إعلام الخلف - ج ١

صادق العلائي

إعلام الخلف - ج ١

المؤلف:

صادق العلائي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الآفاق للدراسات الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠١
الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣

العلامة الفاضل توني : والمشهور أنه محفوظ ومضبوط كما أنزل ، لم يتبدل ولم يتغير، حفظه الحكيم الخبير ، قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (١) (٢).

المحدث الفيض الكاشاني :وقع المحدث رضوان الله تعالى عليه موضع لغط وتهريج تلك الشرمذة الذين افتروا الكذب عليه ، كما افتروا على غيره بأنه يرى تحريف القرآن ، فأحببنا أن نبين حقيقة الأمر بما يلي:

قال في الصافي في تفسير القرآن : المستفاد من جميع هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيت عليهم السلام أن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أنزل على محمد صلي الله عليه وآله وسلم (٣).

وجد الوهابيون بهذه الكلمة ضالتهم المنشودة ، مع أنه عليه الرحمة قال : إن هذا هو المستفاد ، لا أن هذا هو رأيه في القضية ، ويدل عليه ما قاله في كتابه الوافي عند تعرضه لموضوع روايات التحريف :

وقد استوفينا الكلام في هذا المعني وفيما يتعلق بالقرآن في كتابنا الموسوم بـ (علم اليقين) فمن أراده فليرجع اليه (٤) ، وان رجعنا لكتابه علم اليقين نجده يقول بعد ذكره لكلام القمي وروايتي الكليني عن ابن أبي نصر

__________________

(١) الحجر : ٩.

(٢) الوافية في الاصول : ١٤٨.

(٣) الصافي في تفسير القرآن ١ : ٤٤.

(٤) الوافي ٢ :٤٧٨

١٨١

وسالم بن سالمة ما يلي:

اقول : يرد على هذا كله اشكال ، وهو أنه علي ذلك التقدير لم يبق لنا اعتماد على شيء من القرآن ، إذ على هذا يحتمل كل آية منه ان تكون محرفة ومغيرة ، ويكون على خلاف ما أنزله الله ، فلم يبق في القرآن لنا حجة اصلا، فتنتفي فائدته وفائدة الأمر باتباعه والوصية به ، وأيضا قال الله عزوجل : (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزيز) (١). وأيضا قال الله عزوجل : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) (٢). وايضا قد استفاض عن النبي والأئمة حديث عرض الخبر المروي عنهم على كتاب الله.

ثم قال : ويخطر بالبال في دفع هذا الاشكال ـ العلم عند الله ـ أن مرادهم بالتحريف والتغيير والحذف إنما هو من حيث المعني دون اللفظ ، أي : حرفوه وغيروه في تفسيره وتأويله ، أي : حملوه على خلاف ما هو عليه في نفس الامر ، فمعني قولهم ، كذا أنزلت ، أن المراد به ذلك لا ما يفهم الناس من ظاهره ، وليس مرادهم أنها نزلت كذلك في اللفظ ، فحذف ذلك إخفاء للحق ، وإطفاء لنور الله ومما يدل علي هذا ما رواه في الكافي بإسناده عن أبي جعفر أنه كتب في رسالته إلي سعد الخير : وكان نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده. (٣)

__________________

(١) فصلت : ٤١.

(٢) الحجر : ٩.

(٣) علم اليقين ١ : ٥٦٢ وما بعدها.

١٨٢

قال الله عزوجل :(لا يَأْتيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزيلٌ مِنْ حَكيمٍ حَميدٍ) (١) وقال : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (٢). فكيف يتطرق إليه التحريف والتغيير؟! وأيضا قد استفاض عن النبي صلي الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام حديث عرض الخبر المروى على كتاب الله ليعلم صحته بموافقته له وفساده بمخالفته ، فإذا كان القرآن الذي بأيدينا محرفا فما فائدة العرض ، مع أن خبر التحريف مخالف لكتاب الله ، مكذب له ، فيجب رده والحكم بفساده (٣). وبهذا يحترق زخرف الوهابية ويبيِن كذبهم في نقلهم المتواصل لكلام الفيض رحمه الله.

ويؤكد الفيض الكاشاني عليه الرحمة موقوفه من التحريف في تفسسيره الأصفي عند تفسيره قوله تعالى : (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) فقال مفسرا : ((من التحريف والتغيير والزيادة والنقصان)) (٤).

ولا يخفي أن تسمية تفسيره بالأصفي يشير إلي أنه أدق وأكثر خلوصا من الصافي الذي نقلوا منه كلمة دلت بجهلهم على التحريف ، وأحد الوهابية صرح بأن كلام الفيض واضح في أنه يرى تحريف القرآن ؛ لأن اسم تفسيره هو الصافي! ، وجهل الوهابي أن كلامه في الصافي لا يدل على اعتقاده التحريف ،

__________________

(١) فصلت : ٤٢.

