تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٦

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٦

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٨٥

انتهى ، وعلى ما ذكرنا لا إشكال في الاستثناء.

(إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) (١٠٧) : من غير اعتراض.

(وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) (١٠٨) : غير مقطوع.

وقرأ (١) حمزة والكسائي وحفص : «سعدوا» ـ على البناء للمفعول ـ من : سعده الله ، بمعنى : أسعده. و «عطاء» نصب على المصدر المؤكّد. أي : أعطي عطاء. أو حال من «الجنّة».

في تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) في هذه الآية : «يوم يأت» والّتي بعدها : هذا في نار الدّنيا قبل يوم القيامة.

قال : وأمّا قوله : (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها) ، يعني : في جنان الدّنيا الّتي تنقل إليها أرواح المؤمنين. (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) ، يعني : غير مقطوع من نعيم الآخرة في الجنّة يكون متصلا به.

قال : وهو ردّ على من أنكر عذاب القبر والثّواب والعقاب في الدّنيا في البرزخ ، قبل يوم القيامة.

ويؤيد هذا التّفسير قوله (٣) ـ تعالى ـ (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا).

قال الصّادق (٤) ـ عليه السّلام ـ إنّ هذا في نار البرزخ قبل القيامة ، إذ لا غدوّ ولا عشيّ في القيامة. ثمّ قال ـ عليه السّلام ـ : ألم تسمع قول الله (٥) ـ عزّ وجلّ ـ : (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ)

وفي الكافي (٦) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى الحلبيّ ، عن بريد (٧) بن معاوية ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في خطبة يوم الجمعة الخطبة الأولى : الحمد لله. نحمده (٨) ونستعينه ،

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٣.

(٢) تفسير القمّي ١ / ٣٣٨.

(٣) غافر / ٤٦.

(٤) تفسير القمّي ٢ / ٢٥٨ بتصرّف في الألفاظ ، وتفسير الصافي ٢ / ٤٧٣.

(٥) غافر / ٤٦.

(٦) الكافي ٣ / ٤٢٢ ، صدر ح ٦.

(٧) ب : يزيد.

(٨) ليس في ب.

٢٤١

ونستغفره ونستهديه ـ إلى أن قال ـ عليه السّلام ـ :

وقد أخبركم الله عن منازل من آمن وعمل صالحا ، وعن منازل من كفر وعمل في غير سبيله ـ. وقال : (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ) (الآيات). نسأل الله الّذي جمعنا لهذا الجمع ، أن يبارك لنا في يومنا هذا ، وأن يرحمنا جميعا. إنّه على كلّ شيء قدير.

وفي كتاب التّوحيد (١) ، بإسناده إلى عبد الله بن سلام مولى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال :

سألت : رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقلت : أخبرني أيعذّب الله ـ عزّ وجلّ ـ خلقا بلا حجّة؟ فقال : معاذ الله!

قلت : فأولاد المشركين في الجنّة أم في النّار؟ فقال : الله ـ تبارك وتعالى ـ أولى بهم. إنّه إذا كان يوم القيامة ، وجمع الله ـ عزّ وجلّ ـ الخلائق لفصل القضاء (٢) ، يأتي بأولاد المشركين. فيقول لهم : عبيدي وإمائي! من ربّكم؟ وما دينكم؟ وما أعمالكم؟ فيقولون : اللهم ربّنا! أنت خلقتنا ، ولم نخلق (٣) شيئا. وأنت أمتّنا ، ولم نمت (٤) شيئا. ولم تجعل لنا ألسنة [ننطق بها] (٥) ولا أسماعا [نسمع بها] (٦) ، ولا كتابا نقرؤه ، ولا رسولا فنتّبعه. ولا علم لنا إلّا ما علّمتنا.

قال : فيقول لهم ـ عزّ وجلّ ـ : عبيدي وإمائي! إن أمرتكم بأمر تفعلونه (٧)؟ فيقولون : السّمع والطّاعة لك يا ربّنا!

قال : فيأمر الله ـ عزّ وجلّ ـ نارا يقال لها «الفلق» أشدّ شيء في جهنّم عذابا. فتخرج من مكانها سوداء مظلمة بالسّلاسل والأغلال. فيأمر [ها] (٨) الله ـ عزّ وجلّ ـ أن تنفخ في وجوه الخلائق نفخة. [فتنفخ] (٩). فمن شدّة نفختها ، تنقطع السّماء ، وتنطمس النّجوم ، وتجمد البحار ، وتزول الجبال ، وتظلم الأبصار ، وتضع الحوامل حملها ، وتشيب الولدان من هولها يوم القيامة.

ثمّ يأمر الله ـ تبارك وتعالى ـ أطفال المشركين أن يلقوا أنفسهم في تلك النّار. فمن

__________________

(١) التوحيد / ٣٩٠ ـ ٣٩٢ ، ح ١.

(٢) كذا في المصدر. وفي ب : الخطاب. وفي سائر النسخ : القظا.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : لم تخلق.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : لم تمت.

(٥ و ٦) من المصدر.

(٧) المصدر : أتفعلوه.

(٨ و ٩) من المصدر.

٢٤٢

سبق له في علم الله ـ عزّ وجلّ ـ أن يكون سعيدا ، ألقى نفسه فيها ، فكانت عليه بردا وسلاما ، كما كانت على إبراهيم. ومن سبق له في علم الله ـ عزّ وجلّ ـ أن يكون شقيّا ، امتنع ، فلم يلق نفسه في النّار. فيأمر الله ـ تبارك وتعالى ـ النّار فتلتقطه (١) لتركه أمر الله وامتناعه من الدّخول فيها ، فيكون تبعا لآبائه في جهنّم. وذلك قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) ـ إلى قوله ـ : (غَيْرَ مَجْذُوذٍ).

