تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٦

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٦

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٨٥

قيل (١) : رأى ملك الموت في المنام فسأله عنه ، فقال : هو حيّ.

وقيل (٢) : علم من رؤيا يوسف أنّه لا يموت حتّى يخرّ له إخوته سجّدا.

وسيأتي في الخبر : أنّه نزل عليه ملك الموت فسأله عنه.

وفي تفسير العيّاشيّ (٣) : الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ [يقول : (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ) منصوبة.

عن إسماعيل بن جابر (٤) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ] (٥) ، قال : إنّ يعقوب أتى ملكا يسأله الحاجة. فقال له الملك : أنت إبراهيم؟

قال : لا.

قال : وأنت إسحاق بن إبراهيم؟

قال : لا.

قال : فمن أنت؟

قال : يعقوب بن إسحاق.

قال : فما بلغ ما أرى بك مع حداثة السّن؟

قال : الحزن على يوسف.

قال : لقد بلغ بك الحزن ، يا يعقوب ، كلّ مبلغ.

فقال : إنّا ، معاشر الأنبياء أسرع شيء البلاء إلينا ، ثمّ الأمثل فالأمثل من النّاس.

فقضى حاجته ، فلمّا جاوز صغير بابه هبط إليه جبرئيل فقال : يا يعقوب ، ربّك يقرئك السّلام ويقول لك : شكوتني إلى النّاس؟

فعفّر وجهه بالتّراب وقال : يا ربّ ، زلّة أقلنيها فلا أعود بعد هذا أبدا.

ثمّ عاد إليه جبرئيل ، فقال : يا يعقوب ، ارفع رأسك ، ربّك يقرئك السّلام ويقول لك : قد أقلتك فلا تعود تشكوني إلى خلقي. فما رئي (٦) ناطقا بكلمة ممّا كان فيه

__________________

(١) تفسير العياشي ٢ / ١٩٠ ح ٦٤ وأنوار التنزيل ١ / ٥٠٦.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٠٦.

(٣) تفسير العياشي ٢ / ١٨٩ ، ح ٦٣.

(٤) نفس المصدر والموضع ، ح ٦١.

(٥) من المصدر.

(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : رأى.

٣٦١

حتّى أتاه (١) بنوه فضرب وجهه إلى الحائط وقال : (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي) (الآية).

وفي حديث آخر (٢) عنه : جاء يعقوب إلى نمرود في حاجة ، فلمّا رآه وثب عليه ، وكان أشبه النّاس بإبراهيم ، فقال له : أنت إبراهيم خليل الرّحمن؟

قال : لا. (الحديث).

وفي كتاب معاني الأخبار (٣) ، بإسناده إلى ابن معاوية (٤) الأشتر قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : من شكا إلى مؤمن فقد شكا إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٥) : عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ومن شكا مصيبة نزلت به فإنّما يشكو ربّه.

وفي نهج البلاغة (٦) : قال ـ عليه السّلام ـ : ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فقد أصبح (٧) يشكو ربّه.

وفي مجمع البيان (٨) : (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ) وروي عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، أنّ جبرئيل أتاه ، فقال : يا يعقوب ، إنّ الله يقرأ عليك السّلام ويقول : أبشر وليفرح قلبك ، فو عزّتي ، لو كانا ميّتين لنشرتهما لك ، اصنع طعاما للمساكين فإنّ أحبّ عبادي إليّ المساكين ، او تدري لم أذهبت بصرك وقوّست ظهرك؟ لأنّكم ذبحتم شاة وأتاكم فلان (٩) المسكين ، وهو صائم ، فلم تطعموه شيئا. فكان يعقوب بعد (١٠) ذلك إذا أراد الغداء أمر مناديا فنادى : ألا من أراد الغداء من المساكين فليتغدّ مع يعقوب. وإذا كان صائما أمر مناديا ينادي [ألا] (١١) من كان صائما فليفطر مع يعقوب. رواه الحاكم ، أبو عبد الله في صحيحه.

وفي أصول الكافي (١٢) : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن

__________________

(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : حصل.

(٢) تفسير العياشي ٢ / ١٨٩ ، ح ٦٢.

(٣) المعاني / ٤٠٧ ، ح ٨٤.

(٤) المصدر : أبي معاوية.

(٥) نور الثقلين ٢ / ٤٥٤ ، ح ١٦١.

(٦) نهج البلاغة / ٥٠٨ ، حكمة ٢٢٨.

(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : «فإنّما» بدل «فقد أصبح».

(٨) المجمع ٣ / ٢٥٨.

(٩) ليس في المصدر.

(١٠) ليس في أ ، ب.

(١١) من المصدر.

(١٢) الكافي ٢ / ٦٦٦ ، ح ٤.

٣٦٢

أسباط ، عن عمّه ، يعقوب بن سالم ، عن إسحاق بن عمّار [عن الكاهلي] (١) قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : إنّ يعقوب لما ذهب منه بنيامين نادى : يا ربّ ، أما ترحمني حتّى أذهبت عيني وأذهبت ابني.

فأوحى الله ـ عزّ وجلّ ـ : لو أمتّهما لأحييتهما لك حتّى أجمع بينك وبينهما ، ولكن تذكر الشّاة الّتي ذبحتها وشويتها وأكلت وفلان ، وفلان إلى جانبك صائم لم تنله منها شيئا.

وفي رواية أخرى (٢) قال : فكان بعد ذلك يعقوب إذا أصبح نادى : ألا من أراد الغداء فليأت يعقوب. وإذا أمسى نادى : ألا من أراد العشاء فليأت يعقوب.

وفي مصباح الشّريعة (٣) : قال الصّادق ـ عليه السّلام ـ : «المحزون» غير المتفكّر (٤) ، [لأنّ المتفكّر] (٥) متكلّف ، والمحزون مطبوع (٦) ، والحزن يبدأ من الباطن ، والفكر (٧) يبدأ من رؤية المحدثات ، وبينهما فرق ، قال الله ـ عزّ وجلّ ـ في قصّة يعقوب ـ عليه السّلام ـ : (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ).

(يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ) : فتعرّفوا منهما وتفحّصوا من حالهما. و «التّحسّس» تطلّب الإحساس.

(وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ) : لا تقنطوا من فرجه وتنفيسه.

