منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٢

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري

منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٢

المؤلف:

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري


المحقق: الدكتور جميل عبدالله محمد المصري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: جامعة أم القرى
الطبعة: ٠
ISBN الدورة:
9960-03-366-X

الصفحات: ٤٨٠

[ولاية بني رسول لمكة ٦٣٥ ـ ٦٤٠ ه‍]

وفي هذه السنة (١) : مات الملك الكامل (صاحب مصر ، فخطبوا بمكة للملك المنصور عمر (٢) بن علي بن رسول صاحب اليمن ، واستمرت في يده إلى سنة ستمائة وسبع وثلاثين. ورتب بمكة مائة وخمسين فارسا ، وجعل عليهم أميرين : ابن أبي الوليد ، وابن التعزي (٣).

فجهز إليه الملك) (٤) الصالح (٥) بن الملك الكامل جيشا فيه نحو ألف فارس ، معهم الشريف شيحة ـ بشين معجمة مكسورة ، ثم مثناة تحتية ، ثم حاء مهملة ، ثم هاء الوقف ـ صاحب المدينة (٦). فاستولى على مكة بغير قتال ، فوليها ـ أي مكة ـ الشريف شيحة ، وذلك سنة ستمائة وسبع وثلاثين.

__________________

(١) أي سنة ٦٣٥ ه‍. وانظر : ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ٥ / ٨٣.

(٢) من (ج).

(٣) في (أ) «ابن أبي الوليد والتعزي». وفي (ب) «الى ابن الوليدي والتعزي». وفي (ج) «ابن الوليدي والتعزي». انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣١٨ وفيه «ابن الوليد وابن التغري» ، الفاسي ـ العقد الثمين ٦ / ٣٢٦ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٥٥. وفي ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٦٠٣ «ابن الوليدي وابن التعزي».

(٤) ما بين قوسين سقط من (د).

(٥) بعد وفاة الملك الكامل بمصر سنة ٦٣٥ ه‍ وليها ابنه الملك العادل ، فقبض عليه أمراء دولته بظاهر بلبيس وطلبوا أخاه الملك الصالح نجم الدين أيوب سنة ٦٤٧ ه‍. انظر : ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ٥ / ٨٤. وتوفي سنة ٦٤٧ ه‍. ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ٥ / ٨٦.

(٦) وهو الشريف شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنا الحسيني صاحب المدينة. انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣١٨ ، العقد الثمين ٥ / ٢٢ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٦٢٧ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٥٦.

٣٠١

فبلغ المنصور صاحب اليمن الخبر ، فجهز إليهم جيشا ، (فهرب شيحة المذكور لما سمع بقدوم الجيش.

فبلغ الصالح الخبر ، فجهز جيشا) (١) ، واستولى عليها سنة ستمائة وثمان وثلاثين. فوليها نيابة عنه أحمد التركماني (٢).

فبلغ المنصور الخبر ، فسار إليها بنفسه (٣) ، ودخلها في رمضان ، سنة ستمائة وتسع (٤) وثلاثين ، بعد أن فارقها عسكر الملك الصالح لما بلغهم قدوم المنصور. /.

فصام رمضان بمكة ، وأمر بإبطال المكوس والجبايات (٥) والمظالم. وكتب بذلك مربّعة (٦) وجعلت حيال الحجر الأسود [في جدار زمزم](٧) ، إلى أن قلعها ابن المسيب (٨) كما يأتي (٩).

__________________

(١) ما بين قوسين سقط من (ج).

(٢) أحمد التركماني : الأمير مجد الدين أحمد بن التركماني. انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٠١ ، العقد الثمين ٣ / ١٩٥ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٦٢٩ ـ ٦٣٠ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٥٧.

(٣) انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣١٨ ، المقريزي ـ السلوك ١ / ٢ / ٣١٢ ، ٣١٣ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٥٧ ـ ٥٨ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٦٠٤ ـ ٦٠٥.

(٤) في (د) «وثمانية». وهو خطأ.

(٥) في (د) «المكوسات والجنايات».

(٦) المربعة : قطعة من الرخام على شكل المربع.

(٧) ما بين حاصرتين من (ج) ، (د).

(٨) سنة ٦٤٦ ه‍ انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٧٩ ، العقد الثمين ٨ / ١٧٢ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٦٣٢.

