أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]
المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٤
امرأة يوسف ، وكان قبل يوسف امرأة فوطرقير العزيز الذي كان اشترى يوسف ـ فلمّا جاءت امرأته إليه فجلست ، وجاء إبليس فجلس معها إلى أيّوب ، فقالت رحمة : يا أيّوب ، قد هلك الولد وهي تبكي ، فجثا إبليس كأنّه حاضن ولده ، ينوح على ولده وعلى أيّوب ، يقول : يا أيّوب ، قد صبرنا على ذهاب المال فكيف بالولد ، وكيف لو رأيت حين رضخوا بالحجارة ، وكيف تفلّقت الهام منهم ، وكيف سال الدّماغ من مناخرهم ، وكيف رضّت عظامهم ، وكيف تناثرت أحداقهم ؛ يا أيّوب ، فكيف بالصّبر بعد هؤلاء على ما نرى بك من هذا البلاء؟ قال : فالتفت إليهما فقال : أمّا الولد فالله كان أرحم بهم مني ومنك أيتها المرأة ـ يعني امرأته ـ وأمّا المال ، فكان عاريّة أعارنيه ربّي توسعت فيه ما دام عندي ، ثم قبضه ، فله الحمد ؛ وأمّا أنت يا أيّها المتكلّف ، فما بكاؤك ونوحك؟! اذهب عني ، فإني قد رضيت بقضاء ربّي وسلّمت لأمره. ثم قال لامرأته : يا هذه ، دعيني عنك من جزعك ، والزمي الصّبر ، قالت : يا سيّدي ، أصبر معك في الضّيق والبلاء والشدّة ، كما صبرت في الرّخاء والنعيم.
وكذلك كان السلف من آبائنا ، إذا ابتلوا صبروا. قال : فانصرف إبليس خائبا منكسرا ؛ قال : وتساقط جلد أيّوب وتناثر لحمه ، وجرى الدّود بين الجلد والعظم (١) ، وانقطع عنه ما كان فيه من نعيم الدّنيا ، فكانت امرأته تتصدّق (٢) الكسرة واللّقمة فتطعمه إيّاه ، وتطحن للناس بيدها وتأخذ بأجرها طعاما (٣) ؛ فلم تزل على ذلك لا يغيّرها عن حالها لأيّوب من طول البلاء.
فجعل إبليس يجمع المردة وأصحابه ، ويطوف المشارق والمغارب يطلب المكيدة لأيّوب ، لا يقدر على شيء يعلم أنه يصل إلى مكايدته إلّا أتاه ، حتى أعياه ذلك ؛ فأتاه من قبل النصيحة والطّب ، فجعل يختلف إليه في صورة رجل مسافر يعرض عليه أنواع المعاصي بسبب الطّب ، فلا يجيبه أيّوب إلى شيء ، فانطلق الخبيث إلى ثلاثة إخوة لأيّوب كانوا مصافين له ، يحبّونه في الله ، فقال لهم : هل تعلمون ما نزل بأخيكم أيّوب؟ قالوا : لا ، فقصّ عليهم قصة أيّوب ، فقال لهم : أرى لكم أن تنطلقوا إليه بطعام ، فإنّ امرأته تتصدّق ، واحملوا إليه
__________________
(١) وبقي على هذه الحال حتى أنتن جسده ، فأخرجه أهل القرية من القرية إلى كناسة خارج القرية لا يقربه أحد إلّا زوجته. انظر الطبري ١ / ١٩٥ والبداية والنهاية ١ / ٢٥٥.
(٢) تتصدق هنا بمعنى سأل راجع تاج العروس : صدق.
(٣) البداية والنهاية ١ / ٢٥٦ ثم إن الناس لم يكونوا يستخدمونها لعلمهم أنها امرأة أيوب خوفا أن ينالهم من بلائه أو تعديهم بمخالطته.
خمرا فإنّ شفاءه فيها ؛ فانطلقوا حتى إذا دنوا منه ولم تستطع دوابّهم أن تدنو منه ، لنتن ريحه وما قد تغيّر من لونه ، ولم يبق من أيّوب غير العينين ينظر بهما إلى السماء.
وعن ابن عباس :
إن إبليس حين أيس من أيّوب جمع المردة فقال : ويلكم! أين مكركم وكيدكم الذي كنتم تضلّون به بني آدم؟ قالوا : يا سيّدنا ، قد اضمحلّ ذلك كلّه ، إنما بقيت واحدة ، أن تأتيه من قبل امرأته ، فلعلّ هي أن تخدعه وهو يرقّ لها فتظفر بحاجتك منه. فانطلق إبليس فجلس لها على طريقها فقال لها : يا رحمة ، أين المال؟ أين البنيان؟ أين النعيم؟ أين السّعة؟ أين الخدم؟ أين الولد ، فبكى معها وبكت ، فقال لها : ما تستطيعين أن تكلّميه أن يشرب شربة من خمر ، فإنّ فيها شفاءه ، ثم يتوب؟ قال : وسوس إليها وجرى منها مجراه من ابن آدم ؛ فانطلقت محمارّة وجنتاها ، يرعد كلّ مفصل منها حتى جلست بين يدي أيّوب فقالت : يا أيّوب ، أين المال؟ أين السّعة؟ أين الولد؟ أين الخدم؟ ألا تنظر إلى ما صرنا إليه ، إنما هي شربة ثم تتوب ، فنظر إليها فقال : لعن الله من وسوس إليك! ومن علّمك هذا؟ لله عليّ إن عوفيت لأجلدنّك مائة جلدة عقوبة لك بما فعلت (١). فلمّا أن رأت ندمت وذهب عنها الخبيث ، فوقعت على أيّوب تلحسه وتقول : يا سيّدي ؛ هذا مكان العائذ من غضبك ، فلم تزل به حتى رضي عنها وعذرها.
وعن ابن عباس قال (٢) :
قالت امرأة أيّوب لأيّوب : إنك رجل مجاب الدعوة ، فادع الله أن يشفيك ، فقال : كنّا في النعماء سبعين سنة ، فدعينا نكون في البلاء سبعين سنة ، فمكث في ذلك البلاء سبع سنين (٣).
وعن ابن عباس :
أنّ أيّوب اشتهى إداما من سمن أو لحم أو جبن أو لبن ، فلم تصب امرأته حتى باعت
__________________
(١) راجع ترجمة أيوب المتقدمة ١٠ / ٦٧.
(٢) الخبر رواه المصنف في ترجمة أيوب النبي صلىاللهعليهوسلم المتقدمة من طريق أبي محمد بن أبي شريح بسنده إلى ابن عباس ١٠ / ٦٣ ـ ٦٤.
(٣) اختلفوا في مدة بلواه ، عن مجاهد أنه أول من أصابه الجدري ، ففي الطبري : سبع سنين وأشهرا ، وهو أيضا قول أنس ، وقال وهب : أنه ابتلي ثلاث سنين لا تزيد ولا تنقص ، وقال حميد : مكث في بلواه ثماني عشرة سنة راجع البداية والنهاية ١ / ٢٥٦.