وقرئ (٨) : «من روح الله» ، أي : من رحمته الّتي يحيي بها العباد.

(إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) (٨٧) : بالله وصفاته ، لأنّ المؤمن من الله على خير يرجوه عند البلاء ويشكره في الرّخاء.

في كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (٩) : وقال الصّادق ـ عليه السّلام ـ : إنّ يعقوب ـ عليه السّلام ـ قال لملك الموت : أخبرني عن الأرواح تقبضها مجتمعة أو متفرّقة؟

قال : بل متفرّقة.

__________________

(١) من المصدر.

(٢) الكافي ٢ / ٦٦٧ ، ح ٥ قريب منه.

(٣) مصباح الشريعة / ١٨٧.

(٤) ليس في أ ، ب ، ر.

(٥) من المصدر.

(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : مطموع.

(٧) المصدر : التفكر.

(٨) أنوار التنزيل ١ / ٥٠٦.

(٩) كمال الدين ١ / ١٤٤ ، ح ١٠.

٣٦٣

قال : فهل قبضت روح يوسف في جملة ما قبضت من الأرواح؟

فقال : لا.

فعند ذلك قال لبنيه : (يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ).

وفي كتاب علل الشّرائع (١) ، بإسناده إلى حنان بن سدير : عن أبيه قال : قلت لأبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : أخبرني عن يعقوب حين قال لولده : (اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ) أكان علم أنّه حيّ وقد فارقه منذ عشرين سنة وذهبت عيناه من الحزن؟

قال : نعم ، علم أنّه حيّ.

قلت : وكيف علم؟

قال : إنّه دعا في السّحر أن يهبط عليه ملك الموت ، فهبط عليه تريال وهو ملك الموت.

فقال له تريال : ما حاجتك ، يا يعقوب؟

قال : أخبرني عن الأرواح تقبضها مجتمعة أو متفرّقة؟

فقال : بل متفرّقة ، روحا روحا.

قال : فمرّ بك روح يوسف؟

قال : لا.

فعند ذلك علم أنّه حيّ فقال لولده : (اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ).

وفي روضة الكافي (٢) : ابن محبوب ، عن حنان بن سدير ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ مثله ، إلّا أنّ فيها «بريال» بالباء الموحّدة نقطا مكان «تريال» بالمثنّاة من فوق.

وفي تفسير العيّاشيّ (٣) : عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ مثله أيضا ، إلّا أنّ فيه : «قوبال». وفيه وفي خبر آخر : تبرابل ، وهو ملك الموت. وذكر نحوه.

وفي الخرائج والجرائح (٤) : وعن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : أنّ أعرابيّا اشترى من يوسف طعاما ، فقال له : إذا مررت بوادي كذا فناد : يا يعقوب ، فإنّه يخرج إليك شيخ

__________________

(١) العلل ١ / ٥٢ ، ح ١.

(٢) الكافي ٨ / ١٩٩ ، ح ٢٣٨.

(٣) تفسير العياشي ٢ / ١٨٩ ـ ١٩٠ ، ح ٦٤.

(٤) نور الثقلين ٢ / ٤٥٦ ، ح ١٦٩.

٣٦٤

وسيم ، فقل له : إنّي رأيت بمصر رجلا يقرئك السّلام ويقول : إنّ وديعتك عند الله محفوظة لن تضيع.

فلمّا بلّغه الأعرابيّ خرّ يعقوب مغشيّاً عليه ، فلمّا أفاق قال : هل لك من حاجة؟

قال : لي ابنة عمّ ، وهي زوجتي ، لم تلد.

فدعا له ، فرزق منها أربعة أبطن ، في كل بطن اثنان.

وفي نهج البلاغة (١) : قال ـ عليه السّلام ـ : ولا تيأسنّ لشرّ هذه الأمّة من روح الله لقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ [إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ)] (٢) [ولا تؤمنّهم مكر الله] (٣).

وفي من لا يحضره الفقيه (٤) ، في باب معرفة الكبائر الّتي وعد الله ـ عزّ وجلّ ـ عليها النّار : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ حديث طويل يذكر فيه الكبائر ، يقول فيه ـ عليه السّلام ـ بعد أن ذكر الشّرك بالله : وبعده اليأس من روح الله ، لأنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول : (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ).

(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ) : بعد ما رجعوا إلى مصر رجعة ثانية.

(مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ) : شدّة الجوع.

(وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ) : رديئة ، أو قليلة تردّ وتدفع رغبة عنها. من أزجيته : إذا دفعته. ومنه : تزجية الزّمان.

قيل (٥) : كانت دراهم زيوفا.

وقيل (٦) : صوفا وسمنا (٧).

وقيل (٨) : الصّنوبر ، والحبّة الخضراء.

وقيل (٩) : الأقط (١٠) ، وسويق المقل (١١).

__________________

(١) نهج البلاغة / ٥٤٢ ، حكمة ٣٧٧.

(٢) من المصدر.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) الفقيه ٣ / ٣٦٧ ، ح ٢.

(٥ و ٦) أنوار التنزيل ١ / ٥٠٦.

(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : رسمناه.

(٨ و ٩) نفس المصدر والموضع.

(١٠) الأقط : لبن محمص يجمّد حتّى يستحجر ويطبخ أو يطبخ به.

(١١) المقل : حمل الدوم. والدوم : شجر عظام من الفصيلة النخيلية ، يكثر في صعيد مصر وفي بلاد العرب ، وثمرته في غلظ التّفّاحة ذات قشر صلب

٣٦٥

وفي تفسير العيّاشيّ (١) : عن أحمد بن محمّد ، عن أبي الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن قوله : (وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ).

قال : كانت المقل ، وكانت بلادهم بلاد المقل ، وهي البضاعة.

(فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ) : فأتمّ لنا الكيل.

(وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا) : بردّ أخينا. أو بالمسامحة وقبول المزجاة ، أو بالزّيادة على ما يساويها.

(إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) (٨٨) : أحسن الجزاء.

و «التّصدّق» التّفضّل مطلقا. ومنه قوله ـ عليه السّلام ـ في القصر : هذه صدقة تصدّق الله عليكم بها.

فرقّ لهم يوسف ، ولم يتمالك أن عرّفهم نفسه.

(قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ) ، أي : هل علمتم قبحه ، فتبتم عنه؟

وفعلهم بأخيه إفراده عن يوسف وإذلاله ، حتّى كان لا يستطيع أن يكلّمهم إلّا بعجز وذلّة.

(إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) (٨٩) : قبحه ، فلذلك أقدمتم عليه. أو عاقبته.

وإنّما قال ذلك تنصيحا لهم وتحريضا على التّوبة ، وشفقة عليهم لمّا رأى من عجزهم وتمسكنهم ، لا معاتبة وتثريبا.

وقيل (٢) : أعطوه كتاب يعقوب في تخليص بنيامين ، وذكروا له ما هو فيه من الحزن على فقد يوسف وأخيه فقال لهم ذلك.

وإنّما جهّلهم لأنّ فعلهم كان فعل الجهّال ، أو لأنّهم كانوا حينئذ صبيانا طيّاشين.

وفي مجمع البيان (٣) : روي عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : كلّ ذنب عمله العبد ، وإن كان عالما ، فهو جاهل حين خاطر بنفسه معصية ربّه ، فقد حكى الله ـ سبحانه ـ قول يوسف لإخوته : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ). فنسبهم إلى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله.

__________________

أحمر ، وله نواة ضخمة ذات لبّ إسفنجيّ.

(١) تفسير العياشي ٢ / ١٩٢ ، ح ٦٧.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٠٧.

(٣) نور الثقلين ٢ / ٤٦٠ ، ح ١٧٨.

٣٦٦

(قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ) : استفهام تقرير ، ولذلك حقّق «بأنّ» ودخول اللّام عليه.

وقرأه (١) ابن كثير على الإيجاب (٢).

قيل (٣) : عرفوه بروائه وشمائله حين كلّمهم.

وقيل (٤) : تبسّم فعرفوه بثناياه.

وقيل (٥) : رفع التّاج عن رأسه فرأوا علامة بقرنه تشبه الشّامة البيضاء ، وكانت لسارة ويعقوب مثلها.

(قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي) : من أبي وأمّي. ذكره تعريفا لنفسه به ، وتفخيما لشأنه ، وإدخالا له في قوله : (قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا) ، أي : بالسّلامة والكرامة.

(إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ) ، أي : يتّق الله.

(وَيَصْبِرْ) : على البليّات. أو على الطّاعات. أو عن المعاصي.

(فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (٩٠) : وضع المحسنين موضع الضّمير ، للتّنبيه على أنّ المحسن من جمع بين التّقوى والصّبر.

(قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا) : اختارك علينا بحسن الصّورة وكمال السّيرة.

(وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ) (٩١) : والحال أنّ شأننا أنّا كنّا مذنبين بما فعلنا معك.

(قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ) : لا تأنيب عليكم. تفعيل ، من الثّرب : وهو الشّحم الّذي يغشي الكرش ، للإزالة ، كالتّجليد ، فاستعير للتّقريع الّذي يمزّق العرض ويذهب ماء الوجه.

(الْيَوْمَ) : متعلّق بالتّثريب. أو بالمقدّر للجارّ الواقع خبرا «للا تثريب» والمعنى : لا أثر بكم اليوم الّذي هو مظنّته ، فما ظنّكم بسائر الأيّام. أو بقوله : (يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ) ، لأنّه صفح عن جريمتهم حين اعترفوا بها.

(وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (٩٢) : فإنّه يغفر الصّغائر والكبائر ويتفضّل على التّائب.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٠٧.

(٢) أي : بحذف الهمزة.

(٣ و ٤) نفس المصدر والموضع.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ٥٠٧.

٣٦٧

قيل (١) : ومن كرم يوسف ـ عليه السّلام ـ أنّهم لمّا عرفوه أرسلوا إليه وقالوا : إنّك تدعونا بالبكرة والعشيّ إلى الطّعام ، ونحن نستحيي منك لما فرط منّا فيك ، فقال : أما إنّ أهل مصر كانوا ينظرون إليّ بالعين الأولى ، ويقولون : سبحان من بلغ عبدا بيع بعشرين درهما ما بلغ. ولقد شرفت بكم وعظمت في عيونهم حيث علموا أنكم (٢) إخوتي وأنّي من حفدة إبراهيم ـ عليه السّلام ـ.

وفي تفسير العيّاشيّ (٣) : عن أبي بصير ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ عاد إلى الحديث الأوّل قال : واشتدّ حزنه ، يعني : يعقوب ، حتّى تقوّس ظهره وأدبرت الدّنيا عن يعقوب وولده حتّى احتاجوا حاجة شديدة وفنيت ميرتهم ، فعند ذلك قال يعقوب لولده : (اذْهَبُوا) (الآية). فخرج منهم نفر ، وبعث معهم (٤) ببضاعة يسيرة ، وكتب معهم كتابا إلى عزيز مصر يتعطّفه على نفسه وولده ، وأوصى لولده أن يبدءوا بدفع كتابه قبل البضاعة ، فكتب : «بسم الله الرّحمن الرّحيم» إلى عزيز مصر ومظهر العدل وموفي الكيل ، من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله صاحب النّمرود ، الّذي جمع لإبراهيم الحطّب والنّار ليحرقه بها فجعلها الله عليه بردا وسلاما وأنجاه منها.

أخبرك ، أيّها العزيز ، أنّا أهل بيت قديم لم يزل البلاء إلينا سريعا من الله ليبلونا بذلك عند السّرّاء والضّرّاء ، وأنّ مصائبي (٥) تتابعت عليّ منذ عشرين سنة ، أوّلها أنّه كان لي ابن سمّيته : يوسف ، وكان سروري من بين ولدي وقرّة عيني وثمرة فؤادي ، وأنّ إخوته من غير أمّه سألوني أن أبعثه معهم يرتع ويلعب ، فبعثته (٦) معهم بكرة وجاؤوني عشاء يبكون وجاؤوني على قميصه بدم كذب ، فزعموا أنّ الذّئب أكله ، فاشتدّ لفقده حزني وكثر على فراقه بكائي حتّى ابيضّت عيناي من الحزن ، وأنّه كان له أخ من خالته ، وكنت له معجبا وعليه رفيقا وكان لي أنيسا ، وكنت إذا ذكرت يوسف ضممته إلى صدري فيسكن بعض ما أجد في صدري ، وأنّ إخوته ذكروا لي أنّك ، أيّها العزيز ، سألتهم عنه وأمرتهم أن يأتوك به وإن لم يأتوك به منعتهم الميرة لنا من القمح من مصر ، فبعثته معهم ليمتاروا لنا قمحا ،

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٠٧.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : أنتم.

