تاريخ مدينة دمشق - ج ٢٣

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٢٣

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

أخبرناه عاليا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، ثنا عبد العزيز بن أحمد ، أنبأ أبو محمّد بن أبي نصر ، أنبأ خيثمة بن سليمان ، أنبأ عباس بن الوليد ، ثنا محمّد بن شعيب ، أخبرني عمر مولى غفرة عن (١) عبد الله بن علي بن السّائب ، عن عبد الله بن حصين ، عن محصن ، عن عبد الله بن هرمز ، عن خزيمة بن ثابت أنه قال :

أشهد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إن الله عزوجل لا يستحي من الحقّ ، لا يحل أن تأتوا النساء في أدبارهن» [٥٠٢٢].

الصواب ابن حصين بن محصن ، كما في رواية الهيثم ، وهرمى كما في رواية خيثمة.

أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد ، أنبأ جدي أبو محمّد ، أنبأ أبو علي الأهوازي ، قال : قال لنا عبد الوهاب الكلابي في تسمية شيوخه الذي سمع منهم : شعيب بن الهيثم أبو محمّد ببيروت.

٢٧٥٢ ـ شعيب العماني

مولى الوليد بن عبد الملك.

ذكر أبو الحسين الرازي في تسمية كتاب أمراء دمشق ، وذكر أنه كان على الخاتم الصغير للوليد بن عبد الملك ، كذا ذكره أبو الحسين ، وأظنه شعيث (٢) بن زيان الذي يأتي ذكره.

٢٧٥٣ ـ شعيب مولى عمر بن عبد العزيز

حكى عن عمر.

روى عنه أبو سلمة بشر بن عبد الله بن عمر بن عبد العزيز.

__________________

(١) بالأصل : بن.

(٢) بالأصل : شعيب ، بالباء الموحدة خطأ ، والصواب ما أثبت ، وانظر ما سيأتي قريبا.

١٢١

[ذكر](١) من اسمه شعيث بالمثلثة

٢٧٥٤ ـ شعيث بن زيان

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي الفتح بن المحاملي ، أنبأ أبو الحسن قال : شعيب بن زيان كان يصحب الوليد بن عبد الملك ويضحكه.

قرأت بذلك من أصل أبي بكر أحمد بن أبي سهل الحلواني ، عن أبي سعيد السكري ، عن محمّد بن حبيب بن هشام بن الكلبي.

قرأت على أبي محمّد السلمي ، عن أبي نصر بن ماكولا ، قال : شعيث بن زيان كان يصحب الوليد بن عبد الملك ويضحكه.

__________________

(١) زيادة منا للإيضاح.

١٢٢

ذكر من اسمه شقران

٢٧٥٥ ـ شقران السلاماني ، مولى بني سلامان

من قضاعة ، شاعر من شعراء بني أمية.

وفد على الوليد بن يزيد.

قرأت على أبي الفتوح أسامة بن محمّد بن زيد بن محمّد العلوي ، عن أبي جعفر محمّد بن أحمد بن محمّد بن المسلمة ، عن أبي عبيد الله محمّد بن عمران بن موسى المرزباني ، قال (١) : شقران السلاماني القضاعي شامي ، مولى لبني سلامان بن سعد هذيم أخوه عذرة بن سعد هذيم ، وهذيم عبد حبشي حضر سعدا ، فغلب عليه ابن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة ، كان شقران مدّاحا للوليد بن يزيد بن عبد الملك ، داخلا في جملته ، وهاجى ابن ميّادة ، وهو القائل للوليد يخرجه على ابن عمّه يزيد بن الوليد :

كنا نداريها فقد مزقت

واتسع الخرق على الراقع

كالثوب إذ أنهج فيه البلى

أعيا على ذي الحيلة الصانع

وله يرثي أخاه :

ذكرت أبا أروى فبت كأنني

برد الأمور الماضيات وكيل

لكل اجتماع من خليلين فرقة

وكل الذي دون الفراق قليل

فإن افتقادي واحدا بعد واحد (٢)

دليل على أن لا يدوم خليل

__________________

(١) لم أجد لشقران ذكرا في معجم الشعراء المطبوع للمرزباني.

(٢) بالأصل : واحدا.

١٢٣

وأما تريني اليوم أودت بشاشتي

وأضمر خرمي طول ما أتقلقل

فأصبحت مثل السّيف صلبا وقد أرى

يردد في طرفه المتأمل

وله :

قد أوهنت جثمانه وتلعنت

شامورة سلمى فأصبح مدنفا

تراه صحيحا كل خلو من الهوى

ويحسبه الطبّ المحب على شفا

قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين بن محمّد الأموي (١) ، أخبرني الحرمي ، نا الزبير.

ح قال : وأنبأ يحيى بن علي ، عن [أبي](٢) أيوب المديني ، عن زبير قال : قال جلال بن عبد العزيز : وقال يحيى بن خلاد ، عن أبي أيوب جلال بن عبد العزيز : قال استأذن ابن ميّادة على الوليد بن يزيد وعنده شقران مولى قضاعة ، فأدخله في صندوق وأذن لابن ميّادة ، فلما دخل أجلسه على الصّندوق واستنشده هجاء شقران ، فجعل ينشده ، ثم أمر بفتح الصّندوق فخرج عليه شقران وجعل يهدر كما يهدر الفحل ويقول :

سأعكم عن قضاعة كلب قيس

على حجر فينصب العكام (٣)

أسير أمام قيس كلّ يوم

وما قيس بسائرة أمامي

وقال أيضا وهو يسمع (٤) :

إنّي إذا الشعراء لاقى بعضهم

بعضا ببلقعة يريد نضالها

وقفوا لمرتجز (٥) الهدير إذا دنت

منه المكاره (٦) قطّعت أبوالها

فتركتهم زمرا تزمزم (٧) باللجا

عنها عنافق قد خلعت سبالها

__________________

(١) الخبر في كتاب الأغاني ٢ / ٣٠٧ ـ ٣٠٨ في أخبار ابن ميادة.