(٢) الحجر: ٩.

(٣) الوافي ١ : ٢٧٣ ، وقال مثله في المحجة البيضاء ٢ : ٢٦٤ ط الأعلمي.

(٤) الأصفي في تفسير القرآن : ٣٤٨.

١٨٣

هذا أولا وثانيا ان الفيض رضوان الله تعالى عليه عنده الأصفي وذكر فيه صيانة القرآن من التحريف.

السيد بحر العلوم الطباطبائي : الكتاب هو القرآن الكريم والفرقان العظيم والضياء والنور والمعجز الباقي على مرّ الدهور، وهو الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من لدن حكيم حميد ، أنزله بلسان عربي مبين هدىً للمتقين وبيانا للعالمين. (١)

وثم ذكر تأويل الروايات التي تذكر أن القرآن ربعه أو ثلثه نزل في أهل البيت عليهم السلام ، وذكر تأويلها بما لا يتنافي مع حفظ القرآن من النقصان.

الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء : وإن الكتاب الموجود في أيدي المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله للإعجاز والتحدي وتمييز الحلال من الحرام ، وأنه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة ، وعلى هذا إجماعهم (٢).

السيد الهمام شرف الدين الموسوي العاملي : والقرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، إنما هو ما بين الدفتين ، وهو ما في أيدي الناس ، لا يزيد حرفا ولا ينقص حرفا ، ولا تبديل فيه لكلمة بكلمة ولا حرف بحرف ، وكل حرف من حروفه متواتر في كل جيل تواترا قطعيا إلى عهد الوحي والنبوة.

__________________

(١) الفوائد في علم الاصول ، مبحث حجية الكتاب.

(٢) هذا المورد وبعض مما يليه نقلناه من البرهان في صيانة القرآن : ٢٣٩ وما بعدها.

١٨٤

ثم ذكر رضوان الله تعالى عليه ما افتراه بعض السذج علي الشيعة بتحريف القرآن : فأقول : نعوذ بالله من هذا القول ونبرأ إلى الله تعالى من هذا الجهل ، وكل من نسب هذا الرأي إلينا جاهل بمذهبنا أو مفتر علينا ، فإن القرآن العظيم والذكر الحكيم متواتر من طرقنا بجميع آياته وكلماته وسائر حروفه وحركاته وسكناته ، تواترا قطعيا عن أئمة الهدى من أهل البيت عليهم السلام ، ولا يرتاب في ذلك إلا معتوه ، وأئمة أهل البيت كلهم أجمعون رفعوه إلي جدهم رسول الله صلي الله عليه وآله عن الله تعالى، وهذا أيضا مما لا ريب وأقوي أدلة أهل الحق بحكم الضرورة الأولية من مذهب ألإمامية ، وصحاحهم في ذلك متواترة من طريق العترة ، وبذلك تراهم يضربون بظواهر الصحاح المخالفة للقرآن عرض الجدار ، ولا يأبهون بها عملا بأوامر أئمتهم عليه السلام (١)

__________________

(١) أجوبة مسائل موسى جار الله : ٣٣ ط صيدا عام ١٣٧٣ هـ ، السيد شرف الدين رضوان الله تعالى عليه ذهب غلى صحة كل ما ورد في الكتب الأربعة حيث قال : (الكتب الأربعة التي هي مرجع الإمامية .... وهي متواترة ومضامينها مقطوع بصحتها والكافي أقدمها وأعظمها وأحسنها وأتقنها) ، وها هو يصرح أن تلك الروايات عندما تصل إلي مرحلة الخدش بصيانة كتاب الله عزوجل من التحريف يضرب بظواهر تلك الروايات عرض الجدار ، ولا يعبأ بها وإن كانت في الكافي ؛ لأن قدسية كتاب الله عزوجل فوق تلك الكتب ، وهذا ما يعجز عن فعله أهل السنة ، فإن تلك الروايات التي سنذكرها فيما بعد بإذنه تعالى أخرج بعضها البخاري ومسلم ، ومع ذلك لا يتجرأ أحد ممن السنة ـ إلا من شذ ـ أن يرفض تلك

١٨٥

السيد محسن الأمين العاملي : ونقول : لا يقول أحد من الإمامية لا قديما ولا حديثا :إن القرآن مزيد فيه ، قليل أو كثير ن فضلا عن كلهم ، بل كلهم متفقون على عدم الزيادة ، ومن يعتد بقوله من محققيهم متفقون على أنه لم ينقص منه.

السيد البروجردي الطباطبائي : قال الشيخ لطف الله الصافي عن استاذه آية الله السيد حسين البروجردي : فإنه أفاد في بعض أبحاثه في الأصول كما كتبنا عنه بطلان القول بالتحريف وقداسة القرآن عن وقوع الزيادة فيه ، وإن الضرورة قائمة علي خلافه ، وضعف أخبار النقيصة غاية الضعف سندا ودلالة.