(٣) تفسير العياشي ٢ / ١٩٠ ـ ١٩٢ ، ح ٦٥.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : منهم.

(٥) المصدر : مصائب.

(٦) ليس في أ ، ب ، ر.

٣٦٨

فرجعوا إليّ وليس هو معهم ، وذكروا أنّه سرق مكيال الملك ونحن أهل بيت لا نسرق ، وقد حبسته عنّي وفجعتني به ، وقد اشتدّ لفراقه حزني حتّى تقوّس لذلك ظهري وعظمت به مصيبتي مع مصائب متتابعات عليّ ، فمنّ عليّ بتخلية سبيله وإطلاقه من محبسك (١) ، وطيّب لنا القمح واسمح لنا في السّعر [وأوف لنا الكيل] (٢) وعجّل بسراح آل يعقوب.

فلمّا مضى ولد يعقوب من عنده نحو مصر بكتابه ، نزل جبرئيل ـ عليه السّلام ـ على يعقوب ، فقال له : يا يعقوب ، إنّ ربّك يقول لك : من ابتلاك بمصائبك الّتي كتبت بها إلى عزيز مصر؟

قال يعقوب : أنت بلوتني بها ، عقوبة منك وأدبا لي.

قال الله : فهل كان يقدر على صرفها عنك أحد غيري؟

قال يعقوب : اللهمّ ، لا.

قال : فما استحييت منّي حين شكوت مصائبك إلى غيري ، ولم تستغث بي وتشكو ما بك إليّ؟

فقال يعقوب : استغفرك ، يا إلهي ، وأتوب إليك وأشكو بثّي وحزني إليك.

فقال الله ـ تبارك وتعالى ـ : قد بلغت بك ، وبولدك الخاطئين الغاية في أدبي ، ولو كنت ، يا يعقوب ، شكوت مصائبك إليّ عند نزولها بك واستغفرت وتبت إليّ من ذنبك لصرفتها عنك بعد تقديري إيّاها عليك ، ولكنّ الشّيطان أنساك ذكري فصرت إلى القنوط من رحمتي ، وأنا الله الجواد الكريم أحبّ عبادي المستغفرين التّائبين الرّاغبين إليّ فيما عندي ، يا يعقوب ، أنا رادّ إليك يوسف وأخاه ومعيد إليك ما ذهب من مالك ولحمك ودمك ورادّ إليك بصرك ومقوّم لك ظهرك وطب نفسا وقرّ عينا ، وأنّ الّذي فعلته بك كان أدبا منّي لك ، فاقبل أدبي.

قال : ومضى ولد يعقوب بكتابه نحو مصر حتّى دخلوا على يوسف في دار المملكة ، فقالوا : (يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا) بأخينا ابن يامين ، وهذا كتاب أبينا يعقوب إليك في أمره يسألك تخلية سبيله ، وأن تمنّ به عليه.

قال : فأخذ يوسف كتاب يعقوب ، فقبّله ووضعه على عينيه ، وبكى وانتحب

__________________

(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : حبسك.

(٢) ليس في المصدر.

٣٦٩

حتّى بلّت دموعه القميص الّذي عليه ، ثمّ أقبل عليهم فقال : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ) من قبل (وَأَخِيهِ) من بعد (قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ ، قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا) فلا تفضحنا ولا تعاقبنا اليوم واغفر لنا (قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ).

وفي رواية أخرى (١) : عن أبي بصير ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ نحوه.

وفي مجمع البيان (٢) : وفي «كتاب النّبوّة» بالإسناد ، عن الحسن بن محبوب ، عن [أبي] (٣) إسماعيل الفرّاء ، عن طربال عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في خبر طويل : أنّ يعقوب كتب إلى يوسف : «بسم الله الرّحمن الرّحيم» إلى عزيز مصر ومظهر العدل وموفي الكيل ، من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرّحمن صاحب نمرود ، الّذي جمع له النّار ليحرقه بها فجعلها الله عليه بردا وسلاما وأنجاه منها.

أخبرك ، أيّها العزيز ، أنّا أهل بيت لم يزل البلاء إلينا سريعا من الله ليبلونا عند السّرّاء والضّرّاء ، وأنّ مصائب تتابعت عليّ منذ عشرين سنة ، أوّلها أنّه كان لي ابن سمّيته : يوسف ، وكان سروري من بين ولدي وقرّة عيني وثمرة فؤادي ، وأنّ إخوته من غير أمّه سألوني أن أبعثه معهم يرتع ويلعب ، فبعثته معهم بكرة فجاءوني عشاء يبكون ، وجاؤوا على قميصه بدم كذب ، وزعموا أنّ الذّئب أكله ، فاشتدّ لفقده حزني وكثر على فراقه بكائي حتّى ابيضّت عيناي من الحزن ، وأنّه كان له أخ ، وكنت به معجبا وكان لي أنيسا ، وكنت إذا ذكرت يوسف ضممته إلى صدري فيسكن بعض ما أجد في صدري ، وأنّ إخوته ذكروا أنّك سألتهم عنه وأمرتهم أن يأتوك به ، فإن لم يأتوك به منعتهم الميرة ، فبعثته معهم ليمتاروا لنا قمحا ، فرجعوا إليّ وليس هو معهم ، وذكروا أنّه سرق مكيال الملك ونحن أهل بيت لا نسرق ، وقد حبسته عنّي وفجعتني به ، وقد اشتدّ لفراقه حزني حتّى تقوّس لذلك ظهري وعظمت به مصيبتي مع مصائب تتابعت عليّ ، فمنّ عليّ بتخلية سبيله وإطلاقه من حبسك ، وطيّب لنا القمح واسمح لنا في السّعر وأوف لنا الكيل ، وعجّل بسراح آل إبراهيم.

__________________

(١) تفسير العياشي ٢ / ١٩٢.

(٢) المجمع ٣ / ٢٦١.

(٣) من المصدر ، وجامع الرواة ٢ / ٣٦٦.

