تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٦

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٦

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٨٥

وفي تفسير العيّاشيّ (١) : عن الحسن بن أسباط قال : سألت أبا الحسن ـ عليه السّلام ـ : في كم دخل يعقوب من ولده على يوسف؟

قال : في أحد عشر ابنا.

فقيل له : أسباط؟

قال : نعم.

وسألته عن يوسف وأخيه : أكان أخاه لأمّه أم ابن خالته؟

فقال : ابن خالته.

(وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) :

قيل (٢) : تحية وتكرمة له ، فإنّ السّجود كان عندهم يجري مجراها. والحقّ أنّ معناه : خرّوا لأجله سجّدا ، لله شكرا.

وقيل (٣) : الضّمير لله ، والواو لأبويه وإخوته. والرّفع مؤخّر عن الخرور ، وإن قدّم لفظا للاهتمام بذكره (٤) بتعظيمه لهما.

وفي تفسير العيّاشيّ (٥) : عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله : (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ) قال : العرش السّرير.

وفي قوله : (خَرُّوا لَهُ سُجَّداً) قال : كان سجودهم ذلك عبادة لله.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : لمّا دخلوا عليه سجدوا شكرا لله وحده حين نظروا إليه ، وكان ذلك السّجود لله.

وعن الهادي (٧) ـ عليه السّلام ـ وقد سئل عن سجود يعقوب وولده ليوسف ، وهم أنبياء : أمّا سجود يعقوب وولده فإنّه لم يكن ليوسف ، وإنّما كان من يعقوب وولده طاعة لله وتحيّة ليوسف ، كما كان السّجود من الملائكة لآدم وإنّما كان ذلك منهم طاعة لله وتحيّة لآدم ، فسجد يعقوب وولده ويوسف معهم شكرا لله لاجتماع شملهم ، ألم تر أنّه يقول في شكره ذلك الوقت : (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ) (الآية)؟

__________________

(١) تفسير العياشي ٢ / ١٩٧ ، ح ٨٤.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٠٨.

(٣) نفس المصدر والمجلّد / ٥٠٩.

(٤) ليس في المصدر.

(٥) تفسير العياشي ٢ / ١٩٧ ، ح ٨٥.

(٦) تفسير القمّي ١ / ٣٣٩.

(٧) تفسير القمّي ١ / ٣٥٦.

٣٨١

وفي الجوامع (١) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ أنّه قرأ : «وخرّوا لله ساجدين».

(وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ) : رأيتها أيّام الصّبا.

(قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا) : صدقا.

في تفسير العيّاشيّ (٢) : وعن أبي بصير ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : فلمّا دخلوا على يوسف في دار الملك اعتنق أباه [فقبله] (٣) وبكى ، [ورفعه] (٤) ورفع خالته على سرير الملك ، ثمّ دخل منزله فادّهن واكتحل ولبس ثياب العزّ والملك ، ثمّ خرج إليهم. فلمّا رأوه سجدوا [جميعا] (٥) له ، إعظاما له ، وشكرا لله. فعند ذلك قال : (يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ).

قال : ولم يكن يوسف في تلك العشرين [سنة] (٦) يدّهن ، ولا يكتحل ، ولا يتطيّب ، ولا يضحك ، ولا يمسّ النّساء حتّى جمع الله ليعقوب شمله ، وجمع بينه وبين يعقوب وإخوته.

وفي مجمع البيان (٧) : عنه ـ عليه السّلام ـ مثله.

ولعلّ المراد بنفي مسّه النّساء : عدم مسهنّ للالتذاذ والشّهوة ، فلا ينافي ما سبق أنّه كان له ابن يلعب برمّانة بين يديه حين خاصم أخوه في أخيه ، فلعلّه إنّما مسهنّ لتثقيل الأرض بتسبيح الولد ، كما مضى في اعتذار أخيه في مثله.

(وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ) : لعلّه لم يذكر الجبّ لئلّا يكون تثريبا عليهم.

(وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ) : من البادية ، لأنّهم كانوا أصحاب المواشي وأهل البدو.

(مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) : أفسد بيننا وحرّش. من نزغ الرّائض الدّابّة : إذا نخسها وحملها على الجري.

(إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ) : لطيف التّدبير له ، إذ ما من صعب إلّا وتنفذ فيه مشيئته ويتسهّل دونها.

(إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ) : بوجوه المصالح والتّدبير.

__________________

(١) الجوامع / ٢٢٤.

(٢) تفسير العياشي ٢ / ١٩٧ ، ح ٨٣.

(٣ و ٤ و ٥ و ٦) من المصدر.

(٧) المجمع ٣ / ٢٦٤.

٣٨٢

(الْحَكِيمُ) (١٠٠) : الّذي يفعل كلّ شيء في وقته ، وعلى وجه تقتضيه الحكمة.

نقل (١) : أنّ يوسف ـ عليه السّلام ـ طاف بأبيه في خزائنه ، فلمّا أدخله خزينة القراطيس (٢) قال : يا بنيّ ، ما أعقّك ، عندك هذه القراطيس وما كتبت إليّ على ثمان مراحل! قال : أمرني جبرئيل ـ عليه السّلام ـ.

فقال : أو ما تسأله؟

قال : أنت أبسط منّي إليه ، فاسأله.

قال جبرئيل ـ عليه السّلام ـ : إنّ الله أمرني بذلك ، لقولك : (وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ) قال ـ تعالى ـ : فهلّا خفتني.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : حدّثني محمّد بن عيسى ، أنّ يحيى بن أكثم سأل موسى بن محمّد بن عليّ بن موسى مسائل ، فعرضها على أبي الحسن ـ عليه السّلام ـ.

وأجابها ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : فنزل عليه جبرئيل ـ عليه السّلام ـ فقال له : يا يوسف ، اخرج يدك. فأخرجها ، فخرج من بين أصابعه نور.