قرنا من شعرها ، فعند ذلك نادى أيّوب ربّه ، وذلك أنّ امرأته أتته بشهوته ، فلمّا رأى ذلك قال لها : من أين لك هذا؟ فكشفت عن رأسها فقالت : بعت قرنا من شعري (١) ، فقال عند ذلك : إلهي ؛ ابتليتني بذهاب المال والولد ، ثم البلاء في جسدي ، ثم صيّرتني أن أعيش من شعر حليلتي ، فارض عني ، وإن كان هذا رضى لك فزدني وأنت أرحم الراحمين ، قد ترى ما نزل بي. فذلك قوله : (وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)(٢) يقول الله : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ)(٣).
قال ابن عباس :
جاءه جبريل عليهالسلام فقال : السّلام عليك يا أيّوب ، ربّ العزّة يقرئك السّلام ويقول : (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ)(٤) اليمين ، قال : فضرب بها الأرض ، فتناثر كلّ دود عليه من قرنه إلى قدميه ، ونبعت عين من تحت رجله اليمني ، ثم قال : اركض برجلك اليسرى ، قال : فضرب بها الأرض فتناثر ما كان بقي من الدّود ، ونبعت عين من تحت قدمه اليسرى ، فقال جبريل : قم فادخل هذه العين (هذا مُغْتَسَلٌ) فاغتسل فيه ، فاغتسل فيها فخرج منها صحيحا سليما نشيطا على حسنه وجماله وشبابه ؛ واشرب من الأخرى وهي اليمنى (بارِدٌ وَشَرابٌ) قال : فشرب منها ، فخرج كلّ شيء كان في بطنه ، وجرت النّضرة في بشره وشعره. قال : وكسي وردّ الله عليه أمواله وخدمه ومثلهم معهم ، وصارت منازله وجنانه وخدمه على ما كان ، وفسح الله له فيها مثلهم. يقول الله تعالى : (وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ*)(٥) قال : وجلس جبريل معه يحدّثه إذ جاءته امرأته فرأت منازلها ومجالسها وأنكرت المكان الذي تركت فيه أيّوب ـ وكانت تركته على زبل يتمرّغ في الرّماد ـ فصكّت وجهها ودعت بالويل وقالت : من رأى المبتلى؟ فقال أيّوب : أما تعرفينه لو رأيته؟ فقالت : أمّا في حال صحّته وشبابه كأنّه أشبه الناس بك ، قال جبريل : فهو هو ، قال أيّوب : قد منّ الله عليّ ، وردّ عليّ مالي ، وخدمي ، وأهلي ، ومثلهم معهم. قالت : فأين الولد؟ ـ وكان له ثلاثة عشر ولدا ـ فأوحى الله إليه عند مقالتها أين الولد ، قال : يا أيّوب إن شئت بعثتهم لك وإن شئت أقررتك في الجنّة ، وأعطيتك بدلهم في الدنيا مثلهم ، فقالا جميعا
__________________
(١) انظر البداية والنهاية ١ / ٢٥٦.
(٢) سورة الأنبياء ، الآية : ٨٣.
(٣) سورة الأنبياء ، الآية : ٨٤.
(٤) سورة ص ، الآية : ٤٢.
(٥) سورة ص ، من الآية : ٤٣.
أيّوب وامرأته : يا ربّ ، دعهم في الجنّة وأعطنا غيرهم (١) ، قال قد فعلت.
قال ابن عباس :
فمن زعم أنّ أولاده نشروا وبعثوا فقد كذب (٢). وقال جبريل : إنّ الله يأمرك أن تأخذ (بِيَدِكَ ضِغْثاً)(٣)(فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ)(٤) وذلك أنه أمره أن يأخذ ضغثا فيه مائة ساق من عيدان القتّ (٥) ، فيضرب به امرأته لليمين التي حلف عليها (٦). قال ابن عباس : ولا يجوز ذلك لأحد بعد أيّوب إلّا الأنبياء. قال : وبعث الله سبحانه (٧) فأمطر عليه في داره ـ بعد صلاة العصر حتى توارت بالحجاب ـ جراد الذّهب.
وفي حديث عكرمة قال :
أتى إبليس فقيل له : هذا أيّوب قد خلّينا بينك وبينه فأت فيه بما قدرت عليه من شيء إلّا اثنتين ، قال إبليس : وأيّ شيء هاتين الثنتين التي منعتنيها. قال : قال له الرسول : يقول لك ربّك : ليس لك أن تخرج نفسه ثم تعيدها ، وليس لك على امرأته سلطان. قال : وعلم الله بما يلقى أيّوب ممّا لم يعلم إبليس ، فجعل امرأته عونا له. قال إبليس : فنعم. قال : وكان أيّوب هو بنى المصلّى الذي كانوا يصلّون فيه ، وكان منزله فيه ، وكان ذا ماشية ورقيق ، وكان إمامهم ، قال : فأقبل على ماشيته فأفناها ، قال : فلا يرى من أيوب شيئا يحبه ، قال : ثم أقبل على رقيقه فأفناهم ، فلا يرى شيئا يحبه ، قال : ثم أقبل على ولده فأفناهم فلا يرى شيئا يحبّه ، قال : فأقبل على أيّوب في بدنه فابتلاه بلاء شديدا.
فلمّا اشتدّ بأيّوب البلاء ، وذهبت ماشيته ورقيقه وولده ، فلم يبق إلّا هو وامرأته ، قال لها : يا هذه ، انظري إلى ما آمرك به فاصنعيه ، قالت : وما هو؟ قال : احمليني فألقيني في
__________________
(١) انظر البداية والنهاية ١ / ٢٥٨ وقيل : أحياهم الله بأعيانهم وروى ابن عباس عن نبي الله صلىاللهعليهوسلم في قوله (وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) قال : يا بن عباس رد الله امرأته إليه ، وزاد في شأنها حتى ولدت له ستة وعشرين ذكرا. راجع ترجمة أيوب المتقدمة ١٠ / ٧٧.
(٢) انظر الحاشية السابقة.
(٣) الضغث كالعثكال وهي قبضة من قضبان مختلفة يجمعها أصل واحد مثل الأسل.
(٤) سورة ص ، الآية : ٤٤.
(٥) القت : الفصفصة ، وهي الرطبة من علف الدواب.
(٦) وكان قد أقسم لما جاءته بطلب من إبليس تحاول أن تسقيه شربة من خمر فيها شفاؤه ، قال لها : لله عليّ إن عافاني لأجلدنك مائة جلدة. راجع ترجمة أيوب المتقدمة ١٠ / ٦٧.
(٧) كذا.
القرية ، قالت : يا أيّوب ، ألا تتقي الله ، قد نزل بك ما ترى وأنا امرأة ضعيفة تأمرني أن أخرج من منزلنا الذي هو منزلنا؟! قال : نعم ، أطيعيني فإني أخاف أن أكون قد شققت على أهل هذا المصلّى ؛ فاحتملته فألقته في القرية. قال : فاشتدّ ريحه ، فدعاها فقال : يا هذه ، لا أحسبني إلّا قد شققت على أهل هذه القرية ، يمرّون فيجدون ريحي فتؤذيهم ، قالت : يا أيّوب ، اتق الله ، أنا امرأة ضعيفة ، ليس معي غيري ، قالت : فأين أذهب بك؟ نرى أن نكون مع الناس ؛ قال : نعم ، انظري إلى هذه الكساحة (١) الخارجة من القرية ، فاحمليني فألقيني عليها ولا تؤذي أهل القرية ، فلا أحسبني إلّا قد شققت عليهم فأطيعيني ، فاحتملته فألقته على الكساحة. قال : وألحّ عليه إبليس لا يرى منه شيئا يحب ، لا يراه إلّا صابرا. قال : فلا أدري ما قال لامرأته يوما ، فجاء منها شيء (٢) ، فآلى ليجلدنّها مائة جلدة إن برئ.