(٢) زيادة عن الأغاني.

(٣) في الأغاني : سأكعم ... فينصت للكعام.

وعكم مثل كعم معنى. والكعم شد فم البعير لئلا يعض أو يأكل وشد فم الكلب لئلا ينبح ، يقال كعمه : إذا شد فاه بالكعام.

(٤) الأبيات في الأغاني ٢ / ٣٠٨.

(٥) بالأصل : «لم تجز» والمثبت عن الأغاني ، ويقال : ارتجز الرعد إذا سمع له صوت متتابع.

(٦) في الأغاني : «البكارة» بدل «المكاره».

(٧) الأغاني : ترمز باللحى ... قد حلقت سبالها.

والعنافق جمع عنفقة وهي الشعرات التي بين الدقن وطرف الشفة العليا.

والسبال جمع سبلة وهي ما على الشارب من الشعر ، وقيل : مجتمع الشاربين.

١٢٤

فقال ابن ميّادة : يا أمير المؤمنين اكفف عني هذا الذي ليس أصل فاختفره (١) ولا فرع فأصهره.

فقال الوليد : أشهد أنك قد جرجرت كما قال شقران :

فجاءت بخوار إذا عض جرجرا

قال : (٢) وأخبرني يحيى بن صالح (٣) ، أنبأ حمّاد بن إسحاق ، عن أبيه ، أخبرني أبو الحسن ـ أظنه المدائني ـ قال : أخبرني أبو صالح الفزاري قال : أقبل شقران مولى بني سلامان [بن سعد](٤) هذيم أخو عذرة بن سعد هذيم ، قال : وهذيم عبد حبشي كان حضن سعدا فغلب عليه ، وهو ابن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة من اليمامة ، معه تمر قد امتاره ، فلقيه ابن ميّادة فقال له : ما هذا معك؟ فقال : تمر امترته لأهلي يقال له : زب ربّاح (٥) ، فقال له ابن ميّادة يمازحه :

كأنك لم تقفل (٦) لأهلك تمرة

إذا أنت لم تقفل بزبّ رباح (٧)

فقال له شقران :

فإن كان هذا زبّه فانطلق به

إلى نسوة سود الوجوه قباح (٨)

فغضب ابن ميّادة وأمضّه ، فانحى عليه بالسوط فضربه ضربات ، وانصرف مغضبا ، فكان ذلك سبب الهجاء بينهما.

قال حمّاد عن أبيه : وحدّثني أبو علي الكلبي ، قال : اجتمع [ابن ميّادة](٩) وشقران مولى بني سلامان عند الوليد بن يزيد ، فقال ابن ميّادة : يا أمير المؤمنين أتجمع بيني

__________________

(١) في الأغاني : أصل فأحفره ، ولا فرع فأهصره.

(٢) بالأصل : «وسال ، أنبا» والمثبت عن الأغاني ٢ / ٣٠٦.

(٣) في الأغاني يحيى بن علي.

(٤) بياض بالأصل ، وما بين معكوفتين استدرك عن الأغاني.

(٥) ضبطت عن القاموس رباح كرمان.

(٦) إعجامها مضطرب بالأصل ، والمثبت عن الأغاني.

(٧) خففت الباء للوزن هنا ، ومرّ ضبطها قريبا بتشديدها. وبالأصل : رباح.

(٨) عن الأغاني ، وبالأصل : فتاج.

(٩) ما بين معكوفتين زيادة عن الأغاني ٢ / ٣٠٧.

١٢٥

وبين هذا العبد ، ليس مثلي في حسبي ، ولا نسبي ، ولا لساني ، ولا منصبي ، فقال شقران :

لعمري لئن كنت ابن شيخي عشيرة

هرقل وكسرى ما أراني مقصّرا

وما أتمنى أن أكون ابن نزوة

نزاها ابن أرض لم يجد متمهّرا

على حائل تلوي الصرار بكفّها (١)

فجاءت بخوّار إذا عض جرجرا

أخبرنا أبو الحسين محمّد بن كامل بن مجاهد بن ديسم ، أنبأ محمّد بن أحمد بن عمر بن المسلمة ـ فيما كتب إليّ ـ أنبأ أبو عبد الله محمّد بن عمران بن موسى الكاتب ـ إجازة ـ أنشدني علي بن سليمان الأخفش ، عن أبي العباس ثعلب.

ح قال : وأنشدني أبو عبد الله الحكيمي ، أنشدنا أحمد بن يحيى ، عن ابن الأعرابي لشقران السّلامي :

ذكرت أبا أروي فبتّ كأنني

برد الأمور الماضيات دليل

لكلّ اجتماع من خليلين فرقة

وكلّ الذي دون الفراق قليل

وإنّ فراقي واحدا (٢) بعد واحد

دليل على أن لا يدوم خليل

قال الحكيم : قال ثعلب : كذا أنشده ابن الأعرابي :

«وكل اجتماع من خليل الفرقة»

ويروى :

«وكل اجتماع من خليلين فرقة

قال ابن الأعرابي : قوله : برد الأمور الماضيات دليل لو أتعزّى (٣) بالأسى التي أصيب بها الناس قبلي (٤) ، وأقول : مات فلان وفلان لأتعزّى.

أخبرنا أبو السّعود أحمد بن علي بن محمّد بن المجلي (٥) ، أنبأ أبو منصور

__________________

(١) بالأصل : الضرار تكفها ، والمثبت عن الأغاني.

والصرار : خيط يشد فوق خلف الناقة لئلا يرضعها ولدها.

والحائل : غير الحامل.

والخوار : الضعيف.

(٢) بالأصل : واحد.

(٣) بالأصل : أتعرف ، والمثبت عن مختصر ابن منظور ١٠ / ٣٢٠.

