تاريخ مدينة دمشق - ج ٢٣

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٢٣

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

أخبرنا أبو بكر محمّد بن العباس ، أنا أحمد بن منصور بن خلف ، أنا أبو سعيد بن حمدون ، أنا مكي بن عبدان ، قال : سمعت مسلم بن الحجّاج يقول : أبو المعلّى صخر بن صدقة البيروتي ، سمع يونس بن ميسرة ، روى عنه ابن المبارك ، ومحمّد بن كثير ، وأبو مسهر ، كذا فيه ، والمحفوظ ابن جندلة ، أو جندل.

قرأت على أبي الفضل بن ناصر ، عن جعفر بن يحيى ، أنا أبو نصر الوائلي ، أنا الخصيب بن عبد الله ، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن ، أخبرني أبي قال : أبو المعلّى صخر بن جندلة ، شامي بيروتي.

قرأت على أبي الفضل ، عن أبي طاهر محمّد بن أحمد بن محمّد ، أنا هبة الله بن إبراهيم بن عمر ، نا أحمد بن محمّد بن إسماعيل ، نا محمّد بن أحمد الدولابي (١) ، قال أبو المعلّى صخر بن جندلة ، يروي عنه عبد الله بن المبارك ، والوليد بن مزيد (٢).

أنبأنا أبو جعفر محمّد بن علي ، أنا أبو بكر الصّفار ، أنا أحمد بن علي بن منجويه ، أنا الحاكم أبو أحمد ، قال أبو المعلّى : صخر بن صدقة البيروتي الشامي ، سمع أبا حلبس يونس بن ميسرة بن حلبس الجبلاني (٣) ، روى عنه عبد الله بن المبارك الحنظلي ، وأبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغسّاني ، وأبو يوسف محمّد بن كثير المصّيصي ، كذا قال ابن صدقة ، وصوابه ابن جندلة.

٢٨٤٩ ـ صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف

ابن قصي بن كلاب

أبو سفيان ، وأبو حنظلة الأموي (٤)

أسلم بعد الفتح.

روى عنه : ابن عباس ، وابنه معاوية بن أبي سفيان.

__________________

(١) الكنى والأسماء للدولابي ٢ / ١٢٤.

(٢) في الكنى والأسماء : «يزيد» خطأ ، والصواب ما أثبت ، ترجمته في سير الأعلام ٩ / ٤١٩.

(٣) بالأصل : «الجيلاقي» خطأ والصواب : «الجيلاني» انظر ترجمته في سير الأعلام ٥ / ٢٣٠ ويكنى أيضا : أبا عبيد.

(٤) ترجمته في الاستيعاب ٢ / ١٩٠ والإصابة ٢ / ١٧٨ وأسد الغابة ٢ / ٣٩٢ تهذيب الكمال ٩ / ٧٠ وتهذيب التهذيب ٢ / ٥٤٤ الوافي بالوفيات ١٦ / ٢٨٤ سير الأعلام ٢ / ١٠٥ وانظر بالحاشية فيهما أسماء مصادر أخرى ترجمت له.

٤٢١

وشهد اليرموك ، وكان القاضي يومئذ.

أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم بن سعدوية ، أنبأ أبو الفضل عبد الرّحمن بن أحمد ، أنا أبو القاسم جعفر بن عبد الله بن يعقوب (١) ، ثنا محمّد بن هارون ، نا ابن المثنّى ، ثنا أبو داود ، نا إبراهيم بن سعد (٢) ، عن صالح بن كيسان ، عن الزهري ، أخبرني عبد الله (٣) بن عتبة ، عن ابن عباس أخبره :

أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام ، فبعث بكتابه مع دحية الكلبي ، فأمره أن يدفعه إلى عظيم بصرى ، قال : فيدفعه عظيم بصرى إلى قيصر ، وكان قيصر لما كشف الله عنه جنود فارس مشى من حمص إلى إيلياء شاكرا لما أبلاه الله.

قال ابن عباس : فلما جاء قيصر كتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال حين قرأه : هل هاهنا من قوم هذا الرجل أحدا أسأله عنه؟.

قال ابن عباس : فأخبرني أبو سفيان بن حرب أنه كان بالشام في رجال من قريش قدموا تجارا في المدة (٤) التي كانت بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبين كفار قريش ، قال أبو سفيان فوجدنا رسول قيصر في بعض الشام ، فانطلق بي وبأصحابي إلى إيلياء حتى أدخلنا عليه ، وهو جالس في مجلس ملكه ، وعنده عظماء الروم وعليه التاج فقال له ترجمانه عليهم (٥) أيهم أقرب نسبا إلى هذا الرجل الذي تزعم أنه نبيّ؟ قال أبو سفيان : وليس في الركب يومئذ رجل من بني عبد مناف غيري ، فقال قيصر : ادنوه مني ، ثم أمر بأصحابي فجعلوا خلف ظهري عند كتفي ، ثم قال لترجمانه : قل لهم : إنّي سائل هذا الرجل عن هذا الذي يزعم أنه نبي ، فإن كذّب فكذبوه ، قال أبو سفيان : فو الله لو لا أني استحييت أن يأثر أصحابي عني الكذب يومئذ لكذبته عنه ، ولكني استحييت أن يأثروا (٦) أصحابي عني الكذب ، فصدقته عنه ، فقال لترجمانه : سله كيف نسب هذا الرجل فيكم؟ فقلت : هو

__________________

(١) ترجمته في سير الأعلام ٦ / ٤٣٠.

(٢) عن دلائل البيهقي ٤ / ٣٧٧.

(٣) في الطبري ٢ / ٦٤٦ عن ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن عباس ، وفي الأغاني ٦ / ٣٤٥ عبد الله بن عبد الله بن عتبة.

(٤) يريد هدنة الحديبية. وكانت في أواخر سنة ست من الهجرة.

(٥) كذا رسمها بالأصل. ولعل الصواب : «سلهم» كما في دلائل البيهقي.

(٦) كذا بالأصل ، والأشبه : يأثر.

٤٢٢

فينا ذو نسب ، فقال : سله : هل قال هذا القول أحد قبله؟ قال : قلت : لا ، قال : فسله : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال : قلت : لا ، قال : فسله : هل كان من آبائه ملك؟ قال : قلت : لا ، قال : فسله : أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ قال : قلت : لا ، بل ضعفاؤهم ، قال : فسله : يزيدون أم ينقصون؟ قال : قلت : بل يزيدون ، قال : فسله : هل يرتدّ أحد منهم عن دينه سخطة له بعد أن يدخل فيه؟ قلت : لا ، قال : فهل يغدر؟ قال : قلت : لا ، ونحن نخاف أن يغدر ، قال أبو سفيان : ولم يمكنني كلمة أدخل فيها شيئا أنتقصه بها لا أخاف أن تؤثر عليها عليها (١) غيرها ، قال : فقال : هل قاتلتموه وقاتلكم؟ قال : قلت : نعم ، قال : فكيف حربكم وحربه؟ قال : قلت : دولا وسجالا ، يدال عليه مرة ويدال علينا أخرى ، قال : وبم يأمركم؟ قال : قلت : يأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا ، وينهانا عما كان يعبد آباؤنا ، ويأمرنا بالصلاة والصّدقة والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة.