الشيخ المظفر : نعتقد أن القرآن هو الوحي الإلهي المنزل من الله تعالى على لسان نبيه الأكرم فيه تبيان كل شيء ، وهو معجزته الخالدة التي أعجزت البشر عن مجاراتها في البلاغة والفصاحة وفيما احتوى من حقائق ومعارف عالية لا يعتريه التبديل والتحريف ، وهذا الذي بين أيدينا نتلوه هو

__________________

الروايات ، ويحكم بعدم صحتها حتى ولو خدشت في صيانة كتاب الله عزوجل من التحريف ، ونؤكد أنا لا ننسب لجمهور أهل السنة القول بتحريف القرآن ، كما يفعل الوهابية مع الشيعة ، وإنما نبين أن بعض الروايات عندنا وعندهم تدل علي التحريف بالمثل، ولكن محققي الإمامية يرفضون هذه الروايات الواردة في كتبهم ، واما علماء أهل السنة ـ للأسف ـ فيصححونها حفاظا على قدسية البخاري ومسلم ، وكأنه لا ضير في تحريف قول الله سبحانه لرفع أقوال وروايات السلف الصالح!!

١٨٦

نفس القرآن المنزل على النبي ، ومن ادعى فيه غير ذلك فهو مخترق أو مغالط أو مشتبه وكلهم على غير هدى ، فإنه كلام الله الذي (لا يَأْتيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِه) (١). (٢)

السيد محسن الحكيم الطباطبائي : وبعد فإن رأي كبار المحققين ، وعقيدة علماء الفريقين ، ونوع المسلمين من صدر الإسلام إلي اليوم على أن القرآن بترتيب الآيات والسور والجمع كما هو المتداول بالأيدي ، لم يقل الكبار بتحريفه من قبل ولا من بعد.

السيد محمد هادي الميلاني : الحمد لله وسلام علي عباده الذين اصطفي ، أقول بضرس قاطع : إن القرآن الكريم لم يقع فيه أي تحريف ، لا بزيادة ولا بنقصان ولا بتغيير بعض الألفاظ ، وإن وردت بعض الروايات في التحريف المقصود منها تغيير المعني بآراء وتوجيهات وتأويلات باطلة لا تغيير الألفاظ والعبارات ، وإذا اطلع أحد على رواية وظن بصدقها وقع في اشتباه وخطأ ، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا.

الشيخ الحجة البلاغي : ولئن سمعت من الروايات الشاذة شيئا في تحريف القرآن وضياع بعضه ، فلا تقم لتلك الروايات وزنا ، وقل ما يشاء العلم في اضطرابها ووهنها وضعف رواتها ومخالفتها للمسلمين ، وفيما جاءت به في الروايات الواهية من الوهن وما ألصقته بكرامة القرآن مما ليس

__________________

(١) فصلت : ٤٢

(٢) عقائد الإمامية : ٥٩ ـ ٦٠.

١٨٧

له شبه به (١).

الإمام روح الله الموسوي الخميني : قال رضوان الله تعالى عليه في معرض رده على بعض الأخباريين ، حيث زعموا عدم حجية ظواهر القرآن الكريم واستدلوا بوجوه : منها وقوع التحريف في القرآن الكريم ، وهذا نص ما ذكره قدس الله نفسه الزكية في أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية :

وهذا ممنوع بحسب الصغرى (٢) والكبرى : أما الأولى : فلمنع وقوع التحريف فيه جدا ، كما هو مذهب المحققين من علماء العامة والخاصة والمعتبرين من الفريقين (٣) ، وإن شئت شطرا من الكلام في هذا المقام فارجع إلى مقدمة تفسير آلاء الرحمان للعلامة البلاغي المعاصر ـ قدس سره ـ.

وبالجملة : لو كا الأمر كما ذكره هذا وأشباهه ، من كون الكتاب الإلهي مشحونا بذكر أهل البيت وفضلهم ، وذكر أمير المؤمنينو إثبات وصايته وإمامته ، فلم لم يحتج بواحد من تلك الآيات النازلة والبراهين القاطعة من

__________________

(١) آلاء الرحمن في تفسير القرآن : ١٨.

(٢) أن القرآن الكريم قد حُرف.

(٣) كلامه أعلى الله مقامه يشير إلى أن هناك من قال من الفريقين بتحريف القرآن ، ولكنهم غير معتبرين عند الطرفين ، مع العلم أن من قال بتحريف القرآن من أهل السنة معتبرون عندهم وفي أعلى درجات العلم والفضل ، كما سيأتي بيانه بإذنه تعالى، نعم ما كان أحد ممن قال بتحريف القرآن من الشيعة مرجعا للطائفة ، وعامة الشيعة كانت ومازالت تلتف حول المرجع دون غيره.

