منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٢

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري

منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٢

المؤلف:

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري


المحقق: الدكتور جميل عبدالله محمد المصري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: جامعة أم القرى
الطبعة: ٠
ISBN الدورة:
9960-03-366-X

الصفحات: ٤٨٠

يوما مشهودا.

ثم طلب من السلطان أن يجهزه إلى بغداد ، فجهزه.

فخرجت طائفة (من التتر فنهبت القافلة (١)) (٢) ، وفقد ، فلا يدرى ، أقتل أم هرب.

وكان ممن شهد الواقعة وهرب أبو العباس / أحمد بن الأمير أبي علي الحسين (٣) بن علي بن أبي بكر أمير المؤمنين المسترشد بالله ، فقصد عيسى بن مهنا ، فكاتب له الملك الظاهر ، فطلبه إلى القاهرة ، فدخلها ومعه ولده وجماعة ، في سابع عشر من ربيع الآخر ، فتلقاه السلطان ، واستمر تلك الأيام بلا مبايعة ، والسكة باسم المستنصر المفقود.

ولما كان يوم الخميس ثامن المحرم سنة خمسمائة (٤) وإحدى وستين ، جلس له السلطان ، وأثبت نسبه ، وبايعه ، فبايع الناس على طبقاتهم.

فلما كان من الغد يوم الجمعة خطب الناس وصلى بهم.

قال أبو شامة : «وخطب له بسائر الجوامع».

قال ابن فضل الله : «ونقش اسمه على السكة» ـ إلى آخر ما ذكر ، وليس لنا به حاجة. ولكن ذكرنا هذا الخبر للإفادة (٥)!!.

__________________

(١) بياض في (ب).

(٢) ما بين قوسين بياض في (د).

(٣) في (د) «الحسن». مع ملاحظة أن ص (٢٠٠) من النسخة الأصلية (أ) بخط الحضراوي.

(٤) الصحيح ستمائة وإحدى وستين.

(٥) الى هنا ينتهي الخلط والتشويش بين القرنين السادس والسابع.

٢٤١

ولنرجع لما نحن بصدده فنقول :

لما انهزم القاسم (١) جمع جموعا ، [وكبس الاصبهيذ بعسفان ، فانهزم الاصبهيذ](٢) ، ورجع إلى الشام ، ودخل القاسم مكة.

[حج الخادم الحبشي المستفري سنة ٥٠١ ه‍]

قال في الوقائع (٣) : «وفي سنة خمسمائة وواحد ، حج (٤) بالناس الخادم الحبشي المسمى بالمستفري (٥) ، ودخل مكة وخلفه الكوسات ، وعلى رأسه الأعلام ، والسيوف مسلولة ، وأظهر العظمة على أمير مكة ، لأن أمير مكة قطع الدعاء في الخطبة لبني العباس. وتقدم أن والده نهب الحج العراقي. فحج هذا على الهيئة لإرهاب الخاص والعام» ـ انتهى ـ.

[فقيه النظامية]

ومنه : في سنة خمسمائة وخمس عشرة : ظهر بمكة انسان علوي (٦) من فقهاء النظامية (٧) ببغداد ، فأمر بالمعروف ، ونهى عن

__________________

(١) في (ج) ، (د) «أبو القاسم».

(٢) ما بين حاصرتين من الكامل لابن الأثير ٨ / ١٧٣.

(٣) الوقائع الحكمية للسيد البهنسي.

(٤) سقطت من (ب).

(٥) يمن بن عبد الله أبو الخير المستظهري أمير الحاج ـ كان جوادا ممدحا ذا رأي وفطنة. سمع الحديث وحدث بأصبهان. وكان أميرا للحج ـ امتدحه الناس. وتوفي سنة ٥١١ ه‍. انظر : ابن كثير ـ البداية والنهاية ١ / ١٨٢ ، ابن تغري بردي ـ النجوم الزاهرة ٥ / ٢١٤ ، ابن الجوزي ـ المنتظم ٩ / ١٩٦ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٤٩٤.

(٦) ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٨ / ٣٠٥ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ١٢ / ١٨٨ ، الفاسي ـ العقد الثمين ٧ / ٣٠ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٤٩٧.

(٧) النظامية : المدرسة التي أنشأها وزير ألب أرسلان وملكشاه السلجوقيين.

٢٤٢

المنكر ، فكثر أتباعه ، فنازع أمير مكة القاسم بن جعفر بن محمد ، وعزم على أن يخطب لنفسه ، فقوي عليه صاحب مكة ، وظفر به ، وخرج إلى البحرين ـ وكفى الله شره.

[زلزلة سنة ٥١٥ ه‍]

وفي هذه [السنة](١) : وقعت (٢) بمكة زلزلة ، فتزعزع الركن اليماني ، فعمر وأصلح (٣).

واستمر القاسم (واليا عليها ، إلى أن توفي في [صفر](٤) سنة خمسمائة وثمانية عشر (٥).

وقال ابن الأثير (٦) : «سنة خمسمائة وسبعة عشر ـ والله أعلم) (٧).

