منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٢

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري

منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٢

المؤلف:

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري


المحقق: الدكتور جميل عبدالله محمد المصري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: جامعة أم القرى
الطبعة: ٠
ISBN الدورة:
9960-03-366-X

الصفحات: ٤٨٠

](١) الجانب الغربي ، فاتصلت (٢) منه بالسقف ، وعم الحريق الجانب الغربي ، وبعض الرواقين (٣) المقدمين من الجانب الشامي إلى محاذاة باب العجلة (٤) ، بما كان من السقوف والأساطين. وانطفت النار هناك.

وسبب وقوفها هناك : أنّ سيلا جاء قبل الحريق ، في يوم الخميس العاشر من جمادى الأولى من السنة المذكورة ، ودخل المسجد ، وبلغ إلى القناديل ، وهدم عمودين في المسجد ودورا (٥) كثيرة ، ومات فيه تحت الغرق والهدم نحو ستين إنسانا ، وهدم اسطوانتين هناك فسقط ما يحاذيهما من السقف. وكان / هذا سبب وقوف النار (عن أن تعم) (٦) المسجد.

قلت : كذا قاله (٧). ولم يذكر (٨) في أي يوم ، ولا في أي شهر (٩). والله أعلم.

قال : فكتب بذلك إلى صاحب مصر السلطان فرج بن برقوق (١٠)

__________________

(١) زيادة من (د).

(٢) في (د) «والتصق».

(٣) في (ج) «الرواق».

(٤) باب العجلة : كان من أبواب الحرم المكي الشمالية بجانب الشامي ، وسمي بذلك لكونه عند دار العجلة في حد المسفلة والمعلاة. الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٨٤.

(٥) في (ب) «وهدم دورا». وفي (ج) «وهد دورا».

(٦) في (ج) «على أن يعم».

(٧) الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٦٥.

(٨) في (ب) ، (ج) «يقل».

(٩) وذكر النجم بن فهد : «أنه في ليلة الخميس عاشر جمادى الأولى». ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٢٠.

(١٠) فرج بن برقوق بن آنص الملك الناصر. تسلطن مرتين : الأولى وعمره عشر سنوات في نصف شوال سنة ٨٠١ ه‍. وفر عن السلطة سنة ٨٠٨ ه‍. ثم أعيد في

٤٠١

ثاني ملوك الجراكسة ، فأرسل الأمير بيسق الظاهري (١) سنة ثمانمائة وأربعة.

قال التقي (٢) : «سنة ثمانمائة وثلاثة من الهجرة» ـ.

فشرع بعد الحج في العمارة.

قال التقي (٣) : «وفرغ سنة ثمانمائة وأربعة.

وعمر المذكور (٤) رباطا من ماله ، فسمي رباط ناظر الخاص ، إلا أنه لم يسقف المسجد في ذلك العام. وعزم إلى مصر سنة ثمانمائة وخمسة.

[وهم السنجاري في إعادته لقصة حج جميلة الموصلية]

قال الفاسي (٥) : وفي سنة ثمانمائة وست ، حجت جميلة

__________________

نفس العام. ومات مقتولا سنة ٨١٥ ه‍. انظر : ابن حجر العسقلاني ـ أنباء الغمر ٢ / ٣٢٩ ، الملطي ـ عبد الباسط بن خليل ـ نزهة الأساطين ١٢٠ ـ ١٢٢ ، الطبري ـ الأرج المسكي ٢٧٥ ـ ٢٧٧.

(١) سقطت من (ب). وهو بيسق الشيخي أو الشيوخي الظاهري أمير اخور ثاني. توفي سنة ٨٢١ ه‍. انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٦٥ ، المقريزي ـ السلوك ٣ / ٣ / ١٠٦٤ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٢٣ ، ٤٣٨ ، ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ١٦٧ ، السخاوي ـ الضوء اللامع ٣ / ٢٢.

(٢) الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٤٠٣.

(٣) الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٤٠٣.

(٤) في (د) «وعمر الرباط المذكور من ماله».

(٥) توهم السنجاري في نقل هذا الخبر مرة أخرى. فهو من حوادث سنة ٣٦٦ ه‍. كما استدرك ذلك في نهاية الخبر. ولم يذكره الفاسي في هذا العام ٨٠٦ ه‍. انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٥٣. والغريب أن جميع النسخ أثبتت ذلك دون تعليق!!.

٤٠٢

الموصلية ابنة ناصر الدولة أبي محمد الحسن بن عبد الله بن حمدان. فسقت أهل عرفة كلهم السويق والسكر والثلج ، حملته معها ، وحملت البقول مزروعة في مراكن الخشب ، وأعدت للفقراء خمسمائة بعير ، تحملهم عليها في الطريق. ونثرت على الكعبة عشرة آلاف دينار ، ولم توقد في الحرم مدة إقامتها غير (١) شمع العنبر. وأعتقت بمكة ثلاثمائة عبد ومائتي جارية. وأغنت جميع الفقراء المجاورين.

ـ كذا نقله (٢) من تذكرة الشيخ علي بن عراق [اليمني](٣) المدني ـ.