فقال يوسف : ما هذا ، يا جبرئيل؟

فقال : هذه النّبوّة أخرجها الله من صلبك ، لأنّك لم تقم إلى أبيك.

فحطّ الله نوره ، ومحى النّبوّة من صلبه وجعلها في ولد لاوي ، أخي يوسف ، وذلك لأنّهم لمّا أرادوا قتل يوسف قال : (لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ) فشكره الله على ذلك ، ولمّا أرادوا أن يرجعوا إلى أبيهم من مصر ، وقد حبس يوسف أخاه ، قال : (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) فشكر الله له ذلك. فكان أنبياء بني إسرائيل من ولد لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ـ [عليه السّلام ـ ، وكان موسى من ولد لاوي (٤) ، وهو موسى بن عمران بن يهصر بن واهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ـ عليه] (٥) السّلام ـ.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٠٩.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : القرطاس.

(٣) تفسير القمّي ١ / ٣٥٦ ـ ٣٥٧.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : من ولده.

(٥) ليس في ب.

٣٨٣

فقال يعقوب لابنه : يا بني ، أخبرني ما فعل بك إخوتك حين أخرجوك من عندي؟

قال : يا أبت ، أعفني من ذلك.

قال : فأخبرني ببعضه.

قال : إنّهم لمّا أدنوني من الجبّ ، قالوا : انزع القميص (١).

فقلت لهم : يا إخوتي ، اتّقوا الله ولا تجرّدوني.

فسلّوا عليّ السّكين ، وقالوا : لئن لم تنزع لنذبحنّك. فنزعت القميص وألقوني في الجبّ عريانا.

قال : فشهق يعقوب شهقة واغمي عليه ، فلمّا أفاق قال : يا بنيّ ، حدثني.

قال : يا أبت ، أسألك بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب إلّا أعفيتني ، فأعفاه.

والحديث طويل يذكر تتمّته.

وفي مجمع البيان (٢) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ وفي تفسير العيّاشيّ (٣) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ ما في معناه.

وفي مجمع البيان (٤) : وروي أنّ يوسف قال ليعقوب : لا تسألني عن صنيع إخوتي ، واسأل عن صنيع الله بي.

(رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ) : بعض الملك ، وهو ملك مصر.

وفي الكافي (٥) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ في حديث يذكر فيه يوسف ـ عليه السّلام ـ : إنّ الله لم يبعث أنبياء ملوكا في الأرض إلّا أربعة.

... إلى أن قال : وأمّا يوسف فملك مصر وبراريّها ، ولم يتجاوزها إلى غيرها.

وفي الكافي (٦) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ في حديث يذكر فيه يوسف ، وفيه : فكان من أمره الّذي كان أن اختار مملكة الملك وما حولها إلى اليمن.

وفي كتاب الخصال (٧) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : إنّ الله لم يبعث الأنبياء ملوكا

__________________

(١) المصدر : قميصك.

(٢) المجمع ٣ / ٢٦٥.

(٣) تفسير العياشي ٢ / ١٩٨ ، ح ٨٦.

(٤) المجمع ٣ / ٢٦٥.

(٥) بل في الخصال ١ / ٢٤٨ ، ح ١١٠. وتفسير نور الثقلين ٢ / ٤٧٣ ، ح ٢٢٢ عنه.

(٦) الكافي ٥ / ٧٠ ، ح ١.

(٧) الخصال ١ / ٢٤٨ ، ح ١١٠.

٣٨٤

في الأرض إلّا أربعة.

... إلى أن قال : وأمّا يوسف فملك مصر وبراريّها ، ولم يتجاوزها إلى غيرها.

(وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) : الكتب. أو الرّؤيا.

و «من» ـ أيضا ـ للتّبعيض ، لأنّه لم يؤت كلّ التّأويل.

وفي كتاب الاحتجاج (١) للطّبرسيّ ـ رضي الله عنه ـ : عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ قال : إنّ يهوديا من يهود الشّام وأحبارهم [جاء إلى مجلس فيه أصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وفيهم عليّ] (٢) قال لأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : فإنّ هذا يوسف قاسى (٣) مرارة الفرقة ، وحبس في السّجن توقّيا للمعصية ، وألقي في الجبّ وحيدا.

فقال له عليّ ـ عليه السّلام ـ : لقد كان كذلك ، ومحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ قاسى مرارة الغربة وفراق الأهل والأولاد والمال ، مهاجرا (٤) من حرم الله ـ تعالى ـ وأمنه. فلمّا رأى الله ـ عزّ وجلّ ـ كآبته (٥) واستشعاره الحزن أراه ـ تبارك وتعالى ـ رؤيا توازي رؤيا يوسف في تأويلها ، وأبان للعالمين صدق تحقيقها ، فقال : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ) (٦).

ولئن كان يوسف حبس في السّجن ، فلقد حبس رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ نفسه في الشّعب ثلاث سنين ، وقطع منه أقاربه وذووا الرّحم وألجأوه إلى أضيق (٧) المضيق ، ولقد كادهم الله ـ عزّ وجلّ ـ كيدا مستبينا إذ بعث أضعف خلقه فأكد عهدهم الّذي كتبوه بينهم في قطيعة رحمه (٨).

ولئن كان يوسف القي في الجبّ ، فلقد حبس محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ نفسه مخافة عدوّه في الغار حتّى قال لصاحبه : (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) (٩) ومدحه الله بذلك في كتابه.

__________________

(١) الاحتجاج ١ / ٣١٤ ـ ٣٢٠.

(٢) من المصدر.

(٣) قاسى : تحمّل.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : فهاجر.

(٥) الكآبة : الغمّ والحزن.

(٦) الفتح / ٢٧.

(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : الضيق.

(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : «قطيعته» بدل «قطيعة رحمه».