وكان القاسم بن محمد بن جعفر هذا أديبا / شاعرا لطيفا ، ومن

__________________

وهو أبو علي الحسن بن علي بن اسحاق بن العباس الملقب بنظام الملك. وكانت مفخرة الإسلام في الذب عن الإسلام ومذهب أهل السنة في مواجهة الرافضة. انظر عنها : سبط ابن الجوزي ـ مرآة الزمان ١ / ١٦٦ ، البنداري ـ تاريخ دولة آل سلجوق ٣٢ ـ ٥٤.

(١) سقطت من (أ). والصفحة بخط الحضراوي. وهي سنة ٥١٥ ه‍.

(٢) سقطت من (ب). وفي (د) «حصلت».

(٣) انظر : ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٨ / ٣٠٥ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ١٢ / ١٨٨ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٤٩٨.

(٤) سقطت من (أ). والاثبات من بقية النسخ.

(٥) ابن الجوزي ـ المنتظم ٩ / ٢٥١. وفي ابن فهد ـ اتحاف الورى سنة ٥١٧ ه‍ أو التي قبلها ١ / ٤٩٨.

(٦) ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٨ / ٣١٤.

(٧) ما بين قوسين سقط من (د).

٢٤٣

شعره قوله (١) :

قومي إذا خاضوا العجاج حسبتهم

ليلا وخلت وجوههم أقمارا

لا يبخلون بزادهم (٢) عن جارهم

عدل الزّمان عليهم أو جارا

وإذا الصريخ (٣) دعاهم لملمّة

بذلوا النفوس وفارقوا الأعمارا (٤)

وإذا زناد الحرب أذكت (٥) نارها

قدحوا بأطراف الأسنّة نارا

[ولاية فليتة بن القاسم ٥١٨ ـ ٥٢٧ ه‍]

فولي [مكة](٦) ابنه فليتة بن القاسم ، ويقال له أبو فليتة (٧).

وفي سنة (خمسمائة وأربع وعشرين) (٨) ، قتل صاحب مصر الحاكم بأمر الله (٩) ، ووليها الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد بن المستنصر (١٠) ـ انتهى ـ.

__________________

(١) انظر : الفاسي ـ العقد الثمين ٧ / ٢٨ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥١٩. مع ملاحظة أن ص (٢٠٠) من النسخة (أ) بخط الحضراوي.

(٢) في المرجعين السابقين «برفدهم».

(٣) في (د) «الطراد».

(٤) في (أ) «الأعمالا». وهو خطأ.

(٥) في المصدرين السابقين «أكبت».

(٦) زيادة من (د).

(٧) انظر : ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٢٠ ، ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٨ / ٣١٥ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣١٣.

(٨) ما بين قوسين سقط من (د).

(٩) الصحيح الآمر بأحكام الله أبو علي بن المستعلي. انظر مقتله في الكامل في التاريخ لابن الأثير ٨ / ٢٣١ ـ ٢٣٢ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ١٢ / ٢٠٠ ـ ٢٠١ ، حيث قتلته الباطنية وله من العمر أربع وثلاثون سنة.

(١٠) وهو ابن عم الآمر / الميمون عبد المجيد بن الأمير أبي القاسم بن المستنصر بالله. انظر توليته نيابة عن ابن الآمر الحافظ. ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٨ / ٢٣٢ ،

٢٤٤

وكان فليتة المذكور افتتح الخطبة لبني العباس.

(وفي زمنه : ورد قطز الخادم (١) أمير الحاج [إلى مكة](٢) ، ومعه الأموال والخلع لصاحبها ، فلبسها وحج بالناس) (٣) ، وكان أديبا شاعرا فاضلا.

وفي حج سنة خمسمائة وسبع وعشرين حصل (٤) بين صاحب مكة [وابن](٥) عمه عبد الله (٦) منافرة. فخرج عبد الله من مكة ، ولحقه ابن عمه صاحب مكة إلى عسفان ، فهزمه ورجع.

واستمر (٧) إلى أن توفي سنة خمسمائة وسبع وعشرين.

[ولاية هاشم بن فليتة ٥٢٧ ـ ٥٥١ ه‍]

فولي مكة هاشم بن فليتة (٨) ، وأقام الخطبة للعباسيين.

__________________

كثير ـ البداية والنهاية ١٢ / ٢٠١.

(١) الصحيح : بالاصل نظم والتصويب من البداية والنهاية لابن كثير ١٢ / ١٩٥ ودرر الفلائد للجزيري ٢٥٩ واتحاف الورى لابن فهد ٢ / ٤٩٩ وغاية المرام ١ / ٥٢٢ وذلك سنة ٥١٩ ه‍.

(٢) ما بين حاصرتين من (ب) ، (ج).

(٣) ما بين قوسين سقط من (د).

(٤) في (ب) «وقع».

(٥) زيادة من (ب) ، (ج) ، (د).

(٦) وذكر ابن فهد : «أنه لا يعرف سببا لهذه الفتنة ، ولا عبد الله المنهزم. ولعله قريب لهاشم بن فليتة». اتحاف الورى ٢ / ٥٠٣ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٢٢.

(٧) أي فليتة بن القاسم.