(٩) في (ج) «الآتي ذكره».

٣٠٢

[في خلفاء بني العباس ٦٤٠ ـ ٦٥٦ ه‍]

وفي سنة ستمائة وأربعين توفي الخليفة المستنصر (١). فولي الخلافة ابنه المستعصم بالله (٢) وهو آخر الخلفاء العراقيين.

واستمر [هذا الخليفة](٣) إلى أن قتله التتار سنة ستمائة وست وخمسين (٤) هو وغيره من المسلمين ، وحديثهم يأكل الحديث ، وهي واقعة مشهورة ، كانت من مصائب الدهر.

واستمرت الدنيا بلا خليفة إلى سنة تسع وخمسين وستمائة.

والحاصل أن الخلفاء بني العباس البغداديين سبعة (وثلاثون رجلا ، أولهم السفاح ، وآخرهم المستعصم ، ومدتهم خمسمائة وأربعة وعشرون) (٥) سنة إلا يوما واحدا.

وقد أفرد العلامة جلال الدين السيوطي تاريخا للخلفاء (٦) ، فلا حاجة لنا إلى ذكرهم هنا.

ثم صار بعد قتل هذا الخليفة الملك لصاحب (٧) مصر. ووافق زمن المستعصم أن كان السلطان بمصر المعز (٨) لدين الله من الأتراك

__________________

(١) المستنصر بالله أبو جعفر منصور بن الظاهر بأمر الله. السيوطي ـ تاريخ الخلفاء ٤٦٣.

(٢) المستعصم بالله أبو أحمد عبد الله بن المستنصر. السيوطي ـ تاريخ الخلفاء ٦٤.

(٣) من (ب) ، (ج) ، (د) «أي المستعصم بالله».

(٤) السيوطي ـ تاريخ الخلفاء ٤٧٢.

(٥) ما بين قوسين سقط من (ب).

(٦) السيوطي ـ تاريخ الخلفاء.

(٧) في (أ) ، (ب) ، (ج) «صاحب». والاثبات من (د).

(٨) معز الدين أيبك التركماني الصالحي الجاشنكير. تملك سنة ٦٤٨ ه‍ بعد أن

٣٠٣

الجراكسة (١). وصار الحلّ والعقد إليه في [أمر](٢) الحرمين.

وسيأتي ذكر الواصل إلى مصر ممّن بقي من العباسيين في محله إن شاء الله تعالى.

[ولاية فخر الدين السلاح للرسوليين ٦٤٠ ـ ٦٤٦ ه‍]

رجع :

إلى ذكر صاحب اليمن عمر بن علي بن رسول في هذه الخطرة : فإنه لما دخل مكة ، واستولى عليها ، (أمّر على مكة) (٣) عبده الأمير فخر الدين السلاح (٤). وجعل معه ابن فيروز ـ [رجلا آخر](٥) ـ وجعل الشريف أبا سعد الحسن بن علي بن قتادة الحسني أميرا بالوادي ، مساعدا لعسكره ، بعد أن استدعاه من ينبع (وأحسن إليه) (٦) ، واشترى منه قلعة ينبع ، وأمره بهدمها.

[إنقراض الدولة الأيوبية وقيام الدولة المملوكية في مصر]

وفي سنة ستمائة وإحدى وأربعين (استولت الأتراك (٧) على مصر.

__________________

تزوج بأم خليل (شجر الدر). وقتل سنة ٦٥٥ ه‍. انظر : الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٢٣ / ١٩٨ ـ ٢٠٠.

(١) من الأتراك الصالحية مماليك الملك الصالح.

(٢) زيادة من (ب) ، (د).

(٣) في (ج) «أمر عليها». وسقطت من (ب).

(٤) فخر الدين الشلاح (كما في المصادر) مملوك المنصور عمر بن علي بن رسول. الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣١٨ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ١ / ٥٨ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٦٣٠.

(٥) ما بين حاصرتين زيادة من (ب) ، (ج) ، (د).

(٦) في (ج) ، (د) «وأكرمه». وانظر : ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٦٣٣.

(٧) أي المماليك.

٣٠٤

وانقرضت الدولة الأيوبية ، وعدتهم تسعة رجال. والعاشر شجرة الدر (١) جارية الملك [الصالح بن الملك](٢) الكامل.

