منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٢

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري

منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٢

المؤلف:

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري


المحقق: الدكتور جميل عبدالله محمد المصري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: جامعة أم القرى
الطبعة: ٠
ISBN الدورة:
9960-03-366-X

الصفحات: ٤٨٠

إنا لنهواها ونهوى أهلها

وودادها حقّ على من يعقل (١)

قل للمدينيّ الذي يزدار دا

ؤد الأمير ويستحثّ ويعجل

قد جاءكم داؤد بعد كتابكم

قد كان حبلك في أميرك يفتل

فاطلب أميرك واستزره (٢) ولا تقع

في بلدة عظمت فوعظك أفضل

ساق الإله لبطن (٣) مكة ديمة

تروى بها وعلى المدينة تسبل

ـ انتهى من الفتوحات المكية (٤) ـ.

فائدة :

لم يل الخلافة هاشمي ابن هاشمية إلا علي بن أبي طالب ، وابنه الحسن رضي‌الله‌عنهما ، والأمين ابن الرشيد ـ هكذا قاله الجلال السيوطي (٥) /.

[أخبار مكة وولاتها في خلافة المأمون ١٩٨ ـ ٢١٨ ه‍]

فولي الخلافة بعد خلع الأمين أخوه (٦) المأمون عبد الله بن هارون الرشيد.

__________________

وكلاهما يؤدي المعنى.

(١) في غاية المرام «يعدل».

(٢) في (د) «واستزده».

(٣) في (ب) «لقطر». وفي (د) «بأرض».

(٤) من الفتوحات المكية لابن عربي ١ / ٧٥٩ ـ ٧٦٣ (دار الفكر بدون تاريخ) ، ومن المسامرة لابن عربي ، واتحاف الورى لابن فهد ، وغاية المرام لابن فهد ، وتهذيب دمشق ، والفاكهي.

(٥) تاريخ الخلفاء ٣٠٣ ، عن المسعودي ـ مروج الذهب ٣ / ٤٠٥. وانظر : القضاعي ـ تاريخ ٤٢٤.

(٦) سقطت من (ب) ، (د).

١٤١

[تغلب الحسين الأفطس على مكة :]

فولي مكة في زمنه داود بن عيسى كما تقدم. ثم فارق مكة متخوّفا من الحسين بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه المعروف بالأفطس (١) ، وذلك : أن أبا السرايا السري بن منصور الشيباني (٢) داعية ابن طباطبا (٣) لما تغلب على العراق ، واستولى عليها ، ولى مكة الحسين بن الحسن المذكور.

فلما بلغ داود بن عيسى توجه الحسين بن الحسن الأفطس إلى مكة ، جمع أصحابه ومواليه ، وفيهم مسرور الحاجب ، كان قدم مكة ومعه مائتي فارس. وقال : ـ يعني داود ـ : «لا أستحلّ القتال بمكة ، والله لئن دخلوا من هذا الفج لأخرجنّ من هذا الفج».

فانحاز في ناحية ، وتبعه مسرور الحاجب على رأيه ، وخرج معه إلى العراق ، وصعد الناس عرفة بلا إمام ، فصلى بهم رجل من عرض الناس بلا خطبة ، ودفعوا من عرفة. ـ كذا قاله ابن الأثير (٤) ـ.

__________________

(١) عن الأفطس ، انظر : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٩ / : ٣٩٨ ـ ٤٠٢ ، ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٥ / ١٧٥.

(٢) انظر عن أبي السرايا : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٩ / ٣٨٩ ، ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٥ / ١٧٤ وما بعد ، الصفدي ـ الوافي بالوفيات ١٥ / ١٣٤ ، الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ١٠ / ٢٨٣ ، الأصفهاني ـ مقاتل الطالبيين ٥١٣ ـ ٥٩٩.

(٣) ابن طباطبا خرج بالكوفة وهو محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. وعن حركته انظر المصادر السابقة في الهامش السابق.

(٤) الكامل في التاريخ ٥ / ١٧٥ ـ ١٧٦ ، وانظر : ابن جرير الطبري ٩ / ٣٩٢ ـ ٣٩٤ ، القضاعي ـ تاريخ ٤٢٤.

١٤٢

وقال الفاسي (١) : «ولما بلغ الحسين المذكور سرف ـ المعروف في وقتنا بالنوارية (٢) ـ توقف عن دخول مكة خوفا من بني العباس ، فلما بلغه خلوها من بني العباس وخروج داود بن عيسى ، دخل في عشرة أنفار من أصحابه ، فطاف وسعى ، ومضى إلى عرفة ، فوقف بها ليلا ، ثم صلى بالناس الصبح بالمزدلفة ، وأقام بمنى إلى أن انقضى الحج ، ثم عاد إلى مكة.

فعسف وظلم ، وأخذ مال الكعبة ، ونهب أموال الناس. وفعل هو وأصحابه أمورا قبيحة ، ونزع عن الكعبة كسوة بني العباس ، وكساها كسوتين ، أنفذهما معه أبو السرايا من قزّ (٣) أحدهما صفراء (٤) والأخرى بيضاء.

