تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٩

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٩

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

قال أبو عامر في حديثه : فدخل الإسلام في قلبي ، وأحببت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حبّا لم أحبه شيئا قط ، قال : ولم يكن في البيت إلّا خصاف (١) ووسادة أديم ، وقال في حديثه : فلم يجلس عليها ، ولم أجلس عليها ، ثم أقبل عليّ فقال : هيه يا عدي بن حاتم أفررت أن توحّد الله ، وهل من أحد غير الله؟! هيه يا عدي بن حاتم أفررت أن تكبّر الله ، ومن أكبر من الله؟ هيه يا عدي بن حاتم ، أفررت أن تعظّم الله ومن أعظم من الله؟! هيه يا عدي بن حاتم أفررت أن تشهد أن لا إله إلّا الله وهل من إله غير الله؟! هيه يا عدي بن حاتم أفررت أن تشهد أن محمّدا رسول الله؟! قال : فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول نحو هذا ، وأنا أبكي ، قال : ثم أسلمت (٢).

قال ابن إسحاق في حديثه : ثم قال : إيه يا عدي بن حاتم ، ألم تك ركوسيا (٣) ، قال : قلت : بلى ، قال : فإن ذلك لم يكن يحلّ لك في دينك. قال : قلت : أجل والله ، وعرفت أنّه نبي مرسل ، يعلم ما يجهل ، قال ثم قال : لعله (٤) يا عدي بن حاتم إنّما يمنعك من دخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم ، فو الله لأوشك (٥) أن يفيض فيهم يعني المال حتى لا يوجد من يأخذه ، ولعله أن يمنعك من ذلك ما ترى من كثرة عدوّهم (٦) وقلّة عددهم ، فو الله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور البيت لا تخاف ، ولعلك إنّما يمنعك من دخول فيه إنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم ، وأيم الله ، ليوشكن أن تسمع بالقصور من أرض بابل البيض (٧) قد فتحت عليهم ، قال : فأسلمت.

فكان عدي يقول : مضت اثنتان وبقيت الثالثة ، وو الله لتكونن (٨) ، لقد رأيت القصور البيض من أرض بابل وقد فتحت عليهم ، ورأيت المرأة تخرج على بعيرها لا تخاف إلا الله حتى تحجّ هذا البيت من القادسية ، وأيم الله لتكونن الثالثة ، ليفيضنّ (٩) المال حتى لا يوجد من يأخذه.

__________________

(١) الخصاف جمع خصفة وهي جلة التمر التي تعمل من الخوص.

(٢) قول أبي عامر العقدي المتقدم ليس في سيرة ابن هشام.

(٣) الركوسي ، من الركوسية وهم قوم لهم دين بين دين النصارى والصابئين (راجع تاج العروس واللسان : ركس).

(٤) في السيرة : لعلك.

(٥) في السيرة : ليوشكن المال أن يفيض.

(٦) بالأصل و «ز» : عددهم ، والمثبت عن السيرة.

(٧) في السيرة : بالقصور البيض من أرض بابل.

(٨) إعجامها ناقص بالأصل ، والمثبت عن «ز» ، والسيرة.

(٩) بالأصل و «ز» : ليبيضن ، والمثبت عن السيرة.

٢٠١

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور ، أنا أبي أبو العباس الفقيه ، أنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي الشهرزوري المالكي ، إملاء ، نا أبو علي أحمد بن عبد الله بن محمّد بن عبد الرّحمن الأصبهاني العدل بالري ، أنا أحمد بن محمّد بن إسحاق ، حدّثني سالم (١) بن معاذ بن سلم (٢) ، نا سليمان بن الربيع الكوفي ، نا عبد الحميد بن صالح البرجمي ، نا زكريا ابن عبد الله بن يزيد الصهباني ، عن أبيه ، عن كميل بن زياد النخعي ، عن علي بن أبي طالب أنّه قال :

يا سبحان الله ، ما أزهد كثيرا من الناس في الخير ، عجبت لرجل يجيئه أخوه المسلم في حاجة لا يرى نفسه للخير أهلا ، فلو أنّا لا نرجو جنّة ، ولا نخشى نارا ، ولا ثوابا ولا عقابا لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق ، فإنّها تدلّ على سبل النجاح ، فقام رجل فقال : فداك أبي وأمي يا أمير المؤمنين ، سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : نعم ، وما هو خير منه ، لما أتينا بسبايا طيء ووقفت (٣) جارية جماء ، حواء لعساء (٤) ، لمياء (٥) ، عيطاء (٦) شماء الأنف ، معتدلة القامة ، درماء الكعبين ، جدلة الساقين ، لفاء العجزين ، خميصة الخصرين ، مصقولة المتنين ، ضامرة الكشحين ، فلمّا رأيتها أعجبت بها ، فقلت : لأطلبن إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يجعلها من فيئي ، فلمّا تكلمت نسيت جمالها لما رأيت من فصاحتها. فقالت : يا محمّد ، إن رأيت أن تخلّي عني. فلا تشمت بي أحياء العرب ، فإني ابنة سيد قومي ، وإنّ أبي كان يفك العاني ، ويحمي الذمار ، ويقري الضيف ، ويشبع الجائع ، ويفرج عن المكروب ، ويفشي السلام ، ويطعم الطعام ، ولم يرد طالب حاجة قط ، أنا ابنة حاتم طيء ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا جارية ، هذه صفة المؤمن حقا ، لو كان أبوك إسلاميا لترحمنا عليه ، خلّوا عنها ، فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق ، والله يحب مكارم الأخلاق» فقام أبو بردة بن نيار فقال : يا رسول الله ، الله يحب مكارم الأخلاق ، قال : «يا أبا بردة لا يدخل الجنّة أحد إلّا يحسن الخلق» [١٣٧٥٠].

__________________

(١) كذا بالأصل ، وفي «ز» : سلم.

(٢) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المطبوعة : سالم.

(٣) بالأصل والمختصر : «وقعت» والمثبت عن «ز».

(٤) بالأصل : حمراء لعصاء ، والمثبت عن «ز».

(٥) بالأصل : لفاء ، والمثبت عن «ز».

(٦) في الأصل : غبطا ، والمثبت عن «ز».