فالأول من الأتراك المعز لدين الله التركي من مماليك الملك الصالح ابن الملك الكامل الأيوبي.

ولسنا بصدد (٣) ذكرهم هنا ، إلا أن في ذكرنا لهم ربط الكلام.

[المدرسة الشرابية]

وفي هذه السنة ـ أعني إحدى وأربعين وستمائة : (عمّر إقبال الشرابي قائد المستنصر المدرسة الشرابية على يمين) (٤) الداخل من باب السلام. وأوقف بها كتبا كثيرة.

[كسوة الكعبة سنة ٦٤٣ ه‍]

قال الفاسي (٥) : «وفي سنة ستمائة وثلاث وأربعين ، كسيت

__________________

(١) شجرة الدر : زوجة الملك الصالح بن الكامل. أم خليل. ملكها المماليك بعد قتل الملك العظم لمدة شهرين ثم تزوجت المعز وقتلته غيرة. فقتلت به. انظر : الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٢٣ / ١٩٩ ـ ٢٠٠.

(٢) ما بين حاصرتين من (ب).

(٣) في (ب) «بسبب».

(٤) ما بين قوسين سقط من (ب). وانظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٥٢٨ ، العقد الثمين ٣ / ٣٢٤ ، ٣٢٥ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٦٠. ذكر الفاسي : «ومنها رباط الأمير إقبال الشرابي المستنصري العباسي عند باب بني شيبة على يمين الداخل من باب السلام إلى المسجد الحرام. وتاريخ عمارته له في سنة إحدى وأربعين وستمائة. وللشرابي عليه أوقاف كثيرة من الكتب والمياه وغير ذلك بوادي مر ونخلة».

(٥) الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ١٩٩. وانظر : ابن كثير ـ البداية والنهاية ١٢ / ١٧١ ـ ١٧٢ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٢٧٧.

٣٠٥

الكعبة ثيابا من القطن (١) الأسود مصبوغا ، كساها ذلك العفيف منصور ابن منعة شيخ الحرم (٢). [وذلك](٣) لوقوع ريح شديدة مزقت (٤) ثوبها ـ وكان من ديباج أسود. فأراد صاحب اليمن علي بن رسول أن يكسوها ، فامتنع ابن منعة وقال : لا يكون ذلك إلا من جهة الخليفة. ثم انه استدان ثلاثمائة مثقال من الذهب ، واشترى بها قماشا وصبغه (٥) وكساها إياه.

وذكر الميورقي (٦) أن ذلك كان (٧) سنة ستمائة وأربع وأربعين». والله أعلم.

واستمر السلاح (٨) على مكة إلى سنة ستمائة وست وأربعين (٩).

وفيها مات الملك المنصور عمر بن رسول (١٠).

__________________

(١) في (ج) ، (د) «ثياب القطن».

(٢) ابن منعة البغدادي شيخ الحرم المكي. الجزيري ـ درر الفرائد ٢٧٧.

(٣) زيادة من (ب) ، (ج).

(٤) في (د) «حرقت». ولعل الناسخ يقصد «خرقت».

(٥) في (ب) «قماشا مصبغة». وفي (ج) «أقمشة مصبغة».

(٦) في التحفة السنية.

(٧) سقطت من (ب) ، وفي (ج) ، (د) «في».

(٨) في المصادر الشلاح ـ مملوك الملك المنصور عمر بن رسول. وكان معه ابن فيروز كما سبق. وذكر الفاسي أنه لم يدر الى متى أقام ابن فيروز. العقد الثمين ٨ / ١٧١ ، ١٧٥.

(٩) الفاسي ـ العقد الثمين ٣ / ٦٧.

(١٠) في حين ذكر ابن الديبع وفاته في ذي القعدة سنة ٦٤٧ ه‍. بغية المستفيد ص ٨٢.

٣٠٦

[ولاية ابن المسيب ٦٤٦ ـ ٦٤٧ ه‍]

وولي مكة ابن المسيب (١) للمنصور عمر بن علي بن رسول [بدلا من السلاح](٢).

قال الفاسي (٣) : «رأيت بخط الميورقي (٤) : أن ابن المسيب قدم مكة بعزل السلاح في منتصف ربيع الأول سنة ستمائة وخمس وأربعين ـ (وهذا يخالف ما سبق (٥) ، والله أعلم».

