إعلام الخلف - ج ١

صادق العلائي

إعلام الخلف - ج ١

المؤلف:

صادق العلائي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الآفاق للدراسات الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠١
الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣

كما سبق).

وهنا يذكر النووي حكم الزوج الرضيع ـ من لم يمض من عمره سنتان ـ إن أرضعته زوجته البالغة بلبنها ، قال في ٦ : ٤٣٦ : (وكذا لو أرضعت المطلقة الصغير الذي نكحته بغير لبن الزوج انفسخ النكاح ، ولا تحرم هي على المطلق. ولو كان تحته صغيرة ، فأرضعتها أمة له قد وطئها بلبن غيره ، بطل نكاح الصغيرة ، فأرضعتها أمة له قد وطئها بلبن غيره ، بطل نكاح الصغيرة ، وحرمتا أبدا. ولو كان تحت زيد كبيرة ، وتحت عمرو صغيرة ، فطلق كل واحد زوجته ونكح زوجة الآخر ، ثم أرضعت الكبيرة الصغيرة واللبن لغيرهما ، حرمت عليهما أبدا ؛ لأنها أم زوجتهما ، فإن كانا دخلا بالكبيرة ، حرمت الصغيرة عليهما أبدا وإلا ، فلا تحرم عليهما ، ولا ينفسخ نكاحها ... إلخ).

قال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن ٢ : ٣٤٤ : (ويدل عليه ما روى محمد بن إسحاق قال: أخبرني عبد الله بن أبي بكر بن حزم وعبد الله بن الحارث ومن لا أتهم عن عبد الله بن شداد قال: كان الذي زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة ابنها سلمة فزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت حمزة وهما صبيان صغيران، فلم يجتمعا حتى ماتا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هل جزيت سلمة بتزويجه إياي أمه؟ وفيه الدلالة على ما ذكرنا من وجهين :

أحدهما: أنه زوجهما وليس بأب ولا جد، فدل على أن تزويج غير الأب والجد جائز للصغيرين.

والثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فعل ذلك ـ وقد قال الله تعالى: ((فاتبعوه)) فعلينا اتباعه ـ فيدل على أن للقاضي تزويج الصغيرين ـ إلى

٤٦١

قوله ـ : ولما ثبت بما ذكرنا من دلالة الآية جواز تزويج ولي الصغيرة إياها من نفسه دل على أن لولي الكبيرة أن يزوجها من نفسه برضاها، ويدل أيضا على أن العاقد للزوج والمرأة يجوز أن يكون واحدا بأن يكون وكيلا لهما، كما جاز لولي الصغيرة أن يزوجها من نفسه، فيكون الموجب للنكاح والقابل له واحدا، ويدل أيضا على أنه إذا كان وليا لصغيرين جاز له أن يزوج أحدهما من صاحبه فالآية دالة من هذه الوجوه على بطلان مذهب الشافعي في قوله: إن الصغيرة ... ).

قال ابن قدامة في المغني ٧ : ٣٢ : (وقال الحسن وعمر بن عبد العزيز وعطاء وطاوس وقتادة وابن شبرمة والأوزاعي وأبو حنيفة : لغير الأب تزويج الصغيرة ، ولها الخيار، إذا بلغت ، وقال هؤلاء غير أبي حنيفة : إذا زوج الصغيرين غير الأب فلهما الخيار إذا بلغا. ).

وقال في ٩ : ٢١٠: (ولو تزوج كبيرة وصغيرة ولم يدخل بالكبيرة حتى أرضعت الصغيرة في الحولين حرمت عليه الكبيرة وثبت نكاح الصغيرة، وإن كان دخل بالكبيرة حرمتا عليه جميعا، ويرجع بنصف مهر الصغيرة على الكبيرة. نص احمد على هذا كله).

وقال في ٩ : ٢١٤: (وان أرضعت بنت الكبيرة الصغيرة ، فالحكم في التحريم والفسخ حكم ما لو أرضعتها الكبيرة ؛لأنها صارت جدتها، والرجوع بالصداق على المرضعة التي أفسدت النكاح، وان أرضعتها أم الكبيرة انفسخ نكاحهما معا؛ لأنهما صارتا أختين فإن كان لم يدخل بالكبيرة فله أن ينكح من شاء منهما ... الخ).