ولم يزل يظلم الناس ، حتى خرج أكثر أهل مكة [منها](٥).

واستمر إلى أن بلغه قتل أبي السرايا (سنة مائتين) (٦). فلما علم ذلك ، وخاف تغير الناس عليه ، عمد إلى محمد بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب

__________________

(١) في شفاء الغرام ٢ / ٢٨٥ ـ ٢٨٦ ، والعقد الثمين ٤ / ١٩٠ ، وانظر في ذلك : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٩ / ٣٩٤ ، ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٥ / ١٧٧ ـ ١٧٨ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٢٦٤ ـ ٢٦٨ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٣٩٠ ـ ٣٩٢.

(٢) واشتق الاسم من النورة ـ وهي مادة البناء ، حيث كانت فيها مصانع النورة ـ البلادي ـ معجم معالم الحجاز ٩ / ٩٤ ـ ٩٥.

(٣) بياض في (أ). والقزّ : من الثياب والابرسيم. انظر : ابن منظور ـ لسان العرب ٥ / ٣٩٥.

(٤) في (ج) «صفر».

(٥) زيادة من (د).

(٦) سقطت من (ب) ، (د).

١٤٣

رضي‌الله‌عنهم الملقب بالديباج لجماله ، وسأله المبايعة له بالخلافة ، فكره محمد بن جعفر ذلك. فاستمال ابنه علي بن محمد ، فلم يزالا به حتى بايعوه بالخلافة ، وجمعوا الناس على مبايعته / كرها ، ولقبوه بأمير المؤمنين ، وذلك في ربيع الأول من السنة المذكورة (١). وبقي شهورا ليس له من الأمر شيء ، والأمر للأفطس وعلي بن محمد ، وهما على أقبح سيرة (٢).

فمن ذلك أن الأفطس وثب على امرأة جميلة ، فأخذها قهرا على زوجها. ووثب علي بن محمد بن جعفر على غلام حسن لقاضي مكة ، فأخذه ، وحجره بين يديه.

فلما رأى الناس ذلك ، اجتمعوا بالحرم الشريف ، وقصدوا منزل محمد بن جعفر الديباج ، فأغلق بابه ، وخاطبهم من أعلى بيته ، وضمن لهم تخليص المرأة والغلام. وكلم ولده والأفطس في ذلك ، فردوا الغلام والمرأة.

فقدم إسحاق بن موسى العباسي (٣) من اليمن ، فارا من إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق (٤). فاجتمع إليه جماعة من أهل مكة ممن هرب من العلويين. واجتمع العلويون إلى محمد بن جعفر ، وجمعوا أخلاطا من الأعراب وغيرهم وخندقوا على مكة. فقصدهم

__________________

(١) أي سنة ٢٠٠ ه‍.

(٢) انظر تفاصيل ذلك : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٩ / ٣٩٨ ـ ٤٠٠ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٣٩٤ ، ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٥ / ١٧٧ ـ ١٧٨.

(٣) انظر : ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٥ / ١٧٨.

(٤) انظر ما فعله إبراهيم بن موسى في اليمن ـ الجزار ـ الكامل في التاريخ ٥ / ١٧٨ ـ ١٧٩. وانظر عنه أيضا ٥ / ١٩٣ ، وابن كثير ـ البداية والنهاية ١٠ / ٢٤٦.

١٤٤

إسحاق المذكور بمن معه من المكيين ، ثم كره القتال ، فسار إلى (جهة العراق) (١) ، فلقيه جيش المأمون الذين بعثهم هرثمة (٢) بن أعين قائد المأمون ، وفيهم عيسى بن يزيد الجلودي (٣) ، وورقاء بن جميل (٤) ، (فقالا لإسحاق : «ارجع معنا ، ونحن نكفيك القتال». فرجع معهم) (٥).

فالتقوا مع العلويين ببئر ميمونة (٦) ، فقتل جماعة من الفريقين ، ثم تحاجزوا ، ثم التقوا (٧) من الغد ، فانهزم العلويون. وطلب محمد بن جعفر الديباج الأمان ، فأجّلوه ثلاثا ، فخرج من مكة ، ودخلها العباسيون في جمادى الآخرة سنة مائتين.

وتوجه محمد بن جعفر المذكور إلى جهة بلاد جهينة (٨) ، وجمع أقواما ، وقصد المدينة ، وقاتل بها واليها من جهة المأمون وهو ابن

__________________

(١) في (أ) ، (ب) ، (ج) «جهته». والاثبات من (د).

(٢) في (ج) «هريمة». وهو خطأ. وانظر عن هرثمة بن أعين قائد المأمون المشهور ومقتله سنة ٢٠٠ ه‍. ابن الأثير ـ الكامل ٥ / ١٧٩.

(٣) أحد القادة المشهورين. انظر : ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ١٧٨.

(٤) في الكامل في التاريخ : رجاء بن جميل وهو ابن عمة الفضل بن سهل. كما ذكر ابن الأثير ٥ / ١٧٨ ، أو ابن عمه كما ذكر ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٩٠ / ٤٠١.

(٥) ما بين قوسين سقط من (د).

