(نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ) (٢) : بالعقاب على الشّرك ، والثّواب على التّوحيد.
(وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) : عطف على «ألّا تعبدوا».
(ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) : ثمّ توسّلوا إلى مطلوبكم بالتّوبة. فإنّ المعرض عن طريق الحقّ لا بدّ له من رجوع.
وقيل (١) : استغفروا من الشّرك ، ثمّ توبوا إلى الله بالطّاعة.
ويجوز أن يكون «ثمّ» لتفاوت ما بين الأمرين.
(يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً) : يعيّشكم في أمن ودعة.
(إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) : هو آخر أعماركم المقدّرة. أو لا يهلككم بعذاب الاستئصال.
(وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) : ويعط كلّ ذي فضل في دينه جزاء فضله في الدّنيا والآخرة. وهو وعد للموحد التّائب بخير الدّارين.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : أنّ ذلك عليّ بن أبي طالب ـ صلوات الله عليه ـ.
ونقل ابن مردويه (٣) من العامّة (٤) ، بإسناده : عن رجاله ، عن ابن عبّاس قال : قوله ـ تعالى ـ : (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) أنّ المعنيّ به : عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ.
(وَإِنْ تَوَلَّوْا) : وإن تتولّوا.
(فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) (٣) : يوم القيامة.
وقيل (٥) : يوم الشّدائد ، وقد ابتلوا بالقحط حتّى أكلوا الجيف.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : أنّه الدّخان والصّيحة.
وقرئ (٧) : «وإن تولّوا» من ولي.
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٦١.
(٢) تفسير القمّي ١ / ٣٢١.
(٣) أي : وهو من العامة.
(٤) تفسير البرهان ٢ / ٢٠٦ ، ح ٥ عنه.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٤٦١.
(٦) تفسير القمّي ١ / ٣٢١.
(٧) أنوار التنزيل ١ / ٤٦١.
(إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ) : رجوعكم في ذلك اليوم. وهو شاذّ عن القياس.
(وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٤) : فيقدر على تعذيبهم أشدّ عذاب. وكأنّه تقدير لكبر اليوم.
(أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ) : يثنونها عن الحقّ وينحرفون عنه. أو يعطفونها على الكفر وعداوة النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ. أو يولّون ظهورهم.
وقرئ (١) : «تثنوني» بالتّاء والياء ، من أثنوني ، وهو بناء المبالغة.
وفي الجوامع (٢) : وفي قراءة أهل البيت ـ عليهم السّلام ـ : يثنوني ، على يفعول (٣). من الثّني وهو [بناء] (٤) مبالغة.
و «تثنون» من الثّن : وهو الكلأ الضّعيف. أراد به ضعف قلوبهم ، أو مطاوعة صدورهم للثّني. و «نثنئنّ» من اثنأنّ ، كابيأضّ ، بالهمزة.
(لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ) : من الله بسرّهم ، فلا يطلع رسوله والمؤمنين عليه.
قيل (٥) : أو من رسوله.
قيل (٦) : إنّها نزلت في طائفة من المشركين ، قالوا : إذا أرخينا ستورنا واستغشينا ثيابنا وطوينا صدورنا على عداوة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، كيف يعلم.
وقيل (٧) : نزلت في المنافقين. وفيه نظر ، إذ الآية مكّيّة ، والنّفاق حدث بالمدينة.
وفي روضة الكافي (٨) : ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن سدير ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : أخبرني جابر بن عبد الله ، أنّ المشركين كانوا إذا مرّوا برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ حول البيت ، طأطأ أحدهم ظهره ورأسه ـ هكذا ـ وغطّى رأسه بثوبه حتّى (٩) لا يراه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. فأنزل الله الآية.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١٠) : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : يكتمون ما في صدورهم من بغض عليّ ـ عليه السّلام ـ. قال رسول الله ـ صلّى
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٦١.
(٢) الجوامع / ٢٠١.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : يفعولي.
(٤) من المصدر.
(٥) تفسير الصافي ٢ / ٤٣١.
(٦) أنوار التنزيل ١ / ٤٦١.
(٧) نفس المصدر والموضع.
(٨) الكافي ٨ / ١٤٤ ، ح ١١٥.
(٩) ليس في المصدر.
(١٠) تفسير القمّي ١ / ٣٢١.
الله عليه وآله ـ : إنّ آية المنافق بغض عليّ ـ عليه السّلام ـ [قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (١) فكان قوم يظهرون المودّة لعليّ ـ عليه السّلام ـ عند النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
ويسرّون (٢) بغضه.
(أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ) : ألا حين يأوون إلى فراشهم يتغطّون (٣) ثيابهم كراهة استماع كلام الله ، كقوله : (جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ).
وقيل (٤) : يتغطّون بثيابهم.
(يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ) : في قلوبهم.
(وَما يُعْلِنُونَ) : بأفواههم. يستوي في علمه سرّهم وعلتهم ، فكيف يخفى عليه ما عسى يظهرونه.
(إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٥) : بالأسرار ذات الصّدور ، أو بالقلوب وأحوالها.
(وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) : غذاؤها ومعاشها ، لتكفّله إيّاه تفضّلا ورحمة. وإنّما أتى بلفظ الوجوب ، تحقيقا لوصوله ، وحملا على التّوكّل فيه.
(وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها) : أماكنها في الحياة والممات. أو الأصلاب والأرحام. أو مساكنها من الأرض حين وجدت بالفعل ، ومودعها من الموادّ والمقارّ حين كانت بعد بالقوة.
(كُلٌ) كلّ واحد من الدّوابّ وأحوالها.
(فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٦) : مذكور في اللّوح المحفوظ. وكأنّه أريد بالآية : بيان كونه عالما بالمعلومات كلّها وبما بعدها بيان كونه قادرا على الممكنات بأسرها ، تقريرا للتّوحيد ولما سبق من الوعد الوعيد.
وفي نهج البلاغة (٥) : قال ـ عليه السّلام ـ : قسّم أرزاقهم ، وأحصى آثارهم وأعمالهم ، وعدّد أنفسهم (٦) وخائنة أعينهم وما تخفي صدورهم من الضّمير ، ومستقرّهم
__________________
(١) من الهامش وليس في المصدر.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : يسترون.
(٣) أ ، ب ، ر : يقطعون.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٤٦١ ، وتفسير الصافي ٢ / ٤٣١.
(٥) نهج البلاغة / ١٢٣ ، ضمن خطبة ٩.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : قسّم أرزاقهم ، وأعمارهم ، وعدّد أنفاسهم.
ومستودهم من الأرحام والظّهور ، إلى أن تتناهى بهم (١) الغايات.
وفي تفسير العيّاشيّ (٢) : محمد بن فضيل ، عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : أتى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ رجل من أهل البادية.
فقال : يا رسول الله ، إنّ لي بنين وبنات وإخوة وأخوات وبني بنين وبني بنات وبني إخوة وبني أخوات ، والمعيشة علينا خفيفة (٣). فإن رأيت ، يا رسول الله ، أن تدعو الله أن يوسّع علينا؟
قال : وبكى. فرقّ له رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ (٤) وقرأ : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ). وقال و (٥) من كفل بهذه الأفواه المضمونة على الله رزقها ، صبّ الله عليه الرّزق صبّا ، كالماء المنهمر.
إن قليل فقليلا ، وإن كثير فكثيرا.
قال : ثمّ دعا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وأمّن له المسلمون.
قال : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : فحدّثني من رأى الرّجل في زمن عمر ، فسأله عن حاله.
فقال : من أحسن من خوّله (٦) حلالا وأكثرهم مالا.
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) ، أي : خلقهما وما فيهما ، كما مرّ بيانه في الأعراف. أو ما في جهتي العلو والسّفل. وجمع السّموات دون الأرضين ، لاختلاف العلويّات بالأصل والذّات دون السّفليّات.
وفي الكافي (٧) : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ خلق الدّنيا في ستّة أيّام ، ثمّ اختزلها (٨) عن أيّام السّنة. فالسّنة ثلاثمائة وأربع وخمسون يوما.
وفي كتاب الاحتجاج (٩) للطّبرسيّ : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل.
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : تناهى لهم.
(٢) تفسير العياشي ٢ / ١٣٩ ـ ١٤٠ ، ح ٣.
(٣) لعلّه مصحّف «ضيّقة».
(٤) المصدر : فرقّ له المسلمون فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : (وَما مِنْ دَابَّةٍ) ... الخ.
(٥) ليس في المصدر ، وب : وقال و.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : حوله. وخوّله الله المال : أعطاه إيّاه متفضّلا وملكه إيّاه.
(٧) الكافي ٤ / ٧٨ ، صدر ح ٢.
(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : أخذتها. (٩) الاحتجاج ١ / ٣٧٩.
وفيه : وأمّا قوله : (إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ) (١) فإنّ الله ـ عزّ وجلّ ذكره ـ أنزل (٢) عزائم الشّرائع وآيات الفرائض في أوقات مختلفة ، كما (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ). ولو شاء لخلقها في أقل من لمح البصر (٣) ، ولكنّه جعل الأناة والمداراة أمثالا (٤) لأمنائه وإيجابا للحجّة على خلقه.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٥) : وقوله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ـ إلى قوله (٦) ـ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ). وذلك في مبتدأ (٧) الخلق ، أنّ الرّبّ ـ تبارك وتعالى ـ خلق الهواء ، ثمّ خلق القلم فأمره أن يجري.
فقال : يا ربّ ، بما أجري؟
فقال : بما هو كائن.
ثمّ خلق الظّلمة من الهواء ، وخلق النّور من الهواء ، [وخلق الماء من الهواء ،] (٨) وخلق العرش من الهواء ، وخلق العقيم (٩) من الهواء ، وهو الرّيح الشّديد ، وخلق النّار من الهواء ، وخلق الخلق كلّهم من هذه السّتّة الّتي خلقت من الهواء. فسلّط العقيم على الماء ، فضربته فأكثرت الموج والزّبد ، وجعل يثور دخانه في الهواء.
فلمّا بلغ الوقت الّذي أراد ، قال للزّبد : اجمد ، فجمد. وقال للموج : اجمد ، فجمد. فجعل الزّبد أرضا ، وجعل الموج جبالا رواسي للأرض.
فلمّا أجمدها ، قال للرّوح والقدرة : سوّيا عرشي إلى السّماء ، فسوّيا عرشه إلى السّماء. وقال للدّخان : اجمد ، فجمد. ثمّ قال له : ازفر ، فزفر. فناداها والأرض جميعا (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ، فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ).
فلمّا أخذ في رزق خلقه خلق السّماء وجنانها (١٠) والملائكة يوم الخميس ، وخلق
__________________
(١) سبأ / ٤٦.
(٢) المصدر : نزّل.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : ولو شاء أن يخلقها في أقل من لمح البصر لخلق.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : مثالا.
(٥) تفسير القمّي ١ / ٣٢١ ـ ٣٢٢.
(٦) ليس في المصدر : إلى قوله.
(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : مبدأ.
(٨) من المصدر.
(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : الغيم.
(١٠) المصدر : جناتها.