قال عبد الرحمان بن قدامة في الشرح الكبير ٩ : ٢٠٦ ـ ٢٠٧: (قال الشيخ

٤٦٢

رحمه الله: إذا تزوج كبيرة لم يدخل بها وثلاث صغائر فأرضعت الكبيرة إحداهن في الحولين، حرمت الكبيرة على التأبيد وثبت نكاح الصغيرة ، وعنه ينفسخ نكاحهما. اه

إذا تزوج كبيرة وصغيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة قبل دخوله بها فسد نكاح الكبيرة في الحال وحرمت على التأبيد. وبه قال الثوري والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي ، وقال الأوزاعي : نكاح الكبيرة ثابت وتنزع منه الصغيرة. ولا يصح ذلك فإن الكبيرة صارت من أمهات النساء، فتحرم ابدا لقول الله (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُم )(١). ولم يشترط دخوله بها، فأما الصغيرة ففيها روايتان (إحداهما) نكاحها ثابت؛ لأنها ربيبة ولم يدخل بأمها فلا تحرم لقول الله (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُم‏)(٣). (والرواية الثانية) ينفسخ نكاحها، وهو قول الشافعي وأبي حنيفة؛ لأنهما صارتا أما وبنتا واجتمعتا في نكاحه، والجمع بينهما محرم فانفسخ نكاحهما، كما لو صارتا أختين وكما لو عقد عليهما بعد الرضاع عقدا واحد ... الخ).

قال ابن حزمفي المحلى ٩ : ٤٥٨ ـ ٤٦٠ (وللأب أن يزوج ابنته الصغيرة البكر ما لم تبلغ بغيرإذنها ولا خيار لها إذا بلغت ، فإن كانت ثيبا من زوج مات عنها أو طلقها لم يجز للأب ولا لغيره أن يزوجها حتى تبلغ، ولا اذن لهما قبل أن تبلغ، وإذا بلغت البكر والثيب لم يجز للأب ولا لغيره أن يزوجها الا

__________________

(١) النساء: ٢٣.

(٢) النساء : ٢٣.

٤٦٣

باذنها، فإن وقع فهو مفسوخ أبدا، فاما الثيب فتنكح من شاءت وان كره الأب، وأما البكر فلا يجوز لها نكاح الا باجتماع اذنها واذن أبيها، وأما الصغيرة التي لا أب لها فليس لأحد ان ينكحها لا من ضرورة ولا من غير ضرورة حتى تبلغ ولا لاحد أن ينكح مجنونة حتى تفيق وتأذن الا الأب في التي لم تبلغ وهي مجنونة فقط ، وفى بعض ما ذكرنا خلاف قال ابن شبرمة: لا يجوز انكاح الأب ابنته الصغيرة الا حتى تبلغ وتأذن، ورأي أمر عائشة رضي الله عنها خصوصا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم كالموهوبة ونكاح أكثر من أربع.

وقال الحسن وإبراهيم النخعي انكاح الأب ابنته الصغيرة والكبيرة الثيب والبكر وان كرهتا جائز عليهما ... إلى قوله : وقال مالك: أما البكر فلا يستأمرها أبوها بلغت أو لم تبلغ عنست أو لم تعنس ،وينفذ انكاحه لها وإن كرهت وكذلك إن دخل بها زوجها إلا أنه لم يطأها فان بقيت معه سنة وشهدت المشاهد لم يجز للأب أن ينكحا بعد ذلك الا باذنها ، وإن كان زوجها لم يطأها، قال: وأما الثيب فلا يجوز انكاح الأب ولا غيره عليها الا باذنها، قال: والجد بخلاف الأب فيما ذكرنا لا يزوج البكر ولا غيرها الا باذنها كسائر الأولياء.

واختلف قوله في البكر الصغيرة التي لا أب لها فأجاز انكاح الأخ لها إذا كان نظرا لها في رواية ابن وهب، ومنع منه في رواية ابن القاسم.

وقال أبو حنيفة وأبو سليمان: ينكح الأب الصغيرة ما لم تبلغ بكرا كانت أو ثيبا فإذا بلغت نكحت من شاءت ولا اذن للأب في ذلك الا كسائر الأولياء ولا يجوز انكاحه لها الا باذنها بكرا كانت أو ثيبا. وقال أبو حنيفة والجد كالأب في كل ذلك.

٤٦٤

وقال الشافعي: يزوج الأب والجد للأب إن كان الأب قد مات البكر الصغيرة ،ولا اذن لها إذا بلغت وكذلك البكر والكبيرة.

وقال أبو محمد ـ ابن حزم ـ الحجة في إجازة إنكاح الأب ابنته الصغيرة البكر إنكاح أبي بكر رضي الله عنه النبي صليى الله عليه [وآله] وسلم من عائشة رضي الله عنها ، وهي بنت ست سنين وهذا أمر مشهور غنينا عن إيراد الإسناد فيه فمن ادعى أنه خصوص لم يلتفت قوله لقول الله عزوجل (لَقَدْ كانَ لَكُمْ في‏ رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثيرا) (١) فكل ما فعله عليه الصلاة والسلام فلنا أن نتأسى به فيه إلا أن يأتي نص بأنه له خصوص.