(٨) الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣١٣ ، العقد الثمين ٧ / ٣٦٠ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٢١. وذكر ابن الأثير : «وفيها ـ سنة ٥٢٧ ه‍ ـ توفي أبو فليتة أمير مكة ، وولي الامارة بعده ابنه القاسم». الكامل ٨ / ٣٤١. وفي اتحاف الورى : أبو القاسم هاشم ٢ / ٥٠٣.

٢٤٥

[كسوة الكعبة]

قال الفاسي (١) : «وفي سنة خمسمائة واثنتين وثلاثين كسى الكعبة الشيخ أبو القاسم (بن رامشت صاحب الرباط (٢).

[ميزاب بن رامشت]

وفي سنة خمسمائة وسبع وثلاثين وصل مثقال خادم الشيخ أبي القاسم بن رامشت) (٣) صاحب الرباط المشهور ، بعد موته بتابوته (٤) ، ومعه ميزاب كان قد عمله سيده للكعبة ، فركب الميزاب (٥).

[نهب الحجاج سنة ٥٣٩ ه‍]

وفي سنة خمسمائة وتسع وثلاثين : نهب هاشم بن فليتة الحاج العراقي بالحرم الشريف ، وهم يطوفون ، لفتنة وقعت بينه وبين أمير الحاج العراقي (٦).

__________________

(١) العقد الثمين ٧ / ٣٦١. وانظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٠٥.

(٢) أبو القاسم إبراهيم بن الحسين بن شيرويه بن الحسين بن جعفر الفارسي. ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٠٤. والرباط باسمه أوقفه عند باب الحزورة من المسجد الحرام للرجال دون النساء سنة ٥٢٩ ه‍. انظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٠٤ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٢٠١ ـ ٢٠٢.

(٣) ما بين قوسين سقط من (د).

(٤) ودفن بالمعلاة. انظر : الفاسي ـ العقد الثمين ٤ / ٣٨٥ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٠٧.

(٥) الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ١٦٧. وتم وضعه سنة ٥٣٩ ه‍. ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٠٨.

(٦) وهو قطز الخادم ـ مر ذكره ـ وفي ابن فهد ـ غاية المرام «نظر الخادم». ١ / ٥٢٢.

٢٤٦

[ميزاب المقتفي]

وفي سنة خمسمائة واثنتين وأربعين أو التي قبلها : أنفذ الخليفة المقتفي (١) العباسي ميزابا ، عوض ميزاب ابن رامشت (٢).

[في عمارة الكعبة]

وفيها : عمر سقف الكعبة والدرجة التي يصعد منها إلى سطحها (٣). ولم يذكر من عمرها. /

ودامت ولاية هاشم بن فليتة إلى سنة خمسمائة وتسع وأربعين (٤) ، وقيل إلى سنة خمسمائة وإحدى وخمسين (٥).

قال الميركي : «وهي سنة وفاته كما رأيته بخط بعض المكيين».

وفي سنة خمسمائة وإحدى وخمسين : جدد وزير صاحب الموصل (٦) منارة باب العمرة.

__________________

(١) المقتفي لأمر الله أبو عبد الله محمد بن المستظهر بالله (٥٤٠ ـ ٥٥٥ ه‍).

(٢) انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ١٦٧ ، العقد الثمين ٤ / ٣٨٥ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥١٠.

(٣) الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ١٦٤ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥١٠.

(٤) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ٣ / ٤٣٢ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥١٥ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٢٣ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣١٣. مع ملاحظة أن ص ٢٠٢ من النسخة (أ) بخط الحضراوي.

(٥) ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥١٥ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٢٥.

(٦) الجواد جمال الدين محمد بن علي بن أبي منصور أبو جعفر الأصفهاني وزير صاحب الموصل قطب الدين مودود بن زنكي آقسنقر. وسمي الجواد لانبساط يده ، وقد أثر آثارا حسنة بمكة والمدينة. توفي سنة ٥٥٩ ه‍. انظر : ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ٥ / ١٤٣ ـ ١٤٧ ، ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٩ / ٤٨ ، ٨٨ ـ ٨٩ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ١٢ / ٢٤٨ ـ ٢٤٩. وانظر الخبر في الفاسي ـ شفاء الغرام

٢٤٧

وفيها توفي هاشم بن فليتة.

[ولاية قاسم بن هاشم بن فليتة ٥٥١ ـ ٥٥٧ ه‍]

فولي مكة ابنه قاسم بن هاشم (١) ـ وكان يلقب عمدة الدين.

[وقعة العبيد]

وفي سنة خمسمائة واثنتين وخمسين كانت وقعة العبيد (٢) مع أمير [الحاج](٣) العراقي بمنى. واستحكمت (٤) الحرب بينهم.

ولم يدخل أحد منهم من حج العراق مكة ، ولم يقضوا (٥) غير الوقوف بعرفة.

وفي سنة خمسمائة وأربعين حج بالناس قيماز الأجواني (٦).

وفي العمدة للشهاب بن عيينة (٧) : أن هاشم بن فليته أخذ مكة بالسيف من إخوته وعمومته. وكان أخواه يحيى وعبد الله (قد نازعاه

__________________

١ / ٣٨٦ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥١٧. وانظر تفاصيل كثيرة عن الجواد هذا وأعماله الخيرية الكثيرة : أبو شامة ـ كتاب الروضتين ١ / ٢ / ٣٤٣ ـ ٣٥٦.