قال : واشتدّ به البلاء ، فقالت له امرأته : والله إنّي لأعلم أنّ الله لم يفعل بك هذا من هوانك عليه ، هو ربّك ، ولكنه أراد أن يبتليك كما ابتلى أباك إبراهيم ، لينظر أتصبر وتشكر؟ قال : فتريدين ما ذا؟ قالت : ادع الله ، فو الله ليكشفنّ عنك ذا البلاء ، قال : فكم مضى من عمري؟ قالت : كذا وكذا ، قال : فقد كنت في تلك النعمة والرفاهية والخير ، فما ابتلاني بعد ذلك ، قال : فجزعت وقالت : يا أيّوب! فإنك تريد أن تصبر على قدر ذلك (٣)!.
فأصبحت يوما وقد اشتدّ بأيّوب البلاء حتى ما يقدر على المنطق ، وذهل عنه أهل المصلّى فقالوا : هذا المبتلى سبع سنين على الكساحة وسبعة أشهر وسبعة أيام (٤) ، وقد أغفلناه لا نتعاهده ، انطلقوا بنا نتعاهده ونسلّم عليه ونسأله أله حاجة؟ فأقبلوا بجماعتهم ، وغدت امرأته حتى تقضي ما تطلب له ، وبقي وحده ، وانتهوا إليه فلم يستطيعوا يدنون منه ساعة ولا يسمعونه (٥) ، قالوا : فكيف نصنع ، نرجع؟ فقال بعضهم : أغفلناه هذه السنوات ، فلمّا جئناه ورأيناه ورآنا ننصرف ولا نكلّمه؟! فقال بعضهم : نضع ثيابنا على أنفنا وندنو منه فنكلّمه ، ثم ننصرف عنه ، ونعرض عليه الحاجة ؛ قال : فأخذوا على أنفهم ودنوا منه حيث
__________________
(١) الكساحة : الكناسة.
(٢) في الكامل لابن الأثير أن إبليس قال لزوجته اتبعيني واسجدي لي أرده إليكم وأشفيه. وانظر ترجمة أيوب المتقدمة ١٠ / ٦٧ ـ ٦٨.
(٣) انظر ترجمة أيوب المتقدمة ١٠ / ٦٤ باختلاف الرواية.
(٤) كذا وقيل في مدة بلائه أقوال أخرى ، انظر ما لاحظناه قريبا.
(٥) كان قد أنتن وقذر جسده ، الطبري ١ / ١٩٥.
يسمعونه الكلام ، فلما رأوه عاينوا عظيما لم يروه قبل ذلك في أحد ، حتى رأوا الدوابّ تخترق فيه ، فقال رجل : يا أيّوب ، لو علم الله فيك خيرا لم يبتلك بما نرى ، وانصرفوا عنه راجعين. قال : فعرض لربّه بالدعاء فقال : (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)(١) قال : ونزل عليه جبريل ، فخرق له الأرض بجناحيه ، فنبعت له عينان ، فقال : يا أيّوب ، اشرب من هذه واغتسل في هذه ؛ قال : فشرب واغتسل ، فإذا أيّوب أحسن ما كان صورة وأتمّه ، ونهض عنه جبريل. قال : ففكّر أيّوب في بلاء امرأته عنده وحسن صنيعها إليه وصبرها عليه ، قال : لا أبرح حتى تجيء ؛ قال : فقعد في فيء شيء ، وأقبلت امرأته من حاجتها ولم تره ، فانطلقت والهة إلى القرية تسعى ثم عادت والهة ، لا تعقل ، ومرّت بأيّوب فقالت : يا عبد الله ، هل رأيت ذاك المبتلى الملقى على الكساحة؟ قال : يقول لها أيّوب : وما ذا تخشين عليه؟ قالت : صدقت ، ولكن أخشى أن يكون كلب أو سبع اجترّه ، قال : فما تمالك أيّوب أن بكى وقال : هل تعرفينه لو رأيته؟ فنظرت إليه فقالت : والله إنك لأشبه خلق الله به إذ كان صحيحا ، قال : فأنا أيّوب ، قالت : أنت أيّوب! قال : أنا أيّوب ، ألم أخبرك أنّ الله أراد أن يتمّ نعمته عليّ ، قال : فرجع إلى محرابه.
وحكى وهب بن منبّه قال (٢) :
قال إبليس لامرأة أيّوب : بم أصابكم ما أصابكم؟ قالت : بقدر الله ، قال : وهذا أيضا! فاتبعيني ، [فاتبعته](٣) فأراها جميع ما ذهب منهم في واد ، فقال : اسجدي لي وأردّ عليكم ، فقالت : إنّ لي زوجا أستأمره ، فأخبرت أيّوب فقال : أما آن لك أن تعلمي ، ذاك الشيطان ، لئن برئت (٤) لأضربنّك مائة جلدة (٥).
وعن ابن المسيّب :
أنه بلغه أنّ أيّوب على نبيّنا وعليه الصّلاة والسّلام كان حلف ليجلدنّ امرأة له في أن
__________________
(١) سورة الأنبياء ، الآية : ٨٣.
(٢) الخبر رواه المصنف في ترجمة أيوب المتقدمة ١٠ / ٦٧ ـ ٦٨ والكامل لابن الأثير ١ / ١٠٤ ـ ١٠٥.
(٣) زيادة للإيضاح عن المصدرين السابقين.
(٤) في الكامل لابن الأثير : شفيت.
(٥) إلى هنا الرواية في ترجمة أيوب المتقدمة ، وزيد عند ابن الأثير : وأبعدها ، وقال لها : طعامك وشرابك عليّ حرام لا أذوق مما تأتيني به شيئا ، فابعدي عني لا أراك. فذهبت عنه.
جاءته بزيادة على ما كانت تأتي به من الخبز الذي كانت تعمل عليه ، فخشي أن تكون قد قارفت شيئا من الخيانة. فلما رحمهالله وكشف عنه الضّرّ ، وعلم براءة امرأته ممّا اتهمها به ، قال الله : (خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ)(١) فأخذ ضغثا من ثمام (٢) ، وهو مائة ، فضرب به كما أمره.
٩٣٣٨ ـ رملة بنت الزّبير بن العوّام بن خويلد
ابن أسد بن عبد العزّى بن قصيّ ، القرشيّة الأسديّة (٣)
تزوّجها خالد بن يزيد بن معاوية ، ونقلها إلى دمشق ، وله فيها أشعار. وكانت جزلة عاقلة.