وحدثنا الشّريف (٢) أبو عليّ محمّد بن أحمد [بن محمد] (٣) بن عبد الله بن الحسن [بن الحسين بن عليّ بن الحسين] (٤) بن عليّ بن أبي طالب قال : حدّثنا [عليّ بن] (٥) محمّد بن قتيبة النيّشابوريّ ، عن الفضل بن شاذان ، عن محمّد بن أبي عمير قال :

سألت أبا الحسن موسى بن جعفر ـ عليهما السّلام ـ عن معنى قول رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : الشّقيّ من شقيّ في بطن أمّه. [والسعيد من سعد في بطن امّه] (٦). فقال : الشّقيّ من علم الله ـ عزّ وجلّ ـ وهو في بطن أمّه ـ أنّه يعمل عمل (٧) الأشقياء. والسّعيد من علم الله ـ وهو في بطن أمّه ـ أنّه سيعمل عمل (٨) السّعداء.

وفي أصول الكافي (٩) : محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله خلق السّعادة والشّقاوة قبل أن يخلق خلقه. فمن خلقه الله سعيدا ، لم يبغضه أبدا. [وإن عمل شرّا ، أبغض عمله ولم يبغضه] (١٠). [وإن كان شقيا ، لم يحبّه أبدا ، وإن عمل صالحا ، أحبّ عمله وأبغضه ، لما يصير إليه. فإذا أحبّ الله شيئا ، لم يبغضه] (١١) أبدا (١٢). وإذا أبغض شيئا ، لم يحبّه أبدا.

عليّ بن محمّد (١٣) ، رفعه عن شعيب العقرقوفيّ ، عن أبي بصير قال : كنت بين يدي أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ جالسا ، وقد سأله سائل فقال : جعلت فداك ـ يا ابن رسول الله ـ

__________________

(١) ب : فتلقطه.

(٢) التوحيد / ٣٥٦ ، صدر ح ٣.

(٣ و ٤ و ٥) من المصدر.

(٦) من المصدر.

(٧) المصدر : سيعمل أعمال.

(٨) المصدر : أعمال.

(٩) الكافي ١ / ١٥٢ ـ ١٥٣ ، ح ١.

(١٠) ليس في ب ، ر.

(١١) من المصدر.

(١٢) ليس في ب ، ر.

(١٣) نفس المصدر / ١٥٣ ، ح ٢.

٢٤٣

من أين لحق الشّقاء أهل المعصية حتّى حكم الله لهم في علمه بالعذاب على عملهم؟ فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أيّها السّائل! حكم الله ـ عزّ وجلّ ـ أن لا يقوم (١) له أحد من خلقه [بحقّه] (٢). فلمّا حكم بذلك ، وهب لأهل محبّته القوّة على معرفته ، ووضع عنهم ثقل العمل بحقيقة ما هم أهله. ووهب لأهل المعصية القوّة على معصيتهم ، لسبق علمه فيهم ومنعهم إطاقة القبول منه. فواقعوا (٣) ما سبق لهم في علمه ، ولم يقدروا أن يأتوا حالا تنجيهم من عذابه. لأنّ علمه أولى بحقيقة التّصديق. وهو معنى شاء ما شاء. وهو سرّه.

عدّة من أصحابنا (٤) ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن معلّى بن (٥) عثمان ، عن عليّ بن حنظلة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال :

يسلك بالسّعيد في طريق الأشقياء ، حتّى يقول النّاس : ما أشبهه بهم ، بل هو منهم! ثمّ تتداركه السّعادة. وقد يسلك بالشّقيّ طريق السّعداء ، حتّى يقول النّاس : ما أشبهه بهم ، بل هو منهم! ثمّ يتداركه الشّقاء. إنّ من كتبه الله سعيدا ـ وإن لم يبق من الدّنيا إلّا فواق ناقة ـ ختم له بالسّعادة.

وفي كتاب التّوحيد (٦) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : إنّ الله ـ تعالى ـ ينقل العبد من الشّقاء إلى السّعادة ، ولا ينقله من السّعادة إلى الشّقاء.

وفي كتاب علل الشّرائع (٧) ، بإسناده إلى محمّد بن عبد الله بن زرارة ، عن عليّ بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، يقول فيه ـ عليه السّلام ـ :

تحوّل النّطفة في الرّحم أربعين يوما. فمن أراد أن يدعو الله ـ عزّ وجلّ ـ ففي تلك (٨) الأربعين قبل أن تخلق. ثمّ يبعث الله ـ عزّ وجلّ ـ ملك الأرحام. فيأخذها ، فيصعد (٩) بها إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ فيقف منه حيث شاء (١٠) الله. فيقول : يا إلهي ، أذكر أم أنثى؟ فيوحي

__________________

(١) ب : أن لا يقوم.

(٢) من المصدر.

(٣) بعض نسخ المصدر : فوافقوا.

(٤) نفس المصدر / ١٥٤ ، ح ٣.

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : أبي.

(٦) التوحيد / ٣٥٨ ، ذيل ح ٦.

(٧) العلل / ٩٥ ، ضمن ح ٤.

(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : ذلك.

(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : فيصعدها فيأخذ.

٢٤٤

الله ـ عزّ وجلّ ـ ما يشاء ، ويكتب الملك. [ثم يقول : يا إلهي (١) أشقيّ أم سعيد؟ فيوحي الله ـ عزّ وجلّ ـ (من ذلك) (٢) ما يشاء ، ويكتب الملك.] (٣).

وفي كتاب معاني الأخبار (٤) : حدّثنا محمّد بن القاسم المفسّر الجرجانيّ قال : حدّثنا أحمد بن الحسن الحسينيّ ، عن الحسن بن عليّ النّاصر [ي] (٥) ، عن أبيه ، عن محمّد بن عليّ ، عن أبيه الرّضا ، عن أبيه (٦) موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين ـ عليهم السّلام ـ قال : قيل لأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : صف لنا الموت. فقال : على الخبير سقطتم. هو أحد أمور ثلاثة يرد عليها (٧) : إمّا بشارة بنعيم الأبد [وإمّا بشارة بعذاب الأبد.] (٨) وإمّا تخويف (٩) وتهويل وأمر [ه] (١٠) مبهم لا يدرى من أيّ الفريقين هو. فأمّا وليّنا المطيع لأمرنا ، فهو المبشّر بنعيم الأبد. وأمّا عدوّنا المخالف علينا ، فهو المبشّر بعذاب الأبد.

