منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٢

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري

منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٢

المؤلف:

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري


المحقق: الدكتور جميل عبدالله محمد المصري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: جامعة أم القرى
الطبعة: ٠
ISBN الدورة:
9960-03-366-X

الصفحات: ٤٨٠

فجاء الداعي ، فتوجّه إلى مصر في شعبان من السنة المذكورة.

ثم ان السلطان أمر بقتل المملوك (١) الذي قتل حميضة ـ وهو أحد مماليك السلطان ، هربوا منه إلى حميضة ـ.

وكان ذلك في جمادى الأخرى من السنة المذكورة.

[إسقاط المكس سنة ٧٢١ ه‍]

وفي سنة سبعمائة وإحدى وعشرين توجه السيد عطيفة إلى مصر ، من القحط الذي حصل بمكة من عدم الأمطار ، وقلة الواصل من البحر (٢).

فرسم السلطان (٣) بنقل الحب إلى مكة. ورتب لصاحب مكة كل عام شيئا من الحب يحمل إليه من الصعيد (٤) ، وألزمه أن يسقط المكس الذي يأخذه على الواردين بالميرة. ففعل ذلك.

[حج ملك التكرور سنة ٧٢٤ ه‍]

وفي سنة سبعمائة وأربعة وعشرين : حج ملك التكرور موسى (٥) ،

__________________

(١) وهو المملوك اسندمر أحد الثلاثة الذين التحقوا بحميضة. الفاسي ـ العقد الثمين ٤ / ٢٤٤.

(٢) في (د) «اليمن». وذكر ابن فهد : «توجه عطيفة الى مصر سنة ٧٢٢ ه». اتحاف الورى ٣ / ٧٥.

(٣) الناصر محمد بن قلاوون.

(٤) وعوضه عن المكس بثلثي بلد دماميل من صعيد مصر. ودماميل بلدة من مركز الأقصر بمحافظة قنا ، تقع على الشاطيء الغربي للنيل. انظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ١٧٦.

(٥) موسى بن أبي بكر الأسود «منسا موسى». أشهر سلاطين دولة مالي التي امتدت في السودان الغربي بين نهر النيجر والمحيط الأطلسي. واشتهرت باسم التكرور. حيث نشرت الإسلام في بلاد الهوسا في القرن الثامن الهجري. وقامت دولة مالي هذه

٣٤١

وحضر للحج معه أكثر من خمسة عشر ألفا من التكاررة ـ قاله في الأساطين (١).

وذكر الإمام علي (٢) الطبري : «أنه وقعت فتنة بين الترك والتكاررة بالمسجد الحرام ، وشهرت السيوف بالمسجد. وكان أمير التكاررة بالشباك المشرف على المسجد من رباط الخوزي (٣) ، فأمر جماعته بالكف عن القتال ، فأمسكوا.

[إمام الزيدية في مكة وبدعه]

وفي سنة سبعمائة وخمسة وعشرين : قال الفاسي (٤) : «وصل العسكر المصري (٥) متوجها إلى اليمن ، وعند وصولهم إلى مكة هرب

__________________

على أسس اسلامية وأعلنت تبعيتها للخلافة العباسية. انظر : جميل المصري ـ حاضر العالم الإسلامي ص ٦٥٤.

(١) الأساطين في حج السلاطين لعبد القادر الطبري. وانظر : ابن كثير ـ البداية والنهاية ١٤ / ١١٢ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٩٠ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ١٧٨ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٣٠٠ ، ٦٧٩.

(٢) سقطت من (د). وهو علي بن عبد القادر الطبري. صاحب الأرج المسكي في التاريخ المكي ص ١٢١.

(٣) رباط الخوزي كان بزيادة باب إبراهيم. وضعه الأمير قرامر بن محمود بن قرامر الأقدري الفاسي على الصوفية الغرباء والمتجردين ، كما كان يستر الحجر الذي على بابه. وتاريخه على ما كان يظن الفاسي سنة ٦١٧ ه‍. انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٥٣٠.

(٤) الفاسي ـ العقد الثمين ٦ / ٩٨. وانظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ١٧٩ ـ ١٨٠.

(٥) وكان العسكر المصري بقيادة نائب السلطان بيبرس الحاجب والجيش نجدة للملك المجاهد بن الناصر صاحب اليمن. ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ١٧٩.

٣٤٢

إمام الزيدية إلى وادي مرّ ، فأقام به (١). (وما رجع إليها إلى وقت الحج ، وعاد بعد الموسم إلى ما كان يفعله) (٢).

وإمام الزيدية المشار إليه رجل شريف ، كان يصلي بالزيدية بين الركن (٣) اليماني والحجر الأسود. فإذا صلى الصبح وفرغ ، دعا بدعاء مبتدع (٤) وجهر به صوته ، ويدعو في آخره للإمام محمد بن المطهر بن يحيى بن رسول صاحب اليمن. وكان يفعل ذلك بعد صلاة المغرب أيضا» ـ انتهى ـ.

