تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٩

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٩

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

أو كنت منها بمكان النّسّاج

وكنت أرجو بعض ما يرجو الرّاج

أن تنكحيه ملكا أو ذا تاج

فقدمت حميدة زائرة لا بنتها ، فقال لها الحجاج : يا حميدة إني قد كنت أحتمل مزاحك مدّة (١) ، فأما اليوم فإنّي بالعراق وهم قوم سوء فإياك! فقالت : سأكف حتى أرحل.

٩٣٢٧ ـ حميدة حاضنة ولد عمر بن عبد العزيز

حدّثت :

أن عمر بن عبد العزيز كان ينهى بناته أن ينمن مستلقيات ، وقال : لا يزال الشيطان مطلا على إحداكن إذا كانت مستلقية يطمع فيها.

ويقال : حميدة : بالضم.

٩٣٢٨ ـ حواء أم البشر (٢)

قيل :

إنها كانت تسكن بيت لهيا (٣) ، وكان آدم يسكن في بيت أبيات (٤).

عن مجاهد :

في قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ)(٥) قال : آدم ، (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) ، قال : حواء خلقت من ضلعه.

قال : نام آدم فخلقت حواء من قصراه (٦) ، فاستيقظ فرآها ، فقال : من أنت؟ فقالت : آثا ، يعني امرأة (٧) بالسريانية ، وفي رواية أخرى : بالنبطية.

__________________

(١) تصحفت في الأغاني إلى : مرة.

(٢) انظر : أخبارها في تاريخ الطبري (الفهارس) مروج الذهب (الفهارس) الكامل لابن الأثير (الفهارس) والبداية والنهاية (الفهارس).

(٣) بيت لهيا بكسر اللام ، والصحيح بيت الإلهة ، قرية مشهورة بغوطة دمشق (معجم البلدان).

(٤) بيت أبيات : قال ابن طولون هي غربي الصالحية ، وقيل : بيت أبيات من قرى دمشق. وقيل : من البيوت الداثرة في الغوطة : بيت أبيت (انظر غوطة دمشق لمحمد كردعلي ص ١٦٣ و ١٦٥).

(٥) سورة النساء ، الآية الأولى.

(٦) القصرى والقصيرى : أسفل الأضلاع ، أو آخر ضلع في الجنب ، والقصيربان والقصيريان : ضلعان يليان الطفطفة ، أو يليان الترقوتين (القاموس) وفي الطبري : خلقت من قصيرى آدم.

(٧) راجع الطبري ١ / ٧٠ تاريخ ما قبل الهجرة.

١٠١

قال ابن عباس :

سميت المرأة مرأة لأنها خلقت من المرء ، وسميت حواء : لأنها أمّ كل حيّ.

وكان آدم وحشيا في الجنة لا يطمئن إلى أحد حتى خلقت حواء منه ، وهو نائم ، فلما أن استيقظ ، وهي جالسة إلى جنبه ، فقال : من أنت؟ فقالت : أنا زوجتك لتسكن إليّ ، قال : نعم ، فسكن إليها (١).

قال عطاء :

لما سجدت الملائكة لآدم نفر إبليس نفرة ثم ولّى مدبرا ، وهو يلتفت أحيانا هل عصى أحد ربه غيره إلّا إبليس ، فعصمهم الله ، ثم قال الله لآدم : قم يا آدم فسلّم عليهم ، قال : فقام فسلّم عليهم وردوا عليه ، ثم عرض الأسماء على الملائكة وهو سرح الجنة ، فقال الله لملائكته : زعمتم أنكم أعلم منه ، (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)(٢) قالوا : سبحانك إن العلم منك ولك ، ولا علم لنا إلّا ما علمتنا ، وذلك قوله عزوجل : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ)(٣) قال : والعلم يرجع من رجل إلى رجل ، ويأثره رجل عن رجل حتى يجيء العلم إلى الله ولا يأثره عن أحد فإنه هو العليم ، علم ما هم إليه صائرون.

قال : فلما أقروا بذلك (قالَ : يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ)(٤) ، فقال آدم : هذه ناقة ، جمل ، بقرة ، نعجة ، شاة ، فرس ، وهو من خلق ربي ، فكل شيء سمّى آدم فهو اسمه إلى يوم القيامة ، وجعل يدعو كل شيء باسمه حتى يمر بين يديه ، حتى بقي الحمار وهو آخر شيء مر عليه ، فخالف الحمار من وراء ظهره ، فدعاه آدم : أقبل يا حمار ، فعلمت الملائكة ، أنه هو أكرم على الله وأعلم منهم.

ثم قال له ربه : يا آدم ، ادخل الجنّة تحيا وتكرم ، قال : فدخل الجنة ، فنهاه عن الشجرة قبل أن تخلق حواء ، فكان آدم لا يستأنس إلى خلق في الجنة ، ولا يسكن إليه ، ولم يكن في الجنة شيء يشبهه ، فألقى الله عليه النوم وهو أول يوم كان ، قال : فانتزعت من ضلعه الصغرى

__________________

(١) تاريخ الطبري ١ / ٦٩.

(٢) سورة البقرة ، الآية : ٣١.

(٣) سورة يوسف ، الآية : ٧٦.

(٤) سورة البقرة ، الآية : ٣٣.

١٠٢

من جانبه الأيسر (١) فخلقت حواء منه ، فلما استيقظ آدم فجلس فنظر إلى حواء تشبهه من أحسن البشر. ولكل امرأة فضل على الرجل بضلع.

وكان الله علّم آدم اسم كل شيء فجاءته الملائكة فهنئوه ، وسلموا عليه ، فقالوا : يا آدم ما هذه؟ قال : هذه امرأة. قيل له : فما اسمها؟ قال : حواء. فقيل له : لم سميتها حواء؟ قال : لأنها خلقت من حيّ ، فنفخ بينهما من روح الله عزوجل ، فما كان من شيء يتراحم له الناس فهو من فضل رحمتهما.

قال وهب بن منبه (٢) :

لما أسكن الله آدم وزوجه حواء الجنّة ، نهاه عن الشجرة (٣) ، وكانت الشجرة متشعبا غصونها بعضها (٤) في بعض ، وكان لها ثمر تأكله الملائكة لخلدهم ، وهي الثمرة التي نهى الله آدم عنها وزوجته.

