والمخازي تنسب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لتلميع صورة ابن الخطاب وتصحيح عمله!

(١) وقد أخرجه عدة من حفاظهم وقال به جملة من مفسري التابعين ، كما جاء في الدر المنثور٤ :

١٣ : (أخرج عبد الرزاق والفارابي ، وسعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والحاكم ، وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : لما همت به تزينت ثم استلقت على فراشها وهم بها وجلس بين رجليها وحل تبّانه ـ سرواله ـ نودي من السماء : يا بن يعقوب لا تكن كطائر ينتف فبقى لا ريش له! فلم يتعظ على النداء من السماء : يابن يعقوب لا تكن كطائر ينتف فبقى لا ريش له! فلم يتعظ على النداء شيئا (!) حتى رأى برهان ربه ، جبريل عليه السلام في صورة يعقوب عاضاً على إصبعيه ، ففزع فخرجت شهوته من أنامله فوثب إلى الباب فوجده مغلقا ، فرفع يوسف رجله فضرب بها الباب الأدنى فانفرج له واتبعته فأدركته فرضعت يديها في قميصه فشقته حتى بلغت عضلة ساقه فألفيا سيدها لدى الباب.

وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، وأبو نعيم في الحيلة عن الن عباس رضي الله عنهما انه سئل عن هم يوسف عليه السلام ما بلغ قال : حلّ الهميان يعني السروايل وجلس منها مجلس

٥٤

أو نقول إن الحنابلة يقولون : من لم يكن حنبلياً فليس بسلم (١) لقول الإمام أبي حاتم الحنبلي ، ومن جانب آخر نشيع أن باقي أهل السنّة يكفرون جميع الحنابله ، بسبب تكفير أبي بكر المقري لهم! (٣)

أو ننسب لهم الحكم بكفر ابن تيمية لتكفير قضاة المذاهب الأربعة له حين حرّم زيارة قبر النبى صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد نودي عليه بدمشق أن من اعتقد عقيدة ابن تيمية حلّ دمه وماله (٣).

أو نقول : إن أهل السنة يكفّرون من وصف ابن تيمية بشيخ الإسلام؛ لما حكم به بعض علمائهم! (٤)

__________________

الخائن فصيح به : يايوسف لا تكن كالطير له ريش ، فاذا زنى قعد ليس له ريش).

وأخرج الطبري في تفسيره١٦ : ٢٦ ما قاله مجاهد بن جبر في نبي الله يوسف عليه السلام (بأنه حل سرواله حتى وقع على إليته!) ، وكذلك القرطبي في تفسيره٩ : ١٦٦بلفظ آخر (حلّ السراويل حتى الإليتين (!!)) ، أهكذا يكون أنبياء الله؟! نعوذ بالله من غضبه.

(١) تذكرة الحفّاظ٣ : ٣٧٥.

(٢) شذرات الذهب٣ : ٢٥٢.

(٣) الدرر الكامنة لابن حجر العسقلاني١ : ١٤٧. للمزيد انظر : ملحق رقم (١).

(٤) قال الشيخ عبد الله الغماري المغربي في هامش كتابه الرد على الألباني : (وقد ذكر أبو عبد الله علاء الدين البخاري العجمي الحنفي المتوفي سنة ٨٤١ه أن من أطلق على ابن تيمية شيخ الإسلام ، فهو بهذا الإطلاق كافر ، انظر : الضوء اللامع٩ : ٢٩٢ ، ومراده بذلك من علم

٥٥

أول أن أهل السنة لا يرون وجوب الحد على من زنى بأمه أو أخته أو أحد محارمه بعد عقده عليهن عالما بالحرمة! وعدم لزوم الحد على من استأجر امرأة ليزني بها (١).

أو نشيع بين الناس أن أهل السنة يجوزون إعارة الفروج كما ذهب له بعض سلفهم الصالح من الصحابة والتابعين! (٣)

__________________

بكلماته الكفرية واعتقاداته الضالة ، ومع ذلك وصفه بهذا اللقب).

(١) المحلى بالآثار لابن حزم١٢ : ٢٠٠مسألة٢٢٢٠و : ١٩٦مسألة٢٢١٨ ، وفي طبعة دار الفكر١١

: ٢٤٨مسألة٢٢١٠ : (وأما من أسقط الحد في العمد في ذلك فانه إن طرد قوله لزمه المصير إلى قول أبي حنيفة في سقوط الحد عمن تزوج أمه وهو يدري أنها أمه وأنها حرام وعمن تزوج ابنته كذلك أو أخته كذلك ، وتزوج نساء الناس وهن تحت أزواجهن عمدا دون طلاق ولا فسخ).

وفي١١ : ٢٥٣ ـ ٢٥٤ مسألة٢٢١٥ : (وقد اختلف الناس في هذا فقالت طائفة : من تزوج أمه أو ابنته أوحريمته أو زنى بواحدة منهن ...