واستمر عطيفة. وفي أيامه :

[تعمير عين حنين سنة ٧٢٦ ه‍]

سنة سبعمائة وست وعشرين : عمّر الأمير جوبان (٥) عين حنين. وأجراها إلى أن وصلت مكة. وتعرف بعين بازان.

__________________

(١) في (ب) ، (د) «بها».

(٢) ما بين قوسين سقط من (ب).

(٣) في (ب) ، (د) «الركنين».

(٤) وهذا نص الدعاء المبتدع ، كما في اتحاف الورى ٣ / ١٨٠ :

«اللهم صلّ على محمد وعلى آل بيته المصطفين الأطهار ، المنتخبين الأخيار ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. اللهم أنصر الحق والمحقين ، واخذل الباطل والمبطلين ، ببقاء ظل أمير المؤمنين ، ترجمان البيان ، وكاشف علوم القرآن الامام محمد بن المطهر بن يحيى بن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، الذي بالدين أحيا إمام المتقين وحجاب الضالين ، اللهم انصره ، وشعشع أنواره ، واقتل حساده. واكبت أضداده ....» مع زيادات على هذا.

(٥) الأمير جوبان بن تلك بن تداون نائب السلطنة بالعراقين عن السلطان أبي سعيد ابن خربندا ملك التتر. ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ١٨١. بدأ العمل سنة ٧٢٦ ه‍ ، ووصلت مكة في العشر الأخير من جمادى الأولى من السنة نفسها. الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٥٥٤.

٣٤٣

وقال في ذلك بعض الأفاضل :

هل إلى مكة من عودة

فأبلغ السؤل وأقضي الديون

غير عجيب جري عين بها

وقد جرت شوقا إليها عيون

قال العيني (١) : «وقد بعث الأمير جوبان لعمارتها ثلاثمائة ألف درهم» ـ انتهى ـ.

وفي أخبار مكة للفاكهي (٢) : «أن اسم متولي العمارة بازان» ـ والله أعلم ـ.

قال ابن الضياء (٣) : «ومن العيون / التي أجريت بمكة ، عين أجراها الملك الناصر محمد بن قلاوون سنة سبعمائة وثمان وعشرين ، وتعرف بعين ثقبة (٤) ، وهي عين بازان» ـ انتهى ـ.

وفي هذه السنة (٥) : عمر الملك الناصر (٦) مقام إبراهيم عليه‌السلام.

__________________

(١) في حين ذكر الفاسي : «وجملة ما صرف على هذه العين في هذه العمارة مائة ألف درهم وخمسون ألف درهم على ما قيل. وكانت تحتمل من المصروف زيادة على هذا القدر مثله وأكثر». شفاء الغرام ٢ / ٥٥٤ ، ابن الضياء ـ تاريخ مكة ١٠٢.

(٢) وهذا خطأ. فالفاكهي من مؤرخي القرن الثالث الهجري. ولعله يقصد الفاسي. وانظر الخبر في : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ١٨١ حيث أن بازان رسول الأمير جوبان. وانظر : المقريزي ـ السلوك ٢ / ٢٧٤ ـ ٢٧٥.

(٣) ابن الضياء الحنفي. وذكر : «ومن العيون التي أجريت بمكة ، عين أجراها الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة في مجرى عين بازان. وتعرف هذه العين بعين جبل ثقبة. وجملة المصروف عليها خمسة الآف درهم. وذلك على يد ابن هلال الدولة مشيد العمارة. تاريخ مكة ص ١٠٢.

(٤) عين ثقبة في مجرى عين بازان. الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٤٨ ـ ٣٤٩ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٣٠٢ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ١٨٧.

(٥) أي سنة ٧٢٨ ه‍.

(٦) الناصر / محمد بن قلاوون.

٣٤٤

[مشاركة عطيفة لأخيه رميثة في الولاية سنة ٧٢٢ ه‍ ـ ٧٣١ ه‍]

قال الفاسي (١) : «وشارك عطيفة في إمرة مكة أخوه رميثة ، وذلك سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة ، فإن السلطان الملك الناصر ، صاحب مصر ، أطلقه من حبسه ، وجعله شريكا لأخيه. فورد مكة شريكا له.

وكانت (سنة قحط) (٢) لعدم (٣) الأمطار ، فتوجّه في هذه السنة (٤) عطيفة إلى مصر كما سبق».

[فيل أبي سعيد خربندا]

قال (٥) : «وفي سنة سبعمائة وثلاثين حج العراقيون ومعهم فيل ، بعثه صاحب العراق أبو سعيد محمد بن بنداخدا (٦) ملك التتار. وما عرف مقصوده (٧) بإرساله. فحضروا به المواقف كلها ، ثم خرجوا به إلى المدينة المنورة ، فلما وصل إلى الفريش الصغير قبل البيداء التي ينزل منها إلى ذي الحليفة ، صار كلما أراد أن يقدم رجلا تأخر أخرى

__________________

(١) شفاء الغرام ٢ / ٣٢٣. وانظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ١٧٥ ـ ١٧٦.

(٢) ما بين قوسين سقط من (د).

(٣) في (ج) «لقلة».

(٤) أضاف في (ب) «الشريف».