١٨٨

الكتاب الإلهي أمير المؤمنين ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ـ عليهم السلام ـ وسلمان وابوذر ، وعمار ، وسائر الأصحاب الذين لا يزالون يحتجون على خلافته عليه السلام؟! ولم تشبث ـ عليه السلام ـ بالأحاديث النبوية ، والقرآن بين أظهرهم؟! ولو كان القرآن مشحونا باسم أميرالمؤمنين وأولاده المعصومين وفضائلهم وإثبات خلافتهم ، فبأي وجه خاف النبي ـ صلي الله عليه وآله ـ في حجة الوداع آخر سنين عمره الشريف واخيرة نزول الوحي الإلهي من تبليغ آية واحدة مربوطة بالتبليغ ، حتى ورد أن (الله يعصمك من الناس)؟! ولم احتاج النبي ـ صلي الله عليه وآله ـ إلى دواة وقلم حين موته للتصريح باسم علي عليه السلام؟! فهل رأى أن لكلامه أثرا فوق أثر الوحي الإلهي؟!

وبالجملة : ففساد هذا القول الفظيع والرأي الشنيع أوضح من أن يخفي على ذي مسكة ، إلا أن هذا الفساد قد شاع على رغم علماء الإسلام وحفاظ شريعة سيد الأنام. (١)

وقال أيضا في تقريرات بحثه في تهذيب الأصول : فان الواقف على عناية المسلمين على جمع الكتاب وحفظه وضبطه قراءة وكتابة ويقف على بطلان تلك المزعمة ، وأنه لا ينبغي أن يركن إليه ذو مسكة ، وما وردت فيه من الأخبار ، بين ضعيف لا يستدل به ، إلى مجعول يلوح منها إمارات الجعل ، إلى غريب يقتضى منه العجب ، إلى صحيح يدل على أن مضمونه تأويل الكتاب وتفسيره إلى غير ذلك من الأقسام التي يحتاج بيان المراد منها إلى تأليف كتاب

__________________

(١) أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية ١ : ٢٤٣ ـ ٢٤٧

١٨٩

حافل ، ولولا خوف الخروج عن طور الكتاب لأرخينا عنان البيان إلى بيان تاريخ القرآن وما جرى عليه طليلة تلك القرون واضحنا لك أن الكتاب هو عين ما بين الدفتين ، والاختلافات الناشئة بين القراء ليس إلا امرا حديثا لا ربط له بما نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين (١).

السيد أبوالقاسم الخوئي : ومما ذكرناه : قد تبين للقارئ أن حديث تحريف القرآن حديث خرافة وخيال ، لا يقول به إلا من ضعف عقله ، أو من لم يتأمل في أطرافه حق التأمل، أو من ألجأه إليه حب القول به. والحب يعمي ويصم ، وأما العاقل المنصف المتدبر فلا يشك في بطلانه وخرافته (٢).

__________________

(١) تهذيب الأصول ٢ :١٦٥.

أقول : مع كل هذا تجد افتراء الوهابية امتد للإمام الخميني قدس الله نفسه الزكية واتهموه باعتقاد تحريف القرآن!! بدعوى أنه رضوان الله تعالى عليه صحح دعاء صنمي قريش الذي فيه مقطع (وحرفا كتابك) ، وهذا لو سلمنا به فهل كل مشتقات مادة (حرف) تعني تحريف اللفظ بالإزالة والإلغاء؟! ألا يوجد تحريف للمعني؟! وتحريف المعنى ذكره المفسرون في تفسيره هذه الآية الكريمة (يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ) (البقرة :٧٥)، فلماذا حصر الوهابية التحريف في الدعاء بتبديل اللفظ وإزالته لا غير؟!

(٢) تفسیر البیان : ٢٥٩.

أقول : ولكن الوهابي (عثمان. خ) كذب علي السيد الخوئي رضوان الله تعاى عليه وأراد التنقيص من قدره الشريف عندما حرف كلامه في شريطه(الشيعة والقرآن) قائلا: (الخوئي ـ رضوان الله تعالى عليه ـ يقول بعدم التحريف ويقول : القول بتحريف القرآن قول خرافة لم يقل به أحد)فحرفها الوهابي بعد تعداده لأسماء من زعم أنهم قالو بتحريف القرآن من

١٩٠

__________________

الشيعة يريد بذلك اقناع الأعراب من حوله أن السيد رضوان الله تعالى عليه كذب عندما قال (لم يقل به أحد)!!، ولكن الوهابي الكذاب (عثمان. خ) حسب أن الله عزوجل غافل عما يعمله ، فهاهي كلمات السيد أمامنا ولا يوجد فيها (لم يقل به أحد)؟!!، فاتضح من هو الكذاب الأشر ، والسيد رضوان الله تعالى عليه قال إن حديث تحريف القرآن حديث خرافة أي لا يعبر عن الواقع بل هو محض خيال والسياق الذي حذفه الوهابي شاهد على هذا المعني ، فأين هذا من نفي أو إثبات قول أحد به الذي نسبه الوهابي كذابا للسيد؟!!.