والذي رأيته في رياض الطرف لابن قديرار نقلا عن الثعالبي (٤) في لطائف المعارف : أن حج جميلة كانت سنة ثلاثمائة وست وستين. وتقدم نقله (٥).

وذكر الإمام عبد القادر الطبري في كتابه أساطين الشعائر الإسلامية (٦) :

«أنه كان معها أربعمائة محمل على لون واحد ، لا يعلم أيّهم هي فيه. وكان معها عشرة آلاف جمل وألف عجوز ، ولم تحوج الناس إلى مأكول ولا مشروب ، وأنفقت بمكة عشرين ألف دينار غير ما نثرته على الكعبة. وزوّجت كلّ علوي وعلوية بالحرمين.

__________________

(١) في (ب) ، (د) «إلا».

(٢) في (د) «نقلته».

(٣) زيادة من (د).

(٤) في (د) «الشاطبي».

(٥) في هذا الكتاب ٢ / ٢٠٦.

(٦) كان الأولى بالسنجاري أن يذكر هذا في حوادث سنة ٣٣٦ ه‍ ما دام نبه على ذلك. وما دام الأمر في عصر الحمدانيين والبويهيين.

٤٠٣

ويقال أن الذي أنفقته في هذه الحجة ألف ألف / دينار ومائة وخمسون ألف دينار.

ولما رجعت إلى بغداد صادرها عضد الدولة بن بويه ، واستصفى أموالها. ثم أراد حملها إليه ، فخرجت مع رسله ، وتحيّلت حتى (١) ألقت نفسها في دجلة.

وكانت من أزهد الناس وأعبدهم وأجراهم دمعة. وكانت تقوم نافلة الليل وتسمع العظاة ، وتكثر الصدقات. رحمها الله تعالى» ـ انتهى ـ.

[العودة إلى عمارة بيسق الظاهري]

وفي سنة ثمانمائة وسبعة : رجع الأمير بيسق ، وسقف المسجد الحرام ، ونقشه ، ورمى على جميع سطح الحرم طبطابا (٢).

قال التقي (٣) : «وفي هذه السنة عمرت سقاية العباس (٤) بالحجر.

__________________

(١) في (د) «إلى أن».

(٢) والطبطاب ـ الأخشاب العريضة. انظر : لسان العرب ١ / ٥٥٦ ، وفي ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٣٠ ، والفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٥٣ ، وابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ص ١٢٧ : «سقف بخشب العرعر وذلك لتعذر خشب الساج». وفي شفاء الغرام للفاسي ١ / ٣٦٦ : «والخشب الذي سقف به ذلك يقال له خشب العرعر ، جيء به إلى مكة من جهة الطائف».

(٣) التقي الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٤١٦.

(٤) سقاية العباس : كان بيت كبير مربع له قبة شرقي الكعبة وجنوبي زمزم. عمل أيام المهدي بستة أحواض. وأزيلت هذه تماما سنة ١٣٢١ ه‍ في ولاية الشريف عون توسعة للمصلين. انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٤١٦ ، إبراهيم رفعت ـ مرآة الحرمين ١ / ٢٥٩.

٤٠٤

وكانت بالخشب (١) عمرها الوزير الجواد الأصبهاني (٢). فعمرت بالحجر في هذه السنة بأمر الناصر بن السلطان قلاوون (٣).

وعمر الأمير بيسق في هذه السنة المقامات الثلاث (٤) ، وصفتها : اسطوانتان [من حجارة](٥) عليها عقد مشرف من أعلاه ، وفيه (٦) خشبة معترضة ، فيها خطاطيف للقناديل ، وما بين الأسطوانتين محراب مرخم (٧) من حجارة ونورة ، إلا مقام الشافعي فإنه لا محراب فيه.

وأما مواضعها : فمقام الشافعي خلف مقام إبراهيم عليه‌السلام. والحنفي بين الركنين الشامي والغربي (٨) والمالكي بين الركنين الغربي واليماني ، والحنبلي تجاه الحجر الأسود.

وذكر الفاسي ذرع ما بين هذه المقامات (٩) إلى الكعبة في تاريخه شفاء الغرام (١٠).

واستمرت صفة المقامات إلى سنة تسعمائة (١١) وثلاث وعشرين. وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) في (د) «من خشب».

(٢) في هذا الكتاب.

(٣) أي الناصر فرج بن برقوق بن آنص ٨٠١ ـ ٨١٥ ه‍. سبق ذكره.

(٤) انظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٤٢.

(٥) زيادة من ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٤٢.

(٦) في (ب) «وفيهما» .. وفي (ج) ، (د) «وفيها».

(٧) في (ب) ، (ج) «منبر». وسقطت من (د). والعبارة مضطربة في ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٤٢ ـ ٤٤٣.

(٨) في (د) «والمغربي».

(٩) في (ج) «المقات».

(١٠) شفاء الغرام للفاسي ١ / ٣٩٢ ـ ٣٩٣ وقد أزيلت هذه المقامات في العهد السعودي كما سبقت الإشارة إليه.

(١١) في (ب) ، (ج) «سبعمائة». وهو خطأ.

