منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٢

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري

منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٢

المؤلف:

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري


المحقق: الدكتور جميل عبدالله محمد المصري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: جامعة أم القرى
الطبعة: ٠
ISBN الدورة:
9960-03-366-X

الصفحات: ٤٨٠

وذكر في العقد الثمين (١) : «أن الخليفة ، كتب إلى أبي عزيز [قتادة](٢) كتابا ، أنشأه ابن زياد ، منه قوله :

وغير خفي عن سمعك وإن خفي عن بصرك ، فتك الأغاودة (٣) في آرام بكل ريم ، وعبث بني حرام (٤) بين (٥) الحرمين ، حتى غموا قلب كل محرم بالغميم» ـ وآرام والغميم موضعان ـ.

قال : فلما وقع الكتاب بيد (٦) أبي عزيز ، أعجبه المعنى ، ولم يزل حتى نظمه في قوله :

أيا رام (٧) فتنت بكل ريم

وهم غموا فؤادي بالغميم

وفي وادي العقيق رأوا عقوقي

كما حطموا ضلوعي بالحطيم /

ـ انتهى كلام الفاسي أو ما هو معناه.

وفي عمدة الطالب (٨) في نسب آل أبي طالب (٩) ، بعد أن ذكر

__________________

(١) الفاسي ـ العقد الثمين ٧ / ٥٤. وانظر نص الكتاب في غاية المرام ١ / ٥٦٨ ـ ٥٦٩.

(٢) زيادة من (ج).

(٣) بمعنى الأوغاد. وفي (ب) ، (ج) «الأساورة» بمعنى ملوك الفرس. وفي العقد الثمين «الأجاودة» بمعنى الكرام. وما أثبتناه من (أ) هو الأصح. وفي (د) «الأخاودة».

(٤) في العقد الثمين «حرب».

(٥) في (ج) «في».

(٦) في (ج) ، (د) «في يد».

(٧) في غاية المرام «بآرام».

(٨) في (ب) «المطالب». وذكر ناسخ (ج) في نسخة أخرى «المطالب».

(٩) في (ب) ، (د) «آل بني طالب». وفي (أ) «نسب أبي طالب». وهو

٢٨١

هذا الجواب : أن الناصر لما بلغه ذلك كتب إليه : «أما بعد ، فإذا نزع الشتاء جلبابه (١) ، ولبس الربيع أثوابه ، قابلناكم بجنود لا قبل لكم بها ، ولنخرجنكم منها أذلة وأنتم صاغرون (٢)».

قال : فلما أحس السيد قتادة بالشر ، كتب إلى بني عمه الحسينيين بالمدينة يستنجدهم ، ومن جملة كتابه (٣) قوله :

بني عمنا من آل موسى وجعفر

وآل حسين كيف صدكم عنا

بني عمنا إنا كأفنان دوحة

فلا تتركونا يجتني الفنا فنّا

إذا ما أخ خلّى آخاه لآكل

بدا بأخيه الأكل ثم ثنّا

فلما أقبلت الجيوش الناصرية ، أتته بنو حسين ، فكسروها ، وبدّدوا شملها.

فلما رأى الخليفة الناصر شدة بأسه ، مدحه على سيرته ، وأولاه صفاء سريرته ، وأقطعه قرى متعددة».

ـ انتهى كلام صاحب العمدة (٤).

__________________

للشريف أحمد بن عتبة الحسني. توفي سنة ٨٢٨ ه‍. حاجي خليفة ـ كشف الظنون من أسامي الكتب والفنون ٢ / ١١٦٧.

(١) في (ج) «بلباسه».

(٢) من الآية الكريمة : (فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها ، وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ). سورة النمل الآية ٣٧.

(٣) في (ج) «الكتاب».

(٤) عمدة الطالب في نسب آل أبي طالب. وفي قوله كما ترى مبالغة كبيرة. فقتادة كان يحارب بني عمه من آل حسين ، بل وقطع تمر سالم بن قاسم الحسيني جميعه ، وكثيرا من نخل المدينة سنة ٦١٢ ه‍. انظر مثلا : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٢٠.

٢٨٢

[بين قتادة والملك المعظم عيسى الأيوبي]

وذكر عبد القادر في الأساطين (١) :

«أن في سنة ستمائة وإحدى عشرة ، حجّ الملك المعظم عيسى ابن [الملك](٢) العادل أبي بكر بن أيوب (٣) ، ولما وصل إلى مكة تلقاه شريفها السيد قتادة ، فقال له المعظم : أين ننزل؟!. فقال له : هناك ـ وأشار بسوطه إلى الأبطح ـ. فاستنكر ذلك منه المعظم ، لأن صاحب المدينة (٤) أنزل المعظم في داره ، لما ورد المدينة المنورة ، وسلم إليه مفاتيح المدينة ، وبالغ في خدمته.

ولذلك لما حارب صاحب المدينة الشريف قتادة ، أعانه الملك المعظم المذكور بجيش حاربه به» ـ انتهى ـ.

