منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٢

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري

منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٢

المؤلف:

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري


المحقق: الدكتور جميل عبدالله محمد المصري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: جامعة أم القرى
الطبعة: ٠
ISBN الدورة:
9960-03-366-X

الصفحات: ٤٨٠

[حج الخيزران سنة ١٧١ ه‍]

وفي أثناء هذه المدة سنة مائة وإحدى وسبعين ، قدمت مكة الخيزران أم الرشيد (١) ، فأقامت بمكة إلى أن حجت ، واشترت دورا بالصفا إلى جانب دار الأرقم (٢) المخزومي التي بها المختبى ، وبها مسجد كان في صولة المشركين يدعو فيه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الإسلام خفية ، وأسلم فيه جماعة من كبار الصحابة ، وفيه الآن قبة يقال لها قبة الوحي (٣). وقد تداولت الأيدي هذا المحل. وسيأتي بيان ما فيه أواخر هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.

[إغارة الحبشة على جدة]

وفي الوقائع المكية (٤) : «سنة مائة وثلاثة وسبعين جاءت الحبشة في زمن الحج إلى جدة ، فوقعوا بمن فيها ، (فخرج الناس هاربين إلى مكة) (٥) ، فخرج معهم أهل مكة ، فلما رأت الحبشة ذلك هربوا في المراكب ، فجهز وراءهم صاحب مكة غزاة في البحر» ـ انتهى ـ.

__________________

(١) ابن كثير ـ البداية والنهاية ١ / ١٦٢ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٦٢ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٢٢٠ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٢٢٥.

(٢) الأرقم بن أبي الأرقم بن أسد المخزومي صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وعاش إلى زمن معاوية. وداره عند الصفا أول مدرسة في الإسلام. انظر : ابن حجر ـ الاصابة ١ / ٤٠ ، ابن سعد ـ الطبقات ٣ / ٢٤٢ ، الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٢ / ٤٩٧.

(٣) في (ب) «الوصية». وأثبت الناسخ في الهامش قوله : «لعله الوحي».

(٤) الوقائع المكية للسيد البهنسي. وانظر : شفاء الغرام للفاسي ١ / ١٤١ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى (سنة ١٨٣ ه‍) ١ / ٢٣٢.

(٥) ما بين قوسين سقط من (د).

١٢١

[منبر المسجد الحرام]

قال القطب الحنفي (١) :

«ولا أعرف للرشيد زيادة ولا عمارة في المسجد الحرام مع كثرة خيراته وكرمه ، إلا أن عامله على مصر موسى بن عيسى (٢) أهدى إلى المسجد الحرام منبرا منقوشا من خشب ، له تسع درجات. وكان يخطب عليه. ورفع الأول وهو منبر سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي‌الله‌عنهما إلى منى. واستمر هذا المنبر إلى زمن الواثق» ، كما سيأتي بيانه (٣).

[العناية بالحجر الأسود]

قلت (٤) : وذكر الفاسي (٥) عن الأزرقي (٦) : «أنه (٧) رأى الفضة التي صب (٨) بها الحجر تخلخلت ، فأمر ، فثقب الحجر بالماس ، وسكب فيه فضة (٩) ، وذلك بمجاورته بمكة سنة مائة وتسع وسبعين».

__________________

(١) القطب الحنفي محمد النهروالي. توفي سنة ٩٩٠ ه‍. وكتابه : الاعلام بأعلام بيت الله الحرام ص ١٤٨. انظر : الأزرقي ـ أخبار مكة ١ / ٣١٣.

(٢) موسى بن عيسى بن موسى بن محمد العباسي ولي مصر أكثر من مرة. انظر : الكندي ـ تاريخ ولاة مصر وقضاتها ص ١٠٦ ، ١٠٨ ، ١١٠ ، القضاعي ـ تاريخ ٤٢٢

(٣) في هذا الكتاب.

(٤) أي السنجاري.

(٥) الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣١٢.

(٦) الأزرقي ـ أخبار مكة ١ / ٣٤٦.

(٧) أي الرشيد.

(٨) في (ج) «ضبب».

(٩) في (ج) «الفضة».

١٢٢

[حج الرشيد]

وكان الرشيد كثير الحج ، حج بالناس تسع حجج (١) / متفرقة ، أولها سنة سبعين ومائة ، وسنة ثلاث وسبعين ومائة ، وتالييها (٢) ، وسنة سبع وسبعين ومائة ، وسنة تسع وسبعين ومائة ، وسنة إحدى وثمانين ومائة ، وسنة ست وثمانين ومائة.

وذكر ابن الأثير : «أنه سنة ثلاث وسبعين ، أحرم بالحج من بغداد (٣). وسنة تسع وسبعين مشى على رجليه (٤) من مكة إلى عرفات ، وشهد المشاهد (٥) كلها ماشيا ، وأنه اعتمر في رمضان في هذه السنة شكرا لله على قتله الوليد بن طريف ، وعاد إلى المدينة ، وأقام بها إلى الحج ، فحج هذه السنة السابق ذكرها (٦)».

«وأنه في سنة ست وثمانين بلغ عطاؤه بالحرمين ألف ألف دينار وخمسين ألف دينار ، وجعل في الكعبة عهده الذي بين ولديه (٧) ، وهو آخر حجة حجها. وهو آخر خليفة حج من العراق (٨)» ـ انتهى من أساطين الشعائر الإسلامية للإمام عبد القادر الطبري (٩).