(٤) بالأصل : «تبكي» والمثبت عن مختصر ابن منظور ١٠ / ٣٢٠.

(٥) بالأصل : «المحلى» والصواب ما أثبت وضبط ، وقد مرّ كثيرا.

١٢٦

محمّد بن أحمد بن الحسين بن عبد العزيز العكبري ، أنشدنا أبو الطيب محمّد بن أحمد بن خاقان.

ح قال : وأنشدنا القاضي أبو محمّد عبد الله بن علي بن أيوب ، عن أبي بكر أحمد بن محمّد بن الجرّاح ، قال : أنشدنا أبو بكر بن زيد ، أنشدنا أبو عثمان السورنداني ، عن أبي عبيدة لشقران السلامي في قتل الوليد :

إن الذي ربصها أمره

سرّا وقد بيّن للسالع (١)

لكالني نحسها أهلها عذراء

بكرا وهي في التاسع

فاذكر من الأمر قراديده

بالحزم والقوة أو صائع

حتى نرى الأخدع مذلولنا

يلتمس الفضل إلى الخادع

كنا ندار بها وقد مزقت

واتسع الخرق على الرّاقع

كالثوب إذ أنهج فيه البلى

أعيا على ذي الحيلة الصانع

قال : المذلول : الذي قد ذل وانقاد وخضع ، أشار على الوليد أن يقتل الذين شغبوا عليه حتى يطلب المخدوع الفضل إلى من خدعه ، ويرضى بالمخلص ، وقال غيره : قراديد الأمر : شدته وصعوبته.

__________________

(١) كذا.

١٢٧

ذكر من اسمه شقير

٢٧٥٦ ـ شقير مولى العباس بن الوليد بن عبد الملك

ابن مروان بن الحكم الأموي

روى عن الهدار (١) رجل زعم (٢) أن له صحبة.

روى عنه عوف بن سفيان الطائي الحمصي.

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد بن محمّد ، أنبأ شجاع بن علي بن شجاع ، أنبأ أبو عبد الله بن منده ، أنبأ خيثمة بن سليمان ، ثنا محمّد بن عوف بن سفيان الحمصي ، ثنا أبي عوف ، ثنا شقير مولى العباس (٣) عن الهدار صاحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه رأى العبّاس وإسرافه في خبز السميذ وغيره فقال : لقد توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وما شبع من خبز برّ حتى فارق الدنيا.

قال ابن مندة : هذا حديث غريب ، ويقال : إن أحمد بن حنبل سمعه من محمّد بن عوف (٤).

أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، وطاهر بن سهل بن بشر ، قالا : أنبأ أبو الحسين بن مكي المصري.

__________________

(١) هو الهدار الكناني ، ترجمته في أسد الغابة ٤ / ٦١٣ والاستيعاب ٣ / ٦٢٥ والإصابة ٣ / ٦٠٠ وبالأصل : الهذار بالذال المعجمة. والمثبت بالدال المهملة عن مصادر ترجمته.

(٢) كذا ، وجزم أبو عمر في الاستيعاب أن له صحبة.

(٣) في الإصابة : سفيان مولى العباس.

(٤) نقله ابن الأثير في أسد الغابة في ترجمة الهدار من طريق محمد بن عوف بن سفيان ٤ / ٦١٣.

١٢٨

أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن محمّد بن إسحاق بن يزيد الحلبي ، نا أبو القاسم عبد الصّمد بن سعيد بن يعقوب الكندي ، القاضي ، ثنا محمّد بن عوف ، وكتبه عنه أحمد بن حنبل (١) ، حدّثني أبي عوف بن سفيان ، حدّثني شقير (٢) مولى العبّاس ، قال : سمعت الهدار وكان من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ورأى العباس وكثرة أكله من خبز السميذ فقال : لقد توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وما شبع من خبز برّ حتى لقي الله عزوجل (٣).

أنبأنا أبو طالب الحسين بن محمّد الزينبي ، أنبأ علي بن المحسّن التنوخي ، أنبأ محمّد بن المظفر ، أنبأ بكر بن أحمد بن حفص ، نا أبو بكر أحمد بن محمّد بن عيسى ، قال : وشقير مولى العباس بن الوليد بن عبد الملك بن مروان قال : رأيت الهدار صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ـ فيما قرأت عليه ـ عن أبي الفتح المحاملي ، أنبأ أبو الحسن الدارقطني ، قال : وأما شقير ـ يعني بالشين المهملة ـ شقير مولى العباس بن الوليد ، روى عن الهدّار (٤) صاحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حدّثنا عنه أهل الشام ، كذا قال الدارقطني.

قرأت على أبي محمّد السلمي ، عن أبي زكريا البخاري.

ح وحدّثني خالي القاضي أبو المعالي محمّد بن يحيى بن علي ، نا أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر ، أنبأ أبو زكريا ، ثنا عبد الغني بن سعيد ، قال : شقير بالشين المعجمة ، والقاف والراء غير معجمة ، وقد روى عن هدار (٥) عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حديثا واحدا لا أعلم حدث به غير محمّد بن عوف.

قرأت على أبي محمّد بن أبي نصر بن ماكولا (٦) قال : وأمّا شقير بشين معجمة

__________________

(١) العبارة بالأصل مضطربة وتمامها : «وكتبه عنه محمد عن إسحاق بن يزيد الحلبي نا أبو القاسم عبد الصمد أحمد بن حنبل» صوبنا السند بما يوافق عبارة الإصابة ٣ / ٦٠٠.

(٢) في الإصابة : سفيان مولى العباس.

(٣) في الإصابة : سفيان.

(٤) الخبر في الإصابة ٣ / ٦٠٠.

(٥) بالأصل : الهذار بالذال المعجمة.

(٦) الاكمال لابن ماكولا ٤ / ٣١٠.