٤٠٥

(وفي سنة ٨١٥ ه‍ تسلطن المستعين أبو الفضل العباسي الخليفة (١). فخلع بعد ستة أشهر ، وبويع لأخيه المعتضد بالله أبو الفتح داود) (٢).

[مشاركة الشريف بركات لوالده حسن في الولاية سنة ٨٠٩ ـ ٨١١ ه‍]

وفي سنة ثمانمائة وتسع (٣) : أشرك الشريف حسن ابنه زين الدين بركات بن حسن في إمرة مكة. ووصل توقيعه (٤) بذلك في موسم هذه السنة ، وهو مؤرخ بشعبان منها.

[هدية السلطان غياث الدين سلطان بنغالة وسلطان كنباية سنة ٨٠٩ ه‍]

وفيها : أي سنة ثمانمائة وتسع ، وصل إلى الشريف حسن بن عجلان هدية كبيرة من / صاحب بنكالة (٥) السلطان غياث الدين أعظم

__________________

(١) المستعين بالله العباسي بن محمد بن أبي بكر بن سليمان بن أحمد العباسي ـ الخليفة بمصر ٨٠٨ ـ ٨٣٣. تسلطن بمصر الى جانب الخلافة سنة ٨١٥ ه‍ بالشام ، وحضر الى مصر ثم خلع من السلطنة في العام نفسه ، وبقي على الخلافة. وكان خلعه بالمؤيد شيخ المحمودي. انظر : ابن تغري بردي ـ النجوم الزاهرة ١٣ / ١٨٩ ـ ٢٠٨ ، الدليل الشافي ١ / ٢٠٦ ، ٣٨١. ثم خلع عن الخلافة بأخيه المعتضد داود في العام نفسه وزج به الى السجن. ثم أطلق. وتوفي بالطاعون سنة ٨٣٣ ه‍. السيوطي ـ تاريخ الخلفاء ٥٠٨.

(٢) ما بين قوسين سقط من (ج).

(٣) الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٣٠. وانظر : الفاسي ـ العقد الثمين ٤ / ١٠٣ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٥٣ ، الضوء اللامع للسخاوي ٤ / ١٣.

(٤) في (د) «توفيقه».

(٥) في (ب) ، (د) «بنغاله». وفي (ج) «بنجاله». وكلها صحيحة فالكاف المثبتة كاف فارسية. وبنغالة هي ما تسمى اليوم بنغلادش.

٤٠٦

شاه (١) ، ووزيره خان جهان ، ومعه صدقة لأهل الحرمين ، وخلع للقضاة والأئمة ، وهدية من صاحب كنباية (٢) ، وكتاب يخبر فيه أنه : «أنهي إلينا أن الناس في صلاة الجمعة ، لا يجدون ما يستظلون به من الشمس لسماع الخطبة بالمسجد الحرام ، وأن بعض الناس ، منهم الشيخ موسى المناوي ، حسّن لنا أن نجعل ما يستظل به الناس ، وأنا بعثنا بخيام تنصب في الطواف».

فنصبت الخيام حول المطاف مدة قليلة ، ثم أخذها الشريف ، وكان من (٣) نصبها ضرر بعثار الناس بأطنابها. ونصبت بعد سفر الحج المصري من مكة أياما قلائل. ـ انتهى ـ.

ذكره في اتحاف الورى بأخبار أم القرى (٤).

(وفي هذه السنة توفي المتوكّل على الله (٥) الخليفة العباسي ،

__________________

(١) السلطان غياث الدين أبو المظفر أعظم شاه بن اسكندر شاه. توفي سنة ٨١٤ ه‍. انظر : السيوطي ـ تاريخ الخلفاء ٥٠٨ ، الفاسي ـ العقد الثمين ٣ / ٣٢٠. وكان اسكندر شاه قد انفصل عن الدولة التّغلقية التي تفككت بعد وفاة فيروز تغلق سنة ٧٩٠ ه‍. ثم بعد غزو تيمور لنك لدلهي سنة ٨٠١ ه‍. انظر : دور التغلقيين في نشر الإسلام ـ حاضر العالم الإسلامي للمحقق ص ٣٨٨. ومن أعماله بمكة المشرفة مدرسة تولى شراء عرصتها وعمارتها ووقفها خادمه ياقوت السلطاني الغياثي سنة ٨١٤ ه‍. انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٥٢٤ ـ ٥٢٦.

(٢) في ابن فهد ـ اتحاف الورى «كمباية» ٣ / ٤٥٢. وهي احدى ولايات الهند. وعاصمتها كنباية ، وكان اشتهر فيها القماش والتيل واللك والكابلي. انظر : هامش ابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٢٧٨.

(٣) في (ب) ، (د) «في».

(٤) النجم بن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٥٢ ـ ٤٥٣.

(٥) المتوكل على الله أبو عبد الله محمد بن المعتضد ولي الخلافة ٧٦٣ ه‍. وتوفي سنة ٨٠٨ ه‍. وعزل أكثر من مرة وعاد الى الخلافة الى وفاته. انظر : السيوطي

٤٠٧

بمصر ، وبويع لابنه المستعين بالله أبو الفضل (١) العباسي (٢).