[من أخبار قتادة ووفاته]

نرجع إلى ذكر الشريف [قتادة](٥) :

وأورد الامام عبد القادر (٦) من شعر الشريف قتادة :

__________________

(١) عبد القادر الطبري في كتابه الأساطين في حج السلاطين. وانظر : أبو شامة ـ الذيل على الروضتين ٨٧ ، ابن تغري بردي ـ النجوم الزاهرة ٦ / ٢١١ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٧٣ ، العقد الثمين ٧ / ٤٢ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ١٣ / ٦٧.

(٢) زيادة من (ج).

(٣) هو شرف الدين عيسى بن محمد الحنفي الفقيه صاحب دمشق. جمع بين العلم والشجاعة والحزم مع ظلم وشرب مسكر. توفي سنة ٦٢٤ ه‍. انظر : ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ١٢ / ١٩٥ ، ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ٣ / ٤٩٤ ـ ٤٩٦ ، مفرج الكروب في أخبار بني أيوب ٤ / ٢٠٨ ـ ٢٢٤ ، ابن العماد ـ شذرات الذهب ٥ / ١١٥ ـ ١١٦ ، الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٢٢ / ١٢٠ ـ ١٢٢.

(٤) وهو سالم بن قاسم بن مهنا الحسيني.

(٥) زيادة من (ج).

(٦) عبد القادر الطبري ـ نشأة السلافة.

٢٨٣

أيها المعرض الذي قوله إن

جئت أشكو فضحتني في الأنام

فأرح نفسك التي قد تعنّت

وأرحني من بثّ هذا الغرام /

كان هذا يكون قبل امتزاجي

بك مزج الطّلا بماء الغمام

ليس من رضاك بدّ وقصدي

يوم عيد من سائر الأيّام

قال المنذري (١) ـ بعد الثناء عليه ـ : «وقدم مصر مرارا».

وقال ابن الفضل (٢) : «وحارب الشريف قتادة أهل الطائف ، وتمكن من البلاد ، واتسع ملكه إلى بلاد اليمن والمدينة ، وبنى قلعة ينبع» ـ انتهى.

وقال الفاسي (٣) : «وفي أيامه ، عقد الناصر العباسي لأقباش الناصري (٤) على مكة ، لعظم مكانته عنده ، سنة ستمائة وسبعة عشر.

وفيها توفي الشريف قتادة على يد (٥) ابنه الحسن بن قتادة. وقيل

__________________

(١) المنذري : عبد العظيم بن عبد القوي. توفي سنة ٦٥٦ ه‍.

التكملة لوفيات النقلة ـ تحقيق بشار عواد معروف ـ بيروت ١٩٨١ م ٣ / ١٧.

ذكره الذهبي : «امتدت أيامه ، ربما جار وظلم وعسف ... ولقتادة شعر جيد وعمر تسعين سنة». انظر : سير أعلام النبلاء ٢٢ / ١٦٠.

(٢) أحمد بن الفضل بن محمد باكثير ـ صاحب وسيلة المآل ـ.

وانظر : ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٥٨ ـ ٥٥٩.

(٣) الفاسي ـ العقد الثمين ٣ / ٣٢٢. وانظر : ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٩ / ٣٤٥.

(٤) آقباش ـ الأمير الدويدار نور الدين آقباش الناصري. انظر : الجزيري ـ درر الفرائد ٢٧٢ ، ابن تغري بردي ـ النجوم الزاهرة ٦ / ٤٩ ، الفاسي ـ العقد الثمين ٣ / ٣٢٢ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٣١.

(٥) في (ب) ، (ج) «بيد».

٢٨٤

في التي بعدها (١).

ومولده في حدود سنة سبع وخمسمائة (٢) بينبع.

وله من الأولاد : الحسن ، وراجح ، وإدريس ، وعلي ، وغيرهم.

أما الحسن فولي مكة كما يأتي ، وكان شجاعا فاتكا.

وأما راجح بن قتادة فملك مكة أيضا ، ونازع ابن أخيه أبا سعد [ابن](٣) علي بن قتادة على الملك ، فغلبه عليه أبو سعد.

وأما علي بن قتادة فولد أبا سعد الحسن (٤) بن علي ملك الحجاز ، وكان شجاعا كثير الحروب ، وسيأتي ذكر كل منهم.

[في سبب قتل الحسن لوالده قتادة]

رجع (٥) :

وسبب قتله له (٦) : أن والده [الشريف قتادة](٧) ، كان (٨) قد جمع جموعا ، وسار عن مكة يريد المدينة (٩) ، فنزل بوادي الفرع (

__________________

(١) ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٩ / ٣٤٥ ، المنذري ـ التكملة لوفيات النقلة ٣ / ١٧.

(٢) وهذا غير صحيح لأنه لو صح لكان عمره مائة وعشر سنوات. ولم يذكر ذلك أحد.

(٣) سقطت علي من (ج). و «ابن» زيادة من (ج).

(٤) سقطت من (ب) ، (ج).

