تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٦

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٦

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٨٥

أو عامّتهم ، فإنّهم كانوا يفرحون بما يوافق كتبهم.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : وفي رواية أبي الجارود ، [عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ] (٢) : أي : يفرحون (٣) بكتاب الله إذا يتلى عليهم ، وإذا تلوه تفيض أعينهم دمعا من الفزع والحزن ، وهو عليّ بن أبي طالب.

(وَمِنَ الْأَحْزابِ) ، يعني : كفرتهم الّذين تحزّبوا على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بالعداوة ، ككعب بن الأشرف وأصحابه ، والسّيّد والعاقب وأشياعهما.

(مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ) : وهو ما يخالف شرائعهم. أو ما يوافق ما حرّفوه منها.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : وفي قراءة ابن مسعود : «والّذي أنزل إليك الكتاب هو الحقّ فمن يؤمن به» أي عليّ بن أبي طالب يؤمن به (وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ) أنكروا (٥) من تأويله ما أنزله في عليّ وآل محمّد وآمنوا ببعضه ، فأمّا المشركون فأنكروه كلّه أوّله وآخره وأنكروا أنّ محمّدا رسول الله.

(قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ) : جواب للمنكرين ، أي : قل لهم : إنّي أمرت فيما انزل إليّ بأن أعبد الله وأوحّده ، وهو العمدة في الدّين ، ولا سبيل لكم إلى إنكاره.

(إِلَيْهِ أَدْعُوا) : لا إلى غيره.

قيل (٦) : يعني : هذا هو القدر المتّفق عليه بين الأنبياء ، وأمّا ما عدا ذلك من التّفاريع فممّا يختلف بالأعصار والأمم ، فلا معنى لإنكاركم المخالفة فيه.

(وَإِلَيْهِ مَآبِ) (٣٦) : وإليه مرجعي لا إلى غيره.

وقرئ (٧) : «لا أشرك» بالرّفع على الاستئناف.

(وَكَذلِكَ) : ومثل هذا الإنزال المشتمل على أصول الدّيانات المجمع عليها.

(أَنْزَلْناهُ حُكْماً) : يحكم في القضايا والوقائع بما تقتضيه الحكمة.

(عَرَبِيًّا) : مترجما بلسان العرب ليسهل لهم فهمه وحفظه. وانتصابه على الحال (٨).

__________________

(١) تفسير القمّي ١ / ٣٦٦.

(٢) ليس من المصدر.

(٣) المصدر : فرحوا.

(٤) تفسير القمّي ١ / ٣٦٦.

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : أنكر.

(٦ و ٧) أنوار التنزيل ١ / ٥٢٢.

٤٦١

(وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) : الّتي يدعونك إليها ، كتقرير دينهم ، والصّلاة إلى قبلتهم بعد ما حوّلت عنها.

(بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) : بنسخ ذلك.

(ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍ) : ينصرك.

(وَلا واقٍ) (٣٧) : يمنع العقاب عنك. وهو حسم لأطماعهم ، وتهييج للمؤمنين على الثّبات في دينهم.

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ) : بشرا مثلك.

(وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) : نساء وأولادا ، كما هي لك.

وفي روضة الكافي (١) : سهل ، عن الحسن بن عليّ ، عن عبد الله بن وليد الكنديّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : قال الله ـ عزّ وجلّ ـ في كتابه : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) فنحن ذرّيّة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي تفسير العيّاشيّ (٢) : عن معاوية بن وهب ، عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : فما كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلّا كأحد أولئك ، جعل الله له أزواجا وجعل له ذرّيّة ، ثمّ لم يسلم مع أحد من الأنبياء مثل من أسلم مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من أهل بيته ، أكرم الله بذلك رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

عن بشير الدّهان (٣) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : ما آتى الله أحدا من المرسلين شيئا إلّا وقد آتاه محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ. وقد آتاه الله ، كما آتى المرسلين من قبله. ثم تلا هذه الآية : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً).

عن عليّ بن عمر (٤) بن أبان الكلبيّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ [قال] (٥) :

__________________

(٨) قوله : «وانتصابه على الحال» يدلّ على أنّ «عربيّا» حال ، لكنّ «حكما» حال و «عربيّا» صفته ، وقد صرّح صاحب الكشّاف بأنّ «حكما عربيّا» حال ، لكن في كلام المصنّف إشارة إلى أنّ الحال في الحقيقة هو «عربيّا» ، كما صرّحوا في قوله ـ تعالى ـ : (قُرْآناً عَرَبِيًّا).

(١) الكافي ٨ / ٨١ ، ح ٣٨.

(٢) تفسير العياشي ٢ / ٢١٤ ، ح ٥١.

(٣) تفسير العياشي ٢ / ٢١٤ ، ح ٥٢.

(٤) تفسير العياشي ٢ / ٢١٤ ، ح ٥٣.

(٥) من المصدر.

٤٦٢

أشهد على أبي أنّه كان يقول : ما بين أحدكم وبين أن يغتبط (١) ويرى ما تقرّ به عينه إلّا أن تبلغ نفسه هذه. وأهوى إلى حلقه ، قال الله في كتابه : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) فنحن ذرّيّة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، [عن المفضل بن صالح (٢) ، عن جعفر بن محمد ـ عليهما السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (٣).

خلق الله الخلق قسمين فألقى قسما وأمسك قسما ، ثمّ قسّم ذلك القسم على ثلاثة أثلاث فألقى ثلثين وأمسك ثلثا ، ثمّ اختار من ذلك الثّلث قريشا ، ثمّ اختار من قريش بني عبد المطّلب ، ثمّ اختار من بني عبد المطّلب رسول رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فنحن ذرّيّته. فإن قالت النّاس : ليس (٤) لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ذرّيّة ، جحدوا ، ولقد قال الله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) فنحن ذرّيّته.