[القبض على أمير الحج الشامي سنة ٨١٠ ه‍]

وفي سنة ثمانمائة وعشرة : قبض أمير الحج المصري (٣) ، على أمير الحج الشامي (٤). وسار معه ، ولم يجلس بمكة ، تخوّف أن ينمى الخبر إلى الشام ، فيتعرضون الحج ، فأسرع في (٥) الرجوع إلى مصر.

[مشاركة أحمد بن حسن لأخيه بركات في الولاية ، وتولية حسن نيابة السلطنة في الحجاز سنة ٨١١ ه‍]

ثم تكلم مولانا الشريف الحسن لابنه السيد أحمد بن حسن في مشاركته [لأخيه بركات](٦).

فأجيب إلى سؤاله. فولي أحمد (٧) نصف إمارة مكة شركة أخيه [بركات](٨). وولي أبوهما نيابة السلطنة في جميع بلاد الحجاز ،

__________________

تاريخ الخلفاء ص ٥٠١ ـ ٥٠٥.

(١) المستعين بالله أبو الفضل العباس بن المتوكل ٨٠٨ ـ ٨١٥ ه‍. وسبق ذكره. انظر : السيوطي ـ تاريخ الخلفاء ٥٠٥ ـ ٥٠٩.

(٢) ما بين قوسين سقط من (ج) ، (د).

(٣) وأمير الحج المصري كان «بيسق الشيخي». الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٤٠٣ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٥٩ ، المقريزي ـ السلوك ٤ / ١ / ٦٨.

(٤) وأمير الحج الشامي هو «قمر قماس». انظر المصادر في الهامش السابق.

(٥) سقطت من (ب) ، (ج). وفي (د) «بالرجوع».

(٦) ما بين حاصرتين من الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٠٨. وانظر : السخاوي ـ الضوء اللامع ٣ / ١٣ ، ١ / ٢٧٤.

(٧) جاءت في (ب) ، (ج) ، (د) بعد كلمة «مكة».

(٨) زائدة من (ج).

٤٠٨

وذلك في ربيع الأول سنة ثمانمائة وإحدى عشرة (١) ، وقريء توقيعهم بذلك في أوائل النصف الثاني من شهر (٢) ربيع الآخر من السنة المذكورة.

وصار يدعى له ولولديه في الخطبة بمكة. ويدعى للشريف حسن بمفرده في الخطبة بالمدينة (٣).

[ترجمة أحمد بن حسن بن عجلان]

قال السخاوي في كتابه الضوء اللامع (٤) :

«أحمد بن حسن بن عجلان بن رميثة منجد بن أبي نمي محمد ابن أبي سعد (٥) بن علي بن قتادة ... الخ : نشأ بمكة وأشركه أبوه مع أخيه (٦) بركات بن (٧) حسن بن عجلان في إمرتها سنة إحدى عشرة وثمانمائة. تكرر له ذلك.

وبعد موت أبيه توجه إلى زبيد (٨) من اليمن ، مفارقا لأخيه المذكور. فمات هناك سنة ثمانمائة واثنتي عشرة».

__________________

(١) الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٣٠ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٦٢ ـ ٤٦٣.

(٢) في (ج) «شهور».

(٣) وهذا أول شريف لمكة يلي المدينة. ويصبح نائبا للسلطنة في الحجاز من الحسنيين في عهد المماليك.

(٤) السخاوي ـ الضوء اللامع ٣ / ٢٥٦.

(٥) في (د) «أبي سعيد».

(٦) في (د) «أخويه».

(٧) سقطت من (ب).

(٨) زبيد : أشهر مدن اليمن ، أحدثت زمن المأمون سنة ٢٠٤ ه‍. مركزا للدولة الزيادية في اليمن. وأنتجت كثيرا من العلماء. انظر : ياقوت ـ معجم البلدان ٣ / ١٣١ ـ ١٣٢.

٤٠٩

(قال القاضي (١) : «وفي سنة ثمانمائة وإحدى عشرة) (٢) : عرض إلى السلطان فرج بن برقوق اختلاط صلاة (٣) الناس في فرض المغرب بموجب الأئمة في وقت واحد بالمسجد الحرام ، فورد أمره : أنه لا يصلي المغرب إلا الإمام الشافعي فقط. (فصار يصلي إمام الشافعي بالناس المغرب) (٤).

واستمر الشريف حسن وأولاده إلى سنة اثنتي عشرة (٥) / وثمانمائة. كما سيأتي إن شاء الله تعالى (٦).

[مدرسة غياث الدين أعظم شاه]

قال القطب (٧) : «وفي أيامه : أرسل سلطان الهند غياث الدين أعظم شاه ، بصدقة لأهل الحرمين. وأرسل يستأذن [الشريف حسن](٨) في بناء مدرسة بمكة. فأذن له.

فاشترى خادمه (٩) دارين متلاصقتين على باب أم هانيء (١٠)

__________________

(١) القاضي ابن ظهيرة جمال الدين محمد جار الله بن محمد ـ الجامع اللطيف في فضل مكة وأهلها وبناء البيت الشريف ص ١٣٣.