(٦) عند ابن جرير الطبري «بئر ميمون». انظر : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٩ / ٤٠١.

(٧) في (د) «اقتتلوا».

(٨) في (ب) «جهتين». وهو خطأ. وفي (د) «هجينة». وهو خطأ. وعند ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٩ / ٤٠١ : «ذهب الى جهة جدة ، ثم خرج يريد الجحفة ... حتى أتى بلاد جهينة على الساحل».

١٤٥

المسيب (١) مرات. ثم انهزم بعد أن قلعت عينه بنشابة ، وقتل من جماعته خلق كثير.

فرجع مكة (٢) ، وطلب الأمان من الجلودي فأمنه ، ودخل (٣) مكة لعشر بقين من ذي الحجة من السنة المذكورة.

فأطلعه الجلودي على المنبر ، ووقف فوق رأسه بالسيف ، فحمد الله تعالى ، وأثنى عليه ، واعتذر بأنه بلغه موت المأمون ولم يصحّ عنده ذلك ، وقد خلع نفسه (٤) ، ونزل.

ثم أنه سار إلى العراق قاصدا المأمون.

ويقال : قيده الجلودي ، وأرسله إلى المأمون مقيدا. فاعتذر إليه. فعفى عنه المأمون. وبقي هناك قليلا ، ثم انتقل إلى رحمة الله تعالى فجأة بجرجان (٥). فصلى عليه المأمون ، ونزل في لحده ، وقال : «هذه رحم قطعت منذ سنين». وذلك في شعبان سنة مائتين وثلاث.

وقال الذهبي (٦) : «ان الجلودي خرج بالديباج إلى العراق ، واستخلف على مكة ابنه محمد» ـ والله أعلم.

__________________

(١) ابن المسيب : هو هارون بن المسيب. انظر : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٩ / ٤٠١.

(٢) في (ب) «فراجع».

(٣) في (ب) «فأدخل».

(٤) انظر نص خطبته في : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٩ / ٤٠٢.

(٥) ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٥ / ١٣٨ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٨٨ ، الصفدي ـ الوافي بالوفيات ٢ / ٢٩١ ، ابن العماد ـ شذرات الذهب ٢ / ٧.

(٦) سير أعلام النبلاء ١٠ / ١٠٥.

١٤٦

[فتنة]

وذكر الفاسي (١) : «نهبت الحجاج ببستان بني (٢) عامر ، وأخذت كسوة الكعبة وطيبها. وكان الذي فعل ذلك رجل من بني عقيل بن أبي طالب ، أنفذه إبراهيم بن موسى بن جعفر الصادق (٣) أخو علي بن موسى (٤) ليقيم الحج بالناس. فوافق قدوم المعتصم (٥) بالحج (٦) في جماعة من القواد ، فعرف أنه لا قدرة له بهم ، ففعل ما فعل.

فخرج إليه عيسى بن يزيد الجلودي من مكة في مائة فارس ، فصبّح العقيلي وأصحابه ، وأسر أكثرهم ، وعاد بكسوة الكعبة وأموال التجار ، إلا ما كان مع من هرب!!.

[حركة إبراهيم بن موسى بن جعفر الصادق]

وفي هذه السنة (٧) حج إبراهيم بن موسى بن جعفر الصادق (٨) ،

__________________

(١) في شفاء الغرام ٢ / ٣٤٤. (واثباته من المحقق خطأ ، حيث أثبت أنه في سنة مائتين من الهجرة نهب الحجاج بستان ابن عامر). والعقد الثمين ٦ / ٤٧٤. وانظر : ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٥ / ١٧٨ ـ ١٧٩ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٣٩٩.

(٢) في المصادر السابقة (الهامش السابق) «ابن».

(٣) في (ب) ، (د) «إبراهيم بن موسى الحسيني». وهو صحيح أيضا.

(٤) في (أ) ، (ج) «الكاظم». وهو خطأ. والاثبات من (ب) ، (د). انظر : الكامل في التاريخ ٥ / ١٩٣ حيث وفاة الرضا.

(٥) أبو اسحاق محمد بن هارون الرشيد الخليفة بعد المأمون. انظر : القضاعي ـ تاريخ ٤٤١.

(٦) سقطت من (ب).

(٧) سنة ٢٠٢ ه‍. انظر : ابن حبيب ـ المحبر ص ٤٠ ، ابن خياط ـ تاريخ خليفة ٤٧١ ، ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٩ / ٤٣١ ، المسعودي ـ مروج الذهب ٤ / ٤٠٤ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ١٠ / ٢٤٩ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٢٥.

(٨) المسمى بالجزار لكثرة من قتل باليمن من الناس وسبى ، وأخذ الأموال.

١٤٧

ودعا لأخيه علي بن موسى الرضا بالموقف (١) / بعد المأمون بولاية العهد. ومضى بعد الحج إلى اليمن.

فبلغ المأمون ذلك ، فأرسل إليه جيشا إلى اليمن ، فتخاذل عنه عسكره ، فانهزم. وسار إلى بغداد ، فشفع فيه موسى الرضا إلى المأمون ، فشفعه فيه ، وتركه. فتوفي ببغداد ، وقبره في مقابر قريش عند أبيه ـ رحمه‌الله تعالى ـ قاله ابن الأثير (٢).