وأمّا المبهم أمره الّذي لا يدري ما حاله ، فهو المؤمن المسرف على نفسه ، لا يدري ما يؤول إليه حاله. يأتيه الخبر (١١) مبهما محزنا (١٢). ثمّ لن يسوّيه (١٣) الله ـ عزّ وجلّ ـ بأعدائنا ، لكن يخرجه من النّار بشفاعتنا.

فاعملوا وأطيعوا! ولا تنكلوا! ولا تستصغروا (١٤) عقوبة الله ـ عزّ وجلّ ـ! فإنّ من المسرفين من لا تلحقه (١٥) شفاعتنا إلّا بعد عذاب ثلاثمائة ألف سنة.

وفي كتاب الخصال (١٦) : عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، [عن آبائه] (١٧) عن عليّ

__________________

(١٠) كذا في المصدر. وفي النسخ : فيقف ما شاء.

(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : فيقول يا رب.

(٢) من المصدر.

(٣) ليس في ب.

(٤) المعاني / ٢٨٨ ، ح ٢.

(٥) من المصدر مع المعقوفتين.

(٦) ليس في ب.

(٧) المصدر : عليه.

(٨) من المصدر.

(٩) المصدر : تحزين.

(١٠) من المصدر مع المعقوفتين.

(١١) أ ، ب : الخير.

(١٢) المصدر : مخوفا.

(١٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : يستويه.

(١٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : لا تصغروا.

(١٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : لا يلحق.

(١٦) الخصال ١ / ٥ ، ح ١٤.

(١٧) من المصدر.

٢٤٥

ـ عليهم السّلام ـ أنّه قال : حقيقة السّعادة أن يختم الرّجل عمله بالسّعادة. وحقيقة الشّقاوة أن يختم للمرء عمله بالشّقاوة.

عن جعفر بن محمّد (١) ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : من علامات الشّقاء جمود العينين (٢) ، وقسوة القلب ، وشدّة الحرص في طلب الرّزق ، والإصرار على الذّنب.

وبالإسناد (٣) عن عليّ ـ عليه السّلام ـ عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال : يا عليّ ، أربع خصال من الشّقاء : جمود العين ، وقساوة القلب ، وبعد الأمل ، وحبّ البقاء.

وفي تفسير العيّاشيّ (٤) ، عن مسعدة بن صدقة قال : قصّ أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ قصص أهل الميثاق من أهل الجنّة وأهل النّار ، فقال في صفات أهل الجنّة : فمنهم من لقي الله شهيدا لرسله ـ ثمّ مرّ (٥) في صفتهم حتّى بلغ من قوله ـ :

ثمّ جاء الاستثناء من الله في الفريقين جميعا ، فقال الجاهل بعلم التّفسير : «إنّ هذا الاستثناء من الله ، إنّما هو لمن دخل الجنّة والنّار. وذلك أنّ الفريقين جميعا يخرجان منهما فيبقيان ، وليس فيهما أحد».

وكذبوا! إنّما (٦) عنى بالاستثناء أنّ (٧) ولد آدم كلّهم وولد الجانّ معهم على الأرض ، والسّموات تظلّهم ، فهو ينقل المؤمنين حتّى يخرجهم إلى ولاية الشّياطين ، وهي النّار. فذلك الّذي عنى الله في أهل الجنّة والنّار : (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ). يقول : في الدّنيا.

والله ـ تبارك وتعالى ـ ليس مخرج (٨) أهل الجنّة منها [أبدا] (٩). ولا كلّ أهل النّار منها [أبدا] (١٠). كيف يكون ذلك ، وقد قال الله ـ تعالى ـ في كتابه (١١) : (ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً)!؟ ليس فيهما استثناء.

__________________

(١) الخصال ١ / ٢٤٣ ، ح ٩٦.

(٢) المصدر : العين.

(٣) نفس المصدر والموضع ، ح ٩٧.

(٤) تفسير العياشي ٢ / ١٥٩ ـ ١٦٠ ، ح ٦٦.

(٥) بعض نسخ المصدر : من.

(٦) المصدر : لكن.

(٧) ليس في ب.

(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : يخرج.

(٩ و ١٠) من المصدر.

(١١) الكهف / ٣.

٢٤٦

وكذلك قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : من دخل ولاية آل محمّد ، دخل الجنّة. ومن دخل في ولاية عدوّهم ، دخل النّار. وهذا الّذي عنى (١) الله تفسير (٢) من الاستثناء في الخروج من الجنّة والنّار والدخول.

عن زرارة (٣) قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ) (إلى آخر الآيتين). قال : هاتان الآيتان في غير أهل الخلود من أهل الشّقاوة والسّعادة. إن شاء الله يجعلهم خارجين (٤). ولا تزعم ـ يا زرارة! ـ أنّي أزعم ذلك.

حمران (٥) قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ قلت (٦) : جعلت فداك ، قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) لأهل النّار. أفرأيت قوله لأهل الجنّة : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ)؟ قال : نعم. إن شاء ، جعل لهم دنيا ، فردّهم وما شاء (٧).

وسئل (٨) عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) فقال : هذه في الّذين يخرجون من النّار.

عن أبي بصير (٩) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله : (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) قال : في ذكر أهل النّار استثنى (١٠). وليس في ذكر أهل الجنّة استثناء (١١). (أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ ـ إلى قوله : ـ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) (١٢).

وفي رواية حمّاد (١٣) ، عن حريز ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) [بالذال] (١٤).

__________________

(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : على.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) تفسير العياشي ٢ / ١٦٠ ، ح ٦٧.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : يجعلهما حين.

(٥) تفسير العياشي ٢ / ١٦٠ ، ح ٦٨.

(٦) ليس في المصدر.

(٧) ب : ما شاءه.

(٨) المصدر : سألته.

(٩) تفسير العياشي ٢ / ١٦٠ ، ح ٦٩. (١٠) كذا في المصدر. وفي النسخ : استثناء.

(١١) المصدر : استثنى. (١٢) في البحار : «غير مجدود» بالدال المهملة وهو الصحيح بحسب السياق.