(٢) ما بين قوسين سقط من (ج) ، (ب).

(٣) سقطت من (ب).

(٤) ما بين قوسين في (ج) «فصار لا يصلي المغرب إلا الإمام الشافعي بالناس». وذكر الناسخ أن في نسخة أخرى ما أثبتناه من النسخ الأخرى.

(٥) في الأصول «اثني عشر». والاثبات من المحقق.

(٦) في هذا الكتاب. وانظر : ابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٢٣٨.

(٧) القطب الحنفي. وانظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٥٢٤ ـ ٥٢٦.

(٨) من (ب) ، (د). وفي (أ) ، (ج) «وأرسل ستأذن في بناء مدرسة بمكة من الشريف حسن».

(٩) واسمه ياقوت السلطاني الغياثي. الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٥٢٤.

(١٠) في (ب) ، (د) «امهاني». والباب نسبة إلى أم هانيء بنت أبي طالب ،

٤١٠

وبناهما (١) مدرسة ورباطا ، واشترى لهما بعض الجهات تصرف غلاتها (٢) على أربعة مدرسين على المذاهب الأربعة ، وقرر ربعة (٣) تقرأ ، وستين طالبا (٤).

[فتنة سنة ٨١٢ ه‍ بين الشريف حسن وأمير الحاج المصري]

وفي سنة ثمانمائة واثنتي عشرة : كان بين الشريف حسن (وبين أمير) (٥) الحاج المصري (٦) منافرة. حصل بسببها قتل (٧) في الحجاج ، ونهب لكثير منهم ، حال توجههم إلى عرفة ومنى ليلة النحر ، وتخلّف أكثر أهل مكة عن الحج.

وسبب ذلك (٨) :

أن أمير الحاج (٩) ، لما وصل إلى ينبع ، أعلن للناس بها ، أن أمير مكة معزول ، وأنه يريد محاربته ، فنمى الخبر إلى الشريف ، فاستعد

__________________

من أبواب الحرم الجنوبية. انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٨٢ ـ ٣٨٣.

(١) بالأصل وبناها والتصويب من ...

(٢) في (ج) «غلتها».

(٣) في (ب) ، (ج) «وربعة».

(٤) وكان ذلك عام ٨١٣ ه‍. كما ذكر في الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٥٢٤ ـ ٥٢٦ ، الفاسي ـ العقد الثمين ٤ / ١٠٨ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٨١ ، ٤٨٥ ، ابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٢٨٣ ، ٢٨٤.

(٥) في (د) «وأمير».

(٦) وهو الأمير بيسق السابق ذكره.

(٧) في (ج) «القتال». وذكر الناسخ : «في نسخة أخرى القتل».

(٨) انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٤٠٣ ـ ٤٠٥ ، الفاسي ـ العقد الثمين ٦ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٧٠ ـ ٤٧٢ ، ابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٢٨١ ـ ٢٨٢.

(٩) بيسق السابق ذكره.

٤١١

للقتال ، (وجمع الخيل والرجال».

قال في الوقائع :) (١)

«وجمع من الخيل والرجال ما لم يجمع مثله أحد ، قيل ستمائة فرس ، وخمسة الآف مقاتل من الرجال ، حتى ضاقت بهم مكة ، وتعبت الخواطر ، وتوقع الناس فتنة عظيمة.

فبينما هم كذلك ، إذ لاطف الله تعالى ، وأتى الخبر من مصر بأن السلطان قد أعاد الشريف حسن وأولاده ، وبعث إليهم بالخلع مع خادمه الخاص فيروز (٢).

وبعد ذلك بيوم أو يومين ، وصل الخادم فيروز مكة ، وألبس الشريف وأولاده التشاريف السلطانية ، وقريء العهد الذي معه بعودهم».

وتأخر أمير الحج (٣) عن الدخول ، تخوفا من الشريف حسن (٤) ، لما بلغه ما هو فيه من القوة. فتكلم الأغا فيروز مع الشريف في عدم مؤاخذة أمير الحاج ، وطلب منه أن يأذن له في الدخول. فأجابه الشريف إلى ذلك ، مع اشتراط أن يسلم له الأمير جميع ما معه من السلاح إلى وقت خروجه.

فضمن فيروز المذكور (ذلك ، وسلم أمير الحاج جميع ما معه

__________________

(١) للسيد البهنسي. وانظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٤٠٤ ، ابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٢٨٤.

(٢) فيروز الشامي الخازنداري الرومي. توفي سنة ٨١٤ ه‍. ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٧١ ، ابن حجر ـ أنباء الغمر ٢ / ٥٠١ ، السخاوي ـ الضوء اللامع ٢ / ٥٠١.

(٣) أي الأمير بيسق.

(٤) سقط من (د).

٤١٢

من السلاح للشريف ، ودخل مكة مع فيروز المذكور) (١) ، وحضر بين يدي الشريف ، واعتذر إليه.