وذكر ابن حزم (٣) : «أن الجلودي استخلف يزيد بن محمد بن حنظلة المخزومي. فدخل مكة إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد بن علي بن الحسين عنوة ، وقتل يزيد بن محمد ، وذلك سنة مائتين واثنين».

وفي بعض التواريخ (٤) : أن إبراهيم هذا دخل مكة ، وعليها إسحاق ابن موسى بن عيسى العباسي ، وأنه لما سمع بوصوله تحصن ، وبنى سورا (٥) دائرا على الجبال.

[هدية إلى الكعبة]

وكان في السنة التي قبلها ـ سنة مائتين وواحد ، أهدي للكعبة من

__________________

انظر : ابن الأثير ـ الكامل ٥ / ١٧٧.

(١) في (د) «بالموفق». وهو خطأ.

(٢) اكتفى ابن الأثير بقوله : «حج إبراهيم ... ومضى الى اليمن». ولعل باقي الخبر سقط من المطبوع ـ الكامل ٥ / ١٩٣. وانظر : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٩ / ٤٣١.

(٣) جمهرة أنساب العرب ـ تحقيق عبد السلام هارون ص ١٤٣.

(٤) لم يحدد السنجاري هذه التواريخ.

(٥) في (ب) ، (د) «صورا».

١٤٨

بعض ملوك الهند (١) صنم من ذهب على صورة انسان ، وعلى رأسه تاج من ذهب مكلّل بالجواهر ، جالس على سرير من فضة ، مفروش بأنواع الفرش ، وأنه نودي عليه بالمسعى ثلاثة أيام يعرف به مناقب صاحبه ، «وأنه أسلم ولله الحمد ، فأهدى هذا الصنم إلى الكعبة» ، ثم سلم (٢) إلى الحجبة ، وأشهد عليهم ، وجعلوه في خزائن الكعبة ـ كل ذلك بأمر المأمون العباسي.

فلما وقع اسحاق المذكور (٣) في هذا القتال ، أخذ ذلك الصنم ، وسكه دراهم ، وفرقه على عسكره (٤) ، وخرج لحرب إبراهيم (٥) المذكور. ـ كذا رأيته والله أعلم بحقيقة الحال) (٦) ـ قاله في الوقائع المكية (٧).

[سيل ابن حنظلة]

قال الأزرقي (٨) : «وفي السنة المذكورة (٩) في أيام المأمون ، وقع

__________________

(١) أحد ملوك التبت ـ الأزرقي ١ / ١٥٧ ـ ١٥٨ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ١١٦ وفيه أحد ملوك البيت. وهو خطأ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٢٧٢.

(٢) في (ب) «سلمه». وفي (د) «فسلمته للحجبة».

(٣) اسحاق بن موسى بن عيسى العباسي. وذكرت المصادر أن الذي أخذه وضربه دنانير سنة ٢٠٢ ه‍ هو يزيد بن محمد بن حنظلة المخزومي ـ الأزرقي ١ / ١٥٨.

ولا تناقض في ذلك كما سيرد في جمع الفاسي.

(٤) في (ج) «الجيش». وذكر الناسخ : في نسخة أخرى «عسكره».

(٥) إبراهيم بن موسى بن جعفر الجزار.

(٦) ما بين قوسين سقط من (ب) ، (ج).

(٧) الوقائع المكية للسيد البهنسي.

(٨) الأزرقي ـ أخبار مكة ١ / ٣٩٧. وانظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٤١٩.

(٩) أي سنة ٢٠٢ ه‍.

١٤٩

في مكة سيل عظيم ، دخل المسجد ، وعلى مكة يزيد [ابن محمد](١) ابن حنظلة خليفة لحمدون (٢) بن علي ، فنظفه ، وسماه الناس (٣) سيل ابن حنظلة».

قال الفاسي (٤) :

«وولي مكة بعد الجلودي هارون بن المسيب (٥).

ثم حمدون (٦) بن علي بن عيسى بن ماهان.

ووليها إبراهيم بن موسى بن جعفر السابق ذكره.

ـ كذا نقله عن العتقي (٧) ـ».

وذكر الأزرقي (٨) : «أن يزيد بن حنظلة كان واليا على مكة سنة مائتين واثنين خليفة لحمدون».

وجمع الفاسي بين ذلك (٩) : «بأن حمدون كان واليا [على مكة](١٠) في آخر السنة ، فاستناب يزيد ، وإبراهيم كان واليا في آخر السنة

__________________

(١) ما بين حاصرتين من الأزرقي ، وشفاء الغرام للفاسي.

(٢) حمدون / عند ابن جرير الطبري وابن الأثير «حمدويه».

(٣) في النسخ الثلاث الأولى «الفاسي». وفي (د) «الناس».

(٤) في شفاء الغرام ٢ / ٢٨٨ ، العقد الثمين ٤ / ٢٢٥.

(٥) انظر : الفاسي ـ العقد الثمين ٧ / ٣٥٨.

(٦) في (ب) «حمرون».