وعن جويرية بن أسماء قال (٤) :
نشزت سكينة على زوجها عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام (٥) ، وأمّه رملة بنت الزّبير بن العوّام ، فدخلت رملة بنت الزّبير وهي عند خالد بن يزيد بن معاوية على عبد الملك فقالت : يا أمير المؤمنين ، لو لا أن تذر أمورنا (٦) ما كانت لنا رغبة فيمن لا يرغب فينا ، سكينة نشزت على ابني ، فقال : يا رملة ، إنها سكينة ، قالت : وإن كانت سكينة ، فو الله لقد ولدنا خيرهم [ونكحنا خيرهم](٧) وأنكحنا خيرهم (٨) ، فقال : يا رملة غرّني منك عروة ، قالت : ما غرّك ، ولكن نصح لك ، إنك قتلت مصعبا أخي ، فلم يأمنّي عليك.
وعن عمر بن عبد العزيز قال (٩) :
حجّ خالد بن يزيد بن معاوية (١٠) سنة قتل الحجاج عبد الله بن الزّبير ، فخطب رملة
__________________
(١) سورة ص ، الآية : ٤٤.
(٢) الثمام : نبت معروف ضعيف له خوص أو شبيه بالخوص ، وربما حشي به وسدّ به خصاص البيوت ، وهو أنواع ، تتخذ منه المكانس (تاج العروس : ثمم).
(٣) أخبارها في نسب قريش للمصعب ص ٢٣٦ والأغاني ١٧ / ٣٤١.
(٤) الخبر رواه أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني ١٧ / ٣٤٦.
(٥) انظر الأغاني ١٦ / ١٤٩ و ١٥٢ و ١٥٣.
(٦) كذا في المختصر ، وفي الأغاني : لو لا أن يبتز أمرنا.
(٧) زيادة عن الأغاني.
(٨) تعني بمن ولدوا فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ومن نكحوا صفية بنت عبد المطلب ، ومن أنكحوا النبي صلىاللهعليهوسلم.
(٩) الخبر رواه أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني ١٧ / ٣٤٣ ـ ٣٤٤.
(١٠) كذا في المختصر ، والذي في الأغاني : لما قتل ابن الزبير.
بنت الزّبير ، فبلغ ذلك الحجاج ، فأرسل إليه حاجبه (١) وقال له : قل لخالد : ما كنت أراك تخطب إلى آل الزّبير حتى تشاورني ، ولا كنت أراك تخطب إليهم وليسوا لك بأكفاء ، وقد قارعوا أباك على الخلافة ورموه بكلّ قبيح. فأبلغه الرسالة ، فنظر إليه خالد طويلا ثم قال : لو كانت الرسل تعاقب لقطّعتك آرابا (٢) ثم طرحتك على باب صاحبك! قل له : ما كنت أظنّ أن الأمور بلغت بك أن أشاورك في مناكحة قريش (٣).
وأمّا قولك : أن ليسوا بأكفاء ، فقاتلك الله يا حجّاج ، يكون العوّام كفؤا لعبد المطلب بزوجه صفيّة (٤) ، ويتزوّج رسول الله صلىاللهعليهوسلم خديجة بنت خويلد ، ولا تراهم أكفاء لآل أبي سفيان؟.
وأمّا قولك : قارعوا أباك على الخلافة ورموه بكلّ قبيح ، فهي قريش يقارع بعضها بعضا ، حتى إذا أقرّ الله الحقّ مقرّه ، عادت إلى أحلامها وفضلها. فرجع إليه ، فأعلمه ذلك.
وتزوّج خالد رملة بنت الزّبير أخت مصعب لأمّه. أمّها الرّباب (٥) الكلبيّة.
وفي رملة يقول خالد (٦) :
تخيّرتها من سرّ نبع كريمة |
|
موسّطة فيهم زبيريّة قلبا |
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنّى :
حجّ عبد الملك بن مروان ، وحجّ معه خالد بن يزيد ، وكان من رجالات قريش المعدودين وعلمائهم ، وكان عظيم القدر عند عبد الملك ، فبينا هو يطوف بالبيت إذ بصر برملة بنت الزّبير بن العوّام فعشقها عشقا حديدا ، ووقعت بقلبه وقوعا متمكّنا ، فلمّا أراد عبد الملك القفول همّ خالد بالتخلّف عنه ، فوقع بقلب عبد الملك تهمة ، فسأله عن أمره؟ فقال :
__________________
(١) هو عبيد الله بن موهب كما في الأغاني.
(٢) في الأغاني : «إربا إربا».
(٣) الأغاني : أن أشاورك في خطبة النساء.
(٤) عنى صفية بنت عبد المطلب زوجة الزبير بن العوام ، وهي عمة رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(٥) كذا ، وفي الأغاني : أم الرباب بنت أنيف بن عبيد بن مصاد بن كعب بن عليم بن عتاب ١٧ / ٣٤٢ وفي نسب قريش ص ٢٣٦ «الرباب» والباقي مثل الأغاني ، إلّا أن فيه جناب بدلا من عتاب. وفي أنساب الأشراف : أخت مصعب لأبيه وأمه ، وأمهما الرباب.
(٦) البيت في معجم الأدباء ١١ / ٤١ والأغاني ١٧ / ٣٤٤ وروايته في الأغاني :
أقلوا عليّ اللوم فيها فإنني |
|
تخيرتها منهم زبيرية قلبا |
يا أمير المؤمنين ، رملة بنت الزّبير رأيتها تطوف بالبيت فأذهلت عقلي ، والله ما أبديت إليك ما بي حتى عيل صبري ، ولقد عرضت النوم على عيني فلم تقبله ، والسّلوّ على قلبي فامتنع ؛ فأطال عبد الملك التعجّب من ذلك وقال : ما كنت أقول إنّ الهوى يستأسر مثلك! فقال : إنّي أشد تعجّبا من تعجّبك مني ، ولقد كنت أقول : إنّ الهوى لا يتمكّن إلّا من صنفين من الناس : الشعراء والأعراب ؛ فأمّا الشعراء فإنهم ألزموا قلوبهم الفكر في النساء والغزل ، فمال طبعهم إلى النساء فضعفت قلوبهم عن دفع الهوى ، فاستسلموا إليه منقادين. وأما الأعراب فإنّ أحدهم يخلو بامرأته ، فلا يكون الغالب عليه غير حبّه لها ، ولا يشغله شيء عنها ، فضعفوا عن دفع الهوى فتمكّن منهم. وجملة أمري ، فما رأيت نظرة حالت بيني وبين الحرم ، وحسّنت عندي ركوب الإثم مثل نظري في هذه ؛ فتبسّم عبد الملك وقال : أو كلّ هذا قد بلغ بك؟ فقال : والله ما عرفتني هذه البلية قبل وقتي هذا. فوجّه عبد الملك إلى [آل] الزّبير يخطب رملة على خالد ، فذكروا لها ذلك فقالت : لا والله أو يطلّق نساءه ، فطلّق امرأتين كانتا عنده ، إحداهما من قريش ، والأخرى من الأزد ، وكانتا كريمتين عنده. وظعن بها إلى الشام وفيها يقول (١) :
أليس يزيد السّوق (٢) في كلّ ليلة |
|
وفي كلّ يوم من حبيبتنا (٣) قربا |
خليليّ (٤) ما من ساعة تذكرانها |
|
من الدّهر إلّا فرّجت عنّي الكربا |
أحبّ بني العوّام طرّا لحبّها |
|
ومن أجلها (٥) أحببت أخوالها كلبا |
تجول خلاخيل النساء ولا أرى |
|
لرملة خلخالا يجول ولا قلبا |
قال فيها :
نظرت إليها فاستحلّت بها دمي |
|
وكان دمي غال فأرخصه الحبّ |
وغاليت في حبّي لها فرأت دمي |
|
حلالا فمن ها ذاك داخلها العجب |
وقيل : إنّ خالدا تزوّج رملة وهو بالشام وهي بالمدينة ، وكتب إليها فوافته بمكّة ، فأرادها أن يدخل بها قبل أن تحلّ فأبت عليه ، فألحّ عليها ، فرحلت في جوف الليل متوجهة
__________________
(١) الأبيات في الأغاني ١٧ / ٣٤٤ ومعجم الأدباء ١١ / ٤١.