(١٣) تفسير العيّاشي ٢ / ١٦١ ، ح ٧٠. (١٤) من المصدر.

٢٤٧

(فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ) : في شكّ بعد ما أنزل عليك القصص في سوء عاقبة عبدة الأوثان وغيرهم.

(مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ) : من عبادة هؤلاء المشركين في أنّها ضلال مؤدّ إلى مثل ما حلّ بمن قبلهم ممّن قصصت عليك سوء عاقبة (١) عبادتهم. أو : من حال ما يعبدونه فإنّه لا يضرّ ولا ينفع.

(ما يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ) :

استئناف معناه تعليل النّهي عن المرية ، أي : هم وآباؤهم سواء في الشّرك. أي : ما يعبدون عبادة إلّا كعبادتهم. أو : ما يعبدون شيئا إلّا مثل ما عبدوه من الأوثان ، وقد بلغك ما لحق آباءهم من ذلك ، فسيلحقهم مثله. لأنّ التّماثل في الأسباب ، يقتضي التماثل في المسبّبات.

ومعنى «كما يعبد» : كما كان يعبد. فحذف لدلالة «من قبل» عليه.

(وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ) : حظّهم من العذاب ـ كآبائهم ـ أو من الرّزق. فيكون عذرا لتأخّر العذاب عنهم مع قيام ما يوجبه.

(غَيْرَ مَنْقُوصٍ) (١٠٩) :

حال من النّصيب لتقييد التّوفية. فإنّك تقول : وفّيته حقّه. ويريد به وفاء بعضه ، ولو مجازا.

(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ) ، فآمن به قوم ، وكفر به قوم ، كما اختلف هؤلاء في القرآن.

(وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) ، يعني : كلمة الإنظار إلى يوم القيامة ، (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) بإنزال ما يستحقّه المبطل ، ليتميّز به عن المحقّ.

وفي روضة الكافي (٢) : عليّ بن محمّد ، عن عليّ بن العبّاس ، عن الحسين بن عبد الرّحمن ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَلَقَدْ آتَيْنا ـ إلى قوله : ـ فِيهِ) قال : اختلفوا كما اختلفت هذه الأمّة في الكتاب وسيختلفون في الكتاب الّذي مع القائم الّذي يأتيهم به ، حتّى ينكره ناس

__________________

(١٤) من المصدر.

(١) ب : عاقبتهم.

(٢) الكافي ٨ / ٢٨٧ ، ضمن ح ٤٣٢.

٢٤٨

كثير ، فيقدّمهم فيضرب أعناقهم. وأمّا قوله : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ) (١) (مِنْ رَبِّكَ) لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) ، قال : لو لا ما تقدّم فيهم من الله ـ عزّ ذكره ـ ما أبقى القائم منهم أحدا (٢).

(وَإِنَّهُمْ) : وإنّ كفّار قومك (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) : من القرآن (مُرِيبٍ) (١١٠) : موقع للرّيبة.

(وَإِنَّ كُلًّا) : كلّ (٣) المختلفين ، المؤمنين منهم والكافرين.

والتّنوين بدل المضاف إليه.

وقرأ (٤) ابن كثير ونافع وأبو بكر بالتّخفيف مع الإعمال ، اعتبارا للأصل.

(لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ) :

في تفسير عليّ بن إبراهيم (٥) : قال : في القيامة.

واللّام الأولى موطّئة للقسم ، والثّانية للتّأكيد ، أو بالعكس. و «ما» مزيدة بينهما للفصل.

وقرأ (٦) ابن عامر وحمزة : «لمّا» ـ بالتّشديد ـ على أنّ أصله : «لمن ما» فقلبت النّون ميما [للإدغام. فاجتمعت ثلاث ميمات] (٧) فحذفت أولاهنّ. والمعنى : لمن الّذين يوفّينّهم ربّك جزاء أعمالهم.

وقرئ (٨) : «لمّا» ـ بالتنوين ـ أي : جميعا ، كقوله (٩) : (أَكْلاً لَمًّا). و (إِنْ كُلٌّ لَمَّا) على أنّ «إن» نافية و «لمّا» بمعنى إلّا. وقد قرئ به (١٠).

(إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (١١١) فلا يفوته شيء منه ، وإن خفي.

(فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) :

لمّا بيّن أمر المختلفين في التّوحيد والنّبوّة ، وأطنب في شرح الوعد والوعيد ، أمر رسوله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بالاستقامة مثل ما أمر بها. وهي شاملة للاستقامة في العقائد ـ كالتّوسّط بين التّشبيه والتّعطيل بحيث يبقى العقل مصونا من الطّرفين ـ والأعمال ، من

__________________

(١) المصدر : الفصل.

(٢) المصدر : واحدا.

(٣) ب : كلّ من المختلفين.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٣.

(٥) تفسير القمّي ١ / ٣٣٨.

(٦) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٣.

(٧) ليس في أ ، ب.

(٨) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٣.

(٩) الفجر / ١٩.

(١٠) أى : «إن كلٌّ إلّا».

٢٤٩

تبليغ الوحي وبيان الشّرائع كما أنزل ، والقيام بوظائف العبادات من غير تفريط وإفراط مفوّت للحقوق ، ونحوها. وهو غاية العسر.

وقد مرّ ما روي عنه ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال : شيّبتني سورة هود.

(وَمَنْ تابَ مَعَكَ) ، أي : تاب من الكفر والشّرك وآمن معك.

وهو عطف على المستكنّ في «استقم» وإن لم يؤكّد بمنفصل ، لقيام الفاصل مقامه.

(وَلا تَطْغَوْا) : ولا تخرجوا عمّا حدّ لكم.

(إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (١١٢) فهو مجازيكم عليه. وهو في معنى التّعليل للأمر والنّهي.

وفي الآية دليل على وجوب اتّباع النّصوص من غير تصرّف وانحراف بنحو قياس.

وفي الجوامع (١) ، عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : ([فَاسْتَقِمْ]) (٢) (كَما أُمِرْتَ) ، أي : كما (٣) افتقر إلى الله بصحّة العزم.