(٧) العتقي : لعله أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة المصري. توفي سنة ٣٨٤ ه‍ بمصر. له كتاب مشهور في التاريخ «التاريخ الكبير» وغيره. انظر : الصفدي ـ الوافي بالوفيات ٣ / ٢٣٩ ـ ٢٤٠.

(٨) الأزرقي ـ أخبار مكة ١ / ٣٩٧.

(٩) الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٨٨ ، العقد الثمين ٣ / ٢٦٤.

(١٠) زيادة من (د).

١٥٠

المذكورة». ـ هذا ما ذكره ـ والله أعلم.

وممن ولي مكة للمأمون عبيد الله بن الحسن (١) بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب مع المدينة ، وذلك سنة مائتين وأربع.

واستمر إلى سنة مائتين وست ، وقيل إلى سنة مائتين وتسع ، ثم عزله المأمون ، وأقدمه بغداد ، فمات هناك ـ قاله الزبير بن بكار (٢).

[سيل عام ٢٠٨ ه‍]

قال الأزرقي (٣) : «وفي سنة ثمان ومائتين وقع سيل عظيم ، ودخل المسجد الحرام ، وبلغ إلى الحجر الأسود. وكان على مكة (٤) عبيد الله بن الحسن ، فنظفه أهل مكة حتى النساء ، فأرسل المأمون بمال عمر به المسجد».

قلت : وفي مسامرة الشيخ محيي الدين بن عربي (٥) / ما نصه : «من حسن اللطف والمكاتبة ما كتبه عبيد الله بن الحسن العلوي ، إلى المأمون ، لما أصاب أهل مكة السيل (٦) الذي شارف الحجر ومات فيه

__________________

(١) في (د) «الحسين». وهو خطأ.

(٢) في جمهرة أنساب قريش. وانظر : الزبيري ـ نسب قريش ٧٩ ، ابن خياط ـ تاريخ خليفة ٤٧٢ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٩٠ ، والعقد الثمين ٥ / ٣٠٥ ، ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٦ / ٣٥٨.

(٣) في أخبار مكة ١ / ٣٩٧ ـ ٣٩٨ ، وانظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٤١٩ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٢٨٢.

(٤) في (د) «محمد». وهو خطأ.

(٥) في (ج) «العربي».

(٦) محاضرة الابرار ومسامرة الأخيار. وانظر : الزمخشري ـ ربيع الأبرار ونصوص الأخبار ٣ / ٦٦٣ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٢٨٣.

١٥١

خلق كثير ، ونص كتابه (١) :

يا أمير المؤمنين ، إن أهل حرم الله تعالى ، وجيران بيته ، وألّاف (٢) مسجده ، وعمرة بلاده (٣) قد استجاروا بعزّ (٤) معروفك ، من سيل تراكمت أخرياته (٥) في هدم البنيان ، وقتل الرجال والنسوان ، واجتاح (٦) الأموال (٧) ، وجرف الأثقال ، حتى ما ترك طارفا ولا تالدا (٨) ، للراجع إليهما (٩) في مطعم ولا ملبس. فقد شغلهم طلب الغذاء (١٠) عن الاستراحة إلى البكاء على الأمهات والأولاد ، والآباء (١١) والأجداد. فأجرهم يا أمير المؤمنين بعطفك عليهم ، وإحسانك إليهم ، تجد الله مكافيك عنهم ، ومثيبك على الشكر منهم.

قال : فوجه المأمون إليهم (١٢) بالأموال الكثيرة ، وكتب إليه :

أما بعد (١٣) : فقد وصلت شكايتك (١٤) لأهل حرم الله تعالى إلى

__________________

(١) في (ب) «ونصه».

(٢) في (د) «وآل».

(٣) في (د) «بلده».

(٤) في اتحاف الورى ٢ / ٢٨٣ «بفيء».

(٥) في (ب) «اجرياته». وفي (ج) «جريانه».

(٦) في (ب) ، (ج) «واحتاج» تصحيف.

(٧) في (أ) «الأصول». والاثبات من بقية النسخ.

(٨) في (ب) ، (د) «تليدا».

(٩) في (ج) «إليها».

(١٠) في (ب) ، (د) «الغدا». وفي اتحاف الورى ٢ / ٢٨٣ «العزاء».

(١١) أضاف ناسخ (ب) «والأنباء». وناسخ (د) «والأبناء». ولا داعي لذلك.

(١٢) سقطت من (ب).

(١٣) سقطت من (ب).

(١٤) في (ج) «شكيتك» كما في ربيع الأبرار ٣ / ٦٦٣.

١٥٢

أمير المؤمنين ، فبكاهم بعين رحمته ، وأنجدهم بسبب نعمته ، وهو متبع لما أسلف إليهم (١) بما يخلفه (٢) عليهم عاجلا وآجلا ـ إن أذن الله تعالى في (تثبيت نيته على عزمه) (٣).

قال : فكان كتابه أسر لأهل مكة مما بعث إليهم». انتهى ما نقلته من المسامرة.