قال : فقال لترجمانه (٢) : إنّي سألتك كيف نسب هذا الرجل فيكم؟ فزعمت أنه ذو نسب ، وكذاك الرسل ترسل في نسب قومها ، وسألتك هل كان يقول هذا القول فيكم أحد قبله؟ فزعمت أن لا ، ولو كان يقول هذا القول منكم أحد قبله ، قلت رجل يأثم بما قد قبل قبله ، وسألتك : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فزعمت أن لا ، وقد عرفت أنه لم يكن يدّعي الكذب على الناس ويكذب على الله ، وسألتك هل كان من آبائه ملك؟ فزعمت أن لا ، ولو كان من آبائه ملك قلت : رجل يطلب ملك آبائه ، وسألتك : أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فزعمت أن ضعفاءهم أتباعه ، وهم أتباع الرسل ، وسألتك هل يزيدون أم ينقصون؟ فزعمت أنهم يزيدون (٣) وكذلك الإيمان حتى يتم ، وسألتك : هل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فزعمت أن لا ، وكذلك حب الإيمان حين يخالط بشاشته القلوب ولا يسخطه ، وسألتك هل يغدر؟ فزعمت أن لا ، وكذاك الرسل لا تغدر ، وسألتك هل قاتلتموه وقاتلكم؟ فزعمت أن قد فعل ، وأن حربكم وحربه دول ، وكذاك الأنبياء تتلا (٤) ثم تكون لها العاقبة ، وسألتك بم

__________________

(١) كذا ، وفي دلائل البيهقي : تؤثر عني غيرها.

(٢) كذا بالأصل : «قال فقال لترجمانه» وزيد في صحيح مسلم ٣ / ١٣٩٥ : قل له.

(٣) كلمة : «يزيدون» عن صحيح مسلم ، وبالأصل : يزعمون.

(٤) كذا رسمها ، وفي صحيح مسلم : «تبتلي».

٤٢٣

يأمركم؟ فزعمت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وينهاكم عما كان يعبد آباؤكم ، والوفاء بالعهد ، والصدق ، وأداء الأمانة ، فإن كان ما قلت حقا فيوشك أن يهلك ما تحت قدميّ هاتين ، والله لو إني أرجو أن أخلص إليه (١) إليه ، ولو كنت عنده لغسلت قدميه.

قال : ثم دعا بكتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من محمّد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتّبع الهدى ، أما بعد ، فإني أدعوك بدعاية (٢) الإسلام أسلم تسلم ، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن تولّيت فعليك إثم الأريسيين (٣) ، (يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً) ، إلى أن بلغ (بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)(٤) ، فلما قضى مقالته علت أصوات من حوله من عظماء الروم ، وكثر لغطهم ، فلم أدر ما قالوا ، وأمر بنا فأخرجنا ، فلما خرجت خلوت بأصحابي ، فقلت : لقد أمر (٥) أمر ابن أبي كبشة (٦) ، ملك (٧) بني الأصفر تخافه ، فو الله ما زلت ذليلا مستيقنا على أن أمره سيظهر حتى أدخل الله [قلبي](٨) الإسلام وأنا كاره.

أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرّحمن بن محمّد بن عبيد الله الزهري ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا عبد الله بن عمران العابدي ، نا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ومرة يقول : نا ابن إسحاق ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس.

قال أبو سفيان بن حرب : خرجنا في المدة التي بيننا وبين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى أتينا غزّة فخرج إلينا أسقف ، فبعث بنا الأسقف ، فلما أتي بنا إليه دخلنا عليه ، فقال : أيكم

__________________

(١) غير مقروءة بالأصل.

(٢) أي بدعوته ، وهي كلمة التوحيد.

(٣) عن صحيح مسلم وبالأصل : «المريسيين» وهم الأكّارون ، أي الفلاحون والزراعون.

(٤) سورة آل عمران ، الآية : ٦٤.

(٥) أمر أي عظيم.

(٦) قيل إنه رجل من خزاعة كان يعبد الشعرى ولم يوافقه أحد من العرب في عبادتها ، فشبهوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم به لمخالفته إياهم في دينهم كما خالفهم أبو كبشة.

وقيل : أبو كبشة كنية وهب بن عبد مناف جد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من قبل أمه فنسب إليه لأنه كان نزع إليه في الشبه. (انظر اللسان : كبش).

(٧) كذا ، ولعله : «ملوك» أو : «ملك بني الأصفر يخافه» يصح أيضا.

(٨) زيادة عن دلائل البيهقي ٤ / ٣٨٠.

٤٢٤

أقرب بهذا الرجل رحما؟ قال أبو سفيان : فقلت : أنا ، فقدّمني أمام أصحابي ، وأقام أصحابي خلفي ، فقال : إني سائله عن شيء ، فإن كذبني فكذبوه ، فأمر الترجمان أن يخبره ، قال أبو سفيان : ولو كذبته ما كان أصحابي بالذي يكذبوني ، ولكن منعني من ذلك الحياء ، فقال : كيف نسبه فيكم؟ قلت : في الذروة منا ، قال : فهل أحد من أهل بيته كان ملك؟ قلت : لا ، قال : فمن اتّبعه؟ قلت : الضعفة ، قال : أيرجع ممن اتبعه إليكم أحد؟ فقلت : لا ، قال : فكيف صدقه فيكم؟ قال : كنّا نسمّيه الأمين ، قال : قال : كيف الحرب بينكم وبينه؟ قلت : سجال علينا ولنا ، قال : كيف وفاؤه؟ قال أبو سفيان : فلم يمكني عليه إلّا هذه ، فقلت : بيننا وبينه عهد ، فلا ندري كيف يكون.

فقال : ذكرتم أن هذا الرجل ليس في بيت بملكه ، ولو كان في بيت مملكة ، قلنا : خرج يطلب ما كان عليه آباؤه ، وقولكم إنه يدعى الأمين ، فهو لا يكذب عليكم ويكذب على الله ، وأمّا قولكم نسبه فكذلك الأنبياء لا تبعث إلّا في بيت قومها ، وأمّا قولكم : اتّبعه الضعفة ، فهكذا أتباع الأنبياء ، وأمّا قولكم : لا يرجع (١) من اتّبعه إليكم ، فكذلك حلاوة الإيمان إذا خالط بشاشة (٢) القلب ، ثم قال : لئن كان ما أخبرتني حقا فينازعني ما تحت قدمي هاتين ، ولو قدرت أن أتبعه فأغسل قدميه ، ثم دعا بالكتاب الذي جاء به دحية الكلبي فقرأه على رؤسائهم فنخروا نخرة الوحش ، وحاصوا فارتفعت الأصوات ، فأمر بنا فأخرجنا ، فلما جاءتهم قال : إنما فعلت ذلك أخبركم به ، قال أبو سفيان : فما زلت ذلك اليوم أظن أنه نبيّ حتى أدخل الله تعالى الإسلام علي نفسي.