(٥) سقطت من (ب) ، (د).

(٦) في (د) «لأبيه».

(٧) ما بين حاصرتين زيادة من (ج) ، (د).

(٨) سقطت من (ب) ، (ج).

(٩) انظر ذلك بالتفصيل في : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٢٦ ـ ٢٨.

٢٨٥

وهو مريض) (١) ، وسيّر أخاه على الجيش ، ومعه ابنه الحسن بن قتادة.

فلما أبعدوا ، بلغه أنّ عمه قال لبعض الجند : «إنّ أخي مريض (٢) ، وهو ميت لا محالة». وطلب منهم أن يحلفوا له أن يكون هو الأمير بعد أخيه قتادة.

فحضر حسن عنده ، واجتمع إليه أكثر (٣) الشرفاء والمماليك الذين (٤) لأبيه. فقال حسن لعمه : «قد فعلت كذا ، وكذا».

فقال له : «لم أفعل».

فأمر حسن الحاضرين بقتله ، فلم يفعلوا ، وقالوا : «أنت أمير وهو (٥) أمير ، ولا نمدّ أيدينا إلى أحدكما».

فقال له غلامان لقتادة : «نحن عبيدك (٦) ، فمرنا بما شئت».

فأمرهما أن يقتلاه خنقا.

فسمع قتادة الخبر / ، فبلغ منه الغيظ كل مبلغ ، وحلف ليقتلن حسنا ، وكان على ما هو عليه من المرض.

فكتب بعض أصحابه إلى الجيش بذلك. فبلغ ذلك الحسن ، فعاد إلى مكة. فلما وصل ، قصد دار أبيه في نفر يسير ، فوجد على الباب خلقا كثيرا ، فأمرهم بالإنصراف إلى منازلهم.

__________________

(١) في (ب) «وأقام من مرض». وفي (ج) «من مرض» بدون «وأقام».

(٢) في (أ) ، (د) «مريضا». والاثبات من (ب) ، (ج).

(٣) في (ج) «كثير من».

(٤) بالاصل «الذي» والتصويب من (ج).

(٥) في (د) «وهذا».

(٦) في (ب) ، (د) «عندك».

٢٨٦

ودخل على أبيه ، فلما رآه شتمه ، وبالغ في ذمه وتهديده. فوثب عليه ، وخنقه لوقته!.

وقيل : أنه واطأ جارية لأبيه ، فأدخلته عليه ليلا ، فخنقه هو وغلام له. ثم قيل : أنه قتل الجارية والغلام.

وذلك في جمادى الأخرى سنة ستمائة وسبعة عشر ، أو ستمائة وثمانية عشر.

ومدة عمره نحو سبعين سنة (١).

ولما أصبح ، نزل المسجد ، ودعا الأشراف ، وذكر لهم أن المرض اشتد بأبيه ، وأنه أمره بجمعهم وتحليفهم ، أن تكون مكة له بعد أبيه. فأطاعوه.

(وكتب إلى أخيه بينبع على لسان أبيه يدعوه) (٢). فلما ورد [مكة](٣) قتله أيضا ، واستقل بالملك.

[ولاية حسن بن قتادة ٦١٧ ـ ٦١٩ ه‍]

فولي مكة الشريف حسن بن قتادة (٤) ، وكنيته أبو عالي ، ولقبه شهاب الدين وكان فاضلا أديبا ذا همة عالية ، إلا أنه كان فاتكا جريئا. قتل آقباش الناصري (٥) في هذه السنة ـ أعني سنة سبع عشر

__________________

(١) ذكر الذهبي أنه توفي وعمّر تسعين سنة. سير أعلام النبلاء ٢٢ / ١٦٠.

(٢) ما بين قوسين سقط من (ب) ، (ج).

(٣) زيادة من (ب).

(٤) الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣١٥ ، العقد الثمين ٤ / ١٦٦ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٨٠.

(٥) انظر تفاصيل ذلك : أبو شامة ـ الذيل على الروضتين ١٢٣ ، ١٢٤ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٢٨ ـ ٣١ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٨٠ ـ ٥٨٢ ، شفاء

٢٨٧

وستمائة بالمعلاة لاتهامه بأنه واطأ راجح بن قتادة ، على أن يوليه مكة ، عوض الحسن بن قتادة.

ومنع الحج العراقي من دخول مكة. ونصب رأس آقباش على رمح بالمسعى ، عند دار (١) العباس. ثم إنه مكن (٢) الحاج العراقي من الدخول ، بعد أن أراد نهبهم وقتلهم (٣).

وقال صاحب العمدة (٤) : «أنه علق رأس آقباش في ميزاب الكعبة (٥)».

ويمكن أنه فعل الأمرين ، علقه (٦) أوّلا في ميزاب الكعبة (٧) ثم نصبه على الرمح في المسعى.

__________________

الغرام ٢ / ٣٧٤ ـ ٣٧٥. وآقباش من أعظم مماليك الخليفة الناصر لدين الله العباسي. ولاه الحرمين ، وإمرة الحج لعظم مكانته عنده. وكان حسن السيرة مع الحاج في الطريق ، كثير الحماية. انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣١٥ ، ٣٧٤ ـ ٣٧٥.