__________________

(١) انظر : ابن خياط ـ تاريخ خليفة ٤٨ ـ ٤٦٠ ، القضاعي ـ تاريخ ٤١٦.

(٢) في (ج) «وتاليها». أي في السنوات ١٧٤ ، ١٧٥ ، ١٧٦ ه‍.

(٣) ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٥ / ٨٧.

(٤) في (د) «قدميه».

(٥) في (د) «المشاعر».

(٦) ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٥ / ١٠١.

(٧) ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٩ / ١٢٣ ، ابن الأثير ـ الكامل ٥ / ١١٣ ـ ١١٤ ، القضاعي ـ تاريخ ٤٢٥.

(٨) القضاعي ـ تاريخ ٤١٦.

(٩) عبد القادر الطبري محيي الدين عبد القادر بن محمد بن يحيى ٩٧٦

١٢٣

وقال ابن الضياء (١) : «ان الرشيد سأل مالكا في هدم الكعبة وإعادتها على قواعد ابن الزبير ، فقال له مالك : ناشدتك الله عزوجل ، لا تجعل هذا البيت ملعبة للملوك ، فتذهب هيبته من قلوب الناس» ـ هكذا ذكره الامام النووي (٢).

وقال السهيلي (٣) : «ان السائل لمالك انما هو المنصور». والله أعلم.

وذكر المسعودي قال (٤) : «ان في سنة مائة وست وثمانين ، خرج الرشيد حاجا ومعه وليا عهده الأمين والمأمون ، وكتب عهدهما ، وعلقه في جوف الكعبة.

وحكي عن إبراهيم الحجبي (٥) قال : ان الكتاب لما رفعه ليعلقه وقع. فقلت في نفسي : وقع قبل أن يرتفع ، إن هذا الأمر سريع انتقاضه

__________________

١٠٣٣ ه‍ ـ أساطين الشعائر الإسلامية ، الأساطين في حج السلاطين.

(١) ابن الضياء الحنفي القرشي. أبو البقاء محمد بن أحمد العمري الصاغاني (٧٨٩ ـ ٨٥٤ ه‍) ، صاحب الضياء الضوي في شرح مقدمة الغزنوي. والبحر العميق.

(٢) الامام النووي يحيى في شرح صحيح مسلم ١٨ / ٢٥٢.

(٣) في الروض الأنف (طبع باكستان) ١ / ١٢٨.

(٤) في (أ) ، (ج) «قال المسعودي». والاثبات من (ب) ، (د). وانظر في ذلك : المسعودي ـ مروج الذهب ٣ / ٣٦٤ ، ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٩ / ١٢٣ ـ ١٢٤ ، ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٥ / ١١٣ ، الأزرقي ـ أخبار مكة ١ / ١٦٠ ـ ١٦١ ، القضاعي ـ تاريخ ٤٢٥.

(٥) ابراهيم الحجبي : ابراهيم بن عبد الله بن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة الحجبي. ولاه هارون الرشيد اليمن ، وقتل بمكة في فتنة عام ٢٠٢ ه‍ زمن المأمون ، وكان من شهود وثيقة الرشيد للأمين والمأمون سنة ١٨٦ ه‍. انظر : الزبيري ٢٥٢ ، الأزرقي ٢٣٨ ، المسعودي ـ المروج ٤ / ٣٠٩ ، ابن حزم ـ الجمهرة ١٢٨ ، الفاسي ـ العقد الثمين ٣ / ٢٣١.

١٢٤

قبل تمامه» ـ انتهى. وكان الأمر كذلك.

قال الفاسي (١) : «وهو آخر خليفة حج من العراق».

[وفاة الرشيد]

واستمرّ الرشيد إلى أن توفي (٢) سنة مائة وثلاث وتسعين بأرض طوس (٣) من نواحي جرجان (٤) عن خمس وأربعين سنة ، ومدته ثلاث وعشرون سنة.

فائدة :

قال محيي الدين (٥) في المسامرة : «لم يحج خليفة فيما نعلم بعد الرشيد إلا المنصور (٦) مختفيا (٧) على ما قيل». والله أعلم.

__________________

(١) شفاء الغرام ٢ / ٣٤٣ ، وانظر : ابن حبيب ـ المحبر ٣٨ ، القضاعي ـ تاريخ ٤١٥.

(٢) انظر عن وفاة الرشيد بطوس : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٩ / ١٩٤ ، القضاعي ـ تاريخ ٤١٥ ، ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٥ / ١٢٧ ـ ١٢٨.

(٣) طوس : من مدن خراسان المشهورة ، ينتسب اليها كثير من العلماء. انظر : ياقوت ـ معجم البلدان ٤ / ٤٩ ـ ٥٠.

(٤) جرجان : مدينة مشهورة بين طبرستان وخراسان ، خرج منها خلق من العلماء. انظر : ياقوت ـ معجم البلدان ٢ / ١١٩ ـ ١٢٢.

(٥) محيي الدين بن عربي المتصوف. توفي سنة ٦٣٨ ه‍. محاضرة الابرار ومسامرة الأخيار ١ / ١٠٩.

