تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٩

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٩

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

أنا عثمان بن أحمد ، وأحمد بن سندي ، قالا : نا الحسن بن علي ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا إسحاق بن بشر ، قال : فحدّثني مقاتل بن سليمان عن الضحاك قال :

كان اسم سارة يسارة قال فلما قال لها جبريل : يا سارة قالت : سارة إن اسمي يسارة فكيف تسميني سارة.

قال مقاتل عن الضحاك قال : يسارة : العاقر من النساء التي لا تلد ، وسارة : الطالق الرحم التي تلد وتحمل الولد ، فقال لها جبريل : كنت يسارة لا تحملين ، فصرت سارة تحملين الولد ، وترضعينه. قال : فقالت سارة يا جبريل : نقصت اسمي ، قال جبريل : إنّ الله قد وعدك بأن يجعل هذا الحرف في اسم ولد من ولدك في آخر الزمان ، وذلك أن اسمه عند الله حسين فسمّاه يحيى.

وأنبأنا أبو الفضائل ، وأبو تراب ، قالا : أنا أبو بكر ، أنا ابن رزقويه ، أنا ابن أحمد ، وأحمد بن سندي ، قالا : أنا الحسن (١) ، نا إسماعيل ، نا إسحاق بن بشر قال : قال آخرون فخرج يعني إبراهيم حتى جاوز كوثى ربّا (٢) وتزوج سارة بنت قوهن بن ناحور بعد ما أهلك الله الملك ، وأمره [الله بالاجلاء عن بلاده وأمره](٣) أن يلحق بالأرض المقدسة ، وكان يوم تزوج وخرج من بلاد قومه إلى الأرض المقدسة ابن ثمانين سنة ، ثم خرج وتزوج سارة ، وخرج معها هاران أخوه ، ولوط بن هاران وهو ابن أخيه ، فذلك قوله عزوجل : (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي)(٤) فمضى مع إبراهيم وسارة فتزوجها إبراهيم على أن لا يرثها غيره وكانت سارة من أحسن نساء العالمين.

قال : ونا إسحاق ، عن مقاتل ، عن ابن عباس قال :

قسم الله عزوجل الحسن عشرة أجزاء ، فجعل منه ثلاثة أجزاء في حواء ، وثلاثة أجزاء في سارة ، وثلاثة أجزاء في يوسف وجزءا في سائر الخلق ، فكانت سارة من أحسن نساء أهل الأرض ، وكانت من أشد نسائهم غيرة.

__________________

(١) تحرفت بالأصل و «ز» إلى : «الحسين» وهو الحسن بن علي القطان. قارن مع السند السابق.

(٢) بالأصل : «لو نارنا» كذا ، وفي «ز» : «كوباريا» والمثبت والضبط عن معجم البلدان ، وقال ياقوت : كوثى العراق كوثيان أحدهما كوثى الطريق ، والآخر : كوثى ربّا وبها مشهد إبراهيم الخليل وبها مولده ، وهما من أرض بابل (معجم البلدان ٤ / ٤٨٧).

(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك للإيضاح عن «ز».

(٤) سورة العنكبوت ، الآية : ٢٦.

١٨١

قرأت بخط أبي محمّد عبد (١) الرّحمن بن أحمد بن علي بن صابر ، فيما ذكر أنه نقله من خط أبي الحسين الرازي ، أخبرني محمود بن محمّد بن الفضل ، نا القاسم بن عمرون ، نا العباس بن هشام بن محمّد بن السائب ، عن أبيه قال :

وخرج إبراهيم من حرّان يؤم أرض بني كنعان حتى عبر الفرات إلى الشام ، فانحرف لسانه عن السريانية [إلى العبرانية](٢) وإنما سميت العبرانية لأنه تكلم بها حين عبر الفرات ، ومضى حتى أتى أيتملك ملك بني كنعان بالشام وعظيمهم الذي يدين له عظماؤهم يومئذ ، وكان ينزل عين الجر من أرض البقاع من حدّ (٣) دمشق وكانت الشام يومئذ منسوبة إلى فلسطين فقال له أيتملك : إنه لا طاقة لي بمعاندة نمرود ، وقد جاورتنا (٤) مخالفا له. فقال إبراهيم : إنّ إلهي يمنعك منه ، فأجار إبراهيم ، وسأله أن يزوّجه سارة ، فقال : إنها زوجتي فلم يعرض لها ، وقال : انزل حيث شئت من أرضنا ، وبعث إلى عظماء النواحي يأمرهم بحفظه ، وحسن مجاورته ، فنزل اللّجون ـ قرية من قرى الأردن ـ ثم تحوّل منها إلى أرض فلسطين ، فنزل بناحية منها يقال لها السبع (٥) من أرض بيت جبرين (٦) ، ثم تحوّل إلى قرية يقال لها حبرى (٧) فيما بين بيت جبرين وبيت المقدس ، فأقام بها.

أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أبو بكر القطيعي ، أنا أبو عبد الرّحمن عبد الله بن أحمد ، حدّثني أبي (٨) ، نا علي بن حفص المدائني (٩) عن ورقاء ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«لم يكذب إبراهيم إلّا ثلاث كذبات : قوله حين دعي إلى آلهتهم (إِنِّي سَقِيمٌ)(١٠) ،

__________________

(١) بالأصل : «عبيد» والمثبت عن «ز».

(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك عن «ز» للإيضاح.

(٣) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المختصر والمطبوعة : «جند».

(٤) بالأصل والمطبوعة : «جاورنا» والمثبت عن «ز».

(٥) السبع : ناحية في فلسطين بين بيت المقدس والكرك (معجم البلدان).

(٦) بيت جبرين : بليدة بين بيت المقدس وغزة ، وهي إلى غزة أقرب (معجم البلدان).

(٧) رسمها بالأصل و «ز» : «حبرا» والمثبت عن المختصر والمطبوعة ، وجاء في معجم البلدان : حبرون : اسم القرية التي فيها قبر إبراهيم الخليل عليه‌السلام ببيت المقدس ، ويقال لها أيضا : حبرى.

(٨) رواه أحمد بن حنبل في المسند ٣ / ٣٦٩ رقم ٩٢٥٢ طبعة دار الفكر ، وفي النسخة الميمنية ٢ / ٤٠٣.

(٩) «المدائني» ليست في المسند.

(١٠) سورة الصافات ، الآية : ٨٩.

١٨٢

وقوله : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا)(١) وقوله : لسارة إنها أختي» قال : ودخل إبراهيم قرية فيها ملك من الملوك أو جبار من الجبابرة فقيل : دخل إبراهيم الليلة بامرأة من أحسن الناس ، قال : فأرسل إليه الملك أو الجبار : من هذه معك؟ قال : أختي. قال : أرسل بها إليّ ، قال : فأرسل بها إليه ، وقال لها : لا تكذبي ، قولي فإنّي قد أخبرته أنك أختي أن على الأرض مؤمن غيري وغيرك ؛ فلما دخلت إليه قام إليها قال : فأقبلت توضّأ وتصلّي وتقول : اللهمّ إن كنت تعلم أنّي آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلّا على زوجي فلا تسلّط عليّ الكافر ، قال : فغط حتى ركض برجله.

قال أبو الزناد : قال أبو سلمة بن عبد الرّحمن ، عن أبي هريرة أنها قالت : اللهمّ إنه إن يمت يقل هي قتلته قال : فأرسل ، قال : ثم قام إليها قال : فقامت توضأ وتصلي وتقول : اللهمّ إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلّا على زوجي فلا تسلّط عليّ الكافر ، قال : فغط حتى ركض برجله.