وآقباش معناه أبيض الرأس بالتركية ـ من هامش نسخة (أ) صفحة ٢١٤.

(١) في (ج) «رياط».

(٢) في (ب) ، (د) «مكن».

(٣) عند ما أراد نهب الحجاج منعه أمير الحاج الشامي المبارز المعتمد والي دمشق ، وخوفه من الأخوين الكامل صاحب مصر والمعظم صاحب دمشق. انظر : أبو شامة ـ الذيل على الروضتين ١٢٣ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٣٤ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٢٩.

(٤) أي عمدة الطالب في نسب آل أبي طالب للشريف أحمد بن عتبة الحسيني. توفي سنة ٨٢٨ ه‍. ويدعى كتابه أيضا عدة الطالب. حاجي خليفة ـ كشف الظنون ٢ / ١١٦٧.

(٥) في (ج) «الرحمة». وذكر الناسخ في نسخة أخرى «الكعبة».

(٦) في (ج) «علق رأس آقباش».

(٧) انظر الهامش رقم (٥).

٢٨٨

قال الميركي (١) : «وأرسل الشريف حسن إلى الناصر العباسي يعتذر له ، فقبل عذره».

قلت : ومن شعره ما أنشده السيد الميركي في التحفة :

أبى الله والخطية (٢) السمر والظبا

وكلّ كميّ لا يرى الذلّ مذهبا

بأن يتولى أمر مكة حاكم (٣)

سوى من له سيف طويل له شبا /

ولكن لم ينفعه حسامه لّما انقضت أيامه ، ولم يمنعه طول الفاصل (٤) لمّا حربه المسعودي (٥) ابن الملك الكامل (٦). فانتزعها منه الملك المسعودي صاحب اليمن يوسف اقسيس (٧) بن الملك الكامل

__________________

(١) في التحفة السنية.

(٢) وهذا من الشرك علاوة على الشعر الركيك.

(٣) في (د) «حاكما».

(٤) في (أ) ، (د) «العامل». واضطراب كبير في النسخ كلها.

(٥) المسعودي : هو المسعود اقسيس بن الملك الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب. وصف بالظلم والجبروت مع الشجاعة وقمع الزيدية والخوارج. توفي بمكة ودفن بالمعلاة سنة ٦٢٦ ه‍. انظر : الصفدي ـ الوافي ٩ / ٣١٥ ، الذهبي ـ سير ٢٢ / ٣٣١ ـ ٣٣٢. وصوابه كما ذكر ابن خلكان «اطسيس». وفيات الأعيان ٥ / ٧٨ ـ ٧٩ ، ابن الديبع ـ بغية المستفيد ٧٨ ـ ٧٩.

(٦) الملك الكامل محمد بن أبي بكر العادل بن أيوب ، كان محبا للحديث وأهله حريصا على حفظه ونقله ، فأنشأ دار الحديث بالقاهرة وله دور في جهاد الفرنجة. مات بدمشق سنة ٦٣٥ ه‍. انظر : ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ٥ / ٧٩ ـ ٩٢ ، الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٢٢ / ١٢٧ ـ ١٣١.

(٧) يكتب «اتسز ، واقسيز» في المصادر.

٢٨٩

محمد بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب صاحب مصر. فإنه قدم مكة في شهر ربيع الأول سنة ستمائة وتسعة عشر.

[ولاية المسعودي يوسف اقسيس ٦١٩ ـ ٦٢٦ ه‍]

قال في الوقائع للسيد البهنسي (١) : «ونهبت جماعة الملك المسعودي الناس ، حتى ثيابهم من أجسادهم ، وأمر الملك المسعودي بنبش قبر الشريف قتادة ، فلم يجدوا فيه شيئا ، فعلموا أن الحسن ابنه لم يدفنه ثمة.

فحاربه الشريف حسن بالمسعى ، ثم كان الظفر للملك المسعودي ، وهرب الشريف حسن.

وصعد الملك المسعودي بعسكره إلى عرفات ، وقد لبسوا السلاح والدروع. ومنع علم الخليفة من الصعود إلى الجبل ، وأصعد علمه ، وعلم أبيه الملك الكامل. وقال لأصحابه : «إذا طلع (٢) البغاددة علمهم فاكسروه ، وانهبوهم». ووقف هو وعسكره تحت الجبل من الظهر إلى المغرب (٣) ، يضربون الكوسات ، ويتعرضون للعراقي (٤).

فأرسل ابن أبي فراس (٥) أباه شيخا كبيرا إلى الملك المسعودي ،

__________________

(١) في (د) «البهنيسي». وانظر : ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٩ / ٣٥٠ ، الفاسي ـ العقد الثمين ٤ / ١٦٩ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٣٤ ـ ٣٦.

(٢) في (ج) «صعد». وذكر الناسخ : في نسخة أخرى «طلع».