(٦) المنصور ـ يقصد به المنصور الموحدي (٥٨٠ ـ ٥٩٥ ه‍) بطل معركة الارك سنة ٥٩١ ه‍ الذي انتصر فيها المسلمون على النصارى في الأندلس. انظر : المراكشي ـ المعجب ص ٣٥٨ وما بعدها ، المقري ـ نفح الطيب ٤ / ٣٨١ ، الحميري ـ الروض المعطار ١٢ ـ ١٣.

(٧) في (د) «مخفيا».

١٢٥

فائدة [في إغارة الحبشة على جدة]

ذكر الفاسي (١) : «قال بعض أهل مكة : ان الحبشة جاءت جدة سنة ثلاث وثمانين ومائة ، فخرج الناس من مكة مجاهدين ، وأميرهم حينئذ عبد الله بن محمد بن إبراهيم ، فخرج الناس غزاة في البحر ، واستعمل عليهم عبد الله بن محمد / بن إبراهيم حفيده (٢) عبد الله بن الحارث بن عبد الملك بن أبي ربيعة المخزومي ـ وجدت هذا في كتاب أعطانيه بعض المكيين عن أشياخه يذكر هذا» ـ انتهى.

وإبراهيم هذا جد عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس هو أخ السفاح ، وحفيده عبد الله هذا هو والي مكة للرشيد ، فعلى هذا تكون الواقعة سنة مائة وثلاث وثمانين.

وفي بعض الكتب ان اسم عبد الله هذا عبيد الله «ـ انتهى كلامه في الشفاء (٣)».

[ظلة المؤذنين]

قلت : ولم أر هذا فيمن ذكر من ولاة الرشيد ، إلا أني رأيت الجلال السيوطي ذكر في الأوليات له عن الأزرقي (٤) : «أن أول من عمل ظلة المؤذنين التي على سطح المسجد يؤذن فيها يوم الجمعة والإمام يخطب عبد الله بن محمد بن عمران الطلحي ، وهو أمير مكة في خلافة الرشيد. وكان المؤذنون يجلسون هناك يوم الجمعة في

__________________

(١) الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ١٤١.

(٢) سقطت من (د) وبدلها «ابن». وهو خطأ.

(٣) الخبر في (د) مضطرب. فأهملت الاشارة اليه.

(٤) أخبار مكة ٢ / ١١ ، وانظر : ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٣٧٠.

١٢٦

الشمس شتاء وصيفا» ـ انتهى (١).

[سيل عام ١٨٤ ه‍]

وفي سنة مائة وأربع وثمانين كان السيل (٢) المخبل ، سمي بذلك لحصول خبل في عقول الناس بعده ، ووقع بعده سيل آخر عقبه ، إلا أنه لم يحصل منه ضرر كالأول.

[أخبار مكة وولاتها زمن خلافة الأمين ١٩٣ ـ ١٩٨ ه‍]

فولي الخلافة بعد الرشيد ابنه محمد الأمين (٣).

فولي مكة في أيامه :

داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ، هكذا رفع نسبه الفاسي (٤) ، ونقله عنه (٥) القاضي محمد بن ظهيرة (٦). والذي رأيته في الوافي للصفدي ما نصه (٧) :

«داود بن عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي ابن أخي

__________________

(١) أضاف ناسخ (ج) في المتن ما نصه : «قال كاتبه أبو الفيض والاسعاد : ولعل المصنف ذكر القصة السابقة مرتين لاختلاف تاريخيهما ، فإن الأولى كما في الوقائع سنة ثلاث وسبعين ومائة ، والثانية سنة ثلاث وثمانين ومائة كما ذكره الفاسي في شفائه. ولا أدري أيهما أوثق ـ فحرره ـ والله أعلم ـ».

(٢) انظر : الأزرقي ـ أخبار مكة ١ / ٣٩٧. ولم يسمه «المخبل» فالمخبل كان عام ٨٤ ه‍. وانظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٤١٨ ، العقد الثمين ١ / ٢٠٥ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٢٣٣.

(٣) انظر في خلافة الأمين : القضاعي ـ تاريخ ٤٢٤.

(٤) شفاء الغرام ٢ / ١٨١ ، العقد الثمين ٤ / ٣٥٧.

(٥) في (ج) «عن».

(٦) ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ص ١٨١.

(٧) الصفدي ـ الوافي بالوفيات ١٣ / ٤٩٣.

١٢٧

المذكور ـ يعني به داود بن علي بن عبد الله بن عباس السابق ذكره في خلافة السفاح ، قال يعني داود بن عيسى روى عن أبيه وأبي بكر بكار (١). وروى عنه ابن ابنه محمد بن عيسى بن داود بن عيسى وغيره ، ولي الحرمين [الشريفين](٢) ، ثم خرج إلى مكة ، وأقام بها عشرين شهرا ، فكتب إليه أهل المدينة يلتمسون منه الرجوع ، ويفضلونها على مكة ، فأجابهم أهل مكة بشعر مثله ، وحكم بينهم رجل من بني عجل ـ كان مقيما بجدة في شعر له ، والقصة مشهورة ـ يعني بذلك ما نقلناه عن المسامرة (٣)» ـ انتهى كلامه.