وقد كذب هذا الوهابي (عثمان. خ) مرة أخري على السيد الخوئي رضوان الله تعالى عليه ونسب له قولا لم يقله ، واحالك إلي مصدره لتعلم أنه كاذب! ، ففي السياق نفسه من الشريط حاول الكذاب النيل من صدق السيد الخوئي في دفاعه عن صيانة القرآن من التحريف قائلا : (يقول عن التقسير القمي المليء بالتحريف ، يقول إن الروايات تفسيره كلها ثابتة عن المعصومين وصادرة عنهم لأنها انتهت إليه بواسطة المشايخ الثقات ، وهذا قاله في معجم رجال الحديث)، ولو تراجع معجم رجال الحديث لعلمت أن هذا ليس قول السيد الخوئي رضوان الله تعالى عليه كما ذكر الكذاب الأشر ، قال في معجم رجال الحديث ١: ٤٩ : (فإن علي بن ابراهيم يريد بما ذكره إثبات صحة تفسيره ، وأن رواياته ثابتة وصادرة من المعصومين عليهم السلام ، وإنها إنتهت إليه بواسطة المشايخ والثقات من الشيعة) ، فاقول بصدور تلك الروايات عن المعصومين ليس كلاما للسيد رضوان الله تعالى عليه وإنما هو كلام القمي رضوان الله تعالي عليه كما هو صريح العبارة!!، فلماذا الكذب جهارا عيانا يا وهابي؟!. وفي السياق السابق بتر هذا الوهابي كلاما آخر للسيد رضوان الله تعالى عليه وبينه بصورة أخري مغايرة للواقع يريد بذلك النيل من السيد ، فقال الوهابي : (وقال كذلك هذا

١٩١

__________________

الخوئي ـ رضوان الله تعالى عليه ـ عن الروايات التحريف إن كثرة الروايات تورث القطع بصدور بعضها عن المعصومين ولا أقل من الإطمئنان بذلك ومنها ما روي بطريق معتبر وهذا قاله في كتاب البيان : ٢٢٢)، ولكن لو راجعنا المصدرلوجدناه بهذه الصورة : (الجواب : إن هذه الروايات لا دلالة فيها على وقوع التحريف في القرآن بالمعني المتنازع فيه ، وتوضيح ذلك : إن كثيرا من الروايات ، وإن كانت ضعيفة السند فإن جملة منها نقلت من كتاب أحمد بن محمد السياري ، الذي اتفق علماء الرجال على فساد مذهبه، وأنه يقول بالتناسخ ، ومن علي بن أحمد الكوفي الذي ذكر العلماء الرجال أنه كذاب ، وأنه فاسد المذهب إلا أن كثرة الروايات تورث القطع بصدورها بعضها عن المعصومين عليهم السلام ولا أقل من الاطمئنان بذلك ، وفيها ما روي بطريق معتبر فلا حاجة بنا إلى التكلم في سند كل رواية بخصوصها)،فبدأ بعرض الروايات وبيان أنها لا تدل على تحريف القرآن بالنقص أو الزيادة في النص القرآني وإنما تدل على تحريف التنزيل الذي ذكرناه سابقا ، وقد نقلنا قوله رضوان الله تعالي عليه فيه،فالسيد لم يقل تلك الكلمة التي اقتصرعليها الوهابي إلا لعدم تكلف مناقشة سند كل رواية على حدة وإن كانت كلها لا تدل في نظر السيد على تحريف القرآن كما هو صريح قوله رضوان الله تعالى عليه ، ولكن الوهابي بتر الكلام وقطع أوله وأراد تفهيم من حوله أن السيد الخوئي رضوان الله تعالى عليه يقول بصدور روايات التحريف عن الأئمة عليهم السلام!!، ويقول في آخر الوجه الأول منه : (وحتي نكون أمينين في نقلنا وهذه عادتنا ونسأل الله تبارك وتعالى أن يديمها علينا وهذه عادة أهل السنة)!!، قال تعالى (يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُون) (البقرة :٩)‏

١٩٢

السيد محمد حسين الطباطبائي : فقد تبين مما فصلناه أن القرآن الذي أنزله الله علي نبيه صلي الله عليه وآله ووصفه بأنه ذكر محفوظ على ما أنزل ، مصون بصيانة إلهية عن الزيادة والنقيصة والتغيير ، كما وعد الله نبيه فيه. (١)

السيد محمد رضا الكلبايكاني: وقال الشيخ لطف الله الصافي دام ظله : ولنعلم ما أفاده العلامة الفقيه والمرجع الديني السيد محمد رضا الكلبايكاني بعد التصريح بأن ما في الدفتين هو القرآن المجيد ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه، والمجموع المرتب في عصر الرسالة بأمر الرسول صلي الله عليه وآله ، بلا تحريف ولا تغيير ولا زيادة ولا نقص وإقامة البرهان عليه: أن احتمال التغيير زيادة ونقيصة في القرآن كاحتمال تغيير المرسل به واحتمال كون القبلة غير الكعبة في غاية السقوط لا يقبلهالعقل وهو مستقل بامتناعه عادة.