الأرض يوم الأحد ، وخلق دواب البرّ والبحر يوم الاثنين ، وهما اليومان اللّذان يقول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) (١). وخلق الشّجر ونبات الأرض (٢) وأنهارها وما فيها والهوامّ في يوم الثّلاثاء ، وخلق الجانّ ، وهو أبو الجنّ يوم السّبت ، وخلق الطّير في يوم الأربعاء ، وخلق آدم في ستّ ساعات في يوم الجمعة. فهذه (٣) السّتّة الأيّام خلق الله السّموات والأرض وما بينهما.
وفي روضة الكافي (٤) : عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : إنّ الله خلق الخير يوم الأحد [وما كان ليخلق الشّرّ قبل الخير ، وفي يوم الأحد] (٥) والاثنين خلق الأرضين ، وخلق أقواتها في يوم الثّلاثاء ، وخلق السّموات يوم الأربعاء ويوم الخميس ، وخلق أقواتها يوم الجمعة. وذلك قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ).
(وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) : قبل خلقهما.
قيل (٦) : لم يكن حائل بينهما ، لا أنّه كان موضوعا على متن الماء. واستدلّ به على إمكان الخلاء ، وأنّ الماء أوّل حادث بعد العرش من أجرام هذا العالم.
وقيل (٧) : كان الماء على متن الرّيح.
وفي كتاب التّوحيد (٨) : حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد بن عمران الدّقّاق ـ رحمه الله ـ قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفيّ ، عن محمّد بن إسماعيل البرمكيّ قال : حدّثنا جذعان بن نصر [أبو نصر] (٩) الكنديّ قال : حدّثنا سهل بن زياد الآدميّ ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله (١٠) بن كثير ، عن داود الرّقّيّ قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ).
فقال لي : ما يقولون [في ذلك] (١١).
__________________
(١) فصّلت / ٩.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : والنبات والأرض.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : ففي هذه.
(٤) الكافي ٨ / ١٤٥ ، ح ١١٧.
(٥) من المصدر.
(٦) أنوار التنزيل ١ / ٤٦٢.
(٧) نفس المصدر والموضع.
(٨) التوحيد / ٣١٩ ـ ٣٢٠ ، ح ١.
(٩) من المصدر.
(١٠) بعض نسخ المصدر : عبد الرحمن.
(١١) من المصدر.
قلت : يقولون : إنّ العرش كان على الماء ، والرّبّ فوقه.
فقال : كذبوا. من زعم هذا ، فقد صيّر الله محمولا ووصفه بصفة المخلوقين ولزمه أنّ الشّيء الّذي يحمله أقوى منه.
قلت : بيّن لي ، جعلت فداك.
فقال : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ حمّل علمه ودينه الماء قبل أن تكون سماء أو أرض أو إنس أو جنّ أو شمس أو قمر. فلمّا أراد أن يخلق الخلق ، نثرهم بين يديه.
فقال لهم : من ربّكم؟
فكان أوّل من نطق رسول الله وأمير المؤمنين والأئمّة ـ صلوات الله عليهم ـ. فقالوا : أنت ربّنا.
فحمّلهم العلم والدّين. ثمّ قال للملائكة : هؤلاء حملة علمي وديني وأمنائي في خلقي ، وهم المسئولون.
ثمّ قيل لبني آدم : أقرّوا لله بالرّبوبيّة ولهؤلاء النّفر بالطّاعة.
فقالوا : نعم ، ربّنا ، أقررنا.
فقال للملائكة : اشهدوا.
فقالت الملائكة : شهدنا على أن لا يقولوا (إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ ، أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) (١).
إنّ (٢) ولايتنا مؤكّدة عليهم في الميثاق.
وعلى هذا الخبر ، المراد بالعرش : العلم ، كما سبق ـ أيضا ـ في الأخبار الاخر.
ومعنى (كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) : أنّ علمه التّفصيليّ الّذي هو عين الموجودات كان منحصرا في الماء. فلا يلزم إمكان الخلاء ، ولا مح (٣) آخر.
وفي أصول الكافي (٤) : محمّد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الرّحمن بن كثير ، عن داود الرّقّيّ قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ).
فقال : ما يقولون؟
__________________
(١) الأعراف / ١٧٣.
(٢) المصدر : «يا داود» بدل «إنّ».
(٣) كذا في النسخ. ويمكن أن يكون «محلّ».
(٤) الكافي ١ / ١٣٢ ـ ١٣٣ ، صدر ح ٧.
قلت : يقولون : إنّ العرش كان على الماء ، والرّب فوقه.
فقال : كذبوا. من زعم هذا ، فقد صيّر الله محمولا ووصفه بصفة المخلوقين (١) ولزمه أنّ الشّيء الّذي يحمله أقوى منه.
قلت : بيّن لي ، جعلت فداك.
فقال : إنّ الله حمّل دينه وعلمه على (٢) الماء قبل أن يكون سماء أو أرض أو جن أو إنس أو شمس أو قمر.
محمّد بن يحيى (٣) ، عن عبد الله بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن عليّ بن رئاب ، عن سدير الصّيرفيّ قال : سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٤).
قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ ابتدع الأشياء كلّها بعلمه على غير مثال كان قبله. فابتدع السّموات والأرضين ، ولم يكن قبلهنّ سموات ولا أرضون. أما تسمع لقوله ـ تعالى ـ : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ). والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
وفي الكافي (٥) : محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن سنان ، عن محمّد بن عمران العجليّ قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أيّ شيء كان موضع البيت حيث كان الماء في قول الله ـ تعالى ـ : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ)؟
قال : كان مهاة بيضاء ، يعني : درّة.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) : حدّثني أبي ، عن عليّ بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرميّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : خرج هشام بن عبد الملك حاجّا ومعه الأبرش الكلبيّ ، فلقيا أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ في المسجد الحرام.