وأخبرناه عاليا أبو المظفّر عبد المنعم بن عبد الكريم ، أنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن ، أنا أبو عمرو بن حمدان.

ح وأخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمّد ، قالت : أخبرنا إبراهيم بن منصور ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، قالا : أنا أبو يعلى ، نا سويد بن سعيد ، نا الوليد بن محمّد الموقري ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ـ زاد ابن المقرئ أن ابن عباس أخبره :

__________________

(١) بالأصل : يرجعه.

(٢) بالأصل : «بشاشته» والمثبت عن صحيح مسلم ، وبشاشة القلوب يعني انشراح الصدور ، وأصلها اللطف بالإنسان عند قدومه وإظهار السرور برؤيته ، يقال : بش به وتبشبش.

٤٢٥

أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام ، فبعث ـ وقال ابن المقرئ : وبعث ـ بكتابه مع دحية الكلبي ، فأمره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يدفعه إلى عظيم بصرى (١) ليدفعه إلى قيصر ، فدفعه عظيم بصرى إلى قيصر ، وكان قيصر لما كشف الله عنه جنود فارس نذر أن يمشي من حمص إلى إيلياء (٢) لما أبلاه الله في ذلك ، فلما جاء قيصر كتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال ابن عباس : فأخبرني أبو سفيان بن حرب أنهم كانوا بالشام تجارا وذلك في المدة التي كانت بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبين كفار قريش ، قال أبو سفيان : فأتانا رسول قيصر فانطلق بي وبأصحابي حتى قدمنا إيلياء ، فدخلنا عليه ، فإذا هو جالس في مجلس ملكه ، عليه التاج ، وإذا حوله عظماء الروم قال لترجمانه (٣) : سلهم أيهم أقرب إلى هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قال أبو سفيان : أنا أقربهم ، قال : فما قرابتك؟ قال : قلت : هو ابن عمي ، وليس في الركب يومئذ رجل من بني عبد مناف غيري ، قال : فقال قيصر ، ادنوه منّي ، وأمر بأصحابي فجعلوا خلف ظهري ، ثم قال لترجمانه : إني سائل هذا عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبيّ ، فإن كذّب فكذّبوه ، قال أبو سفيان : والله لو لا الاستحياء يومئذ من أن يأثر أصحابي عني الكذب لكذبته حين سأل ، ولكن استحييت أن يأثروا عني الكذب ، فصدقت عنه ـ وفي حديث ابن المقرئ : فصدقته عنه ـ قال : ثم قال لترجمانه : قل [له :] كيف نسب هذا الرجل فيكم؟ قال : قلت : هو فينا ذو نسب ، قال : فهل قال هذا القول منكم ـ وفي حديث ابن حمدان : فيكم ـ أحد قبله قط؟ قلت : لا ، قال : فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فقال : قلت : لا ، قال : فهل كان من آبائه ملك؟ قال : قلت : لا ، قال : فأشراف الناس اتّبعوه أم ضعفاؤهم؟ قال : قلت : بل ضعفاؤهم ، قال : فيزيدون أم ينقصون؟ قال : قلت : بل يزيدون ، قال : فهل يغدر؟ قال : قلت : لا ، ونحن الآن منه في مدة ، ونحن ـ وفي حديث ابن حمدان : فنحن ـ نخاف ذلك ، قال أبو سفيان : فلم يمكني كلمة أدخل فيها شيئا ـ وفي حديث ابن حمدان : بشيء ـ انتقصه في لأني أخاف ـ وفي حديث ابن المقرئ : انتقصه منه ـ لا أخاف أن يؤثر ـ زاد ابن حمدان : عني ـ وقالا : غيرها قال : فهل قاتلتموه؟ قال : قلت : نعم ، قال : فكيف ـ وفي حديث ابن حمدان : كيف كان ـ حربكم وحربه؟ قال : قلت :

__________________

(١) بصرى هي مدينة حوران ، قريبة من طرف البرية التي بين الشام والحجاز ، ويريد بعظيم بصرى : أميرها.

(٢) هي بيت المقدس.

(٣) تقرأ بالأصل : «ابن حمانة» والصواب ما أثبت قياسا للرواية السابقة.

٤٢٦

كانت سجالا ، يدال علينا المرة ، وندال عليه الأخرى ، قال : في ما ذا يأمركم؟ قلت : يأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئا ، وينهانا عما كان يعبد آباؤنا ، ويأمرنا بالصّلاة والصّدقة ـ زاد ابن المقرئ : والعفاف ـ وقالا : والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة ، قال : فقال لترجمانه حين قلت ذلك : سألتك عن نسبك (١) فيهم فزعمت أنه فيكم ذو نسب ، وكذلك الرسل تبعث في أنساب قومها ، وسألتك هل قال هذا القول منكم أحد قبله؟ فزعت أن لا ، فقلت : لو كان أحد منكم قال هذا القول قبله قلت : رجل يأتمّ بقول قيل قبله ، وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فزعمت أن لا ، فقلت : لو كان من آبائه ملك قلت : رجل يطلب ملك أبيه ، وسألتك : أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم ، فزعمت أنّ ضعفاءهم (٢) اتّبعوه ، وهم اتبعوه (٣) الرسل ، وسألتك ـ قال ابن حمدان : فذكر الحديث وساقه ابن المقرئ فقال : وسألتك هل يزيدون أو ينقصون؟ فزعمت أنهم يزيدون ، كذلك الإيمان حتى يخالط بشاشة القلوب لا يسخطه أحد ، وسألتك هل يغدر؟ فزعمت أن لا ، وكذلك الرسل لا تغدر ، وسألتك هل قاتلتموه وقاتلكم؟ فزعمت أن قد فعل ، وفي حربكم وحربه دول يدال عليكم المرة ، وتدالون عليه الأخرى ، وكذلك الرسل تبتلى وتكون لها العاقبة ، وسألتك ما ذا يأمركم؟ فزعمت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ، ولا تشركوا به شيئا ، وينهاكم عما كان يعبد آباؤكم ، ويأمركم بالصدق ، والوفاء ، والعهد ، وهو نبي قد كنت أعلم أنه خارج ، ولم أعلم أنه منكم ، وإن يكن ما قلت حقا فيوشك أن يملك موضع قدمي هاتين ، ولو كنت أظن أن أصل إليه لتجشمت لقاءه (٤) ، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه.

قال أبو سفيان : فدعا بكتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأمر به ، فقرئ عليه ، فإذا فيه : بسم الله الرّحمن الرحيم ، من محمّد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى هرقل عظيم الرّوم ، سلام على من اتّبع الهدى ، أمّا بعد ، فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، وإن تسلم يؤتك أجرك مرتين ، فإن تولّيت فإن عليك إثم الأريسيّين ، (يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ) إلى آخر الآية (٥).

__________________

(١) كذا بالأصل ، والأشبه : «عن نسبه فيكم» باعتبار ما يأتي.

(٢) بالأصل : ضعفاؤهم.