(٩) التوبة / ٤٠.

٣٨٥

وفي روضة الكافي (١) : عليّ ، عن أبيه ، عن الحسن بن عليّ ، عن أبي جعفر الصّائغ ، عن محمّد بن مسلم قال : دخلت على أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ وعنده أبو حنيفة ، فقلت له : جعلت فداك ، رأيت رؤيا عجيبة.

فقال له : يا ابن مسلم ، هاتها ، فإنّ العالم بها جالس ـ وأومأ بيده إلى أبي حنيفة ـ.

قال : فقلت : رأيت كأنّي دخلت داري ، وإذا أهلي قد خرجت عليّ ، فكسرت جوزا كثيرا ونثرته عليّ ، فتعجّبت من هذه الرّؤيا.

فقال أبو حنيفة : أنت رجل تخاصم وتجادل لئاما في مواريث أهلك ، فبعد نصب شديد تنال حاجتك منها ـ إن شاء الله تعالى ـ.

فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أصبت ، والله ، يا أبا حنيفة.

قال : ثمّ خرج أبو حنيفة من عنده ، فقلت : جعلت فداك ، إنّي كرهت تعبير هذا النّاصب.

فقال : يا ابن مسلم ، لا يسوؤك الله ، فما يواطئ تعبيرهم تعبيرنا ولا تعبيرنا تعبيرهم ، وليس التّعبير كما عبّره.

قال : فقلت له : جعلت فداك ، فقولك : «أصبت» وتحلف عليه وهو مخطئ؟

قال : نعم ، حلفت عليه أنّه أصاب (٢) الخطأ.

قال : قلت : فما تأويلها؟

قال : يا ابن مسلم ، إنّك تتمتّع بامرأة فتعلم بها أهلك فتمزّق عليك (٣) ثيابا جددا ، فإن القشر كسوة اللّبّ.

قال ابن مسلم : فو الله ، ما كان بين تعبيره وتصحيح الرّؤيا إلّا صبيحة الجمعة ، فلمّا كان غداة الجمعة أنا جالس بالباب إذ مرّت بي جارية فأعجبتني ، فأمرت غلامي فردّها ثمّ أدخلها داري ، فتمتّعت بها ، فأحسّت بي وعلمت بها أهلي ، فدخلت علينا البيت فبادرت الجارية نحو الباب وبقيت أنا ، فمزّقت عليّ ثيابا [جددا] (٤) كنت ألبسها في الأعياد.

__________________

(١) الكافي ٨ / ٢٩٢ ، ح ٤٤٧.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : «أنّه صاحب» بدل «عليه أنّه أصاب».

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : «فتخرق عليها».

(٤) كذا في المصدر.

٣٨٦

وجاء موسى الزّوّار العطّار إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ فقال له : يا ابن رسول الله ، رأيت رؤيا هالتني ، رأيت صهرا لي ميّتا وقد عانقني ، وقد خفت أن يكون الأجل قد اقترب.

فقال : يا موسى ، توقّع الموت صباحا ومساء فإنّه ملاقينا ، ومعانقة الأموات للأحياء أطول لأعمارهم ، فما كان اسم صهرك؟

قال : حسين.

فقال : أمّا إنّ (١) رؤياك تدلّ على بقائك وزيارتك أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ فإنّ كلّ من عانق سمّي الحسين ـ عليه السّلام ـ يزوره ـ إن شاء الله ـ.

(فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : مبدعهما.

وانتصابه على أنّه صفة المنادى ، أو منادى برأسه.

(أَنْتَ وَلِيِّي) : ناصري ، أو متولّي أمري.

(فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) : أو الّذي يتولّاني بالنّعمة فيهما.

(تَوَفَّنِي مُسْلِماً) : اقبضني مسلما.

(وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (١٠١) : من آبائي. أو بعامّة الصّالحين في الرّتبة والكرامة.

وفي تفسير العيّاشيّ (٢) : عن عبّاس بن يزيد قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : بينا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ جالس في أهل بيته إذ قال : أحبّ يوسف أن يستوثق (٣) لنفسه.

قال : فقيل : بماذا ، يا رسول الله؟

قال : لمّا عزل (٤) له عزيز مصر [عن مصر] (٥) ، لبس ثوبين جديدين ، أو قال : نظيفين ، وخرج إلى فلاة من الأرض ، فصلّى ركعات. فلمّا فرغ رفع رأسه إلى السّماء ، فقال : يا (٦) (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ).

__________________

(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : أنّك.

(٢) تفسير العياشي ٢ / ١٩٩ ، ح ٨٩.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : يدعون.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : عجل.

(٥) من المصدر.

(٦) ليس في المصدر.

٣٨٧

قال : فهبط إليه جبرئيل فقال له : [يا يوسف] (١) ما حاجتك؟

فقال : (تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ).

فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : خشي الفتن (٢).

وفي كمال الدّين وتمام النّعمة (٣) : عن الصّادق ، عن أبيه ، عن جدّه ـ عليهم السّلام ـ ، عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : عاش يعقوب بن إسحاق مائة وأربعين سنة ، وعاش يوسف بن يعقوب مائة وعشرين سنة.

وفي مجمع البيان (٤) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ قال : دخل يوسف السّجن وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، ومكث فيه ثماني عشرة سنة ، وبقي بعد خروجه ثمانين سنة ، فذلك مائة سنة وعشر سنين.

وعن الباقر (٥) ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل : كم عاش يعقوب مع يوسف بمصر؟

قال : عاش حولين.

قيل : فمن كان الحجّة لله في الأرض ، يعقوب أم يوسف؟

قال : كان يعقوب [الحجّة] (٦) ، وكان الملك ليوسف. فلمّا مات يعقوب حمله يوسف في تابوت إلى أرض الشّام ، فدفنه (٧) في بيت المقدس ، فكان يوسف بعد يعقوب الحجّة.