فقال هشام للأبرش : تعرف هذا؟
قال : لا.
قال : هذا الّذي تزعم الشّيعة أنّه وصيّ إمام لكثرة (٧) علمه.
__________________
(١) المصدر : المخلوق.
(٢) ليس في المصدر.
(٣) الكافي ١ / ٢٥٦ ، صدر ح ٢.
(٤) الأنعام / ١٠١.
(٥) الكافي ٤ / ١٨٨ ، ح ١.
(٦) تفسير القمّي ٢ / ٦٩ ـ ٧٠.
فقال الأبرش : لأسألنّه عن مسألة (١) لا يجيبني فيها إلّا نبيّ أو وصيّ نبيّ.
فقال هشام : وددت أنّك فعلت ذلك.
فلقي الأبرش أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ. فقال : يا أبا عبد الله ، أخبرني عن قول الله : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) (٢). فبما كان رتقهما ، وبما كان فتقهما؟
فقال أبو عبد الله : يا أبرش ، هو كما وصف نفسه (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) والماء على الهواء ، والهواء لا يحدّ ولم يكن يومئذ خلق غيرهما ، والماء عذب فرات. فلمّا أراد أن يخلق الأرض أمر الرّياح فضربت الماء حتّى صار موجا ، ثمّ أزبد فصار زبدا واحدا فجمعه في موضع البيت ، ثمّ جعله جبلا من زبد ، ثمّ دحى الأرض من تحته فقال الله ـ تبارك وتعالى ـ : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً) (٣) ، ثمّ مكث الرّبّ ـ تبارك وتعالى ـ ما شاء. فلمّا أراد أن يخلق السّماء ، أمر الرّياح ، فضربت البحور حتّى أزبدت بها. فخرج من ذلك الموج والزّبد من وسطه دخان ساطع من غير نار ، فخلق منه السّماء وجعل فيها البروج والنّجوم ومنازل الشّمس والقمر وأجراها في الفلك. وكانت السّماء خضراء على لون الماء الأخضر ، وكانت الأرض غبراء على لون الماء العذب. والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة. وستقف عليه بتمامه عند قوله ـ تعالى ـ : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا) (الآية) إن شاء الله.
حدّثني أبي (٤) ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ ، عن الطّفيل (٥) ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ أنّه قال : وقد أرسل إليه ابن عبّاس يسأل عن مسائل : وأمّا ما سأل عنه من العرش ممّ خلقه الله؟ فإنّ الله خلقه أرباعا لم يخلق قبله إلّا ثلاثة أشياء : الهواء والقلم والنّور. ثمّ خلقه الله ألوانا مختلفة (٦). والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
حدّثني أبي (٧) ، عن الحسن بن محبوب ، عن محمّد بن النّعمان الأحول ، عن سلام
__________________
(٧) المصدر : «نبيّ من كثرة» بدل «وصيّ الامام لكثرة».
(١) المصدر : مسائل.
(٢) الأنبياء / ٣٠.
(٣) آل عمران / ٩٦.
(٤) تفسير القمّي ٢ / ٢٣ ـ ٢٤.
(٥) المصدر : أبي الطفيل.
(٦) المصدر : ثمّ خلقه من ألوان أنوار مختلفة.
(٧) تفسير القمّي ٢ / ٢٥٢ والحديث عن علي بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ.
بن المستنير (١) ، عن ثوير (٢) بن أبي فاختة ، وذكر حديثا طويلا ستقف عليه إذا لزم إن شاء الله ـ تعالى ـ. وفيه يقول ـ عليه السّلام ـ : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) ، يعني : بأرض لم تكسب عليها الذّنوب ، بارزة ليس عليها جبال ولا نبات ، كما دحاها أوّل مرّة. ويعيد عرشه على الماء ، كما كان أوّل مرّة ، مستقلّا بعظمته وقدرته.
(لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) : متعلّق ب «خلق» ، أي : خلق ذلك ، كخلق من خلق ، ليعاملكم معاملة المبتلي لأحوالكم كيف تعملون. فإنّ جملة ذلك أسباب وموادّ لوجودكم ومعاشكم وما تحتاج إليه أعمالكم ، ودلائل وأمارات تستدلّون بها وتستنبطون منها.
وإنّما جاز تعليق فعل البلوى ، لما فيه من معنى العلم من حيث أنّه طريق إليه ، كالنّظر والاستماع.
وإنّما ذكر صيغة التّفضيل والاختبار الشّامل ، لفرق المكلّفين باعتبار الحسن والقبح ، للتّحريض على أحاسن المحاسن والتّحضيض على التّرقّي دائما من مراتب العمل والعلم. فإنّ المراد بالعمل ما يعمّ عمل القلب والجوارح.
وفي أصول الكافي (٣) : عليّ بن إبراهيم ، [عن أبيه] (٤) عن القاسم بن محمّد ، عن المنقريّ ، عن سفيان بن عيينة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً).
قال : ليس معنى : أكثركم (٥) عملا ، ولكن أصوبكم عملا. وإنّما الإصابة خشية الله والنّيّة الصّادقة. والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
وروى العامّة (٦) : عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أيّكم أحسن عقلا (٧) ، وأورع عن محارم الله ، وأسرع في طاعة الله.
__________________
(١) كذا في المصدر ، وجامع الرواة ١ / ٣٧٠. وفي النسخ : سالم بن المستنير.
(٢) كذا في المصدر ، وجامع الرواة ١ / ١٤١. وفي النسخ : ثور.
(٣) الكافي ٢ / ١٦ ، صدر ح ٤.
(٤) من المصدر.
(٥) المصدر : «يعني : أكثر» بدل «معنى : أكثركم».
(٦) أنوار التنزيل ١ / ٤٦٢.
