إلى نكرة ، بمنزلة قولك : هذا ابن رجل منطلق. ونظير ذلك هذا قيس قفّة آخر منطلق ، وقيس قفّة لقب ، والألقاب والكنى بمنزلة الأسماء ، نحو زيد وعمرو ، ولكنه أراد في قيس قفة ما أراد في قوله : هذا عنمان آخر ، فلم يكن له بد من أن يجعل ما بعده نكرة ؛ لأنه لا يكون الاسم نكرة وهو مضاف إلى معرفة ، وعلى هذا الحدّ تقول : هذا زيد منطلق ، كأنك قلت : هذا رجل منطلق ، فإنما أدلت النكرة على هذا العلم الذي إنما وضع للمعرفة ، ولها جيء به : فالمعرفة هنا الأولى)
يريد أنّ ابن عرس ـ وإن كان موضوعا للتعريف في الأصل ـ فقد يجوز أن ينكّر كما ينكّر زيد وعمرو ، وإن كان موضوعهما معرفة. فإذا قلنا : هذا ابن عرس مقبل ، فيكون على وجهين : أحدهما ، أن يكون ابن عرس على تعريفه ، وترفع مقبل على ما ترفعه عليه لو قلت : هذا عبد الله مقبل ، وقد مضت وجوه الرفع فيه. والوجه الآخر ، أن تجعل ابن عرس نكرة ، ومقبل نعت له.
قال سيبويه : بعد ذكره ابن لبون ، وابن مخاض ، وابن ماء ، وأنّهنّ نكرات قال : (وكذلك ابن أفعل إذا كان ليس باسم لشيء) يعنى أن ابن أفعل ـ وإن كان لا ينصرف ـ فهو نكرة إذا لم يجعل علما لشيء كابن أحقب ، وهو الحمار وهو نكرة. وتدخل عليه الألف واللام فيصير معرفة كقولك : مررت بابن الأحقب ، وحكى عن ناس قالوا : كل ابن أفعل معرفة لأنه لا ينصرف. فقال سيبويه : " هذا خطأ لأن أفعل لا ينصرف وهو نكرة ، ألا ترى أنك تقول : هذا أحمر قمدّ (١) ، فترفعه إذا جعلته صفة للأحمر ، ولو كان معرفة كان نصبا ، فالمضاف إليه بمنزلته) يريد أن منع الصرف في أفعل لا يوجب له التعريف كما لم يوجب ذلك في أحمر وأنشد لذي الرمّة :
كأنّا على أولاد أحقب لاحها |
|
ورمي السّفا أنفاسها بسهام |
جنوب ذوت عنها التّناهي وأنزلت |
|
بها يوم ذبّاب السّبيب صيام (٢) |
الشاهد من البيتين : أن صيام الذي في آخر البيت الثاني صفة لأولاد ، فأولاد أحقب نكرة ، فعلم أن أحقب نكرة ؛ لأن المضاف إليه نكرة.
__________________
(١) القمد هو الشديد الغليظ.
(٢) البيت في ديوانه ٢ / ١٠٧٢ ، اللسان (سهم).