قيل (٨) : فكان يوسف رسولا نبيّا؟

قال : نعم ، أما تسمع قوله : (وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ).

وفي تفسير العيّاشيّ (٩) : عنه ـ عليه السّلام ـ ما يقرب منه.

وفي من لا يحضره الفقيه (١٠) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : أنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ أوحى إلى موسى بن عمران : أن أخرج عظام يوسف ـ عليه السّلام ـ من مصر. ووعده طلوع

__________________

(١) من المصدر.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : العين.

(٣) كمال الدين ٢ / ٥٢٣ ، ح ١.

(٤) المجمع ٣ / ٢٦٦.

(٥) المجمع ٣ / ٢٦٦.

(٦) من المصدر.

(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : فدفن.

(٨) المصدر : قلت.

(٩) تفسير العياشي ٢ / ١٩٨ ، ح ٨٧.

(١٠) الفقيه ١ / ١٢٣.

٣٨٨

القمر (١) ، فأبطأ [طلوع] (٢) القمر [عليه] (٣) ، فسأل عمّن يعلم موضعه ، فقيل له : ها هنا عجوز تعلم [علمه] (٤). فبعث إليها ، فاتي بعجوز مقعدة عمياء.

فقال : تعرفين قبر يوسف ـ عليه السّلام ـ؟

قالت : نعم.

قال : فأخبريني بموضعه.

فقالت : لا أفعل حتّى تعطيني خصالا ، تطلق رجلي ، وتعيد إليّ بصري ، وتردّ إليّ شبابي ، وتجعلني معك في الجنّة.

فكبر ذلك على موسى ، فأوحى الله إليه : إنّما تعطي عليّ ، فأعطها ما سألت. ففعل ، فدلّته على قبر يوسف ـ عليه السّلام ـ واستخرجته من شاطئ النّيل في صندوق مرمر. فلمّا أخرجه طلع القمر ، فحمله إلى الشّام ، فلذلك يحمل أهل الكتاب موتاهم إلى الشّام. وهو يوسف بن يعقوب ـ عليه السّلام ـ وما ذكر الله ـ عزّ وجلّ ـ في القرآن غيره.

وفي روضة الكافي (٥) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن بريد (٦) الكنّاسيّ ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ كان نزل على رجل بالطّائف قبل الإسلام ، فأكرمه. فلمّا أن بعث الله محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى النّاس قيل للرّجل : أتدري من الّذي أرسله الله ـ عزّ وجلّ ـ إلى النّاس؟

قال : لا.

قالوا : هو محمّد بن عبد الله ، يتيم أبي طالب ، وهو الّذي كان نزل [بك] (٧) بالطّائف يوم كذا وكذا ، فأكرمته.

قال : فقدم الرّجل على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فسلّم عليه وأسلم ، ثمّ قال له : تعرفني ، يا رسول الله؟

قال : ومن أنت؟

قال : أنا ربّ المنزل الّذي نزلت به بالطّائف في الجاهليّة يوم كذا وكذا ،

__________________

(١) ليس في أ.

(٢ و ٣ و ٤) من المصدر.

(٥) الكافي ٨ / ١٥٥ ، ح ١٤٤.

(٦) المصدر : يزيد.

(٧) من المصدر.

٣٨٩

فأكرمتك.

فقال له رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : مرحبا بك ، سل حاجتك.

فقال : أسألك مائتي شاة برعاتها.

فأمر له رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بما سأل ، ثمّ قال لأصحابه : ما كان على هذا الرّجل أن يسألني سؤال عجوز بني إسرائيل لموسى؟

فقالوا : وما سألت عجوز بني إسرائيل لموسى؟

فقال : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ أوحى إلى موسى : أن أحمل عظام يوسف من مصر من قبل أن تخرج منها إلى الأرض المقدّسة بالشّام. فسأل موسى عن قبر يوسف ـ عليه السّلام ـ فجاءه شيخ فقال : إن كان أحد يعرف قبره ففلانة. فأرسل موسى ـ عليه السّلام ـ إليها ، فلمّا جاءته قال : تعلمين موضع قبر يوسف ـ عليه السّلام ـ؟

قالت : نعم.

قال : فدلّيني عليه ، ولك ما سألت.

قالت : لا أدلّك عليه إلّا بحكمي.

قال : فلك الجنّة.

قالت : لا ، إلّا بحكمي عليك.

فأوحى الله ـ عزّ وجلّ ـ إلى موسى : لا يكبر عليك أن تجعل لها حكمها.

فقال موسى : فلك حكمك.

قالت : فإنّ حكمي أن أكون معك في درجتك الّتي تكون فيها يوم القيامة في الجنّة.

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ما كان على هذا لو سألني ما سألت عجوز بني إسرائيل.

وفي كتاب علل الشّرائع (١) ، بإسناده إلى عبد الله بن المغيرة : عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : استأذنت زليخا على يوسف.

فقيل لها : إنا نكره أن نقدم بك عليه ، لما كان منك إليه.

قالت : إنّي لا أخاف من يخاف الله.

__________________

(١) العلل ١ / ٥٥ ، ح ١.

٣٩٠

فلمّا دخلت قال لها : يا زليخا ، ما لي أراك قد تغيّر لونك؟

قالت : الحمد لله الّذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيدا ، وجعل العبيد بطاعتهم ملوكا.

فقال لها : ما الّذي دعاك [يا زليخا] (١) إلى ما كان منك؟

قالت : حسن وجهك ، يا يوسف.

فقال : كيف لو رأيت نبيّا يقال له : محمّد ، يكون (٢) في آخر الزّمان ، أحسن منّي وجها ، وأحسن منّي خلقا ، وأسمح منّي كفّا؟

قالت : صدقت.