الشيخ لطف الله الصافي : القرآن معجزة نبينا محمد صلي الله عليه وآله وسلم ، وهو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، قد عجز الفصحاْءعن الإتيان بمثله وبمثل سورة أو آية منه ، وحير عقول البلغاء وفطاحل الأدباء.

هذا القرآن هو كل ما في الدفتين ، ليس فيه شيء من كلام البشر ،

__________________

(١) تفسير الميزان ١٢ :١٠٥.

١٩٣

وكل سورة من سوره وكل آية من آياته متواتر مقطوع به ولا ريب فيه ، دلت عليه الضرورة والعقل والنقل القطعي المتواتر ، هذا هو القرآن عند الشيعة الإمامية ، ليس إلي القول فيه بالنقيصة فضلا عن الزيادة سبيل ، ولا يرتاب في ذلك إلا جاهل ، أو مبتلى بالشذوذ الفكري. (١)

وبعد كل هذه التصريحات من أعاظم وأساطين علماء الشيعة وفقائهم ، من دارت عليهم رحى الجتهاد والمرجعية للآلاف المؤلفة من الشيعة طيلة ألف سنة ، يأتينا الوهابية ويقولون : الشيعة يعتقدون تحريف القرآن! ألم ينته عصر الكذب بعد؟!

ولنذكر هنا قول أحد مشايخ أهل السنة ، وهو محمد التيجاني المستبصر ، وهو يحكي لنا شعوره حينما كان على مذهب العامة ومدى التضليل الذي كان يمارس عليهم في مسألة تحريف القرآن :

وما ينسب إلى الشيعة من القول بالتحريف هو مجرد تشنيع وتهويل ،وليس له في المعتقدات الشيعة وجود ـ إلى قوله ـ وأتذكر أني عندما زرت بلاد الشيعة للمرة الأولى كان في ذهني بعض هذه الإشاعات ، فكنت كلما رأيت مجلدا ضخما تناوله علّني أعثر على هذا القرآن المزعوم ، ولكن سرعان ما تبخر هذا الوهم وعرفت فيما بعد أنها إحدى التشنيعات المكذوبه لينفّروا الناس من الشيعة.

ولكن يبقي هناك دائما من يشنع ويحتج على الشيعة بكتاب اسمه فصل

__________________

(١) الموارد التي لم نذكر مصادرها أخذناها من البرهان في صيانة القرآن من التحريف.

١٩٤

الخطاب في تحريف الكتاب ،ومؤلفه محمد تقي النوري الطبرسي المتوفي سنة ١٣٢٠ هجرية وهو شيعي ، ويريد هؤلاء المتحاملون أن يحملوا الشيعة مسوؤلية هذا الكتاب! وهذا غير إنصاف! فكم من كتب كتبت ، وهي لا تعبر في الحقيقة إلاعن رأي كاتبها ومؤلفها ، ويكون فيها الغث والسمين ، وفيها الحق والباطل ، وتحمل في طيها الخطأ والصواب ، ونجد ذلك عند كل الفرق الإسلامية ولا يختص بالشيعة دون سواها ، وهو في الواقع ألصق وأقرب بأهل السنة والجماعة منه إلي الشيعة ، أفيجوز لنا أن نحمل أهل السنة والجماعة مسوؤلية ما كتبه وزير الثقافة المصرى وعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين بخصوص القرآن والشعر الجاهلي؟! أو ما رواه البخاري ـ وهو صحيح عندهم ـ من نقص في القرآن وزيادة؟ وكذلك صحيح مسلم وغيره؟ ،

__________________

(١) لأكون مع الصادقين :١٦٨ ـ ١٦٩

أقول : إلى الآن ما استطاع أحد من أهل السنة أن يراد على كتب التيجاني ، وخاصة كتابه (ثم اهتديت) وأما الوهابية : الإنصاف أنهم ردوا عليه بأدلتهم المعتادة ، فقد أوسعوه شتما وركلا وتكذيبا! ولكثرتها تعثرت يوما ببعض الكتيبات التي لا تفوح منها إلا رائحة الطعن والسباب ، وبعضها حشا كاتبها (عثمان. خ) جملة (هذا كذب) في إيراد على التيجاني حتى كررها الوهابي ، فصارت كلمة تكرارية سخيفة تمج منها الأسماع وتؤذي نظر القارئ المحترم ، ولما صارت هذه الكلمة هي الرد الممل حاول الكاتب ان يتخلص من الرتابة بإطراءالجو وإنعاش القارئ فصار يطعم استدلاله القوي (هذا كذب) ببعض الأشعار التي فيها ذكر للكذب وللكذابين!! ولله في خلقه شوؤن! وقد تسليت بعض الشيء بعد كلمة (كذب) ومشتقاتها في هذا الكتيب الذي عدد صفحاته ثمانون صفحة لو قسناها بورقنا ، فاتضح أنها

١٩٥

أقول لا حياة لمن تنادي!

