إعلام الخلف - ج ١

صادق العلائي

إعلام الخلف - ج ١

المؤلف:

صادق العلائي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الآفاق للدراسات الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠١
الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣

يتبادر منها أن جملة (هكذا نزلت) تعني عن الشيعة أن النص القرآني السليم من التحريف هو هذا الذي تضمنته الرواية! ، وقد علمت حقيقة معناها من نفس كلمات علماء الشيعة ، والشيعة ما تركوا الأمر سدى ، بل علقوا على الروايات ونبهوا وأشاروا إلى مصادرها ، بل فعلوا ذلك في هامش نفس الرواية التي أخذها الوهابية!ولكن أنّى للأعراب أن يعلموا حدود ما أنزل الله! وقد قال تعالى (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١).

الرواية والاعتقاد بممونها

بعض الوهابية يستدلون برواية ذكرها الشيخ الصدوق رضوان الله تعالى عليه لإثبات اعتقاد تحريف القرآن للشيعة الإمامية وهذه هي الرواية :

بهذا الإسناد عن الحسن عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من كان كثير القراءاة لسورة الأحزاب كان يوم القيامة في جوار محمد صلى الله عليه وآله وأزواجه ثم قال : سورة الأحزاب فيها فضائح الرجال والنساء من قريش وغيرهم ، يابن سنان!إن سورة الأحزاب فضحت نساء قريش من العرب وكانت أطول من سورة البقرة لكن نقصوها وحرفوها.

أقول

١ ـ من غير المعقول أن نصنف الشيخ الصدوق رضوان الله تعالى عليه في ضمن القائلين بعدم تحريف القرآن ومن ثم ننسب تحريف القرآن للشيعة

__________________

(١) التوبة : ٩٧.

١٦١

بسبب رواية ذكرها الصدوق نفسه!!

٢ ـ من الجهل أننسبب للشيخ الصدوق رضوان الله تعالى عليه تحريف القرآن لأجل روايته هذه وهو الذي صرح في اعتقاداته برفضه لفكرة تحريف القرآن وكذب من نسب هذا للشيعة ، قال في الاعتقادات :

اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله على نبيه محمد صلى الله عليه وآله هو ما بين الدفتين وهو مافي أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك ، ومبلغ سوره عن الناس مئة وأبع عشرة سورة ، وعندنا أن الضحى وألم نشرح سورة واحدة ، ولإيلاف وألم تر كيف سورة واحدة ، من نسب إلينا أنا نقول أكثر من ذلك فهو كاذب. (١)

٣ ـ كان من المتوقع لمن يرى أن تلك الرواية تدل على التحريف ـ كالوهابية ـ أن يتنيه إلى عدم الانسجام بين ما صرحه الصدوق في اعتقاداته وبين روايته تلك ، فيقول بعن الملازمة بين الاعتقاد والرواية ، ولكن الوهابية لا يلبسون إلاّ النظارات السوداء!

٤ ـ الصدوق رضوان الله تعالى عليه في كتابه ثواب الأعمال ليس إلاّ محدثا ينقل الرواية كما وصلت إليه ولا يلزم من هذا اعتقاده بمضمونها حتى وإن صح إسنادها عنده ، وهو في هذا كالكليني رضوان الله تعالى عليه.

__________________

(١) الاعتقادات : ٥٩ ـ ٦٠.

١٦٢

ملاحظة : الكليني رضوان الله تعالى عليه لا يقول بتحريف القرآن

وحيث وصلنا إلى هذه النقطة نقول : إن المحدث لا يلزم نفسه اعتقاد كل ما أوردة في مصنّفه ، حتى وإن قال بصحة كل ما أورده؛لأن صحة السند شيء وما يدل عليه المتن بعد جمع الأدلة وعرضها على الكتاب والسنة المتواترة وطرح غير التام شيء آخر ، فلا وجه لاتهام الشيخ الصدوق أو الكليني أو أي محدث آخر؛ لأنه روي الرواية ، ناهيك عن أن الكليني رضوان الله تعالى عليه روى روايات التحريف في باب النوادر تيمنا بالروايات التي فيها : ((ودع الشاذ النادر)) ، بل صرح الكليني رضوان الله تعالى عليه في مقدمة الكافي أنه وإن أراد جمع الآثار الصحيحة عن المعصومين عليهم السلام إلاّ أن صحة الرواية شيء والاعتقاد بمضمونها شيء آخر ، وعلق قبول مضمونها على بعض القواعد منها أن تعرض الرواية على كتاب الله عزّ وجلّ فما وافق كتاب الله أخذ به وما خالفه يرد يأخذ به ، قال ثقة الإسلام الكليني رضوان الله تعالى عليه في مقدمة الكافي :