قال : وكيف علمت أنّي صدقت؟

قالت : لأنّك حين ذكرته وقع حبّه في قلبي.

فأوحى الله ـ عزّ وجلّ ـ إلى يوسف : أنّها قد صدّقت ، وأنّي قد أحببتها لحبّها محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ. فأمره الله ـ تبارك وتعالى ـ أن يتزوّجها.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : حدّثني محمّد بن عيسى ، أنّ يحيى بن أكثم سأل موسى بن محمّد بن عليّ بن موسى مسائل ، فعرضها على أبي الحسن ، فكانت إحداها (٤) : أخبرني عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً). وقد سبق أكثر الحديث عند هذه الآية ، ويتّصل بآخر ما سبق قال : ولمّا مات العزيز (٥) في السّنين المجدبة افتقرت امرأة العزيز ، واحتاجت حتّى سألت [النّاس] (٦).

فقالوا لها (٧) : لو قعدت للعزيز. وكان يوسف سمّي بالعزيز ، وكلّ ملك كان لهم سمّي بهذا الاسم.

فقالت : أستحيي منه. فلم يزالوا بها حتّى قعدت له [على الطريق] (٨) فأقبل يوسف في موكبه ، فقامت إليه فقالت : سبحان الّذي (٩) جعل الملوك بالمعصية عبيدا ،

__________________

(١) من المصدر.

(٢) ليس في أ ، ب.

(٣) تفسير القمّي ١ / ٣٥٧.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : وكان أحدها.

(٥) المصدر : زيادة «وذلك».

(٦) من المصدر.

(٧) المصدر : «ما يضرّك» بدل «لها».

(٨) من المصدر.

(٩) المصدر : من.

٣٩١

وجعل العبيد بالطّاعة ملوكا.

فقال لها يوسف : أنت هاتيك (١)؟

فقالت : نعم. وكان اسمها زليخا.

قال : هل لك فيّ؟

قالت : دعني بعد ما كبرت ، أتهزأ بي؟

قال : لا.

قالت : نعم.

فأمر بها فحوّلت إلى منزله ، وكانت هرمة ، فقال لها : ألست فعلت بي كذا وكذا؟

فقالت : يا نبيّ الله ، لا تلمني ، فإنّي بليت ببليّة لم يبتل بها أحد.

قال : وما هي؟

قالت : بليت بحبّك ولم يخلق الله لك في الدّنيا نظيرا ، وبليت [بحسني] (٢) بأنّه لم يكن بمصر امرأة أجمل منّي ولا أكثر مالا منّي نزع عنّي مالي وذهب عنّي جمالي (٣) ، وبليت بزوج عنّين.

فقال لها يوسف : فما حاجتك (٤)؟

فقالت : تسأل الله أن يردّ عليّ شبابي. فسأل الله ، فردّ عليها شبابها ، فتزوّجها وهي بكر.

وفي أمالي شيخ الطّائفة (٥) ـ قدّس سرّه ـ بإسناده إلى أبي جعفر ، محمّد بن عليّ الباقر ـ عليهما السّلام ـ قال : لمّا أصابت امرأة العزيز الحاجة ، قيل لها : لو أتيت يوسف بن يعقوب ـ عليهما السّلام ـ.

فشاورت في ذلك ، فقيل لها : إنّا نخافه عليك.

قالت : كلّا ، إنّي لا أخاف من يخاف الله. فلمّا ادخلت (٦) عليه ، فرأته في ملكه

__________________

(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : مليك.

(٢) من المصدر.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : «فنزعا منّي» بدل «نزع عنّي مالي وذهب عنّي جمالي».

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : تريدين.

(٥) أمالي الطوسي ٢ / ٧١ ـ ٧٢.

(٦) أ ، ب : دخلت.

٣٩٢

قالت : الحمد لله الّذي جعل العبيد ملوكا بطاعته ، وجعل الملوك عبيدا بمعصيته. فتزوّجها ، فوجدها بكرا.

فقال : أليس هذا أحسن ، أليس هذا أجمل؟

فقالت : إنّي كنت بليت منك بأربع خصال : كنت أجمل أهل زماني ، وكنت أجمل أهل زمانك ، وكنت بكرا ، وكان زوجي عنّينا.

(ذلِكَ) : إشارة إلى ما ذكر من أنباء يوسف ، والخطاب فيه للرّسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ. وهو مبتدأ (مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ) خبران له.

(وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ) (١٠٢) ، كالدّليل عليها.

والمعنى : أنّ هذا النّبأ غيب لم تعرفه إلّا بالوحي ، لأنّك لم تحضر إخوة يوسف حين عزموا على ما همّوا به ، من أن يجعلوه في غيابة الجبّ ، وهم يمكرون به وبأبيه ليرسله معهم. ومن المعلوم الّذي لا يخفى على مكذّبيك ، أنّك ما لقيت أحدا سمع ذلك فتعلّمته منه. وإنّما حذف هذا الشّقّ استغناء بذكره في غير هذه القصّة ، كقوله : (ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا).

(وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ) : على إيمانهم وبالغت في إظهار الآيات عليهم.

(بِمُؤْمِنِينَ) (١٠٣) : لعنادهم وتصميمهم على الكفر.

(وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ) : على الأنباء والقرآن.

(مِنْ أَجْرٍ) : جعل ، كما يفعله حملة الأخبار.

(إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ) : عظة من الله.

(لِلْعالَمِينَ) (١٠٤) : عامّة.

(وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ) : وكم من آية (١).

والمعنى : وكأيّ عدد من الدّلائل الدّالة على وجود الصّانع وحكمته وكمال قدرته وتوحيده.

(فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها) : على الآيات ويشاهدونها.

(وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ) (١٠٥) : لا يتفكّرون فيها ، ولا يعتبرون بها.