وذلك سنة مائة وثلاث وتسعين. واستمر إلى انقضاء خلافة الأمين سنة مائة وست وتسعين (٤) ، وتولى خلع الأمين بالحرمين ، وسار من مكة إلى المأمون ، وأخبره بذلك ، فأعطاه خمسمائة ألف دينار ، وأبقاه على الحرمين ـ مكة والمدينة ـ.

[الفتنة بين الأمين والمأمون]

وملخص ذلك :

أن الرشيد كان عهد إلى الأمين ، ثم من بعده للمأمون ، وكتب بذلك كتابا كما سبق ذكره. فلما استوثق الأمر للأمين ، نقض العهد ،

__________________

(١) سقطت من (د).

(٢) زيادة من (د).

(٣) ذكر ناسخ (ج) «ولعله الفتوحات». والقصة أيضا في المسامرة. أي محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار ١ / ٣٧١ ـ ٣٧٨.

(٤) ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٥ / ١٥٤ ـ ١٥٥. وانظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٢٥٠ ـ ٢٥٦.

١٢٨

وأخذ البيعة لابنه (١) وهو ابن خمس سنين ، فنصحه (ذووا الرأي فلم يرعو) (٢).

فلما بلغ المأمون ذلك ، وكان على إمارة خراسان ، حاربه ، وكانت بينهم وقائع طويلة. ولم يزل حتى قتله ، وانتظم له الأمر ، وذلك سنة مائة وسبع وتسعين. ونصب طاهر بن الحسين (٣) رأسه على رمح ، وعمره سبع وعشرون سنة ، سنة مائة وسبع وتسعين (٤).

وفي سنة مائة وثمان وتسعين بايع الناس للمأمون بن الرشيد.

لطيفة :

قال الشيخ محيي الدين في الفتوحات (٥) : «حدثنا محمد بن إسماعيل ابن أبي الصيف اليمني نزيل مكة قال : حدثنا حسن بن علي ، حدثنا الحسن بن خلف بن يحيى بن هبة الله بن قاسم الشامي ، حدثنا الحسن (٦) بن أحمد بن فراس ، حدثنا أبي عن أبيه إبراهيم بن فراس ،

__________________

(١) ابنه «موسى بن الأمين». ولقبه «الناطق بالحق». انظر : القضاعي ـ تاريخ ٤٢٦.

(٢) ما بين قوسين سقط من (د).

(٣) طاهر بن الحسين بن مصعب بن رزيق الخزاعي ـ ذو اليمينين. أمير خراسان ، أشهر قادة المأمون. توفي سنة ٢٠٧ ه‍. انظر : الخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد ٩ / ٣٥٣ ، ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ٢ / ٥١٧ ، الذهبي ـ سير ١٠ / ١٠٨ ـ ١٠٩.

(٤) الصحيح في المحرم من سنة ١٩٨ ه‍. انظر : القضاعي ـ تاريخ ٤٢٧.

(٥) محيي الدين بن عربي ـ الفتوحات المكية ١ / ٧٥٩ ـ ٧٦٣ ، ومحاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار ١ / ٣٧١ ـ ٣٧٨. وذكر ناسخ (ج) عن الفتوحات «لعله المسامرات». والخبر في كليهما.

(٦) في (ج) «الحسين». والاثبات كما في المسامرة ١ / ٣٧١. وفي الفتوحات «الحسين».

١٢٩

عن أبي محمد اسحاق بن نافع الخزاعي ، عن إبراهيم بن عبد الرحمن المكي ، عن محمد بن العباس المكي ، قال : أخبرنا بعض المشايخ المكيين أن داود بن عيسى بن موسى لما ولي مكة والمدينة ، أقام بمكة ، وولى ابنه سليمان المدينة ، فأقام بمكة عشرين شهرا ، فكتب إليه أهل المدينة.

وقال الزبير بن أبي بكر (١) : كتب إليه يحيى بن مسكين بن قيس ابن أيوب بن مخراق ، يسأله التحول إليهم (٢) ، ويعلمه أن مقامه بالمدينة أفضل من مقامه بمكة. وهذا صورة ما قاله (٣) :

أداود قد فزت بالمكرمات

وبالعدل في بلد المصطفى

وصرت ثمالا لأهل الحجاز

وسرت بسيرة أهل التّقى /

وأنت المهذّب من هاشم

وفي منصب العزّ والمرتجى

وأنت الرضا للذي نابهم

فعدلك فينا هو المنتهى (٤)

وبالفيء أغنيت أهل الحجاز (٥)

وفي كلّ حال ونجل (٦) الرضى

__________________

(١) غير مقروء في (أ) فحواشي ص ١٦٦ مطموسة. وفي (ب) ، (ج) «بكار». والاثبات من (د) والفتوحات المكية ، ابن عربي ـ المسامرة ١ / ٣٧٢.

(٢) في (ب) ، (ج) «إليه». والاثبات من (أ) ، (د) كما في المسامرة.

(٣) انظر بالاضافة الى المسامرة ١ / ٣٧٢ ، والفتوحات المكية : الفاكهي ـ أخبار مكة ٣ / ٢٩٣ ـ ٢٩٨ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٢٥ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٣٨٠.

(٤) شطر هذا البيت الشطر الثالث وما بعده في (ج). والشطر لما بعده شطر هذا البيت.