وقلت : إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع فيه من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به التعلم ، ويرجع إليه المسترشد ، ويأخذ منه من يريد علم الدين ، والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام والسنن القائمة التي عليها العمل ، وبها يؤدي فرض الله عزّ وجلّ وسنة نبيه صل الله عليه وآله ، وقلت : لو كان ذلك رجوت أن يكون ذلك سببا يتدارك الله تعالى بمعونته وتوفيقه إخواننا وأهل ملتنا ويقبل بهم إلى مراشدهم

١٦٣

فاعلم يا أخي أرشدك أنه لا يسمع أحدا تمييز شيء مما اختلف الرواية فيه عن العلماء عليه السلام برأية ، إلاّ على ماأطلقه العالم بقوله عليه السلام : ((اعرضوها على كتاب الله ، فما وافي كتاب الله عزّ وجلّ فخذوه ، وما خالف كتاب الله فردوه)) وقوله عليه السلام : ((دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم)) (١) ، وقوله عليه السلام : ((خذوا بالمجمع عليه لا ريب فيه)) ، ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلاّ إقله ولا نجد شيئا أحوط ولا أوسع من رد علم ذلك كله إلى العالم عليه السلام ، وقبول ما وسع من الأمر فيه بقوله عليه السلام : ((بأيما أخذتم من باب التسليم وسعكم)). وقد يسر الله وله الحمد تأليف ما سألت ، وأرجو أن يكون بحيث توخيت (٣).

__________________

(١) طبل بعض الوهابية على هذه الرواية وغيرها من الروايات بأنها تدل على أن من مذهب الشيعة تحرِّي مخالفتة العامة فيما يدينون به ، فيقول الشيعة خلاف قول العامة سواء دل عليه الدليل أم لا! ، وهذه من افتراءات الوهابية التي اعتدنا عليها ، فإن المقصود من هذه الروايات أنه إن جاءت روايات متعارضة ، وكان بعضها موافقا لمذهب العامة وبعضها مخالفا له نأخذ بالمخالف لهم وتنرك الموافق؛ لأن هذا النوع من التعارض يدل على أن الرويات الموافقة لهم خرجت منهم عليهم السلام على نحو التقية وحفظ النفس من سلاطين الجور الذين كانوا يتربصون الدوائر بأئمة أهل البيت عليهم السلام ، لان أن الشيعة يتحرون مخالفة مذهب العامة ولو لم يدل دليل على الخلاف!!

(٢) الكافي للكليني رضوان الله تعالى عليه١ :٨ـ٩.

١٦٤

فكلام الكليني رضوان الله تعالى عليه صريح في أنه لا يعتقد مضمون أي رواية صحيحة في نظره إلاّ بعد عرضها على كتاب الله عزّ وجلّ ، فيدل هذا على اعتقاده عدم تحريف القرآن ، وإلا لما أعطى للقرآن القوامة على الروايات ، ويدل أيضا على رأية في وجوب طرح الروايات التي تعارض القرآن وتقول بتحريفه.

فاتضح أن من الظلم نسبة تحريف القرآن للكليني رضوان الله تعالى عليه ، مع أن روايته لا تدل على تحريف القرآن كما بينا ذلك ، وقد وضعها في باب النوادر أي شواذ الأخبار التي لا يعبأ بها ، ناهيك عن أنها تخالف كتاب الله عزّ وجلّ وقد قال الكليني رضوان الله تعالى عليه : أن ما خالف كتاب الله يرد ولا يؤخد به.

٥ ـ الشيخ الصدوق رضوان الله تعالى عليه كبقية الشيعة يقول بتحريف التنزيل والوحي المفسر للقرآن فلو سلمنا اعتماده على الرواية لوجب وضعها في خانة تحريف الوحي والتنزيل جمعا بين اعتقاد الصدوق عدم تحريف القرآن وقوله في اعتقاداته :

بل نقول أنه قد نزل الوحي الذي ليس بقرآن ، ما لو جمع إلى القرآن لكان مبلغه مقدار سبع عشرة ألف آية ، وقال : إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم سبعة عشر ألف آية (١).