فلما أراد إبليس أن يستزلهما (٥) ، دخل في جوف الحية ، وكانت لها أربع قوائم كأنها بختيّة من أحسن دابة خلقها الله ، فلمّا دخلت الحية الجنة خرج من جوفها إبليس ، فأخذ من الشجرة التى نهى الله عنها آدم وزوجته ، فجاء بها إلى حواء ، فقال : انظري إلى هذه الشجرة ما أطيب ريحها! وأطيب طعمها! وأحسن لونها! فأخذتها حواء فأكلت منها ، ثم ذهبت بها إلى آدم ، فقالت : انظر إلى هذه الشجرة ، ما أطيب طعمها ، وما أحسن لونها (٦)! فأكل منها آدم ، فبدت لهما سوءاتهما ، فدخل آدم في جوف الشجرة ، فناداه ربه : يا آدم أين أنت؟ قال : أنا هذا يا رب. قال : ألا تخرج؟ قال : أستحي منك يا رب. قال : ملعونة الأرض التي منها خلقت ، لعنة تتحول ثمارها شوكا.

قال : ولم يكن في الجنة ولا في الأرض شجرة كانت (٧) أفضل من الطلح والسدر.

__________________

(١) ونقل ابن إسحاق عن ابن عباس أنها خلقت من ضلعه الأقصر الأيسر كما في البداية والنهاية ١ / ٨١.

(٢) الخبر من طريقه رواه الطبري في تاريخه ١ / ٧٢.

(٣) وهو قوله تعالى في سورة البقرة : (وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) الآية ٣٥.

(٤) في المختصر : «بعضه» والمثبت عن الطبري.

(٥) يستزلهما من زلّ والزلة الخطيئة ، يعني استزلهما أوقعهما في الخطيئة. وقال ابن كيسان إنه أراد صرفهما عما كانا عليه من الطاعة إلى المعصية.

(٦) زيد في الطبري : وأطيب ريحها.

(٧) في المختصر : كان ، والمثبت عن الطبري.

١٠٣

ثم قال : يا حواء ، أنت التي غررت عبدي ، فإنك لا تحملين حملا إلّا حملته كرها ، فإذا أردت أن تضعي ما في بطنك أشرفت على الموت.

وقال للحية : أنت التي دخل الملعون في جوفك حتى غرّ عبدي ، ملعونة أنت لعنة تتحول قوائمك في بطنك فلا يكون لك رزق إلّا التراب ، وأنت عدوة بني آدم وهم أعداؤك حيثما لقيت أحدا منهم أخذت بعقبه ، وحيث لقيك شدخ رأسك.

قيل لوهب :

وهل كانت الملائكة تأكل؟ قال : يفعل الله ما يشاء.

قال الكلبي :

ذكر لنا أن آدم لما سكن الجنّة حذر أكل الشجرة. فيقال ، والله أعلم : إنها شجرة يقال لها : شجرة العلم.

وقال مجاهد :

الشجرة التي أمر الله آدم أن لا يأكل منها : تينة.

وقال ابن عباس :

عنب.

وقال غيره :

حنطة شجرة البرّ ، والحنطة هي السنبلة.

قالوا :

وكان آدم وحواء في جوار الله ، وفي داره ليس لهما رب غيره ، ولا رقيب دونه ، يأكلان منها رغدا ، ويسكنان منها حيث شاءا وأحبا.

فأتاهما الشيطان في صورة غير صورته ، فقام عند باب الجنة فنادى حواء : يا حواء ، فأجابته هي وآدم فقال : ما أمركما به ربكما ، وما نهاكما عنه؟ قالا : أمرنا أن نأكل من شجر الفردوس كله غير هذه الشجرة التي في وسط الفردوس كيلا نموت.

قال إبليس : فإن الله قد علم أنكما لستما تموتان ، ولكن علم أنكما حين تأكلان من هذه الشجرة فتكونان ملكين يعلمان الخير والشر فحسدكما على ذلك ، وإنّي أقسم لكما ، يا آدم

١٠٤

وحواء (إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ)(١) ، إنها شجرة الخلد ، من أكل منها لم يمت ، وأيكما أكل قبل صاحبه ، كان هو المسلط على صاحبه.

فابتدرا الشجرة ، فسبقته حواء ، وأعجبها حسن الشجرة وثمرها ، فأكلت وأطعمت آدم (٢) ، فلما ذاقا الشجرة سلبا ثيابهما ، وبدت عوراتهما ، فأبصر كل واحد منهما ما وروي من صاحبه من عوراتهما ، فاستحييا ، فقعدا (يَخْصِفانِ)(٣)(عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ)(٤) ليواريا سوءاتهما.

ثم ناداهما ربهما فقال : يا آدم ، فقال : يا رب ، أنذا عريان ، قال له : وممّ ذلك؟ إنك عريان من أجل أنك أكلت من الشجرة التي نهيت أن تأكل منها ، يا آدم ، حرام على الأرض أن تطعمك شيئا إلّا برشح الجبين أيام حياتك ، حتى ترجع إلى الأرض التي أخذت منها ، فاعتلّ آدم بحواء فقال : هي أطعمتني وأكلت ، قال : (اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً)(٥).

وقال عطاء :

إن الله تعالى كان أمر آدم ألا يأكل من تلك الشجرة ، ولم تعرف حواء تلك الشجرة ، فجاء إبليس إلى سرح الجنة (٦) فعرض نفسه عليهم ، فأبى أحد منهم أن يقبله ، فجاء إلى الحية فتنفس الصعداء ، فقالت الحية : يا إبليس ، ما لك؟.

وذلك أن إبليس كان قبل ذلك أحسن ملائكة أهل سماء الدنيا وجها وأشدهم عبادة وأعلمهم.

فقال الله : اهبط منها واخرج منها ، يعني من صورة الملائكة إلى صورة الأبالسة ، فتحول إبليس عن صورته ، فسمي إبليس لأنه أبلس فصار ملعونا ، فصار ذقنه مما يلي جبينه ، وجبينه مما يلي ذقنه ، ومنخراه مما يلي عينيه ، وجفون عينيه شقهما مما يلي رأسه ، وتحول

__________________

(١) سورة الأعراف ، الآية : ٢١.

(٢) جاء في تفسير القرطبي ٧ / ١٨٠ أكلت حواء أولا فلم يصبها شيء ، فلما أكل آدم حلت العقوبة.

(٣) يخصفان يلزقان بعض ورق الجنة ببعض ليسترا به عوراتهما.

(٤) سورة طه ، الآية : ١٢١ وسورة الأعراف ، الآية : ٢٢.

(٥) سورة البقرة ، الآية : ٣٨. قوله اهبطوا منها جميعا هو أمر لآدم وإبليس ومعهما ذريتهما ، وحواء والحية معهم أمروا جميعا أن يهبطوا من الجنّة إلى الأرض.

(٦) سرح الحنة : حيوانها وسائمتها.

١٠٥

أصابعه مما يلي زنديه ، وأصابع رجليه مما يلي عقبيه ، وصار شره ناتئا في رأسه منكوشا كأنه أجمة.

