الأصول في النحو - ج ١

أبي بكر محمّد بن السريّ بن سهل النحوي « ابن السراج »

الأصول في النحو - ج ١

المؤلف:

أبي بكر محمّد بن السريّ بن سهل النحوي « ابن السراج »


المحقق: محمّد عثمان
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣١

معلوم ؛ لأنه مستقبل لا تعرفه فإذا أضفت أمس نكرته ثم أضفته فيصير معرفة بالإضافة كما تقول : زيدك إذا جعلته من أمة كلها زيد وعرفته بالإضافة وزالت المعرفة الأولى.

وقال أبو العباس رحمه الله في قول الشاعر :

طلبوا صلحنا ولات أوان

فأجبنا أن ليس حين بقاء (١)

__________________

(١) على أن أصله عند المبرّد والسيرافيّ : ولات أوان طلبوا ، فحذفت الجملة وبني أوان على السكون أو على الكسر ، ثم أبدل التنوين من المضاف إليه كما في يومئذ.

قال ابن هشام في" المغني" : قرئ" ولات حين مناص" ، بخفض الجين ، فزعم الفرّاء أن لات تستعمل حرفا جارّا لأسماء الزمان خاصة ، وأنشد : طلبوا صلحنا ولات أوان وأجيب عن البيت بجوابين : أحدهما : على إضمار من الاستغراقيّة. ونظيره في بقاء عمل الجارّ مع حذفه وزيادته قوله : " الوافر" ألا رجل جزاه الله خيرا فيمن رواه بجرّ رجل والثاني : أن الأصل : ولات أوان صلح ، ثم بنى المضاف لقطعه عن الإضافة ، وكان بناؤه على الكسر لشبهه بنزال وزنا ، ولأنّه قدّر بناءه على السكون ثم كسر على أصل التقاء الساكنين كأمس ، ونوّن للضرورة ، وقال الزمخشريّ : للتعويض كيومئذ. ولو كان كما زعم لأعرب ، لأن العوض ينزّل منزلة المعوّض منه.

وعن القراءة بالجواب الأوّل ـ وهو واضح ـ وبالثاني وتوجيهه : أنّ الأصل حين مناصهعم ثم نزّل قطع المضاف إليه من مناص منزلة قطعه من حين ، لاتّحاد المضاف والمضاف إليه ؛ قاله الزمخشريّ. وجعل التنوين عوضا من المضاف إليه ، ثم بنى إضافته إلى غير متمكن. انتهى.

والأولى أن يقال : إنّ التنزيل المذكور اقتضى بماء الحين ابتداء ، وإنّ المناص معرب ، وإن كان قد قطع عن الإضافة بالحقيقة ، لكنه ليس بزمان ، فهو ككل وبعض. انتهى كلام ابن هشام.

" أقول" : تقدير المضاف إليه جملة هو المناسب لتشبيه أوان بيومئذ في البناء ، وغي كون التنوين بدلا من المضاف إليه ، وأما تقديره مفردا ثم تعليل بنائه بقطعه عن الإضافة كما صنع ابن هشام تبعا لغيره ، ففيه أنّ ما ذكره مختص بالظروف النّسبيّة ، ويكون بناؤها حينئذ على الضمّ ، وأما أوان فإنّه ظرف متصرف ، كما يأتي قريبا وليس مضموما ، كقبل وبعد.

ويجوز أن يقدّر المضاف إليه ولات أوان نصطلح ، فإنّ المنفيّ في الحقيقة هو أوان الصلح ، أو يقدّر جملة اسمية ، أي : ولات أوان صلحنا ممكن ، فأوان خبر لات وهو منصوب لفظا أو مبني على الفتحة إضافته إلى مبنيّ واسمها محذوف ، أي : ولات الأوان. ـ قال أبو عليّ في" المسائل المنثورة" : قال أبو العبّاس المبّرد : أوان هنا مبنية ؛ لأنّ أوان تضاف إلى المبتدأ والخبر ، فكأنك حذفت منه المبتدأ والخبر ، فنونّت ليعلم أنّك قد اقتطعت الإضافة منه.

ولم يرتض ابن جنّي في" الخصائص" كون التنوين عوضا عن الجملة كيومئذ ، وفرّق بينهما بأن إذ ظرف ناقص ، وأوان ظرف متصرّف. انظر خزانة الأدب ٢ / ٢٠.