__________________

(١) ابن المسيب : محمد بن أحمد المسيب اليمني. وقد ساءت سيرته كما ذكر ابن فهد. العقد الثمين ٣ / ٦٧ ، المقريزي ـ السلوك ١ / ٢ / ٣٣٢.

(٢) ما بين حاصرتين من (ب) ، (ج).

(٣) الفاسي ـ العقد الثمين ٨ / ١٧٦ ، شفاء الغرام ٢ / ٣١٩.

(٤) في (د) «المورقي».

(٥) أي القول بأن ذلك سنة ٥٤٦ ه‍.

٣٠٧
٣٠٨

أخبار مكة وولاتها زمن دولة

المماليك الأتراك

٦٤٨ ـ ٧٨٤ ه

٣٠٩
٣١٠

[تغلب الحسن بن علي بن قتادة وولايته ٦٤٧ ـ ٦٥٢ ه‍]

قال ابن الفضل (١) [في الوسيلة](٢) : «وفي سنة ستمائة وسبع / وأربعين) (٣) ، حسنت كبار العرب من زبيد للحسن بن علي بن قتادة ، أخذ مكة ، والفتك بمن فيها من قبل صاحب اليمن ، وهو نوا له أمرهم ـ وكان بها ابن المسيب.

فتجهز الحسن بن علي ، وأتى مكة فدخلها في شوال سنة ستمائة وسبع وأربعين. وكسر جماعة من عسكر ابن المسيب وضعفت البقية عن لقائه. فقبض على ابن المسيب ، وانتهبت جميع أمواله ، وأحضر أعيان مكة وقال لهم : ان ابن المسيب عقد على خلاف المنصور ، وقد تحققت ذلك ، وأنه يريد الخروج إلى العراق بما معه من الأموال (٤) ، والأموال محفوظة عندي إلى أن يأتي جواب المنصور.

فلما كان بعد أيام جاء الخبر بموت المنصور (٥).

فقوي الحسن بن علي ، وتمكّن من مكة. وكنيته (٦) :

أبو سعد الحسن بن علي بن قتادة. وخرج منها راجح بن قتادة ،

__________________

(١) ابن الفضل : أحمد بن الفضل بن محمد الحضرمي المكي في وسيلة المآل.

(٢) ما بين حاصرتين من (ب) ، (ج). وانظر الخبر في : ابن فهد ـ العقد الثمين ٨ / ١٧٢ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٦٣٢ ـ ٦٣٤ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٦٨ ـ ٦٩.

(٣) ما بين قوسين سقط من (د).

(٤) سقطت من (د).

(٥) وكان موت المنصور عمر بن رسول ، قتلا في مقره بالجند يوم التاسع من ذي القعدة سنة ٦٤٧ ه‍. وقتله مماليك له كان واثقا بهم محسنا ظنه فيهم. ابن الديبع ص ٨٢.

(٦) في (ج) ، (د) «فولي مكة».

٣١١

لما رأى ما فعل ابن أخيه ، إلى الواديين (١) ، وأقام ثمة.

وأبو سعد هذا هو والد (٢) عبد الكريم جد الأشراف ذوي عبد الكريم.

وكانت أمه حبشية. حكي أنه في وقائعه ومحارباته مع بعض العرب لحقته في هودج فدعته إليها (٣) ، فلما جاءها قالت له : «اعلم يا بني ، أنك تقف اليوم موقفا ، إن ظفرت فيه بعدوك ، قال الناس : ظفر ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وان هربت ، قال الناس : هرب ابن الأمة السوداء. فانظر لنفسك ، فإنه لا موت قبل فراغ العمر».

فشكر لها ذلك ، وصبر على جلاد العدو ، إلى أن أظفره الله تعالى.

(وقد ذكر صاحب عمدة المطالب (٤) هذه الحكاية عن راجح بن قتادة ، ولا يبعد وقوعها من الاثنين. والله أعلم) (٥).

[مشاركة أبي نمي لوالده الحسن في الولاية]

وذكر (ابن الفضل) (٦) في الوسيلة عن نشأة السلافة للإمام

__________________

(١) أي السرّين. العقد الثمين ٤ / ٣٧٨.