(٧) ب : عملا.
وفي نهج البلاغة (١) : قال ـ عليه السّلام ـ : ألا إنّ الله قد كشف الخلق كشفة ، لا أنّه جهل ما أخفوه من [مصون] (٢) أسرارهم و (٣) مكنون ضمائرهم «ولكن ليبلوهم أيّهم أحسن عملا». فيكون الثّواب جزاء ، والعقاب بواء (٤).
وفي كتاب الاحتجاج (٥) للطّبرسيّ : عن [الحسن بن] (٦) عليّ بن محمّد العسكريّ ـ عليه السّلام ـ أنّ أبا الحسن ، موسى بن جعفر ـ عليهما السّلام ـ قال : إنّ الله خلق الخلق فعلم ما هم إليه صائرون ، فأمرهم (٧) ونهاهم. فما أمرهم به من شيء ، فقد جعل لهم السّبيل إلى الأخذ به. وما نهاهم عنه من شيء ، فقد جعل لهم السّبيل إلى تركه. ولا يكونون آخذين ولا تاريكن إلّا بأذنه. [وما جبر الله أحدا من خلقه على معصية (٨) ، بل اختبرهم بالبلوى ، كما قال : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً).
قوله ـ عليه السّلام ـ : ولا يكونون آخذين ولا تاركين ، إلّا بإذنه] (٩) أي : إلّا (١٠) بتخليته (١١).
(وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (٧) ، أي : ما البعث ، أو القول به ، أو القرآن المتضمّن لذكره إلّا ، كالسّحر في الخديعة والبطلان.
وقرأ (١٢) حمزة والكسائيّ : «إلّا ساحر». على أنّ الإشارة إلى القائل.
وقرئ (١٣) : «أنّكم» بالفتح. على تضمّن «قلت» معنى : ذكرت. أو «أنّ» بمعنى : علّ ، أي : ولئن قلت علّكم مبعوثون ، بمعنى : توقعوا بعثكم ولا تبتّوا بإنكاره ، لعدّوه من قبيل ما لا حقيقة له مبالغة في إنكاره.
(وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ) : الموعود.
__________________
(١) نهج البلاغة / ٢٠٠ ـ ٢٠١ ، ضمن خطبة ١٤٤.
(٢) من المصدر.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : «في» بدل «و».
(٤) البواء : المكافاة.
(٥) الاحتجاج ٢ / ١٥٨.
(٦) من المصدر.
(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : ممّا أمرهم.
(٨) المصدر : معصيته.
(٩) ليس في ب.
(١٠) ليس في المصدر.
(١١) بتخليته وعلمه.
(١٢ و ١٣) أنوار التنزيل ١ / ٤٦٢.
(إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) : إلى جماعة من الأوقات قليلة.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : يعني به : الوقت.
(لَيَقُولُنَ) : استهزاء.
(ما يَحْبِسُهُ) : ما يمنعه من الوقوع.
(أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ).
قيل (٢) : كيوم بدر.
(لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) : ليس العذاب مدفوعا عنهم.
و «يوم» منصوب بخبر ليس مقدّما عليه. وهو دليل على جواز تقديم خبرها عليها.
(وَحاقَ بِهِمْ) : وأحاط بهم. وضع الماضي موضع المستقبل ، تحقيقا ومبالغة في التّهديد.
(ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٨) ، أي : العذاب الّذي كانوا به يستعجلون. فوضع «يستهزئون» موضع «يستعجلون» ، لأنّ استعجالهم كان استهزاء.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) ، يعني : إن متّعناهم في هذه الدّنيا إلى خروج القائم ـ عليه السّلام ـ فنردّهم ونعذّبهم. (لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ) ، أي : ليقولون لا يقوم القائم ولا يخرج على حدّ الاستهزاء.
أخبرنا أحمد بن إدريس (٤) قال : حدّثنا أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن سيف عن (٥) حسّان ، عن هشام بن عمّار ، عن أبيه ، وكان من أصحاب عليّ ـ عليه السّلام ـ. [عن علي ـ عليه السّلام ـ] (٦) في قوله : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ).
[قال :] (٧) الأمة المعدودة أصحاب القائم ـ صلوات الله عليه ـ الثّلاثمائة والبضعة عشر.
__________________
(١) تفسير القمّي ١ / ٣٢٣. والظاهر أنّه توضيح من نفس علي بن إبراهيم.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٤٦٢.
(٣) تفسير القمّي ١ / ٣٢٢.
(٤) تفسير القمّي ١ / ٣٢٣.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : بن.
(٦) من المصدر.
(٧) من المصدر.
وفي تفسير العيّاشيّ (١) : عن الحسين ، عن الخرّاز ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ). [قال : هو القائم وأصحابه.
عن أبان بن مسافر (٢) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : في قول الله (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ)] (٣) ، يعني : عدّة ، كعدّة بدر. (لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ). قال : العذاب.
عن عبد الأعلى الحلبيّ (٤) قال : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : أصحاب القائم الثّلاثمائة والبضعة عشر رجلا ، هم والله الأمّة المعدودة ، الّتي قال الله في كتابه. وتلا هذه الآية.
قال : يجتمعون ، والله (٥) ، في ساعة واحدة قزعا (٦) ، كقزع الخريف.
وفي روضة الكافي (٧) ، وفي مجمع البيان : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي خالد ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ تعالى ـ : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) (٨).
قال : «الخيرات» الولاية.
وقوله ـ تبارك وتعالى ـ : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) ، يعني : أصحاب القائم الثّلاثمائة والبضعة عشر رجلا.
قال : وهم ، والله ، الأمّة المعدودة.
قال : يجتمعون ، والله ، في ساعة واحدة قزعا ، كقزع الخريف.
(وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً) : ولئن أعطيناه نعمة بحيث يجد لذّتها.
(ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ) : ثمّ سلبنا تلك النّعمة منه.
(إِنَّهُ لَيَؤُسٌ) : قطوع رجاءه من فضل الله ، لقلّة صبره وعدم ثقته بالله.
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ / ١٤١ ، ح ٩.
(٢) نفس المصدر والمجلّد / ١٤٠ ، ح ٧.
(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ ، ب ، ر.
(٤) تفسير العياشي ٢ / ١٤٠ ، ح ٨.
(٥) المصدر : «له» بدل «والله».
(٦) القزع ـ محرّكة ـ : قطع من السحاب متفرقة صغار.
(٧) الكافي ٨ / ٣١٣ ، ح ٤٨٧ ، والمجمع ٣ / ١٤٤ ولا يوجد فيه الّا ذيل الحديث مرسلا.
(٨) البقرة / ١٤٨.
(كَفُورٌ) (٩) : مبالغ في كفران ما سلف له من النّعمة.
(وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ) : كصحّة بعد سقم ، وغنى بعد عدم.
وفي اختلاف الفعلين في الإسناد نكتة لا تخفى.
(لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي) ، أي : المصائب الّتي ساءتني.
(إِنَّهُ لَفَرِحٌ) : بطر بالنّعم ، مغترّ بها.
(فَخُورٌ) (١٠) : على النّاس ، مشغول عن الشّكر والقيام بحقّها.
وفي لفظ الإذاقة والمسّ تنبيه على أنّ ما يجده الإنسان في الدّنيا من النّعم والمحن ، كالأنموذج لما يجده في الآخرة ، وأنّه يقع في الكفران والبطر بأدنى شيء. لأنّ الذّوق إدراك الطّعم ، والمسّ مبتدأ الوصول.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : قال : إذا أغنى الله العبد ثمّ افتقر ، أصابه الأياس والجزع والهلع. وإذا كشف الله عنه ذلك ، فرح.
(إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) : على الضّرّاء ، إيمانا بالله واستسلاما لقضائه.
(وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : شكرا لآلائه ، سابقها ولاحقها.
في تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : قال : صبروا في الشّدّة ، وعملوا الصّالحات في الرّخاء.
(أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) : لذنوبهم.
(وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) (١١) : أقلّه الجنّة.
والاستثناء من الإنسان ، لأنّ المراد به : الجنس. فإذا كان محلّى بالّلام ، أفاد الاستغراق. ومن حمله على الكافر ، لسبق ذكرهم ، جعل الاستثناء منقطعا.
(فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ) : تترك تبليغ بعض ما يوحى إليك ، وهو ما يخالف رأي المشركين ، مخافة ردّهم واستهزائهم. ولا يلزم من توقّع الشّيء لوجود ما يدعو إليه وقوعه ، لجواز أن يكون ما يصرف عنه وهو عصمة الرّسل عن الخيانة في الوحي والثّقة في التّبليغ هاهنا.
(وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) : وعارض لك أحيانا ضيق صدرك ، بأن تتلوه عليهم مخافة.
__________________
(١) تفسير القمّي ١ / ٣٢٣.
(٢) نفس المصدر والمصدر.
(أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ) : ينفقه في الاستتباع ، كالملوك.
(أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) : يصدّقه.
وقيل (١) : الضّمير في «به» مبهم ، يفسّره «أن يقولوا».
(إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ) : ليس عليك إلّا الإنذار بما أوحي إليك ، ولا عليك ردّوا أو اقترحوا. فما بالك يضيق به صدرك.
(وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (١٢) : فتوكّل عليه ، فإنّه عالم بحالهم وفاعل بهم جزاء أقوالهم وأفعالهم.
وفي روضة الكافي (٢) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد [عن محمّد] (٣) بن خالد والحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى الحلبيّ ، عن ابن مسكان ، عن عمّار بن سويد (٤) قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول في هذه الآية : إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لمّا نزل قديد (٥) ، قال لعليّ ـ عليه السّلام ـ : [يا علي] (٦) إنّي سألت ربّي أن يوالي بيني وبينك ، ففعل. وسألت ربّي أن يؤاخي بيني وبينك ، ففعل. وسألت ربّي أن يجعلك وصيّي ، ففعل.
فقال رجلان من قريش : والله ، لصاع من تمر في شنّ بال (٧) أحب إلينا ممّا سأل محمّد ربّه. فهلّا سأل ربّه ملكا يعضده على عدوّه ، أو كنزا يستغني به عن فاقته. والله ، ما دعاه إلى حقّ ولا باطل إلّا أجابه إليه.
فأنزل الله إليه : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ) (الآية).
وفي تفسير العيّاشي (٨) : عن جابر بن أرقم ، عن أخيه ، زيد بن أرقم قال : إنّ جبرئيل ، الرّوح الأمين نزل على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بولاية عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ عشيّة عرفة. فضاق بذلك رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، مخافة تكذيب أهل الإفك والنّفاق. فدعا قوما أنا فيهم ، فاستشارهم في ذلك ليقوم به في الموسم ، فلم ندر
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٦٣.
(٢) الكافي ٨ / ٣٧٨ ـ ٣٧٩ ، ح ٥٧٢.
(٣) من المصدر.
(٤) كذا في المصدر وجامع الرواة ١ / ٦١٢. وفي النسخ : عمارة بن سويد.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : غديرا.
(٦) من المصدر.
(٧) شنّ بال : قربة بالية.
(٨) تفسير العياشي ٢ / ١٤١ ، ح ١٠.