وقال ابن المنذر في الإجماع ٢ : ٧٤ : (وأجمعوا أن نكاح الأب ابنته الصغيرة البكر جائز إذا زوجها من كفء وأجمعوا أن نكاح الأب ابنه الصغير جائز).

__________________

(١) الأحزاب :٢١.

٤٦٥

ملحق رقم (٤)

قال ابن نجیم الحنفي في البحر الرائق ٣ : ١٢٨ : (واختلفوا في وقت الدخول بالصغيرة ، فقيل لا يدخل بها ما لم تبلغ ، وقيل يدخل بها إذا بلغت تسع سنين، وقيل إن كانت سمينة جسيمة تطيق الجماع يدخل بها وإلا فلا).

وأيضا في ٣ : ١٦٣: (ومنه ـ أي من موانع الجماع ـ صغرها بحيث لا تطيق الجماع وليس له أن يدخل بها قبل أن تطيقه ، وقدر بالبلوغ ، وقيل بالتسع ، والأولى عدم التقدير كما قدمناه فلو قال الزوج تطيقه وأراد الدخول وأنكر الأب فالقاضي يريها النساء ولم يعتبر السن كذا في الخلاصة).

وقال السرخسي في المبسوط ٤ : ٢١٣: (وفيه دليل أن الصغيرة يجوز أن تزف إلى زوجها إذا كانت صالحة للرجال فإنها ـ أي عائشة ـ زفت إليه وهي بنت تسع سنين فكانت صغيرة في الظاهر وجاء الحديث أنهم سمنوها فلما سمنت زفت إلى رسول الله).

وقال ابن عابدين الحنفي في حاشيته ٣ : ٥٧٤ : (قوله : تطيق الوطء. أي منه أو من غيره كما يفيد كلام الفتح ، وأشار إلى ما في الزيلعي من تصحيح عدم تقديره بالسن فإن السمينة الضخمة تحتمل الجماع ولو صغيرة السن. قوله: أو تشتهي للوطء. فيما دون الفرج ـ كالتفخيذ والضم والتقبيل ـ لأن الظاهر أن من كانت كذلك فهي مطيقة للجماع في الجملة وإن لم تطقه من خصوص زوج مثلا).

وكذا في ٣ : ٢٠٤ : (هذا وقد صرحوا عندنا بأن الزوجة إذا كانت صغيرة

٤٦٦

لا تطيق الوطء لا تسلم إلى الزوج حتى تطيقه، والصحيح أنه غير مقدر بالسن بل يفوض إلى القاضي بالنظر إليها من سمن أو هزال. وقدمنا عن التاترخانية أن البالغة إذا كانت لا تحتمل لا يؤمر بدفعها إلى الزوج أيضا فقوله: (لا تحتمل). يشمل ما لو كان لضعفها أو هزالها أو لكبر آلته ـ أي لكبر فرج الزوج ـ.

وفي الأشباه من أحكام غيبوبة الحشفة فيما يحرم على الزوج وطء زوجته مع بقاء النكاح قال: وفيما إذا كانت لا تحتمله لصغر أو مرض أو سمنة انتهى، وربما يفهم من سمنه عظم آلته.

وحرر الشرنبلالي في شرحه على الوهبانية أنه لو جامع زوجته فماتت أو صارت مفضاة فإن كانت صغيرة أو مكرهة أو لا تطيق تلزمه الدية اتفاقا. فعلم من هذا كله أنه لا يحل له وطؤها بما يؤدي إلى إضرارها، فيقتصر على ما تطيق منه عددا بنظر القاضي أو إخبار النساء وإن لم يعلم بذلك فبقولها، وكذا في غلظ الآلة ويؤمر في طولها بإدخال قدر ما تطيقه منها أو بقدر آلة رجل معتدل الخلقة).

وقال الدسوقي المالكي في حاشيته ٢ : ٤٢٧ : (فإن حلف على واحدة منهما أنه لا يطأها أكثر من أربعة أشهر لم يلزمه بذلك إيلاء وشمل كلامه الزوجة الكبيرة والصغيرة التي لا تطيق الوطء، ولكن لا يضرب لها الأجل حتى تطيق).