__________________

(١) ليس في أ ، ب ، ر : وكم من آية.

٣٩٣

وقرئ (١) : «والأرض» بالرّفع ، على أنّه مبتدأ خبره «يمرّون» ، فيكون لها الضّمير في «عليها». وبالنّصب ، على ويطئون الأرض.

وقرئ (٢) : «والأرض يمشون عليها» ، أي : يتردّدون فيها فيرون آثار الأمم الهالكة.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : قال : «الآيات» الكسوف والزّلزلة والصّواعق.

(وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ) ، أي : في إقرارهم بوجوده وخالقيّته.

(إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (١٠٦) :

في تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : قال : حدّثنا أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن موسى بن بكر ، عن الفضيل ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : شرك طاعة وليس شرك عبادة ، والمعاصي الّتي يرتكبون فهي شرك طاعة أطاعوا فيها الشّيطان فأشركوا بالله في الطّاعة لغيره ، وليس بإشراك عبادة أن يعبدوا غير الله.

وفي كتاب التّوحيد (٥) ، بإسناده إلى حنان بن سدير : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، يقول فيه : وله (٦) الأسماء الحسنى الّتي لا يسمّى بها غيره ، وهي الّتي وصفها في الكتاب فقال : (فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ) جهلا بغير علم. فالّذي يلحد في أسمائه بغير علم يشرك وهو لا يعلم ، ويكفر به وهو يظنّ أنّه يحسن ، فلذلك قال : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) فهم الّذين يلحدون في أسمائه بغير علم ويضعونها غير مواضعها.

وفي أصول الكافي (٧) : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن سماعة ، عن أبي بصير وإسحاق بن عمّار ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ ـ إلى قوله ـ مُشْرِكُونَ).

قال : يتبع الشّيطان من حيث لا يعلم فيشرك.

عليّ بن إبراهيم (٨) ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس [عن] (٩) ابن بكير ، عن ضريس ، عن أبي عبد الله ـ (عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ) (الآية) قال : [شرك طاعة وليس شرك عبادة] (١٠).

__________________

(١ و ٢) أنوار التنزيل ١ / ٥١٠.

(٣) تفسير القمّي ١ / ٣٥٨.

(٤) تفسير القمّي ١ / ٣٥٨.

(٥) التوحيد / ٣٢٤ ، ح ١.

(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : وأمّا.

(٧) الكافي ٢ / ٣٩٧ ، ح ٣.

٣٩٤

[عن زرارة (١) ، قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن قول الله (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) قال :] (٢) من ذلك قول الرّجل : لا ، وحياتك.

عن محمّد بن الفضيل (٣) ، عن الرّضا ـ) (٤) عليه السّلام ـ قال : شرك لا يبلغ به الكفر.

أبو بصير (٥) ، عن أبي إسحاق قال : هو قول الرّجل : لو لا الله وأنت ما فعل بي كذا وكذا ، ولو لا الله وأنت ما صرف عنّي كذا وكذا ، وأشباه ذلك.

عن مالك بن عطيّة (٦) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله : (وَما يُؤْمِنُ ـ إلى قوله ـ وَهُمْ مُشْرِكُونَ) قال : هو الرّجل يقول : لو لا فلان لهلكت ، ولو لا فلان لأصبت كذا وكذا ، ولو لا فلان لضاع عيالي. ألا ترى أنّه قد جعل لله شريكا في ملكه يرزقه ويدفع عنه؟

قال : قلت : فيقول : لو لا أن منّ الله عليّ بفلان لهلكت؟

قال : نعم ، لا بأس بهذا.

عن زرارة (٧) وحمران ومحمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ قالوا : سألناهما.

فقالا : شرك النّعم.

وفي مجمع البيان (٨) : اختلف في معناه على أقوال :

أحدها : أنّهم مشركوا قريش ، كانوا يقرّون بالله خالقا ومحييا ومميتا ويعبدون الأصنام ويدعونها آلهة ، مع أنّهم كانوا يقولون : الله ربّنا وإلهنا يرزقنا ، وكانوا مشركين بذلك.

وثانيها : أنّها نزلت في مشركي العرب ، إذ سئلوا : من خلق السّماوات والأرض وينزّل القطر (٩)؟ قالوا : الله ، ثمّ هم يشركون. وكانوا يقولون في تلبيتهم : لبيك لا شريك

__________________

(٨) نفس المصدر والموضع ، ح ٤.

(٩ و ١٠) من المصدر.

(١) تفسير العياشي ٢ / ١٩٩ ، ح ٩٠.

(٢) من المصدر.

(٣) نفس المصدر والموضع ، ح ٩٢.

(٤) ما بين القوسين ليس في ب.

(٥) نفس المصدر والموضع ، ح ٩٤.

(٦) تفسير العياشي ٢ / ٢٠٠ ، ح ٩٦.

(٧) تفسير العياشي ٢ / ٢٠٠ ، ح ٩٦.

(٨) المجمع ٣ / ٢٦٧ ـ ٢٦٨.

(٩) أ ، ب : المطر.

٣٩٥

لك ، إلّا شريك هو لك تملكه وما ملك.

وثالثها : أنّهم أهل الكتاب ، آمنوا بالله واليوم الآخر والتّوراة والإنجيل ، ثمّ أشركوا بإنكار القرآن وإنكار نبوّة نبيّنا ـ صلّى الله عليه وآله ـ. [عن الحسن] (١). وهذا القول مع ما تقدّمه رواه دارم بن قبيصة ، عن عليّ بن موسى الرّضا ، عن أبيه ، عن جدّه ، أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ.

ورابعها : أنّهم المنافقون ، يظهرون الإيمان ويشركون في السّرّ.

وخامسها : أنّهم المشبّهة ، آمنوا في الجملة وأشركوا في التّوحيد.