(١) انظر ترجمته : الفاسي ـ العقد الثمين ٧ / ٣٢ ، شفاء الغرام ٢ / ٣١٣ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٢٣.

(٢) ذكرها الفاسي وابن فهد في حوادث سنة ٥٥٧ ه‍. انظر : شفاء الغرام ٢ / ٣٦٥ ـ ٣٦٦ ، اتحاف الورى ٢ / ٥٢٥.

(٣) زيادة من (د).

(٤) في (ب) «واستحمت». وفي (د) «والتحمت».

(٥) في (د) «يصنعوا».

(٦) انظر : ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٩ / ١١ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ١٢ / ٢٢٠ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٠٩.

(٧) في (ج) «عنبة».

٢٤٨

) (١) ، فغلب عليهما.

ثم ولي بعده ابنه القاسم. واستمر إلى أن طرده عمه الأمير قطب الدين عيسى ، واستولى على مكة.

وذكر الفاسي (٢) : «أن القاسم لما فر من أمير العراق استولى على مكة عمه عيسى المذكور».

قلت : ولم يذكر الفاسي في أي سنة (٣).

[نهب هذيل لمكة]

وقال صاحب الوقائع (٤) : «وفي سنة خمسمائة وثلاث وخمسين ، دخلت هذيل مكة ، ونهبوها (٥) ، وتعبت الناس لذلك.

وفيها صادر صاحب مكة قاسم بن هاشم المجاورين والتجار وأعيان مكة (٦). وأخذ غالب أموالهم ، وهرب من مكة خوفا من أمير الحاج. ـ انتهى ـ.

ولعل هذه الواقعة التي أشار اليها الفاسي حين استولى على مكة عمه (٧).

__________________

(١) ما بين قوسين سقط من (ج).

(٢) شفاء الغرام ٢ / ٣١٣ ، وانظر : ابن فهد ـ غاية المرام ٥٢٧.

(٣) ذكر استقرار أمره سنة ٥٥٧ ه‍. في حين كان مقتله تلك السنة أو قبلها كما سيأتي.

(٤) الوقائع الحكمية للسيد البهنسي.

(٥) انظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٢١.

(٦) هذا حدث سنة ٥٥٦ ه‍. كما ذكره ابن الأثير. انظر : الكامل ٩ / ٧٧ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ١٢ / ٢٤٢ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٢٦١.

(٧) عيسى بن فليتة ، عم قاسم بن هاشم بن فليتة. الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣١٣.

٢٤٩

ثم ان قاسما رجع ، واستولى على مكة سنة خمسمائة وسبع وخمسين (١). وأقام بها أياما يسيرة ثم قتل.

وقيل قتل سنة خمسمائة وست وخمسين.

(ونقل الميركي (٢) عن ابن الأثير (٣) : أن في سنة خمسمائة وست وخمسين) (٤) : لما كان قرب الحج صادر المجاورين وأعيان مكة المشرفة ، وأخذ منهم أموالا كثيرة ، وهرب خوفا من أمير الحاج / ، وكان حج في هذه السنة زين الدين علي بن بكتكين (٥) صاحب الموصل.

فلما وصل أمير الحاج إلى مكة ، رتب مكانه [بمكة](٦) عمه عيسى بن أبي هاشم ، فبقي عيسى إلى شهر رمضان ، فجمع قاسم جموعا من العرب (وقصد عمه) (٧). فخرج عيسى ، وتركها له.

فدخلها قاسم ، وأقام بها أياما ، ثم أنه قتل قائدا من قواده ، فتغير عليه أصحابه ، وكاتبوا عمه عيسى ، فأقبل عليهم. فهرب القاسم ، وطلع

__________________

(١) ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٢٤ ـ ٥٢٥ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥١٧ ـ ٥١٨ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣١٣.

(٢) الميركي ـ التحفة السنية.

(٣) ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٩ / ٧٧. وانظر : الفاسي ـ العقد الثمين ٧ / ٣٥ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٢٦ ـ ٥٢٨.

(٤) ما بين قوسين سقط من (د).

(٥) الصحيح أنه نائب الموصل وهو زين الدين علي بن بكتكين بن مظفر الدين كوكبري المعروف بكوجك التركي. توفي سنة ٥٦٣ ه‍. وحجه هذا كان سنة ٥٥٥ ه‍. انظر : ابن الجوزي ـ المنتظم ١٠ / ١٩٦ ، ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٩ / ٧٧ ، ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ٢ / ٤٨١ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٢٢.

(٦) زيادة من (ب) ، (د).

(٧) ما بين قوسين سقط من (ب).

٢٥٠

على جبل أبي قبيس ، فسقط عن فرسه ، فأخذه بعض أصحاب عيسى وقتله. فلما سمع ذلك عمه ، ندم ، وغسله ، ودفنه بالمعلاة على (١) أجداده.

وقيل إنه قتل سنة خمسمائة وست وخمسين».