١٢٩

مضمومة ، فهو شقير مولى العباس بن الوليد ، روى عن الهذار (١) صاحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حديثه عند أهل الشام. كذا ذكره (٢) بالسين المبهمة ، وهو وهم ، وصوابه بالشين المعجمة ، كذلك قاله صاحب تاريخ الحمصيين ، وحديثه يرويه محمّد بن عوف الطائي عن أبيه عوف بن سفيان ، عن شقير ، وهو حديثه ، وقاله أبو محمّد (٣) : بالشين المعجمة ، وهو الصحيح.

__________________

(١) كذا بالأصل هنا والاكمال ، وصوبناه فيما مرّ بالدال المهملة.

(٢) يعني الدارقطني كما يفهم من حاشية الاكمال ٤ / ٣١٠.

(٣) يعني عبد الغني بن سعيد.

١٣٠

ذكر من اسمه شقيق (١)

٢٧٥٧ ـ شقيق بن إبراهيم

أبو علي الأزدي البلخي الزاهد (٢)

أحد شيوخ التصوّف ، له قدم فيه موصوف وكلام في التوكل معروف.

صحب إبراهيم بن أدهم وحدّث عنه ، وعن أبي هاشم كثير بن عبد الله الأبلّي (٣) ، وعبّاد بن كثير ، وأبي حنيفة النعمان بن ثابت ، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق.

روى عنه حاتم بن عنوان بن يوسف الأصم البلخي (٤) ، وأبو سعيد محمّد بن عمرو بن حجر البلخي ، وعبد الصّمد بن يزيد المعروف بمردويه البغدادي ، والحسين بن داود بن معاذ البلخي ، ومعاذ بن عيسى الهروي ، وأحمد بن عبد الله النيسابوري ، وابنه محمّد بن شقيق ، ومحمّد بن أمان البلخي ، مستملي وكيع ، وأبو صالح مسلم بن عبد الرّحمن البلخي ، مستملي عمر بن هارون البلخي ، ومحمود بن يزيد الخراساني ، وقيل محمود عن الخراساني عن شقيق.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن إبراهيم بن محمّد الجرجاني ، وأبو نصر الحسين بن

__________________

(١) من قوله : كذا ذكره ـ إلى هنا سقط من الاكمال المطبوع لابن ماكولا.

(٢) ترجمته في حلية الأولياء ٨ / ٥٨ ميزان الاعتدال ٢ / ٢٧٩ فوات الوفيات ٢ / ١٠٥ وفيات الأعيان ٢ / ٢٧٥ الوافي بالوفيات ١٦ / ١٧٣ سير الأعلام ٩ / ٣١٣ وانظر بالحاشية فيهما أسماء مصادر أخرى ترجمت له.

(٣) بالأصل : «الايلي» خطأ والصواب عن سير الأعلام ، وذكره السمعاني في الأنساب وترجم له. والأبلي نسبة إلى الأبلّة بلدة قديمة على أربعة فراسخ من البصرة.

(٤) ترجمته في سير الأعلام ١١ / ٤٨٤.

١٣١

رجاء بن محمّد بن الحسن بن محمّد بن سليم الأصبهاني القارئ ، قالا : أنا أبو عمرو بن منده.

ح وأخبرتنا أم البهاء فاطمة ححبببه (١) بنت أبي الوفاء بن عمرو بن ماجة ، قالت : أنا شجاع بن علي ، قالا : أنبأ أبو عبد الله بن منده ، أنبأ عبد الله بن محمّد بن عبد الرّحمن الرازي ، وفي حديث شجاع : الزورني ، ثنا محمّد بن فارس أبو عبد الله ، ثنا حاتم الأصم ـ يعني البلخي ـ عن شقيق بن إبراهيم البلخي ، عن إبراهيم بن أدهم ، عن مالك بن دينار ، عن أبي مسلم الخولاني ، وقال شجاع بن أبي صالح ، عن عمر بن الخطاب ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا (٢) ، وصمتم حتى تكونوا كالأوتار ، ثم كان الاثنان أحبّ إليكم من الواحد لم تبلغوا الاستقامة». مالك بن دينار لم يسمع من أبي مسلم [٥٠٢٣].

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، قال : قرئ على سعيد بن محمّد بن أحمد البحيري ، أنبأ أبو الحسين عبد الله بن أحمد الحنبلي الفقيه ، أنبأ أبو بكر محمّد بن عمر بن حفص ، ثنا علي بن محمّد ، أبو الحسن النيسابوري ، ثنا أحمد بن عبد الله ، أنبأ شقيق بن إبراهيم البلخي ، عن عبّاد بن كثير ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«لا تجلسوا (٣) عند كل عالم ، إلّا عالم يدعوكم من الخمس إلى الخمس : من الشكّ إلى اليقين ، ومن الكبر إلى التواضع ، ومن العداوة إلى النصيحة ، ومن الرياء إلى الإخلاص ، ومن الرغبة إلى الزهد» (٤) ، وروى عن حاتم ، عن شقيق [٥٠٢٤].

أخبرنا أبو غالب محمّد بن إبراهيم بن محمّد ، وأبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل ، وأبو محمّد نوشتكين بن عبد الله الشهرياري ، قالوا : أنبأ عبد الوهاب بن محمّد بن إسحاق ، أنبأ أبي ، أنبأ محمّد بن أحمد بن عبد الرّحمن

__________________

(١) كذا رسمها بالأصل.

(٢) الحنايا جمع حنية أو حنيّ ، وهما القوس ، فعيل بمعنى مفعول ، لأنها محنية ، أي معطوفة (النهاية).

(٣) عن حلية الأولياء ٨ / ٧٢ وبالأصل : لا تخلوا.

(٤) في الحلية : الرهبة.