٣٧٠

قال : فمضوا بكتابه حتّى دخلوا على يوسف في دار الملك و (قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا) (إلى آخر الآية) ، وتصدّق علينا بأخينا ابن يامين ، وهذا كتاب أبينا يعقوب أرسله إليك في أمره يسألك تخلية سبيله ، فمنّ به علينا فأخذ يوسف كتاب يعقوب ، وقبّله ووضعه على عينيه ، وبكى وانتحب حتّى بلّت دموعه القميص الّذي عليه ، ثمّ أقبل عليهم وقال : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ) من قبل.

وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (١) ، بإسناده إلى سدير قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : إنّ في القائم ـ عليه السّلام ـ شبه (٢) من يوسف ـ عليه السّلام ـ.

قلت : كأنّك تذكر خبره أو غيبته؟

فقال : لي. ما تنكر من ذلك هذه الأمّة أشباه الخنازير؟ إنّ إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء ، تاجروا؟؟؟ بيوسف وبايعوه ، وهم إخوته وهو أخوهم ، فلم يعرفوه حتّى قال لهم : (أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي) فما تنكر هذه الأمّة أن يكون الله ـ عزّ وجلّ ـ في وقت من الأوقات يريد أن يستر (٣) حجّته [عنهم] (٤)؟ لقد كان يوسف ـ عليه السّلام ـ [يوما] (٥) ملك مصر ، وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما ، فلو أراد الله أن يعرّفه [مكانه] (٦) لقدر على ذلك ، والله ، لقد سار يعقوب وولده عند البشارة مسيرة (٧) تسعة أيّام من بدوهم (٨) إلى مصر ، فما تنكر هذه [الأمة] (٩) أن يكون الله ـ عزّ وجلّ ـ يفعل [بحجّته] (١٠) ما فعل بيوسف ، أن يسير فيما بينهم ويمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم (١١) وهم لا يعرفونه حتّى يأذن الله ـ عزّ وجلّ ـ له أن يعرّفهم نفسه ، كما أذن ليوسف حين (١٢) قال لهم : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ ، قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا) (الآية).

وفي أصول الكافي (١٣) : عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن الحسين ، عن ابن أبي نجران ،

__________________

(١) كمال الدين ١ / ١٤٤ ، ح ١١.

(٢) المصدر : سنّة.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : أن يبيّن.

(٤ و ٥) من المصدر.

(٦) من المصدر.

(٧) المصدر : «في» بدل «مسيرة».

(٨) ليس في المصدر : من بدوهم.

(٩ و ١٠) من المصدر.

(١١) كذا في المصدر. وفي النسخ : بسيطهم.

(١٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : حتّى.

(١٣) الكافي ١ / ٣٣٦ ، ح ٤.

٣٧١

عن فضالة بن أيّوب ، عن سدير الصّيرفيّ قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : إنّ في صاحب هذا [الأمر] (١) شبها من يوسف. وذكر كما نقلنا عن كمال الدّين بتغيير يسير.

وفي تفسير العيّاشيّ (٢) : عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : [ليس] (٣) رجل من ولد فاطمة لا (٤) يموت ولا يخرج من الدّنيا حتّى يقرّ للإمام بإمامته ، كما أقرّ ولد يعقوب ليوسف [حين] (٥) (قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا).

وفي الكافي (٦) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : لمّا قدم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ مكة (٧) ، يوم افتتحها ، فتح باب الكعبة ، فأمر بصور في الكعبة فطمست (٨) ، فأخذ بعضادتي الباب فقال : لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ما ذا تقولون وما ذا تظنّون؟

قالوا : نظنّ خيرا [ونقول خيرا] (٩) ، أخ كريم وابن أخ كريم وقد قدرت.

فقال : فإنّي أقول ، كما قال أخي يوسف : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ). والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي تفسير العيّاشيّ (١٠) : عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا رفعه قال : كتب يعقوب النّبيّ إلى يوسف :

عن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرّحمن ، إلى عزيز مصر : أمّا بعد ، فإنّا أهل بيت لم يزل البلاء سريعا إلينا ، أبتلي جدّي ، إبراهيم فالقي في النّار ، ثمّ ابتلي أبي إسحاق الذّبيح ، وكان لي ابن وكان قرّة عيني وكنت أسرّ به فابتليت بأن أكله الذّئب فذهب بصري حزنا عليه من البكاء ، وكان له أخ وكنت أسرّ إليه بعده فأخذته في سرق ، فإن رأيت أن تمنّ عليّ به فعلت.

__________________

(١) من المصدر.

(٢) تفسير العياشي ٢ / ١٩٣ ، ح ٦٩.

(٣) من المصدر.

(٤) ليس في المصدر.

(٥) من المصدر.

(٦) الكافي ٤ / ٢٢٥ ، ح ٣.

(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : بمكّة.

(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : فطمثت.

(٩) من المصدر.

(١٠) تفسير العياشي ٢ / ١٩٢ ، ح ٦٨.

٣٧٢

قال : فلمّا أوتي يوسف بالكتاب فتحه وقرأه فصاح ، ثمّ قام فدخل منزله فقرأه وبكى ، ثمّ غسّل وجهه ، ثمّ خرج إلى إخوته ، ثمّ عاد فقرأه فصاح وبكى ، ثمّ قام فدخل منزله فقرأه وبكى ، ثمّ غسّل وجهه وعاد إلى إخوته ، فقال (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) وأعطاهم قميصه ، وهو قميص إبراهيم ، وكان يعقوب بالرّملة (١).

(اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً) ، أي : ذا بصر.

(وَأْتُونِي) : أنتم وأبي.

(بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) (٩٣) بنسائكم وذراريّكم ومواليكم.