(٥) أي الفاسي ـ في شفاء الغرام ٢ / ٣٩٣ ، والفاسي ـ العقد الثمين ٣ / ٣٢٧ ـ ٣٢٩. وانظر : المقريزي ـ السلوك ٢ / ٢ / ٣٢٣ ـ ٣٢٥ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ٢٤ / ١٤٩.

(٦) الصحيح : «خربندا». كما سبق مرارا.

(٧) في (د) «قصده».

٣٤٥

بعد مرة ، فضربوه ليسير (١) ، وهو يأبى إلا الرجوع (إلى القهقرى. فصار كلما أكره على أن يتقدم إلى جهة المدينة ، تأخر إلى ورائه ، هذا وهم يضربونه ، وهو يتأخر إلى أن سقط ميتا) (٢) ـ كذا قال الفاسي.

قال العفيف المطري (٣) مؤرخ المدينة : «وذلك يوم الأحد الرابع والعشرين من ذي الحجة ، وذلك من معجزات سيدنا وشفيعنا محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم.

ـ وهذا من غريب العجائب ـ قاله الإمام النووي رحمه‌الله في تاريخه.

وصرف عليه من العراق إلى وقت موته أكثر (٤) من ثلاثين ألف درهم.

ولما رآه (٥) الناس تفاءلوا بالشر ، فكانت في ذلك الموسم واقعة أمير المصريين (٦) وأهل مكة ، حتى قتل الأمير وابنه (٧) وجماعة (٨)».

[فتنة سنة ٧٣٠ ه‍]

وسبب هذه الفتنة (٩) : أن بعض الناس ، استعاذ بالأمير

__________________

(١) سقطت من (د).

(٢) ما بين قوسين سقط من (ب). وسقط أكثره من (د).

(٣) في شفاء الغرام «عفيف الدين الطبري» ٢ / ٣٩٢.

(٤) في (ب) ، (د) «أزيد».

(٥) بالأصل رأوه والمثبت وهو الأصح من «ب».

(٦) سيف الدين ألدمر أمير جاندار. الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٩٢.

(٧) خليل : ابن سيف الدين الدمر. شفاء الغرام ٢ / ٣٩٢.

(٨) منهم : ابن الناجي أمير عشرة. ومملوك لسيف الدين الدمر ، وجماعة نسوة ، وغيرهم من الرجال. الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٩٢.

(٩) انظر في ذلك : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٩٢ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية

٣٤٦

المصري (١) من مظلمته (٢) ، فبادر ابن الأمير (٣) لتخليصه فجرح (٤) ، فغضب أبوه ، فشبت الفتنة ، فقتل الأمير وابنه وجماعة منهم. وذلك يوم الرابع عشر من ذي الحجة الحرام ، يوم الجمعة والخطيب يخطب.

فلما بلغ ذلك السلطان غضب (٥) ، ونوى أن يبعث إلى مكة ، وأن يستأصل كافة (٦) الأشراف ، فقيض الله [له](٧) بعض العلماء ، وهو قاضي القضاة جلال الدين القزويني (٨) ، فوعظه وعظا بليغا ، وصرفه عن نيته ، فرضي على رميثة وأعاده واليا بمفرده.

[انفراد رميثة بولاية مكة سنة ٧٣١ ـ ٧٣٤ ه‍]

وفي سنة سبعمائة وإحدى وثلاثين : ولي مكة الشريف رميثة ، في ربيع الآخر ، أو جمادى الأولى بتقرير العسكر الوارد له من مصر في أمر مكة / بمفرده. وترحل (٩) عطيفة إلى مصر (١٠).

__________________

١٤ / ١٤٩ ، الفاسي ـ العقد الثمين ٣ / ٣٢٧ ـ ٣٢٩ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٣ ، المقريزي ـ السلوك ٢ / ٢ / ٣٢٣ ـ ٣٢٥ ، ابن تغري بردي ـ النجوم الزاهرة ٩ / ٢٨٢ ـ ٢٨٣ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٣٠٢ ـ ٣٠٤.

(١) الأمير الجندار ألدمر بن عبد الله الناصري.

(٢) في (أ) ، (ب) ، (ج) «ظلمة». والاثبات من (د).

(٣) واسمه خليل بن ألدمر الناصري.

(٤) في (د) «فخرج».

(٥) في (د) «تعب».

(٦) في (د) «شأفة». وهو صحيح أيضا.

(٧) زائدة من (ب) ، (د).

(٨) جلال الدين محمد القزويني. المقريزي ـ السلوك ٢ / ٢ / ٣٢٩.

(٩) في (د) «ورحل».

(١٠) انظر : الفاسي ـ العقد الثمين ٤ / ٤١٤ ، ابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٩٠ ـ ٩١ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ١٩٦ ـ ١٩٧.

٣٤٧

[الولاية بين عطيفة ورميثة ٧٣٤ ـ ٧٣٧ ه‍]

واستمر رميثة إلى سنة سبعمائة وأربع وثلاثين ، فشاركه فيها أخوه عطيفة بلا قتال (١).

ثم انفرد بها رميثة بعد أن خرج منها عطيفة ليلة رحيل الحاج من مكة المشرفة من السنة المذكورة.