١٣٢

السرخسي ، وقال إسماعيل : الأشناني بن حسن : ثنا محمّد بن أبي صالح الهروي ، ثنا معاذ بن عيسى الهروي ، ثنا شقيق بن إبراهيم ـ زاد إسماعيل : البلخي : نا إبراهيم بن أدهم عن محمّد بن زياد ، عن أبي هريرة قال : دخلت على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يصلي جالسا ، فقلت : يا رسول الله أراك تصلي جالسا فما أصابك؟ قال : «الجوع يا أبا هريرة» فبكيت ، قال : «لا تبك يا أبا هريرة ، فإن شدة الحساب لا تصيب الجائع إذا احتسب» [٥٠٢٥].

أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمّد بن البغدادي ، أنبأ أبو سهل حمد بن أحمد بن عمر الصّيرفي ، أنبأ أبو عمر عبد الله بن محمّد بن أحمد بن عبد الوهاب ، أنبأ أبو جعفر محمّد بن شاذان بن سعدويه ، ثنا أبو علي الحسين بن داود البلخي الفزاري ، نا شقيق بن إبراهيم الزاهد في الدنيا ، الراغب في الآخرة ، المداوم على عبادة ربه ، ثنا أبو هاشم الأبلّي (١) ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من قضى حاجة المسلم في الله ، كتب الله له عمر الدنيا سبعة آلاف ، صيام نهاره وقيام ليله» [٥٠٢٦].

أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان ، أنبأ عبد الملك بن محمّد بن بشران ، أنبأ محمّد بن الحسين الآجري ـ بمكة ـ ثنا جعفر (٢) الصندلي ، أنبأ الفضل بن زياد ، ثنا عبد الصّمد بن يزيد قال : سمعت شقيق بن إبراهيم يقول : لقيت إبراهيم بن أدهم في بلاد الشام ، فقلت : يا إبراهيم تركت خراسان؟ فقال : ما تهنيت بالعيش إلّا في بلاد الشام ، أفر يدنني من شاهق إلى شاهق ـ أي من جبل إلى جبل ـ فما يراني يقول : موسوس ، ومن يراني يقول : ملاح ، ومن يراني يقول : جمال.

ـ في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلّال ـ أنبأ أبو القاسم بن منده ، أنبأ أبو علي ـ إجازة ـ.

ح قال : وأنبأ أبو طاهر بن سلمة ، أنبأ علي بن محمّد ، قالا : أنبأ عبد الرّحمن بن محمّد بن إدريس (٣) ، قال : شقيق بن إبراهيم البلخي الزاهد ، روى عن إبراهيم بن أدهم ، روى عنه حاتم الأصم ، وعبد الصّمد بن يزيد المعروف بمردويه البغدادي.

أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر ، أنبأ أبو بكر محمّد بن

__________________

(١) بالأصل : الإيلي ، خطأ والصواب ما أثبت ، وقد مرّ قريبا.

(٢) بياض بالأصل.

(٣) الجرح والتعديل ٤ / ٣٧٣.

١٣٣

يحيى بن إبراهيم المزكي ، أنبأ أبو عبد الرّحمن محمّد بن الحسين السّلمي ، قال : شقيق بن إبراهيم الأزدي ، أبو علي من أهل بلخ ، حسن الكلام في التوكل وغيره ، كان أستاذ حاتم الأصم ، صحب إبراهيم بن أدم وغيره ، وهو من أشهر مشايخ خراسان بالتوكّل ، ومنه وقع أهل خراسان إلى هذه الطرق.

سمعت أبا المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن يقول : سمعت أبي أبا القاسم يقول (١) : ومنهم أبو علي شقيق بن إبراهيم البلخي ، من مشايخ خراسان ، له لسان في التوكّل ، وكان أستاذ حاتم الأصم.

سمعت الشيخ أبا عبد الرّحمن السلمي يقول : سمعت أبا الحسين بن أحيد العطار البلخي يقول : سمعت أحمد بن محمّد البخاري يقول : قال حاتم الأصم (٢) :

كان شقيق بن إبراهيم موسرا ، وكان يتفتى ويعاشر الفتيان ، وكان علي بن عيسى بن ماهان أمير بلخ ، وكان يحب كلاب الصيد ، ففقد كلبا من كلابه ، فسعى برجل أنه عنده ، وكان الرجل في جوار شقيق ، فطلب الرجل وضرب (٣) ، فدخل دار شقيق مستجيرا ، فمضى شقيق [إلى](٤) الأمير وقال : خلوا سبيله فإن الكلب عندي أردّه إليكم إلى ثلاثة أيام ، فخلّوا سبيله ، وانصرف شقيق مهتما لما صنع ، فلما كان اليوم الثالث ، كان رجل غائبا من بلخ رجع ، فوجد في الطريق كلبا عليه قلادة ، فأخذه ، وقال أهديه إلى شقيق ، فإنه يشتغل بالتفتي ، فحمله إليه ، فنظر شقيق فإذا هو كلب الأمير ، فسرّ به ، وحمله إلى الأمير وتخلص من الضمان ، فرزقه الله الانتباه ، وتاب مما كان فيه ، وسلك طريق الزهد.

قال القشيري (٥) : وقيل : كان سبب توبته (٦) أنه كان من أبناء الأغنياء ، خرج للتجارة إلى أرض الترك وهو حدث ، ودخل بيت الأصنام ، فرأى خادما للأصنام قد حلق رأسه ولحيته ، ولبس ثيابا أرجوانية ، فقال شقيق للخادم : إن لك صانعا حيا عالما

__________________

(١) الرسالة القشيرية ط بيروت ص ٣٩٧.

(٢) المصدر السابق ص ٣٩٧ ـ ٣٩٨.

(٣) الرسالة القشيرية : فهرب.

(٤) زيادة عن الرسالة القشيرية.

(٥) المصدر السابق ص ٣٩٧.

(٦) في الرسالة القشيرية : زهده.

١٣٤

فاعبده ، ولا تعبد هذه الأصنام التي لا تضر ولا تنفع ، فقال : إن كان كما تقول فهو قادر على أن يرزقك ببلدك ، فلم تعنيت (١) إلى ما هاهنا للتجارة ، فانتبه شقيق ، وأخذ في طريق الزهد.