(٣) كذا ، ولعل الصواب : «اتبعوا» ويصح أيضا : أتباع.

(٤) بالأصل : «لقيه».

(٥) سورة آل عمران ، الآية : ٦٤.

٤٢٧

قال أبو سفيان : فلما قضى كلامه ، علت أصوات الذين حوله من عظمائهم وكثر لغطهم ، فما أدري ما قالوا ، وأمر (١) بنا فأخرجنا ، قال أبو سفيان : فلما خرجت مع أصحابي ، قلت : ألا أرى أمر ابن أبي كبشة هذا ملك بني الأصفر (٢) يخافه ، قال : قال أبو سفيان : فما زلت مستيقنا بأن أمره سيظهر حتى أدخل الله [علي](٣) الإسلام وأنا كاره.

ورواه ابن إسحاق عن الزهري ، فأتى عنه بألفاظ لم يأت بها غيره.

أخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أخبرنا رضوان بن أحمد.

ح وأخبرناه أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو بكر القاضي ، قالا : أنا أبو العباس محمّد بن يعقوب ، قالا : أنا أحمد بن عبد الجبار ، أنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، حدّثني الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن عبد الله بن عباس ، حدّثني أبو سفيان بن حرب من فيه ، قال (٤) :

كنا قوما تجارا وكانت الحرب قد حضرتنا (٥) حتى نهكت أموالنا ، فلما كانت الهدنة ـ هدنة الحديبية ـ بيننا وبين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم نأمن أن وجدنا (٦) أمنا ، فخرجت تاجرا إلى الشام مع رهط من قريش ، فو الله ما علمت بمكة امرأة ولا رجلا إلّا وقد حملني بضاعة ، وكان وجه متجرنا من الشام غزة من أرض فلسطين ، فخرجنا حتى قدمناها ـ زاد أبو العباس : وذلك (٧) وقالا : حين ظهر قيصر صاحب الروم على من كان في بلاده من الفرس وأخرجهم منها ، وردّ عليه صليبه الأعظم ، وقد كان سلبوه إياه ، فلما بلغه ذلك ، وكان منزله بحمص من أرض الشام فخرج منها يمشي متشكرا إلى بيت المقدس ليصلّي

__________________

(١) عن صحيح مسلم وبالأصل : «ومرّ».

(٢) بنو الأصفر هم الروم.

(٣) زيادة لازمة عن صحيح مسلم.

(٤) الخبر من طريق ابن إسحاق في الأغاني ٦ / ٣٤٥ والطبري ٢ / ٦٤٦ ودلائل البيهقي ٤ / ٣٨١ وقارن مع صحيح مسلم ٣ / ١٣٩٣ ح (١٧٧٣).

(٥) في الطبري والأغاني : حصرتنا.

(٦) الطبري : لم نأمن ألّا نجد أمنا.

(٧) عن دلائل البيهقي ، وبالأصل : «ودام».

٤٢٨

فيه ، فبسط له البسط (١) ويطرح له عليها الرياحين حتى انتهى إلى إيلياء ، فصلّى بها ، فأصبح ذات غداة وهو مهموم يقلّب طرفه إلى السماء ، فقالت له بطارقته : أيها الملك ، لقد أصبحت مهموما ، فقال : أجل ، فقالوا : وما ذلك؟ وقال : أرأيت في هذه الليلة أن ملك الختان (٢) ظاهر (٣) ، فقالوا : فو الله ما نعلم أمة من الأمم تختتن إلّا يهود ، وهم تحت يدك وفي سلطانك ، فإن كان قد وقع هذا في نفسك منهم فابعث في مملكتك كلّها ، فلا يبقى يهودي إلّا ضربت عنقه ، فتستريح من هذا الهمّ ، فإنهم في ذلك من رأيهم يدبرونه إذ أتاهم رسول صاحب بصرى برجل من العرب قد دفع إليهم ، فقال : أيها الملك هذا ـ وقال أبو العباس : إن هذا ـ رجل من العرب من أهل الشاء (٤) والإبل يحدّثك عن حدث كان ببلاده ، فاسأله عنه (٥) ، فقال : كان رجل من العرب من قريش خرج يزعم أنه نبي ، وقد اتّبعه أقوام وخالفه آخرون ، وقد كانت بينهم ملاحم في مواطن ، فخرجت من بلادي وهم على ذلك ، فلما خبره الخبر ـ وقال أبو العباس : أخبره الخبر ـ قال : جرّدوه ، فإذا هو مختون (٦) ، فقال : هذا والله الذي أريت ، لا ما تقولون ، أعطه ثوبه انطلق لشأنك ، ثم دعا صاحب شرطته فقال له : قلّب لي الشام ظهرا وبطنا حتى تأتيني برجل من قوم هذا أسأله عن شأنه ، فو الله إني وأصحابي لبغزّة إذ هجم علينا فسألنا : ممن أنتم؟ فأخبرناه ، فساقنا إليه جميعا ، فلما انتهينا إليه قال أبو سفيان : فو الله ما رأيت من رجل قط أزعم أنه أدهى من ذلك الأغلف (٧) يريد هرقل ، فلما انتهينا إليه قال : أيكم أمسّ به رحما ، فقلت : أنا ، فقال : ادنوه مني ، فأجلسني بين يديه ، ثم أمر بأصحابي فأجلسهم خلفي ، وقال : إن كذب فردوا عليه ، قال أبو سفيان : فلقد عرفت أن لو كذبت ما ردّوا عليّ ، ولكنّي كنت امرأ سيدا أتكرم وأستحي من الكذب ، وعرفت أن أدنى ما يكون أن يرووه عني ثم يتحدثوا به عني بمكّة ، فلم أكذبه ، فقال : أخبروني عن

__________________

(١) عن دلائل البيهقي والأغاني والطبري ، وبالأصل : القسط.

(٢) عن المصادر الثلاثة ، وبالأصل الجنان.

(٣) بالأصل : ظاهرا ، والصواب عن المصادر.

(٤) عن المصادر وبالأصل : الشام.

(٥) بعدها في المصادر ـ والنقل عن البيهقي ـ فلما انتهى إليه قال لترجمانه : سله ما هذا الخبر الذي كان في بلاده ، فسأله ...

(٦) عن المصادر ، وبالأصل : مجنون.

(٧) الأغلف : الذي لم يختتن.