__________________

(١) أصول الكافي٢ : ٢٩٥كتاب فضل القرآن في النوادر ، أقول : هذه الرواية كانت ومازالت محل لغط الوهابية وهرجهم ، وقد أشرنا إليها فيما سبق ، حيث بينا أن بعضا من الوهابية توسل

١٦٥

وقال : ومثل هذا كثير ، وكلّه وحي وليس بقرآن,ولو كان قرآناً لكان مقروناً به وموصولاً إليه غير مفصول عنه ، كما كان أمير المؤمنين جمعه فلما جاء به قال : هذا كتاب ربكم كماأُنزل على نبيكّم لم يزد فيه حرف ولا ينقص منه حرف ، فقالوا : لا حاجة لنا فيه ، عندنا مثل الذي عندك ، فانصرف وهو يقول (فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) (١) (٣).

ومن النقطة الرابعة والخامسة يتضح جهل الوهابي (عثمان. خ) عندما حاول خدش اعتقاد الصدوق رضوان الله تعالى عليه بعدم تحريف القرآن بدعوى سكوته عن الرواية التي رواها! ، قال الوهابي :

أولهم الصدوق ـ رضوان الله تعالى عليه ـ ، هذا الصدوق روى التحريف في كتابه وسكت عنه ، روى الصدوق في كتابه عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن سورة الأحزاب ... الخ فنقل الرواية بتحريف فيها لا يضر معناها ، وكما ترى أراد الوهابي خدش اعتقاد الصدوق رضوان الله تعالى ولكن ما بيناه في النقطتين السابقتين يخبرنا عن جهله ، وقد نقل نفس الأمر عن الطوسي

__________________

بها لإثبات أن مصحف فاطمة عليها السلام هو قرآن الشيعة باعتبار أن مصحف فاطمة عليها السلام ثلاثة أضعاف الموجود وكذا هو حال القرآن الذي نزل من السماء عند الشيعة فاتضح هنا القول الحق في المسألة وهو أن القرآن مع تنزيله حجمه ثلاثة أضعاف الموجود أي أن التنزيل يزيده إلى الضعفين ، ولكن الوهابية كما عودونا يقومون بنسج الأفكار في مخيلتهم ثم يكرون عليها!

(١) آل عمران : ١٨٧.

(٢) الاعتقادات : ٩٣.

١٦٦

رضوان الله تعالى عليه والجواب هو الجواب.

٦ ـ هذه الرواية لا يمكن إلزام الشيعة بها ولا الشيخ الصدوق رضوان الله تعالى عليه بعد وقوع كذاب في سندها ، وهو الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني الواقفي.

قال السيد الخوئي رضوان الله تعالى عليه : إلا أنه لا يمكن الاعتماد عليه بعد شهادة علي بن الحسن بن فضال بأنه كذاب ملعون ، المؤيدة بشهادة ابن الغضائري بضعفه.

وقال : ومع التنزيل عن ذلك ، فيكفي في ضعف الحسن بن على بن أبي حمزة شهادة الكشي بأنه كذاب. (١)

وقد تعامي الوهابي (عثمان. خ) عن حاشية الشيخ على أكبر غفاري في هامش نفس الصفحة التي أخذ منها الرواية ، قال غفاري : وروي الكشي عن محمد بن مسعود قال : سألت علي بن الحسن بن فضال عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني فقال : كذاب ملعون ، رويت عنه أحاديث كثيرة وكتبت عنه تفسير القرآن كله من أوّله إلى آخره ، إلاّ أني لا أستحل أن أروي عنه حديثا واحدا. ونقله العلامة عن الكشي في الخلاصة.

وليس غريبا على من ينصب نفسه للافتراء ويحترف المكر والخداع أن يتهم بكل رواية وردت في المصنفات بلا مناقشه للسند من حيث الصحة والضعف ، مع أن روايات أهل السنة التي تفيد نفس المضمون من السقوط

__________________

(١) معجم رجال الحديث٥ : ١٥.

١٦٧

والتحريف لسورة الأحزاب صحيحة السند وليست بضعيفة.

٥ ـ كان الأجدر أن يتهم الوهابيون بني جلدتهم الذين حاروا في تأويل رواياتهم الصحيحة التي تفيد نفس المضمون من سقوط وتحريف سورة الأحزاب ، لا أن يتهموا الشيعة برواية ساقطة لا يقبلونها ، وحتى لو قبلوها فلها عندهم وجه معتبر يفسر هذا السقوط والتحريف!

تنبيه!