وقيل (٢) : كان سبب زهده أنه رأى مملوكا يلعب ويمرح في زمان قحط ، [و] كان الناس مهتمين ، فقال له شقيق : ما هذا النشاط الذي فيك؟ ألا ترى ما فيه الناس من الحزن والقحط؟ فقال ذلك المملوك : وما علي من ذلك ولمولاي قرية خالصة يدخل منها له ما يحتاج نحن إليه ، فانتبه شقيق وقال : إن كان لمولاه قرية خالصة ، ومولاه مخلوق فقير ، ثم إنه يهتم لرزقه ، فكيف أن يهتم (٣) المسلم لأجل الرزق ومولاه غني.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنبأ أبو الحسن رشأ بن نظيف ، أنبأ الحسن بن إسماعيل ، أنبأ أحمد بن مروان ، ثنا أحمد بن محمّد الواسطي ، ثنا ابن خبيق ، عن خلف بن تميم قال :

التقى إبراهيم بن أدهم وشقيق بمكة ، فقال إبراهيم لشقيق : ما بدو أمرك الذي بلغك هذا؟ فقال : سرت في بعض الفلوات فرأيت طيرا مكسور الجناحين في فلاة من الأرض ، فقلت : انظر من أن يرزق ، فقعدت بحذائه فإذا أنا بطير قد أقبل في منقاره جرادة فوضعها في منقار الطير المكسور الجناحين ، فقلت في نفسي : يا نفس الذي قيّض هذا الطائر الصحيح لهذا الطائر المكسور الجناحين في فلاة من الأرض هو قادر أن يرزقني حيث ما كنت ، فتركت التكسّب واشتغلت بالعبادة ، فقال له إبراهيم : يا شقيق ولم لا تكون أنت الطير الصحيح الذي أطعم العليل حتى يكون (٤) أفضل منه؟ أما سمعت من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اليد العليا خير من اليد السفلى ، ومن علامة المؤمن أن يطلب أعلى الدرجتين في أموره كلها حتى يبلغ منازل الأبرار» ، قال : فأخذ يد إبراهيم وقبّلها ، وقال له : أنت أستاذنا يا أبا إسحاق [٥٠٢٧].

أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد ، أنبأ أبو نعيم أحمد بن عبد الله (٥) ، ثنا أبو بكر

__________________

(١) الرسالة القشيرية : فلما أتعبت نفسك بالمجيء إلى هاهنا للتجارة.

(٢) المصدر السابق ص ٣٩٧.

(٣) في الرسالة القشيرية : ثم انه لا يهتم لرزقه ، فكيف ينبغي أن يهتم ...

(٤) بالأصل : يكون.

(٥) بالأصل : «عبد» والصواب ما أثبت وهو صاحب كتاب حلية الأولياء ، وانظر الخبر فيها ٨ / ٥٩.

١٣٥

محمّد بن أحمد بن محمّد (١) بن عبد الله البغدادي ـ سنة ثمان وخمسين ـ وحدّثني عنه أولا عثمان بن محمّد العثماني ـ سنة أربع وخمسين ـ ثنا عباس بن أحمد الشاشي (٢) ، ثنا أبو عقيل الرصافي ، ثنا أحمد بن عبد الله الزاهد ، قال : قال علي بن محمّد بن شقيق : كان لجدّي ثلاثمائة قرية يوم قتل بواشكرد (٣) ، ولم يكن له كفن يكفن فيه ، قدّمه كله بين يديه ، وثيابه وسيفه إلى السّاعة معلّق يتبرّكون به ، قال : وقد كان خرج إلى بلاد الترك لتجارة وهو حدث إلى قوم يقال لهم : الخلوجية (٤) وهم يعبدون الأصنام ، فدخل إلى بيت أصنامهم وعالمهم (٥) قد حلق رأسه ولحيته ولبس ثيابا حمراء أرجوانية فقال له شقيق : إن هذا الذي أنت فيه باطل ولهؤلاء ولك ، ولهذا الخلق خالق وصانع ليس كمثله شيء ، له الدنيا والآخرة ، قادر على كل شيء ، رازق كل شيء ، فقال له الخادم : ليس يوافق قولك فعلك ، فقال له شقيق : كيف ذاك؟ قال : زعمت أن لك خالقا قادرا على كل شيء وقد تعنيت (٦) إلى هاهنا لطلب الرزق ، ولو كان كما تقول فإن الذي يرزقك هاهنا يرزقك ثم فتربح العناء.

قال شقيق : فكان سبب زهدي كلام التركي ، فرجع فتصدّق بجميع ما ملك فطلب العلم.

قال (٧) : وثنا مخلد بن جعفر بن محمّد ، ثنا جعفر الفريابي ، نا المثنّى بن جامع ، قال : قال أبو عبد الله : سمعت شقيق بن إبراهيم يقول : كنت رجلا شاعرا فرزقني الله التوبة ، وإني خرجت بثلاثمائة ألف درهم ، وكنت مرائيا ولبست الصّوف عشرين سنة ، وأنا لا أعلم حتى لقيت عبد العزيز بن أبي رواد فقال : يا شقيق ليس الشأن (٨) في أكل الشعير الشأن في المعرفة ، أن يعرف الله عزوجل يعبده ولا يشرك به شيئا ، والثانية الرضا عن الله ، والثالثة تكون بما في يد الله أوثق منك بما في أيدي المخلوقين ، قال

__________________

(١) سقطت اللفظة من الحلية.

(٢) الحلية : الشامي.

(٣) مهملة بالأصل بدون نقط ، والمثبت عن الحلية.

(٤) الحلية : الخصوصية.

(٥) عن الحلية وبالأصل : وعاملهم.

(٦) الحلية : تغيبت.

(٧) القائل هو أبو نعيم أحمد بن عبد الله ، والخبر في الحلية ٨ / ٥٩.