(٢) في المصدرين : السير.
(٣) في المصدرين : أحبتنا.
(٤) ليس البيت في المصدرين.
(٥) في المصدرين ؛ ومن حبها.
إلى المدينة ، فبلغ ذلك خالدا فطلبها ومعه عبيد الرّاعي النّميري ، فأدركها في المنصف (١) بعد يوم وليلة ، فحلف لها أن لا يقربها حتى تحلّ ، وقال في ذلك (٢) :
أحنّ إلى بيت الزّبير وقد علت |
|
بي (٣) العيس خرقا من تهامة أو نقبا (٤) |
إذا نزلت ماء (٥) تحبّب أهله |
|
إلينا وإن كانت مسابقة (٦) حربا |
وإن نزلت ماء وكان قليبها (٧) |
|
مليحا (٨) وجدنا شربه باردا عذبا |
فإن تسلمي أسلم وإن تتنصّري |
|
تخطّ رجال بين أعينهم صلبا |
قيل : إنّ عبد الملك ذكر له هذا البيت ، فقال خالد : على قائله لعنة الله يا أمير المؤمنين. يعني :
إن تسلمي أسلم وإن تتنصّري (٩)](١٠)
٩٣٣٩ ـ رملة (١١) بنت أبي سفيان صخر
ابن حرب بن أمية بن عبد شمس أم حبيبة (١٢)
أم المؤمنين زوج النبي صلىاللهعليهوسلم.
__________________
(١) المنصف يعني من الطريق نصفه.
(٢) الأبيات في الأغاني ١٧ / ٣٤٤ ومعجم الأدباء ١١ / ٤١.
(٣) في المصدرين : بنا.
(٤) الخرق : الفلاة الواسعة ، والنقب : الطريق في الجبل.
(٥) في المصدرين : أرضا.
(٦) في المصدرين : منازلها.
(٧) في المصدرين : وإن نزلت ماء وإن كان قبلها.
(٨) المليح : الملح ضد العذب.
(٩) نفى خالد بن يزيد أن يكون قائله ، لما سأله عبد الملك : تنصرت يا خالد؟ وقد أنشده البيت.
(١٠) إلى هنا انتهى ما استدركناه عن مختصر ابن منظور ، نعود بعدها إلى ترجمة رملة بنت أبي سفيان ، بالأصل المعتمد النسخة السليمانية (س) ، والنسخة الأزهرية المرموز لها بحرف «ز» حيث تبدأ تراجم النساء فيها من بداية ترجمة رملة بنت أبي سفيان.
(١١) كتب قبلها في «ز» : بسم الله الرحمن الرحيم ، صلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما.
(١٢) ترجمتها في نسب قريش للمصعب ص ١٢٣ وجمهرة ابن حزم ص ١١١ والإصابة ٤ / ٣٠٥ وأسد الغابة ٦ / ١١٥ وتهذيب الكمال ٢١ / ٣٣٢ وتهذيب التهذيب ٦ / ٥٩٤ وسير أعلام النبلاء (٣ / ٥٣٧ ت ١٥١) ط دار الفكر وطبقات ابن سعد ٨ / ٩٦ والجرح والتعديل ٩ / ٤٦١ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٤١ ـ ٦٠) ص ١٣٢ وانظر بهامشه أسماء مصادر كثيرة ترجمت لها.
روت عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وعن أم المؤمنين زينب بنت جحش.
روى عنها : أخواها : معاوية وعنبسة ابنا أبي سفيان ، وابن أخيها عبد الله [بن عتبة](١) ابن أبي سفيان ، وعروة بن الزبير ، وأبو المليح عامر بن أسامة (٢) الهذلي ، وأبو صالح ذكوان السمان ، وأبو الجراح القرشي مولاها ، وشتير بن شكل العبسي ، وسالم بن شوال المكي مولاها ، وأبو سفيان بن سعيد بن الأخنس بن شريف الثقفي ، وصفية بنت شيبة ، وزينب بنت أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومية ، ومحمّد (٣) بن أبي سفيان الثقفي الدمشقي.
وقدمت دمشق زائرة لأخيها معاوية ، وقيل إن قبرها بها ، والصحيح أنها ماتت بالمدينة.
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي (٤) ، وأبو المظفر بن القشيري ، قالا : أنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن ، أنا [أبو](٥) عمرو بن حمدان.
وأخبرتنا أم المجتبى العلوية ، قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنا أبو بكر بن المقرئ.
قالا : أنا أبو يعلى ، نا أبو خيثمة ـ زاد ابن حمدان : زهير بن حرب ـ نا سفيان بن عيينة ، نا عمرو ، عن سالم بن شوال ، عن أم حبيبة قالت : كنا نفعله على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، يعني نصلي الصبح بمنى يوم النحر.
أخرجه مسلم (٦) ، عن أبي بكر بن أبي شيبة (٧) ، وعمرو الناقد عن ابن عيينة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو عبد الله الحسين بن علي بن أحمد المقرئ (٨) ، قالا : أنا أبو محمّد الصريفيني ، زاد ابن السمرقندي ، وأبو نصر الزينبي ، قالا : أنا أبو بكر محمّد بن عمر بن علي بن خلف بن زنبور ، أنا أبو بكر عبد الله بن سليمان بن
__________________
(١) سقطت من الأصل ، واستدركت اللفظتان عن «ز».
(٢) في «ز» : أمامة.
(٣) مكانها بياض في «ز».
(٤) تحرفت في «ز» إلى : العيادي.
(٥) سقطت من الأصل ، وأضيفت عن «ز».
(٦) صحيح مسلم ، كتاب الحج ، باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء رقم ١٢٩٢ (٢ / ٩٤٠).
(٧) «أبي شيبة و» مكانها بياض في «ز».
(٨) في «ز» : المغربي.
الأشعث ، نا عيسى بن حماد زغبة ، أنا الليث بن سعد ، عن هشام ، عن عروة ، عن زينب بنت أبي سلمة ، عن أم حبيبة أنها قالت :
دخل علي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقلت له : هل لك في أختي ابنة أبي سفيان؟ قال : «فأفعل ما ذا» فقالت : تنكحها ، قال : «أختك» (١) قالت : نعم [قال : «أتحبين ذلك؟» قالت : نعم](٢) لست لك بمخلية وأحب من شركني في خير أختي. قال : «فإنها لا تحلّ لي» ، قالت : فو الله لقد أنبئت أنك تخطب درة (٣) ابنة أبي سلمة ، قال : «ابنة أبي سلمة؟» قالت : نعم ، قال : «فو الله لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلّت لي ، إنّها لابنة أخي (٤) من الرضاعة ، أرضعتني وأباها ثويبة فلا تعرضن عليّ بناتكن ولا أخواتكن» [١٣٧٢٧].
أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا أبي علي ، قالا : أنا أبو سعد محمّد بن الحسين بن أحمد بن أبي علّانة (٥) الفقيه ، أنا أبو طاهر المخلص ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، نا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن عروة ، عن زينب بنت أبي سلمة ، عن حبيبة بنت أم حبيبة ، عن أمها يعني أم حبيبة ، عن زينب بنت جحش قالت : استيقظ رسول الله صلىاللهعليهوسلم محمرا وجهه وهو يقول : «لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شرّ قد اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وحلّق (٦)» قال : قلت : يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال : «نعم ، إذا كثر الخبث» [١٣٧٢٨].
أخرجه مسلم (٧) ، هكذا عن جماعة ، عن سفيان ، ورواه جماعة عن الزهري ، ولم يذكروا حبيبة في إسناده.
أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو الميمون ، نا أبو زرعة (٨) ، حدّثني محمّد بن عثمان ، نا محمّد بن شعيب ، أخبرني سعيد ابن عبد العزيز أن اسم أم حبيبة رملة.
__________________
(١) بالأصل : «أجبتك» والمثبت عن «ز».
(٢) الزيادة بين معكوفتين عن «ز» ، سقطت الجملة من الأصل.
(٣) بالأصل : ذرة ، والمثبت عن «ز».
(٤) بالأصل : «أختي» والتصويب عن «ز».
(٥) بالأصل : علاقة ، والمثبت عن «ز».
(٦) بالأصل : وخلق ، والمثبت عن «ز».
(٧) صحيح مسلم ، (٥٢) كتاب الفتن ، ٤ / ٢٢٠٧.
(٨) رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه ١ / ٣٨٨.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز ، أنا ابن أبي نصر ، أنا أبو الميمون ، نا أبو زرعة ، حدّثني محمّد بن عثمان ، نا محمّد بن شعيب ، عن سعيد بن عبد العزيز قال : اسم أم حبيبة رملة.
أخبرنا أبو يعلى حمزة بن الحسن الأزدي ، أنا أبو الفرج سهل بن بشر ، وأبو نصر أحمد بن محمّد الصوفيان ، قالا : أنا القاضي أبو الفضل محمّد بن أحمد بن عيسى السعدي ، أنا أبو العباس منير بن أحمد بن الحسن ، أنا أبو (١) محمّد جعفر بن أحمد بن إبراهيم الحذاء ، أنا أبو جعفر أحمد بن الهيثم البلدي قال : قال أبو نعيم الفضل بن دكين في تسمية النساء الصحابيات : أم حبيبة بنت أبي سفيان ، واسمها رملة.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، وأبو المطهّر عبد المنعم بن أحمد بن يعقوب ، قالا : أنا أبو طاهر بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، قال : سمعت أبا عبد الرّحمن مكحولا البيروتي قال : سمعت عمر بن خرّزاد (٢) يقول : سمعت مصعبا الزبيري يقول : اسم أم حبيبة زوج النبي صلىاللهعليهوسلم رملة.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، وأبو العز ثابت بن منصور ، قالا : أنا أحمد بن الحسن ابن أحمد ـ زاد أبو البركات : وأحمد بن الحسن بن خيرون ، قالا : ـ أنا محمّد بن الحسن ، أنا محمّد بن أحمد بن إسحاق ، نا عمر بن أحمد ، نا خليفة قال (٣) :
أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف. أمها صفية بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، زوج النبي صلىاللهعليهوسلم.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الفضل بن البقال.
وأخبرني أبو المظفر بن القشيري ، أنا أبو بكر البيهقي.
ح قالا : أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا عثمان بن أحمد ، نا حنبل بن إسحاق ، حدّثني
__________________
(١) بالأصل : «أبي» والمثبت عن «ز» ، وفي المطبوعة : أنا محمد بن جعفر بن محمد بن جعفر بن أحمد بن إبراهيم الحذاء.
(٢) تحرفت بالأصل إلى : «حزراد» وهو عثمان بن عبد الله بن محمد بن خرزاد أبو عمر الطبري البصري ، ترجمته في سير الأعلام ١٣ / ٣٧٨.
(٣) طبقات خليفة بن خيّاط ص ٦٢٢ رقم ٣٢٤٣.
أبو عبد الله قال : ومن بني عبد شمس بن أمية : أم حبيبة بنت أبي سفيان ، واسمها رملة زوج النبي صلىاللهعليهوسلم ، واسم أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية.
أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الفضل بن خيرون.
ح وأخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا ثابت بن بندار (١).
قالا : أنا أبو القاسم الأزهري ، أنا أبو الحسين بن البواب ، أنا أبو الحسين الجوهري ، أنا أبو الفضل صالح بن أحمد بن محمّد بن حنبل ، قال : قال أبي : أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي صلىاللهعليهوسلم اسمها رملة.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك ، أنا أبو الحسين بن السقا ، وأبو محمّد بن بالويه ، قالا : نا محمّد بن يعقوب ، نا عباس قال : سمعت يحيى يقول : أم حبيبة ابنة أبي سفيان ، اسمها رملة.
أخبرنا أبو البركات بن المبارك ، أنا أحمد بن الحسن بن خيرون ، أنا أبو القاسم بن بشران ، أنا أبو علي بن الصّوّاف (٢) ، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، قال : سمعت عمي أبا بكر يقول : اسم أم حبيبة بنت أبي سفيان (٣) زوج النبي صلىاللهعليهوسلم رملة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الفضل بن البقال ، أنا أبو الحسن بن الحمامي ، أنا أبو بكر بن أحمد ، أنا إبراهيم بن أبي أمية ، قال : سمعت نوح بن حبيب يقول : واسم أم حبيبة بنت أبي سفيان رملة ، سمعته من ابن عائشة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الفتح نصر بن أحمد بن نصر ، أنا محمّد بن أحمد بن عبد الله.
وأخبرنا أبو البركات بن المبارك ، أنا ابن الطيوري ، وابن سوّار ، قالا : أنا الطناجيري ، أنا محمّد بن زيد بن علي ، أنا محمّد بن محمّد بن عقبة (٤) ، نا هارون بن حاتم قال : اسم أم حبيبة زوج النبي صلىاللهعليهوسلم رملة.
__________________
(١) تحرفت بالأصل إلى : بشران ، والتصويب عن «ز».
(٢) تحرفت بالأصل إلى : الصواب ، والمثبت عن «ز».
(٣) تحرفت بالأصل إلى : شقيق ، والمثبت عن «ز».
(٤) تحرفت بالأصل إلى : عتبة ، والتصويب عن «ز».