قال : فقلت : أنا أشهد أنّكم ذرّيّته.

ثمّ قلت له : ادع الله لي ، جعلت فداك ، أن يجعلني معك في الدّنيا والآخرة.

فدعا لي بذلك. قال : فقبّلت باطن يده.

وفي رواية شعيب (٥) ، عنه ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : نحن ذرّيّة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. ما أدري على ما يعادوننا إلّا لقرابتنا من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

وفي محاسن البرقي (٦) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال في آخر كلام له : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) فجعل لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من الأزواج والذّريّة مثل ما جعل للرّسل من قبله ، فنحن عقب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وذرّيّته ، أجرى الله لآخرنا مثل ما أجرى لأوّلنا.

وفي شرح الآيات الباهرة (٧) : وروى الشّيخ أبو جعفر ، محمّد الطّوسيّ ـ رضي الله عنه ـ ، عن محمّد بن محمّد قال : أخبرني أبو الحسن [أحمد بن محمد بن الحسن] (٨) بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ قال : حدّثني أبي قال : حدّثني محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن أحمد بن محمّد

__________________

(١) المصدر : يغبط.

(٢) تفسير العياشي ٢ / ٢١٤ ، ح ٥٤.

(٣) من المصدر.

(٤) ليس من المصدر.

(٥) تفسير العياشي ٢ / ٢١٤ ، ح ٥٥.

(٦) المحاسن / ١٤١ ، ح ٣٢.

(٧) تأويل الآيات ١ / ٢٣٨ ، ح ١٨.

(٨) من المصدر.

٤٦٣

بن عيسى ، عن الحسن بن عليّ بن [أبي] (١) حمزة ، عن عبد الله بن الوليد قال : دخلت على أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في زمن بني مروان.

فقال : ممن أنتم؟

قلنا : من أهل الكوفة.

قال : ما من البلدان أكثر محبّا لنا من أهل الكوفة ، لا سيما هذه العصابة ، إنّ الله هداكم لأمر (٢) من (٣) جهله النّاس فأحببتمونا وأبغضنا النّاس ، وتابعتمونا وخالفنا النّاس ، وصدّقتمونا وكذّبنا النّاس ، فأحياكم الله محيانا وأماتكم مماتنا ، وأشهد على أبي أنّه كان يقول : ما بين أحدكم وبين ما تقر عينه أو يغتبط إلّا أن تبلغ به نفسه هكذا. وأهوى بيده إلى حلقه ، وقد قال ـ عزّ وجلّ ـ في كتابه : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) فنحن ذرّيّة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

وفي الجوامع (٤) : كانوا يعيّرون رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بكثرة تزوّج (٥) النّساء ، فقيل : إنّ الرّسل قبله كانوا مثله ذوي أزواج وذرّيّة.

(وَما كانَ لِرَسُولٍ) : وما صحّ له ، ولم يكن في وسعه.

(أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ) : تقترح عليه ، وحكم يلتمس منه.

(إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) : فإنّه المليّ بذلك والقادر عليه.

(لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) (٣٨) : لكلّ وقت وأمد حكم يكتب على العباد على ما يقتضيه استصلاحهم.

(يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ) : ينسخ ما يستصوب نسخه.

(وَيُثْبِتُ) : ما تقتضيه حكمته.

وقيل (٦) : يمحو سيّئات التّائب ويثبت الحسنات مكانها.

وقيل (٧) : يمحو من كتاب الحفظة ما لا يتعلّق به جزاء ويترك غيره مثبتا ، أو يثبت ما رآه وحده في صميم قلبه.

وقيل (٨) : يمحو قرنا ويثبت آخرين.

وقيل (٩) : يمحو الفاسدات ويثبت الكائنات.

__________________

(١) من المصدر.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : إلى.

(٣) ليس من المصدر.

(٤) الجوامع / ٢٣٠.

٤٦٤

والآية بعمومها أو إطلاقها تشتمل المعاني كلّها.

وقرأ (١) ابن عامر وحمزة والكسائي : «ويثبّت» بالتّشديد.

(وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) (٣٩) : أصل الكتب ، وهو اللّوح المحفوظ عن المحو والإثبات ، إذ ما من كائن إلّا وهو مكتوب فيه ، ففيه إثبات المثبت وإثبات المحو ومحوه وإثبات بدله.

وفي أصول الكافي (٢) : عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن ، عن سهل بن زياد [ومحمد بن يحيى] (٣) ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، جميعا ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة الثّماليّ قال : سمعت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول : يا ثابت ، إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ قد كان وقّت هذا الأمر في السّبعين ، فلما أن قتل الحسين ـ عليه السّلام ـ اشتدّ غضب الله على أهل الأرض فأخّره إلى أربعين ومائة ، فحدّثناكم فأذعتم الحديث فكشفتم (٤) قناع السر (٥) ولم يجعل الله له بعد ذلك وقتا عندنا و (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).

قال أبو حمزة : فحدّثت بذلك أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ.

فقال : قد كان كذلك.

عليّ بن إبراهيم (٦) ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم وحفص بن البختريّ وغيرهما ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال في هذه الآية : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) قال : فقال : وهل يمحو إلّا ما كان ثابتا ، وهل يثبت إلّا ما لم يكن؟

وفي روضة الكافي (٧) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن خلف بن حمّاد ، عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ عرض على آدم ذرّيّته عرض العين في صور الذّرّ ، نبيّا فنبيّا ، ملكا فملكا ، مؤمنا فمؤمنا ، كافرا فكافرا.

__________________

(٥) المصدر : توزيج.

(٦ و ٧ و ٨ و ٩) أنوار التنزيل ١ / ٥٢٢.

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) الكافي ١ / ٣٦٨ ، ح ١.

(٣) من المصدر.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : فتكشفتم.

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : السرّ.

(٦) الكافي ١ / ١٤٦ ، ح ٢.