قال أبو الزناد : وقال أبو سلمة عن أبي هريرة أنّها قالت : اللهمّ إنه إن يمت يقل هي قتلته ، قال فأرسل ، قال : فقال في الثالثة أو الرابعة ما أرسلتم إليّ إلّا شيطانا ، أرجعوها إلى إبراهيم وأعطوها هاجر ، قال : فرجعت فقالت لإبراهيم : أشعرت أن الله ردّ كيد الفاجر (٢) وأخدم وليدة.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، وأبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، قالا : أنا أبو الحسين عبد الدائم بن الحسن بن عبيد الله القطان ، أنا أبو الحسين عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي ، نا أبو بكر محمّد بن خريم البزاز إملاء ، نا هشام بن عمار ، نا عبد الأعلى بن محمّد ، نا عمران بن خالد ، عن محمّد بن سيرين ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

«إنّ إبراهيم لم يكذب إلّا ثلاث كذبات ، اثنتين في الله قوله (إِنِّي سَقِيمٌ) وقوله (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) وإنه كان يسير هو وسارة في أرض جبار من الجبارة فنزل منزلا فأتي ذلك الجبار فقيل له إن هاهنا رجلا معه امرأة هي أحسن الناس ، فأرسل إليه فجيء به فقال : ما هذه المرأة؟ قال : أختي ، قال : ابعث بها إليّ فأتاها إبراهيم فقال : إنّ هذا سألني عنك فأخبرته أنك أختي ، فلا تكذبيني عنده ، فإنه ليس في الأرض مسلم غيري وغيرك ، وإنك أختي في كتاب

__________________

(١) سورة الأنبياء ، الآية : ٦٣.

(٢) في المسند : الكافر.

١٨٣

الله ، فأتته فتناولها فأخذه شيء ، فقال : ادعي ربك يطلقني فلك ألّا أضرك ، فدعت الله فأطلق ، ثم عاد فأخذه شيء أشدّ فقال : ادعي ربك أن يطلقني ، فدعته فأطلق. فدعا أدنى حجبته فقال : أخرجها. وأعطاها هاجر. فأتت إبراهيم وهو يصلي فقالت : ردّ الله كيد الفاجر ، وأخذ منا هاجر» ، فكان أبو هريرة يقول : فتلك أمكم يا بني ماء السماء (١).

أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن سهل ، وأبو المظفر بن القشيري ، قالا : أنا أبو عثمان البحيري ، أنا أبو عمرو بن حمدان ، أنا أبو يعلى الموصلي ، نا مسلم بن أبي مسلم الجرمي ، نا مخلد بن الحسين ، عن هشام بن حسان ، عن محمّد بن سيرين ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لم يكذب إبراهيم إلّا في ثلاث كذبات كلهن في الله قوله (إِنِّي سَقِيمٌ) ، وقوله (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) ، وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وخرج إبراهيم يسير في أرض جبار من الجبابرة ومعه سارة وكانت من أجمل النساء» ـ وقال ابن القشيري : الناس ـ فبلغ ذلك الجبار أن في عملك رجلا معه امرأة ما رأى الراءون أجمل منها ، فأرسل إليه فأتاه ، فسأله عن المرأة ، من المرأة التي معك؟ قال : أختي قال : فابعث بها إليّ ، فبعث معه رسولا فأتاها فقال : إنّ هذا الجبار سألني عنك ، فأخبرته أنك أختي وأنت أختي في الإسلام ، وسألني أن أرسلك إليه فاذهبي إليه ، فإنّ الله سيمنعه منك ، قال : فذهبت إليه مع رسوله ، فلما أدخلها عليه وثب إليها فحبس عنها فقال لها : ادعي إلهك الذي تعبدين أن يطلقني ولا أعود فيما تكرهين ، فدعت الله ، فأطلقه ففعل ذلك ثلاثا ، ثم قال للذي جاء بها أخرجها عني (٢) ، فإنك لم تأتني بإنسية إنما أتيتني بشيطانة ، فأخدمها هاجر ، فرجعت إلى إبراهيم ، فاستوهبها منها ، فوهبتها له» [١٣٧٤٤].

قال محمّد : فهي أمكم يا بني ماء السماء ، يعني العرب.

أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد ، أنا عبد الرّحمن بن الحسين (٣) بن محمّد بن إبراهيم ، نا عبد العزيز بن أحمد التميمي ، نا عبد الرّحمن بن عثمان ، أنا أبو يعقوب إسحاق ابن إبراهيم ، نا الحسين بن حميد ، نا زهير (٤) بن عباد ، حدّثني أبو الحسن المفسر قال : لما

__________________

(١) رواه ابن كثير في البداية والنهاية ١ / ١٧٣ ـ ١٧٤ وانظر تخريجه بالحاشية.

(٢) بالأصل : عنه ، والمثبت عن «ز».

(٣) أقحم بعدها بالأصل : «الحسن» وكتب فوقها في «ز» : «الحسن ح».

(٤) بالأصل : «سيرين» خطأ ، والمثبت عن «ز».

١٨٤

أخذ صاحب مصر سارة من إبراهيم الخليل ذهب ليتناولها فأيبس الله يده في عنقه فقال لها : يا هذه ما أطوع ربك لك حين دعوتيه عليّ فقالت له : وأنت إن أطعته أطاعك.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو القاسم بن مسعدة ، أنا حمزة بن يوسف ، أنا أبو أحمد بن عدي (١) نا (٢) يحيى بن محمّد بن أبي الصفيرا (٣) قال : نا إبراهيم بن سعيد ، نا عفان ، نا حمّاد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أعطي يوسف وأمّه شطر الحسن» يعني سارة [١٣٧٤٥].

قال ابن عدي : وهذا الحديث ما أعلم رفعه أحد غير عفان ، وغيره أوقفه عن حمّاد بن سلمة.

أنبأنا أبو الحسن بن العلّاف ، وأخبرني أبو المعمر الأنصاري عنه.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي بن المسلمة ، وأبو الحسن.

قالا : أنا أبو القاسم بن بشران ، أنا أحمد بن إبراهيم الكندي ، نا محمّد بن جعفر الخرائطي ، نا طاهر بن خالد بن نزار الأيلي ، حدّثني أبي ، نا سعيد بن سالم ، عن إسرائيل الكوفي ـ قال أبي : أظنه ابن يونس ـ عن منصور ، عن مجاهد ، عن ربيعة الجرشي قال : قسم الحسن نصفين : فبين سارة ويوسف نصف الحسن ، ونصف الحسن بين سائر الناس.

أخبرنا أبو محمّد عبد الجبار بن محمّد البيهقي ، أنا أبو الحسن الواحدي ، أنا إسماعيل ابن إبراهيم الواعظ ، أنا عبد الله بن عمر الجوهري ، نا عبد الله بن محمود السّغدي (٤) ، نا موسى بن بحر ، نا عبيدة بن حميد ، حدّثني منصور ، عن مجاهد ، عن ربيعة الجرشي (٥) قال : قسم الحسن نصفين : نصف ليوسف وسارة ونصف بين الناس.

أنبأنا أبو الفضائل الحسن بن الحسن (٦) ، وأبو تراب حيدرة بن أحمد ، وأبو الحسن

__________________

(١) رواه أبو أحمد بن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال ٥ / ٣٨٥ في ترجمة عفان بن مسلم البصري.

(٢) سقطت من الأصل ، وزيدت عن «ز» ، وفي الكامل : حدّثنا.

(٣) كذا بالأصل و «ز» ، وابن عدي ، وفي المطبوعة : الصغير.

(٤) بالأصل و «ز» : السعدي ، تصحيف.

(٥) بالأصل و «ز» : الحرسي ، تصحيف ، والصواب ما أثبت وضبط.