وسادسها : أنّ المراد بالإشراك : شرك الطّاعة لا [شرك] (٢) العبادة. عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ.

(أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ) : عقوبة تغشاهم وتشملهم.

(أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً) : فجأة من غير سابقة علامة.

(وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (١٠٧) : بإتيانها ، غير مستعدّين لها.

(قُلْ هذِهِ سَبِيلِي) ، يعني : الدّعوة إلى التّوحيد ، والإعداد للمعاد. ولذلك فسّر السّبيل بقوله : (أَدْعُوا إِلَى اللهِ).

وقيل (٣) : هو حال من الياء (٤).

(عَلى بَصِيرَةٍ) : بيان وحجّة واضحة ، غير عمياء (أَنَا) : تأكيد للمستتر في «أدعو» أو «على بصيرة» (٥) ، لأنّه حال منه. أو مبتدأ خبره «على بصيرة».

(وَمَنِ اتَّبَعَنِي) : عطف عليه.

وفي أصول الكافي (٦) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الأحول ، عن سلام بن المستنير ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : ذلك رسول الله ـ صلّى الله عليه

__________________

(١) من المصدر.

(٢) من المصدر.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٥١٠.

(٤) أي ياء المتكلّم الّذي يضاف إليه «سبيل». ولعلّه باعتبار أنه مفعول مصدر مقدّر ، أي : سبيل سلوك.

(٥) لأنّ تقديره : أدعو كائنا على بصيرة فيكون فاعل الظرف ضمير المتكلّم المستقرّ.

(٦) الكافي ١ / ٤٢٥ ، ح ٦٦.

٣٩٦

وآله ـ وأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ والأوصياء من بعدهم.

عليّ بن إبراهيم (١) ، عن أبيه قال : قال عليّ بن حسّان لأبي جعفر الجواد : يا سيّدي ، إنّ النّاس ينكرون عليك حداثة سنّك.

قال : وما ينكرون؟ ذلك قول الله ـ عزّ وجلّ ـ ، لقد قال لنبيّه : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي) (الآية) فو الله ما تبعه إلّا عليّ ـ عليه السّلام ـ وله تسع سنين ، فأنا ابن تسع سنين.

وفي روضة الواعظين (٢) : قال الباقر ـ عليه السّلام ـ : (قُلْ هذِهِ ـ إلى قوله ـ وَمَنِ اتَّبَعَنِي) قال : عليّ اتّبعه.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله : (قُلْ هذِهِ ـ إلى قوله ـ وَمَنِ اتَّبَعَنِي) ، يعني : نفسه ، ومن تبعه ، [يعني] (٤) عليّ بن أبي طالب وآل محمّد ـ صلّى الله عليه وعليهم أجمعين ـ.

وفي الكافي (٥) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم بن يزيد ، عن أبي عمرو الزّبيريّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قلت له : أخبرني عن الدّعاء إلى الله والجهاد في سبيله ، أهو لقوم لا يحلّ إلّا لهم ولا يقوم به إلّا من كان منهم ، أم هو مباح لكلّ من وحّد الله ـ عزّ وجلّ ـ وآمن برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، ومن كان كذا فله أن يدعو إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ إلى طاعته وأن يجاهد في سبيله؟

فقال : ذلك لقوم لا يحلّ إلّا لهم ، ولا يقوم بذلك إلّا من كان منهم.

قلت : من أولئك؟

قال : من قام بشرائط الله ـ عزّ وجلّ ـ في القتال والجهاد على المجاهدين ، فهو المأذون له في الدّعاء إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ. ومن لم يكن قائما بشرائط الله ـ عزّ وجلّ ـ في الجهاد على المجاهدين ، فليس بمأذون له في الجهاد ولا الدّعاء إلى الله ، حتّى يحكّم في نفسه ما أخذ الله عليه من شرائط الجهاد.

قلت : فبيّن لي ، يرحمك الله.

قال : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ أخبر في كتابه الدّعاء إليه ، ووصف الدّعاة إليه.

__________________

(١) الكافي ١ / ٣٨٤ ، ح ٨.

(٢) روضة الواعظين ١ / ١٠٥.

(٣) تفسير القمّي ١ / ٣٥٨.

(٤) من المصدر.

(٥) الكافي ٥ / ١٣ ، ح ١.

٣٩٧

... إلى أن قال : ثمّ أخبر عن هذه الأمّة ، وممّن هي ، وأنّها من ذريّة إبراهيم ومن ذريّة إسماعيل ، من سكّان الحرم ، ممّن لم يعبدوا غير الله قطّ ، والّذين وجبت لهم الدّعوة دعوة إبراهيم وإسماعيل ، من أهل المسجد الّذين أخبر عنهم في كتابه أنّه أذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا ، الّذين وصفناهم قبل هذا في صفة أمّة إبراهيم ـ عليه السّلام ـ ، الّذين عناهم الله ـ تبارك وتعالى ـ في قوله : (أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) ، يعني : أوّل من اتّبعه على الإيمان به والتّصديق له وبما جاء به من عند الله ـ عزّ وجلّ ـ من الأمّة الّتي بعث فيها ومنها وإليها قبل الخلق ، ممّن لم يشرك بالله قطّ ، ولم يلبس إيمانه بظلم ، وهو الشّرك. والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي تهذيب الأحكام (١) ، في الدّعاء بعد صلاة يوم الغدير المسند إلى الصّادق ـ عليه السّلام ـ : ربّنا آمنا ، واتّبعنا مولانا ووليّنا وهادينا وداعينا ، وداعي الأنام وصراطك المستقيم السّويّ ، وحجّتك وسبيلك الدّاعي إليك على بصيرة ، هو ومن اتّبعه ، وسبحان الله عمّا يشركون بولايته وبما يلحدون وباتّخاذ الولائج دونه.