(٧) الكافي ٧ / ٣٧٨ ، ح ١.

٤٦٥

فلمّا انتهى إلى داود ـ عليه السّلام ـ قال : من هذا الّذي نبئته (١) وكرّمته وقصّرت عمره؟

قال : فأوحى الله ـ عزّ وجلّ ـ إليه : هذا ابنك داود ، عمره أربعون سنة ، فإنّي قد كتبت الآجال وقسّمت الأرزاق ، وأنا أمحو ما أشاء وأثبت وعندي أمّ الكتاب ، فإن جعلت له شيئا من عمرك أثبته (٢) له.

قال : يا ربّ ، قد جعلت له من عمري ستّين سنة تمام المائة.

قال : فقال الله ـ عزّ وجلّ ـ لجبرئيل وميكائيل وملك الموت : اكتبوا عليه كتابا ، فإنّه سينسى. فكتبوا عليه كتابا ، فختموه بأجنحتهم من طينة علّيّين. والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي تفسير العيّاشيّ (٣) : عن أبي حمزة الثّماليّ ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ عرض على آدم أسماء الأنبياء وأعمارهم.

قال فمرّ آدم باسم داود النّبيّ ـ عليه السّلام ـ وإذا عمره أربعون (٤) سنة.

فقال : يا ربّ ، ما أقلّ عمر داود وأكثر عمري! إن أنا زدت داود من عمري ثلاثين سنة أينفذ ذلك له؟

قال : نعم ، يا آدم.

قال : فإنّي قد زدته من عمري ثلاثين سنة ، فأنفذ ذلك له وأثبتها له عندك واطرحها من عمري.

قال : فأثبت الله لداود من عمره ثلاثين سنة ولم يكن عند الله مثبتة ، ومحا من عمر آدم ثلاثين سنة وكانت له عند الله مثبتة.

فقال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ فذلك قول [الله] (٥) : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).

قال : فمحا (٦) الله ما كان عنده مثبتا لآدم ، وأثبت لداود ما لم يكن عنده مثبتا.

قال : فلمّا دنا عمر آدم ، هبط عليه ملك الموت ـ عليه السّلام ـ ليقبض روحه.

__________________

(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : مكنته.

(٢) المصدر : ألحقت.

(٣) تفسير العياشي ٢ / ٢١٩ ، ح ٧٣.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : أربعين.

(٥) من المصدر.

(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : يمحوا.

٤٦٦

فقال له آدم ـ عليه السّلام ـ : يا ملك الموت ، قد بقي من عمري ثلاثون (١) سنة.

فقال له ملك الموت : ألم تجعلها لابنك ، داود النّبيّ ـ عليه السّلام ـ وطرحتها (٢) من عمرك حيث عرض [الله] (٣) عليك أسماء الأنبياء من ذرّيّتك وعرض أعمارهم ، وأنت يومئذ بوادي دحناء (٤)؟

فقال آدم : يا ملك الموت ، ما أذكر هذا.

فقال له ملك الموت : يا آدم ، لا تجهل ، ألم تسأل الله أن يثبتها لداود ويمحوها من عمرك ، فأثبتها لداود في الزّبور ومحاها من عمرك من الذّكر؟

قال : فقال آدم : فأحضر الكتاب حتّى أعلم ذلك.

قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ فمن ذلك اليوم أمر الله العباد أن يكتبوا بينهم إذا تداينوا وتعاملوا إلى أجل مسمّى ، لنسيان آدم وجحده ما جعل على نفسه.

عن عمّار بن موسى (٥) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ [سئل] (٦) عن قول الله : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).

قال : إنّ ذلك الكتاب كتاب يمحو الله فيه ما يشاء ويثبت ، فمن ذلك الّذي يردّ الدّعاء القضاء ، وذلك الدّعاء مكتوب عليه : الّذي يردّ به القضاء ، حتّى إذا صار الى أمّ الكتاب لم يغن الدّعاء فيه شيئا.

عن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم (٧) ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ عن قوله : (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ).

قال : كتبها لهم ثمّ محاها.

عن مسعدة بن صدقة (٨) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ).

__________________

(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : ثلاثين.

(٢) المصدر : واطرحتها.

(٣) من المصدر.

(٤) المصدر : بوادي الروحا. ودحنا : واد بين الطّائف ومكّة. قال ياقوت : «حنا» بفتح أوّله وسكون ثانيه ونون وألف ، يروى فيها القصر والمدّ : وهي أرض خلق الله ـ تعالى ـ منها آدم.

(٥) تفسير العياشي ٢ / ٢٢٠ ، ح ٧٤.

(٦) من المصدر.

(٧) تفسير العياشي ١ / ٣٠٤ ، ح ٦٩.

(٨) نفس المصدر والموضع ، ح ٧٢.

٤٦٧

قال : كتبها لهم ثمّ محاها ، ثمّ كتبها لأبنائهم فدخلوها ، والله يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أمّ الكتاب.

عن زرارة (١) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : كان عليّ بن الحسين ـ عليه السّلام ـ يقول : لو لا آية في كتاب الله لحدّثتكم بما يكون إلى يوم القيامة.

فقلت له : آيّة (٢) آية؟

قال : قول الله : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).

عن جميل بن درّاج (٣) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) قال : هل يثبت إلّا ما لم يكن ، و [هل] (٤) يمحو إلّا ما كان مثبتا (٥).

عن حمران (٦) قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (يمحوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).

فقال : يا حمران ، إنّه إذا كان ليلة القدر ونزل الملائكة الكتبة إلى السّماء الدّنيا فيكتبون ما يقضى في تلك السّنة من أمر ، فإذا أراد الله أن يقدّم شيئا أو يؤخّر أو ينقص منه أو يزيد أمر الملك فمحا ما شاء ثمّ أثبت الّذي أراد.