(٦) في «ز» : «أحمد» وكتب على الهامش : الحسن.

١٨٥

علي بن بركات ، قالوا : أنا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسن بن رزقويه (١) ، أنا أبو عمرو عثمان بن أحمد ، وأبو بكر أحمد بن سندي ، قالا : أنا الحسن بن علي ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا إسحاق بن بشر ، حدّثني محمّد بن إسحاق ، عن عبد الرّحمن الأعرج ، عن أبي هريرة : أن إبراهيم لم يولد له ، فكانت سارة لا تلد ، فلمّا رأت سارة ذلك أحبت أن تعرض هاجر على إبراهيم ، فكان يمنعها غيرتها.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، ومحمّد بن موسى ، قالا : نا أبو العباس الأصم ، نا أسيد (٢) بن عاصم ، نا الحسين يعني ابن حفص ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن مصرف ، عن علي قال :

كانت آجر (٣) لسارة فأعطت آجر لإبراهيم ، فاستبق إسماعيل وإسحاق فسبقه إسماعيل ، فجلس في حجر إبراهيم ، قالت سارة : ـ أظنه ـ والله لأغيّرنّ منها ثلاثة أشراف (٤) ، فخشي إبراهيم أن تجدعها أو تخرم أذنيها ، فقال لها : هل لك أن تفعلي شيئا يبرّي يمينك ، تثقبين أذنيها وتخفضينها فكان أول انخفاض هذا.

وقد روي من وجه آخر ضعيف عن ابن عباس.

أخبرناه أبو محمّد بن حمزة بقراءتي عليه ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا أبو الحسن (٥) بن رزقويه (٦) ، أنا عثمان بن أحمد الدقاق ، وأحمد بن سندي ، قالا : أنا الحسن بن علي القطان ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا أبو حذيفة إسحاق بن بشر ، عن جويبر ، عن الضحاك ، ومقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ومحمّد بن إسحاق بإسناد له ، قالوا :

كانت هاجر ذات هيئة ، فوهبتها سارة لإبراهيم ، فقالت : إنّي أراها وضيئة ، فخذها لعل الله أن يرزقك منها ولدا ، وكانت سارة قد منعت الولد ، فلم تلد لإبراهيم حتى أيست ، وكان إبراهيم قد دعا ربه : (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ)(٧) ، فأخّرت الدعوة حتى كبر إبراهيم

__________________

(١) تحرفت بالأصل إلى : زرقويه ، والمثب عن «ز».

(٢) في «ز» : أمية.

(٣) كذا بالأصل و «ز» هنا : آجر ، يعني هاجر ، قال ابن هشام في السيرة ١ / ٦ تقول العرب : هاجر وآجر ، فيبدلون الألف من الهاء ، كما قالوا : هراق الماء وأراق الماء وغيره.

(٤) أشراف الأنساب : أذناه وأنفه.

(٥) تحرفت في «ز» إلى : الحسين.

(٦) تحرفت بالأصل و «ز» إلى : زرقويه. والسند معروف.

(٧) سورة الصافات ، الآية : ١٠٠.

١٨٦

وعقمت سارة ، ثم إن إبراهيم وقع على هاجر فولدت له إسماعيل (١).

قال إسماعيل بن عيسى ، أنا إسحاق ، عن مقاتل بن سليمان ، عن الضحاك ، ولم يذكره عن ابن عباس : أن سارة حين ولد لإبراهيم إسماعيل اشتدّ حزنها على ما فاتها من الولد.

وقال إسحاق عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس قال :

فلما رأت سارة إبراهيم قد شغف بإسماعيل غارت غيرة شديدة وحلفت لتقطعن عضوا من أعضاء هاجر ، قال : فبلغ ذلك هاجر ، فلبست درعا لها وجرت ذيلها فهي أول نساء العالمين جرّت الذيل ، وإنما فعلت ذلك لتعفي أثرها في الطريق على سارة ، فلم تقدر عليها ، فقال لها إبراهيم : هل لك إلى خير أن تعفي عنها وترضي بقضاء الله ، قالت : وكيف لي بما قد حلفت؟ قال : اخفضيها فتكون سنة النساء وتبرّي يمينك ، قالت : أفعل ، فأخذتها فخفضتها ، فمضت السنّة للنساء بالخفض منها (٢)(٣).

أنبأنا أبو الحسن بن العلّاف ، وأخبرني أبو المعمر المبارك بن أحمد عنه.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي بن أبي جعفر ، وابن العلاف ، قالا : أنا عبد الملك بن محمّد ، أنا أحمد بن إبراهيم ، نا أبو بكر الخرائطي ، نا الصاغاني ، نا الواقدي ، عن محمّد بن صالح ، عن سعد بن إبراهيم ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه قال :

كانت سارة تحت إبراهيم خليل الرحمن ، فمكثت معه دهرا لا ترزق منه ولدا ، فلما رأت ذلك وهبت له هاجر أمة لها قبطية ، فولدت لإبراهيم إسماعيل عليهما‌السلام ، فغارت من ذلك سارة ووجدت في نفسها وعتيت (٤) على هاجر ، فحلفت أن تقطع منها ثلاثة أشراف ، فقال لها إبراهيم : هل لك أن تبرّي يمينك؟ قالت : كيف أصنع؟ قال : اثقبي أذنيها واخفضيها ، والخفض هو الختان ، ففعلت ذلك بها ، فوضعت هاجر في أذنيها قرطين ، فازدادت بهما حسنا ، فقالت سارة : أراني إنّما زدتها جمالا ، فلم تقارّه (٥) على كونها معه

__________________

(١) تاريخ الطبري ١ / ١٥٠ والكامل لابن الأثير ١ / ٨٩.

(٢) انظر تاريخ الطبري ١ / ١٥٣ والكامل لابن الأثير ١ / ١٠٣.

(٣) قال السهيلي فكانت أول من اختتن من النساء وأول من ثقبت أذنها منهن وأول من طولت ذيلها انظر البداية والنهاية ١ / ١٧٨.

(٤) كذا بالأصل : عتيت ، لغة في عتوت ، راجع اللسان ، وفي «ز» : عتبت.

(٥) بدون إعجام بالأصل و «ز» وفوقها ضبة ، أعجمت عن المختصر والمطبوعة.

١٨٧

ووجد بها إبراهيم وجدا شديدا ، فنقلها إلى مكة ، فكان يزورها في كل يوم من الشام على البراق من شغفه بها ، وقلة صبره عنها.

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر ، أنا إبراهيم بن عمر البرمكي ، أنا محمّد ابن عبد الله بن خلف بن بخيت (١) الدقاق ، نا إسماعيل بن موسى الحاجب ، نا جبارة ، نا علي بن مسهر ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن يحيى بن أبي رافع في قوله : (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ)(٢) ، قال : صيحة ، فولولت.

قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن ، عن أبي تمام علي بن محمّد ، عن أبي عمر ابن حيوية ، أنا محمّد بن القاسم ، نا ابن أبي خيثمة ، أنا الفضل بن غانم ، عن سلمة بن الفضل ، عن ابن إسحاق قال :

كان إسماعيل بكر إبراهيم ، وأكبر ولده ، فلمّا ولدت سارة لإبراهيم إسحاق فذكر لي بعض أهل الكتاب أنّها لما ولدت جعل الكنعانيّون يقولون : ألا تعجبون لهذا الشيخ ولهذه العجوز (٣) وجدوا صبيا سقيطا فأخذاه يزعمان أنّه ولدهما ، وهل يلد مثلها من النساء ، فكوّن الله صورة إسحاق على صورة إبراهيم حتى لا يراه أحد إلا قال : والله إنه لمن الشيخ.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو علي الروذباري ، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن بكر القاضي ، ببغداد ، نا الحسن بن علي بن شبيب قال : سمعت أحمد بن أبي الحواري قال : سمعت سفيان بن عيينة يقول :

شكا إبراهيم إلى ربه ما يلقى من رداءة خلق سارة ، فأوحى الله إليه : يا إبراهيم البسها (٤) على ما كان فيها ما لم تجد عليها خزية (٥) في دينها.