(٣) في (ج) «المغرب». وذكر الناسخ في نسخة أخرى «الغروب».

(٤) في (ب) ، (د) «الى العراقي».

(٥) ابن أبي فراس : هو حسام الدين أبو فراس بن جعفر بن أبي فراس. ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٣٢.

٢٩٠

وأخبره بما يجب من طاعة الخليفة ، وما يلزمه فيما عمله (١) من الشناعة. فيقال أنه أذن لهم أن يصعدوا علم الخليفة قبيل الغروب. وقيل لم يأذن لهم (٢).

وبدا منه جبروت عظيم ، بحيث أنه صعد (٣) قبة زمزم ، وجعل يرمي حمام الحرم بالبندق (٤).

وكان معه راجح بن قتادة ، فولاه حلي ونصف المخلاف (٥).

وفي هذه السنة قال الفاسي (٦) : «مات في المسعى جماعة من الزحام ، لكثرة الحجاج (٧) من العراق والشام.

وبدا منه ما هو غير محمود ، من منعه لرفع علم (٨) الخليفة العباسي إلى عرفة ، وضرب غلمانه الناس بالمسعى في أرجلهم بالسيوف وهم يسعون ، وهم يقولون لهم : اسعوا قليلا قليلا ، فإن السلطان نائم سكران في دار السلطنة. والدم يجري على أعقابهم. ذكر ذلك ابن أبي شامة (٩).

وفي سنة ستمائة وعشرين وقع في ذي القعدة سيل ، ودخل

__________________

(١) في (د) «علمه».

(٢) في (أ) ، (ج) «لما يأذن». وفي (ب) ، (د) «لم يأذن لهم».

(٣) في (أ) ، (ب) ، (ج) «قلع». والاثبات من (د).

(٤) سبط ابن الجوزي ـ مرآة الزمان ٨ / ٢ / ٤١١ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٩١ ، الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٢٢ / ٣٣١.

(٥) المقريزي ـ السلوك ١ / ١ / ٢١٣ ، الفاسي ـ العقد الثمين ٤ / ١٧١.

(٦) الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٧٥.

(٧) في (أ) ، (ج) بزيادة «العراقي». والاثبات من (ب) ، (د).

(٨) سقطت من (د).

(٩) في الذيل على الروضتين ١٢٥.

٢٩١

المسجد ، ووصل قريبا من درجة الكعبة (١).

[وفاة الحسن بن قتادة]

ولما تمكن الملك المسعودي من مكة ، ولى مكة (٢) نيابة عنه نور الدين / علي بن عمر بن رسول الملك المظفر (٣) ، ورتب له عسكرا ، وعوانية. فقصده الحسن بن قتادة بجيش جمعه ، وجاء به (٤) من ينبع سنة ستمائة وعشرين.

فخرج إليه نور الدين إلى الحديبية ، وكسره. فهرب الحسن راجعا.

وما زال في التعب والنصب لما فعله في أبيه وعمه (٥) وأخيه.

ثم رحل إلى الشام ، ثم إلى العراق ، ووصل إلى بغداد ، فأدركه أجله في الجانب الغربي فوق دكة هناك.

فلما علم به ، غسل وكفن (٦) ، وصلي عليه ، وحمل إلى مشهد موسى الرضا (٧) فدفن هناك.

__________________

(١) الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٤٢٤. وسقطت «من» من (ج).

(٢) في (ب) ، (د) «وليها».

(٣) انظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٣٥ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٩٥ ، الفاسي ـ العقد الثمين ٦ / ٣٣٩.

(٤) في (د) «وجاءه».

(٥) سقطت من (د).

(٦) ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٢ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٨٨.

(٧) الصحيح موسى الكاظم أبو الحسن العلوي والد علي بن موسى الرضى. فهو نزيل بغداد. وقد توفي بها سنة ٣٨٣ ه‍ كما توفي فيها حفيده الجواد. انظر : الخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد ١٣ / ٢٧ ، ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ٥ / ٣٠٨ ـ ٣١٠ ، الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٦ / ٢٧٠ ـ ٢٧٤.

٢٩٢

ووقعت له مع والده حكاية غريبة جدا ، نقلها عنه الزنجاني (١) وزير أبيه ، قال :

كان أبو عزيز بالحرم مع الأشراف ، فهجم ولد لابنه الحسن ، وترامى عليه (٢) في حجره ، وإذ أبوه الحسن (٣) يشتد في أثره ، ثم ألقى يده في شعره ، وجذبه إليه من حجر جده.

فاغتاظ أبو عزيز فقال : «هكذا ربيتك ، ولهذا ادخرتك؟!».

فقال حسن : «ذاك الإدلال (٤) أوجب هذا الإذلال (٥)».

فقال أبو عزيز : «ليس هذا بإدلال ، ولكنه إذلال».

فانصرف حسن بولده ، وعمل فيه ما اقتضاه طبعه.

فالتفت أبو عزيز إلى الشرفاء ، وقال : «والله لا أفلح هذا (٦)».