قال : فقلت له عند ذلك : فكلّ شيء يكون وهو عند الله في كتاب؟

قال : نعم.

قلت : فيكون كذا وكذا حتّى ينتهي إلى آخره؟

قال : نعم.

قلت : فأيّ شيء يكون [بيده] (٧) بعده (٨)؟

قال : سبحان الله ، ثمّ يحدث الله ـ أيضا ـ ما شاء ـ تبارك وتعالى ـ.

عن أبي حمزة الثّماليّ (٩) قال : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ وأبو عبد الله ـ عليه

__________________

(١) تفسير العياشي ٢ / ٢١٥ ، ح ٥٩.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : أيّ.

(٣) تفسير العياشي ٢ / ٢١٥ ، ح ٦٠.

(٤) من المصدر.

(٥) ليس من المصدر.

(٦) نفس المصدر والمجلد / ٢١٦ ، ح ٦٢.

(٧) من المصدر.

(٨) المصدر : [بعده].

٤٦٨

السّلام ـ : يا أبا حمزة ، إن حدّثناك [بأمر أنّه يجيء من ها هنا [فجاء من ها هنا] (١) فإنّ الله يصنع ما يشاء ، وإن حدّثناك] (٢) اليوم بحديث وحدّثناك غدا بخلافه فإنّ الله يمحو ما يشاء ويثبت.

عن إبراهيم بن أبي يحيى (٣) ، عن جعفر بن محمّد ـ عليهما السّلام ـ قال : ما من مولود يولد إلّا وإبليس من الأبالسة بحضرته ، فإن علم الله أنّه [من شيعتنا حجبه عن ذلك الشيطان] (٤) وإن لم يكن (٥) من شيعتنا أثبت الشّيطان إصبعه السّبّابة في دبره فكان مأبونا (٦) ، وذلك أنّ الذّكر يخرج للوجه ، وإن كانت امرأة أثبت في فرجها فكانت فاجرة ، فعند ذلك يبكي الصّبيّ بكاء شديدا إذا هو خرج من بطن أمّه ، والله بعد ذلك يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أمّ الكتاب.

عن أبي الجارود (٧) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله إذا أراد فناء قوم أمر الفلك فاسرع الدّور بهم فكان ما يريد من النّقصان ، وإذا أراد بقاء قوم أمر الفلك فأبطأ الدّور بهم فكان ما يريد من الزيادة ، فلا تنكروا ، فإنّ الله يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أمّ الكتاب.

عن ابن سنان (٨) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : إنّ الله يقدّم ما يشاء ، ويؤخّر ما يشاء ، ويمحو ما يشاء ، ويثبت ما يشاء وعنده أمّ الكتاب.

وقال : لكلّ أمر (٩) يريده الله فهو في علمه قبل أن يصنعه (١٠) ، وليس شيء يبدو له إلّا وقد كان في علمه ، إنّ الله لا يبدو له من جهل.

وفي قرب الإسناد (١١) للحميريّ : أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال : قال أبو عبد الله وأبو جعفر وعليّ بن الحسين والحسين بن علي بن أبي طالب ـ عليهم السّلام ـ : والله ، لو لا آية في كتاب الله لحدّثناكم بما يكون

__________________

(٩) تفسير العياشي ٢ / ٢١٧ ، ح ٦٦.

(١) من المصدر.

(٢) ليس في ب.

(٣) تفسير العياشي ٢ / ٢١٨ ، ح ٧٢.

(٤) من المصدر.

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : ليس.

(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : وكان مأنوثا.

(٧) تفسير العياشي ٢ / ٢١٨ ، ح ٧٠.

(٨) نفس المصدر والموضع ، ح ٧١.

(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : لأمر.

(١٠) كذا في المصدر. وفي النسخ : يضعه.

(١١) قرب الاسناد / ١٥٥.

٤٦٩

إلى أن تقوم السّاعة (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).

وفي الخرائج والجرائح (١) : روي عن أبي حمزة الثّماليّ ، عن أبي إسحاق السّبيعيّ ، عن عمرو بن الحمق قال : دخلت على عليّ ـ عليه السّلام ـ حين ضرب الضّربة بالكوفة ، فقلت : ليس عليك بأس ، إنّما هو خدش.

قال : لعمري ، إنّي مفارقكم.

ثمّ قال : إلى السّبعين بلاء ، قالها ثلاثا.

قلت : فهل بعد البلاء رخاء؟ فلم يجبني وأغمي عليه ، فبكت أمّ كلثوم.

فلمّا أفاق قال : لا تؤذيني ، يا أمّ كلثوم ، فإنّك لن تري ما أرى ، إنّ الملائكة من السّماوات السّبع بعضهم خلف بعض والنّبيّين يقولون : يا علي ، انطلق إنّما أمامك خير لك ممّا أنت فيه.

فقلت : يا أمير المؤمنين ، إنّك قلت : «إلى السّبعين بلاء» فهل بعد السّبعين رخاء؟

قال : نعم ، وإن بعد البلاء رخاء (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).

قال أبو حمزة (٢) : قلت لأبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : إنّ عليّا ـ عليه السّلام ـ قال : إلى السّبعين بلاء ، وقال : بعد السّبعين رخاء ، وقد مضت السّبعون ولم نر رخاء.

فقال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : إنّ الله قد كان وقّت هذا الأمر في السّبعين ، فلمّا قتل الحسين ـ عليه السّلام ـ غضب الله على أهل الأرض فأخّره إلى الأربعين ومائة سنة ، فحدّثناكم فأذعتم الحديث وكشفتم القناع فأخّره الله ولا يجعل له بعد ذلك وقتا ، والله يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أمّ الكتاب.

قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : وكان ذلك؟

فقال : قد كان ذلك.

وفي كتاب علل الشّرائع (٣) ، بإسناده إلى سماعة ، أنّه سمعه ـ عليه السّلام ـ يقول : ما ردّ الله العذاب عن قوم قد أظلّهم إلّا قوم يونس.