٢٠٢

أخبرناه عاليا أبو المظفر بن القشيري ، نا أبي الأستاذ أبو القاسم إملاء ، أنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ ، حدّثني أبو بكر محمّد بن عبد الله بن يوسف العماني ، نا أبو سعيد عبيد بن كثير بن عبد الواحد الكوفي ، نا ضرار بن صرد ، نا عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة ، وهو الثّمالي (١) ، عن عبد الرّحمن بن جندب ، عن كميل بن زياد النخعي قال : قال علي بن أبي طالب :

يا سبحان الله ، ما أزهد كثيرا من الناس في خير ، عجبا لرجل يجيئه أخوه المسلم في الحاجة فلا يرى نفسه للخير أهلا ، فلو كان لا يرجو حسابا ، ولا يخشى عذابا ، لكان ينبغي له أن يسارع في مكارم الأخلاق ، فإنّها تدل على سبيل النجاح ، فقام إليه رجل ، فقال : فداك أبي وأمي ، يا أمير المؤمنين ، أسمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قال : نعم ، وما هو خير منه ، لما أتي بسبايا طيء ، وقفت جارية جمّاء ، حواء (٢) لعساء ، لفّاء ، عيطاء ، شماء الأنف ، معتدلة القامة والهامة ، درماء الكعبين ، جدلة الساقين ، لفّاء الفخذين (٣) ، خميصة الخصرين ، ضامرة الكشحين ، مصقولة المتنين ، قال : فلما رأيتها أعجبت بها وقلت : لأطلبن إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليجعلها في فيئي ، فلمّا تكلمت أنسيت جمالها لما رأيت من فصاحتها فقالت : يا محمّد إن رأيت أن تخلي عني ، ولا تشمت بي أحياء العرب ، فإني ابنة سيد قومي ، فإن أبي كان يحمي الذمار ، ويفك (٤) العاني ، ويشبع الجائع ، ويكسو العاري ، ويقري الضيف ، ويطعم الطعام ، ويفشي السلام ، ولم يرد طالب حاجة قط ، أنا ابنة حاتم طيء ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا جارية ، هذه صفة المؤمن ، لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه ، خلّوا عنها ، فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق» ، فقام أبو بردة بن نيار فقال : يا رسول الله ، الله يحب مكارم الأخلاق ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «والذي نفسي بيده لا يدخل الجنّة أحد إلّا يحسن الخلق» [١٣٧٥١].

قال الأستاذ : قوله جماء : أي كثيرة شعر الرأس ، وقوله : لعساء : إذا كان في لونها أدنى سواد مشرب حمرة ، ويقال لعساء الشفة أي حمراؤها حمرة تضرب إلى السواد ، وقوله لفاء : أي كثيرة شعر الرأس ، وشجرة لفاء ملتفة الأغصان ، وقوله عيطاء : أي طويلة العنق في

__________________

(١) اسمه ثابت بن أبي صفية دينار ، أبو حمزة الثمالي ، راجع ترجمته في تهذيب الكمال ٣ / ٢٣٣.

(٢) بالأصل و «ز» هنا : «حمراء».

(٣) بالأصل : «العجزين» والمثبت عن «ز».

(٤) بالأصل : ويقيل ، والمثبت عن «ز».

٢٠٣

اعتدال ، وشماء الأنف بخلاف الفطساء ، وقوله درماء الكعبين (١) : أي لا تبين من اللحم ، وقوله جدلة الساقين : أي ممتلئة لحما. ولفّاء الفخذين كذلك ، ومصقولة المتنين أي ليست بمنتفخة الجنبين. وصقلت الناقة إذا أضمرتها.

أنبأنا أبو سعد المطرز ، وأبو علي الحداد ، قالا : أنا أبو نعيم قال : سفانة بنت حاتم الطائي أخت عدي بن حاتم ، سبيت ، فقدم بها على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في سبايا من طيء ، فحبسها أياما ثم منّ عليها ، وأعطاها نفقة وكسوة ، وردّها إلى مأمنها فأشارت على أخيها عدي ابن حاتم بالقدوم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

[سكينة](٢)

٩٣٦١ ـ سكينة ـ واسمها : أميمة ، ويقال : أمينة ويقال : آمنة ـ بنت الحسين

ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمية (٣)

قدمت دمشق مع أهل بيتها بعد قتل أبيها ، ثم خرجت إلى المدينة ، ويقال : إنها عادت إلى دمشق بعد ذلك ، وأن قبرها بها.

حدّثت عن أبيها.

روى عنها فائد المدني مولى عبيد الله بن أبي رافع.

قرأت على أبي محمّد [بن](٤) حمزة ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا أبو الحسين محمّد بن الحسن بن أحمد الأهوازي ، نا أحمد بن محمود بن خرّزاذ (٥) القاضي ، نا أحمد بن سهل بن أيوب ، نا الحزامي ، نا إسحاق بن إبراهيم مولى جميع بن حارثة ، نا عبد الله بن ماهان الأزدي ، نا فائد المدني.

ح وأخبرنا أبو علي الحداد ، وغيره إذنا ، قالوا : أنا أبو بكر بن ريذة ، أنا سليمان بن

__________________

(١) تقرأ بالأصل : الكفين ، والمثبت عن «ز».

(٢) زيدت عن «ز» ، وليست بالأصل.

(٣) انظر ترجمتها وأخبارها في نسب قريش للمصعب ص ٥٩ وطبقات ابن سعد ٨ / ٤٧٥ وجمهرة ابن حزم ص ٨٦ و ١٠٥ و ١٢١ وأنساب الأشراف ٢ / ٤١٧ ووفيات الأعيان ٢ / ٣٩٤ والأغاني ١٦ / ١٣٩ وسير أعلام النبلاء ٥ / ٧٥ وشذرات الذهب ١ / ١٥٤.

(٤) زيادة لازمة.

(٥) بالأصل : حزراد ، تصحيف ، والمثبت عن «ز».

٢٠٤

أحمد (١) ، نا مسعدة بن سعد المكي العطار ، نا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، نا إسحاق بن إبراهيم مولى جميع بن حارثة الأنصاري ، حدّثني عبد الله بن ماهان الأزدي ، حدّثني فائد مولى عبيد الله بن أبي رافع ، حدّثتني سكينة بنت الحسين بن علي ، عن أبيها قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «حملة القرآن عرفاء أهل الجنة» زاد سليمان : «يوم القيامة» [١٣٧٥٢].

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالوا : أنا أبو جعفر ، أنا أبو طاهر ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزبير قال (٢) : في تسمية ولد الحسين : وسكينة ، واسمها آمنة ، وإنّما سكينة لقب لقبتها أمها الرباب بنت امرئ القيس ، وتزوج سكينة بنت حسين عبد الله بن حسن بن علي ، أمه بنت الشليل بن عبد الله البجلي ، بنت أخي جرير ابن عبد الله ، فقتل مع عمه الحسين بالطّفّ ، قبل أن يبني بها ، ثم تزوجها مصعب بن الزّبير ، فولدت له جارية اسمها الرّبّاب ، كانت عند عثمان بن عروة بن الزبير ، ثم خلف عليها عبد الله ابن عثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام (٣) بن خويلد ، فولدت له حكيما وعثمان ، وهو قرين ، وربيحة ، تزوج ربيحة العباس بن الوليد بن عبد الملك بن مروان ، ثم خلف على سكينة زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان ، ثم خلف عليها إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف ، فلم ينفذ (٤) نكاحه. قال الزبير : قال عمي مصعب بن عبد الله : فرّق بينهما هشام بن عبد الملك ، ثم خلف عليها الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان ، فلم ينفذ (٥) نكاحه ، وقال عمي مصعب بن عبد الله : حملت إليه بمصر ، فوجدته قد مات.

قرأت على أبي غالب بن البناء ، عن أبي محمّد الجوهري.

وحدّثنا عمي رحمه‌الله ، أنا أبو طالب بن يوسف ، أخبرنا الجوهري قراءة.