وقال النووي في شرحه على صحيح مسلم ٩ : ٢٠٦ : (وأما وقت زفاف الصغيرة المزوجة والدخول بها فإن اتفق الزوج والولي على شيء لا ضرر فيه على الصغيرة عمل به، وإن اختلفا فقال أحمد وأبو عبيد: تجبر على ذلك بنت

٤٦٧

تسع سنين دون غيرها. وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة: حد ذلك أن تطيق الجماع ويختلف ذلك باختلافهن ولا يضبط بسن وهذا هو الصحيح. وليس في حديث عائشة تحديد ولا المنع من ذلك فيمن أطاقته قبل تسع، ولا الإذن فيمن لم تطقه وقد بلغت تسعا، قال الداودي وكانت عائشة قد شبت شبابا حسنا (رضها) وأما قولها في رواية: تزوجني وأنا بنت سبع. وفي أكثر الروايات بنت ست. فالجمع بينهما أنه كان لها ست وكسر ففي رواية اقتصرت على السنين وفي رواية عدت السنة التي دخلت فيها).

وقال ابن عمر الجاوي الشافعي في نهاية الزين ١ : ٣٣٤ : (وخرج بالتمكين التام التمكين غير التام كما إذا كانت صغيرة لا تطيق الوطء ولو تمتع بالمقدمات) ، يقصد بالمقدمات الأمور تسبق الوطء كالتقبيل والضم والتفخيذ وغيرها من الاستمتاعات.

وقال السيواسي الحنفي في شرح فتح القدير ٤ : ٣٨٣ : (قوله : لا يستمتع بها. أي لا توطأ وصرح في الذخيرة بأن المراد من الاستمتاع الوطء ، وبه قيد الحاكم قال لا نفقة للصغيرة التي لا تجامع فلا نفقة لها إلى أن تصير إلى حالة تحتمل الوطء سواء كانت في بيت الزوج أو الأب واختلف فيها ، فقيل : أقلها سبع سنين. وقال العتابي اختيار مشايخنا تسع سنين. والحق عدم التقدير ، فإن احتماله يختلف باختلاف البينة).

وقال الشربيني في مغني المحتاج ٣ : ٢٢٣ : (قوله : لا طفلا. قد يفهم منه أنه لا يشترط في الزوجة ذلك ، بل وطؤها محلل وإن كانت طفلة ، أي مطلقة ثلاثا بجماع من يمكن جماعها ، وبه صرح في أصل الوضة).

وفي حواشي الشرواني ٧ : ٣١٢: (قوله : إنما تحللت طفلة. أي مطلقة ثلاثا بجماع من يمكن جماعه بأن كان ذكره صغيرا).

٤٦٨

ملحق (٥)

هذه مقاطع مما ذكره ابن باز في كتابه المسمى بـ (الأدلة النقلية والحسية على جريان الشمس وسكون الأرض وإمكان الصعود إلى الكواكب) من مطبوعات الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة سنة ١٣٩٥ هجرية : قال في : ٢٣ : (وكما أن هذا القول الباطل ـ ثبوت الشمس ودوران الأرض ـ مخالف للنصوص فهو مخالف للمشاهد المحسوس ومكابرة للمعقول والواقع لم يزل الناس مسلمهم وكافرهم يشاهدون الشمس جارية طالعة وغاربة ، ويشاهدون الأرض قارة ثابتة ويشاهدون كل البلدان المغربية في المشرق والمشرقية في المغرب ولتغيرت القبلة على الناس حتى لا يقر لها قرار ، وبالجملة فهذا القول فاسد من وجوه كثيرة يطول تعدادها).

أقول : هذا كله جهل بأوليات العلوم التي يأخذعا الصبية في المدرسة!.

وقال في : ٢٤ : (ثم هذا القول مخالفف للواقع المحسوس ، فالناس يشاهدون الجبال في محلها لم تسير فهذا جبل النور في مكة في محله ، وهذا جبل أبي قبيس في محله ، وهذا أحد في المدينة ، في محله وهكذا جبال الدنيا كلها لم تسير ، وكل من تصور هذا القول يعرف بطلانه وفساد قول صاحبه ، وأنه بعيد عن استعمال عقله وفكره قد أعطى القياد لغيره ، كبهيمة الأنعام نعوذ بالله القول عليه بغير علم ، ونعوذ بالله من التقليد الأعمى الذي يردي من اعتنقه

٤٦٩

وينقله من ميزة العقلاء إلى خلق البهيمة العجماء)، سبحان الله!.

وقال في : ٣٩ : (ثم الناس كلهم يشاهدون الشمس كل يوم تأتي من المشرق ثم لا تزال في سير وصعود حتى تتوسط السماء، ثم لا تزال في سير ، وانخفاض حتى تغرب في مدارات مختلفة بحسب اختلاف المنازل، ويعلمون ذلك علما قطعيا بناء على مشاهدتـهم وذلك مطابق لما دل عليه هذا الحديث الصريح ـ حديث سجود الشمس ـ والآيات القرآنية، ولا ينكر هذا إلا مكابر للمشاهد المحسوس ومخالف لصريح المنقول، وأنا من جملة الناس الذين شاهدوا سير الشمس وجريانها في مطالعها ومغاربها قبل أن يذهب بصري ، وكان سني حين ذهاب بصري تسعة عشر عاما، وإنما نبهت على هذا ليعلم القراء أني ممن شاهد آيات السماء والأرض بعيني رأسي دهرا طويلا والله المستعان.