(٥) في (ب) «الخصاص». كما في الفتوحات والمسامرة وغاية المرام ، واتحاف الورى.

(٦) في (ب) «فأنت» خلاف النسخ الأخرى ، والمسامرة ، والفتوحات.

١٣٠

ومكة ليست بدار المقام

فهاجر كهجرة من قد مضى (١)

مقامك عشرين شهرا [بها](٢)

كثير لهم عند أهل الحجى

فسر لبلاد (٣) الرسول التي

بها الله خصّ نبيّ الهدى

ولا ينفينّك (٤) عن قربه

مشير مشورته بالهوى

فقبر (٥) النبي وآثاره

أحقّ بقربك من ذي طوى

قال : فلما ورد الكتاب والأبيات (٦) على داود بن عيسى ، أرسل إلى رجال من أهل مكة ، فقرأ عليهم الكتاب ، فأجابه رجل منهم يقال له عيسى بن عبد العزيز السلعوسي (٧) بقصيدة يرد عليه ، ويذكر فضل مكة ، [وما خصها الله تعالى به من الكرامة والفضيلة ، ويذكر](٨) المشاعر والمناقب [وهي](٩) :

أداود أنت الإمام الرضا

وأنت ابن عمّ نبيّ الهدى

__________________

(١) البيت سقط من (ب) ، (ج) ، (د). واثباته من (أ) كما في المسامرة والفتوحات.

(٢) بياض في (أ). والاثبات من بقية النسخ والمسامرة والفتوحات.

(٣) في الفتوحات «فصم ببلاد». وفي المسامرة ، وغاية المرام ، وتهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر ٥ / ٢١٠ «فضم بلد». وفي اتحاف الورى «فقم لبلاد».

(٤) في (ب) ، (د) «يلفتنك».

(٥) عند الفاكهي ٣ / ٢٩٣ «فقرب».

(٦) في (أ) ، (د) «والشعر إلى». والاثبات من (ب) ، (ج) كما في المسامرة والفتوحات.

(٧) في (ج) «العليوسي». وفي (د) «السعليوك». وفي (أ) ، (ب) «السلعوس». والاثبات من الفتوحات.

(٨) ما بين حاصرتين من (ج) ، والفتوحات.

(٩) من (ب) ، (د). وفي المسامرة «فقال».

١٣١

وأنت المهذّب (١) من كلّ عيب

[كبيرا](٢) ومن قبله في (٣) الصبا

وأنت المؤمّل من هاشم

وأنت ابن قوم كرام تقى

وأنت غياث لأهل الخصاص (٤)

تسد خصاصتهم بالغنى

أتاك كتاب حسود جحود

أساء في مقالته واعتدى

يخيّر يثرب في شعره

على حرم الله حيث ابتنى (٥)

فإن كان يصدق فيما يقول

فلا يسجدنّ (٦) إلى ها هنا (٧)

وأي بلاد تفوق أمّها

ومكة مكة أم القرى

وربي دحا الأرض من تحتها

ويثرب لا شك فيما (٨) دحا

وبيت المهيمن فيها مقيم

يصلّى إليه (٩) برغم العدا

ومسجدنا بيّن فضله

على غيره ليس في ذا مرا /

صلاة المصلّي (تعدّ له) (١٠)

مئين ألوف (١١) صلاة وفا

كذاك أتى في حديث النبي

وما قال حقّ به يقتدى

__________________

(١) في (د) «المفرد».

(٢) من (ج). وفي (ب) «كبير». وفي المسامرة «وكبير». وهو خطأ.

(٣) في (ب) أضاف «زمان» بعد «في».

(٤) في (د) «الخصايص».

(٥) في (أ) ، (ب) ، (د) «انتبا». والاثبات من (ج) والمسامرة ، والفتوحات.

(٦) في (ب) «يسجدان».

(٧) في (ب) والفتوحات ، وغاية المرام «ما هنا». ويخالف ما في المسامرة.

(٨) في (أ) «مما». والاثبات من بقية النسخ والمسامرة.

(٩) في (ب) «عليه».

(١٠) في (أ) ، (ب) ، (ج) «تعادل به» والاثبات من (د) كما في المسامرة ، وغاية المرام.

(١١) في (د) «مئينا ألوفا». وفي الفتوحات «مئين ألوفا».

١٣٢

وأعمالكم كل يوم وفود

إلينا شوارع (١) مثل القطا

فيرفع منها إلهي (٢) الذي

يشاء ويترك ما لا يشا

ونحن تحج إلينا العباد

فيرمون شعثا بوتر الحصى

ويأتون من كل فج عميق

على أنيق ضمّر كالقنا (٣)

ليقضوا مناسكهم (٤) عندنا

فمنهم سعاة ومنهم مشى (٥)

فكم من ملبّ بصوت حزين

ترى صوته قد علا في الهوى (٦)

وآخر يذكر ربّ العباد

ويثني عليه بحسن الثّنا

وكلّهم (٧) أشعث أغبر

يؤم المعرّف أقصى المدا

فظلّوا به يومهم كلّه

وقوفا يضجّون حتى المسا (٨)

حفاة عراة قياما (٩) لهم

عجيج يناجون (١٠) ربّ السّما

__________________

(١) في (ج) «سوارح». وفي (د) «سوارع».