وعن ابن عبّاس (٤) : ما نزلت آية كانت أشقّ على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من هذه الآية. ولهذا قال : شيّبتني هود والواقعة وأخواتها.

(وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) : ولا تميلوا إليهم أدنى ميل ـ فإنّ الرّكون هو الميل اليسير ـ (فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) بركونكم إليهم.

وإذا كان الرّكون إلى من وجد منه ما يسمّى ظلما كذلك ، فما ظنّك بالرّكون إلى الظّالمين ـ أي : الموسومين بالظّلم ـ ثمّ بالميل إليهم كلّ الميل ، ثمّ بالظّلم على نفسه والانهماك فيه!؟

ولعلّ الآية أبلغ ما يتصوّر في النّهي عن الظّلم والتّهديد عليه.

وخطاب الرّسول ومن معه من المؤمنين بها ، للتّثبّت على الاستقامة الّتي هي العدل. فإنّ الزوال عنها بالميل إلى أحد طرفي إفراط وتفريط ، فإنّه ظلم على نفسه أو غيره ، بل ظلم في نفسه.

__________________

(١) الجوامع / ٢١١.

(٢) من المصدر.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) نفس المصدر والموضع.

٢٥٠

وقرئ (١) : «فتمسّكم» ـ بكسر التّاء ـ على لغة تميم. و «تركنوا» على البناء للمفعول ، من أركنه.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا). قال : ركون مودّة ونصيحة وطاعة.

وفي مجمع البيان (٣) : وروي عنهم ـ عليهم السّلام ـ مثله.

وفي الكافي (٤) : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، رفعه عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَلا تَرْكَنُوا ـ إلى قوله : ـ النَّارُ) قال : هو الرّجل يأتي السّلطان فيحبّ بقاءه إلى أن يدخل يده في (٥) كيسه فيعطيه.

وفي روضة الكافي (٦) كلام لعليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ في الوعظ والزّهد في الدّنيا : ولا تركنوا إلى الدّنيا! فإنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ قال لمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ : (وَلا تَرْكَنُوا ـ إلى قوله : ـ النَّارُ).

وفي كتاب الخصال (٧) : وعن الحسين بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ قال : قال إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أوصى [إلى أمير المؤمنين] (٨) عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ وكان فيما (٩) أوصى به ـ إلى أن قال : ـ لا تركن إلى ظالم ، وإن كان حميما قريبا.

وفي تفسير العيّاشيّ (١٠) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : (وَلا تَرْكَنُوا) (الآية) قال : أما إنّه لم يجعلها خلودا ، ولكن تمسّكم. فلا تركنوا إليهم.

وفي الآية دلالة على وجوب العصمة في الإمام وأولي الأمر. لأنّ الإمام واجب الإطاعة ، بقوله (١١) : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ). ووجوب الإطاعة يستلزم الرّكون. وغير المعصوم من يصدر عنه الذّنب أحيانا ، فيصدق عليه أنّه من الّذين

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٤.

(٢) تفسير القمّي ١ / ٣٣٨.

(٣) المجمع ٣ / ٢٠٠.

(٤) الكافي ٥ / ١٠٨ ـ ١٠٩ ، ح ١٢.

(٥) المصدر : إلى.

(٦) الكافي ٨ / ٧٥ ، ضمن ح ٢٩.

(٧) الخصال ٢ / ٥٤٣ ، ضمن ح ١٩.

(٨) من المصدر.

(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : «فيما كان» بدل «وكان فيما».

(١٠) تفسير العياشي ٢ / ١٦١ ، ح ٧٢.

(١١) النساء / ٥٩.

٢٥١

ظلموا. والرّكون إليه منهيّ عنه.

(وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ) : من أنصار يمنعون العذاب عنكم.

(ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) (١١٣) : ثمّ لا ينصركم الله ، إذ سبق في حكمه أن يعذّبكم به ولا يبقى عليكم.

و «ثمّ» لاستبعاد نصره إيّاهم ، وقد أوعدهم بالعذاب عليه وأوجبه لهم. ويجوز أن يكون منزلا منزلة الفاء لمعنى الاستبعاد. فإنّه لمّا بيّن أنّ الله ـ تعالى ـ يعذّبهم ، وأنّ غيره لا يقدر على نصرهم ، أنتج ذلك أنهم لا ينصرون أصلا.

(وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) : غدوة وعشيّة.

وانتصابه على الظّرف ، لأنّه مضاف إليه.

(وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) : وساعات منه قريبة من النّهار. فإنّه من : أزلفه : إذا قرّبه. وهو جمع زلفة.

وفي تهذيب الأحكام (١) : أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، وفيه : وقال في ذلك (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ). وطرفاه (٢) المغرب والغداة ، (وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) هي صلاة العشاء الآخرة.

وفي تفسير العيّاشيّ (٣) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ مثله (٤).

وقيل (٥) : صلاة العشيّة والعصر.

وقيل (٦) : الظّهر. وصلاة الزّلف المغرب والعشاء.

وقرئ (٧) : «زلفا» بضمّتين وضمّة وسكون ، كبسر وبسر في بسرة. و «زلفى» بمعنى زلفة ، كقربى وقربة.

(إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) : يكفرّنها.

وفي الحديث النّبوّي المشهور (٨) : أنّ الصّلاة إلى الصّلاة كفّارة ما بينهما ما اجتنب

__________________

(١) التهذيب ٢ / ٢٤١.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : «طرفاء» بدل «وطرفاه».

(٣) تفسير العياشي ٢ / ١٦١ ، ح ٧٣.

(٤) ليس في أ ، ب.

(٥ و ٦ و ٧) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٤.

(٨) نفس المصدر والموضع.

٢٥٢

الكبائر.

وفي الكافي (١) : محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ ، عمّن حدّثه عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) قال : صلاة المؤمن بالّليل تذهب بما عمل من ذنب بالنّهار.