وبالجملة فالأدلة النقلية والحسية على بطلان قول من قال : إن الشمس ثابتة أو قال إنها جارية حول نفسها كثيرة متوافرة وقد سبق الكثير منها فراجعه ان شئت).

والنتيجة هي في : ٢٣ : (فمن زعم خلاف ذلك وقال إن الشمس ثابتة لا جارية فقد كذّب الله وكذّب كتابه الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد). وقال : (ومن قال هذا القول فقد قال كفرا وضلالا لأنه تكذيب لله ، وتكذيب للقرآن وتكذيب للرسول صلى الله عليه [وآله] وسلم لأنه عليه الصلاة والسلام قد صرح في الأحاديث الصحيحة أن الشمس جارية، وأنها إذا غربت تذهب وتسجد بين يدي ربها تحت العرش ، كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث أبي ذر ـ رضي الله

٤٧٠

عنه ـ وكل من كذب الله سبحانه أو كذب كتابه الكريم أو كذب رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام فهو كافر ضال مضل يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا مرتدا، ويكون ماله فيئا لبيت مال المسلمين كما نص على مثل هذا أهل العلم)، وهكذا تم تكفير الأمة بأجمعها السنة قبل الشيعة ؛ لأن ـ هم قالوا بثبوت الشمس بالنسبة للمجموعة الشمسية مع دورانها حول محورها!، وتابع ابن باز وهابي أخر اسمه عبد الله الدويش في كتيب له يتناول فيه بعض كلام السيد قطب في تفسيره ظلال القرآن فقال في كتيبه المورد الزلال في التنبيه على أخطاء الضلاض : ١٩٦ ـ ١٩٨ : (قوله ـ قطب ـ لو كانت الأرض لا تدور حول نفسها في مواجهة الشمس ما تعاقب الليل والنهار ، يقال هذا القول بناء منه على أن الشمس ثابتة ، ومعلوم أن هذا القول باطل بل كفر ؛ لأن الله تعالى يقول (وَالشَّمْسُ تَجْري لِمُسْتَقَرٍّ لَها) (يس:٣٨) وقال تعالى مخبرا عن إبراهيم أنه قال (فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتي‏ بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِب) (البقرة : ٢٥٨) ـ لاحظ أن هاتين الآيتين لهما تفسير يتوافق مع حقائق العلوم الطبيعية ـ الوجه الثاني قوله لو دارت الأرض حول نفسها أسرع مما تدور لتناثرت المنازل الخ، هذا باطل والأرض ثابتة لا تتحرك كما تعالى (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرارا) (النمل : ٦١) قال ابن كثيرأي قارة ساكنة ثابتة لا تميد ولا تتحرك بأهلها ولا تنجرف بهم ، فإنها لو كانت كذلك لما طاب عليها العيش والحياة ، بل جعلها من فضله ورحمته مهادا وبساطا ثابتة لا تتزلزل ولا تتحرك.

الوجه الثالث قوله وجرت الأرض في مدارها حول الشمس في دائرة الشمس مركزها ، كلام باطل بل الأرض هي المركز كما ذكره شيخ الإسلام في الرسالة العرشية). ثم يقول : (قوله : قوله إذن لاختلفت الفصول ولم يدر الناس ما

٤٧١

صيف ولا شتاء وما خريف ولا ربيع جوابه أن يقال: إن معرفة الفصول بدوران الشمس وثبوت الأرض لا بدوران الأرض وثبوت الشمس، فإن هذا القول رد للكتاب والسنة ـ بزعم الوهابي ـ وإجماع العلماء من أن الأرض ثابتة والشمس تجري. قال العلامة ابن القيم في مفتاح دار السعادة : ثم تأمل بعد ذلك أحوال هذه الشمس في انخفاضها وارتفاعها لإقامة هذه الزمنة والفصول وما فيها من المصالح والحكم ، إذ لو كان الزمان كله فصلا واحدا لفاتت مصالح الفصول الباقية إلخ. فانظر كيف صرح بأن معرفة الفصول من طلوع الشمس على جميع العالم وأنها لو وقفت في موضع من السماء ولم تعده لما وصل شعاعها إلى كثير من الجهات عكس ما يقوله المبطلون من ثبوتها ودوران الأرض حولها).