[ولاية عيسى بن فليتة ٥٥٧ ـ ٥٧٠ ه‍]

قال في الوقائع (٢) : «وفي أيام منى (في هذه السنة) (٣) : وقعت فتنة عظيمة ، بين عسكر عيسى بن فليته ، وبين الحاج العراقي. فقتل من أهل مكة جماعة ، فأغاروا على الحج (٤) العراقي ، وانتهبوه ، ولم يمكنوهم من دخول مكة. ففروا مشاة ، وقد أخذت جميع جمالهم وأسبابهم.

وقتل من العراقيين (٥) خلق كثير.

فولي مكة عمه عيسى بن فليتة :

وفي أيامه :

في سنة خمسمائة وست وستين (٦) توفي المستنجد الخليفة

__________________

(١) في (ج) «عند».

(٢) الوقائع الحكمية.

(٣) ما بين قوسين سقط من (د). والصحيح أن ذلك سنة ٥٥٧ ه‍. انظر : ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٩ / ٨٠ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٢٥ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٣١. ومما يجدر ذكره أن صفحة (٢٠٣) من الأصل كثيرة الشطب وهذا ضمن المشطوب. وفي (ب) أخطاء كثيرة. وفي (د) سقط كثير.

(٤) سقطت من (ب).

(٥) في (د) «الفريقين».

(٦) في (ج) «ست وخمسين». وهو خطأ.

٢٥١

العباسي (١) (وولي الخلافة ابنه المستضيء (٢)) (٣).

فبعث ركب العراقي ، وأمر عليه طاشتكين التركي (٤).

وانقضت [بمصر](٥) دولة العبيديين ، ووليها صلاح الدين بن أيوب (٦) ، واستولى بعد موت العاضد (٧) على مصر ، وخطب للمستضيء العباسي بمصر ، واستقرت الدولة الأيوبية ، فأولهم : صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي الكردي. وكان من خيار الناس ـ رحمه‌الله تعالى ـ.

قال الفاسي (٨) : («ودامت ولاية عيسى ـ فيما علمت ـ على

__________________

(١) المستنجد بالله أبو المظفر يوسف بن المقتفي لأمر الله أبو عبد الله محمد بن المستظهر. انظر : ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٩ / ١٠٨ ، السيوطي ـ تاريخ الخلفاء ٤٤٣ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ١٢ / ٢٦٣.

(٢) المستضيء بأمر الله أبو محمد الحسن بن يوسف المستنجد. ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٩ / ١٠٩ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ١٢ / ٢٦٣.

(٣) ما بين قوسين سقط من (د).

(٤) طاشتكين المستنجدي ـ تركي ـ حج بالناس سنة ٥٦٦ ه‍. انظر : ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٩ / ١١١ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٢٦٣ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٣٣. وقد وصفه ابن الأثير : «وكان نعم الأمير». الكامل ٩ / ١١١.

(٥) زيادة من (ب) ، (د).

(٦) انظر : شخصية صلاح الدين الإسلامية للمحقق ص ١٢٧ ـ ١٢٨.

(٧) العاضد لدين الله عبد الله بن يوسف بن الحافظ لدين الله. آخر الحكام العبيديين الباطنية في مصر. السيوطي ـ تاريخ الخلفاء ص ٥٢٤ ـ ٥٢٥. وانظر : ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٩ / ١١١ ـ ١١٣ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ١٢ / ٢٦٤ ـ ٢٦٥. ذكره ابن كثير فقال : «وكانت سيرته مذمومة ، وكان شيعيا خبيثا ، لو أمكنه قتل كل من قدر عليه من أهل السنة ...».

(٨) شفاء الغرام ٢ / ٣١٤ ، العقد الثمين ٦ / ٤٦٥.

٢٥٢

مكة ، إلى أن مات سنة خمسمائة وسبعين») (١). إلا أن أخاه مالك بن فليتة (٢) نازعه في الأمر ، واستولى على مكة / نحو نصف يوم ، فإنه (٣) دخل مكة يوم (٤) عاشوراء سنة خمسمائة وخمس وستين. وجرى بين (٥) عسكره وعسكر أخيه فتنة إلى وقت الزوال. ثم خرج مالك واصطلحوا».

ولا يخفى أن هذه ليست بولاية.

ثم عاد مالك سرا [سنة ٥٥٧ ه‍](٦) ومعه هذيل والعسكر فصعدوا جبل أبي الحارث أحد أخشبي مكة المقابل لأبي قبيس صوب قعيقعان ، فخرج اليهم عسكر عيسى فانهزموا إلى خيف بني شداد (٧).

ودخل مالك جدة ، ونهب التجار بها ، وأخذ ما في الجلاب.

[من أعمال الوزير الجواد بمكة]

وفي سنة خمسمائة وتسع وخمسين جدد الوزير محمد بن علي ابن المنصور المعروف بالجواد (٨) الأصبهاني مسجد

__________________

(١) ما بين قوسين سقط من (ب) ، (د).

(٢) انظر الفاسي ـ العقد الثمين ٧ / ١١٥ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٣٣.

(٣) في (ج) «لأنه».

(٤) سقطت من (ب) ، وفي (ج) «في يوم».

(٥) في (ب) ، (د) «بينه وبين».