وفي أصول الكافي (٢) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن فضيل (٣) بن عثمان المراديّ قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ :

أربع من كنّ فيه لم يهلك على الله بعدهنّ إلّا هالك : يهمّ العبد بالحسنة فيعملها. فإن هو لم يعملها ، كتب الله له حسنة (٤). وإن هو عملها ، كتب الله له عشرا. ويهمّ بالسّيّئة أن يعملها. فإن لم يعملها ، لم يكتب عليه شيء. وإن هو عملها ، أجّل سبع ساعات ، وقال صاحب الحسنات لصاحب السّيّئات ـ وهو صاحب الشّمال ـ : لا تعجل. عسى أن يتبعها (٥) بحسنة تمحوها. فإنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ). أو الاستغفار. فإن هو قال : «أستغفر الله الّذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشّهادة العزيز الحكيم الغفور الرّحيم ذو الجلال والإكرام وأتوب إليه» ، لم يكتب عليه شيء. وإن مضت سبع ساعات ، ولم يتبعها (٦) بحسنة واستغفار ، قال صاحب الحسنات لصاحب السّيّئات : أكتب على الشّقيّ المحروم.

وفي مجمع البيان (٧) : وروى أصحابنا عن ابن محبوب ، عن إبراهيم الكرخيّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال :

واعلم أنّه ليس شيء أضرّ عاقبة ، ولا أسرع ندامة ، من الخطيئة. وأنّه ليس شيء أشدّ طلبا ، ولا أسرع دركا للخطيئة ، من الحسنة. أما إنّها تدرك الذّنب العظيم القديم المنسيّ عند صاحبه ، فتنحته (٨) وتسقطه وتذهب به بعد إثباته (٩). وذلك قوله

__________________

(١) الكافي ٣ / ٢٦٦ ، ح ١٠.

(٢) الكافي ٢ / ٤٢٩ ـ ٤٣٠ ، ح ٤.

(٣) المصدر ، ب : فضل.

(٤) المصدر : زيادة «بحسن نيّته».

(٥) أ ، ر : يبقها.

(٦) أ ، ر : لم يبقها.

(٧) المجمع ٣ / ٢٠١.

(٨) المصدر : عامله فتجتذبه.

٢٥٣

ـ سبحانه ـ : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ).

وروي (١) عن أبي حمزة الثّماليّ قال : سمعت أحدهما ـ عليهما السّلام ـ يقول : إنّ عليّا ـ عليه السّلام ـ قال :

سمعت حبيبي رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقول : أرجى آية في كتاب الله : (أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) ـ وقرأ الآية كلّها قال :

يا عليّ ، والّذي بعثني بالحقّ (٢) بشيرا ونذيرا ، إنّ أحدكم ليقوم إلى وضوئه ، فتساقط عن جوارحه الذّنوب. فإذا استقبل الله بقلبه ووجهه ، لم ينفتل وعليه من ذنوبه شيء ، كما ولدته أمّه. فإن أصاب شيئا بين الصّلاتين ، كان له مثل ذلك ـ حتّى عدّ الصّلوات الخمس ثمّ قال :

[يا عليّ ،] (٣) إنّما مثل الصّلوات الخمس لأمّتي ، كنهر جار على باب أحدهم. فما يظنّ أحدكم لو (٤) كان في جسده درن ، ثمّ اغتسل في ذلك النّهر خمس مرّات ، أكان يبقى في جسده درن!؟ فكذلك ـ والله ـ الصّلوات الخمس لأمّتي.

وفي أمالي شيخ الطّائفة (٥) بإسناده إلى أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. وفيه يقول ـ عليه السّلام ـ : وإنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ يكفّر بكلّ حسنة سيّئة. قال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ).

وفي كتاب ثواب الأعمال (٦) عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : لا يغرّك النّاس من نفسك. فإنّ الأمر يصل إليك من (٧) دونهم. ولا تقطع النّهار بكذا وكذا. فإنّ معك من يحفظ عليك.

ولم أر شيئا قطّ أشدّ طلبا ولا أسرع دركا من الحسنة المحدثة (٨) للذّنب القديم (٩) ولا تصغّر شيئا من الخير. [فإنّك تراه غدا حيث يسرّك. ولا تصغّر شيئا من الشّر.] (١٠) فإنّك

__________________

(٩) ب : إسقاطه.

(١) نفس المصدر والموضع. وفيه : ورووا.

(٢) المصدر : في الحقّ.

(٣) من المصدر.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : أحدهم إذا.

(٥) أمالي الطوسي ١ / ٢٥.

(٦) ثواب الأعمال / ١٦٢ ، ح ١.

(٧) المصدر : [من].

(٨) ليس في المصدر.

(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : العظيم.

(١٠) من المصدر. وفي النسخ : «ولا تحتقر سيّئة» بدل ما بين المعقوفتين.

٢٥٤

تراه غدا حيث يسوءك. إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ).

وفي تفسير العيّاشيّ (١) : عن إبراهيم الكرّخيّ قال : كنت عند أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ. فدخل [عليه] (٢) مولى له فقال : يا فلان ، متى جئت؟ فسكت. فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ :

جئت من ها هنا ومن (٣) ها هنا. انظر بما تقع (٤) به يومك. فإنّ معك ملكا موكّلا يحفظ عليك ما تعمل. فلا تحتقر (٥) سيّئة ، وإن كانت صغيرة. فإنّها ستسوؤك (٦) يوما. ولا تحتقر (٧) حسنة. فإنّه ليس شيء أشدّ طلبا ، ولا أسرع دركا ، من الحسنة. إنّها لتدرك الذّنب العظيم القديم ، فتذهب به. وقال الله في كتابه : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ). قال (٨) : صلاة اللّيل تذهب بذنوب النّهار. وقال : تذهب ما (٩) جرحتم.

عن إبراهيم بن عمر (١٠) ، رفعه إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله : (أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ ـ إلى : ـ السَّيِّئاتِ). فقال : صلاة المؤمن (١١) باللّيل تذهب (١٢) بما عمل من ذنب النّهار.