(٢) في الأصول «ولد». والصحيح ما أثبتناه. انظر : ابن فهد ـ العقد الثمين ٤ / ١٦٣ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٦٣٧.

(٣) تصرفت بعض التصرف بالجمع ما بين في النسخة (أ) والنسخ الأخرى في هذه الجملة.

(٤) شهاب الدين أحمد بن علي بن الحسين بن مهنا بن عتبة الحسيني. وكتابه : عمدة الطالب في نسب آل أبي طالب.

(٥) ما بين قوسين سقط من (د).

(٦) ما بين قوسين سقط من (ب).

٣١٢

عبد القادر الطبري (المكي ما ملخصه) (١) : «أن الشريف أبا نمي بن الحسن (بن علي بن قتادة ، شارك والده الحسن المذكور في ولاية مكة.

قال : وسبب ذلك) (٢) : أن السيد راجح بن قتادة ، عم والده ، استنجد بأخواله من بني حسين ، على ابن أخيه حسن بن علي. فخرج راجح (٣) من المدينة ، ومعه سبعمائة فارس من بني الحسين قاصدا مكة. وكان السيد أبو نمي بينبع ، فبلغه الخبر ، فخرج في أربعين فارسا ، فصادف راجحا مقبلا بمن معه ، فالتقى (٤) بهم. وكان الظفر لأبي نمي ، وانتشرت عمامة السيد عيسى الحسيني الملقب بحرون ، وكان أمير الجيش ، فهرب وهو يجرها خلفه (٥). وفي ذلك / يقول السيد جعفر الحسيني (٦) يمدح أبا نمي ، ويشير إلى السيد عيسى ، ويحسن فعله ـ وهو إذ ذاك لسان بني حسن بالعراق :

ألم يبلغك شأن بني حسين

وفرّهم وما فعل الحرون (٧)

__________________

(١) سقط من (ب) ، (ج).

(٢) ما بين قوسين سقط من (ب) ، (د). وانظر تفاصيل الحادثة في : ابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٣٩ ـ ٤٠ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٢٥.

(٣) سقطت من (ب) ، (د).

(٤) في (ج) ، (د) «فوقع».

(٥) جمعت ما بين ما جاء في النسخ في هذه الجمل. وركزت على (أ). حيث أن الصياغة مختلفة والمعنى واحد.

(٦) في الأصول «الحسيني». والصحيح ما أثبتناه. وهو السيد تاج الدين جعفر بن معبد الحسني. انظر : ابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٤٠.

(٧) الشطر الثاني في (ب) «وقربهم وفعل الحرون». وفي غاية المرام ٢ / ٤٠ «وردهم وما فعل الحرون».

٣١٣

فيا لله فعل (١) أبي نميّ

وبعض البأس (٢) يشبهه الجنون

يصول بأربعين على مئات

وكم من كثرة طلبت (٣) تهون

ثم إن السيد أبا نمي ، دخل مكة وقد انهزم (٤) الجيش ، فأكرمه والده بأن جعله شريكا له».

ورأيت في بعض الرسائل أن عمر الشريف أبا نمي إذ ذاك لم يبلغ العشرين (٥).

ولم يزل حاكما مع أبيه إلى أن مات أبوه مقتولا (٦) لثلاث خلون من شعبان سنة ستمائة واثنتين وخمسين ، وقيل في رمضان ، وقيل إحدى وخمسين.

قتله ابن أخيه جماز بن حسن [بن علي](٧) بن قتادة.

وكان صاحب الترجمة أديبا فاضلا. يقول الشعر الجيد إلا أني لم أقف على شيء منه. (ينسب إليه قوله :

خذوا قودي من أسير الكلل ـ القصيدة ـ نقله في نشأة السلافة

__________________

(١) في غاية المرام «بأس».

(٢) في (د) «الناس».

(٣) في غاية المرام «ظلت». وهو خطأ.

(٤) في (ج) ، (د) «بعد هزم».

(٥) في العصامي ـ سمط النجوم العوالي ١٧ سنة / ٤ / ٢٢٦.

(٦) انظر خبر قتله في : ابن فهد ـ غاية المرام سنة ٦٥١ ه‍ / ١ / ٦٣٦ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٧٤.