قال : فلما رأته الحية رقت له ، وتنفس الصعداء إبليس ، فقالت له : ما بك يا إبليس؟ فقال لها : ليس على نفسي أحزن ، لقد نزل بي ما ترين ، ولكن أحزن عليك أن ينزل بك من هذا مثل الذي نزل بي ، فقالت الحية : ما أنا بآمنة منه ، فقال لها : هل لك ، ويلك ، أن تحمليني بين شدقيك فتدخليني الجنّة ، فإن الخزّان لا يدعونني أن أدخلها ظاهرا ، وإذا كنت بين شدقيك لم يروني ، وأنا أغويه حتى أخرجه من الجنّة.

فقالت : نعم ، ففغرت فاها فاحتملته بين شدقيها ثم دخلت الجنة ، فجاءت الحية إلى حواء ، فقالت لها : وإبليس يقول لها على لسان الحية ، يا حواء ، ما نهاكما ربكما في الجنة؟ قالت : شجرة أمرنا ألا نقربها. قال : فأين تلك الشجرة؟ قالت : إنما علم بذلك آدم ، فقال إبليس بلسان الحية : قد ترين سعة الجنة ، وأنا لك ناصحة ، فلعلك فيما تجولين في الجنة وليس معك آدم فتنتهين إلى تلك الشجرة ، فتأكلين فتخرجين من الجنة ، ويبقى آدم ، أفلا تسألين آدم أن يخبرك : أي شجرة نهانا ربّنا عنها؟ فقال لها : ويلك ما لك وذاك؟ إن ربي أمرني ألّا أعلمها أحدا ، فقلت : فلعلي أفارقك في بعض ما أجول في الجنّة ، فآكل منها ، فأخرج منها وتبقى أنت فيها ، فرقّ لها ، وخاف عليها ، فانطلق بها إلى الشجرة ، فقال : هذه.

فانصرف عنها إبليس ، فجاءت الحية إليها فقال لها إبليس على لسان الحية : أخبرك آدم عن الشجرة؟ قالت : نعم ، فقال : أي شجرة هي؟ قالت هذه التي في وسط الجنة ، ثم سكت عنها إبليس حتى نسيت.

ثم جاء وهو في الحية إلى آدم فقال : يا آدم ، أخبرك ربك أن في الجنة شجرة من أكل منها خلد في الجنة ، وصار ملكا يعلم كل شيء؟ قال : لا ، قال : فيسرك أن أريك؟ قال : نعم ، فانطلق به إلى الشجرة التي نهي عنها ، فعجب فقال : إن ربي نهاني عنها ، وقال : لا تخبر أحدا بهذه الشجرة ، ولم أخبر بها أحد غيرك يا حواء ، فمن أين علم هذا؟.

فقال عند ذلك : يا آدم ، وحلف له : (إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ)(١) هذه (شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى)(٢) فلما أن حلف قال آدم لحواء : فأنا أدع أكل هذه الشجرة ، فقالت حواء : أما

__________________

(١) سورة الأعراف ، الآية : ٢١.

(٢) سورة طه ، الآية : ١٢٠.

١٠٦

ترى إلى يمينه بالله إنه لنا لمن الناصحين؟ وذلك أنهما لم يريا أحدا يحلف بالله ، ولا علما أن أحدا يحلف بالله كاذبا ، قال : فابتدرت حواء فأكلت ثم ناولت آدم فأكل منها ، فبدت سوءاتهما.

قال وهب بن منبه :

كان لباس آدم وحواء النور (١) ، لا يرى هذا عورة هذا ، ولا هذا عورة هذا ، وهو قول الله عزوجل : (يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما)(٢).

قال ابن عباس :

كان لباس آدم وحواء كالظّفر ، فلما أكلا الشجرة لم يبق منه شيء إلّا مثل الظفر ، (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ)(٣) ، قال : ورق التين.

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال (٤) :

«لو لا بنو إسرائيل لم يختر (٥) اللحم ، ولم يخبث الطعام ، ولو لا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر».

وعن أبي صالح :

في قوله عزوجل : (اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً)(٦) قال : آدم وحواء والحية وإبليس.

وفي حديث قال :

اهبطوا الأرض فلدوا للموت وابنوا للخراب.

وعن ابن عباس قال :

إن آدم لما أكل من الشجرة التي نهي عنها قال الله له : يا آدم : ما حملك على ما

__________________

(١) البداية والنهاية ١ / ٨٧.

(٢) سورة الأعراف ، الآية : ٢٦.

(٣) سورة الأعراف ، الآية : ٢١ وسورة طه ، الآية : ١٢١.

(٤) رواه ابن كثير في البداية والنهاية ١ / ٨٦ ـ ٨٧ وقال ابن كثير : تفرد به من هذا الوجه وأخرجاه في الصحيحين من حديث عبد الرزّاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة به ، ورواه أحمد ومسلم.

(٥) كذا في المختصر ، وفي البداية والنهاية : يخنز. والختر : الفساد ، يكون في الغدر وغيره ، وخنز اللحم : أنتن فهو خنز ، وهذا المعنى أقرب ، (راجع تاج العروس : ختر ، وخنز).

(٦) سورة البقرة ، الآية : ٣٨.

١٠٧

صنعت؟ قال : فاعتلّ آدم ، فقال آدم : ربّ زيّنته لي حواء ، قال : فإني أعاقبها ألّا تحمل إلّا كرها ، ولا تضع إلّا كرها ، ودمّيتها في الشهر مرّتين (١) ، فرنّت (٢) عند ذلك حواء ، قال : فقيل : عليك الرنّة وعلى بناتك.

وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«فضّلت على آدم بخصلتين : كان شيطاني كافرا فأعانني الله عليه فأسلم ، وكن ، أزواجي ، عونا لي ، وكان شيطان آدم كافرا ، وكانت زوجته عونا له على خطيئته» (٣).

حدّث عبد الرّحمن بن زيد :

أن آدم عليه‌السلام ذكر محمّدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إن أفضل ما فضل به عليّ ابني ، صاحب البعير ، لأن زوجته كانت عونا له على دينه وكانت زوجتي عونا لي على الخطيئة.

قال سعيد بن المسيب :

سمعت عمر بن الخطاب ، وامرأة تسأله عن الحيض. فقال لها : أي ويحك ، أشهد لسمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يقول :

«أخبرني جبريل حبّي عليه‌السلام : أنّ الله بعثه إلى أمّنا حواء حين دميت ، فنادت ربّها : جاء مني دم لا أعرفه ، فناداها : لأدمينّك وذريتك ولأجعلنّه لكنّ كفارة وطهورا».