وقال أبو حنيفة : لا حد عليه في ذلك كله ، ولا حد على من تزوج أمه التي ولدته وابنته وأخته وجدته وعمته وخالته وبنت أخيه وبنت أخته عالما بقرابتهن منه ، عالما بتحريمهن عليه ، ووطئهن كلهن ، فالولد لاحق به والمهر واجب لهن عليه ، وليس عليه إلاّ التعزير دون الأربعين فقط ، وهو قول سفيان الثوري قال : فان وطئهن بغير عقد نكاح فهو زنا ، عليه ما على الزاني من الحد).

(٢) المحلى طبعة دار الفكر١١ : ٢٥٧مسألة٢٢١٦ (من أحل لآخر فرج أمته) : (قال أبو محمد رحمه

٥٦

أو أن أهل السنة يجيزون نظر الحمامي لعورات الرجال وتدليكها لهم بالنورة ، لأن أبا حنيفة كان لا يرى به بأسا وكذلك ابن مقاتل (١).

__________________

الله ـ ابن حزم ـ : سواء کانت امرأة احلت أمتها لزوجها او ذی رحم محرم احل امته لذي رحمه او اجنبي فعل ذلک ، فقد ذکرنا قول سفیان في ذلک ، وهو ظاهر الخطأ جدا ؛ لأنه جعل الولد مملوکا لمالک أمه واصاب في هذا ، ثم جعله لاحق النسب بواطئ أمه وهذا خطأ فاحش) ، وكذا في : ٢٥٧ ـ ٢٥٨ مسألة٢٢١٧ (من أحل فرج أمته لغيره) : (عن ابن جريج قال : اخبرني عمرو بن دينار أنه سمع طاووسا يقول : قال ابن عباس : إذا أحلت امرأة الرجل أو ابنته أو اخته له جاريتها فليصبها وهي لها فليجعل به بين وركيها ، قال ابن جريج : واخبرني ابن طاووس عن أبيه انه كان لا يرى به بأسا وقال : هو حلال فان ولدت فولدها حر والأمة لامرأته ولا يغرم الزوج شيئا ، قال ابن جريج : واخبرني إبراهيم بن أبي بكر عن عبد الرحمن بن زادويه عن طاووس انه قال : هو أحل من الطعام ، فان ولدت فولدها للذي أحلت له وهي لسيدها الأول. قال ابن جريج : واخبرني عطاء بن أبي رباح قال : كان يفعل ، يحل الرجل وليدته لغلامه وابنه وأخيه وتحلها المرأة لزوجها قال عطاء : وما أحب أن يفعل وما بلغني عن ثبت ، قال : وقد بلغني أن الرجل كان يرسل بوليدته إلى ضيفه.

قال أبو محمد رحمه الله ـ ابن حزم ـ : فهذا قول وبه يقول سفيان الثوري ، وقال مالك وأصحابه لا حد في ذلك أصلا) ، (قال أبو محمد رحمه الله : أما قول ابن عباس فهو عنه وعن طاووس في غاية الصحة ، ولكنا لا نقول به ، إذ لا حجة في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم ، ثم قام بالرد على بقية الأقوال).

(١) حاشية ابن عابدين شرح فقه أبي حنيفة النعمان٧ : ١١٥ : (لا بأس للحمامي أن يطلي عورة

٥٧

أو ننسب لهم قول عائشة بجواز رضاع الرجل من المرأة الأجنبية كما صرّحت بذلك عدّة من الروايات وقبلها أ: أكابر علمائهم (١) ، حتى زاد ابن

__________________

غيره بالنور انتهى ، لكن قال في الهندية بعد أن نقل عن التتار خانية أن أبا حنيفة كان لا يرى بأسأ بنظر الحمامي إلى عورة الرجل ، ونقل أنه ما يباح من النظر للرجل من الرجل يباح المس) ، البحر الرائق لابن نجيم الحنفي٨ : ٢١٩ (وفي التتمة والإبانة كان أبو حنيفة لا يرى بأسا بنظر الحمامي إلى عورة الرجل ، وفي الكافي وعظم الساق ليس بعورة ، وفي الذخيرة وما جاز النظر إليه جاز مسه ، قال محمد بن مقاتل : لا بأس أن يتولى صاحب الحمام عورة إنسان بيده عند التنور إذا كان يغض بصره) ، وفيه٧ : ٩٦ قال : (وذكر الكرخي في الكبير يختنه الحمامي ، وكذا ابن مقاتل لا بأس للحمامي أن يطلي عورة غيره بالنورة).