أنا أبو عمر بن حيوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن فهم ، نا محمّد بن سعد (٦) قال : سكينة بنت حسين بن علي بن أبي طالب ، وأمها الرباب بنت امرئ القيس بن عدي بن

__________________

(١) رواه الطبراني في المعجم الكبير ٣ / ١٣٢ رقم ٢٨٩٩.

(٢) انظر الخبر في نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٥٩.

(٣) بالأصل : حرام ، والمثبت عن «ز» ، ونسب قريش.

(٤) بالأصل : ينفد ، والمثبت عن «ز».

(٥) راجع الحاشية السابقة.

(٦) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٤٧٥.

٢٠٥

أوس بن جابر بن كعب بن عليم بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة (١) بن ثور بن كلب ، تزوجها مصعب بن الزبير بن العوام ، ابتكرها فولدت له فاطمة ثم قتل عنها فخلف عليها عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام (٢) بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، فولدت له عثمان الذي يقال له قرين ، وحكيما ، وربيحة ، فهلك عنها فخلف عليها زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان ، فهلك عنها ، فخلف عليها إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف الزهري (٣) ، كانت ولية نفسها فتزوجها فأقامت معه ثلاثة أشهر فكتب هشام بن عبد الملك إلى واليه بالمدينة أن فرّق بينهما ، ففرّق بينهما. وقال بعض أهل العلم : هلك [عنها](٤) زيد بن عمرو بن عثمان وتزوجها الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم.

أنبأنا أبو محمّد بن الآبنوسي ، ثم أخبرني أبو الفضل السلامي عنه ، أنا الحسن بن علي ، أنا محمّد بن محمّد (٥) بن المظفر ، أنا أبو علي المدائني ، أنا أبو بكر بن البرقي قال في تسمية ولد الحسين بن علي : وسكينة بنت الحسين ، وكانت سكينة من أجلّ نساء قريش ، دخلت على هشام في قواعد نساء قريش ، فسلبته منطقته ومطرفه وعمامته ، وقال لها هشام لما طلبت ذلك منه أو غيره؟ تقول : ما أريد غيره ، وكان هشام يعتمّ ويلبس ، فسلبته ذلك كله ، ودعا بثياب غيرها فلبسها ، وكانت إذا لعن مروان جدّها عليا رضي‌الله‌عنه لعنته ، وأباه وأبا أبيه ، وكانت من أجمل الناس.

أخبرنا أبو محمّد بن حمزة بقراءتي عليه عن أبي نصر بن ماكولا قال (٦) : أما سكينة بضم السين وفتح الكاف وتخفيفها وفتح النون فهي سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب ، لها أخبار مشهورة ، وقد روت عن أبيها. روى عنها فائد المديني (٧).

كتب إليّ أبو طالب عبد القادر بن محمّد بن يوسف ، أنا أبو إسحاق البرمكي.

__________________

(١) بالأصل : ربيدة ، والمثبت عن «ز» ، وابن سعد.

(٢) بالأصل : حرام ، والمثبت عن «ز» ، وابن سعد.

(٣) تحرفت بالأصل إلى : الزبيري ، والتصويب عن «ز» ، وابن سعد.

(٤) سقطت من الأصل و «ز» ، وزيدت عن ابن سعد.

(٥) «محمد بن» ليسا في «ز».

(٦) الاكمال لابن ماكولا ٤ / ٣١٦.

(٧) كذا بالأصل ، وفي «ز» ، والاكمال : المدني.

٢٠٦

ثم حدّثني أبو المعمر الأنصاري ، أنا أبو الحسين بن الطيوري ، أنا علي بن عمر بن محمّد بن الحسن وإبراهيم البرمكي.

قالا : أنا أبو عمر بن حيوية ، أنا أبو عمر محمّد بن عبد الواحد ، أنا ثعلب ، عن ابن الأعرابي قال (١) : يروى عن سكينة بنت الحسين أنّها جاءت وهي صغيرة إلى أمّها وهي تبكي ، فقالت لها : ما لك؟ فقالت : مرّت بي دبيرة (٢) فلسعتني بأبيرة فأوجعتني قطيرة (٣).

أخبرنا أبو الحسين محمّد بن كامل بن مجاهد ، أنا محمّد بن أحمد بن عمر بن المسلمة إذنا ، أن أبا عبيد الله محمّد بن عمران بن موسى أجاز لهم ، نا محمّد بن أحمد الكاتب ، نا عبد الله بن أبي سعد الوراق ، نا محمّد بن أحمد بن عيسى ، حدّثني محمّد بن الفضل النهشلي ، حدّثني أبو مسلم الخشاب قال : لما خرج مصعب بن الزبير فصار على عشرة أيام من الكوفة كتب إلى سكينة بنت الحسن عليهما‌السلام :

وكان عزيزا أن أبيت وبيننا

شعار ، فقد أصبحت منك على عشر

وأبكاهما (٤) ، والله ، للعين فاعلمي

إذا ازددت مثليها فصرت على شهر

وأبكي لعيني منهما اليوم أنني

أخاف بأن لا نلتقي آخر الدهر

فلما قتل ، أنشأت سكينة تقول :

فإن تقتلوه تقتلوا الماجد الذي

يرى الموت إلا بالسيوف حراما

وقبلك ما خاص الحسين منية

إلى السيف حتى أوردوه حماما

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد الخطيب ، أنا أبو منصور النهاوندي ، أنا أبو العباس ، أنا ابن الأشقر ، نا البخاري ، نا عبد الله ، يعني ابن صالح ، حدّثني الليث ، حدّثني يونس ، عن ابن شهاب قال : نكحت سكينة ابنة الحسين (٥) إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف بغير ولي ، فكتب عبد الملك إلى هشام بن إسماعيل أن فرّق بينهما.

أخبرنا أبو بكر الشّحّامي ، أنا أبو حامد الأزهري ، أنا أبو سعيد بن حمدون ، أنا أبو

__________________

(١) الخبر في الأغاني ١٦ / ١٤٤ وتاج العروس بتحقيقنا : دبر.

(٢) دبيرة : تصغير دبرة وهي النحلة.

(٣) بالأصل : فطيرة ، والمثبت عن «ز» ، والأغاني. قولها : قطيرة أي أنها أوجعتها إيجاعا يسيرا لا شديدا.

(٤) في «ز» : وأنكاهما.

(٥) تحرفت بالأصل إلى : الحسن ، والمثبت عن «ز».

٢٠٧

حامد بن الشّرقي (١) ، نا محمّد بن يحيى ، نا أبو صالح ، حدّثني الليث ، حدّثني يونس ، عن ابن شهاب في المرأة تنكح نفسها بغير إذن وليها ، قال : زوّجت سكينة بنت حسين نفسها إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف ، فكتب فيها هشام بن إسماعيل إلى عبد الملك بن مروان ، فكتب عبد الملك أن يفرّق بينهما ، فإن كان دخل بها فلها صداقها بما استحلّ منها ، وإن لم يكن دخل بها خطبها مع الخطّاب.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا المخلص ، أنا أبو عبد الله الطوسي ، نا الزبير قال (٢) : حدّثني محمّد بن سلّام ، عن شعيب بن صخر ، عن أمه سعدة بنت عبيد الله (٣) بن سالم قالت (٤) : لقيت سكينة بنت حسين بين مكة ومنى ، فقالت : قفي [لي] يا بنت عبيد الله ، وكشفت عن ابنتها (٥) ، قالت : فإذا بها قد أثقلتها بالحلي ، فقالت : ما ألبستها إياه إلّا لتفضخه (٦).

أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي ، أخبرني أبو بكر الخطيب ، أنا أبو نعيم الحافظ ، نا سليمان بن أحمد ، نا أبو خليفة ، نا محمّد بن سلّام قال : سمعت أبي يقول : قالت جارية سكينة لسكينة : بالباب رجل يقول : لي حاجة ، قالت : ما حاجته؟ فذهبت ثم عادت قالت : يقول : لي حاجة ، حتى فعلت ذلك مرة أو مرتين أو أكثر ، قالت : فلعلها حاجة الديك إلى الدجاجة؟

أخبرنا أبو منصور بن زريق ، أنا أبو بكر الخطيب (٧) ، أخبرني أبو الحسن علي بن أيوب القمي (٨) ، أنا محمّد بن عمران بن موسى المرزباني ، حدّثني محمّد بن طاهر الطاهري ، نا أحمد بن يحيى النحوي ، نا عبد الله بن شبيب ، حدّثني عمر بن عثمان قال : مرّت سكينة بعروة بن أذينة فقالت له : يا أبا عامر أنت الذي تقول :

__________________

(١) تحرفت بالأصل إلى : «الشرفي» و «ز» : «السرقي».

(٢) من طريقه رواه أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني ١٦ / ١٥٠.

(٣) كذا بالأصل و «ز» ، وفي الأغاني : عبد الله.

(٤) بالأصل : قال ، خطأ ، والمثبت عن «ز».

(٥) في الأغاني : فكشفت عن بنتها من مصعب.

(٦) بالأصل : ليفضحه ، والمثبت عن «ز» ، والأغاني. تريد أنها تفضح الحلي بحسنها ، لأنها أحسن منه ، كما ذكر في الأغاني ١٦ / ١٥٢.

(٧) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٥ / ٣٧٧ في أخبار أبي العباس محمد بن طاهر الطاهري ، ووفيات الأعيان ٢ / ٣٩٤.

(٨) بالأصل و «ز» : العمي ، تصحيف ، والمثبت عن تاريخ بغداد.

٢٠٨

يا نظرة لي ضرت يوم ذي سلم

حتى متى لي هذا الضر في نظري

قالت وأبثثتها سري فبحت به ـ :

قد كنت عندي تحت الستر فاستتري (١)

ألست تبصر من حولي؟ فقلت لها :

غطّي هواك وما ألقى على بصري

وأنت القائل :

إذا وجدت أذى للحب في كبدي

أقبلت نحو سقاء القوم أبترد

هذا بردت ببرد الماء ظاهره

فمن لحرّ على الأحشاء يتّقده؟

قالت : هن حرائر ـ وأشارت إلى جواريها ـ إن كان خرج هذا من قلب سليم.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، بقراءتي ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا تمام بن محمّد الرازي ، نا أبو الحسن مزاحم بن عبد الوارث بن إسماعيل بن عباد البصري ، قدم دمشق ، ونزل في دار خديجة في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة ، نا محمّد بن زكريا الغلابي ، نا محمّد بن عبد الرّحمن بن القاسم ، حدّثني أبي ، عن حماد الراوية ، حدّثني بعض أهل الكوفة قال (٢) : خرجت حاجا ، فأتيت منزل سكينة ابنة الحسين مسلّما عليها ، معظما لحقّها ، فألفيت (٣) ببابها الفرزدق وجريرا وكثيّر عزّة وجميلا ، والناس مجتمعون ما بين مقتبس من علمهم وناظر إليهم ، فلم ألبث إلّا يسيرا حتى خرجت جارية لها عليها قميص كأن شعاع الشمس فيما بين جلدها وقميصها ، وإذا هي بيضاء عطبول ، لم يشنها قصر ولا طول. فقالت : سيدتي تقرأ عليكم السّلام وتقول لكم : أين الفرزدق؟ فقال : ها أنا ذا ، قالت : تقول لك سيدتي : أنت القائل (٤) :

إن الذي سمك السماء بنى لنا

بيتا ، دعائمه أعزّ وأطول

بيتا بناه لنا المليك وما بنى

ملك السماء فإنه لا ينقل

وأنت القائل (٥) :

هما دلتاني من ثمانين قامة

كما انقضّ باز أقتم (٦) الرأس كاسره

__________________

(١) كذا بالأصل و «ز» ، وفي تاريخ بغداد : تحب الستر فاستتر.

(٢) الخبر من طريق آخر في مصارع العشاق ٢ / ٧٩ وما بعدها باختلاف الرواية.

(٣) بالأصل : فألقيت ، والمثبت عن «ز».

(٤) البيتان في ديوان الفرزدق ٢ / ١٥٥ (ط. بيروت. صادر).

(٥) البيت في ديوان الفرزدق ١ / ٢٥٩ ومن أبيات في مصارع العشاق ٢ / ٨١.

(٦) بالأصل : أقيم ، والمثبت عن «ز» ، والديوان ومصارع العشاق.

٢٠٩

صوابه : الريش.

فلما استوت رجلاي في الأرض نادتا (١)

أحيّ نرجّي أم قتيل نحاذره

فأصبحت في القوم القعود وأصبحت (٢)

مغلقة دوني عليها دساكره

قال : نعم ، أنا القائل ، قالت : سوأة (٣) لك قضت حاجتك ، وأتت مسرتك ، ثم أخبرت عنها وعن نفسك وهتكت سترها ، هتك الله سترك ، ثم انصرفت ، فلم تلبث إلّا يسيرا حتى خرجت فقالت : أيكم جرير؟ فقال : أنا ذا ، قالت : تقول لك سيدتي أنت القائل (٤) :

يا أم ناجية ، السلام عليكم

قبل الرحيل (٥) ، وقبل لوم العزّل

وإذا غدوت فباكرتك تحية

سبقت سروح الشاحجات (٦) الحجّل

لو كنت أعرف أن آخر عهدكم

يوم الرحيل فعلت ما لم أفعل

قال : نعم أنا القائل لهذا. قالت : غفر الله لك يا أبا حزرة. وأنت القائل (٧) :

سرت الهموم فبتن غير نيام

وأخو الهموم يروم كل مرام

ذم المنازل بعد منزلة اللوى

والعيش (٨) بعد أولئك الأقوام

طرقتك صائدة القلوب وليس ذا

وقت الزيارة فارجعي بسلام

قال : نعم أنا القائل هذا. قالت : فسوأة لك. جعلتها صائدة لقلبك. حتى إذا أناحت ببابك ألقيت من دونها الحجاب وقلت : ليس ذا وقت الزيارة. فارجعي بسلام؟ ويلك وهل تكون الزيارة إلّا بالليل؟ ألا رفعت حجابك. وأخذت بيدها ، وقربت مجلسها ، ولم تردها بحسرتها ، وقلت : هذا وقت الزيارة فادخلي بسلام؟ فسوأة لك. قال : أجل فسوأة لي ، ثم انصرفت ، فلبثت قليلا ثم خرجت. فقالت : أيكم كثيّر عزة؟ قال : ها أنذا. قالت : تقول لك سيدتي. أنت القائل :

__________________

(١) بالأصل : باديا ، وفي مصارع العشاق : قالتا ، والمثبت عن «ز».