__________________

(١) الخرائج / ٤٧.

(٢) الخرائج / ٤٧.

(٣) العلل ١ / ٧٧ ، ح ٢.

٤٧٠

فقلت : أكان قد أظلّهم؟

فقال : نعم ، حتّى نالوه بأكفّهم.

قلت : فكيف كان ذلك؟

قال : كان ذلك في العلم المثبت عند الله ـ عزّ وجلّ ـ الّذي لم يطلع عليه أحدا أنّه سيصرفه عنهم.

وفي كتاب الخصال (١) : عن عليّ ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، وفيه يقول ـ عليه السّلام ـ : وبنا يمحو الله ما يشاء وبنا يثبت.

وفي كتاب التّوحيد (٢) ، بإسناده إلى الأصبغ بن نباتة : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، يقول فيه : ولو لا آية في كتاب الله لأخبرتكم بما كان وبما يكون وبما هو كائن إلى يوم القيامة ، وهي هذه الآية (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).

وبإسناده (٣) إلى إسحاق بن عمّار ، عمّن سمعه ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) لم يعنوا : أنّه هكذا ، ولكنّهم قالوا : قد فرغ من الأمر فلا يزيد ولا ينقص. وقال الله ـ جلّ جلاله ـ تكذيبا لقولهم : (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) ألم تسمع الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).

وفي عيون الأخبار (٤) ، في باب مجلس الرّضا ـ عليه السلام ـ مع سليمان المروزيّ ، قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ بعد كلام طويل لسليمان : ومن أين قلت ذلك ، وما الدّليل على أنّ إرادته علمه ، وقد يعلم ما لا يريده أبدا وذلك قوله ـ تعالى ـ : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) فهو يعلم كيف يذهب به ولا يذهب به أبدا؟

قال سليمان : لأنّه قد فرغ من الأمر ، فليس يزيد فيه شيئا.

قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : هذا قول اليهود ، فكيف قال : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)؟

قال سليمان : إنّما عني بذلك : أنّه قادر عليه.

__________________

(١) نور الثقلين ٢ / ٥١٤ ، ح ١٧٠.

(٢) التوحيد / ٣٠٥ ، ح ١.

(٣) التوحيد / ١٦٧ ، ح ١.

(٤) العيون ١ / ١٥١ ، ح ١.

٤٧١

قال : أفيعد بما لا يفي به ، فكيف قال : (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ) وقال ـ عزّ وجلّ ـ : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) وقد فرغ من الأمر؟ فلم يحر (١) جوابا.

وفي هذا المجلس (٢) ـ أيضا ـ قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : إنّ من الأمور أمورا موقوفة عند الله ـ تعالى ـ يقدّم منها ما يشاء ويؤخّر ما يشاء [ويمحو ما يشاء] (٣) ، يا سليمان ، إنّ عليّا ـ عليه السّلام ـ كان يقول : العلم علمان : فعلم علّمه الله ملائكته ورسله [فلما علّمه ملائكته ورسله] (٤) فإنّه يكون ولا يكذّب نفسه ولا ملائكته ورسله. وعلم عنده مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه ، يقدّم منه ما يشاء ، ويؤخّر منه ما يشاء ، [ويمحو ما يشاء ، ويثبت ما يشاء.] (٥).

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) : حدّثني أبي ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى الحلبيّ ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إذا كان ليلة القدر نزلت الملائكة والرّوح والكتبة إلى سماء الدّنيا فكتبوا (٧) ما يكون من قضاء الله ـ تبارك وتعالى ـ في تلك السنة (٨) فإذا أراد الله أن يقدّم شيئا أو يؤخّره أو ينقص شيئا [أو يزيده] (٩) أمر الملك (١٠) أن يمحو ما يشاء ثمّ أثبت الّذي أراد.

قلت : [وكلّ شيء] (١١) هو عند الله مثبت في كتاب؟

قال : نعم.

قلت : فأيّ شيء يكون بعده؟

قال : سبحان الله ، ثمّ يحدث الله ـ أيضا ـ ما يشاء ـ تبارك وتعالى ـ.

وفي أصول الكافي (١٢) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحجّال ، عن أبي إسحاق ، ثعلبة ، عن زرارة بن أعين ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ قال : ما عبد الله

__________________

(١) لم يحر جوابا : أي : لم يردّ.

(٢) العيون ١ / ١٤٦ ، ح ١.

(٣) من المصدر.

(٤) من المصدر.

(٥) ليس في المصدر.

(٦) تفسير القمّي ١ / ٣٦٦ ـ ٣٦٧.

(٧) المصدر : فيكتبون.

(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : الليلة.

(٩) من المصدر.

(١٠) المصدر : الله.

(١١) ليس في أ ، ب.

(١٢) الكافي ١ / ١٤٦ ، ح ١.

٤٧٢

بشيء مثل البداء.

وفي رواية (١) ابن أبي عمير ، عن هشام [بن سالم] (٢) ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : ما بعث الله نبيّا حتّى يأخذ عليه ثلاث خصال : الإقرار له بالعبوديّة ، وخلع الأنداد ، وأنّ الله يقدّم ما يشاء ويؤخّر ما يشاء.