وعن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٤) :

«هبط آدم وحواء عليهما‌السلام عريانين جميعا ، عليهما ورق الجنّة ، قال : فأصابه الحرّ حتى جعل (٥) يبكي ، فيقول لها : يا حواء قد آذاني الحر ، قال : فجاءه جبريل بقطن وأمرها أن تغزل ، وعلّمها ، وأمر آدم بالحياكة وعلّمه أن (٦) ينسج».

وقال : كان آدم لم يجامع امرأة (٧) في الجنة حتى هبط منها ، للخطيئة التي أصابها أكلهما

__________________

(١) كذا ، وفي تاريخ الطبري : تدمين في كل هلال.

(٢) رنت : صاحت رافعة صوتها بالبكاء.

(٣) رواه البيهقي في دلائل النبوة بسنده إلى ابن عمر قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وذكره ٥ / ٤٨٨.

(٤) رواه ابن كثير في البداية والنهاية ١ / ٩٠ من طريق ابن عساكر من طريق أبي القاسم البغوي حدثنا محمد بن جعفر الوركارني حدثنا سعيد بن ميسرة عن أنس .. وذكره.

(٥) في البداية والنهاية : قعد.

(٦) في مختصر ابن منظور : «وأمر» والمثبت عن البداية والنهاية.

(٧) في البداية والنهاية : امرأته.

١٠٨

الشجرة (١) ، قال : وكان كل منهما ينام على حدة ، ينام أحدهما في البطحاء ، والآخر من ناحية أخرى ، حتى أتاه جبريل فأمره أن يأتي أهله وعلّمه كيف يأتيها ، فلما أتاها جاء جبريل فقال :

كيف وجدت امرأتك؟ قال : صالحة (٢).

وفي حديث آخر :

أنه لما فرغ قالت له حواء : يا آدم ، ما أطيب هذا ، زدنا منه.

وقيل :

إن آدم ولد له في الجنة هابيل وقابيل وأختاهما.

وقيل :

إنه لم يولد لآدم في الجنّة حتى خرج من الجنّة. والله أعلم (٣).

وعن سلمان قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«إن آدم هبط بالهند ، ومعه السندان ، والكلبتين ، والمطرقة ، وأهبطت حواء بجدة» (٤).

وعن ابن عباس قال (٥) :

أهبط آدم بالهند وحواء بجدة ، فجاء في طلبها حتى أتى جمعا فازدلفت إليه حواء ، فلذلك سمّيت المزدلفة ، واجتمعا بجمع فلذلك سميت جمعا.

وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه قال :

«إن الله لما خلق الدنيا لم يخلق فيها ذهبا ولا فضة».

قال : فلما أن أهبط آدم وحواء أنزل معهما ذهبا وفضة ، فسلكه ينابيع في الأرض منفعة لأولادهما من بعدهما.

قال : وذلك جعله صداق آدم لحواء ، فلا ينبغي لأحد أن يتزوّج إلّا بصداق.

وعن أبي صالح :

__________________

(١) الجملة في البداية والنهاية : التي أصابتهما بأكلهما من الشجرة.

(٢) عقب ابن كثير بقوله : فإنه حديث غريب ورفعه منكر جدا ، وقد يكون من كلام بعض السلف.

(٣) انظر تاريخ الطبري ١ / ٨٩ والبداية والنهاية ١ / ١٠٢ والكامل لابن الأثير ١ / ٥٥.

(٤) تاريخ الطبري ١ / ٧٩ و ٨٤.

(٥) تاريخ الطبري ١ / ٧٩ والكامل لابن الأثير ١ / ٥١.

١٠٩

في قوله : (لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً)(١) قال : أشفقا أن يكون بهيمة ، قال : لئن آتيتنا بشرا سويا.

وعن سمرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«إنّ حواء لما حملت كان لا يعيش لها ولد ، فقال لها الشيطان : سمّيه عبد الحارث فإنه يعيش ، فسموه ، فكان ذلك من وحي الشيطان وأمره (٢) ، فحملت حملا خفيفا تقول : خفيف ، لم يستبن! فمرت به لما استبان حملها».

وعن ابن عباس (٣) :

أن حواء لما حملت جاءها إبليس فقال : إنّي أخرجتكما من الجنّة ، لئن لم تطيعيني لأجعلن لولدك قرنين يشقان بطنك أو لأخرجنّه ميتا ، فقضى الله أن خرج ميتا ، فلما حملت الثاني جاءها فقال لها مثل مقالته الأولى ، فقضى أن الولد خرج ميتا ، فلما حملت الثالث جاءها فقال لها مثل مقالته الأولى ، قالت : وما الذي تريد أن نطيعك فيه؟ فقال : سمياه عبد الحارث ، ففعلت ، فقال الله عزوجل : (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما)(٤).

وقال عكرمة :

لم يخص بها آدم ولكنها عامة لجميع الناس.

قال رجل لسعيد بن جبير (٥) :

يا أبا عبد الله : أشرك آدم؟ قال : معاذ الله ، أن نقول أشرك آدم ، إنما ذكر الله في كتابه (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما)(٦) لأن حواء لما حملت فأثقلت أتاها إبليس فقال لها : أرأيت هذا الذي في بطنك؟ من أين يخرج؟ أمن فيك؟ أم من منخرك؟ أم من

__________________

(١) سورة الأعراف ، الآية : ١٨٩.

(٢) تاريخ الطبري ١ / ٩٣ والبداية والنهاية ١ / ١٠٧ ـ ١٠٨ وعقب ابن كثير بقوله : المظنون بل المقطوع به أن رفعه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خطأ والصواب وقفه والله أعلم فالله تعالى إنما خلق آدم وحواء ليكونا أصل البشر وليبث منهما رجالا كثيرا ونساء فكيف كانت حواء لا يعيش لها ولد كما ذكر في هذا الحديث إن كان محفوظا.

(٣) رواه الطبري في تاريخه ١ / ٩٣ ـ ٩٤.

(٤) سورة الأعراف ، الآية : ١٨٩.

(٥) رواه الطبري في تاريخه ١ / ٩٤.

(٦) سورة الأعراف ، الآية : ١٨٩.

١١٠

أذنيك؟ أرأيت إن خرج صحيحا سويا لم يضرك أتطيعانني في اسمه؟ قالت : نعم. فلما ولدت قال : سمياه عبد الحارث ، فسمياه عبد الحارث.

قيل :

إن حواء ولدت لآدم أربعين ولدا في عشرين بطنا ، فكانت تلد غلاما وجارية (١).