ما نقول له. وبكى ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
فقال له جبرئيل : [ما لك] (١) يا محمّد ، أجزعت من أمر الله؟
فقال كلّا ، يا جبرئيل ، ولكن قد علم ربّي ما لقيت من قريش إذ لم يقرّوا لي بالرّسالة حتّى أمرني بجهادهم وأهبط إليّ جنودا من السّماء فنصروني. فكيف يقرّون لعليّ من بعدي؟
فانصرف عنه جبرئيل ـ عليه السّلام ـ. فنزل عليه (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ) (الآية).
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) «أم» منقطعة. و «الهاء» لما يوحى.
(قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ) : في البيان وحسن النّظم.
تحدّاهم أوّلا بعشر سور ، ثمّ لمّا عجزوا عنها سهّل الأمر عليهم وتحدّاهم بسورة.
وتوحيد المثل ، باعتبار كلّ واحدة.
(مُفْتَرَياتٍ) : مختلقات من عند أنفسكم ، إن صحّ أنّي اختلقته من عند نفسي. فإنّكم عرب فصحاء مثلي تقدرون على مثل ما أقدر عليه ، بل أنتم أقدر لتعلّمكم القصص والأشعار وتعوّدكم القريض والنّظم.
(وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) : إلى المعاونة على المعارضة.
(إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٣) : أنّه مفترى.
(فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) : بإتيان ما دعوتم إليه.
وجمع الضّمير إمّا لتعظيم الرّسول ، أو لأنّ المؤمنين ـ أيضا ـ كانوا يتحدّونهم. وكان أمر الرّسول متناولا لهم من حيث أنّه يجب اتّباعه عليهم في كلّ أمر إلّا ما خصّه الدّليل. وللتّنبيه على أنّ التّحدّي ممّا يوجب رسوخ إيمانهم وقوّة يقينهم ، فلا يغفلون عنه. ولذلك رتب عليه قوله : (فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ) : ملتبسا بما لا يعلمه إلّا الله ولا يقدر عليه سواه.
(وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) : واعلموا أن لا إله إلّا هو ، الله العالم القادر بما لا يعلم ولا يقدر عليه غيره ، ولظهور عجز آلهتهم ، ولتنصيص هذا الكلام الثّابت صدقه بإعجازه عليه.
وفيه تهديد وإقناط من أن يجيرهم من بأس الله ـ تعالى ـ آلهتهم.
__________________
(١) من المصدر.
(فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (١٤) : ثابتون على الإسلام راسخون مخلصون فيه ، إذا تحقّق عندم إعجازه مطلقا.
ويجوز أن يكون الكلّ خطابا للمشركين.
والضّمير في «لم يستجيبوا» ل «من استطعتم» ، أي : فإن لم يستجيبوا لكم إلى المظاهرة لعجزهم ، وقد عرفتم من أنفسكم القصور عن المعارضة ، فاعلموا أنّه نظم لا يعلمه إلّا الله ، وأنّه منزل من عند الله ، وأنّ ما دعاكم إليه من التّوحيد حقّ ، فهل أنتم داخلون في الإسلام بعد قيام الحجّة القاطعة؟
وفي مثل هذا الاستفهام إيجاب بليغ لما فيه من معنى الطّلب ، والتّنبيه على قيام الموجب وزوال العذر.
وفي تفسير العيّاشيّ (١) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : «فإن لم يستجيبوا لك» في ولاية عليّ ـ عليه السّلام ـ. (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) لعليّ ولايته.
(مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها) : بإحسانه وبرّه.
(نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها) : نوصل إليهم جزاء أعمالهم في الدّنيا ، من الصّحّة والسعة والرّئاسة وسعة الرّزق وكثرة الأولاد.
وقرئ (٢) : «يوفّ» بالياء ، أي. : يوفّ الله. و «توفّ» بالتّاء ، على البناء للمفعول. و «نوف» بالتّخفيف والرّفع ، لأنّ الشّرط ماض ، كقوله :
وإن أتاه كريم (٣) يوم مسغبة |
|
يقول لا غائب مالي ولا حرم |
(وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ) (١٥) : لا ينقصون شيئا من أجورهم.
والآية قيل (٤) : في أهل الرّياء.
وقيل (٥) : في المنافقين.
وقيل (٦) : في الكفرة وبرّهم.
وفي تفسير العيّاشيّ (٧) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ ، يعني : فلان وفلان.
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ / ١٤٢ ، ضمن ح ١١.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٤٦٤.
(٣) المصدر ، ب : خليل.
(٤ و ٥ و ٦) نفس المصدر والموضع.
(٧) تفسير العياشي ٢ / ١٤٢ ، ضمن ح ١١.
(أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ) : مطلقا في مقابلة ما عملوا. لأنّهم استوفوا ما تقتضيه صور أعمالهم الحسنة ، وبقيت لهم أوزار العزائم السّيّئة.
(وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها) : لأنّه لم يبق لهم ثواب في الآخرة. أو لم يكن ، لأنّهم لم يريدوا به وجه الله. والعمدة في اقتضاء ثوابها هو الإخلاص.
ويجوز تعليق الظّرف ب «صنعوا». على أنّ الضّمير للدّنيا.
(وَباطِلٌ) : في نفسه.
(ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٦) : لأنّه لم يعمل على ما ينبغي. وكأنّ كلّ واحدة من الجملتين علّة لما قبلها.
وقرئ (١) : «وباطلا» على أنّه مفعول «يعملون» ، و «ما» إبهاميّة. أو في معنى المصدر ، و «ما» موصولة على معنى : وبطل بطلانا ما كانوا يعملون. و «بطل» (٢) على الفعل.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : قال (٤) : من عمل الخير على أن يعطيه الله ثوابه في الدّنيا ، أعطاه الله ثوابه في الدّنيا ، وكان له في الآخرة النّار.