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (١) قال :
فولد أبو سفيان بن حرب : حنظلة ، قتل يوم بدر كافرا ، ولا عقب له ، وأم حبيبة زوجها عبيد الله بن جحش بن رئاب الأسدي حليف بني عبد شمس ، فولدت له حبيبة ، ثم توفي عبيد الله مرتدا بأرض الحبشة ، فتزوج رسول الله صلىاللهعليهوسلم أم حبيبة وهي بأرض الحبشة ، زوّجها إياه النجاشي ، وأميمة وهي أم حبيب بنت أبي سفيان تزوجها حويطب بن العزى وأمّهم جميعا صفيا (٢) بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله ، نا يعقوب ، قال (٣) : وأم (٤) حبيبة رملة.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو محمّد الكتاني ، أنا أبو القاسم تمام بن محمّد ، أنا أبو عبد الله الكندي ، نا أبو زرعة قال : فيمن حدّث بالشام من النساء أم حبيبة زوج النبي صلىاللهعليهوسلم اسمها رملة بنت أبي سفيان.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة ، قال :
أم حبيبة اسمها رملة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية القرشي ، وكانت تحت عبيد الله ابن جحش ، فتنصر وهلك بأرض الحبشة ، فتزوجها رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعده ، وكان النجاشي زوّجها إياه سنة ست وأمهرها من عنده ، وكان وليها عثمان بن عفان ، وتوفيت في خلافة معاوية بن أبي سفيان سنة اثنتين وأربعين وقيل سنة أربع وأربعين ، روى عنها معاوية ، وعنبسة ابنا أبي سفيان ، وأنس بن مالك ، ومعاوية بن حديج ، وعبد الله بن عتبة بن أبي سفيان.
أخبرنا أبو البركات بن المبارك ، أنا أبو الفضل محمّد بن طاهر ، أنا مسعود بن ناصر ، أنا عبد الملك بن الحسن ، أنا أبو نصر البخاري قال :
__________________
(١) انظر طبقات ابن سعد ٨ / ٩٦.
(٢) كذا بالأصل و «ز» ، وضبطت فيها بضمة فوق الصاد.
(٣) راجع المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان الفسوي ٣ / ١٦٧.
(٤) في المعرفة والتاريخ : واسم أم حبيبة.
رملة بنت أبي سفيان ، واسمه صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي أم حبيبة أخت معاوية بن أبي سفيان القرشية المدنية زوج النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأمها آمنة بنت عبد العزى (١) بن حرثان (٢) بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب ، وكانت قبل أن يتزوجها رسول الله صلىاللهعليهوسلم تحت عبيد الله بن جحش الأسدي أسد خزيمة ، وكان خرج بها من مكة مهاجرا إلى أرض الحبشة ، وافتتن بها عبيد الله وتنصر بها ، ومات على النصرانية ، وأبت أم حبيبة أن تتنصّر ، فأتمّ الله لها الإسلام والهجرة ، حتى قدمت المدينة ، فخطبها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فزوّجها إياه عثمان بن عفان ، ويقال : تزوجها النبي صلىاللهعليهوسلم وهي بأرض الحبشة ، زوّجها إياه النجاشي ، ومهرها أربعة آلاف درهم وجهزها من عنده ، وبعث بها إلى النبي صلىاللهعليهوسلم مع شرحبيل بن حسنة ، وما بعث النبي صلىاللهعليهوسلم إليها بشيء.
وقال أبو عبيدة : وخليفة بن خياط : تزوجها رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سنة ست.
وقال خليفة : ودخل بها في سنة سبع من الهجرة ، وسمعت أم حبيبة النبي صلىاللهعليهوسلم وحدّثت عن زينب بنت جحش عنه عليهالسلام ، أيضا روت عنها زينب بنت أبي سلمة بن عبد الأسد في الجنائز ، والنكاح ، والطّلاق ، وبدأ الخلق ، وصفة النبي صلىاللهعليهوسلم ، والفتن.
قال ابن أبي خيثمة : توفيت قبل موت معاوية بسنة (٣) ، وتوفي معاوية في رجب سنة ستين.
قال أبو نصر : فكأنها ماتت في سنة تسع وخمسين من الهجرة ، على ما ذكره ابن أبي خيثمة.
وقال محمّد بن سعد : وفيها يعني سنة أربع وأربعين توفيت أم حبيبة زوج النبي صلىاللهعليهوسلم.
أنبأنا أبو سعد المطرز ، وأبو علي الحداد ، قالا : قال أبو نعيم الحافظ :
أم حبيبة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس زوج النبي صلىاللهعليهوسلم اسمها رملة ، كانت فيمن هاجر إلى الحبشة مع زوجها عبيد الله (٤) بن جحش ، فمات عبيد الله بها
__________________
(١) في «ز» : عبد العزيز.
(٢) في الأصل : «حربان» ولم تعجم في «ز». والمثبت عن جمهرة ابن حزم ص ١٥٧.
(٣) سير أعلام النبلاء (٣ / ١٥٢) ط دار الفكر وقال الذهبي في تاريخ الإسلام : ووهم من قال : توفيت قبل معاوية بسنة.
(٤) تحرفت في «ز» إلى : عبد الله.
متنصرا ، وتزوج رسول الله صلىاللهعليهوسلم أم حبيبة وعقد له عليها النجاشي ، وأمهر عنه أربع مائة دينار ، وقيل إن عثمان بن عفان أنكح رسول الله صلىاللهعليهوسلم أم حبيبة ، وذلك أن أمّها صفية بنت أبي العاص أخت عفان (١) بن أبي العاص عمة عثمان بن عفان ، وقيل ولي عقد نكاحها خالد بن سعيد أبي أحيحة وبعث بها النجاشي مع شرحبيل بن حسنة ، توفيت في ولاية معاوية بن أبي سفيان سنة ثنتين ، وقيل سنة أربع وأربعين ، أسندت عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، روى عنها أخوها معاوية ، وأنس بن مالك ، وزينب بنت أبي سلمة ، وعبد الله بن عتبة بن أبي سفيان ، وعنبسة بن أبي سفيان.
أخبرنا أبو الحسين (٢) بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير ، حدّثني إبراهيم بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن أبي بكر الصدّيق قال :
أمّ أمّ حبيبة بنت أبي سفيان ، صفيا بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، وأمها آمنة بنت عبد العزى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب.
أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أحمد بن عبيد بن بيري (٣) ، أنا محمّد بن الحسين ، نا ابن أبي خيثمة ، أنا مصعب ، قال : أم حبيبة بنت أبي سفيان أمها آمنة بنت عبد العزى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسين (٤) محمّد بن الحسين ، أنا محمّد بن عبد الله بن عتاب ، أنا القاسم بن عبد الله ، نا إسماعيل بن أبي أويس ، نا إسماعيل بن إبراهيم ، عن عمّه موسى بن عقبة قال في تسمية من يذكر أنه خرج إلى أرض الحبشة أم حبيبة بنت أبي سفيان ، وابنتها حبيبة ابنة عبيد الله بن جحش الأسدي ، توفي هنالك نصرانيا.
قرأت (٥) على أبي غالب بن البنا ، عن أبي محمّد الجوهري.
ونا عمي رحمهالله ، أنا ابن يوسف ، أنا أبو محمّد.
__________________
(١) في «ز» : عبدان.
(٢) تحرفت بالأصل و «ز» إلى : الحسن.
(٣) تحرفت بالأصل إلى : «بسري» والتصويب عن «ز».
(٤) بالأصل : «الحسن ، والمثبت عن «ز».
(٥) بالأصل : أخبرنا ، والمثبت عن «ز».
أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (١) ، أنا محمّد بن عمر ، نا عبد الله بن جعفر ، عن عثمان بن محمّد الأخنسي أن أم حبيبة بنت أبي سفيان ولدت حبيبة ابنتها من عبيد الله بن جحش بمكة قبل أن تهاجر (٢) إلى أرض الحبشة ، قال عبد الله بن جعفر ، وسمعت إسماعيل بن محمّد بن سعد يقول : ولدتها بأرض الحبشة.
قال محمّد بن عمر : فأخبرني أبو بكر بن إسماعيل بن محمّد بن سعد ، عن أبيه قال : خرجت من مكة وهي حامل بها ، فولدتها بأرض الحبشة.
قال (٣) : وأنا محمّد بن عمر ، نا إسحاق بن محمّد ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه قال : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي ، يخطب (٤) عليه أم حبيبة بنت أبي سفيان ، وكانت تحت عبيد الله بن جحش ، فزوجها إياه وأصدقها النجاشي من عنده عن النبي صلىاللهعليهوسلم أربع مائة دينار.
قال أبو (٥) جعفر : فما نرى عبد الملك بن مروان وقت صداق النساء أربع مائة دينار إلّا لذلك.
قال (٦) : فحدّثني محمّد بن صالح ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، قال : وحدّثني عبد الرّحمن بن عبد العزيز ، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، قالا : كان الذي زوّجها وخطب إليه النجاشي خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس وذلك سنة سبع من الهجرة ، وكان لها يوم قدم بها المدينة بضع وثلاثون سنة.
أخبرنا أبو القاسم الشحامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثني أبو بكر محمّد بن أحمد بن بالويه ، نا أبو بكر محمّد بن شاذان الجوهري ، نا معلى بن منصور ، نا ابن المبارك ، أنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن أم حبيبة أنّها كانت تحت عبيد الله بن
__________________
(١) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٨ / ٩٧.
(٢) بالأصل و «ز» : يهاجر ، والمثبت عن ابن سعد.
(٣) الطبقات الكبرى لابن سعد ٨ / ٩٨ ـ ٩٩.
(٤) كذا بالأصل و «ز» ، وفي ابن سعد : فخطب.
(٥) بالأصل و «ز» : «ابن» خطأ ، والتصويب عن ابن سعد.
(٦) القائل : محمد بن عمر الواقدي ، والخبر في الطبقات الكبرى لابن سعد ٨ / ٩٩.
جحش ، فمات بأرض الحبشة ، فزوّجها النجاشي النبي صلىاللهعليهوسلم وأمهرها عنه أربعة آلاف ، وبعث بها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع شرحبيل بن حسنة.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أحمد بن جعفر ، نا عبد الله بن أحمد ، حدّثني أبي (١) ، نا إبراهيم بن إسحاق ، نا عبد الله بن المبارك ، عن معمر.
قال : أبي : وعلي بن إسحاق ، أنا عبد الله ، أنا معمر.
ح وأخبرنا أبو محمّد بن حمزة ، أنا أبو بكر الخطيب.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري.
قالا : أنا ابن الفضل ، أنا ابن درستويه ، نا يعقوب ، نا عبد الله بن عثمان ، أنا عبد الله بن المبارك.
ح وأخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، وأبو نصر بن طلاب ، قالا : أنا أبو بكر بن أبي الحديد ، أنا أبو الحسن محمّد بن عثمان بن أبي الحديد المصري ، نا إبراهيم بن مرزوق ، نا عبد الله بن سنان الخراساني ، نا عبد الله بن المبارك ، عن معمر.
ح وأخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنا أبو حامد أحمد بن الحسن ، أنا محمّد بن عبد الله بن حمدون ، أنا أبو حامد بن الشرقي ، نا محمّد بن يحيى الذهلي ، نا نعيم بن حماد ، نا ابن المبارك ، نا معمر.
عن الزهري ، عن عروة ، عن أم حبيبة :
أنّها كانت تحت عبيد الله بن جحش وكان رحل إلى النجاشي [فمات](٢) ، وأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم تزوج أم حبيبة وأنها لبأرض ـ وفي حديث ابن حنبل : وإنها بأرض ـ الحبشة ، زوّجها إياه النجاشي ، ومهرها. ـ وقال نعيم : وأمهرها ـ أربعة آلاف درهم ثم جهزها من عنده ، وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وجهازها كله من عند النجاشي ، ولم يرسل إليها رسول الله صلىاللهعليهوسلم بشيء. ـ وقال ابن سنان : شيئا ـ وكان مهر (٣) أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم أربعمائة درهم.
__________________
(١) الخبر رواه أحمد بن حنبل في المسند ١٠ / ٣٩٥ رقم ٢٧٤٧٧ طبعة دار الفكر.
(٢) سقطت من الأصل و «ز» ، واستدركت للإيضاح عن مسند أحمد.
(٣) في المسند : مهور.
أخبرنا أبو الفتح الماهاني ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة ، أنا عبد الرّحمن بن يحيى ، نا أبو مسعود [الرازي](١) ، أنا عبد الرزّاق ، أنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن أم حبيبة أنّها كانت عند عبيد الله بن جحش ، فمات ، وكان ممن هاجر إلى أرض الحبشة فزوجها النجاشي النبي صلىاللهعليهوسلم وهو بالمدينة.
خالفه ابن مسافر عن الزهري.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنا أحمد بن الحسن ، أنا محمّد بن عبد الله بن حمدون ، أنا أحمد بن محمّد بن الحسن ، نا محمّد بن يحيى الذهلي ، نا سعيد بن كثير بن عفير (٢) الأنصاري ، حدّثني الليث ، عن ابن مسافر ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة قالت.
ح وأخبرنا أبو الفتح ، أنا شجاع ، أنا ابن مندة ، أنا محمّد بن عبد الله بن معروف الأصبهاني ، أنا عبيد (٣) بن عبد الواحد ، نا سعيد بن عفير (٤) ، نا الليث ، عن عبد الرّحمن بن خالد بن مسافر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة أنّها قالت :
هاجر عبيد الله بن جحش بأم حبيبة بنت أبي سفيان وهي امرأته إلى أرض الحبشة ، فلما قدم أرض الحبشة تنصّر ، فلما حضرته الوفاة أوصى إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتزوج رسول الله صلىاللهعليهوسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان فبعث ـ وفي حديث يوسف : وبعث ـ معها النجاشي شرحبيل بن حسنة فأهداها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
[قال ابن عساكر :](٥) وفي حديث يوسف : عبد الله بن جحش ، وهو وهم شنيع ؛ عبد الله بن جحش من أفاضل الصحابة ، واستشهد مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم أحد والذي تنصّر أخوه عبيد الله بغير شك.
ورواه أبو صالح عن الليث ، فلم يقل عن عائشة ولا أم حبيبة.
__________________
(١) زيادة منا للإيضاح ، وهو أحمد بن الفرات بن خالد ، أبو مسعود الضبي الرازي ، محدث أصبهان ترجمته في سير الأعلام ١٢ / ٤٨٠.
(٢) تحرفت بالأصل و «ز» إلى : عيسى ، والصواب ما أثبت ، راجع ترجمته في سير الأعلام ١٠ / ٥٨٣.
(٣) في «ز» : عبيد الله.
(٤) بالأصل : عيسى ، والمثبت عن «ز».
(٥) زيادة منا للإيضاح.