٤٢٩

هذا الرجل الذي خرج فيكم فزهّدت له شأنه ، وصغّرت له أمره ، فو الله ما التفت إلى ذلك مني وقال : أخبرني عما أسألك عنه من أمره ، فقلت : [سلني](١) عما بدا لك ، قال : كيف نسبه فيكم؟ فقلت : محضا من أوسطنا نسبا ، قال : فأخبرني : هل كان من أهل بيته أحد يقول قوله فهو يتشبّه (٢) به؟ فقلت : لا ، قال : فأخبرني هل كان له ـ زاد رضوان : فيكم ـ وقالا : ملك واستلبتموه إياه فجاء بهذا الحديث لتردّوا عليه ملكه؟ قلت : لا ، قال : فأخبرني عن أتباعه من هم؟ فقلت : الأحداث والضعفاء والمساكين (٣) ، فأما أشراف قومه وذوو (٤) الأسنان منهم فلا ، قال : وأخبرني عمن يصحبه أيحبه ويلزمه أم يقليه ويفارقه؟ قلت : قل ما يصحبه رجل ففارقه ، قال : فأخبرني عن الحرب بينكم وبينه ، فقلت : سجال ، يدال علينا وندال عليه ، قال : فأخبرني هل يغدر فلم [أجد](٥) شيئا يغمز فيه إلّا هي ، قلت : لا ، ونحن منه في مدة لا نأمن غدره ، فو الله ما التفت إليها منّي فأعاد عليّ الحديث فقال : زعمت أنه من أمحضكم نسبا ، وكذلك يأخذ الله النبي إذا أخذه لا يأخذه إلّا من أوسط (٦) قومه ، وسألتك هل كان من أهل بيته أحد يقول (٧) مثل قوله فهو يتشبه به ، فقلت : لا ، وسألتك هل كان له ملك فاستلبتموه إياه فجاء بهذا الحديث لتردّوا عليه ملكه فقلت لا ، وسألتك عن أتباعه فزعمت أنهم الأحداث والمساكين والضعفاء ، وكذلك أتباع الأنبياء في كل زمان ، وسألتك عن من يتبعه أيحبه ويلزمه أم يقليه ويفارقه ، فزعمت أنه قل من يصحبه فيفارقه ، وكذلك حلاوة الإيمان لا تدخل قلبا فتخرج منه ، وسألتك : كيف الحرب بينكم وبينه ، فزعمت أنها سجال يدال عليكم وتدالون عليه ، كذلك يكون حرب الأنبياء ، ولهم تكون جزاء العاقبة ، وسألت هل يغدر؟ فزعمت أنه لا يغدر ، فلئن كنت صدقتني ليغلبني على ما تحت قدميّ هاتين ، ولوددت أني عنده فأغسل قدميه ، الحق بشأنك ، فقمت وأنا أضرب بإحدى يديّ على

__________________

(١) الزيادة عن دلائل البيهقي.

(٢) بالأصل : «بنسبه» والمثبت عن المصادر الثلاثة السابقة.

(٣) زيد في الأغاني والطبري : من الغلمان والنساء.

(٤) بالأصل : «وذو» والمثبت عن الطبري والبيهقي.

(٥) زيادة عن الطبري والأغاني والبيهقي.

(٦) أي من خيرهم وأفضلهم نسبا.

(٧) بالأصل : «يفحل منك قوله فهل يتشبه به» والاضطراب باد في العبارة ، صوبناها عن الأغاني ، وفي الطبري : «يقول بقوله فهو بتشبه» وسقطت العبارة من البيهقي.

٤٣٠

الأخرى ، أقول : يال عباد الله ـ وقال أبو العباس : يا عباد الله ، وقال أبو العباس : يا عباد الله (١) ـ لقد أمر أمر ابن أبي كبشة أصبح ملوك بني الأصفر يخافونه في سلطانهم.

قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن ، عن أبي تمام علي بن محمّد ، أنا أحمد بن عبيد ، نا محمّد بن الحسين ، نا ابن أبي خيثمة قال : سمعت أبي وأحمد بن حنبل ، ومصعب بن حنبل ، ومصعب بن عبد الله يقولون : أبو سفيان صخر بن حرب.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب (٢) ، نا حجّاج ، نا جدي ، عن الزهري قال : أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر.

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ، ابنا أبي علي ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأ أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكّار (٣) :

قال وأمّه ـ يعني وهب بن عبد مناف بن زهرة جدّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبو أمّه آمنة بنت وهب : قيلة بنت أبي قيلة ، واسمه أبي قيلة ، وجز بن غالب بن عارم بن الحارث ، ووجز أبو كبشة أول من عبد الشعري ، وكان وجز يقول : «إن الشعري تقطع السماء عرضا ولا أرى في السماء شيئا ، شمسا ولا قمرا ولا نجما يقطع السماء عرضا غيرها» ، والعرب تسمي الشعرى : «العبورة» (٤) لأنها تعبر السماء عرضا ، ووجز هو أبو كبشة الذي [كانت] قريش ينسب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إليه لأنه جده من قبل أمّه ، والعرب تظن أنّ أحدا لا يعمل شيئا إلّا بعرق (٥) ينزعه شبهه ، فلما خالف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دين قريش ، وهدى الله به من الضلالة ، وعلم به من الجهالة قال مشركو قريش : نزعه أبو كبشة ، لأن أبا كبشة خالف الناس بعبادة الشعرى ، فكان ينسبون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إليه ، وكان أبو كبشة سيدا في خزاعة لم يعيروا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم به من تقصير كان فيه ، ولكن (٦) لما خالف دينهم

__________________

(١) «وقال أبو العباس : يا عباد الله» كذا مكررة بالأصل.

(٢) المعرفة والتاريخ ٣ / ١٦٧.

(٣) انظر نسب قريش للمصعب ص ٢٦١ ـ ٢٦٢.

(٤) في نسب قريش : العبور.

(٥) عن نسب قريش وبالأصل : تعرف.

(٦) في نسب قريش : ولكنهم أرادوا أن يشبهوه بخلاف أبي كبشة.

٤٣١

نسبوه بخلاف أبي كبشة ، فقالوا : خالف كما خالف أبو كبشة.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أحمد بن محمّد بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد ، قال : قال محمّد بن عمر :

أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ، وأم أبي سفيان : صفية بنت حزن من بني هلال بن عامر بن صعصعة ، أسلم أبو سفيان قبل يوم الفتح ، وشهد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الطائف ، ورمي يومئذ فذهبت إحدى عينيه ، وشهد يوم حنين ، فأعطاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من غنائم حنين مائة من الإبل ، وأربعين أوقية ، وأعطى ابنيه يزيد ومعاوية فقال أبو سفيان : فداك أبي وأمي ، والله إنك لكريم ، ولقد حاربتك ، فنعم المحارب كنت ، ثم سالمتك فنعم المسالم أنت فجزاك الله خيرا ، قال : وتوفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو سفيان عامله على نجران (١) ، وكان أبو سفيان ذهب بصره في آخر عمره ، ومات بها (٢) سنة اثنتين وثلاثين ، وهو ابن ثمان وثمانين سنة (٣).

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الفضل بن خيرون.

ح وأخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا ثابت بن بندار ، قالا : أنا أبو القاسم الأزهري ، أنا عبيد الله بن أحمد بن يعقوب المقرئ ، أنا أبو الحسين العباس بن العباس الجوهري ، أنا صالح بن حنبل ، قال : قال أبي : أبو سفيان بن حرب اسم أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد ، حدّثني أحمد بن زهير قال : سمعت أحمد بن حنبل.

ح قال : ونا عبد الله بن محمّد ، حدّثني عباس.

ح وأخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك ، أنا أبو الحسن بن السّقّاء ، وأبو محمّد بن بالوية ، قالا : أنا العباس بن يعقوب الأصم ، قال :

__________________

(١) عن أسد الغابة ٢ / ٣٩٢ وتقرأ بالأصل : «نحراك».