فما مر إلا قليلا حتى قتل أباه ، ووقع ما وقع ـ انتهى.

قاله الطبري (٧) في نشأة السلافة.

وفي سنة ستمائة واثنتين وعشرين [في سلخ شهر رمضان](٨)

__________________

(١) في (ب) ، (ج) «الزجاني». وفي «غاية المرام» نجم الدين الريحاني عن ابن سعيد المغربي ١ / ٥٨٧.

(٢) في (ج) «عنه».

(٣) في (ب) ، (د) «وإذا بولده الحسن».

(٤) في (ج) «ذلك الإدلال» ..

(٥) في غاية المرام «الادلال».

(٦) في غاية المرام أضاف «ولا أفلح معه».

(٧) عبد القادر الطبري في نشأة السلافة.

(٨) ما بين حاصرتين من (ج). وانظر : ابن الأثير الكامل في التاريخ ٩ / ٣٦٠ ، ٣٦١.

٢٩٣

توفي الناصر العباسي ، فولي الخلافة ابنه الظاهر (١) ، فمكث أشهرا ومات.

فولي الخلافة ابنه المستنصر (٢) ، وطالت مدته.

[مكة بين بني رسول في اليمن وطغتكين التركي]

رجع :

وممّن ولي مكة للملك المسعودي صارم الدين ياقوت المسعودي (٣). وذلك سنة ستمائة وخمس وعشرين ، فإن (٤) في هذه السنة وصل مكة جيش (من صاحب مصر (٥) ، وعلى الجيش طغتكين التركي ، ففر منها نائب الملك المسعودي وهو نور الدين علي بن رسول السابق (٦) ذكره إلى اليمن. واستمر طغتكين (٧) بمكة ، وأحسن إلى أهلها.

__________________

(١) الظاهر بأمر الله أبو نصر محمد بن الخليفة الناصر لدين الله. وصفه ابن الأثير بالعدل وشبهه بعمر بن عبد العزيز. الكامل في التاريخ ٩ / ٣٦١.

(٢) بعد وفاة الظاهر سنة ٦٢٣ ه‍. والمستنصر هو أبو جعفر المنصور بن الناصر. وصفه ابن الأثير بالعدل والاحسان. انظر : الكامل في التاريخ ٩ / ٣٦٩.

(٣) وهو الأمير ياقوت بن عبد الله حسام الدين المكي المسعودي أمير الحاج والحرمين ، ومتولي الحرب بمكة ، ومدبر أحوال الجند بها والرعية. الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣١٦ ، ابن فهد ـ العقد الثمين ٧ / ٤٢٥ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٦٠٧ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٤.

(٤) في (د) «قال».

(٥) الملك الكامل محمد بن الملك العادل.

(٦) وهو نور الدين بن عمر بن علي بن رسول. انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣١٦.

(٧) طغتكين التركي بن عبد الله الكاملي. العقد الثمين ٥ / ٦٤.

٢٩٤

فلما كان سنة سبع وعشرين وستمائة ، وصل إليها جيش) (١) صاحب اليمن علي بن رسول الغساني ، ومع الجيش راجح بن قتادة ، فنزلوا بالأبطح.

وأرسل راجح إلى رؤساء مكة ، وأذكرهم إحسان السلطان علي بن رسول إليهم ، لما كان نائبا عن الملك المسعودي ، واستمالهم ، فمالوا إليه.

وفطن لذلك طغتكين التركي ، ففرّ منها كما يأتي بيانه.

قال ابن الضياء (٢) : «في هذه السنة (٣) : أمر المستنصر العباسي بعمارة عين حنين ، وأرسل لذلك مالا ، فعمرت».

[وفاة المسعودي]

واستمرت ولاية الملك المسعودي إلى أن توفي ثالث عشر جمادى الأولى بمكة. ودفن بالمعلاة سنة ستمائة وستة وعشرين (٤). ومولده سنة خمسمائة واثنتين وتسعين (٥).

ثم أن عتيقه الصارم (٦) بنى عليه قبة (وهي باقية) (٧) إلى الآن ـ

__________________

(١) ما بين قوسين سقط من (د).

(٢) ابن الضياء الحنفي. وانظر : ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ٥ / ٨٣ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٥٤٥ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ١٣ / ١٢٧.

(٣) أي سنة ٦٢٥ ه‍. كما عمرت أيضا سنة ٦٣٤ ه‍. الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٥٥٤.

(٤) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ٥ / ٨٣ ، الفاسي ـ العقد الثمين ٧ / ٤٩٤ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٥.

(٥) ذكر ابن خلكان مولده سنة ٦٩٧ ه‍. وفيات الأعيان ٥ / ٨٣.

(٦) الصارم قايماز المسعودي الذي توفي بالقاهرة بعد ذلك. انظر : ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٩٣.

(٧) ما بين قوسين سقط من (د).

٢٩٥

رحمه‌الله تعالى.

واستولى على اليمن بعده نور الدين عمر بن علي بن رسول ، بويع بالسلطنة ، وتلقب بالملك المنصور (١).