واستمر إلى سنة سبعمائة وخمس وثلاثين ، فرجع عطيفة (٢) وشاركه إلى أثناء سنة سبعمائة وست وثلاثين. فتنافرا ، فأقام عطيفة بمكة ، ورميثة بالجديد من وادي مرّ (٣).

فهجم رميثة على مكة في شهر رمضان من السنة المذكورة (٤) ، فلم يظفر ، وخرج منها بعد أن قتل وزيره (٥) وبعض أصحابه ، ورجع إلى الجديد.

ثم اصطلحا سنة سبعمائة وسبع وثلاثين (٦).

__________________

(١) ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٢٠٤ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٣٤.

(٢) ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٢٠٥ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٣٤.

(٣) الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٢٤ ، الفاسي ـ العقد الثمين ٦ / ١٠٠ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٢٠٦ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٣٤.

(٤) أي سنة ٧٣١ ه‍.

(٥) أي وزير عطيفة ، وهو واصل بن عيسى الزباع. ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٢٠٦.

(٦) ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٢٠٧ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٠٤.

٣٤٨

[إنفراد رميثة بالولاية ٧٣٧ ـ ٧٤٤ ه‍]

ثم انفرد رميثة بالولاية بعد أن حضر هو وأخوه عطيفة الملك الناصر ، فاعتقل عطيفة ، وبعث رميثة إلى مكة.

[وفاة عطيفة بمصر سنة ٧٤٣ ه‍]

ولم يزل عطيفة بمصر إلى أن توفي هنالك بالقبيبات (١) ، ودفن بها سنة سبعمائة وثلاث وأربعين (٢).

وكان موصوفا بالشجاعة والكرم. ومن المدايح فيه ، قول شاعره النشو المكي (٣) من قصيدة طويلة (٤) :

تجري مقادير الإله كما (٥) تشاء

والدّهر قد ألقي إليك زمامه

الله أعطاك الذي أمّلته

فدع الحسود تميته أوهامه

ما للسكوت (٦) إفادة عن كل من

أمرت (٧) به بين الورى أجرامه

__________________

(١) في (أ) «بالقبيات». وفي (ج) «بالعبيات». والاثبات من (ب) ، (د) ، ابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ١٢١ ، الفاسي ـ العقد الثمين ٦ / ٩٥ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٣٤.

(٢) الفاسي ـ العقد الثمين ٦ / ٩٥.

(٣) الشاعر النشو المكي / يحيى بن يوسف بن محمد بن يحيى. توفي سنة ٧٨٢ ه‍. كاتب الإنشاء.

(٤) انظر القصيدة في : الفاسي ـ العقد الثمين ٧ / ٤٥٢ ، ابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ١٢٦ ـ ١٢٨ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٣٤. والقصيدة من المبالغات المذمومة وفيها من التحريض السيء.

(٥) في (ب) «لما». وفي (د) كما في غاية المرام «بما».

(٦) في (أ) «يا للسكون». وفي (ب) «ما لكسوت». وفي (ج) «يا للسكون». وفي (د) «لبالسكوت». والاثبات من غاية المرام وسمط النجوم.

(٧) في المصدرين السابقين «أبدت».

٣٤٩

ها قد قدرت فلا تكن متوانيا

فالأفعوان قويّة أسمامه

لا تحلمنّ (١) على العدوّ تكرما

كم سيّد ضرّت به أحلامه

لا تحقرنّ أخا العداوة إنّه

كالجمر يوشك أن يضرّ ضرامه

أنت المليك ابن المليك أصالة

فالجود منكم وفّرت أقسامه

أو ما علمت بأنّ فيك فصاحة

ما حازها قسّ (٢) ولا أقوامه

ليث تخاف الأسد من سطواته

غيث يجود على الأنام غمامه

من ليس مشغول البنان عن النّدا

يوما إذا شغل اليمين حسامه

[سيل سنة ٧٣٨ ه‍]

وفي سنة سبعمائة وثمان وثلاثين وقع بمكة سيل دخل الكعبة ، وعلا على العتبة قدر شبرين. ودخل بعض قناديل المطاف ، وقلع (٣) أماكن من أبواب الحرم ، إلى غير ذلك (٤).

[فتنة بعرفة سنة ٧٤٣ ه‍]

وفي سنة سبعمائة وثلاث وأربعين : كان بعرفة فتنة وقتال عظيم بين الأشراف وأمير الحاج.

وقتل من الترك نحو ستة عشر رجلا. ومن الأشراف نفر يسير ، منهم السيد محمد بن عقبة بن إدريس بن قتادة بن إدريس بن مطاعن.

__________________

(١) في (د) «تحملن».

(٢) قس بن ساعدة الايادي خطيب العرب في الجاهلية. وهذا من مبالغة الشاعر ومدحه المذموم.

(٣) في (ب) «وخلع».

(٤) انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٤٢٥ ـ ٤٢٦ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ١٤ / ١٨٠ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٢١٢ ـ ٢١٥ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٣٠٦.

٣٥٠

(وذلك يوم الثلاثاء حادي عشر ذي الحجة الحرام ، وبعد الوقوف توجهوا إلى مكة) (١) ، وتحصنوا بها ، وتركوا الحضور إلى منى في أيامها.