(٢) كذا بالأصل وثمة سقط في العبارة وقبلها في مختصر ابن منظور ١١ / ٥٠ «ونزل المدينة آخر عمره ، ومات بها» وهذا الأشبه.

(٣) الخبر ـ بدون عزو ـ في أسد الغابة ٢ / ٣٩٢ والوافي بالوفيات ١٦ / ٢٨٥.

٤٣٢

سمعت العباس بن محمّد قال : سمعت يحيى بن معين يقول : اسم أبي سفيان : صخر بن حرب.

أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد ، أنبأ أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو الحسن بن لؤلؤ ، أنا أبو بكر محمّد بن الحسين بن شهريار ، نا أبو حفص عمرو بن علي ، قال : واسم أبي سفيان بن حرب : صخر بن حرب.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ، وأبو الفضل أحمد بن الحسن.

ح وأخبرنا أبو العز ثابت بن منصور ، قال : وأنا أبو طاهر ، قالا : أنبأ محمّد بن الحسن بن أحمد ، أنبأ محمّد بن أحمد بن إسحاق ، نا عمر بن أحمد بن إسحاق ، نا خليفة بن خياط (١) قال : أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، أمّه صفية بنت حزن بن بجير (٢) بن الهزم بن رويبة (٣) بن عبد الله بن هلال بن عامر ، أتى الشام ، ومات بالمدينة سنة إحدى وثلاثين.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو الفتح نصر بن أحمد الخطيب ، أنا أبو الحسن محمّد بن أحمد التميمي.

ح أخبرنا أبو البركات بن المبارك ، أنا أبو الحسين بن الطّيّوري ، وأبو طاهر أحمد بن علي بن سوار المقرئ ، قالا : أنا الحسين بن علي الطناجيري ، قالا : أنا محمّد بن زيد بن علي بن مروان ، أنا محمّد بن محمّد بن عقبة ، نا هارون بن حاتم ، قال : سمعت أبا بكر.

ح وأخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو الفضل أحمد بن الحسن ، أنا أبو القاسم بن بشران (٤) ، أنا أبو علي محمّد بن أحمد بن الحسن ، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة قال : سمعت عمي أبا بكر يقول : اسم أبي سفيان صخر بن حرب ـ زاد هارون : بن أمية ـ.

__________________

(١) طبقات خليفة بن خياط ص ٣٩ رقم ٤٩.

(٢) مهملة بالأصل بدون نقط والمثبت عن طبقات خليفة.

(٣) بالأصل : رويه ، والمثبت عن خليفة.

(٤) قوله : «أنا أبو القاسم بن بشران» مكرر بالأصل.

٤٣٣

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الفضل بن البقّال ، أنا أبو الحسن بن الحمّامي ، أنبأ إبراهيم بن أحمد بن الحسن بن مهران ، أنبأ إبراهيم بن أبي أمية ، قال : سمعت نوح بن حبيب القوسي (١) قال : اسم أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس ، سمعته من مدد (٢).

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله يحيى ، قالوا : أنبأ أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأ أبو طاهر المخلّصي (٣) ، أنبأ أحمد بن سليمان الطوسي ، نا الزبير بن بكّار قال (٤) : وولد حرب بن أمية ، أبا سفيان بن حرب ، والفارعة ، وفاختة بني حرب ، واسم أبي سفيان : صخر ، قال الوليد بن عقبة (٥) :

ألا أبلغ معاوية بن صخر

فإنك من أخي ثقة مليم

قطعت الدهر كالسوم المعنى

تهدر في دمشق وما تريم

وأمّ أبي سفيان وأمّ أختيه الفارعة ، وفاختة : صفية (٦) بنت حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة ، وهي عمة أم الفضل بنت الحارث بن حزن ، أم عبد الله بن العباس ، وأخوته ، وعمة ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وإيّاها (٧) عنى عبد الله بن همّام السلولي في قوله :

فحال بنا ثم [قلت :] اعطفيه

لنا ، يا صفيّ ويا عاتكا

يريد صفية بنت حزن ، وعاتكة بنت مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان ، أمّ هاشم وعبد شمس ابني عبد مناف.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، قال في الطبقة

__________________

(١) كذا ، وفي تقريب التهذيب : القومسي بضم القاف وسكون الواو وآخره مهملة. وفيه : نوح بن أبي حبيب.

(٢) كذا رسمها بالأصل.

(٣) كذا بالأصل هنا «المخلصي» وقد مرّ كثيرا : «المخلّص».

(٤) انظر نسب قريش للمصعب الزبيري ص ١٢١.

(٥) البيتان في نسب قريش ص ١٢١ و ١٤٠.

(٦) بالأصل : وصفية ، حذفنا الواو فهي مقحمة ، انظر نسب قريش.

(٧) بالأصل : «وأنساها» والمثبت عن نسب قريش.

٤٣٤

الرابعة (١) : أبو سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، واسم أبي سفيان صخر ، وأمّه صفية بنت حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن قيس عيلان ، قال محمّد بن عمر : لم يزل أبو سفيان بن حرب على الشرك حتى أسلم يوم فتح مكة ، وهو كان في [عير](٢) قريش التي أقبلت من الشام ، وخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يعترض لها بدرا حتى ورد بدرا وساحل أبو سفيان بالعير ، وهو رأس المشركين يوم أحد وهو كان رئيس الأحزاب يوم الخندق ، ولم يزل أبو سفيان بعد انصرافه عن الخندق بمكة لم يلق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في جمع إلى أن فتح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مكة ، فأسلم أبو سفيان وشهد يوم حنين ، وأعطاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من غنائم حنين مائة من الإبل ، وأربعين أوقية وزنها له بلال ، فلما أعطاه وأعطى ابنيه زيد ومعاوية قال له أبو سفيان : والله إنك لكريم ، لقد حاربتك فنعم المحارب كنت ، ثم سالمتك فنعم المسالم أنت ، فجزاك الله خيرا ، ونزل (٣) أبو سفيان بن حرب المدينة في آخر عمره ، ومات بها سنة اثنين (٤) وثلاثين في آخر خلافة عثمان بن عفان ، وهو يوم مات ابن ثمان وثمانين سنة.

أخبرنا أبو محمّد بن الآبنوسي ـ في كتابه ـ ثم أخبرنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو الحسين بن المظفّر ، أنا أبو علي أحمد بن علي بن الحسن ، أنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم ، قال : أبو سفيان واسمه صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس ، أسلم يوم الفتح ، وأصيبت عينه يوم الطائف مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعينه في يده : «أيّما أحبّ إليك : عين في الجنة أو أدعو الله أن يردّها عليك؟» قال : بل عين في الجنة ، ورمى بها ، وأصيبت عينه الأخرى يوم اليرموك ، تحت راية يزيد ابنه ، يكنى أبا حنظلة ، وأمّ أبي سفيان صفية (٥) بنت حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة [٥١٠٧].