وفي أمالي شيخ الطّائفة (٢) ـ قدّس سرّه ـ بإسناده إلى أبي جعفر ، محمّد بن عليّ الباقر قال : فلمّا كان من أمر إخوة يوسف ما كان كتب يعقوب إلى يوسف ـ عليه السّلام ـ وهو لا يعلم أنّه يوسف :

«بسم الله الرّحمن الرّحيم» من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله ـ عزّ وجلّ ـ إلى عزيز آل فرعون سلام عليك ، فإنّي أحمد إليك الله أنّه لا إله إلّا هو : أمّا بعد ، فإنّا أهل بيت مولع بنا أسباب البلاء ، كان جدّي إبراهيم القي في النّار في طاعة ربّك فجعلها الله ـ عزّ وجلّ ـ بردا وسلاما ، وأمر الله جدّي أن يذبح أبي ففداه بما فداه ، وكان لي ابن فكان من أعزّ النّاس عليّ فقدته فأذهب حزني عليه نور بصري ، وكان له أخ من أمّه فكنت إذا ذكرت المفقود ضممت أخاه هذا إلى صدري فأذهب عنّي بعض وجدي ، وهو محبوس عندك في السّرقة ، فإنّي أشهدك أنّي لم أسرق ولم ألد سارقا.

فلمّا قرأ يوسف الكتاب بكى وصاح وقال : (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي) ـ إلى قوله ـ : (أَجْمَعِينَ).

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

(وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ) : من مصر ، وخرجت من عمرانها.

(قالَ أَبُوهُمْ) : لمن حضره.

(إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ) :

قيل (٣) : أوجده الله ريح ما عبق بقميصه من ريحه حين أقبل به إليه يهودا من ثمانين

__________________

(١) قال الحمويّ : الرملة ـ واحدة الرّمل ـ : مدينة عظيمة بفلسطين ، وكانت قصبتها قد خربت الآن ، وكانت رباطا للمسلمين.

(٢) أمالي الطوسي ٢ / ٧١ ـ ٧٢.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٥٠٨.

٣٧٣

فرسخا.

(لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ) (٩٤) : تنسبوني إلى الفند ، وهو نقصان عقل يحدث من هرم ، ولذلك لا يقال : عجوز مفنّدة ، لأنّ نقصان عقلها ذاتيّ.

وجواب «لو لا» محذوف ، وتقديره : لصدقتموني. أو لقلت : إنّه قريب.

(قالُوا) ، أي : الحاضرون.

(تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) (٩٥) : لفي ذهابك عن الصّواب قدما بالإفراط في محبّة يوسف ، وإكثار ذكره ، والتّوقّع للقائه.

(فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) :

في كمال الدّين (١) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : هو يهودا.

نقل (٢) : أنّه قال : كما احزنته بحمل قميصه الملطّخ بالدّم إليه ، فأفرحه بحمل هذا إليه.

(أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ) : طرح البشير القميص على وجه يعقوب ، أو يعقوب نفسه.

(فَارْتَدَّ بَصِيراً) : عاد بصيرا لما انتعش فيه من القوّة (٣).

(قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٩٦) : من حياة يوسف وإنزال الفرج.

وقيل (٤) : (إِنِّي أَعْلَمُ) كلام مبتدأ ، والمقول (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ) ، أو «إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ».

وفي تفسير العيّاشيّ (٥) : عن صفوان (٦) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : كتب عزيز مصر إلى يعقوب :

أمّا بعد ، فهذا ابنك ، يوسف اشتريته بثمن بخس دراهم معدودة واتّخذته عبدا ، وهذا ابنك ، ابن يامين [أخذته] (٧) قد سرق واتّخذته (٨) عبدا.

__________________

(١) كمال الدين ١ / ١٤٢ ، ح ٩.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٠٨.

(٣) قوله : «لما انتعش فيه من القوّة» هذا ليس كما ينبغي ، لأنّه لم تعد قوّة البصر إذا ذهبت بالكلّية بسبب قوّة البدن. والأولى أن يقال : إنّ هذا كان معجزة ليعقوب أو ليوسف.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ٥٠٨.

(٥) تفسير العياشي ٢ / ١٩٥ ، ح ٧٨.

(٦) المصدر : مقرن.

٣٧٤

قال : فما ورد على يعقوب شيء أشدّ عليه من ذلك الكتاب ، فقال للرّسول : قف مكانك حتّى أجيبه. فكتب إليه يعقوب :

أما بعد ، فقد فهمت كتابك بأنّك أخذت ابني بثمن بخس واتّخذته عبدا ، وأنّك اتخذت ابني ، ابن يامين وقد سرق واتّخذته عبدا ، فإنّا أهل بيت لا نسرق ولكنّا (١) أهل بيت نبتلى ، وقد ابتلي أبونا بالنّار فوقاه الله ، وابتلي أبونا إسحاق بالذّبح فوقاه الله ، وإنّي قد ابتليت بذهاب بصري وذهاب ابني ، وعسى الله أن يأتيني بهم جميعا.

قال : فلمّا ولّى الرّسول عنه رفع يده إلى السّماء ، ثمّ قال : يا حسن الصّحبة ، يا كريم المعونة ، يا خير كلمة (٢) ، ائتني بروح [منك] (٣) وفرج من عندك.

قال : فهبط عليه جبرئيل ، فقال : يا يعقوب ، ألّا أعلّمك دعوات يردّ الله عليك بها بصرك ويردّ عليك ابنيك؟

فقال له : بلى.

فقال : قل : يا من لا يعلم أحد كيف هو وحيث هو وقدرته إلّا هو ، يا من سدّ الهواء بالسّماء وكبس الأرض على الماء واختار لنفسه أحسن الأسماء ، ائتني بروح منك وفرج من عندك. فما انفجر عمود الصّبح حتّى اتي بالقميص وطرح على وجهه ، فردّ الله عليه بصره ، وردّ عليه ولده.

عن أبي بصير (٤) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا) الّذي بلّته دموع عيني (فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي) يرتدّ (بَصِيراً) لو قد شمّ ريحي (وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) ، وردّهم إلى يعقوب في ذلك اليوم وجهّزهم بجميع ما يحتاجون إليه فلما فصلت عيرهم عن مصر وجد يعقوب ريح يوسف ، فقال لمن بحضرته من ولده : (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ).

قال : وأقبل ولده يحثّون السّير بالقميص فرحا وسرورا بما رأوا من حال يوسف ، والملك الّذي أعطاه الله ، والعزّ الّذي صاروا إليه في سلطان يوسف. وكان مسيرهم من مصر إلى بدو يعقوب تسعة أيّام ، (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) ألقى القميص (عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ

__________________

(٧) من المصدر.

(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : فأخذته.

(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : ولكن.

(٢) المصدر : يا خيرا كله.