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أبو

__________________

(١) في «ز» : نجيب ، تصحيف.

(٢) سورة الذاريات ، الآية : ٢٩.

(٣) كان عمر سارة يوم ولدت إسحاق تسعين سنة ، كما في الطبري وتاريخ اليعقوبي ، وقال ابن الأثير : سبعين سنة.

وكان عمر إبراهيم : مائة وعشرين سنة ، كما في الطبري ومروج الذهب والكامل لابن الأثير ، وفي المعارف وتاريخ اليعقوبي : مائة سنة.

(٤) يقال لبست فلانا على ما فيه : احتملته وقبلته ، ويقال : البس الناس على قدر أخلاقهم أي عاشرهم (تاج العروس : لبس).

(٥) تقرأ بالأصل و «ز» : «خربة» ولا معنى لها هنا ، والمثبت عن المختصر ، والمطبوعة.

١٨٨

الطيب عثمان بن عمرو ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا ابن المبارك ، أنا سفيان بن عيينة ، عن شيخ ، عن من حدّثه عن أبيه قال :

جاء جرير (١) إلى عمر فشكا إليه ما يلقى من النساء ، فقال عمر : إنا لنجد ذلك حتى إنّي لأريد الحاجة فتقول : ما تذهب إلّا إلى فتيات بني فلان تنظر إليهن ، فقال ابن مسعود : أما بلغك أن إبراهيم شكا إلى الله درء (٢) خلق سارة فقال له : إنما خلقت من الضلع ، فألبسها على ما كان ، ما لم تر عليها خزية (٣) في دينها ، فقال عمر : لقد حشا الله بين أضلاعك علما كثيرا.

قال : ونا الحسين بن الحسن ، أنا مؤمل ، يعني ابن إسماعيل ، نا سفيان ، عن عبد الرّحمن الأصبهاني ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أولاد المسلمين في جبل في الجنّة وكفلهم (٤) إبراهيم وسارة ، فإذا كان يوم القيامة دفعوهم إلى آبائهم» [١٣٧٤٦].

قال ابن صاعد : نا به جماعة بكار بن قتيبة وغيره ، ولا أعلم أحدا رفعه إلّا مؤمّل.

أخبرناه أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، نا أبو محمّد عبد العزيز بن أحمد لفظا ، وأبو القاسم عبيد الله بن [عبد الله بن](٥) هشام بن سوار العنسي الداراني ، قالا : أنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن عثمان بن أبي نصر ، نا أبو الحسن خيثمة بن سليمان ، إملاء ، نا محمّد بن إسحاق (٦) بن كثير الصوري ، أنا مؤمل ، نا سفيان ، عن عبد الرّحمن بن الأصبهاني ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أطفال المسلمين في جبل في الجنّة فكفلهم (٧) إبراهيم وسارة حتى يدفعوهم إلى آبائهم يوم القيامة» [١٣٧٤٧].

رفعه يحيى القطان عن (٨) سفيان.

أخبرنا (٩) به أبو القاسم إسماعيل بن محمّد ، نا أبو منصور محمّد بن أحمد ، أنا أبو

__________________

(١) بالأصل : «جرر» تصحيف ، والمثبت عن «ز».

(٢) الدرء : النشوز والاعوجاج ، وفي المختصر : رداءة خلق سارة.

(٣) بالأصل و «ز» : خربة.

(٤) كذا بالأصل ، وفي «ز» : يكفلهم.

(٥) سقطت اللفظتان من الأصل واستدركتا عن «ز».

(٦) كتب فوقها في «ز» : «إبراهيم ح».

(٧) كذا بالأصل ، وتقرأ في «ز» : فكفلهم ، وتقرأ : يكفلهم.

(٨) بالأصل : «على عن» وفي «ز» : «على» وكتب فوقها «عن ح».

(٩) في «ز» : أخبرناه.

١٨٩

بكر أحمد بن موسى بن مردويه ، أنا أبو بكر الشافعي ، نا معاذ بن المثنى ، نا مسدد بن مسرهد ، نا يحيى ، عن سفيان ، حدّثني عبد الرّحمن بن الأصبهاني ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : أولاد المسلمين في كهف جبل تكفلهم سارة وإبراهيم عليهما‌السلام حتى إذا كان يوم القيامة دفعوا إلى آبائهم.

أنبأنا [أبو محمّد ابن الأكفاني شفاها أنا عبد العزيز ـ أنا](١) أبو الحسن علي بن المسلم وغيره أن عبد العزيز بن أحمد أجاز لهم ، أنا عبد الوهاب بن جعفر ، أنا أبو سليمان بن زبر ، أنا عبد الله بن أحمد الفرغاني ، أنا محمّد بن جرير (٢) ، نا القاسم بن الحسن ، نا الحسين بن داود ، حدّثني حجاج ، عن ابن جريج قال : أخبرني وهب بن سليمان ، عن شعيب الجبائي (٣) قال : ألقي إبراهيم في النار وهو ابن ست عشرة سنة ، وذبح إسحاق وهو ابن تسع سنين (٤) ، وولدته سارة وهي ابنة تسعين سنة ، وكان مذبحه من بيت إيليا على ميلين فلما علمت سارة بما أراد بإسحاق بطنت (٥) يومين وماتت اليوم الثالث ، وقيل : ماتت سارة وهي بنت مائة سنة وسبع وعشرين سنة (٦).

[قال ابن عساكر :](٧) وبلغني أن سارة حين أراد إبراهيم ذبح إسحاق حزنت حزنا شديدا ومرضت من شدة الغم ، وماتت ولها مائة وسبع وعشرون سنة ، وكان لإسحاق في ذلك الوقت سبع وثلاثون سنة ، وقيل : تسع سنين ، وكان أصابها البطن ثلاثة أيام.

[ست العشيرة](٨)

٩٣٥٧ ـ ست العشيرة بنت عبد الله بن الحسن بن أحمد

ابن عبد الواحد بن أبي الحديد (٩) السلمية

سمعت جدها القاضي الخطيب أبا عبد الله ووجدت سماعها على جزء فعزمت على

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك عن هامش «ز».

(٢) رواه الطبري في تاريخه ١ / ١٥١ (ط. بيروت).

(٣) أقحم بعدها بالأصل : «الحبار» وفي «ز» : «الجبائي» وكتب فوقها «الجبار» والمثبت يوافق عبارة الطبري. والجبائي نسبة إلى جبأ أو جباء بالمد ، وهو جبل باليمن (انظر معجم البلدان).

(٤) في الطبري : سبع سنين.

(٥) أي «أصابها البطن» وفي الطبري : مرضت.

(٦) هنا انتهى خبر الطبري.

(٧) زيادة منا للإيضاح.

(٨) زيادة عن «ز».

(٩) تحرفت في «ز» إلى : الحريز.

١٩٠

قراءته عليها فلم يتفق ، وأظن أن ابن ابنة أخيها ابن خال القاضي الزكي ، أبا (١) الحسن رحمه‌الله قرأه عليها ، وهي أم الرئيس أبي الفوارس المسيب بن علي بن الصوفي وإخوته.