الشيعة لا تسمع لقول أي رجل يقوم بالتقاط بضع روايات من كتب الشيعة ثم ينسب مضامينها لعقيدتهم ، نعم الشيعة تعتمد كلمات أهل التحقيق والاجتهاد منهم في فهم الروايات والجمع بينها وبين القرآن الكريم وباقي القواعد ، وكثير من افتراءات الوهابية تنكسر على هذه الضابطة التي تحاول الوهابية غض الطرف عنها ، بل إن كل افتراءاتهم وأكاذيبهم تخر على وجهها وتخسأ عند هذا المبدأ الذي يتعامون عنه ، ونعيده لزيادة التأكيد :

إن الشيعة لا تقبل أن ينسب لها أي عقيدة أو أي رأي يؤخذ من رواية هنا أو هناك ، وإنما تقبل كلام أهل التخصص في فهم الروايات وكيفية جمعها وطرحها وأساليب التقديم والتأخير والمطلق والمقيد وغير ذلك الذي لا يتوفر إلاّ عند من له خبرة

بالقواعد الأصولية والعقائدية عند الشيعة ، لذا إذا أخذ المراجع والمحققون برأي معين حينها يصح أن ينسب للشيعة هذا الرأي بشكل مطلق. والآن يوجد من حولي عدة كتيبات للوهابية رأس مالها الروايات التي تصيدوها من كتب الحديث عند الشيعة ، ونسجوا عليها العقائد التي ما أنزل الله بها من سلطان ، وبهذه الملاحظة أكون قد رددت عليها كلها مرة واحدة وبالجملة ، وقضي الأمر وقيل بعدا للقوم الظالمين.

١٦٨

وهنا تسلية أخرى ، وهي أيضا من النوع الثاني الذي ينشط الذهن فيها استغل الوهابي (عثمان. خ) قولا لأحد الأَخبارية يدعي فيه أن تحريف القرآن مما اجمعت عليه الشيعة ، فطبل هذا الوهابي وزمر على نغم هذا الإجماع المدعى!وقد انتشر بين صبيانهم ، ولا نريد أن نزيد في بيان سخف هذا الفتح الذي حققه قليل البضاعة ، فلنقنصر على عدة ملاحظات :

١ ـ أغفل الوهابي الإشارة والتنبيه حال نقله لكلمات الشيعة النافين للتحريف إلى عدم صحة دعوى الإجماع التي ذكرها في أول المسرحية ، وبالطبع لن يفعل؛لأنه بهذا يفوت عليه استغفال من حوله ، وهو المطلوب الأساس.

٢ ـ لو سلمنا أن الوهابي رزق بعضا من العقل والتفت إلى أن شيئا ما يريب هذا الإجماع ، لأنه لاينسجم مع قول أغلب علماء الشيعة بعدم التحريف ، فلماذا لم يسأل علماء الشيعة عنه؟!

٣ ـ قالوا إن هذا الإجماع منقول وليس بحجة؛لأن بعض العلماء كان يدعي الإجماع بمجرد جزمه بصدور رواية واحدة عن الإمام المعصوم عليه السلام قد أفتي بمضمونها بعض الفقهاء فيطلق إجماع الطائفة على الفتوى بدعوى أن الإجماع غايته إثبات رأي المعصوم ، وحيث تم إثباته فإن رأي من يضاده لا عبرة فيه ، فيقوم بإطلاق الإجماع ، وبعبارة مختصرة إن نقل الإجماع لايدل على أن دعوى الإجماع كانت عن حس ، بل بعلها كانت عن حدس.

وبهذا نسأل الله عزّوجلّ أن تتنبه الوهابية إلى نقطة مهمة ، وهي أن روايات مذهب أهل البيت عليه السلام وكلمات علماء الشيعة حفظ الله الباقين ورحم الماضين ، لا يكفي للخوض فيه قراءة متن الأجرومية أو أصول

١٦٩

الفقه لأبي زهرة أو قراءة تفسير ابن كثير أو المعهد الديني.

أقوال مراجع الطائفة القضاء الحتم والقول الفصل

لا مجال يمنة ويسرة بعد تصريح كل من تصدى لمقام مرجعية هذه الطائفة الحقة بأن القرآن لم تمسه يد التحريف ، وما استطاع أحد بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أن يحذف منه أو يزيد فيه ، وكما هو المعلوم فإن كلمة أحد هؤلاء الأعلام في زمنه تعبر عن رأي آلاف ، بل مئات الآلاف من افراد الشيعة اليوم واجتماع كلمتهم على عدم التحريف وانقراض ما شذ به البعض عن الجمهور ، وحيث ذاك فلا ريب أن هذه الطائفة مفترى عليها فرية نكراء شنعاء على يد اعراب مرجفين ، قال الله عزو جل :(لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذينَ في‏ قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فيها إِلاَّ قَليلاً مَلْعُونينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتيلاً سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْديلاً) (١)