(٢) في (ج) «إلهي منها».

(٣) في (أ) ، (د) «كالصفا». والاثبات من (ب) ، (ج) ، والفتوحات والمسامرة.

(٤) في (أ) «ليقضون نسكهم». وفي (ب) «يقضون نسكهم». وفي (د) «ليقضون منسكهم». وفي الفتوحات «لتقضوا مناسككم». والاثبات من (ب) والمسامرة.

(٥) في غاية المرام «فمنهم شتات ومنهم معا». وفي المسامرة : «فمنهم سعاة ومنهم معا». وفي الفتوحات «فمنهم سغاب ومنهم معى».

(٦) في الفتوحات ، وفي غاية المرام «في الهوا قد علا».

(٧) في (د) «وكل». وفي الفتوحات «فكلهموا».

(٨) في غاية المرام «وقوفا على الجبل حتى المسا». وفي المسامرة «وقوفا يضجون عند المسا».

(٩) في (أ) ، (ب) «قيام». والاثبات من (ج) ، (د) ، والفتوحات. وفي المسامرة «فياما».

(١٠) في (ج) ، (د) «عجيج ينادون». وفي المسامرة «عجيب ينادون».

١٣٣

رجاء وخوفا لما قدّموا

وكلّ يسائل (١) دفع البلا

يقولون يا ربّنا (٢) اغفر لنا

بعفوك والصّفح عمّن أسا

فلما دنا الليل من يومهم

وولّى النهار أجدّوا البكا

وسار الحجيج له وجبة (٣)

فحلّوا بجمع بعيد العشا

فباتوا بجمع (٤) فلمّا بدا

عمود الصّباح وولّى الدّجى

دعوا ساعة شدّوا النسوع (٥)

على قلّص (٦) ثم أمّوا منى

فمن بين (٧) من قد قضى نسكه

وآخر يبدأ بسفح (٨) الدّما

وآخر يهوي إلى مكة

ليسعى ويدعوه فيمن دعا

وآخر يرمل حول (٩) الطّواف

وآخر ماض (١٠) يؤمّ الصّفا /

فآبوا بأفضل (١١) مما رجوا

وما طلبوا من جزيل العطا

وحجّ الملائكة المكرمون (١٢)

إلى أرضنا قبل فيما مضى

__________________

(١) في (أ) ، (ب) «وكلا يسائل». وفي (د) «وكل يسأل». والاثبات من (ج) ، والفتوحات المكية ١ / ٧٦١.

(٢) في (ب) «رب».

(٣) في (ب) ، والفتوحات ، وغاية المرام «له رجة». وفي (د) «لهم رجة». وفي المسامرة ١ / ٣٧٤ «إليهم دجى».

(٤) في (د) «فيات الجميع». وفي المسامرة والفتوحات «فباتوا جميعا».

(٥) في الفتوحات والمسامرة «الشسوع».

(٦) في (ب) «غلس».

(٧) في «غاية المرام» وبينهم.

(٨) في الفتوحات والمسامرة «يبدأ بسفك». وفي غاية المرام «يبدأ سفك».

(٩) في اتحاف الورى «حال».

(١٠) سقطت من (ج).

(١١) في (ب) ، (د) «إلى الفضل».

(١٢) في (ب) ، (د) «الأكرمون».

١٣٤

وآدم قد حجّ من بعده / م

ومن بعده (١) أحمد المصطفى

وحجّ إلينا خليل الإله

وهجّر بالرمي فيمن رمى

فهذا لعمري لنا رفعة

بها قد حبانا (٢) شديد القوى

ومنّا النبيّ نبي الهدى

وفينا تنبّأ ومنّا (٣) ابتدا

ومنا أبو بكر ابن الكرام

ومنا أبو حفص المرتجى

وعثمان منا فمن مثله

إذا عدّد الناس أهل الحيا (٤)

ومنّا عليّ ومنا الزبير

وطلحة منا وفينا الثّنا (٥)

ومنا ابن عباس ذو المكرمات

نسيب النبي وحلف الندى

ومنا قريش وآباؤها

فنحن إلى فخرنا المنتهى

ومنا الذين بهم تفخرون

فلا تفخرنّ علينا بنا

ففخر أولاء (٦) لنا رفعة

وفينا من الفخر ما قد كفى

وزمزم والحجر فينا فهل

لكم من مكرمات كما قد لنا

وزمزم طعم وشرب لمن

أراد الطّعام وفيه الشّفا

وزمزم تنقّي هموم الصدور

وزمزم من كلّ سقم دوا

وكم (٧) جاء زمزم من جائع

إذا ما تضلّع منها اكتفى

__________________

(١) في المسامرة «بعدهم».

(٢) في (ج) ، والفتوحات «حبانا بهذا». وفي المسامرة «حيانا بهذا».

(٣) في (ب) ، (د) «وفينا».

(٤) في المسامرة وغاية المرام «التقى».

(٥) في الفتوحات ، والمسامرة «وفينا انتشا». وفي تهذيب ابن عساكر ٥ / ٢١٣ وغاية المرام «ومنا انتشا».

(٦) في (ب) «لو لا». وفي (د) «اللواء».

(٧) في الفتوحات ، والمسامرة ، وغاية المرام «ومن».