قيل :

إن آدم لما مات ابنه قال : يا حواء مات ابنك ، قالت : وما الموت؟ قال : لا يأكل ، ولا يشرب ولا يقوم ولا يمشي ولا يتكلم أبدا ، قال : فصاحت حواء فقال آدم : عليك الرنّة وعلى بناتك ، وأنا وبنيّ منها براء.

٩٣٢٩ ـ حولا بنت بهلول المتعبدة

أخت مؤمنة ، كانت صوفية ، شهدت عند محمّد بن يحيى بن حمزة ، وكان قاضيا على دمشق ، وكان لا يجيز شهادة إلّا من امتحنه بخلق القرآن ، يعني أيام ابن أبي دؤاد ، فقال للحولاء : ما تقولين في القرآن؟ فنشرت كفيها وفرقت بين أصابعها وأشارت بهما على وجهه وقالت : سخام على وجهك ، ثم ولّت وخرجت.

قيل :

لم تر أن تشهد عنده بعد ما سمعت من امتحانه إياها في القرآن.

٩٣٣٠ ـ حية : ويقال : فاختة (٢)

ولقبها : حيّة ـ ويقال : حبة ـ بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس أم هاشم القرشية العبشمية ، زوج يزيد بن معاوية وأم ابنه خالد ، وكان زوجها يزيد مكنيها بأم خالد ، فابنها خالد.

حدّث القاسم الشامي :

أن مولاة له يقال لها أم هاشم أجلسته في الستر بدواة وقلم ، وأرسلت إلى أبي أمامة فسألته عن حديث حدّثه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الوضوء ، فقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من قام إلى الوضوء فغسل يديه خرجت الخطايا من يديه ، فإذا مضمض خرجت

__________________

(١) الكامل لابن الأثير ١ / ٥٥ وتاريخ الطبري ١ / ٩٢.

(٢) ترجمتها في نسب قريش للمصعب ص ١٢٨ و ١٥٥ وجمهرة ابن حزم ص ٧٧ والأغاني ١٧ / ٣٤٢ وأنساب الأشراف ٥ / ٢٩٩ (طبعة دار الفكر).

١١١

الخطايا من فيه ، فإذا استنثر خرجت من أنفه كذلك حتى يغسل القدمين ، فإن خرج إلى صلاة مفروضة كانت كحجة مبرورة ، وإن خرج إلى صلاة تطوع كانت كعمرة مبرورة» [١٣٧٢١].

وفي أم خالد يقول يزيد بن معاوية (١) :

وما نحن يوم استعبرت أمّ خالد

بمرضى ذوي داء ولا بصحاح

كان عبيد الله بن رباح ندمانا (٢) ليزيد بن معاوية ، فسكر ذات ليلة وطرب ، وبعث إلى زوجته أم خالد لتأتيه ، وكانت من أجمل الناس وأحبهم إليه ، فأبت ، فأقسم عليها فأتته في جواريها فقال لها يزيد : أقسمت عليك لما أقمت فسقيتني ، فبكت وقالت : ألمثلي يقال هذا؟ فلما رأى يزيد بكاءها وكراهتها لذلك ، أذن لها في الانصراف وقال في ذلك :

وما نحن يوم استعبرت أمّ خالد

بمرضعى ذوي داء ولا بصحاح

وقامت لتسقي الشّرب حمرا عيونهم

مخضّبة الأطراف ذات وشاح

لها عكن (٣) بيض كأن غضونها (٤)

إذا شفّ عنها السابريّ (٥) قداح

قال مصعب بن عبد الله الزبيري :

خرج يزيد بن معاوية إلى بعض غزواته ، فارتاح إلى امرأته أم هاشم ، وهي أم خالد بن يزيد بن معاوية ، وهي من ولد شيبة بن ربيعة فقال :

إذا سرت ليلا أو بغيت جمامة (٦)

دعتني دواعي الحبّ من أمّ خالد

إذا نحن هجّرنا وأنت أمامنا

فلا بدّ من سير إلى الحيّ قاصد

أسماء النساء على حرف الخاء المعجمة

٩٣٣١ ـ خديجة بنت عليّ بن إبراهيم بن يوسف الشّقيقي البصريّة

أخت أبي الحسن محمّد بن علي. حدّثت بدمشق.

__________________

(١) البيت في نسب قريش للمصعب ص ١٢٩ والأغاني ١٧ / ٣٤٢.

(٢) كذا وهو صحيح : يعني : نديما ومنادما ، وهو الذي يرافقك ويشاربك (تاج العروس : ندم).

(٣) العكن جمع عكنة وهو ما انطوى وتثنى من لحم البطن سمنا.

(٤) الغضون : التجاعيد والثنايا.

(٥) السابري : الثوب الرقيق.

(٦) الجمامة : الراحة والشبع والري (تاج العروس).

١١٢

روت عن أبيها بسنده عن ابن عباس أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

«اطلبوا الخير عند صباح الوجوه» [١٣٧٢٢].

وأنشد خيثمة :

أنت شرط النبيّ إذ قال يوما :

اطلبوا الخير من صباح الوجوه

٩٣٣٢ ـ خصيلة (١) بنت واثلة بن الأسقع

كانت تسكن بيت المقدس.

[روت عن أبيها واثلة بن الأسقع.

روى عنها : البطال الخثعمي ، وسلمة بن بشر الدمشقي ، وصدقة بن يزيد ، وعباد بن كثير الفلسطيني ، ومحمّد بن الأشقر اللخمي وسماها خصيلة ، وابن رزام مؤذن بيت جبرين](٢).

حدّثت خصيلة قالت : سمعت أبي يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

«إنّ من الكبائر أن تقول للرجل عليّ ما لم أقل» [١٣٧٢٣].

وعن خصيلة بنت واثلة قالت :

دعاني أبي واثلة يوما فقال : يا خصيلة ، ادني مني ، فدنوت منه ، فقال : أدني مني يدك اليمني ؛ فثنى إصبعي الخنصر ، ثم قال لي : عليك بالصّبر ؛ ثم ثنى التي تليها ثم قال : عليك بالصبر ؛ ثم ثنى التي تليها ثم قال : عليك بالصبر ؛ حتى ثنى الخمس ثم قال : أدني مني يدك الأخرى ؛ ففعل مثل ذلك ، ثم جمع يديّ جميعا وقال : يا خصيلة ، فعلت بك كما فعل بي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقلت لك كما قال لي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

[قال ابن ماكولا (٣) :

وأما خصيلة أوله خاء معجمة بعدها صاد مهملة ، فهي خصيلة بنت واثلة بن الأسقع ، روى عنها محمّد بن الأشقر اللخمي](٤).