كلمات المراجع عليهم رضوان الله ورحمته

قبل ذكر كلمات فقهاء الطائفة أعلا الله كلمتهم نذكر ما أخرجه الكليني رضوان الله عليه في الكافي تحت عنوان رسالة أبي جعفر الباقر عليه السلام إلي سعد الخير ، إذ تضمن تلك الرسالة الشريفة :

__________________

(١) الأحزاب : ٦٠ ـ ٦٢

١٧٠

(( ..... دعا عباده في الكتاب إلي ذلك بصوت الرفيع لم ينقطع ، ولم يمنع دعاء عباده ، فلعن الله الذين يكتمون ما أنزل الله ، وكتب علي نفسه الرحمة فسبقت قبل الغضب فتمت صدقا وعدلا ، فليس يبتدئ العباد بالغضب قبل أن يغضبوه ، وذلك من علم اليقين وعلم التقوي ، وكل أمة قد رفع الله عنهمعلم الكتاب حين نبذوه وولاهم عدوهم حين تولوه ، وكان من نبذهم الكتاب أن اقاموا حروفه وحرفوا حدوده ، فهم يروونه ولا يرعونه ، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية ، وكان من نبذهم الكتاب أن ولوه الذين لا يعلمون ، فأوردوهم الهوى وأصدروهم الي الردى وغيروا عرى الدين ، ثم ورثوه في السفة والصبا ، فالأمة يصدرون عن أمر الناس بعد أمر الله تبارك وتعالى وعليه يردون ، فبئس لظالمين بدلا ، ولاية الناس بعد أمر الله تبارك وتعالى وعليه يردون ، فبئس لظالمين بدلا ، ولاية الناس بعد ولاية الله ، وثواب الناس بعد ثواب الله ، ورضا الناس بعد رضا الله ، فاصبحت الأمة كذلك وفيهم المجتهدون في العبادة علي تلك الضلالة ، معجبون مفتونون ، فعبادتهم فتنه لهم ولمن اقتدى بهم ، الخ))(١)

__________________

(١) روضة الكافي : ٥٣ ح١٦، تحقيق علي اكبر غفاري ، اقول : قال الوهابي (عثمان. خ)في شريطه عن الشيعة : (ما ينقلون عن الائمة ولا رواية واحدة تقول بعدم التحريف ، بل ينقلون الفي رواية عن الائمة تقول بالتحريف (!!)والذين قالوا بعدم التحريف أو الذين ينقلون عنهم القول بعدم التحريف هم علماء يصيبون ويخطئون غير معصومين، أما المعصومون عندهم فنقلوا عنهم القول بالتحريف فيلزم الشيعة الأخذ بكلام معصومين دون الكلام غيرهم) وقال ايضا (إن الروايات التحريف ينقلونها عن المعصومين عندهم بينما الإنكار فلا يروون منه شيئا

١٧١

وهذا المقطع الشريف (وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده) دال بوضع على أن القرآن لم تمسه يد التحريف ، وانما التحريف اقتصر على المعاني وصرفها عن تفسيرها الحقيقي ومراد الله منها ، ويتفق هذا مع ما قلناه من تحريفهم للتنزيل ، قال المولى صالح المازندراني رضوان الله تعالى عليه :

(وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه) وكلماته وإعرابه وصححوها وحفظوها عن التصحيف والتحريف ، (وحرفوا حدوده) واحكامه وجعلوا حلاله حرما وحرامه حلالا وولاية الحق مردودة وولاية الباطل مقبولة. (١)

__________________

عن المعصومين ، وانما هي اقوال لبعض علمائهم فهذا يَلزم أو يُلزم جميع الشيعة أن يقولوا بالتحريف اتباعا لأئمتهم المعصومين وبالتالي يخرجون من الاسلام(!!) أو يجب عليهم أن يتركوا التشيع الذي يشيع هذا الباطل).

اقول : الحمد لله أن كل كلمات هذا الوهابي لا تخلو عن جهل أو كذب ، فتلك الرواية التي نقلناها في المتن توقفنا على كذبه في ادعائه عدم وجود أي رواية واحدة وأما جهله فواضح لأن العلماء يبينون مراد المعصومين من الروايات التي وردت عنهم ، فلا يستقبل العالم برأيه ويقول : هذا رأيييأو استحساني أو ما تقضيه المصلحة ، كما يفعله علماء أهل السنة والوهابية ، فكل الكلام في دلالة تلك الروايات لا في صدورها بعضها.

