ومعنى البيت : كأنا على حمير قد لاحها أي : عطّشها. جنوب ذوت عنها التناهي : حفّت عن الجنوب ، والتناهي : غدران الماء والمستنقعات ، وأنزلت الجنوب بهذه الحمير يوم ذبّاب السبيب : يوم حرّ احتاجت فيه إلى تحريك أذنابها. والسبيب في هذا الموضع : أذنابها. وصيام : قيام. ورمي السفا عطف على جنوب ، كأنه قال : لاحها جنوب ورمي السفا ، كقولك : قام وزيد عمرو ، ومعنى أنفاسها : أنوفها لأنها مواضع الأنفاس. والسفي : شوك البهمي ، وصار ما يصيب أنوفها من ذلك بمنزلة السهام ، وإنما يريد أنّ هذه الحمير أسرع ما تكون في هذه الحال ، كأنا عليها من السّرعة والانزعاج.
هذا باب ما يكون فيه الشيء غالبا عليه اسم يكون لكلّ من كان من
أمّته أو كان في صفته
من الأسماء التي تدخلها الألف واللام ، وتكون نكرته الجامعة لما ذكرت من المعاني.
" وذلك قولك : فلان ابن الصّعق ، والصّعق صفة تقع على كلّ من أصابه الصّعق ، ولكنّه غلب عليه حتى صار علما بمنزلة زيد وعمرو ، وقولهم النجم ، صار علما للّثريّا ، وكابن الصعق قولهم : ابن ألان ، وابن كراع ، صار علما لإنسان واحد ، وليس كلّ من كان ابنا لألان وابنا لكراع غلب عليه هذا الاسم ، فإن أخرجت الألف واللام من النجم والصّعق لم يصر معرفة ، من قبل أنك إنما صيّرته معرفة بالألف واللام ، كما صار ابن ألان معرفة بألان ، وليس هذا بمنزلة عمرو وزيد وسالم ، لأنها أعلام جمعت ما ذكرنا من التطويل وحذفوا ، وزعم الخليل : إنه إنّما منعهم أن يدخلوا في هذه الأسماء الألف واللام ، أنّهم لم يجعلوا الرجل الذي سمّي بزيد من أمة كلّ واحد منهم يلزمه هذا الاسم ، ولكنّهم جعلوه سمّي به خاصّا ، وزعم الخليل أن الذين قالوا الحرث والحسن والعبّاس ، إنّما أرادوا أن يجعلوه سمّي به ، ولكنهم جعلوه كأنه وصف له غلب عليه ، ومن قال : حارث ، وعباس ، فهو يجريه مجرى زيد.
وأمّا ما ألزمته الألف واللام فلم تسقط فإنما جعلت الشيء الذي يلزمه ما لزم كلّ واحد من أمته ، وأمّا الدّبران والسّماك والعيّوق وهذا النحو ، فإنّما تلزمه الألف واللام من قبل أنه عندهم الشيء بعينه".