١٣٥

وليس (١) كزمزم في أرضكم

كما ليس نحن وأنتم سوا

وفينا (٢) سقاية عمّ الرسول

ومنها النبيّ امتلا وارتوى

وفينا المقام فأكرم به

وفينا المحصّب والمنحنى (٣)

[وفينا الحجون ففاخر به

وفينا كداء وفينا كدا](٤)

وفينا الأباطح والمروتان

فبخ بخ من مثلنا يا فتى (٥)

وفينا المشاعر منشأ النبيّ

وأجياد والركن والمتّكى

وثور وهل عندكم مثل ثور

وفينا ثبير وفينا حرا

[وفينا اختبا نبيّ الإله

ومعه أبو بكر المرتضى](٦)

فكم بين أحد إذا جاء فخر (٧)

وبين القبيسيّ فيما يرى

وبلدتنا حرام آمن (٨)

محرّمة الصيد فيما خلا

ويثرب كانت حلالا فلا

تكذب فكم (٩) بين هذا وذا

فحرّمها بعد هذا (١٠) النبيّ

فمن أجل ذلك جا ذا (١١) كذا

__________________

(١) في الفتوحات ، والمسامرة ، وغاية المرام «وليست».

(٢) في المسامرة وغاية المرام «وفيها».

(٣) في الفتوحات «والمختبى».

(٤) البيت من الفتوحات ، والمسامرة ، وغاية المرام.

(٥) في (ج) كما في المسامرة والفتوحات «فبخ فبخ فمن مثلنا».

(٦) البيت من الفتوحات والمسامرة وغاية المرام.

(٧) في المسامرة «دجا فاخر».

(٨) في (ب) «حرم آمن». وفي (ج) «حرام آمن». وفي نسخة أخرى «حرم تزل». كما في الفتوحات ١ / ٧٢٦ والمسامرة ١ / ٣٧٥.

(٩) في المسامرة «تكذبن كم».

(١٠) في الفتوحات وغاية المرام «ذاك».

(١١) في المسامرة «اجاز». وفي غاية المرام «ما ذاك ذا».

١٣٦

ولو (١) قتل الوحش في يثرب

لما فدي الوحش حتى اللّقا

ولو قتلت عندنا نملة

أخذتم بها أو تؤدّوا الفدا

ولو لا زيارة قبر (٢) النبيّ

لكنتم كسائر من قد بدا (٣)

وليس النبيّ بها ثاويا

ولكنه في جنان (٤) العلا

فإن قلت قولا خلاف الذي

أقول فقد قلت قول الخطا

فلا تفحشنّ علينا المقال

ولا تنطقنّ بغير الثّنا (٥)

ولا تفخرنّ بما لا يكون

ولا ما يشينك بين (٦) الملا

ولا تهج بالشعر أرض الحرام (٧)

وكفّ لسانك عن ذي طوى

وإلّا لجاءك ما لا تريد

من الشّتم في أرضكم (٨) والأذى

فقد يمكن القول في أرضكم

بسبّ العقيق (٩) ووادي قبا

فأجابهم رجل من بني عجل (١٠) ناسك ، كان مقيما بجدة ،

__________________

(١) في (ب) «وقد».

(٢) الزيارة ليست لقبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وانما تشد الرحال الى المسجد النبوي الشريف.

(٣) في (أ) ، (ب) ، (د) ونسخة أخرى «نرى». والاثبات من (ج) والمسامرة. وفي الفتوحات «ترا». والبيت كله تأخر في (ب) عما بعده.

(٤) في (ج) «جناب».

(٥) في الفتوحات ، والمسامرة وغاية المرام «بقول الخنا». وما أثبته السنجاري أكثر تأدبا.

(٦) في (ج) كما في الفتوحات والمسامرة ١ / ٣٧٦ «عند».

(٧) في (ب) ، (د) «أرض الحرم». وفي اتحاف الورى ٢٥٤ «أرضا حراما».

(٨) في غاية المرام «يثرب» ١ / ٣٨٥.

(٩) في المسامرة «عقيق».

(١٠) في اتحاف الورى «من بني أسد».

١٣٧

حاكما بينهما ، فقال (١) :

إنّي قضيت على اللّذّين تماريا

في فضل مكّة والمدينة فاسألوا

فلسوف أخبركم بحقّ فافهموا

فالحكم حينا قد يجور ويعدل

فأنا الفتى العجليّ جدّة مسكني

وخزانة الحرم التي لا تجهل (٢)

وبها الجهاد مع الرّباط وأنّها

لبها الوقيعة لا محالة تنزل

من آل حام في أواخر دهرنا (٣)

وشهيدها بشهيد بدر يعدل

شهداؤنا قد فضّلوا بسعادة

وبها السرور لمن يموت ويقتل

يا أيها المدنيّ إنّ (٤) أرضك فضلها

فوق البلاد وفضل مكة أفضل

أرض بها البيت المحرّم قبلة

للعالمين بها (٥) المساجد تعدل

حرم حرام أرضها وصيودها

والصّيد في كل البلاد محلّل

وبها المشاعر والمناسك كلّها

وإلى فضيلتها البريّة ترحل (٦)

وبها المقام وحوض زمزم مترع (٧)

والحجر والرّكن الذي لا يجهل (٨)

والمسجد العالي الممجّد والصّفا

والمشعران لمن (٩) يطوف ويرمل

__________________

(١) انظر عدا المصادر السابقة : الفاكهي ـ أخبار مكة ٣ / ٢٩٨ ـ ٢٩٩.