__________________

(١) ليس لأبي سفيان ترجمة في الطبقات الكبرى المطبوع لابن سعد ، فهو ضمن تراجم المدنيين الساقطة منها.

(٢) زيادة عن تهذيب الكمال ط دار الفكر ٩ / ٧٠.

(٣) بالأصل : «وترك» ولعل الصواب ما أثبت.

(٤) كذا بالأصل.

(٥) تقرأ بالأصل : صعبة.

٤٣٥

أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي ، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أحمد بن الحسن ، والمبارك بن عبد الجبار ، ومحمّد بن علي ـ واللفظ له ـ قالوا : أنا أبو أحمد ـ زاد أحمد : وأبو الحسين الأصبهاني قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمّد بن سهل ، أنا محمّد بن إسماعيل (١) قال : صخر بن حرب بن أمية ، والد معاوية بن أبي سفيان الأموي القرشي ، له صحبة.

ـ في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلّال ـ أنا أبو القاسم بن منده ، أنا أبو علي ـ إجازة ـ.

ح قال : وأنا أبو طاهر بن سلمة ، أنا علي بن محمّد ، قالا : أنبأ أبو (٢) محمّد بن أبي حاتم (٣) قال : صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس ، أبو سفيان ، والد معاوية بن أبي سفيان ، له صحبة ، وكان قد خرج إلى مكة بعد أن أسلم ، فنزل بها ، ثم يرجع إلى المدينة فمات بها سنة إحدى وثلاثين ، وهو ابن ثمان وثمانين.

روى عنه ابن عباس ، سمعت أبي يقول ذلك.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن العباس ، أنا أبو بكر أحمد بن منصور ، أنبأ أبو سعيد بن حمدون ، أنا مكي بن عبدان قال : سمعت مسلم بن الحجّاج يقول : أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس ، والد معاوية ، له صحبة.

أخبرنا أبو الفتح عبد الملك بن عبيد الله ، أنبأ محمود بن القاسم ، وأبو نصر عبد العزيز بن محمّد ، وأحمد بن عبد الصمد التاجر ، قالوا : ثنا عبد الجبار بن محمّد بن عبد الله ، أنا محمّد بن أحمد بن محبوب ، أنا أبو عيسى التّرمذي ، قال : قال : أبو سفيان اسمه صخر بن حرب.

قرأت على أبي الفضل [بن](٤) ناصر ، عن جعفر بن بحر ، أنا أبو نصر ، أنا أبو الحسن ، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن ، أخبرني أبي قال : أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس ، وقيل : أبا حنظلة.

__________________

(١) التاريخ الكبير ٤ / ٣١٠.

(٢) بالأصل : أبا.

(٣) الجرح والتعديل ٤ / ٤٢٦.

(٤) زيادة منا للإيضاح.

٤٣٦

أخبرنا أبو الفتح نصر بن محمّد ، أنبأ أبو الفتح نصر الله بن إبراهيم ، أنا أبو الفتح سليمان بن أيوب ، أنا طاهر بن محمّد بن سليمان ، نا علي بن إبراهيم بن أحمد الجوزي ، نا يزيد بن محمّد بن أياس قال : سمعت محمّد بن أحمد المقدّمي ، قال : أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو طاهر محمّد بن أحمد بن محمّد ، أنا هبة الله بن إبراهيم بن عمر ، نا أبو بكر أحمد بن محمّد بن إسماعيل ، أنا محمّد بن أحمد بن حمّاد (١) قال : أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف.

أخبرنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي ـ في كتابه ـ أنا أبو بكر الصّفار ، أنا أحمد بن علي الحافظ ، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال : أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي ، والد معاوية ، له صحبة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأمّه صفية بنت حزن بن بجير بن هزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر ، أتى الشام ، ومات بالمدينة.

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد. خبرنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن منده ، قال : صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس ، أبو سفيان الأموي القرشي ، توفي سنة أربع وثلاثين ، وصلّى عليه عثمان بن عفّان ، ودفن بالبقيع ، وهو ابن ثمان وثمانين سنة ، وقيل : ابن ثلاث وتسعين ، وصلّى عليه عثمان بن عفان ، ولد قبل الفيل بعشر سنين.

روى عنه ابن عباس ، وكان ربعا عظيم الهامة أعمى ، أصيبت إحدى عينيه يوم الطائف مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأصيبت (٢) الأخرى يوم اليرموك ، أمه صفية بنت جري (٣) من بني هلال بن عامر.

أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك ، أنا أبو الفضل أحمد بن طاهر ، أنا مسعود بن ناصر ، أنا عبد الملك بن الحسن ، أنا أحمد بن محمّد البخاري ، قال : صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس ، أبو سفيان القرشي الأموي المكي ، ثم المديني ،

__________________

(١) الكنى والأسماء للدولابي ١ / ٣٢.

(٢) بالأصل : «وأصيب قالا حرى» كذا ، ولعل الصواب ما أثبت.

(٣) كذا وردت هنا ، وقد مرّ في أكثر من رواية : حزن.

٤٣٧

حدّث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، روى عنه ابن عباس قصة هرقل في بدء الوحي والأدب ، قال خليفة : مات في سنة إحدى وثلاثين ، وقال البخاري : قال علي بن المديني : مات في سنة ست من خلافة عثمان ، وقال الواقدي : مات بالمدينة سنة إحدى وثلاثين ، وهو ابن ثمان وثمانين سنة (١).

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أحمد بن عبيد بن الفضل بن بيري ـ إجازة ـ أنا محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن سعيد ، نا أبو بكر بن أبي خيثمة ، أنا مصعب قال : كان أبو سفيان يكنى أبا حنظلة بابن له.

أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمّد ، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، قال : قرئ على أبي الحسن علي بن أحمد البغداذي ، قيل له : أخبركم أبو بكر محمّد بن عمر بن سليمان ، حدّثني أحمد بن محمّد بن إسماعيل ، نا يحيى بن عبدك ، نا خليفة بن عبد الرّحمن المخزومي ، نا مالك بن مغول ، عن الحكم ، عن مجاهد : (فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ)(٢). أبو سفيان ، وأبو جهل ، وابنه ، وابن سهيل (٣) بن عمرو ، وعتبة بن ربيعة ـ وفي نسخة أخرى بدل وابنه وأمية يعني ابن خلف.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، أنبأ عمر بن سعد ، أبو داود الحفري (٤) ، عن يعقوب بن عبد الله ، عن جعفر ، عن سعيد (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ)(٥) قال : نزلت في أبي سفيان.

أخبرنا أبو علي الحدّاد وغيره في كتبهم ، قالوا : أنبأ أبو بكر بن ريذة (٦) ، أنا سليمان بن أحمد (٧) ، نا بكر بن أحمد بن مقبل ، نا عبد الله بن شبيب ، نا يعقوب بن

__________________

(١) انظر تهذيب الكمال ٩ / ٧١.

(٢) سورة التوبة ، الآية : ١٣.

(٣) بالأصل : «وابنه ابن سهيل» والصواب ما أثبتناه ، قارن مع مختصر ابن منظور ١١ / ٥١.