(١) أخراج مالك في الموطأ٢ : ٦٠٥بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي : (عن ابن شهاب أنه سئل عن رضاع الكبير فقال : أخبرني عروة بن الزبير أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة وكان من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وكان قد شهد بدرا ـ إلى أن قال ـ فأخذت بذلك عائشة أم المؤمنين فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال ، فكانت تأمر أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق وبنات أخيها أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال وأبي سائر أزواج النبي صلي الله عليه وآله وسلم أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس وقلن لا والله!) ، ولكلام فيه شائع ذائع فكل من تعرض لرضاع الكبير من علمائهم في الفقه ذكر رأي عائشة ، ولا بأس بنقل دفاع ابن حجر عن هذه البائقة المعيبة حينما قال في فتح الباري٩ : ١٤٩ : (ورأيت بخط تاج الدين السبكي أنه رأى في تصنيف لمحمد بن خليل الأندلسي في هذه المسألة أنه توقف في أن عائشة وإن صح عنها الفتيا بذلك لكن لم يقع منها إدخال أحد من الأجانب بتلك الرضاعة ، قال تاج الدين : ظاهر الأحاديث ترد عليه وليس

٥٨

تيمية في الطنبور نغمة بمباركة هذا الفعل وتمجيده والحث عليه (١) ، فما المانع من ارتقاء المنابر في المحافل ، والإذاعة على الملأ ـ اقتداء بالوهابية ـ أن أهل السنة يدخلون الرجال الأجانب على نسائهم حتى يرضعنهم؟!

أو نكتب بسود المداد في كل البلاد أن أهل السنة يجوزون إتيان النساء في أدبارهن ، بل إن علماءهم يفعلونه! (٣)

__________________

عندي فيه قول جازم لا من قطع ولا من ظن غالب ، كذا قال وفيه غفلة عما ثبت عند أبي داود في هذه القصة ، فكانت عائشة تأمر بنات إخوتها وبنات إخواتها أن يرضعن من أحبك ان يدخل عليها ويراها وإن كان كبيراً خمس رضعات ثم يدخل عليها ، وإسناده صحيح وهو صريح فأي ظن غالب وراء هذا؟!والله سبحانه وتعالى اعلم).

(١) طرب ابن تيمية على نغم هذه الفتوى ، فقال : (ليس حديث سهلة السابق ـ بمنسخ ولا مخصوص بسالم ولا عام في حق كل أحد وإنما هو رخصة لمن كان حاله مثل حال سالم مع أبي حذيفة وأهله في عدم الاستغناء عن دخوله على أهله مع انتفاء الريبة ، ومثل هذه الحاجة تعرض للناس في كل زمان. فكم من بيت كريم يثق ربه برجل من أهله أو من خدمه قد جرب أمانته وعفته وصدقه معه فيحتاج إلى إدخاله على امرأته وإلى جعله معها في سفر ، فإذا أمكن صلته به وبها بجعله ولدا لهما في الرضاعة بشرب شيء من لبنها مراعاة لظاهر أحكام الشرع مع عدم الإدخال بحكمتها ألا يكون أولى؟! بلى وان هذا اللبن ليحديث في كل منها عاطفة جديدة). راجع تفسير المنار٤ : ٤٧٦تفسير آية : (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ).

(٢) شرح معاني الآثار٣ : ٤٠. وللتوسع في الموضوع انظر : ملحق رقم (٢).

٥٩

أو نقول إن أهل السنة لا يجيزون نكاح الرضيعة أو الرضيع؛ لأن ابن شبرمة وأبا بكر الأصم قالا بعدم جواز ذلك ، مخالفين به كل علماء اهل السنة! (١).

أو نلزمهم براي شاذ وافق به بعضهم الشيعة في عدم جواز وطء الزوجة الصغيرة ومجامعتها قبل أن تتم تسع سنين ، فننسب هذا الرأي لجميع أهل السنة مع أن جمهور علماء أهل السنة يجيزون وطء ومجامعة الصغيرة حتى وإن كان عمرها سنة واحدة شرط أن تطيق الجماع كأن تكون سمينة جسمية ممتلئة باللحم (٣).

أو نقول : إن أهل السنة لا يوجبون الحد على من يلوط بغلامه أو بغلام غيره قياساً على أمته أو أخته من الرضاعة؛ لأن بعض علمائهم ذهب لهذا الرأي؟! (٣)

__________________

(١) السرخسي في المبسوط٤ : ٢١٢ ـ ٢١٤. وكذلك انظر : ملحق رقم (٣).

(٢) ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق٣ : ١٢٨. انظر : ملحق رقم (٤).

(٣) طبقات الشافعية الكبرى٤ : ٤٣ ، ت٢٦٣ : (أحمد بن علي أبو سهل الأبيوردي : أحد أئمة الدنيا علما وعملا. ذكره الأديب أبو المظفر محمد بن أحمد الأبيوردي في مختصر لطيف سماه نهزة الحفاظ ذكر فيه أنه عزم على ان يضع تاريخ لنسا وكوفان وجيران وغيرها من أمهات القرى بتلك النواحي ، وأنه سئل في عمل هذا المختصر ليفرد فيه ذكر الأئمة الأعلام ممن كان في العلم مفزوعا إليه وفي الرواية موثوقا به ، وقد طنت بذكره البلدان وغنت بمدحه الركبان ، كفضيل بن عياض ومنصور بن عمار وزهير بن حرب وذكر فيه جماعة من الأئمة ، وأورد شيئا من حديثهم وقال في الشيخ أبي سهل إذ ذكره : كان من أئمة الفقهاء. سمعت جماعة من

٦٠