الحسين بن محمّد (٣) ، عن معلّى بن محمّد قال : سئل العالم ـ عليه السّلام ـ كيف علم الله؟

قال : علم وشاء وأراد وقدّر وقضى وأمضى ، فأمضى ما قضى وقضى ما قدّر وقدّر ما أراد ، فبعلمه كانت المشيئة ، وبمشيئته كانت الإرادة ، وبإرادته كان التّقدير ، وبتقديره كان القضاء ، وبقضائه كان الإمضاء ، والعلم مقدّم على المشيئة ، والمشيئة ثانية والإرادة ثالثة ، والتّقدير واقع على القضاء بالإمضاء ، فلله ـ تبارك وتعالى ـ البداء فيما علم متى شاء وفيما أراد لتقدير الأشياء. فإذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء ، فالعلم في المعلوم قبل كونه ، والمشيئة في المنشأ قبل عينه ، والإرادة في المراد قبل قيامه ، والتّقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عيانا (٤) ووقتا ، والقضاء بالإمضاء. هو المبرم من المعقولات (٥) ذوات الأجسام المدركات بالحواسّ من ذي (٦) لون وريح ووزن وكيل ، وما دبّ ودرج من إنس وجنّ وطير وسباع وغير ذلك ممّا لا يدرك بالحواسّ ، فلله ـ تعالى ـ فيه البداء ممّا لا عين له ، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء ، والله يفعل ما يشاء.

محمّد بن يحيى (٧) ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : ما بدا لله (٨) في شيء إلّا كان في علمه قبل أن يبدو له.

عنه ، عن (٩) أحمد ، عن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن داود بن فرقد ، عن عمر بن عثمان الجهنيّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله لم يبد (١٠) له من جهل.

__________________

(١) الكافي ١ / ١٤٧ ، ح ٣.

(٢) من المصدر.

(٣) نفس المصدر والمجلد / ١٤٩ ، ح ١٦.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : عيونا.

(٥) المصدر : المفعولات.

(٦) المصدر : ذوي.

(٧) الكافي ١ / ١٤٨ ، ح ٩.

(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : الله.

(٩) الكافي ١ / ١٤٨ ، ح ١٠.

(١٠) كذا في المصدر. وفي النسخ : لم يبدو.

٤٧٣

عليّ بن إبراهيم (١) ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن منصور بن حازم قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ : هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله بالأمس؟

قال : لا ، من قال هذا فأخزاه الله.

قال : قلت : أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة ، أليس في علم الله؟

قال : بلى ، قبل أن يخلق الخلق. الحقّ (٢).

عدّة من أصحابنا (٣) ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن بعض أصحابنا ، عن محمّد بن عمرو (٤) الكوفيّ ، أخي يحيى ، عن مرازم ابن حكيم قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : ما تنبّأ نبيّ قط حتّى يقرّ لله بخمس [خصال] (٥) : بالبداء وبالمشيئة والسّجود والعبوديّة والطّاعة.

وبهذا الإسناد (٦) : عن أحمد بن محمّد ، عن جعفر بن محمّد ، عن يونس ، عن جهم [بن أبي جهمة] (٧) ، عمّن حدّثه ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ أخبر محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ بما كان منذ كانت الدّنيا وبما يكون إلى انقضاء الدّنيا ، وأخبره بالمحتوم من ذلك واستثنى عليه فيما سواه.

وفي مجمع البيان (٨) : وروى عمر بن حفص ، عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : هما كتابان سوى أمّ الكتاب ، يمحو الله منه ما يشاء ويثبت. عنده (٩) وأمّ الكتاب لا يغيّر منه [شيء] (١٠).

وروى محمّد بن مسلم (١١) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن ليلة القدر.

فقال : ينزل الله فيها الملائكة والكتبة إلى السّماء الدّنيا فيكتبون ما يكون من أمر السّنة وما يصيب العباد ، وأمر ما عنده موقوف له فيه المشيئة ، فيقدّم منه ما يشاء ويؤخّر

__________________

(١) الكافي ١ / ١٤٨ ، ح ١١.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) نفس المصدر والموضع ، ح ١٣.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : عمر.

(٥) من المصدر.

(٦) الكافي ١ / ١٤٨ ، ح ١٤.

(٧) من المصدر.

(٨) المجمع ٣ / ٢٩٨. وفيه : وروى عمران بن حصين.

(٩) ليس في المصدر.

(١٠) من المصدر.

(١١) المجمع ٣ / ٢٩٨.

٤٧٤

ما يشاء ويمحو ويثبت وعنده أمّ الكتاب.

روى زرارة (١) ، عن عمران (٢) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : هما أمران : موقوف ومحتوم ، فما كان من محتوم أمضاه ، وما كان من موقوف فله فيه المشيئة يقضي فيه ما يشاء.

وفيمن لا يحضره الفقيه (٣) : وروى أحمد بن إسحاق بن سعد ، عن عبد الله بن ميمون ، عن الصّادق ، جعفر بن محمّد ، عن أبيه ـ عليهما السّلام ـ قال : قال الفضل بن عبّاس : قال لي رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ـ عزّ وجل ـ. قد مضى القلم (٤) بما هو كائن ، فلو جهد النّاس بما ينفعوك بأمر لم يكتبه الله لك لم يقدروا عليه ، ولو جهدوا أن يضرّوك بأمر لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه.

وفي كتاب علل الشّرائع (٥) ، بإسناده إلى يحيى بن أبي العلا الرّازيّ : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، يقول ـ عليه السّلام ـ في آخره ، وقد سئل عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ) : وأما «ن» فكان نهرا في الجنّة أشدّ بياضا من الثّلج وأحلى من العسل ، قال الله ـ عزّ وجلّ ـ له : كن مدادا. فكان مدادا ، ثمّ أخذ شجرة فغرسها بيده ، ثمّ قال : «واليد» القوّة ، وليس حيث تذهب إليه المشبّهة ، ثمّ قال لها : كوني قلما. ثمّ قال له : اكتب.

فقال له : يا ربّ ، وما أكتب؟

قال : [اكتب] (٦) ما هو كائن إلى يوم القيامة.

ففعل ذلك ، ثمّ ختم عليه وقال : لا تنطقنّ إلى يوم الوقت المعلوم.