(٢) صدره في مصارع العشاق :

فأصبحت في أهل وأصبح قصرها

(٣) في الأصل : سودة ، والمثبت عن «ز».

(٤) الأبيات في ديوان جرير ص ٣٣٥ (ط. بيروت) من قصيدة يهجو الفرزدق.

(٥) في الديوان : الرواح.

(٦) الشاحجان : الغربان.

(٧) الأبيات في ديوان جرير ص ٤١٦ من أبيات يجيب الفرزدق ، ومصارع العشاق ٢ / ٨٠.

(٨) بالأصل و «ز» : فالعيش ، والمثبت عن الديوان.

٢١٠

أراعي نجوما في السماء كأنني

أوكل باللاتي تغيب وتطلع

إذا ما بدا نجم يلوع بناره

يعين لي قلبي فقلبي مروع

شفيت فما طول اشتياقي إلى التي

سبتني فعيني تستهل وتدمع

قال : نعم ، أنا القائل هذا. قالت : غفر الله لك ولقومي. ولا كتب عليك بهذا الكلام سيئة أبدا. وأنت القائل (١) :

وكنت كذي رجلين ، رجل صحيحة

ورجل رمى فيها الزمان فشلّت

وكنت كذات الطلع لما تحاملت

على ظلعها بعد العثار (٢) استقلّت

هنيئا مريئا غير داء مخامر

لعزّة من أعراضنا ما استحلت

فما أنا بالداعي لعزة بالردى

ولا شامت إن نعل عزة زلّت

قال : أنا القائل هذا ، قالت : غفر الله لك ولقومك ، ولا كتب عليك بهذا الكلام سيئة أبدا. وأنت القائل (٣) :

وأعجبني يا عز منك خلائق

كرائم إذا عدّ الخلائق أربع

دنوك حتى تذكري العاشق الهوى (٤)

وبعدك أسباب الهوى حين يطمع

لزمت لنا بالبخل منك طريقة (٥)

فليتك ذوا (٦) لونين يعطي ويمنع

قال : نعم أنا القائل هذا. قالت : فسوأة لك. جعلتها ذا لونين تعطي من يستحق المنع ، وتمنع من يستحق الإحسان والعطية؟! قال : نعم ، فسوأة لي ثم انصرفت فلم تلبث إلّا يسيرا حتى خرجت. فقالت : أيكم جميل؟ فقال : ها أنا ذا قالت : تقول لك سيدتي : أنت القائل :

أيا من أجاب العبد أيوب إذ دعا

وكان طويل ليله يتململ

ويا من دعاه يونس (٧) فأجابه

لدى ظلمات جوف حوت يهلل

ويا من فدى إسحاق منه برحمة

ورد إلى يعقوب ما كان يأمل

__________________

(١) الأبيات في ديوان كثير ص ٥٥ (ط. بيروت).

(٢) بالأصل و «ز» : العقار ، والمثبت عن الديوان.

(٣) الأبيات في ديوان كثير ص ١١٦ ومصارع العشاق ٢ / ٨١.

(٤) صدره في الديوان :

دنونك حتى يذكر الجاهل الصبا

(٥) صدره في الديوان :

بخلت فكان البخل منك سجية

(٦) بالأصل و «ز» : «ذا» وفي الديوان : «ذو».

(٧) بالأصل و «ز» : يوسف ، والمثبت عن المطبوعة.

٢١١

عليّ إلهي ردّ من قطع الهوى

فإني به في كل يوم أوكل

وإلّا فموتا ، إن في الموت راحة

وفي الموت راحات لمن كان يعقل

قال : نعم أنا القائل هذا. قالت : قد رأى الله مكانك يا مسكين ، ولقد أكثرت التضرع إلى ربك حين قلت : يا من ، يا من ، وأنت القائل (١) :

لقد ذرفت عيني وطال سجومها (٢)

وأصبح من نفسي معنى (٣) صحيحها

فلا (٤) أنا أرجو أن نفسي صحيحة

ولا الموت فيما قد شجاها يريحها

ألا ليتنا نحيا جميعا وإن نمت

يجاور في الموتى ، ضريحي ضريحها

فما أنا في طول الحياة براغب

إذا قيل قد سوي عليها صفيحها

أظلّ نهاري ، مستهاما ويلتقي

لدى الليل ، روحي ، في المنام ، وروحها

قال : نعم أنا القائل. قالت : غفر الله لك ولقومك ، يا أخا عذرة ، ولا كتب عليك بهذا الكلام سيئة أبدا. وأنت القائل :

ألا ليتني أعمى أصم تقودني

بثينة لا يخفى عليّ كلامها (٥)

قال : نعم ، أنا القائل هذا ، قالت الجارية : تقول لك سيدتي : أرضيت من الدنيا وعيشها ونعيمها أن تكون أعمى أصمّ إلّا أنه لا يخفى عليك كلام بثينة؟ قال : نعم ، فدخلت فأخبرت مولاتها بما سمعت من لفظه ، فلم تلبث إلّا يسيرا حتى خرجت الجارية معها كيس فيه ألفا درهم ومنديل فيه أصناف ، فقالت : تقول لك سيدتي اقطع لك هذه الثياب ، وأنفق هذه الدراهم ، فإذا نفدت فائتنا ، فإنّ لك عندنا المواساة ، وأمرت للشعراء بألف ألف.

أنبأنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي ، أنا أبو محمّد جعفر بن أحمد بن الحسين (٦) السراج ، أنا أبو القاسم عبد العزيز بن بندار الشيرازي بمكة ، أخبرنا أبو بكر أحمد ابن علي بن لال الهمداني ، نا أبو منصور أحمد بن شعيب البخاري ، نا سهل بن شاذويه

__________________

(١) الأبيات في ديوان جميل ص ٢٩ (ط. بيروت).

(٢) كذا بالأصل و «ز» ، وفي الديوان : سفوحها.

(٣) كذا بالأصل و «ز» ، وفي الديوان : سقيما.

(٤) البيت ليس في الديوان.

(٥) بالأصل و «ز» : «مكانها» والمثبت عن المطبوعة.

(٦) في «ز» : الحسن.