ثم أنه خرج من عنده ، وانقبض كل منهما عن صاحبه (٢) ، إلى أن انقضت / أيام الحج. ووقف الناس بعرفة في هذه السنة يومين لاختلاف وقع في الشهر.

وتوجه أمير الحاج بالحاج ، بعد أن دفع إليه الشريف سلاحه. وظهر من الشريف حسن في حقه ما حمده الناس عليه كافة.

قال في الوقائع (٣) : «ولم يحج مولانا الشريف ، ولا أحد من أولاده تلك السنة ، ولا أهل مكة إلا القليل (٤) ، بحيث أن في يوم النحر ، اجتمع في صلاة العيد بمكة ما لم يشاهد بمكة قط. وأصاب الحج مشقة بين المأزمين (٥) ، فحصل هناك قتل ونهب من غوغاء العرب ، فدفعت عن الناس بعض رجال الشريف حسن ، وسلم الله».

[فتنة سنة ٨١٥ ه‍]

وفي سنة ثمانمائة وخمس عشرة : وقعت بعرفة فتنة بين العرب (٦) ،

__________________

(١) ما بين قوسين سقط من (ب) ، (ج).

(٢) في (ج) «حاجته».

(٣) الوقائع للسيد البهنسي. وانظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٧١ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٤٠٥.

(٤) حيث ذكر الفاسي : «وحج السيد أحمد بن حسن في نفر قليل من خواصه ، وبسبب تخلفه ـ أي الشريف ـ عن الحج ، تخلف غالب أهل مكة». الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٤٠٥.

(٥) في (د) «المنارتين».

(٦) من آل جميل وعنزة. ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٩٩ ، وانظر الخبر باختصار في العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٥٥.

٤١٣

وقتل من آل جميل جماعة. فركب الشريف حسن بنفسه لإخماد الفتنة ، وسلم الله تعالى.

[قصة الجمل في الطواف سنة ٨١٥ ه‍]

قال القطب (١) : «أن في أثناء جمادى الأخرى من هذه السنة ، هرب جمل لجمّال (٢). فدخل المسجد ، وجعل يطوف بالبيت (٣) ، والناس حوله بريدون إمساكه ، فلم يقدروا ، فتركوه إلى أن أتم ثلاثة أسابيع. ثم جاء الحجر الأسود واستلمه ، ثم توجه إلى مقام الحنفية ووقف هناك محاذيا للميزاب ، ودموعه تتساقط ، وألقى نفسه على الأرض فمات ، فحمله الناس إلى ما بين الصفا والمروة ، وحفروا له ثمة ، ودفنوه» ـ انتهى ملخصا.

[العمارة في الحرم سنة ٨١٥ ه‍]

وفي هذه السنة ـ (ثمانمائة وخمس عشرة) (٤) ـ : عمّرت أماكن في سطح الحرم ، وبعض عقود من الجانب اليماني (٥).

__________________

(١) القطب الحنفي. وانظر : ابن حجر ـ أنباء الغمر ٧ / ١٦ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٣١٩ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٩٥.

(٢) واسم الجمّال : حسن الفاروقي. ابن حجر العسقلاني ـ أنباء الغمر ٣ / ١٦ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٩٥.

(٣) في (ب) ، (د) «الكعبة». وذكر ناسخ (ب) في نسخة أخرى «بالبيت».

(٤) ما بين قوسين سقط من النسخ الثلاث عدا (أ).

(٥) الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٦٦. وأضاف الفاسي : «أن الذي تولى ذلك قاضي مكة جمال الدين بن محمد بن عبد الله بن ظهيرة القرشي المخزومي المكي من مال تطوع به أهل الخير». وانظر : اتحاف الورى ٣ / ٥٠٠.

٤١٤

[عمارة المارستان سنة ٨١٦ ه‍]

وفي سنة ثمانمائة وست عشرة : عمّر الشريف حسن المارستان بالجانب الشمالي. ثم هدم ، وبنى محل المدارس الأربعة ، السليمانية ، على ما سيأتي بيانه في محله إن شاء الله تعالى (١).

[تجديد حلي باب الكعبة سنة ٨١٦ ه‍]

وفي مستهل ذي الحجة من هذه السنة (٢) :

قدم أحد خواص الأمير شيخو (٣) صاحب مصر ، فجدّد حلي (٤) باب الكعبة بمقدار مائتي [ألف](٥) درهم ، وطلاه بالذهب.

__________________

(١) في هذا الكتاب. وانظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٥٣٨ ، الفاسي ـ العقد الثمين ٤ / ١١٥ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٥٠٧ ـ ٥٠٨ ، ابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٢٩٣. والنص عند الفاسي : «وبمكة أوقاف كثيرة ... ومن المعروف منها البيمارستان العباسي بالجانب الشمالي من المسجد الحرام. وتاريخ وقفه ثمان وعشرون وستمائة. وعمره في عصرنا هذا الشريف حسن بن عجلان صاحب مكة عمارته التي هو عليها الآن ، وزاد فيه إيوانين : أحدهما في جهة الشامية ، والأخرى في جهته الغربية وأحدث فيه صهريجا ورواقا فوق الإيوانين ... وجدد هو عمارته ...». الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٥٣٨.