(١) شرح اصول الكافي للمازندراني ١١: ٣٧٨ ط دار احياء التراث العربي

١٧٢

والاشكال بأن الرواية لا تثبت صيانة القرآن في زمن أبي بكر بل غاية ما تثبته هو إقامة حروف ما كان في زمن الامام الباقر عليه السلام ، اشكال غير وارد لأن سياق الرسالة من أولها الي آخرها يخاطب حال الأمة وما آلت اليه بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم مباشرة ، وخير شاهد على ذلك هذا المقطع (وكان من نبذهم الكتاب أن ولوه الذين لا يعلمون فأوردهم الهوى وأصدروهم إلي الردى وغيروها عرى الدين) ولا ريب أن المقصود بزمن تولية القرآن لغير أهله الزمن المتصل بسقيفة بني ساعدة وما بعده (١).

وهاهي کلمات مراجع الطائفة وفقهائها التي علیها المعول في نقل رأی

__________________

(١) حتي كان من هوان الدنيا على الله أن يتصدى الخلافة المسلمين من يحكم في دمائهم وأموالهم وفروجهم وهو لا يعرف معنى كلمة من القرآن!! كما صح السندعنه في تفسير الطبري ومصنف ابن أبي شيبة ٦: ١٣٦ ، ح٣٠١٠٥: (عن أنس أن عمر قال على المنبر: (وَفاكِهَةً وَأَبًّا) (عبس :٣١). ثم قال : هذه الفاكهة قد عرفناها! فما الأب؟!. ثم رجع إلي نفسه فقال: (إن هذا لهو التكلف يا عمر) ، وكذا ح٣٠١٠٧ (عن ابراهيم التيمي أن أبا بكر سئل عن (وَفاكِهَةً وَأَبًّا) (عبس :٣١). فقال : أي سماء تظلني ونصف أرض تقلني اذا قلت في كتاب الله م لا أعلم؟!)، وكذا ح٣٠١٠٣ (عن الشعبي قال : أدركت أصحاب عبد الله وأصحاب علي ـ عليه السلام ـ وليس هم لشيء من العلم أكره منهم لتفسير القرآن ، قال : وكان أبو بكر يقول : أي سماء تظلني ونصف الأرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم؟!).

أقول : لا نقول تكلمنا فيما تجهلان! ولكن نقول : إن كان خليفة المسلمين المأمون على دمائهم وأموالهم وفروجهم يجهل مثل هذه الأمور فعلى المسلمين السلام!

١٧٣

المذهب :

شيخ المحدثين الصدوق : اعتقدنا أن القرآن الذي أنزله الله على نبيه محمد صلي الله عليه وآله هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك ، ومبلغ سوره عند الناس مئة وأربع عشرة سورة ، وعندنا الضحى وألم نشرح سورة واحددة ، ولإيلاف وألم تر كيف سورة واحدة ، ومن نسب إلينا أنا نقول أكثر من ذلك فهو كاذب. وما روى من ثواب قراءة كل سورة من القرآن ، وثواب من ختم القرآن كله ، وجواز قراءة سورتين في ركعة نافلة ، والنهي عن القِران بين السورتين في ركعة فريضة ، تصديق لما قلناه أيضا. (١)

الشيخ المفيد : وقد قال جماعة من أهل الإمامة إنه لم ينقص منه كلمة ، من آية، ولا من سورة ، ولكن حذف ما كان مثبتا في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام من تأويله، وتفسير معانيه علي حقيقة تنزيله ، وذلك كان ثابتا منزلا ، وإن لم يكن من جملة كلام الله الذي هو القرآن المعجز.

عندي أن هذا القول أشبه من مقال من أدعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل ، واليه أميل، والله اسأل توفيقه للصواب.

__________________

(١) الاعتقادات:٥٩ ـ ٦٠

١٧٤

وقال : وأما الوجه المجوز فهو أن يزاد فيه الكلمة والكلمتان والحرف والحرفان ، وما أشبه ذلك مما لا يبلغ حد الاعجاز ، ويكون ملتبسا عند اكثر الفصحاء بكلم القرآن ، غير انه لابد ـ متى وقع ذلك ـ من أ، يدل الله عليه ويوضح لعباده الحق فيه ، ولست أقطع على كون ذلك ، بل أميل الى عدمه وسلامة القرآن منه. (١)

الشريف المرتضى : إن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان ، والحوادث الكبار ، والوقائع العظام ، والكتب المشهورة ، وأشعار العرب المسطورة ، فإن العناية اشتدت والدواعي توفرت على نقله وحراسته، بلغت إلى حد لم يبلغه في ما ذكرناه ؛ لأن القرآن معجزة النبوية ، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية، حتي عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيرا أو منقوصا مع العناية الصادقة والضبط الشديد؟!.