المنصفون من أهل السنة ينفون هذه الفرية عن الشيعة

لو اقتصر تكذيب هذه الفرية على أكابر الشيعة لكان من العجب أن يتمسك أولئك الأعراب بافترائهم ، ولكن ما يصدم العقل البشري أن كثيرا من علماء أهل السنة نفوا تلك الفرية عن الشيعة جملة وتفصيلا ، ومع ذلك تصدم بأن الوهابية ـ نعوذ بالله العظيم مما ابتلاهم الله به من سوء سريرة ـ صموا وعموا حتى عن أقوال بني جلدتهم وأهل الفضل منهم ، وهذه بعض كلماتهم :

يقول الشيخ محمد أبو زهرة : القرآن بإجماع المسلمين هو حجة الإسلام الأولي وهو مصدر المصادر له ، وهو سجل شريعته ، وهو الذي يشتمل على كلها وقد حفظه الله تعالى إلى يوم الدين كما وعد سبحانه إذ قال (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (١). وإن إخواننا الإمامية على اختلاف منازعهم

__________________

تكررت مئتان وخمس مرات! والحق إن لهذا الوهابي أسلوبنا جميلا في الإبطال والتكذيب يستحق أن يدرس في جامعات الدجل والشعوذة ، فلو نقل التيجاني حديثا ما عن عدة مصادر ، وكان الحديث ينقص بكلمة أو بما لا يخل بمعناه في أحد تلك المصادر التي ذكرها التيجاني نحو حديث الصلاة البتراء ، لكذبه الكاتب وقال : هذا كذب ، لأن الحديث لم يرد في المصدر!!.

(١) الحجر : ٩.

١٩٦

يرونه كما يراه كل المؤمنين (١).

وقال : إن الشريف المرتضي وأهل النظر الصادق من إخواننا الإثني عشرية قد اعتبروا القول بنقص القرآن أو تغييره أو تحريفه تشكيكا في معجزة النبي صلى الله عليه وآله وسلم واعتبروه إنكارا لأمر علم من الدين بالضرورة. (٢)

وقال الشيخ رحمة الله الهندي : القرآن المجيد عند جمهور علماء الشيعة الإمامية اللثني عشرية محفوظ من التغيير والتبديل ، ومن قال منهم بوقوع النقصان فيه ، فقوله مردود غير قبول عندهم. (٣)

وقال الشيخ محمد الغزالي : سمعت من هؤلاء يقول في مجلس علم : أن للشيعة قرآنا آخر يزيد وينقص عن قرآننا المعروف! فقلت : أين هذا القرآن؟! ولماذا لم يطلع الإنس والجن على نسخة منه خلال هذا الدهر الطويل؟ لماذا يساق هذا الافتراء؟ ....... ولماذا هذا الكتاب على الناس وعلى الوحي. (٤)

__________________

(١) الإمام صادق : ٢٦٩.

(٢) نفس المصدر :٣٢٩.

(٣) إظهار الحق : تعليق الدكتور أحمد حجازي : ٤٣١.

(٤) دفاع عن العقيدة والشريعة.

أقول : لأن تشوية مذهب أهب البيت عليهم السلام يحول دون فهم الناس الصحيح ، والوهابية تعلم أن مذهبهم الذي ابتدعه ابن عبد الوهاب لا يصمد ـ ولو قليلا ـ أمام فكر وعظمة مدرسة أهل البيت عليهم السلام أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ،

١٩٧

وقال محمد علي الزعبي : لقد اتفق المسلمون ـ ويجز في قلبي الألم حين أصفهم بالسنة والشيعة بعد أن دعاهم الله مسلمين ورضي لهم الإسلام دينا ـ اتفقوا على عصمة القرآن وحفظه منذ عهد نزوله حتى الآن ، فالسنيون على تعداد مذاهبهم الفقهية المعروفة ، والتي أصبحت في ذمة التاريخ ، والشيعة ،سواء أكانوا إمامية اثني عشرية أو زیدیة أو إسماعيلية : بهرة أم موحدين أم آغاخانية ..... جميعهم ينظرون كتاب الله الموجود بين أيدي الناس معصوما محفوظا كما أنزل ، ويعتقدون أنه هو نفسه الذي أنزله الله لرسوله محمد صلي الله عليه وآله وسلم ووصل الناس دون زيادة أو نقص ، نعم هذا ما اتفق عليه مسلموالعالم في جميع عصورهم وهذا ما سجله مؤلفوهم ومحققوهم ومخلصوهم ، ولو أردنا أن نقول للقارئ راجع كتاب كذا وصفحة كذا لأذهبنا سجلا بأسماء الكتب (١).