__________________

(١) ترجمتها في تهذيب الكمال ٢١ / ٣٠٧ وسماها : جميلة ، قال : ويقال : خصيلة ، ويقال : فسيلة. وتهذيب التهذيب ٦ / ٥٨٦ والاكمال لابن ماكولا ٢ / ١٣١.

(٢) ما بين معكوفتين استدرك للإيضاح عن تهذيب الكمال.

(٣) الاكمال لابن ماكولا ٢ / ١٣١.

(٤) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن ابن ماكولا.

١١٣

٩٣٣٣ ـ خيرة بنت أبي حدرد أمّ الدّرداء الكبرى الأسلميّة ، زوج أبي الدّرداء (١)

لها صحبة. وروت عن سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

[روى عنها : سهل بن معاذ عن أبيه ، وصفوان بن عبد الله ، وعبد الله بن باباه ، ومعاذ ابن أنس ، وطلحة بن عبيد الله ، وميمون بن مهران](٢).

حدّثت أمّ الدّرداء أنها سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

«من شرب الخمر لم يرض الله عنه أربعين صباحا ، فإن مات مات كافرا» [١٣٧٢٤].

وحدّثت أمّ الدّرداء :

أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لقيها يوما فقال : «من أين جئت يا أمّ الدّرداء؟» فقالت : من الحمام ، فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما من امرأة تنزع ثيابها في غير بيتها إلّا هتكت ما بينها وبين الله» (٣) [١٣٧٢٥].

وفي حديث آخر بمعناه :

إلّا هتكت كلّ ستر بينها وبين الرحمن عزوجل (٤).

قال ميمون بن مهران :

سألت أمّ الدّرداء : أهل سمعت من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم شيئا؟ قالت : نعم ، سمعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «أوّل ما يوضع في الميزان الخلق الحسن» (٥) [١٣٧٢٦].

قال الحافظ :

هذا الحديث وهم ، فإنّ أمّ الدّرداء الكبرى توفيت في حياة أبي الدّرداء ؛ وميمون بن مهران ولد عام الجماعة سنة أربعين ؛ وإنما يروى عن أمّ الدرداء الصغرى ، ولم تسمع من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم شيئا ؛ وهذا الحديث محفوظ عن أمّ الدرداء عن أبي الدّرداء عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

__________________

(١) ترجمتها في أسد الغابة ٦ / ١٠٠ والإصابة ٤ / ٢٩٥ والاستيعاب ٤ / ٢٩٧ (هامش الإصابة) وأعادها في الكنى ٤ / ٤٤٧ وأعادها ابن الأثير في الكنى أيضا ٦ / ٣٢٧ المعجم الكبير للطبراني ٢٤ / ٢٥٢.

(٢) ما بين معكوفتين زيادة للإيضاح عن أسد الغابة.

(٣) الإصابة ٤ / ٢٩٥ من طريق الطبراني بسنده إلى معاذ بن أنس ، وهو في المعجم الكبير ٢٤ / ٢٥٢ رقم ٦٤٥.

(٤) المعجم الكبير ٢٤ / ٢٥٣ رقم ٦٤٦.

(٥) المعجم الكبير ٢٤ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤ رقم ٦٤٧.

١١٤

أسماء النساء على حرف الدال المهملة

٩٣٣٤ ـ درداء بنت أبي الدّرداء عويمر بن قيس الأنصاريّة

سمعت أباها.

حدّثت بنت أبي الدّرداء ، عن أبي الدّرداء قال :

لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ، ولخرجتم إلى الصّعدات (١) تجأرون (٢) إلى الله ، لا تدرون تنجون أم لا تنجون!.

لمّا هلكت درداء صلّوا عليها ؛ قالت أمّ الدّرداء : يا درداء اذهبي إلى ربّك حتى أذهب أنا إلى ربي. فذهب بتلك إلى المقبرة ، ودخلت أمّ الدّرداء إلى المسجد.

وهلكت درداء تحت صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أميّة الجمحيّ (٣).

خطب يزيد بن معاوية إلى أبي الدّرداء ابنته الدّرداء ، فردّه وأنكحها غيره ، فقيل لأبي الدّرداء : أتركت يزيد وتنكح فلانا؟! فقال أبو الدّرداء : ما ظنّكم بابنة أبي الدّرداء إذا قام على رأسها الخصيان ، ونظرت في بيت يلتمع منها بصرها ، أين دينها يومئذ؟!.

أسماء النّساء على حرف الراء

٩٣٣٥ ـ رابعة بنت إسماعيل (٤)

من المتعبّدات. كانت زوج أحمد بن أبي الحواري (٥) ، وكانت هي خطبت أحمد ، فكرة ذلك لما كان فيه من العبادة وقال لها : ليس لي همّة في النساء لشغلي بحالي فقالت : إني لأشغل بحالي منك ، وما لي شهوة ، ولكنّي ورثت مالا جزيلا من زوجي فأردت أن أنفقه على إخوانك وأعرف بك الصالحين فتكون لي طريقا إلى الله. فقال : حتى أستأذن أستاذي ، قال :

__________________

(١) الصعدات : واحدتها صعدة ، وهي فناء باب الدار.

(٢) جأر جأرا وجؤارا : رفع صوته بالدعاء ، وتضرع ، واستغاث (القاموس).

(٣) تقدمت ترجمته في تاريخ مدينة دمشق ط. دار الفكر ٢٤ / ١٤٢ رقم ٢٨٨٧.

(٤) ترجمتها في صفة الصفوة ٤ / ٣٠٠ سير أعلام النبلاء ٨ / ٢٤٣ وشذرات الذهب ٢ / ١٠٠. ونقل ابن الجوزي عن أبي الغنائم ابن النرسي قال : رابعة بالباء بنقطة من تحتها بصرية ، ورايعة بالياء باثنتين من تحتها شامية.

(٥) راجع ترجمته في حلية الأولياء ١٠ / ٥ ـ ٣٣.

١١٥

فرجعت إلى أبي سليمان (١) ـ وكان ينهاني عن التزويج ويقول : ما تزوّج أحد من أصحابنا إلّا تغيّر ـ فلما سمع كلامها قال : تزوّج بها فإنها وليّة لله ، هذا كلام الصّدّيقين. قال : فتزوجها. قال : وتزوّجت عليها ثلاث نسوة ، فكانت تطعمني الطيّبات وتطيّبني وتقول : اذهب بنشاطك وقوّتك إلى أزواجك (٢). وكانت تشبّه في أهل الشام برابعة العدويّة (٣) في أهل البصرة.