ودخل الحج كله مكة في النفر الأول ، إلا أنه لم يحصل بفضل الله تعالى للحاج ضرر (٢).

وفات كثير من المناسك بسبب هذه الفتنة. قاله الفاسي (٣).

قال الفاسي (٤) : «وفي سنة سبعمائة وأربع وأربعين : وقعت فتنة بين أمير الحاج (٥) أيضا وأهل مكة ، وقتلت جماعة ، ثم همدت الفتنة».

وقال أيضا (٦) : «وفي سنة سبعمائة وخمس (٧) وأربعين : جدّد نائب السلطنة بمصر بركة السلم (٨) ، وأجرى العين إلى

__________________

(١) ما بين قوسين من هامش نسخة (أ) فقط.

(٢) في (أ) ، (ج) «ضرب». والاثبات من (ب) ، (د).

(٣) وأضاف الفاسي : «وتعرف هذه السنة بسنة المظلمة ، لأن أهل مكة في نفرهم من عرفة سلكوا الطريق التي تخرجهم على البترا المعروفة بالمظلمة وهي غير الطريق التي سلكها الحجاج». الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٩٤ ، الفاسي ـ العقد الثمين ٢ / ١٤٦ ـ ١٤٧ ، وانظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٢٤ ، ٢٢٥ ، المقريزي ـ السلوك ٢ / ٣ / ٦٣٦ ـ ٦٣٨.

(٤) الفاسي ـ العقد الثمين ٤ / ٤١٧. ولم يذكر ذلك في شفاء الغرام.

(٥) وهو البرناق سيف الدين بن عبد الله نائب قلعة دمشق ، كان مشكور السيرة. وتوفي سنة ٧٦٢ ه‍. ابن تغري بردي ـ النجوم الزاهرة ١١ / ١٢.

(٦) في (أ) ، (د) «ابن الضياء». والاثبات من (ب) ، (ج). وانظر الخبر في شفاء الغرام للفاسي ١ / ٣٤٠ ، والفاسي ـ العقد الثمين ٣ / ٣٣١ ، وعند ابن الضياء ـ تاريخ مكة ٩٧ ، وابن فهد ـ واتحاف الورى ٣ / ٢٢٩.

(٧) في (ج) «وأربع».

(٨) وموقعها بطريق منى. ونائب السلطنة الأمير المعروف بآل ملك. وأجرى

٣٥١

أن (١) أدخلها فيها من طريق منى» ـ انتهى.

ولم يزل الشريف رميثة متواليا إلى هذه (٢) السنة ـ أعني سنة أربع (٣) وأربعين. ثم تركها لولديه ثقبة وعجلان. فلم ترض بذلك ولاة مصر (٤).

[ولاية عجلان وثقبة ونزاعهما في حياة أبيهما ٧٤٤ ـ ٧٤٦ ه‍]

وملخص خبر عجلان وثقبة :

أن رميثة لما كبر ، وعجز عن أولاده ، اشترى منه ابناه ثقبة وعجلان إمرة مكة سنة سبعمائة وأربع وأربعين بستين ألف درهم. فصار لكل منهما فيها حكم.

ثم إن ثقبة توجه إلى مصر يطلب مكة من السلطان / الملك الصالح إسماعيل بن الناصر بن محمد بن قلاوون (٥) ، فلما وصل إليه

__________________

البركة على يد ولده أحمد وابن أخيه فارس الدين. انظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٢٢٨ ـ ٢٢٩.

(١) سقطت من (ب) ، (د).

(٢) سقطت من (ب).

(٣) في (أ) ، (ب) ، (د) «خمس وأربعين». والاثبات من (ج) ، وابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٢٢٦ ، وسمط النجوم ٤ / ٢٣٥ ، وابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ١٣٨.

(٤) وكان سلطان المماليك في مصر سنة ٧٤٤ ه‍ / الملك الصالح إسماعيل بن الملك الناصر محمد بن قلاوون. ابن دقماق العلائي ـ الجوهر الثمين ٣٧٥.

(٥) تولى السلطنة بعد سفر أخيه الناصر أحمد الى الكرك في الثاني عشر من المحرم سنة ٧٤٣ ه‍. وتوفي سنة ٧٤٦ ه‍. امتدح ابن دقماق سيرته. ابن دقماق العلائي ـ الجوهر الثمين ٣٧٥ ـ ٣٧٦ ، وانظر : ابن تغري بردي ـ النجوم الزاهرة ١٠ / ٧٨ ـ ١١٦.

٣٥٢

اعتقله.

وبقي عجلان وحده بمكة أميرا إلى آخر ذي الحجة من السنة المذكورة. ثم فارقها ، لأنه بلغه أن الملك الصالح قبض على أخيه ثقبة ، وبعث مرسوما (١) لأبيه رميثة يردّ البلاد إليه.

فقصد الشريف عجلان اليمن ، ومنع الجلاب من الوصول إلى مكة.

ولما رحل الحاج من مكة ، قصدها ونزل الزاهر ، ثم اصطلح مع أبيه ، وأخذ من التجار مالا عظيما (٢).