٢١٢

البخاري ، نا عيسى بن الجنيد أبو أحمد النحوي الكشي ، عن أبي عبيدة معمر بن المثنى ، قال : حدث عوانة بن الحكم قال (١) :

اجتمع في ضيافة سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب وهي تحت مصعب بن الزبير الفرزدق بن غالب ، وجرير بن الخطفي ، وكثيّر عزّة ، ونصيب ، وجميل بن معمر ، فمكثوا ثلاثا ، فأذنت لهم ، فجلسوا حيث تراهم ولا يرونها ، وتسمع (٢) كلامهم ، فخرجت إليهم وصيفة قد روت الأحاديث والأشعار ، فقالت : أيكم الفرزدق ، فقال : ها أنا ذا. قالت : أنت القائل (٣) :

هما دلتاني (٤) من ثمانين قامة

كما انقضّ باز أقتم الريش كاسره

فلما استوت رجلاي في الأرض نادتا

أحيّ يرجى أم قتيل نحاذره؟!

فقلت : ارفعوا (٥) الأسباب (٦) لايشعروا بنا

وأقبلت في أعجاز ليل أبادره

أبادر بوابين قد وكلا (٧) بنا

وأحمر من ساج تبصّ مسامره

فأصبحت في القوم القعود وأصبحت

مغلقة دوني عليها دساكره

ترى أنها أمست حصانا وقد جرت

لنا برتاها (٨) بالذي أنا شاكره

قال : نعم أنا قائله. قالت : فما دعاك إلى إفشاء سرك وسرها؟ ألا سترت على نفسك وعليها؟ خذ هذه الألف والحق بأهلك. ثم دخلت على مولاتها. وخرجت فقالت : أيكم جرير؟ قال : ها أنا ذا ، قالت : أنت القائل :

طرقتك صائدة القلوب وليس ذا

حين الزيارة فارجعي بسلام

تجري السواك على أغر كأنه

برد تحدر من متون غمام

لو كان عهدك كالذي حدثتنا

لوصلت ذاك فكان عير رمام (٩)

إني أواصل من أردت وصاله

بحبال لا صلف ولا لوام

__________________

(١) الخبر بطوله والشعر في الأغاني ١٦ / ١٦١ وما بعدها ، وانظر مصارع العشاق ٢ / ٧٩ وما بعدها.

(٢) الخبر بطوله والشعر في الأغاني ١٦ / ١٦١ وما بعدها ، وانظر مصارع العشاق ٢ / ٧٩ وما بعدها.

(٣) تقدمت الأبيات قريبا ، وانظر ديوان الفرزدق ١ / ٢٥٩ (ط. صادر ، بيروت).

(٤) بالأصل و «ز» : دلياني.

(٥) في الديوان : ارفعا الأسباب.

(٦) في الأغاني : الامراس.

(٧) بالأصل و «ز» : «وكلوا بنا» والمثبت عن الديوان والأغاني.

(٨) بالأصل و «ز» : «برباها» والمثبت عن الديوان.

(٩) بالأصل و «ز» : لو كان عهدي ... غير ذمام.

٢١٣

قال : نعم. قالت : أفلا أخذت بيدها ورحبت بها. وقلت لها ما يقال لمثلها؟ أنت عفيف وفيك ضعف ، خذ هذين الألفين (١) والحق بأهلك.

ثم دخلت إلى مولاتها. وخرجت فقالت : أيكم كثير؟ فقال : ها أنا ذا. قالت : أنت القائل :

وأعجبني يا عز منك خلائق

كرام إذا عدّ الخلائق أربع

دنوك حتى يذكر الجاهل الصبا

ورفعك أسباب الهوى

فو الله ما يدري كرم وصلته

أيناك إذ باعدت أم يتضرع

قال : نعم. قالت : ملحت وشكلت. خذ هذه الثلاثة الآلاف درهم والحق بأهلك. ثم دخلت إلى مولاتها. ثم خرجت قالت : أيكم نصيب (٢)؟ قال : ها أنا ذا. قالت : أنت القائل (٣) :

ولو لا أن يقال : صبا نصيب

لقلت : بنفسي النشأ الصغار

بنفسي كل مهضوم حشاها

إذا ظلمت فليس لها انتصار

إذا ما الزل ضاعفن الحشايا

كفاها أن يلاث بها الإزار

قال : نعم. قالت : ربيتنا صغارا ، ومدحتنا كبارا. خذ هذه الأربعة الآلاف درهم ، والحق بأهلك. ثم دخلت إلى مولاتها ، وخرجت فقالت : يا جميل تقرأ عليك السلام وتقول : والله ، ما زلت مشتاقة إلى رؤيتك منذ سمعت قولك :

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة

بوادي القرى إني إذا لسعيد

لكل حديث بينهن بشاشة

وكل قتيل بينهن شهيد

جعلت حديثنا بشاشة ، وقتلانا شهداء ، خذ هذه الألف (٤) دينار ، والحق بأهلك.

قال : وأخبرنا ابن لال ، أنا أحمد بن الحسين بن علي ، نا أبو الحسن حامد بن حماد بن المبارك ، نا إسحاق بن سيار ، نا الأصمعي عبد الملك بن قريب ، عن أبيه ، عن لبطة (٥) بن الفرزدق بن غالب قال :

__________________

(١) في الأغاني : هذه الألف.

(٢) هو نصيب بن رباح ، مولى عبد العزيز بن مروان. انظر أخباره في الأغاني ١ / ٣٢٤.

(٣) البيتان الأول والثاني في الأغاني ١٦ / ١٦٢.

(٤) بالأغاني : هذه الأربعة الآلاف دينار.

(٥) بدون إعجام في «ز» ، وفوقها ضبة.

٢١٤

اجتمع أبي وجميل بن معمر العذري ، وجرير بن الخطفي ، ونصيب مولى عمر (١) ، وكثيّر عزّة في موسم من المواسم ، فقال بعضهم لبعض : والله لقد اجتمعنا في هذا الموسم لأمر خير أو شر ، وما ينبغي لنا أن نتفرق إلّا وقد تتابع (٢) لنا في (٣) الناس شيء يذكرنه فقال جرير : هل لكم في سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب نقصدها فنسلم عليها ، فلعل ذلك يكون سببا لبعض ما نريد ، فقالوا : امضوا بنا ، فمضينا إلى منزلها ، فقرعنا الباب فخرجت لنا جارية لها ، بديعة ظريفة ، فاقرأها كلّ رجل منهم السّلام باسمه ونسبه ، فدخلت الجارية وعادت فبلّغتهم سلامها ، ثم قالت : أيكم الذي يقول (٤) :

سرت الهموم فبتن غير نيام

وأخو الهموم يروم كلّ مرام

درست معالمها (٥) الروامس (٦) بعدنا

وسجال كلّ مجلجل (٧) سجّام

ومن المنازل بعد منزلها اللوى

والعيش بعد أولئك الأقوام

طرفتك (٨) صائدة القلوب وليس ذا

حين الزيارة فارجعي بسلام

يجري السواك على أغرّ كأنه

برد تحدّر من متون غمام

لو كنت صادقة لما حدثتنا

لوصلت ذاك وكان غير تمام (٩)

قال جرير : أنا قلته ، قالت : فما أحسنت وما أجملت ، ولا صنعت صنيع الحر الكريم لا ستر الله عليك ، كما هتكت سترك وسترها ، ما أنت بكلف ولا شريف حين رددتها بعد هدوء العين ، وقد تجشمت إليك هول الليل. ألا قلت :

طرقتك صائدة القلوب فمرحبا

نفسي فداؤك فادخلي بسلام

خذ هذه الخمسمائة درهم ، فاستعن بها في سفرك ، ثم انصرفت إلى مولاتها وقد

__________________

(١) كذا بالأصل و «ز» ، وفي الأغاني أنه كان لبعض العرب من بني كنانة السكان بودان ، فاشتراه عبد العزيز بن مروان منهم.