عن سماعة بن مهران (١٣) قال : سأل (١٤) أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ رجل من أهل الجبال عن رجل أصاب مالا من أعمال السّلطان ، فهو يتصدّق به ، ويصل قرابته ، ويحجّ ، [ليغفر] (١٥) له ما اكتسب ، وهو يقول : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ). فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : [إنّ الخطيئة لا تكفّر الخطيئة ، ولكنّ الحسنة تكفّر الخطيئة. ثمّ قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ :] (١٦) إن كان خلط الحلال حراما (١٧) ، فاختلط جميعا ، فلم

__________________

(١) تفسير العياشي ٢ / ١٦٢ ، ح ٧٥.

(٢) من المصدر.

(٣) ليس في ب.

(٤) المصدر : تقطع.

(٥) أ ، ب : فلا تحقر.

(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : تسوءك.

(٧) ب : ولا تحقر.

(٨) المصدر : زيادة «قال».

(٩) المصدر : يذهب بما.

(١٠) تفسير العياشي ٢ / ١٦٢ ، ح ٧٦.

(١١) المصدر : الليل. (١٢) المصدر : يذهب.

(١٣) نفس المصدر والموضع ، ح ٧٧.

(١٤) كذا في المصدر. وفي ب : سمعت. وفي سائر النسخ : سألت.

(١٥) من المصدر.

٢٥٥

يعرف الحلال من الحرام ، فلا بأس.

وعنه (١) في رواية المفضّل بن سويد أنّه قال : انظر ما أصبت (٢) ، فعد به على إخوانك. فإنّ الله ـ تعالى ـ يقول : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ).

قال المفضّل : كنت خليفة أخي على الدّيوان. قال : وقد قلت : جعلت فداك ، قد ترى مكاني من هؤلاء القوم. فما ترى لي؟ قال : لو لم تكن كنت (٣).

عن المفضّل بن مزيد (٤) الكاتب (٥) قال : دخل عليّ أبو عبد الله (٦) ـ عليه السّلام ـ وقد أمرت أن أخرج لبني هاشم جوائز. فلم أعلم إلّا وهو على رأسي وأنا مستخل (٧) فوثبت إليه. فسألني عمّا أمر لهم. فناولته الكتاب. فقال : ما أرى (٨) لإسماعيل ها هنا شيئا؟ فقلت : هذا الّذي خرج إلينا. ثمّ قلت له : جعلت فداك ، قد ترى مكاني من هؤلاء القوم. فقال لي : انظر ما أصبت ، فعد به على إخوانك (٩). فإنّ الله يقول : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ).

[وقرأ (١٠) ابن خرّاش (١١) عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ)] (١٢) قال : صلاة اللّيل يكفّر ما عمل من ذنوب النّهار.

(ذلِكَ) :

قيل (١٣) : إشارة إلى قوله : «فاستقم» وما بعده.

وقيل (١٤) : إلى القرآن.

(ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) (١١٤) : عظة للمتّعظين.

__________________

(١٦) من المصدر.

(١٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : مع الحرام حلالا.

(١) تفسير العياشي ٢ / ١٦٣ ، ح ٧٨.

(٢) المصدر : زيادة «به».

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : لم يكن كنت.

(٤) كذا في المصدر وجامع الرواة ٢ / ٢٦١. وفي النسخ : يزيد.

(٥) تفسير العياشي ٢ / ١٦٤ ، ح ٧٩.

(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : دخلت على أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ.

(٧) المصدر : مستجل.

(٨) ب : لا أدري.

(٩) بعض نسخ المصدر : أصحابك.

(١٠) تفسير العيّاشي ٢ / ١٦٤ صدر ح ٨١.

(١١) كذا في نور الثقلين ٢ / ٤٠٣ ، ح ٢٤٥. وفي المصدر : ابن خرّاس.

(١٢) من المصدر.

(١٣ و ١٤) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٤.

٢٥٦

(وَاصْبِرْ) على الطّاعات وعن المعاصي.

(فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (١١٥) :

عدل عن المضمر ، لأنّه كالبرهان على المقصود ، ودليل على أنّ الصّلاة والصبر إحسان وإيماء بأنّه لا يعتدّ بهما دون إخلاص.

(فَلَوْ لا كانَ) : فهلا كان (مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ) :

المراد : أولو بقيّة من الرّأي والعقل. أو : أولو فضل. وإنّما سمّي «بقيّة» لأنّ الرّجل يستبقي أفضل ما يخرجه. ومنه يقال : فلان من (١) بقيّة القوم ، أي : من خيارهم. وقولهم : في الزّوايا خبايا ، وفي الرّجال بقايا.

ويجوز أن يكون مصدرا ، كالتّقيّة. أي : ذوو إبقاء على أنفسهم وصيانة لها من العذاب. ويؤيّده أنّه قرئ (٢) : «بقية» وهي المرّة مصدر بقاه يبقه إذا راقبه.

(إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ) : لكن قليلا ممّن أنجيناهم ، لأنّهم كانوا كذلك.

ولا يصحّ اتّصاله إلّا إذا جعل استثناء من النّفي اللّازم للتّحضيض. والمعنى : ليس من القرون من قبلهم أولو بقيّة ينهون عن الفساد إلّا قليلا ـ إلى آخره.

(وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ) : ما أنعموا فيه من الشّهوات ، واهتمّوا بتحصيل أسبابها ، وأعرضوا عمّا وراء ذلك.

(وَكانُوا مُجْرِمِينَ) (١١٦) : كافرين.

كأنّه أراد أن يبيّن ما كان السّبب لاستئصال الأمم السّالفة. وهو فشوّ الظّلم فيهم ، واتّباعهم للهوى ، وترك النّهي عن المنكرات ، مع الكفر.

وقوله : «واتّبع» عطف على مضمر دلّ عليه الكلام ، إذ المعنى : فلم ينهوا عن الفساد واتّبع الّذين ظلموا. «وكانوا مجرمين» عطف على «اتّبع» أو اعتراض.

وقرئ (٣) : «أتبع» ، أي : وأتبعوا جزاء ما أترفوا. فيكون الواو للحال. ويجوز أن يفسّر به المشهورة. ويعضده تقدّم الإنجاء.

(وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ) :

__________________

(١) ليس في ب.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٤.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٥.

٢٥٧

قيل (١) : بشرك.

(وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ) (١١٧) فيما بينهم ، لا يضمّون إلى شركهم فسادا ، ولا تباغيا.