وفي سنة سبعمائة وست (٣) وأربعين : توجه الشريف عجلان إلى مصر ، فولاه الملك الصالح مكة دون أبيه (٤). فوصل مكة في رابع عشر (٥) جمادى الآخرة من السنة المذكورة ، ومعه خمسون مملوكا. وقبض على البلاد بلا قتال في حياة والده. وخرج أخوه ثقبة إلى وادي نخلة.

وأقام معه بمكة أخواه سند ومغامس ، وأعطاهما (٦) رسوما

__________________

(١) في (د) «مرسولا».

(٢) وهذه من المظالم التي كانت تنتج من صراعات الأشراف على السلطة. انظر : ابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ١٣٨ ، الفاسي ـ العقد الثمين ٤ / ٤١٦ ـ ٤١٧ ، المقريزي ـ السلوك ٢ / ٣ / ٦٦٠ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٢٢٦ ـ ٢٢٧.

(٣) في (د) «وأربع».

(٤) الفاسي ـ العقد الثمين ٦ / ٥٨.

(٥) في الفاسي ـ العقد الثمين ٦ / ٦٠ ، وابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٢٣١ «عشرين».

(٦) في (أ) ، (ب) ، (ج) «وأعطى أخويه». والاثبات من (د).

٣٥٣

يأكلانها. ثم تكدّر (١) عليهما ، فأخرجهما إلى مر الظهران. ثم أمرهما بالإتساع في البلاد (٢).

فلحقا بأخيهما ثقبة بنخلة ، فلم يدركاه ، وأخبرا أنه توجه إلى مصر ، فلحقاه بمصر ، فقبض عليهم جميعا.

وكان الملك الصالح (٣) قد انتقل إلى رحمة الله تعالى قبل وصول عجلان إلى مكة ، وتسلطن عوضه أخوه الكامل شعبان (٤) ، فكتب إلى عجلان بالولاية ، فلحقه النجاب قبل دخول مكة.

فلما كان أوائل ذي القعدة من السنة المذكورة : ورد النجاب من مصر للشريف عجلان بإبقائه على الولاية ، وأن أخويه سندا ومغامس قد اعتقلا بمصر ، وزين السوق بمكة.

[وفاة رميثة بن أبي نمي سنة ٧٤٦ ه‍]

وفي أثناء الزينة توفي والده الشريف رميثة في ثامن ذي القعدة في السنة المذكورة (٥) ، وصلي عليه بعد أن طافوا به على عادتهم (٦) ، ودفن

__________________

(١) في (ج) «تنكر».

(٢) انظر : ابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ١٣٩.

(٣) مرض في العشرين من صفر ، ومات في العشرين من ربيع الأول سنة ٧٤٦ ه‍. ابن دقماق العلائي ـ الجوهر الثمين ٣٧٦. وفي ابن تغري بردي ـ النجوم الزاهرة مات ليلة الخميس رابع شهر ربيع الآخر ١٠ / ٩٥.

(٤) الملك الكامل شعبان بن الناصر محمد بن المنصور قلاوون الصالحي. ولي السلطنة بعد أخيه الصالح سنة ٧٤٦ ه‍. وعزل سنة ٧٤٧ ه‍. ابن دقماق العلائي ـ الجوهر الثمين ٣٧٦ ـ ٣٨٣ ، ابن تغري بردي ـ النجوم الزاهرة ١٠ / ١١٦.

(٥) أي سنة ٧٤٦ ه‍. انظر : ابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ١٤٠ ، ٤ / ٤١٧ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٣١ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٣٥.

(٦) وهي من العادات المبتدعة عند الأشراف أن يطوفوا أسبوعا حول الكعبة بموتاهم.

٣٥٤

في تربة السيدة خديجة بنت خويلد رضي‌الله‌عنها بالشعب (١).

وكان له من الأولاد : سند ، وثقبة ، وعجلان ، ومغامس ، وأحمد (٢) ، ومبارك.

وكان كريما ممدحا (٣). فممّن مدحه الشاعر عامر بن منصور بن عيسى بن سحبان الزيدي بقوله من قصيدة أولها :

ما أومضت سحرا بروق الأبرق .. الخ. وقد سبق ذكرها (٤) /.

[النزاع بين أبناء رميثة على ولاية مكة ٧٤٧ ـ ٧٦٢ ه‍]

نرجع لذكر عجلان :

فأشرك الشريف عجلان معه أخاه ثقبة سنة سبعمائة وسبع وأربعين.

وعبارة الوقائع (٥) : «وفي سنة سبعمائة وتسع وأربعين (٦) : وصل ثقبة وأخواه سند ومغامس من مصر ، وبيدهم مرسوم بنصف البلاد ، وأن السيد عجلان [يكون](٧) له النصف». ـ انتهى ـ.

__________________

(١) من (أ) فقط.

(٢) سقطت من (ب) ، (د).

(٣) في (ج) ، (د) «ممدوحا».

(٤) في هذا الكتاب ، ص ٢٤٤ من المخطوط (أ). وكان المفروض أن هذا مكانها. كما اعتاد السنجاري في إيراده لقصائد المدح.