وعمرت وحجّت مرتين. ماتت في الآخرة منهما في طريق مكة ، وهي راجعة في يوم الثلاثاء الثامن عشر من المحرم سنة ست وخمسين وخمسمائة ، وقد بلغت إحدى وتسعين سنة.

[ستيت](٢)

٩٣٥٨ ـ ستيت بنت الداراني

حكى عنها أبو الفرج محمّد بن أحمد بن عثمان الزملكاني مناما رأته لفاطمة بنت مجلي يأتي في ترجمة فاطمة إن شاء الله.

[سعدة](٣)

٩٣٥٩ ـ سعدة بنت عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان

ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس أم سعيد (٤)

كانت تحت يزيد بن عبد الملك ثم خلف عليها هشام بن عبد الملك ، وكان يزيد تزوجها بالمدينة حين قدمها حاجا في خلافة أخيه سليمان على عشرة آلاف دينار ، لها ذكر.

أخبرنا أبو الحسين بن الفرّاء ، وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا أبي علي الفقيه ، قالوا : أنا محمّد بن أحمد المعدل ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير قال (٥) : في تسمية ولد عبد الله بن عمرو : وأم سعيد لأم عمرو بنت أبان بن عثمان بن عفان ، ولأم سعيد بنت عبد الرّحمن بن الحارث بن هشام ، ولأم حسن بنت الزبير بن العوام ، وتزوج أم سعيد بنت عبد الله بن عمرو بن عثمان يزيد بن عبد الملك بن مروان ، فولدت له : عبد الله ، وعائشة ، وأم عمرو ، ثم توفي عنها ، فخلف عليها هشام بن عبد الملك ، وفارقها ، ولم تلد له ، ولم تزوّج بعده.

__________________

(١) في «ز» : أبو.

(٢) زيادة عن «ز».

(٣) زيادة عن «ز».

(٤) نسب قريش للمصعب ص ١١٤ وجمهرة ابن حزم ص ٩١.

(٥) الخبر في نسب قريش للمصعب ص ١١٣ و ١١٤.

١٩١

٩٣٦٠ ـ سفّانة بنت حاتم الطائية (١)

أخت عدي بن حاتم (٢) ، ويقال : عمته. وإن ثبت أن اسمها سفّانة فهي أخته.

حكت عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقد قدمت الشام في طلب أخيها.

أخبرنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم ، أنا أبو الفضل أحمد بن علي ابن الفضل بن طاهر ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا عبد الوهّاب بن جعفر بن علي ، أنا محمّد بن عبد الله بن أحمد بن ربيعة العبدي ، أنا أبي ، أنا محمّد بن يونس بن موسى ، نا إسحاق بن إدريس الأسواري ، نا مسلمة بن علقمة ، نا داود بن أبي هند ، نا عامر الشعبي ، وسماك بن حرب ، عن عدي بن حاتم الطائي قال :

قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مهاجرا إلى المدينة فلما رأيت ذلك من أمره في علوه وأنه بعث (٣) سرايا فتغير فلا يقوم لها شيء ، [قلت لنفسي :](٤) يا نفس لو أني خلّفت لي أجمالا ، فإن أغير على النعم والغنم كان عندي ما أتحمّل عليه ، فخلفت عندي من الإبل ما أعلم أنه يحملني إن بليت ببلوى ؛ فبينا أنا ذات يوم جالس إذ جاءني راعي الإبل بعصاه ، فقلت له : ما وراءك؟ قال : قد أغير على النعم ، فقلت : ومن أغار عليها؟ قال : خيل محمّد ، فقلت : يا نفس هذا الذي كنت أحاذر ، وأين الفرار؟ فقربت أجمالي ، وحملت أهلي لأنجو بهم ، وكنت نصرانيا ، فدخلت على عمّتي ، فقلت : ما عسى أن يصنع بمثل هذه وقد كبرت. فحملت امرأتي ، فقالت لي عمي : يا عدي ، أما تتّقي ربك؟ تنجو بامرأتك وتدع عمتك؟ فقلت : وما عسى أن يصنع بنا (٥) وأنت امرأة قد كبرت؟ فمضيت ، ولم ألتفت إلى عمتي حتى وردت الشام ، وانتهيت إلى قيصر ، وكان بأرض حمص ، فأدخلت عليه ، فقلت له : إنّي رجل من العرب ، وأنا على دينك ، وهذا الرجل قد تناولنا ببلدنا ، فكان المفر منه إليك ، فقال لي قيصر : اذهب

__________________

(١) انظر أخبارها في : الإصابة ٤ / ٣٢٩ وأسد الغابة ٦ / ١٤٣ ومواضع عديدة من ترجمة أخيها عدي في تاريخ دمشق ٤٠ / ٦٦.

(٢) تقدمت ترجمته في كتابنا تاريخ مدينة دمشق طبعة دار الفكر ٤٠ / ٦٦ رقم ٤٦٥٩.

(٣) بالأصل و «ز» : «بست» وفي المختصر : «تثب» والمثبت عن المطبوعة.

(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل و «ز» ، واستدرك لاقتضاء السياق عن المختصر.

(٥) كذا بالأصل ، وفي «ز» : «بها» وفي المختصر : «نصنع بك» وفي المطبوعة : بك.

١٩٢

فانزل في مكان كذا وكذا حتى نرى لك رأيا في أمره ، فنزلت بذلك الزمان ، فمكثت فيه حينا ، فإني في بعض أيام بهمّ وغمّ فإذا أنا بظعينة متوجهة نحونا ، فلما انتهت إليّ نظرت فإذا هي عمتي ، فلما رأتني ابتدرتني فقالت لي : يا عدي أما اتقيت ربك نجوت بامرأتك مما تحاذره ، وتركت عمتك.

فذكر الحديث وليس فيها أنّها أسلمت.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر السوسي ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحارث بن أبي أسامة ، نا محمّد بن سعد (١) ، أنا محمّد بن عمر الأسلمي ، حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن أبي عمير الطائي ـ وكان يتيم الزهري ـ قال :

وأنا هشام بن محمّد بن السائب الكلبي ، نا عبّاد الطائي ، عن أشياخهم قالوا :

وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد بعث علي بن أبي طالب إلى الفلس (٢) صنم لطيئ يهدمه ، ويشن الغارات ، فخرج في مائتي فرس ، فأغار على حاضر آل حاتم فأصابوا ابنة حاتم ، فقدم بها على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في سبايا من طيّىء وفي حديث هشام بن محمّد : أن الذي أغار عليهم وسبى ابنة حاتم من خيل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خالد بن الوليد ، ثم رجع الحديث إلى الأول قال : وهرب عدي بن حاتم من خيل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى لحق بالشام وكان على النصرانية ، وكان يسير في قومه بالمرباع (٣) وجعلت ابنة حاتم في حظيرة بباب المسجد ، وكانت امرأة جميلة جزلة ، فمرّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقامت إليه فقالت : هلك الوالد وغاب الوافد ، فامنن عليّ منّ الله عليك ، قال : «من أوفدك»؟ قالت : عدي بن حاتم ، قال : «الفار من الله ومن رسوله»؟ وقدم وفد من قضاعة من الشام قالت : فكساني النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأعطاني نفقة وحملني ، وخرجت معهم حتى قدمت الشام على عدي ، فجعلت أقول له : القاطع الظالم ، احتملت بأهلك وولدك ، وتركت بقية والدك؟ فأقامت عنده أياما ، وقالت له : أرى أن تلحق برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فخرج عدي حتى قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يعني ، فسلّم عليه وهو في المسجد ، فقال : «من الرجل؟» قال : عدي

__________________

(١) الخبر في طبقات ابن سعد ٢ / ١٦٤ باختلاف الرواية.