[ولاية الملك الكامل الأيوبي ٦٢٦ ـ ٦٢٩ ه‍]

فولي مكة بعد الملك المسعودي أبوه الملك الكامل (٢) صاحب مصر ـ كما سبق ذكره.

قال ابن خلكان (٣) /: «ولقد حكى لي من حضر الخطبة (بمكة يوم الجمعة) (٤) ، فسمع الخطيب يقول على المنبر في حق الملك الكامل : صاحب مكة وعبيدها ، واليمن وزبيدها ، ومصر وصعيدها ، (والشام وصناديدها) (٥) ، والجزيرة ووليدها ، سلطان القبلتين ، ورب العلامتين ، وخادم الحرمين الشريفين (٦) الملك الكامل خليل أمير المؤمنين.

وكان الملك الكامل جعل على مكة نائبا عنه طغتكين التركي أحد

__________________

(١) وهو الملك المنصور نور الدين عمر بن علي بن رسول بن هارون بن أبي الفتح الغساني البيجكي التركماني. ابن الديبع ـ بغية المستفيد ص ٨١. قتل سنة ٦٤٨ ه‍. الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٢٣ / ٢٣٨. وذكر ابن الديبع أن قتله سنة ٦٤٧ ه‍ في ذي القعدة ، قتله مماليك له كان واثقا بهم محسنا ظنه فيهم. وكان حنفي المذهب ، تحول إلى مذهب الشافعي. ابن الديبع ـ بغية المستفيد ص ٨٢.

(٢) محمد بن أبي بكر محمد بن أيوب بن شادي.

(٣) وفيات الأعيان ٥ / ٨٢ ـ ٨٣.

(٤) ما بين قوسين سقط من (د).

(٥) لا توجد في المطبوع من وفيات الأعيان ٥ / ٨٢.

(٦) في وفيات الأعيان أضاف : «أبو المعالي محمد الملك الكامل ناصر الدين خليل أمير المؤمنين». ابن خلكان ٥ / ٨٣.

٢٩٦

خدامه.

ولما كان شهر ربيع الآخر سنة ستمائة وتسع وعشرين اتصل راجح بن قتادة بنور الدين علي بن رسول صاحب (١) اليمن. ولم يزل به ويحسن له أخذ مكة حتى بعث معه جيشا إلى مكة. فأخرجوا نائب الملك الكامل طغتكين [التركي](٢).

فهرب (طغتكين إلى ينبع ، وكتب إلى الكامل يعرفه. فجهز الملك الكامل إليه جيشا كثيقا. فرجع طغتكين مع) (٣) الجيش ، فأخرج راجحا ومن معه من أهل اليمن ، واستولى على مكة ، وقتل بها جماعة كانوا قد خذلوه في المرة (٤) الأولى (٥). وكان عوده إليها في شهر رمضان الأغر سنة ستمائة وتسع وعشرين.

[مكة بين الملك الكامل والرسوليين في اليمن ٦٣٠ ـ ٦٣٥ ه‍]

ثم وليها الشريف راجح بن قتادة ، مع عسكر صاحب اليمن من غير قتال. وذلك في سنة ستمائة وثلاثين ، وخطب بها للملك المنصور ابن الملك المسعودي (٦). وخرج منها طغتكين [التركي](٧).

__________________

(١) سقطت من (ب).

(٢) زيادة من النسخ الثلاث غير (أ).

(٣) ما بين قوسين سقط من (د).

(٤) سقطت من (د).

(٥) انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣١٧. فكان ذلك سبب عزله من قبل الملك الكامل وولى بدله ابن مجلي سنة ٦٣٠ ه‍. الفاسي ـ العقد الثمين ٨ / ١٧١ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٦١٣ ، ٦٢٤.

(٦) الملك الصالح يوسف.

(٧) زائدة من (ج).

٢٩٧

ثم وليها عسكر الملك الكامل في آخر هذه السنة في شوال : فإن الملك الكامل لما بلغه ذلك ، جهز جيشا سبعمائة فارس (١). فلما أن وصل الخبر إلى راجح ، خرج من مكة ، فدخلها العسكر المصري من غير محاربة ، وطمنوا البلد. وحج بالناس أمير الجيش يعرف بالزاهد (٢).

وأقام بمكة نائبا من جهة الملك الكامل رجلا يقال له ، ابن مجلي ـ بميم وجيم ـ.

ثم جهز إليها نور الدين عمر بن علي بن رسول جيشا آخر مع راجح بن قتادة ، فأخذها (من ابن مجلي السابق) (٣).

فبلغ ذلك الملك الكامل فجهز جيشا أكثر من الأول فيه ألف فارس ، وقيل تسعمائة ، وفيه خمسة أمراء مقدمهم جفريل (٤) ـ بجيم / ثم فاء ثم راء مهملة ثم مثناة تحتية ثم لام ـ. فخرج منها راجح ، فتغير عليه المنصور.