(٣) من المصدر.

(٤) تفسير العياشي ٢ / ١٩٦ ، ح ٧٩.

٣٧٥

بَصِيراً)

. وقال لهم : ما فعل ابن يامين؟

قالوا : خلّفناه عند أخيه صالحا.

قال : فحمد الله يعقوب عند ذلك ، وسجد لربّه سجدات الشّكر ، ورجع إليه بصره ، وتقوّم له ظهره ، وقال لولده : تحمّلوا إلى يوسف في يومكم هذا بأجمعكم. فساروا إلى يوسف ومعهم يعقوب وخالة يوسف ، ياميل ، فأحثّوا السّير فرحا وسرورا ، فساروا تسعة أيّام إلى مصر.

عن أخي (١) رزّام (٢) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : وجد يعقوب ريح قميص إبراهيم ، حين فصلت العير من مصر ، وهو بفلسطين.

وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (٣) ، بإسناده إلى مفضّل بن عمر : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سمعته يقول : أتدري ما كان قميص يوسف ـ عليه السّلام ـ؟

قال : قلت : لا.

قال : إنّ إبراهيم ـ عليه السّلام ـ لمّا أوقدت له النّار نزل إليه جبرئيل ـ عليه السّلام ـ بالقميص وألبسه إيّاه ، فلم يضّرّ معه حرّ ولا برد. فلمّا حضرته الوفاة جعله في تميمة وعلّقه على إسحاق ـ عليه السّلام ـ ، وعلّقه إسحاق ـ عليه السّلام ـ على يعقوب ـ عليه السّلام ـ. فلمّا ولد له يوسف ـ عليه السّلام ـ علّقه عليه ، وكان في عضده حتّى كان من أمره ما كان. فلمّا أخرجه يوسف ـ عليه السّلام ـ بمصر من تميمته وجد يعقوب ـ عليه السّلام ـ ريحه ، وهو قوله ـ عزّ وجلّ ـ حكاية عنه : «إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ». فهو ذلك القميص الّذي انزل من الجنّة.

قلت : جعلت فداك ، فإلى من صار هذا القميص؟

قال : إلى أهله [ثمّ يكون مع قائمنا ـ صلوات الله عليه ـ إذا خرج] (٤).

ثمّ قال : كلّ نبيّ ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى محمّد وآله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

__________________

(١) تفسير العياشي ٢ / ١٩٣ ، ح ٧٠.

(٢) المصدر : مرازم ، وقال في هامش نور الثقلين ٣ / ٤٦٣ : لم أظفر عليه باختلافه في كتب الرجال ، فلعلّها تصحيف «أخو دارم» ، وهو محمّد بن عبد الله القلاعيّ.

(٣) كمال الدين ١ / ١٤٢ ، ح ١٠.

(٤) ليس في المصدرين.

٣٧٦

وفي الكافي (١) ، مثله سواء.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) ، بعد المساواة فيما ذكر : وكان يعقوب بفلسطين ، وفصلت العير من مصر ، فوجد يعقوب ريحه وهو من ذلك القميص الّذي نزل من الجنّة ، ونحن ورثته.

وفي تفسير العيّاشيّ (٣) : عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع (٤) ، رفعه بإسناده له قال : إنّ يعقوب وجد ريح قميص يوسف من مسيرة عشرة ليال (٥) ، وكان يعقوب ببيت المقدس ويوسف بمصر ، وهو القميص الّذي نزل إلى إبراهيم من الجنّة ، فدفعه إبراهيم إلى إسحاق ، وإسحاق إلى يعقوب ، ودفعه يعقوب إلى يوسف ـ عليه السّلام ـ.

وفي كتاب علل الشّرائع (٦) ، بإسناده إلى إبراهيم بن أبي البلاد : عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : كان القميص الّذي نزل على إبراهيم من الجنّة في قصبة من فضّة ، وكان إذا لبس كان واسعا كبيرا. فلمّا فصلوا ، ويعقوب بالرّملة ويوسف بمصر ، قال يعقوب : (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ) ، يعني : ريح الجنّة حين فصلوا بالقميص ، لأنّه كان من الجنّة.

وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (٧) : وروي أنّ القائم ـ عليه السّلام ـ : إذا خرج يكون عليه قميص يوسف ، ومعه عصا موسى وخاتم سليمان.

وفي تفسير العيّاشيّ (٨) : عن نشيط بن صالح البجليّ قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أكان إخوة يوسف ـ صلوات الله عليه ـ أنبياء؟

قال : لا ، ولا بررة أتقياء ، كيف وهم يقولون لأبيهم : (تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ)؟

عن نشيط (٩) ، عن رجل ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ مثله.

عن سليمان بن عبد الله الطّلحيّ (١٠) قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : ما

__________________

(١) الكافي ١ / ٢٣٢ ، ح ٥.

(٢) تفسير القمّي ١ / ٣٥٥.

(٣) تفسير العياشي ٢ / ١٩٤ ، ح ٧٣.

(٤) كذا في المصدر. وفي ب : يوشع ، وفي سائر النسخ : يوسع.

(٥) ب : أيام.

(٦) العلل ١ / ٥٣ ، ح ١.

(٧) كمال الدين ١ / ١٤٣.

(٨) تفسير العياشي ٢ / ١٩٤ ، ح ٧٤.

(٩) تفسير العياشي ٢ / ١٩٤ ، ح ٧٥.

(١٠) نفس المصدر والموضع.

٣٧٧

حال بني يعقوب ، هل خرجوا من الإيمان؟

فقال : نعم.

قلت : فما تقول في آدم؟

قال : دع آدم.

(قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ) (٩٧) : ومن حقّ المعترف بذنبه أن يصفح عنه ، ويسأل له المغفرة.

(قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (٩٨) : أخّره إلى السّحر.

وفي كتاب علل الشّرائع (١) ، بإسناده إلى إسماعيل بن الفضل الهاشميّ قال : قلت لجعفر بن محمّد ـ عليه السّلام ـ : أخبرني عن يعقوب ـ عليه السّلام ـ لمّا قال له بنوه : (يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ ، قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) فأخّر الاستغفار لهم ، ويوسف ـ عليه السّلام ـ لمّا قالوا له (تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ ، قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).