وفي مجمع البيان (٥) : أنّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : بشّروا (٦) أمّتي بالثّناء والتّمكين في الأرض. فمن عمل منهم عملا للدّنيا ، لم يكن له في الآخرة نصيب.
وفي الكافي (٧) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه وعليّ بن محمّد القاسانيّ جميعا ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن داود المنقريّ ، عن سفيان بن عيينة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سأل رجل أبي بعد منصرفه من الموقف.
فقال : أترى يخيب الله هذا الخلق كلّه؟
فقال أبي : ما وقف [بهذا الموقف] (٨) أحد إلّا غفر له ، مؤمنا كان أو كافرا. إلّا أنّهم في مغفرتهم على ثلاث منازل : مؤمن غفر الله له.
ـ إلى أن قال ـ : وكافر وقف هذا الموقف يريد (٩) زينة الحياة الدّنيا ، غفر الله ما
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٦٤.
(٢) أي : وقرئ : «وبطل».
(٣) تفسير القمّي ١ / ٣٢٤.
(٤) ب : قال الجعفي.
(٥) المجمع ٣ / ١٤٨.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : بشّر.
(٧) الكافي ٤ / ٥٢١ ـ ٥٢٢ ، ح ١٠.
(٨) من المصدر.
تقدّم من ذنبه إن تاب من الشّرك فيما بقي من عمره. وإن لم يتب ، وفّاه أجره ولم يحرمه أجر هذا الموقف. وذلك قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ ، أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
(أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) : برهان من الله يدلّه على الحقّ والثّواب فيما يأتيه ويذره.
و «الهمزة» لإنكار أن يعقب ما هذا شأنه هؤلاء المقصّرين هممهم وأفكارهم على الدّنيا ، وأن يقارب بينهم في المنزلة. وهو الّذي أغنى عن ذكر الخبر ، وتقديره : أفمن كان على بيّنة ، كمن كان يريد الدّنيا.
(وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ) : من الله يشهد له.
(مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى) ، يعني : التّوراة.
و (مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى) جملة مبتدأة.
وقرئ : «كتاب» بالنّصب ، عطفا على الضّمير في «يتلوه» ، أي : يتلو القرآن شاهد من كان على بيّنة دالّة على أنّه حقّ ، كقوله ـ تعالى ـ : (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ).
ويقرأ : «من قبل القرآن التّوراة».
(إِماماً) : كتابا مؤتمّا به في الدّين.
(وَرَحْمَةً) : على المنزّل عليهم ، لأنّه الوصلة إلى الفوز بخير الدّارين.
وفي أصول الكافي (١) : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الحسن بن عليّ ، عن أحمد بن عمر الحلّال قال : سألت أبا الحسن ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ).
فقال : أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ الشّاهد على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
ورسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ على بيّنة من ربّه.
وفي مجمع البيان (٢) : عن الباقر والرّضا ـ عليهما السّلام ـ : أنّ الشّاهد منه عليّ بن
__________________
(٩) ليس في المصدر.
(١) الكافي ١ / ١٩٠ ، ح ٣.
(٢) المجمع ٣ / ١٥٠ ببعض التصرّف.
أبي طالب ، يشهد للنّبيّ وهو منه.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : عن [الصّادق ـ عليه السّلام ـ : إنّما نزل ا فمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه إماما ورحمة ومن قبله كتاب موسى.
حدّثني] (٢) أبي (٣) ، عن يحيى بن أبي عمران (٤) ، عن يونس ، عن أبي بصير والفضيل ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : إنّما أنزلت (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) ، يعني : رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. ويتلوه شاهد منه إماما ورحمة ومن قبله كتاب موسى أولئك يؤمنون به. فقدّموا وأخّروا في التّأليف.
وفي تفسير العيّاشي (٥) : عن بريد بن معاوية العجليّ ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : الّذي على بيّنة من ربّه رسول الله. والّذي تلاه من بعده الشّاهد منه أمير المؤمنين ، ثمّ أوصياؤه واحد بعد واحد.
عن جابر بن عبد الله بن يحيى (٦) قال : سمعت عليّا ـ عليه السّلام ـ وهو يقول : ما من رجل من قريش إلّا وقد نزل (٧) فيه آية أو آيتان من كتاب الله.
فقال له رجل من القوم : فما نزل فيك ، يا أمير المؤمنين؟
فقال : أما تقرأ الآية الّتي في هود (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ). محمّد على بيّنة من ربّه ، وأنا الشّاهد.
وفي بصائر الدّرجات (٨) : محمّد بن الحسين ، عن عبد الله بن حمّاد ، عن أبي الجارود ، عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : والله ، ما نزلت آية في كتاب الله في ليل أو نهار إلّا وقد علمت أن فيمن أنزلت ولا ممّن على رأسه المواسي (٩) [من قريش] (١٠) إلّا وقد أنزلت فيه آية من كتاب الله ، تسوقه إلى الجنّة أو إلى
__________________
(١) لم نعثر عليه في تفسير القمّي ولم ينقل عنه في تفسير البرهان ولكن نقل عنه في تفسير الصافي ونور الثقلين.
(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ ، ب ، ر.
(٣) تفسير القمّي ١ / ٣٢٤.
(٤) كذا في المصدر ، وجامع الرواة ٢ / ٣٢٤. وفي النسخ : يحيى بن عمران.
(٥) تفسير العياشي ٢ / ١٤٢ ، ح ١٢.
(٦) نفس المصدر والموضع ، ح ١٣.
(٧) المصدر : أنزلت.
(٨) بصائر الدرجات / ١٥٢ ـ ١٥٣ ، ح ٢ بإسقاط صدره.
(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : انزل ولا مرّ على رأسه الموسى.