ولما رجع (٥) راجح إلى مكة ، غلت الأسعار [بمكة](٦) هذه

__________________

(١) في (د) «فأرسل». وهو خطأ.

(٢) في (ب) ، (ج) «بالزاهر». وفي (د) «بالزهر». والاثبات من (أ) كما في ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٦١٩ ، ٦٢٠ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣١٧.

(٣) ما بين قوسين سقط من (د).

(٤) هكذا ضبطه السنجاري. كما في الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣١٨. وفي غيره «جغريل» بن عبد الله الكاملي الملقب أسد الدين. انظر : الفاسي ـ العقد الثمين ٣ / ٤٣٤ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٦٢١ ، ٦٢٥.

(٥) أضافت نسخة (د) «عاد راجعا». ومطموس في (أ).

(٦) زيادة من (ب) ، (د). وانظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٤٣٢. فذكر الفاسي : «أنه في سنة ٦٣٠ ه‍ وفي التي بعدها كان بمكة غلاء يقال له غلاء ابن مجلي».

٢٩٨

السنة.

قال القطب (١) : «وفي سنة ستمائة وإحدى وثلاثين ، جدد إقبال الشرابي (٢) رخام الطواف بأمر [من](٣) المستنصر (٤). وكتب ذلك في رخامة زرقاء ، ألصقت في جدار الكعبة في مقام جبريل».

قال في الأساطين (٥) : «وفي هذه السنة ستمائة وإحدى وثلاثين ، حج الملك المنصور نور الدين صاحب اليمن على الهجن حجا هنيئا ، رجاء أن يأتيه تقليد من الخليفة المستنصر العباسي ، فلم يأته ذلك ، وأتاه في السنة الثانية التي بعدها.

وفي سنة ستمائة واثنتين وثلاثين : في الموسم ، وصل من صاحب مصر نحو ألف فارس. فخرج منها راجح. فجهزه المنصور صاحب اليمن بخزانة وعسكر ، وأرسل معه قناديل الذهب والفضة للكعبة. فلم يقدر راجح على مقاومة العسكر المصري. فلما سمع بذلك العسكر المصري خرجوا لهم ، فالتقوا في محل يقال له الخريقين [والخلف](٦) بين مكة والسرين (٧). فانهزمت الأعراب أصحاب راجح ، وأسر

__________________

(١) القطب الحنفي.

(٢) إقبال الشرابي : الأمير شرف الدين أبو الفضائل والمكارم إقبال بن عبد الله الشرابي المستنصري العباسي صاحب الرباط. الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٥٢٨ ، العقد الثمين ٣ / ٣٢٥ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٥٠.

(٣) زائدة من (ج).

(٤) المستنصر بن الناصر الخليفة العباسي.

(٥) الأساطين في حج السلاطين. وانظر : ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٩٩ ، ٦٠٠.

(٦) من (ب). والخريقين بين مكة والسرين. كما ذكر المؤلف السنجاري.

(٧) سقطت من (ب) ، وبياض في (ج) ، (د). والسرين : بليدة على الساحل قرب جدة. ياقوت ـ معجم البلدان ٣ / ٢١٩.

٢٩٩

من أصحابه رجل يقال له «أبو عبدان» ، فقيدوه وأرسلوه إلى مصر.

وفي سنة ستمائة وأربع وثلاثين : عمرت عين حنين (١) أيضا.

واستمر والي مكة جفريل إلى سنة ستمائة وخمس وثلاثين ، فوليها المنصور علي بن رسول صاحب اليمن بنفسه ، فإنه قصد مكة في نحو ألف فارس (٢) وبعث إلى الجند بمكة : «أن من جاءنا ، فله ألف دينار وحصان وكسوة». فمالت إليه أكثر القوم. فلما وصلوه أوفاهم ما قال. وخرج إليه راجح بن قتادة ، فبعث معه ثلاثمائة فارس ، فدخل مكة بالأعلام والطبول.

فلما تحقق أهل مصر قدوم السلطان ، أحرقوا جميع أسبابهم ، وخرجوا من مكة. فأرسل إليه راجح بما وقع ، فدخلها في رجب بعد أن هرب جفريل لما سمع بوصوله.

فاستولى عليها السلطان نور الدين عمر (٣) بن علي بن رسول. فدخلها في رجب معتمرا ، بعد أن تقدمه الشريف راجح بنحو ثلاثمائة عسكري من أصحاب النجدة والبأس. فأمن البلد وتصدق على أهل (٤) مكة بمال جزيل.

__________________

(١) عين حنين ـ عين بازان. الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٥٥٤ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٥٢.

(٢) المقريزي ـ السلوك ١ / ٢ / ٢٧٤ ، ابن فهد ـ العقد الثمين ٣ / ٤٣٤ ، ابن الديبع ـ بغية المستفيد ص ٨١.

(٣) كلمة «عمر» من (ج). انظر : ابن الديبع ص ٨١.

(٤) سقطت من (ج) ، (د). وانظر في ذلك : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٥٣.

٣٠٠