إن العلم بتفصيل القرآن وأبعاضه في صحة نقله كالعلم بجملته ، وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة ، ككتابي سيبويه والمزني ، فإن أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلها ما يعلمونه من جملتها ، حتى لو أن مدخلا أدخل في كتاب سيبويه باباً في النحو ليس من الكتاب لعُرف ومُيز ، وعلم أنه ملحق وليس في أصل الكتاب ، وكذلك القول في متاب المزني ، ومعلوم أن العناية بنقل القرآن وضبطه أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين

__________________

(١) اوائل المقالات في المذاهب المختارات: ٩١ ـ ٩٢. وانظر: ملحق رقم (٧)

١٧٥

الشعراء.

المحكي أن القرآن كان على عهد رسول الله صلي الله عليه وآله مجموعا مؤلفا على ما هو عليه الآن ، فإن القرآن كان يحفظ ويدرس جميعه في ذلك الزمان حتى عين على جماعة من الصحابة في حفظهم له وأنه كان يعرض على النبي صلي الله عليه وآله ويتلي عليه ...... وكل ذلك يدل بأدني تأمل أنه كان مجموعا مرتبا غير منثور ولا مبثوث.

وذكر أن من خالف في ذلك من الامامية والحشوية لا يعتد بخلافهم ، فإن الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث ، نقلوا أخبارا ضعيفة ظنوا صحتها ، لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته (١).

الشيخ الطوسي : وأما الكلام في زيادته ونقصانه فمما لا يليق به أيضا ن ولأن الزيادة فيه مجمع على بطلانها ، والنقصان منه ، فالظاهر من مذهب المسلمين خلافه ، وهو الأليق الصحيح من مذهبنا ، وهو الذي نصره السيد المرتضى قدس سره وهو الظاهر في الروايات ، غير أنه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصة والعامة بنقصان كثير من آي القرآن ، ونقل شيء منه من موضع إلى موضع ، طريقها الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا ، والأولى الإعراض عنها وترك التشاغل بها ؛ لأنه يمكن تأويلها ، ولو صحت لما كان ذلك طعنا على ما هو موجود بين الدفتين ، فإن ذلك معلوم صحته لا يعترضه

__________________

(١) مجمع البيان ١ : ١٥

١٧٦

أحد من الأمة ولا يدفعه. (١)

الشيخ الطبرسي : فإن العناية اشتدت والدواعي توفرت على نقله وحراسته وبلغت إلى حد لم يبلغه فيما ذكرناه ؛ لأن القرآن معجزة النبوية ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيرا أو منقوصا مع العناية الصادقة والضبط الشديد؟.

ومن ذلك الكلام في زيادة القرآن ونقصانه ، فإنه لايليق بالتفسير ، فأما الزيادة فمجمع على بطلانها ، وأما النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية العامة : أن القرآن تغييرا ونقصانا .... والصحيح من مذهب اصحابنا خلافه ، وهو الذي نصره المرتضى ـ قدس الله روحه ـ واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء في جواب المسائل الطرابلسيات. (٢)

السيد ابن طاووس في رده على أبي علي الجبائي : فمن يا ترى ادعى اختلاف القرآن وتغيره؟ أنتم وسلفكم لا الرافضة على حد تعبيركم! ، ومن المعلوم من مذهبنا أن القرآن واحد نزل من عند الواحد ، كما صرح بذلك إمامنا جعفر بن محمد عليهما السلام (٣).

__________________

(١) التبيان في نفسير القرآن ١ : ٣.

(٢) مجمع البيان ١ : ١٥.

(٣) سعد السعود : ١٤٤.

١٧٧

العلامة الحلي : في جوابه على ؤال هذا نصه : ما يقول سيدنا في الكتاب العزيز هل يصح عند أصحابنا أنه نقص منه شيء أو زيد فيه أو غير تربيته أم لم يصح عندهم شيء من ذلك؟ أفدنا أفادك الله من فضله ، وعاملك