(٨) في الحلية : البيان.

١٣٦

شقيق : فقلت له : فسّر لي هذا حتى أتعلّمه؟ قال : أما تعبد الله لا تشرك به شيئا يكون جميع ما تعمله لله خالصا صوم أو صلاة أو حجّ أو غزو أو عبادة ، فرض أو غير ذلك من أعمال البرّ يكون لله خالصا ، ثم تلا هذه الآية (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)(١).

أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنبأ أبو بكر البيهقي ، أنبأ أبو عبد الرّحمن السّلمي ، قال : سمعت سعيد بن أحمد البلخي يقول : سمعت محمّد بن عبد الله يقول : سمعت خالي محمّد بن الليث يقول : سمعت محمّد اللفاني يقول : سمعت حاتم الأصمّ يقول : كان شقيق (٢) يقول : إن الله عزوجل يسأل عبيده عن حفظ الأمر والنهي يوم القيامة وينجيهم بإخلاص.

أخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمّد بن يوسف ، وأبو نصر محمّد بن البيع ـ في كتابيهما ـ قالا : أنبأ القاضي أبو المظفر هنّاد بن إبراهيم بن محمّد النسفي ، أنبأ أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن محمّد بن سليمان الحافظ ، ثنا أبو حفص أحمد بن أحمد بن حمدان ، ثنا أبو سهل محمّد بن عبد الله بن سهل ، ثنا السري بن عبّاد القيسي المروزي ، أبو محمّد ، أخبرني محمّد بن شقيق البلخي ، أبو جعفر الزاهد ، قال : سمعت أبي يقول : لقيت العلماء وأخذت من آذانهم ، لقيت سفيان الثوري فأخذت لباس الدون منه ، رأيت عليه إزارا قدر أربعة أذرع ثمن أربعة دراهم إذا جلس متربعا أو يمدّ رجليه مخافة أن تبدي (٣) عورته ، ودخل عليه أعرابي عليه كساء أسود غليظ ثمن أربعة دراهم ، فقال له سفيان : يا أعرابي كساء أسود غليظ ثمن أربعة دراهم خير أم كساء أبيض بستة دراهم؟ فقال له الأعرابي (٤) : بل كساء أبيض بستة دراهم أزين عند الناس وأبقى ، قال : فقال سفيان : ويلك يا أعرابي بل كساء أسود غليظ ثمن أربعة دراهم أقرب إلى الله وإلى آثار الصّالحين الذين يأتون من بعدنا يقتدون بنا ، يا أعرابي زيّن دينك وبيتك ، واستر عورتك بأي شيء شئت بعد أن تؤدي فريضتك.

قال : وأخذت الخشوع من إسرائيل بن يونس ، كنا جلوسا حوله لا نعرف من عن

__________________

(١) سورة الكهف ، الآية : ١١٠.

(٢) بالأصل : شقيقا.

(٣) كذا.

(٤) بالأصل : «فقال له سفيان يا أعرابي كساء أسود غليظ له الأعرابي» وصوبنا العبارة كما يقتضيه السياق.

١٣٧

يمينه ولا من عن شماله من تفكّر الآخرة ، فعلمت أنه رجل صالح ليس بينه وبين الدنيا عمل.

قال : وأخذت قصد المعيشة من ورقاء بن عمر (١) طلبنا منه تفسير القرآن فقال : بالشرط أن تتغدى وتتعشى عنده ، فأجبناه إلى ذلك ، وكانت تقدم إلينا خبز الشعير وإدام الخل والزيت ، فقال : هذا لمن يطلب الفردوس ، ويهرب من زفير جهنم كثير.

قال : وأخذت من الزهد من عبّاد [بن] كثير طلبت منه كتاب الزهد فقال : من أين أنت؟ فقلت : من خراسان ، قال : اللهمّ اجعله من الزاهدين في الدنيا ، قال شقيق : فرجوت بركة دعائه لي ، قال : فدخلت منزله فإذا قدور تغلي بين حامض وحلو ، قال شقيق : فأنكرت ما رأيت قال : فقال لي خادمه : (٢) يا خراساني إنه لم يأكل منذ سبع سنين لحما ، وإنّه ليتّخذ كلّ يوم سبع قدور بين حامض وحلو يطعم المساكين والمرضى ومن لا حيلة لهم.

قال : وأخذت التعاون والتوكّل من إبراهيم بن أدهم ، كنا جلوسا عنده ، وذلك في شهر رمضان ، فأهدي إليه سلة تين ، فتصدّق بها على المساكين والجيران.

قال شقيق بن إبراهيم : فقلنا له يا أبا إسحاق لو تدع لنا شيئا ، فقال : ألستم صوّام (٣)؟ قلنا : بلى ، قال : ليس لكم حياء ليس لكم رعة ـ يعني الخوف ـ أما تخافون الله بالعقوبة؟ يطول أملكم إلى العشاء وسوء ظنكم بالله ، وذلك عند غيبوبة الشمس ، ثم قال : ثقوا بالله وأحسنوا الظن بالله ، ما وعد الله لعباده ، قال : (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ)(٤).

قال : وأخذت ترك الحلال وترك الشبهة من وهيب المكي ، رأيته عند الصفّار وهو ينازع رجلا ومع الرجل سلة من فواكه قال : فقال له وهيب : من أين اشتريت هذا؟ قال : فقال له الرجل : ليس لنا أن نسأل ، وكان الرجل يتفقه ، فقال له وهيب : أنظر هل في

__________________

(١) بياض بالأصل مقدار كلمة.

(٢) بياض بالأصل مقدار كلمتين.

(٣) كذا.

(٤) سورة النحل ، الآية : ٩٦ وبالأصل : ينفذ.