أقول : هكذا يرمى الإسلام بالرجعية ومناقضة العلم! ولنسلم لكم أن ما آتاكما ابن تيمية وابن القيم فخذوه وما نهاكما عنه فانتهوا ، ولكن هذا في الدين فقط لا في الفلك والطب والرياضة والطبخ والتدليك وإلخ!!

٤٧٢

ملحق رقم (٦)

فأراد الأخباريون بكلامهم هذا تنزيه كتاب الله عزوجل عن أذهان البشر العاديين الذين ليسوا من الراسخين في العلم ، فالمانع من فهم ظواهر كتاب الله عزوجل ليس في الله عزوجل ، بل فينا ، أي لعجز في القابل لا لعجز في الفاعل ، وهي وإن كانت مقالة باطلة ،لكن من غير الإنصاف أن ينسب بعض الوهابية للأخبارية أنهم قالوا بذلك : لأن الله عزوجل عجز عن بيان أحكامه بصورة واضحة!، بل قال بعضهم : إن الأئمة عليهم السلام عند الشيعة أفصح بيانا من الله عزوجل ؛ لأنهم قالوا : إن (القرآن لا يكون حجة بقيم)! وهذا قول أحد الوهابية ممن ألفوا رسالة دكتوراه في الافتراء على الشيعة ، قال (ناصر. ق) في أصول مذهب الشيعة ١ : ١٢٨ (فماذا يعنون ب ـ هذه العقيدة : أيعنون بذلك أن النص القرآني لا يمكن أن يحتج به إلا بالرجوع لقول الإمام؟ وهذا يعني أن الحجة هي في قول الإمام لا قول الرحمن (!!)، أم يعنونأن القرآن لا يؤخذ بنظامه إلا بقوة السلطان وهو القيم على تنفيذه؟ ولكن ورد عندهم في تتمة النص ما ينفي هذا الاحتمال وهو قولهم: فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجئ والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به حتى يغلب الرجال بخصومته فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم. ومعنى هذا أن قول الإمام هو أفضح من كلام الرحمان، ويظهر من هذا أنهم يرون أن الحجة في قول الإمام لأنه الأقدر على البيان من القرآن).

لكن لو رجعنا إلى نص الرواية كاملة لعلمنا أن أهل السنة لم يستنكروا

٤٧٣

هذه المقالة من منصور بن حازم ، بل أقروه على لزوم وجود قيم للقرآن في الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكن الوهابي (ناصر. ق) دلس وبتر الرواية ليتسني له التشنيع على الشيعة فقط لقولهم بفكرة صحيحة يقبلها كل مسلم ، وهذا نصها في الكافي ١ : ١٨٨: (عن منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن الله أجل وأكرم من أن يعرف بخلقه، بل الخلق يعرفون بالله، قال: صدقت، قلت: إن من عرف أن له ربا، فينبغي له أن يعرف أن لذلك الرب رضا وسخطا، وأنه لا يعرف رضاه وسخطه إلا بوحي أو رسول، فمن لم يأته الوحي فقد ينبغي له أن يطلب الرسل فإذا لقيهم عرف أنهم الحجة وأن لهم الطاعة المفترضة. وقلت للناس: تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان هو الحجة من الله على خلقه؟ قالوا: بلى قلت فحين مضى رسول الله صلى الله عليه وآله من كان الحجة على خلقه؟ فقالوا: القرآن! فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجئ والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به حتى يغلب الرجال بخصومته، فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم، فما قال فيه من شئ كان حقا، فقلت لهم: من قيم القرآن؟ فقالوا ابن مسعود قد كان يعلم وعمر يعلم وحذيفة يعلم، قلت: كله؟ قالوا: لا! فلم أجد أحدا يقال: إنه يعرف ذلك كله إلا عليا عليه السلام، وإذا كان الشيء بين القوم فقال هذا: لا أدري، وقال هذا: لا أدري، وقال هذا: لا ادرى. وقال هذا: أنا أدري. فأشهد أن عليا عليه السلام كان قيم القرآن، وكانت طاعته مفترضة وكان الحجة على الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وأن ما قال في القرآن فهو حق، فقال عليه السلام: رحمك الله). فاتضح أن معنى القيم هنا هو المبين لجميع ما في الكتاب من مجمل ومتشابه ومبهم ،

٤٧٤

وكما قال المولى المازندراني رضوان الله تعالى عليه في شرحه للحديث : (والمراد به هنا من يقوم بأمر القرآن ويعرف ظاهره وباطنه ومجمله ومأوله ومحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه بوحي إلهي أو بإلهام رباني أو بتعليم نبوي) ، وهو من يمكنه إثبات المصداق العملي لقوله تعالى (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ‏ء) (النحل : ٨٩)، فلا ريب أن أحكام الله عزوجل كلها في القرآن، ولكنها تخفى علينا وعلى الوهابي السابق ، فهلا قال لنا : من يتكفل ببيانها وتفصيلها من آيات القرآن؟ حتما سيقول هو الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بمفاد قوله تعالى (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (الحشر : ٧) فهلا قال الوهابي لنا كيف صار كلام الرسول أفصح وأوضح من كلام الله عزوجل؟ وكيف صار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أقدر على البيان من الله سبحانه؟! والمورد هو المورد!!