__________________

اقول : ما قاله السيد ابن طاووس رضوان الله تعالى عليه في رده على الجبائي استغله أحد الوهابية (عثمان. خ) فاتهمه باعتقاد تحريف القرآن في شريطه (الشيعة والقرآن) مقتصرا على نقل هذا المقطع فقط : (كلما ذكرته من طعن وقدح على من يذكر أن القرآن وقع فيه تبديل وتغيير فهو متوجه إلي سيدك عثمان ؛ لأن المسلمين أطبقوا على أنه جمع الناس على هذا المصحف الشريف وحرف واحرق ما عداه من المصاحف ، فلولا اعترف عثمان بأنه وقع تبديل وتغيير من الصحابة ما كان هناك مصحف يحرق ، وكانت تكون متساوية)بدون نقل باقي العبارة وشطرها الأخير الذي فيه نفي التحريف عن الشيعة أو رافضة على حد تعبيرهم ، ثم من قال إن هذا القول الذي اقتصر عليه الوهابي الجاهل يدل على أنه يقول بتحريف القرآن؟! ، فكلام السيد ابن طاووس رضوان الله تعالى عليه كان في مقام إلزام الخصم بما عنده!!، وقد قال الوهابي الكذاب مسبقا في كتاب القرآن ودعاوى التحريف :١٠١ (وهذا ابن طاووس ـ رضوان الله تعالى عليه ـ في القرن السابع قال : إن برأي الإمامية هو عدم التحريف. وهذا الله أعلم بنقله ، لأن المشهور عن ابن طاووس أنه يقول بالتحريف كما سيأتي)، فأين هذا المشهور الذي ادعاه الوهابي؟! لماذالم تأت الإشارة إليه كما زعم الكاذب عند كلامه عن السيد ابن طاووس رضوان الله تعالى عليه؟!، قال تعالى (قُلْ إِنَّ الَّذينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُون‏) (يونس:٦٩)

١٧٨

بما هو أهله.

فأجاب رضوان الله تعالى عليه : الحق أنه لا تبديل ولا تأخير ولا تقديم فيه ، وأنه لم يزد ولم ينقص ، ونعوذ بالله تعالى من أن يعتقد مثل ذلك وأمثال ذلك ، فإنه يوجب التطرق إلى معجزة الرسول عليه وآله السلام المنقولة بالتواتر (١).

السيد نور الله تستري : ما نسب إلى الشيعة الإمامية من القول بوقوع التغيير في القرآن ليس مما قال به جمهور الإمامية ، وإنما قال به شرذمة قليلة منهم لا اعتداد بهم فيما بينهم (٢).

الشيخ البهائي : الصحيح أن القرآن العظيم محفوظ ذلك ، زيادة كان أو نقصا ، ويدل عليه قوله تعالى : (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُون) (٣) وما اشتهر بين الناس من إسقاط اسم أمير المؤمنين عليه السلام منه في بعض المواضع مثل قوله تعالى (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْك) (٤) (في علي) وغير ذلك فهو غير معتبر عند العلماء. (٥)

__________________

(١) اجوبة المسائل المهناوية : ١٢١.

(٢) مصائب النواصب ، في مبحث أإمامة.

(٣) الحجر : ٩

(٤) المائدة : ٦٧.

(٥) آلاء الرحمن : ٢٦.

١٧٩

الشيخ جعفر الكبير : لا زيادة فيه من سورة ، ولا آية من بسملة وغيرها ، لا كلمة ولا حرف. وجميع ما بين الدفتين مما يتلى كلام الله تعالى بالضرورة من المذهب ، بل من الدين (١) ، واجماع المسلمين وأخبار النبي صلي الله عليه وآله والأئمة الطاهرين عليهم السلام وإن خالف بعض من لا يعتد به في دخول بعض ما رسم في اسم القرآن (٢).

ولا ريب في أنه محفوظ من النقصان بحفظ الملك الديان ، كما دل عليه صريح القرآن وإجماع العلماء في كل زمان ولا عبرة بالنادر ، وما ورد من أخبار النقص تمنع البديهة من العمل بظاهرها ، ولا سيما ما فيه نقص ثلث القرآن أو أكثر منه، فإنه لو كان كذلك لتواتر نقله ، لتوفر الدواعي عليه ، ولاتخذه غير أهل الاسلام من أعظم المطاعن على الإسلام واهله ، ثم كيف يكون ذلك وكانوا شديدي المحافظة على ضبط آياته وحروفه؟ ـ ثم قال ـ فلا بد من تأويلها بأحد الوجوه (٣).

__________________

(١) سلامة المصحف من الزيادة من الضروريات الدين ولا مرية في ذلك ، ولكن ليس من ضرورياته وجوب شموله لكل ما أنزله الله عزوجل من القرآن ، وإن كان وجوبه هو الحق الذي لا نشك فيه ، وقد اوضحناه سابقا ن وهذا التفصيل مفاد جواب لاستفتاء وجهناه إلي مكتب سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني حفظه الله تعالى.

(٢) لعله قصد طائفة من الخوارج الذين أنكروا قرآنية سورة يوسف عليه السلام بدعوى أنها قصة عشق!!

(٣) كشف الغطاء في الفقه ، كتاب القرآن : ٢٩٩.

١٨٠