وذلك لفرط رحمته ومسامحته في حقوقه. ومن ذلك قيل : الملك يبقى مع الكفر ، ولا يبقى مع الظّلم.

وفي مجمع البيان (٢) ، عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ [أنّه قال] (٣) : (وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ) ينصف بعضهم من بعض (٤).

(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً) : مسلمين كلّهم.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٥) : أي : على مذهب واحد.

(وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ) (١١٨) : بعضهم على الحقّ ، وبعضهم على الباطل ، لا تكاد تجد اثنين يتّفقان مطلقا.

(إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) : إلّا أناسا (٦) هداهم الله من فضله ، فاتّفقوا على ما هو أصول دين الحقّ والعمدة فيه.

(وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) :

قيل (٧) : إن كان الضّمير للنّاس ، فالإشارة إلى الاختلاف ، واللّام للعاقبة. أو إليه وإلى الرّحمة. وإن كان ل «من» ، فإلى الرّحمة.

وفي كتاب علل الشّرائع (٨) : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصّفار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان قال :

سئل أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ـ إلى قوله : ـ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) فقال : كانوا أمّة واحدة. فبعث الله النّبيّين ، ليتّخذ عليهم الحجّة.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٥.

(٢) المجمع ٣ / ٢٠٢.

(٣) من المصدر.

(٤) المصدر : «بعضها بعضهم» بدل «بعضهم من بعض».

(٥) تفسير القمّي ١ / ٣٣٨.

(٦) أ ، ب ، ر : ما.

(٧) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٥.

(٨) العلل ١ / ١٢٠ ، ح ٢.

٢٥٨

وفي روضة الكافي (١) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان قال :

سئل أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ تبارك وتعالى ـ : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً [وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ). فقال : كانوا أمّة واحدة.] (٢) فبعث الله النّبيّين ، ليتّخذ عليهم الحجّة.

وفي أصول الكافي (٣) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبيدة الحذّاء قال :

سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن الاستطاعة وقول النّاس. فقال (٤) وتلا هذه الآية : (وَلا يَزالُونَ ـ إلى قوله : ـ خَلَقَهُمْ) (٥) : يا أبا عبيدة ، النّاس مختلفون في إصابة القول ، وكلّهم هالك.

قال : قلت : قوله : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ). قال : هم شيعتنا. ولرحمته خلقهم. وهو قوله : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ). يقول : لطاعة الإمام ، الرّحمة الّتي يقول (٦) : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ). يقول : علم الإمام ، ووسع علمه الّذي هو من علمه كلّ شيء. [هم شيعتنا] (٧).

وفي كتاب التّوحيد (٨) ، بإسناده إلى عليّ بن سالم (٩) ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ ـ إلى قوله : ـ خَلَقَهُمْ) قال : خلقهم ليفعلوا ما يستوجبوا به رحمة الله ، فيرحمهم.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١٠) : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال [في قوله] (١١) : (لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ) في الدّين (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ [وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ)] (١٢) ويعني : آل محمّد وأتباعهم. يقول الله : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) ، يعني : أهل رحمة (١٣)

__________________

(١) الكافي ٨ / ٣٧٩ ، ح ٥٧٣.

(٢) من المصدر.

(٣) الكافي ١ / ٤٢٩ ، صدر ح ٨٣.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : بها.

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : زيادة «قال».

(٦) الأعراف / ١٥٦.

(٧) من المصدر.

(٨) التوحيد / ٤٠٣ ، ح ١٠.

(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : إبراهيم.

(١٠) تفسير القمّي ١ / ٣٣٨.

(١١) من المصدر.

(١٢) ليس في المصدر.

٢٥٩

لا يختلفون في الدّين.

وفي كتاب الاحتجاج (١) للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ عن عليّ ـ عليه السّلام ـ قال : لمّا خطب أبو بكر قام [إليه] (٢) ابيّ بن كعب ، فقال : يا معاشر المهاجرين الّذين ـ إلى قوله : ـ ويا معاشر الأنصار ـ إلى قوله : ـ

ثم أخبرنا باختلافكم [فقال] (٣) : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) ، أي : للرّحمة. وهم آل محمّد.

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي تفسير العيّاشيّ (٤) : عن عبد الله بن غالب ، عن أبيه ، عن رجل قال : سألت عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ عن قول الله : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ). [قال : عنى بذلك من خالفنا من هذه الأمّة. وكلّهم يخالف بعضهم بعضا في دينهم. وأمّا قوله :] (٥) (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ). قال (٦) : فأولئك أولياؤنا من المؤمنين. ولذلك خلقهم من الطّينة الطيّبة (٧). أما تسمع لقول إبراهيم (٨) : (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ). قال : إيّانا عنى وأولياءه [شيعته] (٩) وشيعة وصيّه. قال (١٠). (وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ). قال : عنى بذلك ـ [والله] (١١) ـ من جحد وصيّه ، ولم يتّبعه من أمّته. وكذلك ـ والله ـ حال هذه الأمّة.

عن سعيد بن المسيّب (١٢) ، عن عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ في قوله : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) : فأولئك هم أولياؤنا من المؤمنين. ولذلك خلقهم من الطّينة الطيّبة (١٣) ـ إلى آخر ما سبق ـ.

يعقوب بن سعيد (١٤) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن قول الله (١٥)

__________________

(١٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : رحمته.

(١) الاحتجاج ١ / ١١٣ ـ ١١٤ بتلخيص يسير.

(٢ و ٣) من المصدر.

(٤) تفسير العياشي ٢ / ١٦٤ ، ح ٨٢.

(٥) من المصدر.

(٦) ليس في المصدر.

(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : طيّبا.

(٨) البقرة / ١٢٦.

(٩) من المصدر.

(١٠) البقرة / ١٢٦.

(١١) من المصدر مع المعقوفتين.

(١٢) تفسير العياشي ٢ / ١٦٤ ـ ١٦٥ ، ح ٨٤.

(١٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : طيّبا.

(١٤) تفسير العياشي ٢ / ١٦٤ ، ح ٨٣.

٢٦٠