(٥) وانظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٢٥ ، وفي ابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ١٤٠ ، وابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٢٣٥ ، والفاسي ـ العقد الثمين ٣ / ٣٩٥ ، ٤ / ٦١.

(٦) في (د) «وثمانية».

(٧) زيادة من (ب).

٣٥٥

ثم تنازعا ، وكان ثقبة بالجديد ، فخرج إليه الشريف عجلان وأراد قتاله. فأصلح بينهما القواد ، واتسع الشريف عجلان عن البلد. فوثب ثقبة ، ودخل البلد.

وراح الخبر إلى الشريف عجلان ، فذهب إلى مصر ، ومعه ولداه أحمد واكبيش (١).

ورجع متولي مكة (٢) ، وأخرج منها ثقبة وأخواه مغامس وسند إلى اليمن. وكان قدومه خامس شوال سنة (٧٥٠ ه‍ (٣).

[فائدة](٤) [الطاعون بمكة]

قال العلامة الحلبي (٥) في سيرته) (٦) :

وفي سنة سبعمائة وتسع وأربعين : وقع الطاعون بمكة (٧)». وهذا

__________________

(١) في (ب) «والداه إكبيش». وهو خطأ. وفي (ج) «ولده اكبيش». والاثبات من (أ) ، (د). وانظر : ابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ١٤٨.

(٢) ولعله الأمير صارم الدين منجك شاد العمائر. انظر : المقريزي ـ السلوك ٢ / ٣ / ٧٦٥.

(٣) انظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٤٢.

(٤) من (د).

(٥) في (ج) «الجلوبي».

(٦) ما بين قوسين سقط من (ب).

(٧) في الخبر سقط واضح. ففي ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٢٣٨ : «وفيها وقع بمكة والطائف وجدة وعامة بلاد الحجاز وبواديها وباء عظيم ، حتى جافت البوادي ، وهلك كثير من الجمال ، وقيل أنه لم يبق بجدة سوى أربعة أنفس. وخلت الطائف ولم يبق الا القليل. وكان يموت من أهل مكة في كل يوم نحو من عشرين نفسا. ودام مدة ثم ارتفع. وهذا الوباء كان عاما في جميع البلاد وهو بديار مصر أعظم ما كان». وانظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٤٣٦ ، ابن دقماق العلائي ـ الجوهر الثمين ٣٨١ ، ٣٨٨ ، ابن تغري بردي ـ النجوم الزاهرة ١٠ / ١٩٥ ـ ٢١٣ ، المقريزي ـ السلوك

٣٥٦

غريب جدا ، خصوصا من مثله ، وإنما نقلته لغرابته ـ والله أعلم.

[في مدح عجلان]

وللنشو المكي (١) في الشريف عجلان قصيدة يمدحه بها :

دع عنك [من](٢) لا خير فيه من الورى

لا تمدحنّه ففي الأنام بديله (٣)

وامدح مليك العصر وابن مليكه

من شاع ما بين الورى (٤) تفضيله

عجلان نجل رميثة بن محمد

أمن الحوادث والخطوب نزيله /

من آل أحمد واحد في عصره

فهو الشريف ابن الشريف سليله

ماذا يقول المدح فيه وما عسى

إذ كان يخدم جدّه جبريله

أمّا الملوك فكلّهم من دونه

كالبدر في أفق السماء حلوله (٥)

__________________

٢ / ٣ / ٧٩٨ ، ابن حجر العسقلاني ـ الدرر الكامنة ١ / ٤٢٣.

(١) النشو : يحيى بن يوسف الشاعر المكي. والقصيدة أكثر في ابن فهد ـ غاية المرام والفاسي ـ العقد الثمين.

(٢) من (ب) ، (د).

(٣) في ابن فهد ـ غاية المرام ٢ / ١٥٤. الشطر كالتالي : «لا تمتدحه في الأنام بديله».

(٤) في ابن فهد ـ غاية المرام «الملا».

(٥) وهذا من مبالغات الشعراء الممجوجة.

٣٥٧

سلطان مكة والمشاعر والصّفا

من لا يخاف من الزّمان نزيله

سكنت محبّته القلوب جميعها

لّما تقارن سعده وقبوله

نقله العلامة الإمام عبد القادر الطبري في نشأة السلافة (١).

ويعجبني قول بعضهم فيه :

دانت لهيبته رقاب طالما

قد أشربت من بغيها طغيانا

ولكم من الأعداء أردى ضيغما

بدما روى بالثرى وسقانا

ولكم أبادهم ببادي عزمه

وأراهم [ما](٢) يكرهون عيانا

لم يبط قط عن المكارم والعلا

فلذا دعي بين الورى عجلانا

[القبض على الملك المجاهد ملك اليمن أثناء حجه سنة ٧٥١ ه‍]

وفي سنة سبعمائة وإحدى وخمسين :

حج الملك المجاهد (٣) صاحب اليمن ، فقبض عليه بمنى. وسبب

__________________

(١) نشأة السلافة لعبد القادر الطبري. وانظر : الفاسي ـ العقد الثمين ٤ / ٦٩.