(٦) ما بين حاصرتين من (د). وقد روى الفاسي رواية تختلف عن ذلك وهي ما سبق أن ذكرها السنجاري في حوادث سنة ٥٥٣ ه‍. ويلاحظ خلط الأحداث.

(٧) خيف بني شديد ـ ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٣٢ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٢٣.

(٨) سبق ذكره في هذا الكتاب. وأخطأ السنجاري في ذلك. فأعماله هذه كانت عام ٥٥١ ه‍. وأما سنة ٥٥٩ ه‍ فوفاة الجواد رحمه‌الله.

٢٥٣

الخيف (١) والحجر ـ بسكون الجيم ـ وزخرف الكعبة. وبذل مالا لصاحب مكة ، حتى مكنه من ذلك. وهو الذي بنى المسجد الذي على جبل (٢) عرفات ، وعمل الدرج إلى أعلى (٣) الجبل ، وعمل بعرفات مصانع للماء (٤).

فائدة [في صعود الجبل بعرفة]

قال شيخ مشايخنا العلامة عبد الرحمن بن عيسى المرشدي الحنفي نقلا عن منسك الشيخ رشيد الدين ما نصه :

«قال الشيخ تقي الدين : ولا نعلم في فضل هذا الجبل الذي يصعده الناس بعرفة خبرا ثابتا ، ولا غير ثابت. وما يخص الناس به هذا الجبل من الحرص على الوقوف عليه دون موقفه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ودون مواقف عرفة ، قبل وقت الوقوف ، وايقادهم عليه النيران ، فبدع تستلزم محظورات من اختلاط النساء بالرجال وغير ذلك.

وانما حدث ذلك عند انقراض العلماء الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، واستيلاء الجهل على الناس ، وأخذهم الأمور بالقياس» ـ انتهى بلفظه ـ فليحفظ ذلك.

__________________

(١) مسجد الخيف بمنى. انظر : أبو شامة ـ الروضتين في أخبار الدولتين ١ / ٢ / ٣٥٠.

(٢) في (د) «ميل».

(٣) سقطت من (ب) ، (ج).

(٤) أضاف أبو شامة : «وأجرى الماء إليها من نعمان (ومن مكة والطائف) في طريق معمولة تحت الجبل مبنية بالكلس. فغرم على ذلك مالا كثيرا. وكان يعطي أهل نعمان كل سنة مالا كثيرا ليتركوا الماء يجري إلى المصانع أيام مقام الحجاج بعرفات ، فكان الناس يجدون فيه راحة عظيمة». أبو شامة ـ الروضتين ١ / ٢ / ٣٥٠ ـ ٣٥١.

٢٥٤

(قال ابن خلكان (١) : «وكان الجواد يحمل إلى مكة في كل سنة من الأموال والكسوة ما يقوم بأهلها بقية السنة») (٢).

[زلزلة سنة ٥٥٩ ه‍]

قال المسعودي (٣) : «وفي هذه السنة ـ يعني سنة خمسمائة وتسع وخمسين (تضعضع الجانب اليماني لزلزلة وقعت. وعمّر ، ولم يذكر من عمّره.

[غلاء وسيل عام ٥٥٩ ه‍]

وفي الوقائع (٤) : «وفي هذه السنة ـ يعني سنة خمسمائة وتسع وخمسين) (٥) ـ وقع بمكة غلاء شديد (٦) عظيم ، أكل الناس فيه

__________________

(١) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ٥ / ١٤٤.

(٢) ما بين قوسين سقط من (ج).

(٣) وهذا غريب من السنجاري. فالمسعودي توفي في القرن الرابع الهجري. فهل يقصد به المسعودي شارح المقامات محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن مسعود. توفي سنة ٥٨٤ ه‍ بدمشق. انظر : ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ٤ / ٣٩٠ ـ ٣٩٢ ، الصفدي ـ الوافي ٣ / ٢٢٣ ، الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٢١ / ١٧٣.

(٤) انظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٢٦ ، ابن الجوزي ـ المنتظم ١٠ / ٢١٠ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٢٦٢. وذكر ابن الأثير ذلك سنة ٥٦٠ ه‍. الكامل في التاريخ ٩ / ٩٢. وفي المصادر انظر ذلك سنة ٥٦٩ ه‍. لا كما ذكر السنجاري سنة ٥٥٩ ه‍. ويظهر خلط السنجاري بين ما حدث سنة ٥٥٩ ه‍ وسنة ٥٦٩ ه‍ لوقوع المجاعة في هاتين السنتين. انظر : الجزيري ـ درر الفرائد ٢٦٣ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٧١ ، ابن فهد ـ العقد الثمين ٦ / ٤٦٩ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٣٤.

(٥) ما بين قوسين سقط من (د).

(٦) سقطت من (ب) ، (د).

٢٥٥

الرّمم (١) والجلود. ثم فرج الله بصدقة جاءت (٢) من الخليفة المستضيء العباسي في الحج».

وفيها (٣) دخل سيل عظيم إلى الحرم من باب بني شيبة. ولم يعهد قبله سيل دخل من ذلك الباب.