(٢) في غاية المرام الشطر : «وخزانة الحرم الذي لا يجهل».

(٣) في (د) ، والفتوحات ، والمسامرة «دهرها».

(٤) سقطت من (د) كما في الفتوحات والمسامرة وغاية المرام.

(٥) في المسامرة ، وغاية المرام «له».

(٦) في (ب) «ينزل». والبيت في (ب) سبق ما قبله.

(٧) سقطت من (ب). وفي الفتوحات ، والمسامرة ، وغاية المرام «مترعا».

(٨) سقط البيت كله من (د).

(٩) في الفتوحات والمسامرة «ومن».

١٣٨

هل في البلاد محلّة معروفة

مثل المعرّف أو محلّ يجلّل (١)

أو مثل جمع في المواطن كلّها (٢)

أو مثل خيف منى بأرض منزل

تلكم (٣) مواضع لا يرى بحرامها (٤)

إلا الدعاء ومحرم ومحلّل

شرفا لمن وافى المعرّف ضيفه (٥)

شرفا له ولأرضه إذ ينزل

وبمكة الحسنات ضوعف (٦) أجرها

وبها المسيء عن الخطيئة يسأل

يجزى المسيء على الخطيئة مثلها

وتضاعف الحسنات منه (٧) وتقبل

ما (٨) ينبغي لك أن تفاخر يا فتى

أرضا بها ولد النّبيّ المرسل

[بالشّعب دون الرّدم مسقط رأسه

وبها نشأ صلى عليه المرسل](٩)

وبها أقام وجاءه وحي السما

وسرى به الملك الرفيع المنزل

ونبوّة الرحمن فيها أنزلت

والدين فيها قبل (١٠) دينك أوّل

__________________

(١) في (ب) «أو محلل يحلل». وفي المسامرة «إذ يحل محلل». وفي اتحاف الورى «أو مجمر يحلل».

(٢) سقط الشطر كله من (ب) ، (د).

(٣) في (د) وعند الفاكهي ٣ / ٢٩٨ ، وغاية المرام ١ / ٣٨٦ «فلكم».

(٤) في (ب) ، (د) «بعراصها». وفي المسامرة «محرابها». وفي تهذيب تاريخ دمشق ٥ / ٢١٤ «برحابها». وفي اتحاف الورى «بخرابها» كما في الفتوحات.

(٥) سقط الشطر من (ب). وفي (د) «خيفة». وفي المسامرة ١ / ٣٧٧ «ضيعة».

(٦) في (ب) «يضعف» كما في الفتوحات والمسامرة. وفي (د) «ضعف» كما في غاية المرام.

(٧) في غاية المرام «ثم».

(٨) في غاية المرام «لا» ١ / ٣٨٧.

(٩) البيت من الفتوحات.

(١٠) في غاية المرام «قيل».

١٣٩

هل بالمدينة هاشميّ ساكن

أو من قريش ناشيء أو مكهل

إلا ومكة (١) أرضه وقراره

لكنهم عنها نبوا (٢) فتحوّلوا

وكذاك (٣) هاجر نحوكم لما أتى

إن المدينة هجرة فتحمّلوا (٤)

فأجرتم وقريتموا ونصرتموا

خير البريّة حقكم أن تفعلوا

فضل المدينة بيّن ولأهلها

فضل قديم نوره يتهلّل

من لم يقل إنّ الفضيلة فيكم

قلنا كذبت وقول ذلك أرذّل

لا خير فيمن ليس يعرف فضلكم

من كان يجهله فلسنا نجهل

في أرضكم قبر النبيّ وبيته

والمنبر العالي الرفيع الأطول

وبها قبور السابقين بفضلهم

عمر وصاحبه الرفيق (٥) الأفضل

والعترة (٦) الميمونة اللاتي بها

سبقت فضيلة كلّ من يتفضّل

آل النبيّ بنوا علي إنهم

أمسوا ضياء للبريّة يشمل (٧)

يا من يرضى (٨) إلى المدينة عيبة

فيك الصّغار وصعر (٩) خدّك أسفل

__________________

(١) في (أ) ، (ج) «مكة». والاثبات من (ب) ، (د) ، والفتوحات ، والمسامرة ، وغاية المرام.

(٢) في غاية المرام «نأوا».

(٣) في المسامرة «فكذاك». وفي غاية المرام «فلذلك».

(٤) في غاية المرام «تتجمل».

(٥) في (ب) «الرفيع».

(٦) العترة : يقصد بها آل البيت. انظر : ابن منظور ـ لسان العرب ٤ / ٥٣٨.

(٧) في (ب) «ينقل».

(٨) تعذرت قراءتها في النسخ الثلاث الأولى. والاثبات من (د). وفي غاية المرام «تبض الى المدينة عينه». وفي الفتوحات : «يا من تنص الى المدينة عينه».

(٩) في (ب) ، (د) «وصعر». كما في الفتوحات. وفي (أ) ، (ج) «وصغر».

١٤٠