(٢) بالأصل و «ز» : القلس ، بالقاف ، والمثبت عن ابن سعد ، وضبطت اللفظة عنده بالقلم بالضم ثم السكون ، وضبطت في معجم البلدان بضم الفاء واللام. وهو صنم لطيّئ وكان بنجد قريبا من فيد.

(٣) المرباع وهو ما كان يأخذه الرئيس في الجاهلية ، وهو ربع الغنيمة ، (تاج العروس : ربع) بالأصل : الواقد.

والمثبت عن «ز».

١٩٣

ابن حاتم ، فانطلق به إلى بيته ، وألقى له وسادة محشوة بليف وقال : «اجلس عليها» ، فجلس ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على الأرض وعرض عليه الإسلام ، فأسلم عدي واستعمله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على صدقات قومه [١٣٧٤٨].

أخبرنا أبو بكر أيضا ، أنا الجوهري ، أنا أبو عمر ، أنا عبد الوهاب بن أبي حية ، أنا محمّد بن شجاع ، أنا محمّد بن عمر الواقدي (١) ، نا عبد الرّحمن بن عبد العزيز قال : سمعت عبد الله بن أبي بكر بن حزم يقول لموسى بن عمران بن منّاح (٢) وهما جالسان بالبقيع : تعرف سرية الفلس؟ قال موسى : ما سمعت بهذه السرية ، قال : فضحك ابن حزم ثم قال : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليا في خمسين ومائة رجل على مائة بعير وخمسين فرسا ؛ وليس في السرية إلّا أنصاري فيها وجوه الأوس والخزرج ، فاجتنبوا الخيل ، واعتقبوا (٣) على الإبل حتى أغاروا على أحياء من العرب ، وسأل عن محلّة آل حاتم فدلّ عليها (٤) ، فشنوا الغارة مع الفجر ، فسبوا حتى ملئوا أيديهم من السبي والنّعم والشاء ، وهدم الفلس وخرّبه (٥) ، وكان صنما لطيئ ثم انصرف راجعا إلى المدينة.

قال : عبد الرّحمن بن عبد العزيز : فذكرت هذه السرية لمحمّد بن عمر بن علي فقال : ما أرى ابن حزم زاد على أن نتف (٦) من هذه السرية ولم يأتك بها. قلت : فائت بها أنت ، فقال : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم علي بن أبي طالب إلى الفلس ليهدمه في مائة وخمسين من الأنصار ، ليس فيهم مهاجري واحد ، ومعهم خمسون فارسا وظهر (٧) ، فامتطوا الإبل وجنبوا الخيل ، وأمره أن يشن الغارات ، فخرج بأصحابه معه راية سوداء ولواء أبيض ، معهم القنا والسلاح الظاهر ، وقد دفع رايته إلى سهل بن حنيف ولواءه إلى جبّار بن صخر السّلمي ، وخرج بدليل من بني أسد يقال له : حريث ، خرّيتا (٨) ، فسلك بهم على طريق فيد (٩) ، فلما

__________________

(١) الخبر رواه الواقدي في مغازيه ٣ / ٩٨٤.

(٢) بدون إعجام بالأصل «ز» ، أعجمت عن المغازي ، والاكمال لابن ماكولا ٧ / ٣٠٧.

(٣) أي تعاقبوا على الركوب واحدا بعد الآخر ، والعقبة : النوبة (راجع النهاية واللسان : عقب).

(٤) في المغازي : ثم نزل عليها.

(٥) عند الواقدي : وهدموا الفلس وخرّبوه.

(٦) عند الواقدي : ينقل.

(٧) في المغازي : خمسون فرسا وظهرا.

(٨) سقطت اللفظة من مغازي الواقدي ، والخريت : الدليل الحاذق بالدلالة.

(٩) فيد : قريب من أجأ وسلمى ، جبلي طيّىء (معجم البلدان).

١٩٤

انتهى بهم إلى موضع قال : إنّ بينكم وبين الحي الذي تريدون يوما تاما ، وإن سرناه بالنهار وطئنا أطرافهم ورعاءهم (١) فأنذروا الحي فتفرقوا ، فلم تصيبوا منهم حاجتكم ، ولكن نقيم يومنا هذا في موضعنا حتى نمسي ، ثم نعتشي (٢) ليلتنا على متون الخيل ، فنجعلها غارة حتى نصبّحهم في عماية الصبح ، قالوا : هذا الرأي ، فعسكروا وسرّحوا إبلهم ، واصطنعوا ، وبعثوا نفرا منهم يتقصّون (٣) ما حولهم ، فبعثوا أبا قتادة والحباب بن المنذر ، وأبا نائلة ، فخرجوا على متون خيل لهم يطوفون حول العسكر ، فأصابوا غلاما أسود فقالوا : ما أنت؟ فقال : أطلب بغيتي ، فأتوا به عليا ، فقال : من أنت؟ قال : باغي (٤) ، قال : فشدوا عليه فقال : أنا غلام لرجل من طيّيء من بني نبهان أمروني بهذا الموضع ، وقالوا : إن رأيت خيل محمّد فطر إلينا فأخبرنا ، وأنا لا أدرك شرا (٥) ، فلما رأيتكم أردت الذهاب إليهم ، ثم قلت : لا أعجل حتى آتي أصحابي بخبر بيّن من عددكم وعدد خيلكم وركابكم ، ولا أخشى ما أصابني ، فلكأني كنت مقيدا حتى أخذتني طلائعكم.

قال علي : أصدقنا ما وراءك ، قال : أوائل الحي على مسيرة ليلة طرّادة (٦) تصبّحهم (٧) الخيل في مغارهم خبّا (٨) وعدوا ، قال علي لأصحابه : ما ترون؟ قال جبار بن صخر : رأيي أن ننطلق على متون الخيل ليلتنا حتى نصبّح القوم وهم غارون ، فنغير عليهم ونخرج بالعبد الأسود دليلا (٩) ، ونخلف حرسا مع العسكر حتى يلحقونا إن شاء الله ، قال علي : هذا الرأي ، فخرجوا بالعبد الأسود ، والخيل تعادى (١٠) ، وهو ردف بعضهم عقبة (١١) ، ثم ينزل فيردف

__________________

(١) بالأصل : ودعاهم ، والمثبت عن «ز» ، والمغازي.

(٢) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المغازي : نسري.

(٣) بالأصل : فيقصون ، والمثبت عن «ز» ، والمغازي.

(٤) كذا بالأصل و «ز».

(٥) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المغازي : أسرا.

(٦) يعني طويلة.

(٧) في المطبوعة : تصحبهم.

(٨) الخب والخبب : ضرب من العدو. وفي «ز» : خببا وعدوا. والعبارة في المغازي : «تصبحهم الخيل ومغارها حين غدوا».

(٩) في المغازي : ليلا.

(١٠) بالأصل : «بعادا» وفي «ز» : «بعادا» وفي المغازي : «تعادا».

(١١) العقبة : النوبة.