(٤) بفتح الحاء والفاء ، نسبة إلى موضع بالكوفة (تقريب التهذيب).

(٥) سورة الأنفال ، الآية : ٣٦.

(٦) مهملة بالأصل بدون نقط ، والصواب ما أثبت وضبط ، وقد مرّ كثيرا.

(٧) الخبر في المعجم الكبير للطبراني ٨ / ٥ (رقم ٧٢٦٢).

٤٣٨

محمّد الزهري ، نا مجاشع بن عمرو الأسدي ، نا ليث بن سعد ، عن أبي الأسود محمّد (١) بن عبد الرّحمن بن نوفل ، عن عروة بن الزبير ، عن معاوية بن أبي سفيان ، عن أبي سفيان بن حرب ، أن أميّة بن أبي الصّلت كان معه (٢) بغزّة ، أو قال بإيلياء ، فلما قفلنا قال لي أميّة : يا أبا سفيان ، هل لك أن تتقدم على الرفقة فنتحدث؟ قلت : نعم ، قال : ففعلنا ، فقال له : يا أبا سفيان أيهن (٣) عن عتبة بن ربيعة ، قال : أيهن (٤) عن عتبة بن ربيعة ، قال : السنّ والشرف ، قال : كريم الطرفين ، ويجتنب المظالم والمحارم ، قلت : نعم ، قال : وشريف مسن ، قلت : [وشريف مسنّ. قال :](٥) السنّ والشرف أزريا به فقلت له : كذبت ، ما ازداد سنّا إلّا ازداد [شرفا](٦) ، قال : يا أبا سفيان انها لكلمة ما سمعت أحدا يقولها لي منذ تنصرت ، لا تعجل عليّ حتى أخبرك ، قال : هات ، قال : إني كنت أجد في كتبي نبيا يبعث من حرتنا هذه ، فكنت أظن بل كنت لا أشك أنّي هو ، فلما دارست أهل العراق إذا هو من بني عبد مناف ، فنظرت في بني عبد مناف فلم أجد أحدا يصلح لهذا الأمر غير عتبة بن ربيعة ، فلمّا أخبرتني بسنّه عرفت أنه ليس به حين جاوز الأربعين ولم يوح إليه ، قال أبو سفيان : فضرب الدهر ضربة وأوحي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وخرجت في ركب من قريش أريد اليمن في تجارة ، فمررت بأمية بن أبي الصّلت ، فقلت له كالمستهزئ به : يا أمية ، قد خرج النبيّ [الذي](٧) كنت تنتظر ، قال : أما إنه حقّ فاتّبعه ، قلت : ما يمنعك من اتّباعه؟ قال : ما يمنعني إلّا الاستحياء من نسيات (٨) ثقيف إني كنت أحدثهم (٩) أني هو ، ثم يروني (١٠) تابعا لغلام من بني عبد مناف.

ثم قال أمية : وكأن بك يا أبا سفيان إن خالفته قد ربطت كما يربط الجدي حتى يؤتى بك إليه ، فيحكم فيك ما يريد.

__________________

(١) بالأصل «عن أبي الأسود عن محمد ...» خطأ والصواب ما أثبت عن المعجم الكبير ، وانظر ترجمة أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، في سير الأعلام ٦ / ١٥٠.

(٢) سقطت الكلمة من المعجم الكبير.

(٣) عن الطبراني ، وبالأصل : إنهن.

(٤) عن الطبراني ، وبالأصل : إنهن.

(٥) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن الطبراني.

(٦) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن الطبراني.

(٧) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن الطبراني.

(٨) تقرأ بالأصل «شبيب» وتقرأ : «شباب» والمثبت عن الطبراني.

(٩) كذا بالأصل : «أحدثهم ... يروني» فإن صحت اللفظة قبل «شباب» فتصح العبارة بعد ، وطالما أثبتنا ما في الطبراني ودلائل أبي نعيم «نسيات» فصواب العبارة بعدها : كنت أحدثهن أني هو ثم يرينني ...

(١٠) كذا بالأصل : «أحدثهم ... يروني» فإن صحت اللفظة قبل «شباب» فتصح العبارة بعد ، وطالما أثبتنا ما في الطبراني ودلائل أبي نعيم «نسيات» فصواب العبارة بعدها : كنت أحدثهن أني هو ثم يرينني ...

٤٣٩

أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن محمّد بن المجلي (١) ، أنا أبو الحسين أحمد بن محمّد بن أحمد بن النّقّور ، وأبو علي محمّد بن وشاح الزينبي.

ح وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر ، أنا أحمد بن محمّد بن النّقّور ، قالا : أنا عيسى بن علي ، نا القاضي أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب بن عيسى ، نا أبو السكين (٢) زكريا بن يحيى بن عمر بن حصن قال : حدّثني عمّ أبي زحر بن حصن ، وكان يكنى أبو الفرج (٣) ، وبلع عشرين ومائة سنة ، توفي سنة أربع ومائتين.

قال حدّثني جدي حميد بن منهب ، قال :

بلغ معاوية أن ابن الزبير يشتم أبا سفيان فقال : بئس لعمرو الله ما يقول في عمّه ، لكني أقول في أبي عبد الله رحمة الله عليه إلّا خيرا ، إن كان امرا صالحا ، خرج أبو سفيان إلى بادية له مردفا هندا ، وخرجت أسير أمامها وأنا غلام على حمارة لي ، إذ لحقنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال أبو سفيان : أنزل يا معاوية حتى يركب محمّد ، فنزلت عن الحمارة وركبها رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسار أمامها هنيهة ثم التفت إليهما فقال : يا أبا سفيان بن حرب ويا هند ابنة عتبة ، والله لتموتن ثم لتبعثنّ ثم ليدخلنّ المحسن الجنة والمسيء النار ، وإنما أقول لكم الحقّ إنكم لأول من أنذر ، ثم قرأ صلى‌الله‌عليه‌وسلم (حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)(٤) حتى بلغ (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ)(٥) فقال له أبو سفيان : أنزعت (٦) يا محمّد؟ قال : «نعم» ، ونزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الحمارة وركبتها ، وأقبلت هند على أبي سفيان ، فقالت : ألهذا الساحر الكذّاب أنزلت ابني؟ قال : لا والله ، ما هو بساحر ولا كذّاب [٥١٠٨].

أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو علي بن شاذان ، قال : قرئ على أبي محمّد جعفر بن محمّد الواسطي ، أخبركم عبد الله بن أحمد بن

__________________

(١) بالأصل : «المحلي» والصواب ما أثبت وضبط ، وقد مرّ.

(٢) ضبطت عن تقريب التهذيب بضم المهملة ، ترجمته في تهذيب الكمال ط دار الفكر ٦ / ٣٢٣.

(٣) في تهذيب الكمال ٦ / ٣٢٣ : «أبا المفرح».

(٤) سورة السجدة ، الآية : ١ ـ ١١.

(٥) سورة السجدة ، الآية : ١ ـ ١١.

(٦) في مختصر ابن منظور ١١ / ٥٢ أفرغت.

٤٤٠