(٢) بالأصل بدون إعجام ، والمثبت عن «ز».

(٣) بالأصل و «ز» : من ، والمثبت عن مصارع العشاق ٢ / ٨١.

(٤) الأبيات في ديوان جرير ص ٤١٦ (ط. بيروت) ومصارع العشاق ٢ / ٨٠.

(٥) في الديوان : معارفها.

(٦) بالأصل و «ز» : «الرواسم» والمثبت عن الديوان والمصارع.

(٧) بالأصل و «ز» : مخلخل ، والمثبت عن الديوان.

(٨) بالأصل : صرفتك ، والمثبت عن «ز» ، والديوان.

(٩) في الديوان : رمام.

٢١٥

أفحمتنا وكلّ واحد من الباقين يتوقع ما يخجله ، ثم خرجت فقالت أيكم الذي يقول :

ألا حبّذا البيت الذي أنا هاجره

فلا أنا ناسيه ولا أنا ذاكره

فبورك من بيت وطال نعيمه

ولا زال مغشيّا وخلد عامره

هو البيت بيت الطول والفضل دائما

فأسعد ربي جد من هو خادره

به كلّ موشيّ الذراعين يرتعي

أصول الخزامى ما ينفر (١) طائره

هما دلتاني من ثمانين قامة

كما انقض باز أقتم الريش كاسره

فلمّا استوت رجلاي بالأرض قالتا

أحيّ يرجى أم قتيل نحاذره

فأصبحت في أهلي (٢) وأصبح قصرها

مغلّقة أبوابه ودساكره

فقال أبي يعني الفرزدق : أنا قلته ، قالت : ما وفقت ولا أصبت ، أما أيست (٣) بتعريضك من عودة عندك محمودة؟ خذ هذه الستمائة فاستعن بها ، ثم انصرفت إلى مولاتها ، ثم عادت فقالت : أيكم الذي يقول :

فلو لا أن يقال صبا نصيب

لقلت : بنفسي النشأ الصغار

بنفسي كلّ مهضوم حشاها

إذا ظلمت فليس لها انتصار

فقال نصيب : أنا قلته ، فقالت : أغزلت وأحسنت وكرمت إلّا أنك صبوت إلى الصغار وتركت الناهضات بأحمالها. خذ هذه السبع مائة درهم فاستعن بها ، ثم انصرفت إلى مولاتها ثم عادت فقالت : أيكم الذي يقول :

وأعجبني يا عزّ منك خلائق

كرام إذا عدّ الخلائق أربع

دنوّك حتى يذكر الجاهل الصبي

ومدّك أسباب الهوى حين يطمع

وأنك لا تدري غريم مطلته

أيشتد إن لاقاك أم يتضرّع؟

وأنك إن واصلت أعلمت بالذي

لديك فلم يوجد لك الدهر مطمع

قال كثيّر : أنا قلته ، قال : أغزلت وأحسنت ، خذ هذه الثمان مائة درهم فاستعن بها ، ثم انصرفت إلى مولاتها وخرجت فقالت : أيكم الذي يقول :

لكلّ حديث بينهن بشاشة

وكلّ قتيل بينهن شهيد

__________________

(١) بالأصل : ينفس ، والمثبت عن «ز».

(٢) في مصارع العشاق : أهل.

(٣) بالأصل و «ز» : «أنست» والمثبت عن مصارع العشاق.

٢١٦

يقولون : جاهد يا جميل بغزوة

وأيّ جهاد غيرهنّ أريد

وأفضل أيامي وأفضل مشهدي

إذا هيج لي يوما وهن قعود

فقال جميل : أنا قلته ، قالت : أغزلت وكرمت وعففت ، ادخل ، فلما دخلت سلمت ، فقالت لي سكينة : أنت الذي جعلت قتيلنا شهيدا وحديثنا بشاشة وأفضل أيامك يوم تنوب فيه عنا وتدافع ، ولم تتعد ذلك إلى قبيح ، خذ هذه الألف درهم ، وابسط لنا العذر ، أنت أشعرهم.

قرأت بخط علي بن محمّد بن إبراهيم الحنائي ، حدّثونا (١) شيوخنا عن أسلافهم : أن قبر سكينة بنت الحسين (٢) بدمشق ، ولكن يضعفه أهل العلم.

أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمّد قالت : أنا أبو طاهر بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا محمّد بن جعفر ، نا عبيد الله بن سعد أبو الفضل ، قال : شيبة بن نصاح صلّى على سكينة بنت الحسين (٣) بن علي ، قدّم لفضله ، وهذا كان بالمدينة.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، [أنا أبو الفضل](٤) ابن خيرون ، أنا أبو العلاء الواسطي ، أنا محمّد بن أحمد البابسيري ، أنا الأحوص بن المفضل الغلابي ، أنا أبي قال : قال أبو عبد الله مصعب يعني الزبيري : شيبة بن نصاح صلّى على سكينة بنت الحسين قدّم لفضله.

قرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي محمّد الجوهري.

وحدّثنا عمي رحمه‌الله ، أنا ابن يوسف ، أنا الجوهري قراءة.

أنا أبو عمر بن حيوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا أبو علي بن فهم ، أنا ابن سعد (٥) ، أنا ابن السائب الكلبي ، أخبرني خلف الزهري قال : ماتت سكينة بنت الحسين بن علي ، وعلى المدينة خالد بن عبد الله (٦) بن الحارث بن الحكم فقال : انتظروني حتى أصلي عليها ، وخرج إلى البقيع فلم يدخل حتى الظهر ، وخشوا أن تغيّر (٧) ، فاشتروا لها كافورا بثلاثين دينارا ، فلمّا

__________________

(١) كذا بالأصل و «ز».

(٢) تحرفت بالأصل إلى : الحسن ، والمثبت عن «ز».

(٣) انظر الحاشية السابقة.

(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن «ز» ، لتقويم السند.

(٥) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٨ / ٤٧٥.

(٦) كذا بالأصل و «ز» ، وابن سعد ، وفي الأغاني ١٦ / ١٧١ خالد بن عبد الملك.

(٧) بالأصل : يغير ، والمثبت عن «ز».

٢١٧

دخل أمر شيبة بن نصاح (١) فصلى عليها.

في نسخة أخرى إلى العقيق ، وهو الصواب.

أنبأنا أبو بكر الفرضي وغيره عن أبي محمّد الجوهري ، عن أبي عمر بن حيوية ، أنا سليمان بن إسحاق بن إبراهيم ، أنا الحارث بن محمّد ، أنا محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر قال : سنة سبع عشرة ومائة ، فيها ماتت سكينة بنت حسين بن علي يوم الخميس ، لخمس خلون من ربيع الأول.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن [إسحاق ، نا أحمد ابن](٢) عمران ، نا موسى ، نا خليفة قال (٣) : سنة سبع عشرة ومائة ماتت سكينة بنت الحسين ابن علي بالمدينة.