(٧) ما بين حاصرتين من (ب) ، (د). كان جماز قد طلب من الناصر يوسف بن عبد العزيز الأيوبي أن يعينه على مكة ويقطع خطبة المظفر صاحب اليمن. وبعد فتكه بابن عمه ، نقض عهد الناصر وخطب للمظفر صاحب اليمن. انظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٧٤ ـ ٧٥.

٣١٤

عن الفاسي ، وهي في ديوان ابن مطروح) (١).

وسبب قتله (٢) :

أن جماز بن حسن المذكور ، قدم من دمشق في عسكر من الناصر بن المعز بن الظاهر بيبرس الجركسي (٣) على أن يأخذ له مكة) ويخطب له بها. فدخل مكة في رمضان واستولى عليها ، وقتل الحسن ابن علي ، وحج بالناس. ثم نقض العهد السابق مع الناصر ، وخطب بمكة للملك المظفر بن المنصور صاحب اليمن.

[ولاية جماز بن حسن بن قتادة سنة ٦٥٢ ه‍]

فولي مكة جماز بن حسن بن قتادة (٤) ، واستمر إلى آخر يوم من ذي الحجة الحرام.

[ولاية راجح بن قتادة ثم ابنه غانم ٦٥٢ ـ ٦٥٤ ه‍]

فولي مكة راجح بن قتادة الذي كان يليها لصاحب اليمن إلى شهر ربيع الأول سنة ستمائة واثنتين وخمسين (٥). [فانتزعها منه ابنه غانم بن

__________________

(١) ما بين قوسين سقط من (ب) ، (ج) ، (د). والقصيدة في ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٦٣٦. وابن مطروح هو : يحيى بن عيسى بن إبراهيم بن الحسين الصاحب جمال الدين أبو الحسين بن مطروح ، شاعر. توفي سنة ٦٤٩ ه‍. ابن تغري بردي ـ الدليل الشافي ٢ / ٧٧٩.

(٢) سقطت من (ب). وانظر قتله في : الفاسي ـ العقد الثمين ٣ / ٤٣٥ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٦٣٨ ، ابن خلدون ـ تاريخ ٤ / ١٠٦ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٧٤.

(٣) وهذا خطأ. فالناصر المقصود هنا هو : يوسف بن عبد العزيز الأيوبي. أنظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٧٤ ـ ٧٥.

(٤) الفاسي ـ العقد الثمين ٣ / ٤٣٥ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٦٣٨.

(٥) أخرجه ابنه غانم بدون قتال. انظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٧٦ ، ابن ـ فهد ـ غاية المرام ١ / ٦٤٠.

٣١٥

راجح سنة ستمائة وأربع وخمسين](١).

فولي بعده غانم بن راجح ابنه (٢) ، وكان طويلا من الرجال ، إذا قام تصل يداه إلى ركبتيه.

واستمر غانم إلى شوال من السنة المذكورة.

[ولاية إدريس وأبي نمي ٦٥٤ ـ ٦٦٩ ه‍]

فوليها الشريف إدريس بن علي بن قتادة ، وأبو نمي بن أبي سعد الحسن بن علي بن قتادة. فإنهما انتزعاها من غانم بعد قتال بينهم مات فيه ثلاثة أنفار (٣).

واستمرّا إلى الخامس والعشرين من ذي القعدة من السنة المذكورة.

فوليها المبارز علي بن الحسين بن برطاس (٤).

وذلك أن الملك المظفر (٥) بن الملك المنصور عمر بن علي بن

__________________

(١) ما بين حاصرتين من (د).

(٢) سقط من (ب).

(٣) ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٧٦.

(٤) وذكره ابن فهد باسم : مبارز الدين الحسين بن علي بن برطاس. ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٧٦ ، ابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٤٤ ـ ٤٦.

(٥) المظفر يوسف بن الملك المنصور عمر بن علي بن رسول ، قبض على قاتلي أبيه المنصور سنة ٦٤٧ ه‍. ابن الديبع ـ بغية المستفيد ص ٨٣. وتوفي سنة ٦٦٩ ه‍ بعد أن استخلف ابنه الملك الأشرف محمد الدين عمر بن يوسف. ابن الديبع ـ بغية المستفيد ص ٨٦. توفي في المحرم سنة ٦٩٦ ه‍ ، فخلفه أخوه المؤيد. ابن الديبع ـ بغية المستفيد ص ٨٨ إلى وفاته سنة ٧٢١ ه‍. ابن الديبع ـ بغية المستفيد ص ٨٩.