ثم بزغ لنا بعض براعم الوهابية كـ (عثمان. خ) الذي صار يردد نفس كلمات الوهابي السابق ، فكان عيالا عليه في كل شيء حتى في التعبيرات والجمل! قال في شريطه (الشيعة والقرآن): فإنهم ـ الشيعة ـ يعتقدون أن القرآن ليس حجة بنفسه فعن منصور بن حازم أنه قال لأبي عبد الله عليه السلام إن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم ،يقول فأقره أبو عبد الله ، وهذا في الكافي الجزء الأول صفحة ثمان وثمانين ومئة ، وقولهم هذا يعني أن الحجة في قول الإمام لا في القرآن لأنه الأقدر على بيان. فانظر بالله عليك كيف نقل الرواية بالمعنى وصار يردد كلمات سيده الأول كالببغاء!!،ولهذا البرعم هرج ولغط كثير في شريطه ستناول بعضه ونترك أغلبه لمن له طول بال ووقت يضيعه.

٤٧٥
٤٧٦

ملحق رقم (٧)

أقول : أحد الوهابية (عثمان. خ) أصم مسامعنا في شريطه الذي يتهم فيه الشيعة بتحريف القرآن بالحث على أمانة النقل وصدق الحديث وأنها أخلاق أهل الحق وهم أهل السنة، وأنهم ـ بزعمه ـ لا يقولون إلا صدقا ولا يحكمون إلا عدلا، إلى آخر أسلوبه الخطابي الذي ابتدأ به وختم ، فوالله ما كنت شاكا في أمانة نقل هذا الوهابي لحسن ظني به وبكثرة وعظه وتذكيره بآيات الله عزوجل وبأحاديث رسوله صلى الله عليه وآله وسلم التي تدعو للصدق والأمانة ،إذ كان من البعيد على ذهني أن يتصوره في تلك الحال يقوم بعين ما ينهى عنه فيكذب ويخادع الجمهور!، إذ كيف يتجرأ رجل يعظ الناس بآيات الله عزوجل التي تدعو للأمانة ، فيقوم في الأثناء بخيانة الأمانة بتقطيع النصوص بغية تحريفها ، ويستهزئ بكل سهولة بآيات الله عزوجل التي يتلوها!، ولكن شاء الله عزوجل أن يعلمني درسا بأن لا أثق بأحد من أولئك الوهابيين، فحدث لي أني كنت في إحدى المكاتبات ،وطلبت أوائل المقالات للشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه لأنظر فيه ، ووجدت كلامه رضوان الله تعالى عن تأليف القرآن ، وكان أول مقطع قاله الشيخ المفيد هو نفس المقطع الذي ذكره الوهابي دليلا على اعتقاد الشيخ تحريف القرآن ، وهذا هو : (إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان) انتهى. ولكني فوجئت أن الشيخ المفيد لم يقتصر على هذه الجملة التي اقتصر الوهابي على

٤٧٧

نقلها وإنما تعقبها الشيخ رحمه الله بالمقطعين السابقين اللذين في المتن، فقال بسلامة القرآن من الزيادة والنقصان! ولكن الوهابي الأمين في النقل والصادق في القول والمتعظ بآيات الله والمقنفي لسنن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اقتصر على هذا المقطع فقط! إيحاء منه للمستمع أن تحريف القرآن رأي الشيخ المفيد! ولا أدري من أين ورث هؤلاء هذه الجرأة على الكذب بسم الله ورسوله؟!، فبعد أن افترى على الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه وعده ممن قالوا بتحريف القرآن من غلماء الشيعة أراد الله تعالى أن يفضح هذا الكذاب (عثمان. خ) ويدينه بيده فقال في الوجه الثاني من الشريط نفسه إ الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه من علماء الشيعة الذين تبرءوا من القول بتحريف القرآن!!، وهذا نص قوله : (إن هناك من علماء الشيعة من تبرأ من القول بالتحريف ، الأول : ابن بابويه الصدوق ، والثاني : المفيد ، والثالث : ... الخ)، قال تعالى (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرين) (الأنفال : ٣٠) وقيل (لا حافظة لكذوب) ، ونسأل الله التوفيق لمن ينقب عن كل كلمة يقولها الكاذبون الأفاكون ، ومع ذلك يخاطب الشيعة في آخر الشريط بقوله : لمذا الكذب؟! ويقول في آخر الوجه الأول منه : (وحتى نكون أمينين في نقلنا وهذه عادتنا ونسأل الله تبارك وتعالى أن يديمها علينا وهذه عادة أهل السنة)!!