١٩٥

آخر عقبة ، وهو مكتوف ، فلما ابهار (١) الليل كبت (٢) العبد وقال : قد أخطأت الطريق وتركتها ورائي فقال علي : فارجع بنا إلى حيث أخطأت. فرجع ميلا أو أكثر ، ثم قال : أنا على خطأ. فقال عليّ : إنّا منك على خدعة ، ما تريد إلّا أن تتيّهنا (٣) عن الحيّ ، قدّموه ، لتصدقنا أو لنضر بن عنقك ، قال : فقدّم وسلّ السيف على رأسه ، فلمّا رأى الشر ، قال : أرأيت إن صدقت أتنفعني؟ قال : نعم ، قال : فإن صنعت ما رأيتم ، إنه أدركني ما يدرك للناس من الحياء ، فقلت : أقبلت بالقوم أدلّهم على الحي من غير محنة ولا خوف منهم (٤) ، فلمّا رأيت منكم ما رأيت وخفت أن تقتلوني كان لي عذر (٥) ، فأنا أحملكم على الطريق ، قالوا : اصدقنا ، قال : القوم منكم قريب ، فخرج بهم حتى انتهوا إلى أدنى الحي ، فسمعوا نباح الكلاب ، وحركة النعم في المراح ، والشاء فقال : هذه الأصرام (٦) وهي [على] فرسخ ، ينظر بعضهم إلى بعض ، قالوا : فأين آل حاتم؟ قال : هم متوسطو الأصرام ، قال القوم بعضهم لبعض : إن أفزعنا الحي تصايحوا وأفزع بعضهم بعضا ، فيغيب عنا إخوانهم في سواد الليل ، ولكن نمهل [القوم](٧) حتى يطلع الفجر معترضا (٨) فقد قرب طلوعه ، فنغير ، فإن أنذر بعضهم بعضا لم يخف علينا أين أخذوا وليس عند القوم خيل يهربون عليها ونحن على متون الخيل ، قالوا : الرأي ما أشرت به ، قال : فلما اعترضوا الفجر أغاروا عليهم فقتلوا من أشرف (٩) ، واستاقوا الذرية والنساء وجمعوا النعم والشاء ولم يخف عليهم أحد تغيب فملئوا أيديهم. قال : تقول جارية من الحي وهي ترى العبد الأسود ، وكان اسمه أسلم ، وهو موثق : ما له هبل ، هذا عمل رسولكم ، أسلم لا سلم ، هو جلبهم عليكم ، ودلّهم على عورتكم.

قال : يقول الأسود : اقصري يا ابنة الأكارم ، ما دللتهم حتى قدّمت ليضرب عنقي قال :

__________________

(١) بالأصل و «ز» ، والمغازي : «انهار» والصواب ما أثبت ، ابهار الليل انتصف وتراكمت ظلماته.

(٢) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المغازي : كذب.

(٣) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المغازي : تثنينا.

(٤) في المغازي : ولا حق فآمنهم.

(٥) بالأصل : عدد ، والمثبت عن «ز» ، والمغازي.

(٦) الأصرام واحدتها الصرمة ، والصرم : الأبيات المجتمعة ، والجماعة ، والفرقة من الناس القليلة ، والقطعة من الإبل.

(٧) زيادة للإيضاح عن المغازي.

(٨) بالأصل : معرضا ، والمثبت عن المغازي و «ز».

(٩) في المغازي : فقتلوا من قتلوا وأسروا من أسروا.

١٩٦

فعسكر القوم وعزلوا الأسرى ، فهم ناحية ، وعزلوا الذرية وأصابوا آل حاتم أخت عدي ، ونسيات معها ، فعزلوهن على حدة. فقال أسلم لعلي : ما تنتظر بإطلاقي؟ قال : تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمّدا رسول الله. قال : أنا على دين قومي هؤلاء الأسرى. ما صنعوا صنعت. قال : ألا تراهم موثقين ، فنجعلك معهم في رباطك؟ قال : نعم أنا مع هؤلاء موثق أحبّ إليّ من أن أكون مع غيرهم مطلقا ، يصيبني ما أصابهم ، فضحك أهل السرية منه ، فأوثق وطرح مع الأسرى وقال : أنا معهم حتى تروا فيهم ما أنتم راءون ، فقائل يقول له من الأسرى : لا مرحبا بك أنت جئتنا بهم ، وقائل يقول : مرحبا بك وأهلا ما كان عليك أكثر مما صنعت ، لو أصابنا الذي أصابك لفعلنا الذي فعلت وأشدّ منه ، ثم قد آسيت بنفسك ، وجاء العسكر فاجتمعوا فقربوا الأسرى فعرضوا عليهم الإسلام فمن أسلم ترك ، ومن أبى ضربت عنقه حتى أتوا على العبد الأسود فعرضوا عليه الإسلام فقال : والله إنّ الجزع من السيف للؤم ، وما من خلود. قال يقول رجل من الحي ممن أسلم : يا عجبا منك ألا كان هذا حيث أخذت ، فلما قتل من قتل منا ، وسبي من سبي [منا](١) وأسلم من أسلم راغبا في الإسلام تقول ما تقول؟! ويحك ، أسلم واتبع دين محمّد قال : فإني أسلم وأتبع دين محمّد ، فأسلم ، فترك ، وكان بعد ذلك قد بقي حتى كانت الردة فشهد مع خالد بن الوليد اليمامة فأبلى بلاء حسنا.

قال : وسار علي إلى الفلس فهدمه وخربه ، ووجدوا في بيته ثلاثة أسياف : رسوب والمخزم وسيف يقال له : اليماني ، وثلاثة أدرع ، وجردوه وكان عليه ثياب يلبسونه [إياها](٢) وجمعوا السبي فاستعمل أبا قتادة واستعمل عبد الله بن عتيك السلمي على الماشية الرثة ، ثم ساروا حتى نزلوا ركك (٣) فاقتسموا السبي والغنائم ، وعزل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صفيا (٤) : رسوب والمخزم ، ثم صار له بعد السيف الآخر ، وعزل الخمس ، وعزل آل حاتم ، فلم يقسمهم حتى قدم بهم المدينة.

قال الواقدي (٥) : فحدّثت هذا الحديث عبد الله بن جعفر الزهري (٦) فقال : حدّثني ابن

__________________

(١) زيادة عن المغازي.

(٢) زيادة عن المغازي للإيضاح.

(٣) ركك : محلة من محال سلمى ، أحد جبلي طيئ (معجم البلدان) وتحرفت بالأصل و «ز» إلى : رعكا.

(٤) الصفي : ما كان يأخذه رئيس الجيش ويختاره لنفسه من الغنيمة قبل القسمة (النهاية).

(٥) مغازي الواقدي ٣ / ٩٨٨.

(٦) بالأصل : الزبيري ، تصحيف ، والتصويب عن «ز» ، والمغازي.

١٩٧

أبي عون قال : كان في السبي أخت عدي بن حاتم لم تقسم ، فأنزلت دار رملة بنت الحارث ، وكان عدي بن حاتم قد هرب حين سمع بحركة علي ، وكان له عين بالمدينة فحذّره فخرج إلى الشام ، وكانت أخت عدي ، إذا مر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تقول : يا رسول الله هلك الوالد ، وغاب الوافد ، فامنن علينا منّ الله عليك كلّ ذلك يسألها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من وافدك»؟ فتقول : عدي ابن حاتم ، فيقول : «الفار من الله ورسوله؟» حتى يئست ، فلمّا كان يوم الرابع مرّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلم تكلّم فأشار إليها رجل : قومي فكلّميه ، فكلمته ، فأذن لها ووصلها ، وسألت عن الرجل الذي أشار إليها ، فقيل : علي ، وهو الذي سباكم أما تعرفينه؟ فقالت : لا والله ما زلت مدنية طرف ثوبي على وجهي ، وطرف ردائي على برقعي ، من يوم أسرت حتى دخلت هذه الدار ، ولا رأيت وجهه ولا وجه أحد من أصحابه [١٣٧٤٩].

أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمّد ، ثم أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أحمد ابن الحسن بن خيرون ، قالا : أنا أبو القاسم بن بشران ، أنا محمّد بن أحمد بن الحسن ، أنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، نا المنجاب بن الحارث ، أنا أبو عامر العقدي (١) عن عبد العزيز بن أبي روّاد (٢) قال المنجاب : وأنا إبراهيم بن يوسف ، أنا زياد ، عن ابن إسحاق قال (٣) :

قال عدي بن حاتم فيما بلغنا : ما رجل من العرب كان أشدّ كراهية لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين سمع به مني ، أما أنا فكنت امرأ شريفا وكنت نصرانيا وكنت أسير في قومي بالمرباع ، وكنت في نفسي على دين ، فكنت ملكا في قومي للذي كان يصنع أبي (٤) ، فلما سمعت برسول (٥) الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كرهته ، فقلت لغلام لي وكان راعي الإبل : لا أبا لك ، أعدد لي من إبلي جمالا ذللا (٦) سمانا ، مسان (٧) ، فاحبسها قريبا مني ، فإذا سمعت بجيش محمّد قد وطئ هذه البلاد

__________________

(١) بالأصل و «ز» : الأسدي ، تصحيف ، والصواب ما أثبت ، واسمه عبد الملك بن عمرو القيسي ، أبو عامر العقدي البصري ترجمته في تهذيب الكمال ١٢ / ٦٩.

(٢) بالأصل : رواء ، والمثبت عن «ز».

(٣) الخبر في سيرة ابن هشام ٤ / ٢٢٥ وما بعدها.

(٤) كذا بالأصل و «ز» ، وفي سيرة ابن هشام : لما كان يصنع بي.

(٥) بالأصل : «رسول» والمثبت عن «ز» ، وابن هشام.

(٦) ذلل جمع ذلول ، وهو الجمل السهل الذي قد ريض.

(٧) سقطت اللفظة من سيرة ابن هشام.

١٩٨

فآذنّي ، ففعل ، ثم إنه أتاني ذات غداة يوم (١) ، فقال : يا عدي ، ما كنت صانعا إذا غشيتك خيل محمّد فاصنعه [الآن](٢) ، فإني قد رأيت رايات فسألت عنها ، فقالوا : هذه جيوش محمّد. قال : قلت : قرّب لي أجمالي ، فقرّبها لي ، فاحتملت بأهلي وولدي ثم قلت : ألحق بالشام (٣) ، فسلكت الجوشية (٤) وخلّفت (٥) ابنة لحاتم في الحاضر ، فلما قدمت الشام أقمت بها.

وتخالفني خيل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فتصيب ابنه حاتم ، فيمن أصابت ، فقدم بها على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم [في سبايا طيّىء ، وقد بلغ رسول الله](٦) هربي إلى الشام قال : فجعلت ابنة حاتم في حظيرة بباب المسجد ، كانت تحبس السبايا فيها ، فمرّ بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقامت إليه ، وكانت امرأة جزلة ، فقالت : يا رسول الله هلك الوالد ، وغاب الوافد ، فامنن عليّ منّ الله عليك ، قال : «ومن وافدك؟» قالت : عدي بن حاتم ، قال : «الفارّ من الله ومن رسوله؟» قالت : ثم مضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وتركني ، حتى إذا كان الغد مرّ بي ، فقلت له مثل ذلك. فقال مثل ما قال بالأمس ، حتى إذا كان بعد الغد مرّ بي وقد يئست منه ، قالت : فأشار إليّ رجل خلفه : قومي ، فكلّميه ، قالت : فقمت ، فقلت : يا رسول الله ، هلك الوالد ، وغاب الوافد ، فامنن عليّ منّ الله عليك ، قال : «قد فعلت ، لا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة [حتى](٧) يبلغك إلى بلادك ، ثم آذنيني» قالت : فسألت عن الرجل الذي أشار إليّ أن كلميه ، فقيل : علي بن أبي طالب. قالت : وأقمت حتى قدم نفر من بليّ أو من قضاعة ، وإنّما أريد أن آتي الشام قالت : فجئت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقلت : يا رسول الله قد قدم رجال من قومي لي فيهم ثقة وبلاغ ، قالت : فكساني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحملني ، وأعطاني نفقة ، فخرجت معهم حتى قدمت الشام.

قال أبو عامر في حديثه : وقد كانت أسلمت فحسن إسلامها.

__________________

(١) كذا بالأصل و «ز» ، وفي السيرة : «ذات غداة» وسقطت لفظة «يوم».

(٢) زيادة عن سيرة ابن هشام.

(٣) في السيرة : ألحق بأهل ديني من النصارى بالشام.

(٤) الجوشية ، وقال ابن هشام : ويقال الحوشية. والذي بالأصل : «الخوسية» وفي «ز» : «الحوسية» والمثبت عن السيرة. والجوشية : جبل للضباب قرب خربة من أرض نجد.

(٥) بالأصل : وحلفت ، والمثبت عن «ز» ، والسيرة.

(٦) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك للإيضاح عن «ز» ، والسيرة.

(٧) زيادة عن سيرة ابن هشام.

١٩٩

قال عدي : فو الله إنّي لقاعد في أهلي ، إذ نظرت إلى ظعينة (١) تصوب (٢) إليّ تؤمنا قال : فقلت ابنة حاتم فإذا هي هي (٣). فلما وقفت عليّ انسحلت (٤) : القاطع الظالم ، ارتحلت بأهلك وولدك وتركت بقية والدك أختك وعورتك؟ قال : قلت يا خيّة (٥) لا تقولي إلّا خيرا ، فو الله ما لي من عذر ، ولقد صنعت ما ذكرت ، قال : ثم نزلت فأقامت عندي ، قال : فقلت لها ، وكانت امرأة حازمة : ما ذا ترين في أمر هذا الرجل؟ قالت : أرى والله أن نلحق (٦) به سريعا ، فإن يكن الرجل نبيا فللسابق (٧) إليه فضله ، وإن يكن ملكا فلن نزل في عزّ اليمن وأنت أنت ، قال : قلت : والله إن هذا الرأي.

قال : فخرجت حتى أقدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة ، فدخلت عليه وهو في مسجده ، فسلّمت عليه فقال : «من الرجل؟» (٨) قال : قلت : عدي بن حاتم.

قال أبو عامر في حديثه : فرحب به النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقرّبه (٩) ، وكان يتألف شريف القوم ليتألف به قومه.

قال ابن إسحاق في حديثه : فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فانطلق به إلى بيته. قال : فو الله إنه لعامد بي (١٠) إليه ، إذ لقيته امرأة كبيرة ضعيفة ، فاستوقفته ، فوقف لها طويلا تكلمه في حاجتها قال : قلت في نفسي : والله ما هذا بملك ، قال : ثم مضى حتى إذا دخل بيته تناول وسادة من أدم محشوة ليفا فقدمها إليّ فقال : «اجلس على هذه» ، قالت : بل أنت فاجلس ، قال : فقال : بل أنت فاجلس عليها ، قال : فجلست عليها وجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالأرض ، قال : قلت في نفسي : ما هذا بأمر ملك.

__________________

(١) الظعينة : المرأة في هودجها.

(٢) تصوب إلي : أي تقصد تؤم.

(٣) بالأصل و «ز» : «هي هيه» والمثبت عن سيرة ابن هشام.

(٤) بالأصل : «استحلت» وفي «ز» : «اسبحلب» والمثبت عن السيرة وقوله : انسحلت أي أخذت في اللوم بكلام فيه حدة.

(٥) كذا بالأصل و «ز» ، وفي السيرة : أي أخيه.

(٦) في السيرة : تلحق.

(٧) بالأصل : فليسابق ، والمثبت عن «ز» ، والسيرة.

(٨) بالأصل : الرجال ، والمثبت عن «ز» ، والسيرة.

(٩) بالأصل : وقوله ، والمثبت عن «ز».

(١٠) بالأصل و «ز» : لعامدي ، والمثبت عن السيرة.

٢٠٠