٣١٦

رسول / صاحب اليمن ، جهز ابن برطاس هذا إلى مكة في مائتي (١) فارس ، وقاتل الشريف إدريس وأبا نمي (في قوز المكاسة (٢) أسفل مكة ـ محل معروف مشهور بهذا الاسم ـ ، فقوي عليهما ، فأخرجهما من مكة ، واستولى عليها إلى يوم السبت لأربع ليال بقين من محرم سنة ستمائة وثلاث وخمسين.

فأقبل عليه إدريس وأبو نمي) (٣) بجموع جمعوها ، فدخلوا مكة ، وقتلوا غالب العسكر ، وسفكوا الدماء بالمسجد الحرام.

ووقعت بينهما وبين أمير العراق فتنة حتى كادت الحرب أن تلتحم. ثم اصطلحوا بتوسط الملك داود بن المعظم عيسى بن الملك العادل صاحب الكرك (٤).

ثم ان الأمير برطاس فدى نفسه بمال بذله ، ورجع من حيث جاء.

وفي سنة أربع وخمسين وستمائة : تنازع إدريس وأبو نمي ، ثم

__________________

(١) في (ب) «مائة». وهو خطأ.

(٢) ذكر ابن فهد «بالسرجة من قوز المكاسة. وقاتل معهم جماز بن شيحة صاحب المدينة». اتحاف الورى ٣ / ٧٦.

وقوز المكاسة : يقصد به قوز المكاسة في المسفلة. سمي بذلك نسبة الى المكوس التي كان يفرضها أمراء مكة على بضائع أهل اليمن. وحرفته العامة الى النكاسة. البلادي ـ معجم معالم الحجاز ٧ / ١٧٤.

(٣) ما بين قوسين سقط من (د).

(٤) الملك داود / الناصر صلاح الدين بن السلطان الملك المعظم عيسى بن العادل أمير الكرك. وكان فقيها حنفيا ذكيا مناظرا شاعرا. واستعاد بيت المقدس بعد أن سلمها عمه العادل للافرنج. وتوفي سنة ٦٥٦ ه‍. انظر : ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ١ / ٤١٩ ـ ٤٢٨ ، الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٢٣ / ٣٧٦ ـ ٣٨١.

٣١٧

اصطلحا (١).

وفي سنة ستمائة وخمس وخمسين لم يحج أحد ، ولم يدخل مكة أحد من الولاة (٢).

وقيل سنة ست وخمسين خرج الشريف أبو نمي لحرب ثقيف ، فهجم أولاد السيد حسن بن قتادة على مكة ، واعتقلوا الشريف إدريس.

فسمع بذلك الشريف أبو نمي ، فرجع إلى مكة ، وهرب منها أولاد الشريف حسن بعد ستة أيام (٣).

[حج الملك المظفر سنة ٦٥٩ ه‍]

وفي سنة ستمائة وتسع وخمسين. حج الملك المظفر صاحب اليمن (٤). ومعه المراكب تسايره في البحر مشحونة بالميرة. وأكثر في الطريق من الخيرات (٥). فلما دنا من مكة خرج منها أبو نمي وعمه إدريس. فدخلها المظفر في عسكر جرار. فأقام العسكر بالحجون ،

__________________

(١) الفاسي ـ العقد الثمين ١ / ٤٥٩ ، شفاء الغرام ٢ / ٣٢٠.

(٢) سوى حجاج الحجاز ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٧٩ ، الفاسي ـ العقد الثمين ١ / ١٩٢ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٢٧٩.

(٣) لم يذكر الفاسي وابن فهد حرب ثقيف. وذكرا حركة أولاد حسن بن قتادة سنة ٦٥٦ ه‍. انظر : الفاسي ـ العقد الثمين ١ / ١٧٦ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٨٠. وانظر : المقريزي ـ السلوك ١ / ٢ / ٤١٢.

(٤) المظفر يوسف بن الملك المنصور نور الدين عمر بن علي بن رسول. الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٨٢ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٨٢ ـ ٨٣ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٢٨٠ ، ابن الديبع ـ بغية المستفيد ص ٨٣.

(٥) في (ب) ، (د) «الصدقات». وذكر ناسخ (ج) في نسخة أخرى «المصدقات».