قال سريّ السّقطي (٤) :

أتيت دمشق فسألت عن أحمد بن أبي الحواري فأرشدوني إليه في المسجد ، فقلت : يا أحمد ، عظني وأوجز ، فقال : ما أحسن ، قلت : فأرشدني إلى من يحسن ، قال : صر إلى المنزل فإنّ أهلي تحسن ـ يعني زوجته ـ فمضيت في طريقي فلقيت راهبا كبيرا يتبعه راهب صغير ، فقلت للصغير : لم تتبع هذا؟ قال : هو طبيبي يسقيني الدواء ، فردّد عليه من كلامه شيئا لا أعقله ؛ فجئت إلى منزل أحمد بن أبي الحواري فقرعت الباب ، فكلّمتني امرأة من وراء حجاب فقلت : إني أتيت أحمد فقلت : عظني فقال : ما أحسن ، فقلت : أرشدني إلى من يحسن ، فقال : صر إلى المنزل فإنّ أهلي هي تحسن ، فمضيت في طريقي فإذا براهب كبير يتبعه راهب صغير ، فقلت للصغير : لم تتبع هذا؟ قال : هو طبيبي يسقيني الدواء ، فورد عليّ من كلامه شيء لا أعقله. فقالت : يا ليت شعري! أيّ الدواءين يسقيه دواء الإفاقة أم دواء الراحة؟ قلت : رحمك الله ، وما دواء الإفاقة وما دواء الراحة؟ قالت : أمّا دواء الإفاقة فالكفّ عن محارم الله ، وأمّا دواء الراحة فالرضى عن الله في جميع الأمور كلّها. ثم كلّمتني بكلمة لا تخرج من رأسي أبدا ، قلت : وما هي رحمك الله؟ قال : قالت : أما علمت أنّ العبد إذا أخلص بعمله لله عزوجل ، أطلعه الجليل على مساوئ عمله ، فاشتغل بها عن جميع خلقه. قلت : بسّي (٥).

قالت رابعة :

قالت لي راهبة : إن أردت أن يطهر قلبك ويزكو بدنك فأريدي الله بصومك وصلاتك ، ولا تريدي بهما قضاء الحوائج منه.

__________________

(١) يعني أبا سليمان عبد الرحمن بن أحمد بن عطية الداراني.

(٢) انظر صفوة الصفوة ٤ / ٣٠٢.

(٣) هي أم الخير رابعة ابنة إسماعيل العدوية البصرية ، كانت من أعيان عصرها وأخبارها في الصلاح والعبادة مشهورة ، ترجمتها في وفيات الأعيان ٢ / ٢٨٨.

(٤) هو السري بن المغلس أبو الحسن السقطي البغدادي ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٢ / ١٨٥.

(٥) بسّي أي حسبي.

١١٦

قال أحمد : فحدّثت به أبا سليمان فقال لي : ما هذا كلام راهبة ولا كلامها ، هذا كلام الأنبياء.

قال أحمد بن أبي الحواري :

لقيت راهبا بالأردنّ فقلت : ما اسمك؟ قال : يوسف ، قلت : إلى أين؟ قال : إلى ذاك الدّير ، قلت : ما تقول في الزّهد؟ قال : وما الزّهد؟! إذا وقع في يميني شيء أخرجته بشمالي في الوقت ، قلت : ما تحبس لنفسك شيئا؟ قال : لا ، إذا جاع أو عطش سبّح فشبع وروي ، ومضى وتركني ؛ فالتفتّ فإذا أنا بامرأة تقول : يا فتى ، ما كان فيما جاء به محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم كفاية حتى تسأل الراهب؟ فسألت عنها ، فإذا هي رابعة امرأة أحمد بن أبي الحواري.

قال أحمد بن أبي الحواري :

جئت إلى البيت وأنا متفكّر فقالت لي امرأتي رابعة : لم تتفكر؟ قال : قلت : رأيت شيخا راهبا ووراءه غلام حدث ذاهب ، فقلت للغلام : لم تتبع هذا؟ قال : يسقيني الدواء ، فقالت لي رابعة : فما ذا قلت له؟ قال : قلت : ما قلت له شيئا ، قالت : فألا قلت له : دواء الخوف أو دواء المحبّة؟.

قال أحمد بن أبي الحواري (١) :

جلست آكل ، وجعلت رابعة تذكّرني ، قلت لها : دعينها تهنّينا (٢) طعامنا ، قالت : ليس أنت وأنا ممّن يتنغّص عليه الطعام عند ذكر الآخرة.

وقال أحمد : سمعت رابعة تقول (٣) :

ما رأيت ثلجا قطّ إلّا ذكرت تطاير الصحف ، ولا رأيت جرادا قط إلّا ذكرت الحشر ، ولا سمعت أذانا قطّ إلّا ذكرت منادي القيامة.

قال : وقلت لنفسي : كوني في الدنيا بمنزلة المطر الواقع حتى يأتيك قضاؤه.

قال أحمد (٤) :

__________________

(١) الخبر في صفة الصفوة ٤ / ٣٠١ ونسبه في الدر المنثور ص ٢٠١ لزينب العاملية.

(٢) في صفة الصفوة : يهنينا طعامنا.

(٣) الخبر في صفة الصفوة ٤ / ٣٠٢.

(٤) الخبر في صفة الصفوة ٤ / ٣٠١.

١١٧

قلت لرابعة ـ وهي امرأتي ـ وقامت بالليل : قد رأينا أبا سليمان وتعبّدنا معه ، ما رأيت من يقوم في أوّل الليل ؛ فقالت : سبحان الله! مثلك يتكلّم بمثل هذا! إنما أقوم إذا نوديت.

قال أحمد بن أبي الحواري (١) :

كان لرابعة أحوال شتى ، فمرّة غلب عليها الحب ، ومرة غلب عليها الأنس ، ومرة غلب عليها الخوف ؛ فسمعتها في حال الحبّ تقول :

حبيب ليس يعدله حبيب

ولا لسواه في قلبي نصيب

حبيب غاب عن بصري وشخصي

وفي قلبي حبيب لا يغيب

وسمعتها في حال الأنس تقول (٢) :

ولقد (٣) جعلتك في الفؤاد محدّثي

وأبحت جسمي من أراد جلوسي

فالجسم مني للجليس مؤانس

وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي

وسمعتها في حال الخوف تقول (٤) :

زادي قليل ما أراه مبلّغي

فللزاد (٥) أبكي أم لبعد مسافتي؟

أتحرقني بالنّار يا غاية المنى

فأين رجائي فيك أين مخافتي (٦)؟

قال أبو دجانة :

كانت رابعة إذا غلب عليها الحبّ تقول :

تعصي الإله وأنت تظهر حبّه

هذا محال في الفعال بديع

لو كان حبّك صادقا لأطعته

إنّ المحبّ لمن أحبّ مطيع

__________________

(١) الخبر والبيتان في صفة الصفوة ٤ / ٣٠١ وهما في الدر المنثور ص ٢٠١ لزينب العاملية.