١٣٨

بطني من عوار؟ قال : فقال الرجل : لا ، فقال وهيب : مذ خرج السّودان فإني لم آكل من فواكه مكة ، قال : فقال الرجل : فإنك تأكل من طعام مصر ، وإن مصر خبيثة ، قال : فقال وهيب : عليّ عهد الله وميثاقه أن لا آكل طعاما حتى تكون الميتة لي حلالا ، قال : فكان يجوّع نفسه ثلاثة أيام ، فإذا أراد أن يفطر قال : اللهمّ إنك تعلم أني أخشى ضعف العبادة ، وإلّا أني لم آكله ، اللهمّ ما كان فيه من خبيث أو حرام فلا تؤاخذني به ، ثم يبلّه بالماء فيأكله.

قال : فدخل بعد العشاء ليفطر ، فإذا هو بصاحب نفسه ، قال شقيق : فاستأذنّا فأذن لنا ، فقلنا له : من تنازع؟ قال : أسمعتم؟ قلنا : نعم ، قال : كنت من أول أمس صائما ، فلما دخلت البيت بعد العشاء لأفطر فقالت نفسي يزاد الملح فتركته وخرجت فأنا اليوم صائم ، فلما كان عند الظهر قالت نفسي : ما أحسن الرغيف لو أكلته ، قلت : إني صائم ، فلما دخلت البيت بعد العشاء لأفطر فإذا نفسي تطاوعني ونسي المرقة والملح فكيف أزهد نفسي نعيم الدنيا ولذاتها ، وأرغبها نعيم الجنة وخلودا لا موت فيها ، فهكذا فاصنعوا إخواني رحمكم الله.

أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل ، أنبأ محمّد بن يحيى المزكي ، أنبأ أبو عبد الرّحمن السلمي ، قال : سمعت الحسن بن يحيى يقول : سمعت جعفر (١) الخالدي يقول : سمعت أبا سعيد الزنادي يقول : سمعت ابن إسماعيل الأصبهاني يقول : [سمعت](٢) أبا تراب يقول : سمعت حاتما يقول : سمعت شقيقا يقول : أدركت الناس يتكلمون في الفقر وخبز معلق لكل ليلة ، ووجدت أهل دمشق يتكلمون ويسمّون الفطرية ولم أصل إلى شيء من علمهم ورأيت بمصر طبقة ، ولم تعجبني ، ورأيت أهل بغداد يصفون أحوال العارفين ، ولست أعلم أن أحدا يصلي إلى ما يقولون.

قال : وأنبأ أبو عبد الرّحمن ، ثنا محمّد بن العباس الضبّي ، أخبرني محمّد بن علي بن الحسين ، ثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن موسى الحافظ ، ثنا محمّد بن أبان المستملي ، قال : سمعت شقيق بن إبراهيم يقول (٣) : أخذت العبادة من عبّاد بن

__________________

(١) كذا.

(٢) زيادة منا للإيضاح.

(٣) الخبر في سير الأعلام ٩ / ٣١٥.

١٣٩

كثير ، والفقه من زفر بن الهذيل (١).

أنبأنا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عبد العزيز المكي ، أنبأ الحسين بن يحيى المكي ، أنبأ الحسين بن علي الشيرازي ، أنبأ أبو الحسن بن جهضم ، ثنا أبو القاسم عبد السلام بن محمّد ، حدّثنا علي بن الحسين ، ثنا أحمد بن العباس بن حاتم ، قال : قدم شقيق بن إبراهيم الكوفة يريد مكة ، فلقيه سفيان (٢) الثوري فقال له : أنت الذي تدعو إلى التوكل وتمنع المكاسب ، فقال شقيق : ما قلت هكذا ، قال : أيش قلت؟ قال شقيق : قلت : حلال بيّن وحرام بيّن ومتشابه فيما بين ذلك ، ولكن دخلت الآفة من الخاصة على العامة وهم خمس طبقات : فأوّلهم : العلماء ، والثاني : الزهّاد ، والثالث : الغزاة ، والرابع : التجّار ، والخامس : السّلطان ، فأما العلماء فهم ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورّثوا العلم ، وإذا كان العالم طامعا جامعا فالجاهل بمن يقتدي؟ وأما الزهّاد فهم ملوك الأرض ، فإذا كان الزاهد يرغب فيما في أيدي الناس ، والراغب بمن يقتدي؟ وأما الغزاة فهم أضياف الله في أرضه ، فإذا كان الغازي يحب الخيلاء والتصدر في المجالس فمتى يغزو؟ وأمّا التجّار فهم أمناء الله عزوجل في أرضه فإذا كان التاجر الأمين خائنا فالخائن بمن يقتدي؟ وأمّا السلطان فهم الرعاة ، فإذا كان الراعي هو الذئب ، فالذئب ما يجد يأكل ، يا شقيق لا يجعن منها إلّا قدر مقامك فيها ، فقام سفيان لم يرد عليه شيئا ، وقال : سلام عليكم ومضى.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأ أبو بكر البيهقي ، أنبأ أبو عبد الرّحمن السّلمي ، قال : سمعت سعيد بن أحمد البلخي يقول : سمعت محمّد بن عبد الله يقول : سمعت شقيق بن إبراهيم يقول : التوكّل طمأنينة القلب بموعود الله.

قال : وأنبأ أبو محمّد بن الفضل ، نا أبو القاسم الواحدي ، أنبأ عبد الله بن يوسف ، أنبأ أبو سعيد بن الأعرابي ، ثنا محمّد بن إسماعيل الأصبهاني ، قال : سمعت أبا تراب يقول : سمعت حاتما الأصم يقول : سمعت شقيق بن إبراهيم يقول : لكل واحد مقام ، فمتوكّل على ماله ، ومتوكل على نفسه ، ومتوكل على لسانه ، ومتوكل على سيفه ـ وقال الواقدي : على شرفه ـ ومتوكل على سلطنته ، ومتوكل على الله عزوجل ، فأما

__________________

(١) ترجمته في سير الأعلام ٨ / ٣٨.

(٢) بالأصل : شقيق ، خطأ.

١٤٠