رجع :

ولم يزل عيسى بن فليتة إلى أن توفي سنة خمسمائة وسبعين (٤). وفي حج هذه السنة وقعت بين عيسى وأمير الحج العراقي مقاتلة بالزاهر (٥).

وكان الحج العراقي جاء مكة على غفلة يوم عرفة في ثمانية عشر يوما.

[ولاية داود بن عيسى وأخيه مكثر بن عيسى ٥٧٠ ـ ٥٩٧ ه‍]

ولما توفي عيسى بن فليتة ، ولي مكة بعده ابنه داود بن عيسى (٦).

واستمر إلى ليلة النصف من رجب الأصم سنة / خمسمائة وإحدى

__________________

(١) في (د) «الدم». كما في اتحاف الورى في حوادث سنة ٥٦٩ ه‍. ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٣٤.

(٢) في (ب) ، (د) «وجاء».

(٣) يعني السنجاري سنة ٥٥٩ ه‍. والصحيح سنة ٥٦٩ ه‍. انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٦٥ ، العقد الثمين ١ / ٢٠٧ ، ٦ / ٤٦٩ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٣٥. وبدليل وصول صدقات الخليفة المستضيء.

(٤) الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ١٩٨ ، العقد الثمين ٦ / ٤٦٥ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٣٦.

(٥) انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٣ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٣٥.

(٦) الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ١٩٨ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٣٦ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٣٤.

٢٥٦

وسبعين ، فعزله الناصر (١) العباسي ، فوليها أخوه مكثر بن عيسى (٢) ، واستمر إلى الموسم ، ثم عزل. وجرى بينه وبين طاشتكين (٣) أمير الحج العراقي حرب شديد ، كان الظفر فيها لطاشتكين. وتحصن مكثر بحصنه على جبل أبي قبيس بعد نهب الحاج ، وأخذ أموالهم. فدخل طاشتكين مكة ، وأخرجه من الحصن قهرا. فهرب ، ونهبت مكة ، وأحرقت بها دور كثيرة.

فلما استقر الحال سلم طاشتكين البلد لقاسم بن مهنا (٤).

فولي مكة قاسم بن مهنا الحسيني أمير المدينة في الموسم من السنة المذكورة (٥).

فاستمر بمكة نحو ثلاثة أيام ، وكان عقد له الخليفة المستنصر (٦) العباسي ، فرأى عجزه عن القيام بإمرة مكة ، فراجع في ذلك طاشتكين.

فولي مكة داود بن عيسى السابق ذكره ، بأمر طاشتكين ، وأمر

__________________

(١) وهذا وهم من السنجاري. فالناصر ولي الخلافة سنة ٥٧٥ ه‍ بعد وفاة المستضيء. فعزله كان بأمر المستضيء. انظر : ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٩ / ١٤٨ ، ابن الجوزي ـ المنتظم ١٠ / ٢٥٩ ـ ٢٦١.

(٢) انظر : الفاسي ـ العقد الثمين ٧ / ٢٧٥ ، شفاء الغرام ٢ / ٣٦٧ ـ ٣٦٨.

(٣) وهو مجير الله طاشتكين بن عبد الله المقتفوي. توفي سنة ٦٠٤ ه‍. انظر : ابن تغري بردي ـ النجوم الزاهرة ٦ / ١٩٠. وانظر الخبر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٣٦ ـ ٥٣٨ ، ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٩ / ١٣٧ ـ ١٣٨ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٣٥ ، ٥٣٩ ـ ٥٤١.

(٤) الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٦٨ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٥٤٠ ، ٥٤٤ ـ ٥٤٧.

(٥) أي سنة ٥٧١ ه‍.

(٦) الصحيح ـ المستضيء الخليفة العباسي. توفي سنة ٥٧٥ ه‍. انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٦٨.

٢٥٧

طاشتكين بهدم القلعة التي كانت (١) على جبل أبي قبيس (٢).

ولم يوف (٣) أكثر الحجاج المناسك في هذا العام (٤).

[إبطال السلطان صلاح الدين للمكوس]

وفي سنة خمسمائة واثنتين وسبعين : أبطل السلطان صلاح الدين المكوس المأخوذة من الحجاج في البحر عن طريق عيذاب (٥). وكان من لم يؤده بعيذاب يؤخذ منه بجدة ، وهو سبعة دنانير مصرية على كل إنسان. وكان يأخذ ذلك أمير مكة.

وكان سبب إبطاله : أن في هذه السنة حج الشيخ علوان الأسدي الحلبي (٦). فلما وصل جدة طولب بذلك ، فأبى أن يسلم لهم شيئا ، وأراد الرجوع وترك الحج ، فلاطفوه ، وبعثوا إلى صاحب مكة وكان الشريف مكثر بن عيسى ، فأمر بإطلاقه ومسامحته. فلما طلع مكة اجتمع به ، واعتذر إليه بأن مدخول مكة لا يفي بمصالحنا ، وهذا هو

__________________

(١) سقطت من (ج).

(٢) وهذه القلعة كانت لمكثر بن عيسى ، ويقال أن والده عيسى بناها. انظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٣٧ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٦٨.

(٣) في (ج) «يعرف».

(٤) انظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٣٧.