وقد وصل إلى مؤخرا كتيب فيه حوار بين وهابي وأحد الشيعة ـ كما زعموا! ـ فكان من ضمن تلك الحوارات التي لم يعلم المحاور فيها عما تكلم ولم يدر المجيب علام أجاب ، نقل لكلام الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه في تحريف الرآن ـ مع أنها أجنبية عن تحريف القرآن! ـ من أوائل المقالات فكان ما نقله الوهابي من كلام للشيخ المفيد هو (أن أئمة الضلال خالفوا في كثير

٤٧٨

من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، بل هناك تفاسير ذكرت الآيات والكلمات التي حرفت أو أنقصت من القرآن كما ذكر ذلك علي بن إبراهيم في تفسيره)، ولكننا لو رجعنا إلى أوائل المقالات لوجدنا أن هذا المقطع الأخير (بل هناك تفاسير ذكرت الآيات والكلمات التي حرفت أو أنقصت من القرآن كما ذكر ذلك علي بن إبراهيم في تفسيره) زيادة من عند الوهابية افتراء على الشيخ رضوان الله تعالى عليه!!، وهاأنا أزيد بعد أسبوعين مما حكيته عن المحاورة السابقة وأذكر تحريف الوهابي (محمد. م) لكلام الشيخ المفيد السابق ، فحرف الكذاب المقطع السابق بتبديل جمله خالفوا في كثير من تأليف القرآن) بجملة (خالفوا في كثير من تحريف القرآن)!!، وهذا في كتيبه الشيعة والقرآن : ٦٨ ، ومع ذلك يكتب أحدهم مادحا الكتاب ومقدما عليه بقوله (وقد أورد المؤلف جميع نقوله عن القوم بعد تحري الأمانة العلمية والموضوعية في العرض والمناقشة .... وقد أثبت المؤلف جميع المصادر التي أخذ عنها مع إثبات أرقام صفحاتها التي نقل منه ليخرس بذلك ألسنة المرتابين وليقيم الحجة على المعاندين الضالين)، ثم جاء الوهابي الآخر (ناصر. خ) ليقول في كتابه أصول مذهب الشيعة ١ : ٢١٩ (هذان قولان مختلفان ومتعارضان صدرا من شيخين من شيوخهما يجمعهما وحدة الزمان والمكان ، ويتفقان في الهوية المذهبية ، بل إن هذا المفيد ـ رضوان الله تعالى عليه ـ هو تلميذ لابن بابوية القمي ـ قصد الشيخ الصدوق رضوان الله تعالى عليه ـ فمن نصدق منهما؟ وأي القولين يعبر عن مذهب الشيعة؟) انتهى، إلى آخر سخفه وهرجه ، ولكن كيف تناقض الشيخان رضوان الله تعالى عليهما؟!، فهذا يقول : إن القرآن غير محرف والآخر

٤٧٩

يميل إلى عدم تحريفه ، أفتونا مأجورين!، أم لعل المغفل اغتر بكلمة الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه التي حاول الوهابي (محمد. م) تحريفها من قبله ، وهي : (اتفقوا على أن ائمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم)، وهي لا تدل إلا على أن أئمة الضلال قد خالفوا نصوص القرآن وتأليفه وكلماته ونبذوا نصوصه وراء ظهورهم ، فأين هذا من تحريف النص؟! أم اغتر بهذه الجملة (أن الأخبار قد جاءت مستفيضة ... ) مع أن وجود الروايات والأخبار لا يلزم الاعتقاد بمضمونها!، فلماذا لم يذكر الوهابي (ناصر. ق) تكملة كلام الشيخ المفيد التي فيها اعترفه الصريح بعدم التحريف؟!، أم أنه يقلب السحر على الساحر؟!، ومثله في الجهل تلميذه وعبده (عثمان. خ) الذي نقل كلام الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه هذا (أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأجمعت المعتزلة والخوارج والمرجئة وأصحاب الحديث على خلاف الإمامية) كشهادة على عدم قول أهل السنة بتحريف القرآن!، وكأنه يقول أن الإمامية تعتقد تحريف القرآن! فكيف هذا وبعض الخوارج الذين أنكروا قرآنية سورة يوسف عليه السلام بدعوى أنها قصة عشق؟!، والأكاذيب من هذا النوع كثيرة لدى الوهابية فلا نطيل ، قال تعالى (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُون) (النحل : ١٠٥).

٤٨٠