قرأت على أبي محمّد السلمي ، عن أبي محمّد التميمي ، أنا مكي المؤدب ، أنا أبو سليمان الربعي قال : وفيها يعني سنة سبع عشرة ومائة ، ماتت سكينة بنت الحسين في [شهر](٤) ربيع الأول وعائشة بنت سعد.

٩٣٦٢ ـ سكينة زوج أبي الحسين (٥) زيد

ابن عبد الله بن محمّد البلّوطي

حكى أبو الحسن بن الحنائي عن وجوده في كتابها.

أخبرنا أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد الله بن الحسن بن حمزة بن الحسن العطار ، أنا جدي أبو محمّد قراءة عليه ، أنا أبو الحسن علي بن محمّد بن إبراهيم الحنائي إجازة قال : وجدت للحفظ في كتاب سكينة زوجة الشيخ أبي الحسين البلوطي رحمها الله تقرأ فاتحة الكتاب ، وقل هو الله أحد ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس ، وآية الكرسي ،

__________________

(١) هو شيبة بن نصاح بن سرجس بن يعقوب المخزومي المدني المقرئ مولى أم سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ترجمته في تهذيب الكمال ٨ / ٤٢٣.

(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك عن «ز» ، لتقويم السند ، وهذا السند معروف.

(٣) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٣٤٨.

(٤) سقطت من الأصل واستدركت عن «ز».

(٥) تحرفت بالأصل إلى : الحسن ، والمثبت عن «ز» ، والمختصر.

٢١٨

وتقرأ : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى)(١)(إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ)(٢)(عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى)(٣) ، (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ)(٤) ، (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ ، عَلَّمَهُ الْبَيانَ)(٥)(بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ)(٦)(كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً)(٧)(فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ)(٨)(قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي ، وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً ، إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً ، قالَ : قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى)(٩).

٩٣٦٣ ـ سلمى بنت سعيد بن خالد بن عمرو

ابن عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية

أم سلمة زوج هشام بن عبد الملك ، ثم خلف عليها الوليد بن يزيد بن عبد الملك وهي التي حلف بطلاقها قبل دخوله بها ، واستقدم فقهاء المدينة ليفتوه في أمرها ، وكانت عنده أختها لأبيها ، وأختها (١٠) أم عبد الملك سعدة بنت سعيد بن خالد.

أخبرنا أبو الحسين ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالوا : أنا أبو جعفر ، أنا أبو طاهر ، أنا أحمد ، نا الزبير قال : في تسمية ولد سعيد بن خالد : وأم سلمة بنت سعيد كانت عند الوليد بن يزيد ، وأمهن : أم عمر (١١) بنت مروان بن الحكم ، وأمّها زينب بنت عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وأمها مليكة بنت عبد

__________________

(١) سورة الأعلى ، الآية : ٦.

(٢) سورة القيامة ، الآيات ١٧ ـ ١٩.

(٣) سورة النجم ، الآية : ٥.

(٤) سورة العلق ، الآية : ٥.

(٥) سورة الرحمن ، الآيات ١ ـ ٤.

(٦) سورة البروج ، الآيتان ٢١ و ٢٢.

(٧) سورة الفرقان ، الآية : ٣٢.

(٨) سورة الأنبياء ، الآية : ٧٩.

(٩) سورة طه ، الآيتان ٣٥ ـ ٣٦.

(١٠) بالأصل و «ز» : «وأمها».

(١١) بالأصل و «ز» : «أم عمرو» تصحيف والصواب ما أثبت ، راجع نسب قريش للمصعب ص ١٦٠ في تسمية أولاد مروان بن الحكم : أم عمرو تزوجها الوليد بن عثمان بن عفان ، وفي صفحة ١٦١ وأم عمر ، تزوجها سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان.

٢١٩

المنذر بن زنبر (١) من بني عمرو بن عوف من الأنصار.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي (٢) ، أنا أبو عبد الرّحمن السلمي ، وأبو نصر بن قتادة ، قالا : نا يحيى بن منصور القاضي ، نا محمّد بن إبراهيم.

قال : وأنا أبو عبد الله الحافظ ، نا يحيى بن منصور القاضي ، ويحيى بن محمّد العنبري ، وأبو النّضر الفقيه ، والحسن بن يعقوب العدل ، ومحمّد بن جعفر المزكي ، قالوا : نا أبو عبد الله (٣) محمّد بن إبراهيم بن سعيد العبدي ، نا أبو بكر عبد الله بن يزيد الدمشقي ، نا صدقة بن عبد الله الدمشقي قال :

جئت محمّد بن المنكدر ، وأنا مغضب ، فقلت : أالله ، أنت أحللت للوليد بن يزيد أم سلمة؟ قال : أنا! ولكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ حدّثني جابر بن عبد الله الأنصاري أنّه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لا طلاق لما (٤) لا يملك ، ولا عتق لما لا يملك» [١٣٧٥٣].

وروي أن هشام بن عبد الملك أرسل إلى سعيد (٥) بن خالد ينهاه عن تزويج الوليد بن يزيد ، ويقول له : أتريد أن تتخذ الوليد فحلا؟ فلم يزوجه إياها ، فلما امتنع من تزويجه أنف وحلف بطلاقها إن تزوجها ، وقيل إنّه لم يزوجها لسبب آخر ، وهو أنّه دخل دار أبيها يوم مات ، وهي بدمشق ، وكانت تحته أختها أم عبد الملك بنت سعيد فخرجت في ثياب بياض مسفرة ، فقالت له وهي لا تعرفه : ويلك مات أبي ، فوقعت في نفسه ، فطلق أختها ، وخطبها ، فلم يزوّجوه إياها. فالله أعلم بالصحيح من القولين وللوليد فيها أشعار كثيرة.

قرأت بخط أبي الحسين الميداني في سماعه من أبي سليمان بن زبر ، عن أبيه ، عن من ذكره من شيوخه قال :

قال الوليد لسلمى يعني بعد أن دخل بها : خطبتك إلى أبيك وأنا ولي عهد ، فلم يزوّجني وأطاع هشاما ، أكان أبوك يطمع في الخلافة؟ وقال الوليد :

وإنك والخلافة يا سعيد

لكالحادي وليس له بعير (٦)

__________________

(١) بالأصل و «ز» : زبير ، تصحيف ، والصواب ما أثبت ، راجع جمهرة ابن حزم ص ٣٣٤.

(٢) رواه البيهقي في السنن الكبرى ٧ / ٣١٩.

(٣) بالأصل : عبيد الله ، تصحيف ، والمثبت عن «ز».

(٤) كذا بالأصل و «ز» ، في الموضعين ، وفي السنن : «لمن».

(٥) بالأصل و «ز» : أرسل إلى الوليد سعيد.

(٦) زيد بعدها في «ز» : فقالت سلمى ولم لا يطمع فيها وهو ابن عثمان بن عفان. وعنه ورثتموها.

٢٢٠