وفي كتاب معاني الأخبار (٧) ، بإسناده إلى سفيان بن سعيد الثّوريّ : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : وأما «ن» فهو نهر في الجنّة ، قال الله ـ عزّ وجلّ ـ : اجمد. فجمد فصار مدادا ، ثمّ قال ـ عزّ وجلّ ـ للقلم : اكتب. فسطّر القلم

__________________

(١) المجمع ٣ / ٢٩٨.

(٢) المصدر : حمران.

(٣) الفقيه ٤ / ٢٩٦ ، ح ٨٩٦.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : العلم.

(٥) العلل / ٤٠٢ ، ح ٢.

(٦) من المصدر.

(٧) المعاني / ٢٣ ، ح ١.

٤٧٥

في اللّوح المحفوظ ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرّحيم (٢) القصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن (ن وَالْقَلَمِ).

قال : إنّ الله خلق القلم من شجرة في الجنّة يقال لها : الخلد. ثمّ قال لنهر في الجنّة : كن مدادا. فجمد النّهر ، وكان أشدّ بياضا من الثّلج وأحلى من الشّهد ، ثمّ قال للقلم : اكتب.

قال : يا ربّ ، ما أكتب؟

قال : اكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة.

فكتب القلم في رق (٣) أشد بياضا من الفضّة وأصفى من الياقوت ، ثمّ طواه فجعله في ركن العرش ، ثمّ ختم على فم القلم فلم ينطق بعد ولا ينطق أبدا ، فهو الكتاب المكنون الّذي منه النّسخ كلّها ، او لستم عربا ، فكيف لا تعرفون معنى الكلام وأحدكم يقول لصاحبه : انسخ ذلك الكتاب. او ليس إنّما ينسخ من كتاب أخذ من الأصل؟ وهو قوله : (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).

حدّثني أبي (٤) ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : أوّل ما خلق الله القلم ، فقال له : اكتب. فكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة.

وفي مجمع البيان (٥) : قيل : «ن» هو نهر في الجنّة ، قال الله له : كن مدادا. فجمد وكان أبيض من اللّبن وأحلى من الشّهد ، ثمّ قال للقلم : اكتب. فكتب القلم ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة. عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ.

وفي تفسير العيّاشيّ (٦) : عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله كتب كتابا فيه ما كان وما هو كائن فوضعه بين يديه ، فما شاء منه [قدّم ، وما شاء منه] (٧) أخّر ، وما شاء منه محا ، وما شاء منه أثبت ، وما شاء منه كان ، وما لم يشأ (٨) منه لم

__________________

(١) تفسير القمّي ٢ / ٣٧٩ ـ ٣٨٠.

(٢) بعض نسخ المصدر : عبد الرحمن.

(٣) الرقّ : الصحيفة البيضاء.

(٤) تفسير القمّي ٢ / ١٩٨.

(٥) المجمع ٥ / ٣٣٢.

(٦) تفسير العياشي ٢ / ٢١٦ ، ح ٦٤.

(٧) من المصدر.

(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : شاء.

٤٧٦

يكن.

وفي أصول الكافي (١) : محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد الله ، عن الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول : العلم علمان : فعلم عند الله مخزون ولم يطلع عليه أحدا من خلقه وعلم علمه ملائكته ورسله ، فما علّمه ملائكته ورسله فإنّه سيكون لا يكذّب نفسه ولا ملائكته ولا رسله. وعلم عنده مخزون ، يقدّم منه ما يشاء ، ويؤخّر منه ما يشاء ، ويثبت ما يشاء.

وبهذا الإسناد (٢) : عن حمّاد ، عن ربعي ، عن الفضل (٣) قال : سمعت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول : من الأمور أمور موقوفة عند الله ، يقدّم منها ما يشاء ويؤخّر منها ما يشاء.

عدّة من أصحابنا (٤) ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن جعفر بن عثمان ، عن سماعة ، عن أبي بصير [ووهيب بن حفص عن أبي بصير] (٥) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ لله علمين : علم مكنون مخزون لا يعلمه إلّا هو ، من ذلك يكون البداء ، وعلم علّمه ملائكته ورسله وأنبياءه فنحن نعلمه.

وفي كتاب التّوحيد (٦) ، في باب مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ مع سليمان المروزيّ : قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : لقد أخبرني أبي ، عن آبائه أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ أوحى إلى نبيّ من أنبيائه ، أن أخبر فلان الملك أنّي متوفّيه إلى كذا وكذا.

فأتاه ذلك النّبيّ فأخبره ، فدعا الله الملك وهو على سريره حتّى سقط من السّرير ، فقال : يا رب ، أجّلني حتّى يشبّ طفلي واقضي أمري.

فأوحى الله ـ عزّ وجلّ ـ إلى ذلك النّبيّ ، أن ائت فلان الملك فأعلمه أنّي قد أنسيت في أجله وزدت في عمره خمس عشرة [سنة] (٧).

فقال ذلك النّبيّ : يا ربّ ، إنّك لتعلم أنّي لم أكذب قطّ.

__________________

(١) الكافي ١ / ١٤٧ ، ح ٦.

(٢) الكافي ١ / ١٤٧ ، ح ٧.

(٣) المصدر : الفضيل.

(٤) الكافي ١ / ١٤٧ ، ح ٨.

(٥) من المصدر.

(٦) التوحيد / ٤٤٣ ـ ٤٤٤ ، ح ١.

(٧) من المصدر.

٤٧٧

فأوحى الله ـ عزّ وجلّ ـ إليه : إنّما أنت عبد مأمور ، فأبلغه ذلك ، والله لا يسأل عمّا يفعل.

(وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) : وكيفما دارت الحال أريناك بعض ما أوعدناهم ، أو توفيناك قبله.

(فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ) : لا غير.

(وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) (٤٠) : للمجازاة لا عليك ، فلا تحتفل بإعراضهم ولا تستعجل بعذابهم فإنّا فاعلون له ، وهذا طلائعه (١).

(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ) :

قيل (٢) : أي : أرض الكفرة.

(نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) : بذهاب أهلها.

وقيل (٣) : بما نفتحه على المسلمين.

وفي أصول الكافي (٤) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد [عن محمد] (٥) بن عليّ ، عمّن ذكره ، عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : كان عليّ بن الحسين ـ عليه السّلام ـ يقول : إنّه يسخى نفسي (٦) في سرعة الموت والقتل فينا قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها). وهو ذهاب العلماء.

وفي من لا يحضره الفقيه (٧) : وسئل عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها).

فقال : فقد العلماء.

وفي كتاب الاحتجاج (٨) للطّبرسيّ : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : وقال : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) ، يعني

__________________

(١) أي : الإخبار بأنّ «علينا الحساب» طليعة العذاب ، اي : مقدّمته ، إذ هو مخبر عنه.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٢٣.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٥٢٣.

(٤) الكافي ١ / ٣٨ ، ح ٦.

(٥) من المصدر.

(٦) قال الفيض : يعني : مفاد هذه الاية : يجعل نفسي سخيّة في سرعة الموت أو القتل فينا ، أهل البيت ، فتجود نفسي بهذه الحياة اشتياقا إلى لقاء الله ـ تعالى ـ.

(٧) الفقيه ١ / ١١٨ ، ح ٥٦٠.

(٨) الاحتجاج / ٢٥٠.

٤٧٨

بذلك : ما يهلك من القرون ، فسمّاه إتيانا.

وفي مجمع البيان (١) : اختلف في معناه على أقوال.

... إلى قوله : ثانيها «ننقصها» بذهاب علمائها وفقهائها وخيار أهلها. وروي ذلك عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ.

(وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) : لا رادّ له. وحقيقته ، الّذي يعقّب الشيء بالإبطال. ومنه قيل لصاحب الحقّ : معقّب ، لأنّه يقفو غريمه بالاقتضاء (٢). والمعنى : أنّه حكم للإسلام بالإقبال ، وعلى الكفر بالإدبار ، وذلك كائن لا يمكن تغييره.

ومحلّ «لا» مع معموله النّصب على الحال ، أي : يحكم نافذا حكمه ، كما تقول : جاء زيد لا عمامة على رأسه ولا قلنسوة ، تريد : حاسرا.

(وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (٤١) : فيحاسبهم عمّا قليل في الآخرة بعد ما عذبهم بالقتل والإجلاء في الدّنيا.

(وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) : بأنبيائهم والمؤمنين منهم.

(فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً) : إذ لا يؤبه (٣) بمكر دون مكره ، لأنّه القادر على ما هو المقصود منه دون غيره.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : قال : المكر من الله هو العذاب.

(يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ) : فيعدّ جزاءها.

(وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ) (٤٢) : من الحزبين حيثما يأتيهم العذاب المعدّ لهم وهم في غفلة منه. وهذا كالتّفسير لمكر الله بهم.

و «اللّام» تدلّ على أنّ المراد بالعقبى : العاقبة المحمودة (٥) ، مع ما في الإضافة ، كما عرفت.

وقرأ (٦) ابن كثير ونافع وأبو عمرو : «الكافر» على إرادة الجنس.

وقرئ (٧) : «الكافرون». و «الّذين كفروا». و «الكفر» ، أي : أهله.

«وسيعلم» من أعلمه : إذا أخبره.

__________________

(١) المجمع ٣ / ٣٠٠.

(٢) أي : يعقّب غريمه ملتبسا بالتّقاضي.

(٣) أي : لا يبالى ولا يعتبر.

(٤) تفسير القمّي ١ / ٣٦٧.

(٥) لأن اللام للنفع.

(٦ و ٧) أنوار التنزيل ١ / ٥٢٣.

٤٧٩

(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً) :

قيل (١) : المراد بهم : رؤساء اليهود.

(قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) : فإنّه أظهر من الأدلّة على رسالتي ما يغني عن شاهد يشهد عليها.

(وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (٤٣) : مرتفع بالظّرف ، فإنّه معتمد على الموصول.

ويجوز أن يكون مبتدأ والظّرف خبره.

وقيل (٢) : أي : علم القرآن وما الّف عليه من النّظم المعجز. أو علم التّوراة ، وهو ابن سلام وأضرابه. أو علم اللّوح المحفوظ ، وهو الله ـ تعالى ـ ، أي : كفى بالّذي يستحقّ العبادة وبالّذي لا يعلم ما في اللّوح إلّا هو شهيدا بيننا ، فيخزي الكاذب منّا. ويؤيّده قراءة من قرأ : «ومن عنده» بالكسر (٣).

وفي كتاب الاحتجاج (٤) للطّبرسيّ ـ رضي الله عنه ـ : محمّد بن أبي عمير الكوفيّ ، عن عبد الله بن الوليد السّمّان قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : ما يقول النّاس في أولى العزم وصاحبكم أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ؟

قال : قلت : ما يقدّمون على أولي العزم أحدا.

فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ قال لموسى : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً) ولم يقل : كلّ شيء ، وقال لعيسى (٥) ـ عليه السّلام ـ : (وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) ولم يقل : كلّ [شيء] (٦) [الّذي تختلفون به] (٧) ، وقال لصاحبكم (٨) أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) وقال ـ عزّ وجلّ ـ : (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) وعلم هذا الكتاب عنده.

__________________

(١ و ٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٢٣.

(٣) اي : قراءة «من عنده» الّذي هو من الحروف الجارّة ، والتّأييد لأجل أن الذي حصل من عنده علم الكتاب هو الله ـ تعالى ـ يؤيّد قول من قال : «من» بفتح الميم عبارة عن الله.

(٤) الاحتجاج / ٣٧٥.

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : عن عيسى.

(٦) من المصدر.

(٧) ليس من المصدر.

(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : من صاحبكم.

٤٨٠