لطيفة :

قال الصفدي في الوافي (٤) في ترجمة يزيد (٥) بن هارون بن زاذي (٦) : «الإمام أبو خالد السلمي مولاهم الواسطي ، قال ابن حنبل متقنا ، وقال العجلي ثقة ثبت. ـ وأطال في ترجمته إلى أن قال ـ :

وروى له الجماعة ـ يعني أصحاب الست الأصول ـ قال : ـ يعني الصفدي ـ قيل أن المأمون أصاب بخراسان كانونا من ذهب ، مرصعا بالجواهر الكثيرة كان ليزدجرد (٧) لا قيمة له ، فقال له ذو

__________________

(١) سقطت من (ب).

(٢) في (د) «تخلف» «وسقطت عليهم». وفي ربيع الأبرار «يسلفه».

(٣) في (ب) ، (د) «تثبيت عزمه على نيته».

(٤) الوافي للصفدي. وانظر ترجمة يزيد كاملة : الخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد ١٤ / ٣٣٧ ، ابن سعد ـ الطبقات ٧ / ٣١٤ ، الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٩ / ٣٥٨ ـ ٣٧١ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٢ / ١٦. حيث توفي سنة ٢٠٦ ه‍.

(٥) في (د) «زيد». وهو خطأ.

(٦) في (أ) ، (ب) ، (ج) «رازي». وفي (د) «زاري». والاثبات من الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٩ / ٣٥٨.

(٧) في (ج) ، (ب) ، (د) «ليزدجر». واسمه : يزدجرد بن شهريار بن برويز المجوسي الفارسي آخر ملوك الفرس. قتل سنة ٣٠ ه‍. انظر : ابن قتيبة ـ المعارف ، شذرات الذهب ١ / ٣٧ ، سير أعلام النبلاء ٩ / ١٠٩.

١٥٣

الرياستين الحسن بن سهل وزيره :

يا أمير المؤمنين ، الصواب أن تجعله في الكعبة ، يوقد فيها عليه العود ليلا ونهارا.

فأمر المأمون بحمله إلى مكة لذلك. فبلغ ذلك يزيد بن هارون ، فقال يزيد بن هارون لمستمليه :

إذا كان يوم المجلس ، قم وأدع للمأمون ، واشكر فعله في إرساله بهذا الكانون إلى الكعبة.

فلما انقضى المجلس ، قام المستملي ، ودعا للمأمون وشكر فعله ، وذكر الكانون. فانتهره الشيخ وصاح به ، وقال له :

اسكت ، فإن أمير المؤمنين أجلّ قدرا ، وأعلم بالله من أن يجعل بيته بيت (١) نار.

فكتب أصحاب الرشيد إلى المأمون بذلك ، فأمر بكسر الكانون» ـ انتهى ـ.

قلت : وأنا أعجب من أنفة المأمون في مثل هذا ، مع ارساله للصنم السابق ذكره / فرحم الله تعالى تلك الأرواح الطاهرة ، أصحاب المناقب الباهرة ـ انتهى.

وممّن ولي [مكة](٢) للمأمون صالح بن العباس بن محمد بن علي ابن عبد الله بن العباس (٣).

وسليمان بن عبد الله بن سليمان بن علي بن عبد الله بن

__________________

(١) سقطت من (د).

(٢) من (ب) ، (د).

(٣) الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٩٠ ، العقد الثمين ٥ / ٢٦.

١٥٤

العباس (١).

وابنه محمد بن سليمان (٢). وكانت ولايته سنة مائتين وستة عشر.

وممّا أحدثه (٣) في المسجد : أنه وضع عمودا ثانيا حذاء العمود الذي وضعه خالد القسري ، وأسرج في أعلاه سراجا.

وممن ولي مكة للمأمون الحسن بن سهل (٤) ، إلا أنه لم يباشرها ، بل عقد له عليها.

وممن ولي مكة أيضا عبيد الله بن عبد الله بن الحسن بن جعفر ابن الحسن بن الحسن (بن جعفر بن الحسين بن الحسن) (٥) السبط ابن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه. ذكر ذلك الزبير بن بكار (٦) ـ والله أعلم.

__________________

(١) ابن الأثير ـ الكامل ٥ / ٢٢١ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٩٠ ، العقد الثمين ٢ / ٦١١. وذكر الفاسي عن ذلك بقوله «فيما أظن».

(٢) الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٩٠ ، العقد الثمين ٢ / ٢١.

(٣) أي محمد بن سليمان العباسي. الأزرقي ـ أخبار مكة ١ / ٢٠١ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٩٠.

(٤) وزير المأمون بعد الفضل بن سهل ، ووالد بوران زوجة المأمون. انظر : ابن طيفور ـ تاريخ بغداد ١١٣ ، ابن الأثير ـ الكامل ٥ / ١٩٣ ، القضاعي ـ تاريخ ٤٣٥. وعن ولايته لمكة انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٩٠ ، العقد الثمين ١ / ١٦٨.

(٥) ما بين قوسين سقط من (ج).

(٦) جمهرة نسب قريش. وانظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٩١ ، العقد الثمين ٥ / ٣١٠. وذكر ابن الأثير وابن جرير الطبري من ولاة مكة : عبيد الله بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب. الكامل في التاريخ ٥ / ١٩٦ ، ٢٠٤.