(٢) البيتان في صفة الصفوة ٤ / ٣٠١ ـ ٣٠٢ منسوبان لرابعة الشامية ، وهما في وفيات الأعيان ٣ / ٢٨٦ ـ ٢٨٧ والبداية والنهاية ١٠ / ١٨٧ منسوبان فيهما إلى رابعة العدوية البصرية.

(٣) في وفيات الأعيان : إنني.

(٤) البيتان في صفة الصفوة ٤ / ٣٠٢ والدر المنثور ص ٢٠١.

(٥) في صفة الصفوة : وزادي ... أللزاد.

(٦) في صفة الصفوة : «أين محبتي» وبهامشها عن نسخة : مخافتي.

١١٨

٩٣٣٦ ـ رباب بنت امرئ القيس بن عديّ بن أوس بن جابر

ابن كعب بن عليم بن هبل بن عبد الله بن كنانة الكلبيّة

زوج الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، وأمّ ابنته سكينة (١). كانت فيمن قدم به من آل الحسين دمشق بعد قتله على يزيد ؛ وذكرها الحسين عليه‌السلام في شعر له.

قال عوف بن خارجة (٢) :

إني عند عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه في خلافته إذ أقبل رجل أصعر (٣) يتخطّى رقاب الناس حتى قام بين يدي عمر ، فحيّاه تحيّة الخلافة ، فقال عمر : ما أنت؟ فقال : امرؤ نصرانيّ ، وأنا امرؤ القيس بن عديّ الكلبيّ ، فلم يعرفه عمر ، فقال له رجل من القوم : هذا صاحب بكر بن وائل الذي أغار عليهم في الجاهليّة يوم فلج (٤) ، فما تريد؟ قال : أريد الإسلام ، فعرض عليه ، فقبله ثم دعا له برمح ، فعقد له على من أسلم (٥) من قضاعة. قال : فأدبر الشيخ واللواء يهتزّ على رأسه. قال عوف بن خارجة : ما رأيت رجلا لم يصلّ سجدة أمّر على جماعة من المسلمين قبله.

قال : ونهض عليّ بن أبي طالب ومعه ابناه الحسن والحسين عليهم‌السلام من المجلس حتى أدركه ، فأخذ برأسه (٦) فقال : أنا عليّ بن أبي طالب ابن عمّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وصهره ، وهذان ابناي من ابنته ، وقد رغبنا في صهرك فأنكحنا ، قال : قد أنكحتك يا عليّ المحياة بنت امرئ القيس ، وأنكحتك يا حسن سلمى بنت امرئ القيس ، وأنكحتك يا حسين الرّباب بنت امرئ القيس.

وهي التي يقول فيها الحسين عليه‌السلام (٧) :

__________________

(١) سكينة لقب ، واسم سكينة أميمة ، وقيل : أمينة ، وقيل : آمنة والأخير هو الأقرب وسميت به باسم آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قاله أبو إسحاق المالكي.

(٢) الخبر في الأغاني ١٦ / ١٤٠ ـ ١٤١.

(٣) في الأغاني : رجل أفحج أجلى أمعر. والصعر التصعر : ميل في الوجه ، أو في أحد الشقين ، فهو أصعر (القاموس).

(٤) فلج : ماء. كما في الأغاني ، وانظر معجم البلدان ٤ / ٢٧١ وانظر عن يوم فلج الأغاني ١٥ / ٢٢ ـ ٢٣.

(٥) في الأغاني : على أن من أسلم بالشام من قضاعة.

(٦) كذا في المختصر ، وفي الأغاني : فأخذ بثيابه.

(٧) الأبيات في الأغاني ١٦ / ١٣٩ و ١٤٠.

١١٩

لعمرك إنني لأحبّ دارا

تحلّ (١) بها سكينة والرّباب

أحبّهما وأبذل بعد مالي

وليس للائمي فيها عتاب (٢)

ولست لهم وإن عتبوا مطيعا (٣)

حياتي أو يغيّبني التراب

وهي التي أقامت على قبر الحسين عليه‌السلام حولا ثم قالت :

إلى الحول ثم اسم السّلام عليكما

ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر

وسكينة اسمها آمنة أو أميمة ، وإنما سكينة لقب لقّبتها أمّها الرّباب بنت امرئ القيس.

ولما توفي الحسين خطبت الرّباب وألحّ عليها فقالت : ما كنت لأتخذ حموا بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلم تزوّج ، وعاشت بعده سنة لم يظلّها سقف بيت حتى بليت وماتت كمدا. وكانت من أجمل النساء وأعقلهنّ.

وقيل : إنها ماتت في زمن الحسين.

٩٣٣٧ ـ رحمة (٤) بنت أفراييم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم

ويقال : رحمة بنت ميشا (٥) بن يوسف بن يعقوب

زوج أيّوب (٦) عليهم وعلى نبيّنا الصّلاة والسّلام. كانت مع زوجها أيّوب بأرض البثنيّة (٧).

لما شطّ إبليس على أيّوب لم يسلّط على زوجه ولا على عينيه ولا قلبه ولا لسانه ، فكان قلبه للشّكر ، ولسانه للذّكر ، وعيناه ينظر بهما إلى السماء. فلمّا أصابه الجدريّ جاءت امرأته حتى جلست بين يديه ـ وكانت امرأته رحمة (٨) بنت ميشا بن يوسف ، وكانت أمّ ميشا أزليخا

__________________

(١) في الأغاني : «تكون» وفي رواية فيها ١٦ / ١٤٠ : تحل.

(٢) روايته في الأغاني :

أحبهما وأبذل جل مالي

وليس لعاتب عندي عتاب

(٣) صدره في الأغاني : فلست لهم وإن غابوا مضيعا.

(٤) انظر أخبارها في تاريخ الطبري ١ / ١٩٤ والبداية والنهاية ١ / ٢٥٤ والكامل لابن الأثير ١ / ١٠٣.

(٥) في ترجمة أيوب المتقدمة : منشا.

(٦) تقدمت ترجمته في تاريخ مدينة دمشق طبعة دار الفكر ١٠ / ٥٨ رقم ٨٤٨.

(٧) البثنية : ويقال البثنة ذكرها ياقوت وقال : اسم ناحية من نواحي دمشق ، وقيل هي قرية بين دمشق وأذرعات ، وكان أيوب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم منها. وقال ابن عساكر في ترجمة أيوب : هي من نواحي دمشق بقرب نوى.

(٨) وقيل اسمها : ليا ، قاله الطبري ١ / ١٩٤.

١٢٠