(وَسُبْحانَ اللهِ) : وأنزّهه تنزيها من الشّركاء.

(وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٠٨) : عطف على سبيل التّفسير.

وفي أصول الكافي (٢) : عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن هشام بن الحكم قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن (سُبْحانَ اللهِ).

فقال : أنفة لله (٣).

أحمد بن مهران (٤) ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنيّ ، عن عليّ بن أسباط ، عن سليمان ، مولى طربال ، عن هشام الجواليقيّ قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله : (سُبْحانَ اللهِ) ما يعني به؟

قال : تنزيهه (٥).

__________________

(١) التهذيب ٣ / ١٤٥ ، ح ٣١٧.

(٢) الكافي ١ / ١١٨ ، ح ١٠.

(٣) يعني : تنزيه لذاته الأحديّة عن كلّ ما لا يليق بجنابه. يقال : أنف من الشيء : إذا استنكف عنه وكرهه وشرف نفسه عنه قاله في الوافي.

(٤) الكافي ١ / ١١٨ ، ح ١١.

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : تنزيه.

٣٩٨

وفي الكافي (١) : عليّ ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة [عن هشام بن الحكم] (٢) قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : ما تفسير (سُبْحانَ اللهِ)؟

قال : أنفة لله. أما ترى الرّجل إذا عجب من الشّيء قال : سبحان الله.

(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً) : ردّ لقولهم : (لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً).

وقيل (٣) : معناه : نفي استنباء النّساء.

(نُوحِي إِلَيْهِمْ) ، كما أوحي إليك ، وتميّزوا بذلك عن غيرهم.

وقرأ (٤) حفص : «نوحي» في كلّ القرآن ، ووافقه حمزة والكسائي في الحرف الثّاني في سورة الأنبياء.

وحمزة والكسائي يميلانه على أصلها ها هنا ، وفي النّحل ، والأوّل من سورة الأنبياء.

(مِنْ أَهْلِ الْقُرى) : لأنّ أهلها أعلم وأحلم من أهل البدو.

وفي عيون الأخبار (٥) : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) ، يعني : إلى الخلق. (إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) فأخبر أنّه لم يبعث الملائكة إلى الأرض ليكونوا أئمّة أو حكّاما ، وإنّما أرسلوا (٦) إلى أنبياء الله.

(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) : من المكذّبين بالرّسل والآيات ، فيحذروا تكذيبك. أو من المشغوفين بالدّنيا المتهالكين عليها ، فيقلعوا عن حبّها ويزهدوا فيها.

(وَلَدارُ الْآخِرَةِ) : ولدار الحال ، أو السّاعة ، أو الحياة الآخرة.

(خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) : الشّرك والمعاصي.

(أَفَلا تَعْقِلُونَ) (١٠٩) : يستعملون عقولهم ليعرفوا أنّها خير.

وقرأ (٧) نافع وابن عامر وعاصم ويعقوب ، بالتّاء ، حملا على قوله : «قل هذه سبيلي» [أي قل لهم : أفلا تعقلون] (٨).

__________________

(١) الكافي ٣ / ٣٢٩ ، ح ٥.

(٢) من المصدر.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٥١٠.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ٥١٠.

(٥) العيون ١ / ٢٧٠.

(٦) المصدر : إنّما كانوا أرسلوا.

(٧) أنوار التنزيل ١ / ٥١١.

(٨) من المصدر.

٣٩٩

(حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ) : غاية محذوف دلّ عليه الكلام ، أي : لا يغررهم تمادي أيّامهم ، فإنّ من قبلهم أمهلوا حتّى أيس الرّسل عن النّصر عليهم في الدّنيا.

أو عن إيمانهم ، لانهماكهم في الكفر مترفّهين متمادين فيه من غير وازع.

(وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) ، أي : كذّبتهم أنفسهم حين حدّثتهم بأنّهم ينصرون.

أو كذّبهم القوم بوعد الإيمان.

وقيل (١) : الضّمير للمرسل إليهم ، أي : وظنّ المرسل إليهم أنّ الرّسل قد كذّبوهم بالدّعوة والوعيد.

وقيل (٢) : الأوّل للمرسل إليهم. والثّاني للرّسل ، أي : وظنّوا أنّ الرّسل قد كذبوا وأخلفوا فيما وعد لهم من النّصر ، وخلط الأمر عليهم.

وفي الجوامع (٣) : أنّ قراءة التّخفيف قراءة أئمّة الهدى ـ عليهم السّلام ـ.

وقرأ (٤) غير الكوفيّين ، بالتّشديد ، أي : وظنّ الرّسل أنّ القوم قد كذّبوهم فيما أوعدوهم.

وقرئ (٥) : «كذبوا» بالتّخفيف وبناء الفاعل ، أي : أنّهم قد كذبوا فيما حدّثوا به عند قومهم لما تراخى عنهم ولم يروا له أثرا.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) : حدّثني أبي ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : وكلهم الله إلى أنفسهم ، فظنّوا أنّ الشّياطين قد تمثّلت لهم في صورة الملائكة.

وفي تفسير العيّاشيّ (٧) : عن ابن شعيب (٨) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : وكلهم [الله] (٩) إلى أنفسهم أقلّ من طرفة عين.

عن زرارة (١٠) قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : كيف لم يخف رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فيما يأتيه من قبل الله ، أن يكون ذلك ما ينزغ به الشّيطان؟

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٥١١.

(٢) نفس المصدر والموضع.

(٣) الجوامع / ٢٢٤.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ٥١١.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ٥١١.

(٦) تفسير القمّي ١ / ٣٥٨.

(٧) تفسير العياشي ٢ / ٢٠١ ، ح ١٠٣.

(٨) ب : أبي شعيب.

(٩) من المصدر.

(١٠) نفس المصدر والموضع.

٤٠٠