١٥٥

[كسوة الكعبة زمن المأمون]

قال الأزرقي (١) : «وفي أيام المأمون أمر أن تكسى الكعبة ثلاث مرات في السنة :

فكانت تكسى الديباج الأحمر يوم التروية ، ولا يخاط (٢) ، ويترك الإزار خوفا من أيدي الناس إلى يوم عاشوراء ، فيرخى الإزار ، ويوصل بالثوب الأحمر. وتكسى القباطي أول رجب. وتكسى الديباج الأبيض في العاشر من (٣) رمضان على الإزار الأول.

ثم كتب اليه : أن الإزار التي تكساه في يوم عاشوراء لا يبقى إلى آخر السنة. فأمر أن تكسى إزارا أيضا مع الديباج الأبيض.

واستمر ذلك إلى زمن المتوكل». ـ كما سيأتي بيانه (٤) إن شاء الله تعالى.

قال ابن الضياء : «وكان ابتداء كسوتها الديباج الأبيض سنة مائتين وست عشرة.

[أخبار مكة وولاتها في خلافة المعتصم ٢١٨ ـ ٢٢٨ ه‍]

واستمر المأمون إلى أن توفي سنة مائتين وثماني عشرة (٥).

فولي الخلافة أخوه المعتصم أبو اسحاق محمد بن الرشيد بعهد

__________________

(١) في أخبار مكة ١ / ١٧٨.

(٢) في (د) «يخالط». وهم من الناسخ.

(٣) سقطت من (ب) ، (ج).

(٤) في هذا الكتاب.

(٥) ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٥ / ٢٢٧.

١٥٦

من أخيه (١).

فولي مكة في زمنه صالح بن العباس (٢) المتقدم ذكره. وذلك سنة مائتين وتسع عشرة.

ثم محمد بن داود بن عيسى (٣) الملقب «ترنجة» (٤) ، وذلك سنة مائتين واثنتين وعشرين. وبقي إلى خلافة المتوكل. وبنى داود بن عيسى هذا بالحرم الشريف عمودين ، أحدهما بحذاء الركن اليماني ، والثاني بحذاء الشامي. ووضع عليهما سراجين ـ قاله ابن الضياء الحنفي.

قال القاضي محمد بن جار الله (٥) : «وولي مكة للمعتصم إشناس (٦) التركي ـ من كبار قواده ـ /. وذلك أنه لما أراد الحج سنة مائتين وست وعشرين ، فوض إليه المعتصم ولاية كل بلد يدخلها ، فلما دخل مكة أبقى محمد بن داود نائبا عنه على الحج ، ودعا لأشناس على المنابر بالحرمين ، وكل بلاد دخلها حتى رجع إلى سرّ من رأى (٧) ـ قاله

__________________

(١) ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٥ / ٢٣١.

(٢) ابن خياط ـ تاريخ خليفة ٤٧٦ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٩١.

(٣) ابن خياط ـ تاريخ خليفة ٤٧٦ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٩١ ، العقد الثمين ٢ / ١٥. وقد حج بالناس محمد بن داود سنة ٢٢٢ ه‍. انظر : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٩ / ٥٨٤.

(٤) في (ب) ، (ج) «بترنجة». أضافا حرف الجر.

(٥) ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ص ١٨٥. وانظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٩١.

(٦) في (ب) ، (ج) «أشاش». وهم من الناسخين. وأشناس أحد قادة المعتصم تركي. توفي سنة ٢٥٢ ه‍. الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ١٢ / ١٢٣ ، الصفدي ـ الوافي بالوفيات ٩ / ٢٧٨.

(٧) سر من رأى : وهي سامراء مدينة بين بغداد وتكريت ، مصرها المعتصم لجنده من الأتراك. انظر : ياقوت ـ معجم البلدان ٣ / ١٧٣ ـ ١٧٨.

١٥٧

ابن الأثير (١).

واستمر المعتصم إلى أن توفي سنة مائتين وثماني وعشرين لثمان بقين من ربيع الأول (٢).

[أخبار مكة وولاتها في خلافة الواثق بالله ٢٢٧ ـ ٢٣٢ ه‍]

فولي الخلافة بعده : ابنه هارون الواثق بن محمد بن الرشيد (٣) ، واستمر إلى أن توفي بسرّ من رأى لست بقين من ذي الحجة سنة مائتين واثنتين وثلاثين (٤).

وكان على مكة في زمنه محمد بن داود (٥) المقدم ذكره.

قال ابن الضياء (٦) : «وأمر الواثق بالله بعمد (عشرة من) (٧) شبه (٨) طوال ، فجعلت حول المطاف ليستصبح عليها لأهل الطواف. وأمر بثماني ثريات كبار توضع عليها في كل جهة من جهات الكعبة

__________________

(١) الكامل في التاريخ ٥ / ٢٦٤. وانظر : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٩ / ٦٥٣.

(٢) توفي لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنة ٢٢٨ ه‍. انظر : القضاعي ـ تاريخ ٤٤١ ، ابن الأثير ـ الكامل ٥ / ٢٦٥.