(٢) زيادة ضرورية من المحقق.

(٣) الملك المجاهد علي بن داود بن يوسف بن عمر بن علي بن رسول ملك اليمن. ولي اليمن بعد أخيه المؤيد داود سنة ٧٢١ ه‍. فأقام سنة ، ثم خلعه الأمراء والمماليك. وولوا المنصور أشهرا ثم أعادوا المجاهد. صنف بعض الكتب وله ديوان شعر. انظر : ابن الديبع ـ بغية المستفيد ص ٩٠ ـ ٩١ ، ٩٣ ـ ٩٤ ، ابن حجر العسقلاني ـ الدرر الكامنة ٣ / ٤٩. توفي سنة ٧٦٤ ه‍. الزركلي ـ الاعلام ٤ / ٢٨٦ ـ ٢٨٧.

٣٥٨

ذلك (١) :

أنه وقع بينه وبين الشريف عجلان بن رميثة وحشة ، فأغرى به الشريف المصريين حتى وافقوه على غرضه ، فقصده إلى منزله بمنى ، ومعه المصريون صبيحة اليوم الثالث من أيام منى.

فلما أحسّ بهم هرب إلى جبل (٢) هناك ، وقاتل بعض جماعته ، ثم انكسروا ، ونهبوا (٣) محطته بما فيها.

فنزل من الجبل على أمان من المصريين. فلما ظفروا به قيدوه ، وذهبوا به إلى مصر ، فأكرمه صاحبها [السلطان حسن بن قلاوون](٤) ، وجهّزه إلى بلاده.

فلما بلغ الدهناء من وادي ينبع ، ورد أمر من صاحب مصر بالذهاب به إلى الكرك. فاعتقل بها هنالك. ثم شفع له ، فأعيد إلى مصر ، وتوجه منها إلى بلده على طريق عيذاب (٥) ، فوصلها في ذي الحجة سنة سبعمائة واثنتين وخمسين.

__________________

(١) انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٩٥ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٢٤٥ ـ ٢٥٢ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٤٠.

(٢) في (ج) «الجبل».

(٣) في (د) «ونهبت».

(٤) ما بين حاصرتين من (ج). وهو الملك الناصر حسن بن محمد ، تولى السلطنة في مصر بعد مقتل أخيه المظفر حاجي أول مرة سنة ٧٤٨ ه‍. واستمر الى أن عزل سنة ٧٥٢ ه‍ بالملك الصالح صالح بن محمد بن قلاوون ثم عزل فولي السلطنة الناصر حسن سنة ٧٥٥ ه‍. الى عزله سنة ٧٦٢ ه‍. انظر : ابن دقماق العلائي ـ الجوهر الثمين ٣٨٦ ـ ٣٨٩ ، ٣٩٧ ـ ٤٠٥.

(٥) في (د) «عبدان». وهو خطأ.

٣٥٩

قال الفاسي (١) : «ولعله راعى بترك القتال حرمة الزمان والمكان (٢)».

وقال في الوقائع (٣) :

«انه لما صعد الجبل ، ورأى القتل في عسكره ، نادى بأعلى صوته : إن القصد أنا ، فلا تقتلوا الناس ، فأنا آتيكم .. فكفوا عن الحرب ، ونزل إليهم بنفسه. فترجل له الأمراء عن الخيول ، وأركبوه [بغلا](٤) ، وذهبوا به ، وألزم الأمراء الشريف عجلان بحفظ الحج ، بعد أن ذهب أكثره نهبا وقتلا» ـ والله أعلم ـ.

غريبة :

ذكر العلامة محمد بن مصطفى الرومي الشهير بالكاكي (٥) في كتابه بغية الخاطر ، عن بغية المستفيد في أخبار زبيد (٦) : قال الجلال ـ (مؤذن الجامع بزبيد) (٧) :

__________________

(١) الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٩٥. وانظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٢٤٩.

(٢) في (ب) ، (ج) «المكان».

(٣) الوقائع الحكمية للسيد البهنسي. وانظر : ابن فهد ـ اتحاف الورى ٣ / ٢٤٩.

(٤) زيادة من النسخة (د).

(٥) الصحيح : الشهير بابن كاني. ويقصد به / محمد بن مصطفى كاني شلبي ابن جعفر بن تيمور الرومي الحنفي / ابن كاني مؤرخ ـ تركي الأصل. مستعرب. ولد في المدينة. وكان من موظفي الترك باليمن ، صنف تاريخا ابتدأ فيه من عصر النبوة الى سنة ١٠٣٣ ه‍. ركز فيه على اليمن وعلى الزيدية خاصة سماه : بغية الخاطر ونزهة المناظر. وله شعر. انظر : الزركلي ـ الاعلام ٧ / ٩٩ ـ ١٠٠.

(٦) بغية المستفيد في أخبار مدينة زبيد لعبد الرحمن بن علي الشيباني المعروف بابن الديبع. ولم أجد الخبر هذا في المطبوع.

(٧) في (ج) «المؤذن». والحكاية من الغرائب البعيدة عن الواقع!!.

٣٦٠