(٥) انظر في ذلك : ابن جبير ـ الرحلة ـ دار الهلال ـ بيروت ٤٨ ـ ٤٩ ، أبو شامة ـ ذيل الروضتين ٢ / ٣ ـ ٤ دار الجيل ـ بيروت ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٣٨ ـ ٥٣٩. وعيذاب : بليدة على ضفة بحر القلزم (البحر الأحمر ، كانت مرسى المراكب التي تقدم من عدن الى الصعيد بمصر. انظر : ياقوت ـ معجم البلدان ٤ / ١٧١ ، ابن جبير ـ الرحلة ٤١ ـ ٤٢.

(٦) أبو عبد الله علوان بن عبد الله بن علوان الأسدي الحلبي. ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٣٩.

٢٥٨

الحامل لنا على هذا.

فكتب الشيخ علوان إلى السلطان صلاح الدين ، يذكر له حاجة أمير مكة ، ويعرفه بأن البلد (١) ضعيفة ، وأنها ما تدخل ما يكفيه ، وأن / ذلك حمله على هذه البدعة الشنيعة.

فأنعم عليه السلطان صلاح الدين بثمانية الآف أردب حب ، وقيل ألفي (٢) دينار وألفي أردب حب ، وأمره بترك هذه المظلمة ـ جزاه الله خيرا ـ كذا قال الفاسي (٣).

[سيل عام ٥٧٣ ه‍]

وفي سنة خمسمائة وثلاث وسبعين (٤) وقع بمكة مطر وسيل ، فدخل المسجد الحرام ، ودخل الكعبة المطهرة ، فبلغ قريبا من ذراع ، وأخذ إحدى فردتي (٥) باب إبراهيم ، وحمل درجة الكعبة إلى آخر المسجد.

[مشاركة مكثر بن عيسى ولاية مكة داود بن عيسى]

رجع :

وقال الفاسي (٦) بعد ذكر إعادة داود بن عيسى

__________________

(١) في (ب) «اليد».

(٢) في (ب) ، (ج) «ألف».

(٣) الفاسي ـ في شفاء الغرام ٢ / ٣٦٨ ـ ٣٦٩.

(٤) ذكر الفاسي ذلك سنة ٥٩٣ ه‍. انظر : شفاء الغرام ٢ / ٤٢٣ ، العقد الثمين ١ / ٢٠٧ ، وانظر : ابن ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٦٣.

(٥) في المصادر السابقة «فرضتي». ويقال في اللهجة المصرية «ضرفة» ، والشامية «درفة». وهي شق الباب حين يقسم إلى قسمين.

(٦) الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ١٩٨ ، العقد الثمين ٧ / ٢٧٤ ، وانظر : ابن فهد

٢٥٩

بعد (١) قاسم بن مهنا : «ولا نعلم إلى متى استمرت (٢) [ولايته](٣) ، غير أنه كان يتداول (٤) هو وأخوه مكثر بن عيسى أمر مكة.

ثم انفرد بها مكثر بن عيسى نحو عشر سنين ، آخرها سنة سبع وتسعين ـ بتقديم المثناة الفوقية ـ وخمسمائة. وهو آخر أمراء مكة المعروفين بالهواشم. غير أن ولايته أو ولاية أخيه داود على الشك» ـ انتهى (٥) ـ.

قال في الوقائع (٦) : «وفي سنة خمسمائة وتسع وسبعين : جلس الأعراب للحجاج بالمأزمين (٧) ، وكان حج من البرّ سلطان عدن (٨) عثمان بن علي الزنجبيلي (٩) ، فاجتهد في حفظ الحجاج ، ونصبت له

__________________

غاية المرام ١ / ٥٣٨.

(١) في (ب) «بن». وهو خطأ.

(٢) في (ب) «استقرت».

(٣) زيادة من (ج).

(٤) في (د) «يتناول».

(٥) أضاف ناسخ (ج) الدهلوي ما نصه : «والصحيح أنها ولاية مكثر». وهذا ما أكده الفاسي في شفاء الغرام ٢ / ٣١٤ الذي ذكر : «وكان بعدها يتداول هو وأخوه مكثر إمرة مكة ، ثم انفرد بها مكثر عشر سنين متوالية آخرها سنة ٥٩٧ ه‍ على الخلاف في انقضاء دولة مكثر. وهو آخر أمراء مكة المعروفين بالهواشم ولاية».

(٦) الوقائع الحكمية. وانظر : ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٩ / ١٥٦ ، ابن فهد ـ واتحاف الورى ٢ / ٥٤٨ ـ ٥٥٠ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٢٦٥.

(٧) المضيق بين مزدلفة وعرفة سبق ذكره. وانظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٥٥٠.

(٨) في (د) «عدل».

(٩) كان سلطان عدن قبل سيف الإسلام طغتكين. انظر : ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٩ / ١٥٥ ـ ١٥٦. ابن جبير ـ رحلة ابن جبير ١٣٢ ، ابن الديبع ـ بغية المستفيد ص ٧٤. وفي ابن فهد ـ اتحاف الورى «الزنجيلي» ٢ / ٥٤٨. وكذلك في النسخة (د).

٢٦٠