(٣) انظر : القضاعي ـ تاريخ ٤٤٧ ، ابن الأثير ـ الكامل ٥ / ٢٦٦ ـ ٢٦٧.

(٤) القضاعي ـ تاريخ ٤٤٧.

(٥) انظر : ابن حبيب ـ المحبر ٤٢ ، ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٩ / ٦٩٦ ، المسعودي ـ مروج الذهب ٤ / ٤٠٥.

(٦) ابن الضياء الحنفي المكي القرشي. وانظر : الأزرقي ـ أخبار مكة ١ / ٢٠١ ـ ٢٠٢.

(٧) في (د) ما بين قوسين «عشرين». وهو خطأ.

(٨) في (ج) «خشب». وهو خطأ. والشبه : النحاس يصبغ فيصفر. والشبه أيضا شجرة كثيرة الشوك تشبه السمرة وليست بها. والمقصود هنا الأول. انظر : لسان العرب ١٣ / ٥١٦.

١٥٨

اثنتان».

قال (١) : «وأما عدها ـ يعني في زمنه ـ فاثنتان وثلاثون اسطوانة ، ثمانية عشر منها آجر (٢) مجصص ، وأربعة عشر من حجارة منحوتة. وبين كل اسطوانتين (٣) خشبة ، تعلق عليه القناديل» ـ انتهى ـ.

قال ابن جماعة (٤) : «وكانت ـ يعني هذه الأساطين ـ من خشب ، ثم جعلت من حجارة».

[أخبار مكة وولاتها في خلافة جعفر المتوكل ٢٣٢ ـ ٢٤٧ ه‍]

فولي الخلافة بعده ابنه جعفر المتوكل على (٥).

قال الفاسي (٦) : «فولي مكة علي بن عيسى بن جعفر بن أبي جعفر المنصور ، وذلك سنة مائتين وثمان وثلاثين. واستمر إلى أن توفي سنة تسع وثلاثين ومائتين».

ثم وليها عبد الله بن محمد بن داود (٧) (بن عيسى ، السابق ذكره ، واستمر إلى سنة إحدى وقيل اثنتين وأربعين) (٨). وذكر ابن

__________________

(١) أي ابن الضياء الحنفي.

(٢) في (ب) ، (د) «آجور» بالمعنى نفسه.

(٣) في (أ) ، (ج) «اسطوانة». والاثبات من (ب) ، (د).

(٤) عز الدين بن جماعة. وانظر : الفاسي ـ العقد الثمين ١ / ٨٧.

(٥) انظر : القضاعي ـ تاريخ ٤٥٠ ، ابن الأثير ـ الكامل ٥ / ٢٧٨.

(٦) شفاء الغرام ٢ / ٢٩١ ، العقد الثمين ٦ / ٢٢١.

(٧) الفاسي ـ العقد الثمين ٥ / ٢٤٣.

(٨) ما بين قوسين سقط من (ب) ، (ج).

١٥٩

كثير (١) : «أنه حج بالناس سنة مائتين وثلاث وأربعين.

ثم عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الإمام السابق ذكره ، سنة مائتين وأربع وأربعين (٢).

ثم محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم الامام المعروف بالزينبي (٣) ، سنة مائتين وخمس وأربعين.

وممّن عقد له عليها ، ولم يباشرها في خلافة المتوكل ابنه محمد المنتصر ، وأرسل اليها بعض قواده نائبا عنه ، وذلك سنة مائتين وخمس وثلاثين (٤).

وممّن وليها على ما قيل في خلافة المتوكل ايتاج (٥) ـ بهمزة وبعدها مثناة تحتية ثم فوقية فألف فجيم ـ الخوزي ، مولى المعتصم. وكان من كبار قواد المتوكل / والله أعلم ـ قاله الفاسي (٦) عن ابن

__________________

(١) البداية والنهاية ١٠ / ٣٤٤. كما ذكر أنه حج سنة ٢٤٢ ه‍. ولكنه ذكر أن الوالي عبد الصمد بن موسى بن إبراهيم ، وكذلك ذكر ابن جرير الطبري في حوادث سنة ٢٤٣ ه‍.

(٢) ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٥ / ٢٩٨.

(٣) قارن بالهامش ما قبل السابق. وانظر : الفاسي ـ العقد الثمين ٢ / ٢٢ ، والزينبي في (د) «الزيني».

(٤) ذكر ابن الأثير ذلك في حوادث سنة ٢٣٣ ه‍. الكامل في التاريخ ٥ / ٢٨١ ، وانظر : الفاسي ـ العقد الثمين ١ / ٤٤٧.

(٥) هكذا ضبطها السنجاري. والصحيح «إيتاخ». ولا توجد اشارة لدى ابن الأثير في تولية ايتاخ إلا سنة ٢٣٤ ه «حيث أذن له المتوكل بالحج ، وصيره أميرا على كل بلد يدخله». الكامل في التاريخ ٥ / ٢٨٢. وانظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٩٢ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ١٥ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٤٣٢. وقتل ايتاخ سنة ٢٣٥ ه‍. ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٥ / ٢٨٣.

(٦) الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٩٢.

١٦٠