(٢) أي سنة ٨١٦ ه‍. وانظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ١٦٩ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٥١٠.

(٣) الأمير شيخو : هو الملك المؤيد شيخ المحمودي الظاهري الجركسي سيف الدين أبو النصر. تسلطن سنة ٨١٥ ه‍. ومات سنة ٨٢٤ ه‍. انظر : ابن تغري بردي ـ النجوم الزاهرة ١٤ / ١٠٩ ، الملطي ـ نزهة السلاطين ١٢٦ ـ ١٢٧.

(٤) في (ج) «على». وهو خطأ.

(٥) من (د).

٤١٥

[عودة الأئمة إلى صلاة المغرب كما كانت في السابق سنة ٨١٦ ه‍]

وفيها : أرسل صاحب مصر شيخو ، أمر بقية الأئمة الثلاثة أن يصلّوا المغرب كما كانوا في سابق الوقت. فصلّوا المغرب أربعتهم في وقت واحد ليلة السادس من ذي الحجة من السنة المذكورة (١).

فائدة :

قال التقي الفاسي (٢) : «وأما حدوث صلاة الأئمة على هذه الصفة ، فلا أعلم في أي وقت كان».

ثم نقل ما يدل على أن الحنفي والمالكي كانا موجودين مع الشافعي سنة أربعمائة وسبع وتسعين ، وأن الحنبلي لم يكن موجودا ، وإنما كان إمام الزيدية (٣).

ثم قال (٤) : ووجدت (٥) ما يدل على أن الحنبلي كان موجودا في عشر (٦) الأربعين وخمسمائة. والله أعلم.

__________________

(١) أي سنة ٨١٦ ه‍. انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٩٤ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٥٠٩ وقد زال هذا الأمر الآن ، وأصبح المصلون يأتمون بإمام واحد ولله الحمد والمنة.

(٢) الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٩٤. وانظر : ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ص ١٣٣.

(٣) بياض في (ب). وانظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٩٤ ، ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ١٣٣.

(٤) أي الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٣٩٣ ـ ٣٩٤.

(٥) في (أ) ، (ج) «ووجدت على». ولا لزوم لعلى.

(٦) في (ج) «عصر». وانظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٩٤ ، ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ١٣٣.

٤١٦

[درجة الكعبة والمنبر سنة ٨١٧ ه‍]

وفي سنة ثمانمائة وسبعة عشر : أرسل شيخو صاحب مصر بدرجة للكعبة (ومنبر من) (١) خشب ، خطب عليه الخطيب يوم التروية.

[فتنة عام ٨١٧ ه‍]

قال الفاسي (٢) : «وفي هذه السنة : لما كان يوم الجمعة خامس ذي الحجة الحرام ، حصلت الفتنة بين القواد والمصريين (٣) ، وانتهكت فيها حرمة المسجد الحرام ، لما حصل فيه من القتال ، وسفك الدماء ، وترويث (٤) الخيل ، وطول مقامها فيه (٥)».

وسبب ذلك (٦) : أن أمير الحاج المصري ، أدّب بعض العبيد بالعمرة على حمله للسلاح ، لنهيه عن ذلك ، وحبسه. فرغب مواليه في إطلاقه / فامتنع.

فلما قام الناس لصلاة الجمعة من اليوم المذكور ، هجم جماعة من

__________________

(١) في (أ) «ومنبرين». وهو خطأ. والاثبات من بقية النسخ. وانظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٩٣.

(٢) الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٤٠٨ ـ ٤٠٩ ، وانظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٥١٦ ـ ٥١٨ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٢٥٥ ـ ٢٥٦.

(٣) من المماليك. وكان أمير الحج المصري جقمق المؤيدي.

(٤) هكذا في (أ). وفي باقي النسخ «وتلويث».

(٥) في (ج) ، (د) «فيها».

(٦) انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٤ / ٤٠٨ ـ ٤٠٩ ، ابن حجر ـ أنباء الغمر ٧ / ٣٩ ، ٤٠ ، الفاسي ـ العقد الثمين ٤ / ١١٩ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٥١٦ ـ ٥١٨ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٥٦ ، المقريزي ـ السلوك ٤ / ١ / ٢٩١ ، ابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٢٩٩ ـ ٣٠٠.

٤١٧

القواد [على](١) المسجد الحرام من باب إبراهيم على خيولهم ، وعليهم لامات الحرب ، وانتهوا إلى مقام الحنفي. فلقيهم الترك والحجاج ، فقاتلوهم بسوق العلافة (٢) أسفل مكة. فظهر عليهم المصريون ، وانتهب السوق وبعض بيوت المكيين.

فلما كان آخر النهار : أمر أمير الحاج المصري بتسمير أبواب المسجد (٣) كلها إلا باب بني شيبة ، والباب الذي عند المدرسة المجاهدية ، فسمّرت الأبواب ، وأدخل جميع خيله المسجد ، وجعلت في الرواق الشرقي قريبا من رباط الشرابي ، وباتت في المسجد إلى الصباح ، والمشاعل موقدة في المسجد ، ومشاعل المقامات موقودة أيضا ، ونهب القواد الحاج الذي بالأبطح وخارج المسجد.