قال : لأنّ قلب الشّابّ أرقّ من قلب الشّيخ ، وكان جناية ولد يعقوب على يوسف وجنايتهم على يعقوب إنّما كانت بجنايتهم على يوسف ، فبادر يوسف إلى العفو عن حقّه ، وأخّر يعقوب العفو لأنّ عفوه إنّما كان عن حقّ غيره ، فأخّرهم إلى السّحر ليلة الجمعة.

وفي أصول الكافي (٢) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن خالد ، عن شريف بن سابق ، عن المفضّل بن أبي قرّة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : خير وقت دعوتم الله فيه الأسحار. وتلا هذه الآية في قول يعقوب ـ عليه السّلام ـ : (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) وقال : أخّرهم إلى السّحر.

وفيمن لا يحضره الفقيه (٣) : وروى محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله : (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) ، فقال : أخّرهم إلى السّحر ، قال : يا ربّ ، إنّما

__________________

(١) العلل ١ / ٥٤ ، ح ١.

(٢) الكافي ٢ / ٤٧٧ ، ح ٦.

(٣) تفسير العياشي ٢ / ١٩٦ ح ٨١ والفقيه ١ / ٢٧٢ ، ح ١٢٤٠ بتفاوت يسير.

٣٧٨

ذنبهم فيما بيني وبينهم.

فأوحى الله : إنّي قد غفرت لهم.

وفي روضة الكافي (١) : عن حنان ، عن أبيه ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : قلت له : ما كان أولاد يعقوب أنبياء؟

قال : لا ، ولكنّهم كانوا أسباطا أولاد الأنبياء ، ولم يكن يفارقوا (٢) الدّنيا إلّا سعداء ، تابوا وتذكّروا ما صنعوا ، وأنّ الشّيخين فارقا الدّنيا ولم يكن (٣) يتوبا ولم يذكرا (٤) ما صنعا بأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ فعليهما لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين.

(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ) :

نقل (٥) : أنّه وجّه إليه رواحل وأموالا ليتجهّز إليه بمن معه ، واستقبله يوسف والملك بأهل مصر ، وكان أولاده الّذين دخلوا معه مصر اثنين وسبعين رجلا وامرأة ، وكانوا حين خرجوا مع موسى ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ ستّمائة ألف وخمسمائة وبضعة وسبعين رجلا سوى الذّرّيّة والهرمى.

(آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ) : ضمّ إليه أباه وأمّه راحيل ، كما مضى عن الباقر ـ عليه السّلام ـ في تأويل رؤياه.

أو أباه وخالته ياميل ، لما سبق في رواية العيّاشيّ (٦) ، أنّها هي الّتي صارت معهم إلى مصر ، ولما يأتي في روايته : أنّه رفع أباه وخالته على سرير الملك. فإن صحّت هذه الرّواية فلعلّه نزّلها منزلة الأمّ تنزيل العمّ منزلة الأب في قوله ـ تعالى ـ : (وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ) (٧). أو لأنّ يعقوب ـ عليه السّلام ـ تزوّجها بعد أمّه وربّته ، والرّابّة تدعى : أمّا.

(وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) (٩٩) : من القحط وأصناف المكاره ، والمشيئة متعلّقة بالدّخول المكيّف بالأمن ، والدّخول الأوّل كان في موضع خارج البلد حين استقبلهم.

__________________

(١) الكافي ٨ / ٢٤٦ ، ح ٣٤٣.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : يفارق.

(٣) ليس في المصدر : يكن.

(٤) المصدر : لم يتذكّرا.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ٥٠٨.

(٦) تفسير العياشي ٢ / ١٩٦ ، ح ٧٩.

(٧) البقرة / ١٣٣.

٣٧٩

وفي أصول الكافي (١) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن مروك (٢) بن عبيد ، عمّن حدّثه ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ يوسف لمّا قدم عليه الشّيخ يعقوب ـ عليه السّلام ـ دخله عزّ الملك ، فلم ينزل إليه ، فهبط جبرئيل ـ عليه السّلام ـ فقال : يا يوسف ، ابسط راحتك. فخرج منها نور ساطع ، فصار في جوّ السّماء.

فقال يوسف ـ عليه السّلام ـ : يا جبرئيل ، ما هذا النّور الّذي خرج من راحتي؟

فقال : نزعت النّبوّة من عقبك عقوبة لمّا لم تنزل إلى الشّيخ يعقوب ، فلا يكون من عقبك نبيّ.

وفي كتاب علل الشّرائع (٣) ، بإسناده إلى يعقوب بن يزيد : عن غير واحد رفعوه إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : لمّا تلقّى يوسف يعقوب ترجّل له يعقوب ولم يترجّل له يوسف ، فلم ينفصلا من العناق حتّى أتاه جبرئيل فقال له : يا يوسف ، ترجّل لك الصّدّيق ولم تترجّل له ابسط يدك. فبسطها ، فخرج نور من راحته.

فقال له يوسف : ما هذا؟

قال : [هذا آية] (٤) لا يخرج من عقبك نبيّ عقوبة.

وبإسناده إلى هشام بن سالم (٥) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : لمّا أقبل يعقوب إلى مصر خرج يوسف ـ عليه السّلام ـ ليستقبله. فلمّا رآه يوسف همّ بأن يترجّل ليعقوب ، ثمّ نظر إلى ما هو فيه من الملك ، فلم يفعل. فلمّا سلّم على يعقوب نزل عليه جبرئيل ـ عليه السّلام ـ فقال له : يا يوسف ، إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ يقول لك : ما منعك أن تنزل إلى عبدي الصّالح إلّا ما أنت فيه ، ابسط يدك. فبسطها فخرج من بين أصابعه نور.

فقال له : ما هذا ، يا جبرئيل؟

فقال : هذا آية (٦) لا يخرج من صلبك نبيّ أبدا ، عقوبة لك بما صنعت بيعقوب إذ لم تنزل إليه.

__________________

(١) الكافي ٢ / ٣١١ ، ح ١٥.

(٢) كذا في المصدر. وجامع الرواة ٢ / ٢٢٦. وفي النسخ : مروان.

(٣) العلل ١ / ٥٥ ، ح ١.

(٤) من المصدر.

(٥) العلل / ٥٥ ، ح ٢.

(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : «إنّه» بدل «هذا آية».

٣٨٠