٣١٨

ودخل مكة (١) منفردا مع نفر له ، ملبيا محرما (٢) ، حتى دخل الطواف. (فطاف وسعى ، ولم تفته صلاة الجماعة مدة إقامته. وأمر بغسل الكعبة ، وباشر ذلك بنفسه) (٣) ، فغسل وكنس ، وطيبها (٤) ، وكسى داخل البيت كسوة معتبرة ، ولم يكس (داخل البيت) (٥) أحد قبله بعد الخلفاء (العباسيين ، وجعل للكعبة بابا وقفلا ، ونثر على الكعبة الذهب والفضة ، وعمّ أهل مكة بالإحسان) (٦) ، وقصد الناس إلى منازلهم بالصلة والكساوي.

وأقام بعد قضاء نسكه عشرة أيام ، وعاد إلى بلده ـ جزاه الله خيرا ـ.

فعاد إليها الشريف إدريس وأبو نمي.

[فتنة بعرفة سنة ٦٦١ ه‍]

وفي سنة ستمائة وإحدى وستين ، وقعت فتنة بعرفة ، ولزم فيها راجح بن إدريس أمير ينبع ، وأخذ إلى مصر. وكان (٧) يوما شديد الحر ، وعطش الناس بعرفة ، حتى بيعت سخلة بأربع دنانير.

واستمرّا متوليين (٨) إلى سنة سبع وستين وستمائة ، فانفرد بها أبو

__________________

(١) سقطت من (ب) ، (د).

(٢) سقطت من (ب).

(٣) ما بين قوسين سقط من (د). وانظر في ذلك : ابن الديبع ـ بغية المستفيد ص ٨٣.

(٤) بياض في (ب).

(٥) ما بين قوسين سقط من (ب).

(٦) ما بين قوسين سقط من (د).

(٧) في اتحاف الورى : «وفيها : في أولها ـ كان بمكة عطش شديد» ٣ / ٧٦.

(٨) في (ب) «متواليين». أي أبو نمي وإدريس عمه.

٣١٩

نمي. وأخرج منها إدريس ، وخطب لصاحب مصر السلطان بيبرس ، بعد أن (شرط عليه شروطا قبلها (١) ، فبعث له منشورا خاصا بولاية مكة.

[حج الملك الظاهر بيبرس سنة ٦٦٨ ه‍]

وفي سنة ستمائة وثمان وستين حج الملك المظفر بيبرس (٢) صاحب مصر على تجريدة (٣) خيل وركاب. فدخل مكة ثامن ذي الحجة ، بعد أن) (٤) طلع الناس عرفة ، ولم يبق غير الشريف أبو نمي (٥). فلما بلغه وصوله ، خرج إليه وتلقاه. ودخل به الطواف ، وخرج معه إلى المسعى. فلما فرغ صعد إلى عرفة. ثم أن السلطان أمره بإقامة العدل وترك الظلم والمكوس. فوافقه على ذلك. وأصلح بينه وبين الشريف إدريس ، وأشركه معه في أمر مكة. وتصدق السلطان على أهل الحرم وأكرمهم ، وعلق كسوة البيت (٦) بيده. وسأل عن المزارات بمكة فزارها ، وزار الصالحين إلى منازلهم ، ثم توجه إلى بلده.

[مقتل إدريس وتفرد أبي نمي بالولاية ٦٦٩ ـ ٧٠١ ه‍]

ثم انفرد بها الشريف إدريس ، وأخرج أبا نمي منها. فرجع أبو

__________________

(١) انظر : الفاسي ـ العقد الثمين ١ / ٤٥٩ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٩٣ ، غاية المرام ٢ / ١٢ ـ ١٣.

(٢) الصحيح الظاهر بيبرس. أما المظفر فهو قطز. وانظر : الكتبي ـ عيون التواريخ ٢٠ / ٣٧٩ ـ ٣٨٠ ، والفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٨٢.

(٣) التجريدة : حملة عسكرية على خيل فقط دون المشاة.

(٤) ما بين قوسين سقط من (د).

(٥) سقطت من (ب) ، (د).

(٦) في (ب) ، (ج) «الكعبة». وذكر ناسخ (ج) في نسخة أخرى «البيت».

٣٢٠