فأتى الشريف حسن سادس ذي الحجة ، وانضم إلى القواد في موضع يقال له الطنبداوي (٤) بأسفل مكة.

وحضر إليه في بكرة هذا اليوم جماعة من أعيان مكة ، فذكروا له ما وقع ، فأظهر التعب ، وكراهة ذلك. فرجعوا إلى الأمير ، وأخبروه (بمقاله ، وأخبروه أنه أخطأ في إمساك القائد وضربه. فأجاب إلى إطلاقه ، وأمر صاحب مكة أن يخمد (٥) هذه الفتنة.

__________________

(١) زائدة من (ج).

(٢) سمي بذلك باسم العلافين كان مقابل باب بني تيم.

(٣) في (ب) ، (ج) «الحرم». وذكر ناسخ (ج) في نسخة أخرى «المسجد».

(٤) في (ب) ، (ج) (د) «الطنبلاوي». وذكر ناسخ (ج) «ولعله الطنبداوي». والطنبداوي أسفل وادي طوى. ويعرف أيضا باسم التنضباوي نسبة الى شجر التنضب الذي كان يكثر فيه. البلادي ـ معجم معالم الحجاز ٥ / ٢٣٦ ـ ٢٣٧. وفي الفاسي ـ شفاء الغرام للفاسي ٢ / ٤٢٨ «الطنبداوية مكان بأسفل مكة».

(٥) في (ج) «تخمد».

٤١٨

فرجع الجماعة إلى الشريف ، وأخبروه ، والتمسوا منه (إخماد الفتنة ، وطلبوا منه) (١) العفو عن هذه الزلة.

فبعث ولده الشريف أحمد إلى أمير الحاج. فأخلع عليه الأمير ، وخرج من عنده ، ونادى بالأمان. فاطمأنت الناس ، وأمنت ، بعد جراحات كثيرة حصلت للفريقين.

ولا أعلم فتنة أعظم منها بعد القرامطة (٢). ـ انتهى كلامه ـ.

زاد في الوقائع (٣) :

وكان القائد الذي وقعت الفتنة بسببه ، يقال له جراد. واتفق تلك السنة أن كانت مكة مغلية (٤). فقال بعض الأدباء (٥) في ذلك :

وقع الغلاء بمكة

والناس أضحوا في جماد (٦)

والخير (٧) قلّ فها هموا

يتقاتلون على جراد

قلت : وهي تورية لطيفة ـ انتهى ـ.

__________________

(١) ما بين قوسين سقط من (ب) ، (ج).

(٢) ذكر ابن فهد : «ولا يعلم أن المسجد الحرام ، انتهك نظير هذا الانتهاك ، من بعد الفتنة المعروفة بفتنة قندس في سنة إحدى وستين وسبعمائة». اتحاف الورى ٣ / ٥١٦.

(٣) للسيد البهنسي. وانظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٥١٨ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٥٦.

(٤) مغلية : أي كثيرة الجراد.

(٥) وهو الأديب زين الدين شعبان بن محمد الأثاري. ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٥١٨.

(٦) في ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٥١٨ : «والناس أمسوا في جهاد».

(٧) في (ب) ، وابن فهد ـ اتحاف الورى ، والعصامي ـ سمط النجوم العوالي «والخبز».

٤١٩

[ولاية رميثة بن محمد بن عجلان مكة ونيابة السلطنة ومناهضته الحسن سنة ٨١٨ ه‍]

نرجع لذكر حسن :

واستمر الشريف حسن وأولاده إلى سنة ثمانمائة وثمانية (١) عشر.

وفي أثناء صفر منها : ولي مكة الشريف رميثة [بن محمد](٢) بن عجلان.

قال الفاسي (٣) : «ولم يدخل مكة ، ولم يدع له على المنبر ، إلا في العشر الأول من ذي الحجة من السنة المذكورة.

وكانت قراءة توقيعه يوم دخوله مكة ، وهو يوم الجمعة (٤) مستهل ذي / الحجة. وتاريخه رابع عشر صفر. وصرح فيه : بأنه ولي نيابة السلطنة عن عمه الحسن ، وإمارة مكة عوضا عن ابن عمه. وصادف ذلك اليوم الجمعة ، فدعي له على المنبر ، وأعلا زمزم (٥)».

[تعمير ظلة المؤذنين سنة ٨١٨ ه‍]

وفي هذه السنة (٦) : عمرت ظلة المؤذنين

__________________

(١) سقطت من (ب). انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٣١ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٥٢٥ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٥٦.

(٢) ما بين حاصرتين زيادة من (د).

(٣) الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٣١. وانظر : أبناء الغمر ٧ / ٧٢ ، المقريزي ـ السلوك ٤ / ١ / ٣٤١.

(٤) سقطت من النسخ الثلاث الأخرى بعد (أ).

(٥) انظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٥٢٦ ـ ٥٢٧ ، ابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٤٨٠.

(٦) أي سنة ٨١٨ ه‍. انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٤٠٠. ولسبع مضين

٤٢٠