وقال البهنساوي: إن الشيعة الجعفرية الاثني عشرية يرون كفر من حرف القرآن الذي أجمعت عليه الأمة منذ صدر الإسلام ... وإن المصحف الموجود بين أهل السنة هو نفسه الموجود في مساجد وبيوت الشيعة ، وأنه لا يوجد منهم في عصرنا من يقول بما جاء في بعض كتبهم القديمة عن مصحف فاطمة ، بل يقولون : إن هذه الروايات غير صحيحة مردودة ، كما أن

__________________

وقد ذكرنا ذلك في المقدمة.

(١) لا سنة ولا شيعة :٢٣٩.

١٩٨

أئمة الشيعة في عصرنا يؤكدون ذلك. (١)

وقال الأستاذ محمد المديني عميد كلية الشريعة بالجامعة الأزهرية : وأما أن الإمامية يعتقدون نقص القرآن ، فمعاذ الله. إنما هي روايات رويت في كتبهم ، كما روي مثلها في كتبنا. وأهل التحقيق من الفريقين قد زيفوها ، وبينوا بطلانها ، وليس في الشيعة الإمامية أو زيدية من يعتقد ذلك ، كما أنه ليس في السنة من يعتقده.

وقال أيضا : وقد ألّفت أحد المصريين كتابا اسمه (الفرقان) حشاه بكثير من أمثال هذه الروايات السقيمة المدخولة المفروضة ،ناقلا لها عن الكتب والمصادر عند أهل السنة ، وقد طلب الأهزر من الحكومة مصادرة هذا الكتاب بعد أن بين بالدليل والبحث العلمي أوجه البطلان والفساد فيه ، فاستجابت

__________________

(١) السنة المفترى عليها : ٦٠.

أقول : إن قصد أن كتب الشيعة تنص على أن مصحف فاطمة عليها السلام هو قرآن الشيعة ، فهذا الكلام غير صحيح ، وهي من الإشاعات التي حيكت على مذهب أهل البيت عليهم السلام ، والحق أن الشيعة الإمامية يعتقدون أن لفاطمة عليها السلام كتابا يسمي في كلمات أئمة أهل البيت عليهم السلام بـ مصحف فاطمة لا يوجد فيه شيء من القرآن ، وإنما فيه أخبار من يملك والحوادث الآتية علي الناس ، وليس بقرآن للشيعة كما يحاول الوهابية إرادتها على السذج متوسلين بتسميته باسم (مصحف) الذي يتبادر منه القرآن في عرفنا اليوم ، مع أن المصحف في اللغة تعني ما جمع في الصحف سواء كانت صحفا كتب فيها قرآن أم غيره ، ولكن الوهابية يخادعون ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

١٩٩

الحكومة لهذا الطلب وصادرت الكتاب ، فرفع صاحبه دعوى يطلب فيها تعويضا ، فحكم القضاء الإداري في مجلس الدولة برفضها.

أفيقال : إن أهل السنة ينكرون قداسة القرآن؟ أو يعتقدون نقص القرآن لرواية رواها فلان؟ أو الكتاب ألفه فلان؟ فكذلك الشيعة الإمامية ، إنما هي روايات في بعض كتبهم كالروايات التي في بعض كتبنا (١).

قال الدكتور محمد عبد الله دراز : ومهما يكن من أمر فإن هذا المصحف هو الوحيد المتداول في العالم الإسلامي ، بما فيه فرق الشيعة ، ومنذ ثلاثة عشر قرنا من الزمان ، ونذكر هنا رأي الشيعة الإمامية ـ أهم فرق الشيعة ـ ثم ذكر كلام الشيخ الصدوق رضوان الله تعالى عليه (٢).

قال الدكتور علي عبد الواحد وافي : يعتقد الشيعة الجعفرية كما يعتقد أهل السنة أن القرآن الكريم هو كلام الله عزوجل المنزل علي رسوله المنقول بالتواتر والمدوّن بين دفتي المصحف بسوره وآياته المترتبة بتوقيف من الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، وأنه الجامع لأصول الإسلام عقائده وشرائعه وأخلاقه ، والخلاف بيننا وبينهم في هذا الصدد يتمثل في أمور شكلية وجانبية لا تمس النص القرآني بزيادة ولا نقص ولا تحريف ولا تبديل ، ولا تثريب عليهم في أعتقادهم. (٣)

__________________

(١) مجلة رسالة الإسلام العدد رابع من السنة الحادية عشرة : ٣٨٢ و ٣٨٣.

(٢) مدخل إلي القرآن الكريم : ٣٩ ـ ٤٠

(٣) بين الشيعة وأهل السنة : ٣٥.

٢٠٠