٥٢١

كان (أوان) مما لا يستعمل إلا مضافا فلما حذف ما يضاف إليه بنوه على الكسر لالتقاء الساكنين كما فعل بأمس وأدخل التنوين عوضا لحذف ما يضاف إليه (أوان) ألا ترى أنهم لا يكادون يقولون : أوان صدق كما يقولون في الوقت والزمن.

ولكن يدخلون الألف واللام فيقولون : كان ذلك في هذا الأوان فيكونان عوضا.

الضرب الثاني ما منع الإضافة إلى الواحد وأضيف إلى جملة :

وذلك : (حيث وإذ وإذا). فأما (حيث) فإن من العرب من يبنيها على الضم ومنهم من يبنيها على الفتح ولم تجىء إلا مضافة إلى جملة نحو قولك : أقوم حيث يقوم زيد وأصلي حيث يصلي فالحركة التي في الثاء لالتقاء الساكنين فمن فتح فمن أجل الياء التي قبلها وفتح استثقالا للكسر ومن ضمّ فلشبهها بالغايات إذ كانت لا تضاف إلى واحد ومعناها الإضافة وكان الأصل فيها أن تقول : قمت حيث زيد كما تقول : قمت مكان زيد.

وأما (إذ) فمبنية على السكون ، وتضاف إلى الجمل أيضا نحو قولك : إذ قام زيد وهي تدل على ما مضى من الزمان ويستقبحون جئتك إذ زيد قام إذا كان الفعل ماضيا لم يحسن أن نفرق بينه وبين إذ ؛ لأن معناهما في المضي واحد.

وتقول : جئتك إذ زيد قام وإذ زيد يقوم فحقها أن تجيء مضافة إلى جملة فإذا لم تضف نونته قال أبو ذؤيب :

نهيتك عن طلابك أمّ عمرو

بعاقبة وأنت إذ صحيح (١)

__________________

(١) على أن التنوين اللاحق ل إذ عوض عن الجملة ، والأصل : وأنت إذ الأمر ذاك ، وفي ذلك الوقت.

وكذا أورده صاحب الكشاف في سورة ص. استشهد به على أن أوان في قوله :

طلبوا صلحنا ولات أوان

٥٢٢

وأما (إذا) فقلما تأتي من الزمان وهي مضافة إلى الجملة تقول : أجيئك إذا أحمر البسر ، وإذا قدم فلان ويدلك على أنها اسم أنها تقع موقع قولك : آتيك يوم الجمعة وآتيك زمن كذا ووقت كذا وهي لما يستأنف من الزمان ولم تستعمل إلا مضافة إلى جملة.

فأما (لدن) فجاءت مضافة ومن العرب من يحذف النون فيقول : لد كذا وقد جعل حذف النون بعضهم أن قال : لدن غدوة فنصب غدوة ؛ لأنه توهم أن هذه النون زائدة تقوم مقام التنوين فنصب كما تقول : قائم غدوة ولم يعملوا (لدن) إلا في غدوة خاصة.

قال أبو بكر : قد ذكرنا الأسماء المعربة والأسماء المبنية وقد كنا قلنا : أن الكلام اسم وفعل وحرف ونحن نتبع الأسماء والأفعال ونذكر إعرابها وبناءها إن شاء الله.

__________________

بني على الكسر تشبيها ب إذ ، في أنه زمان قطع منه المضاف إليه وعوض عنه التنوين ، وكسر لالتقاء الساكنين. وروي أيضا : وأنت إذا صحيح ، فيكون التنوين فيه أيضا عوضا عن المضاف إليه الجملي عند الشارح المحقق ، ويكون الأصل وأنت إذ نهيتك ، كما قال في قوله تعالى : "فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ". والمشهور أنها في مثله للجواب والجزاء. وعليه مشى المرزوقي في شرح الهذليين قال : رواه الباهلي : وأنت إذا صحيح. وتكون إذا للحال ، كأنه يحكي ما كان. والمراد : وأنت في تلك الحال صحيح. انظر خزانة الأدب ٢ / ٤٤٠.

٥٢٣
٥٢٤

فهرس

مقدمة التحقيق.................................................................. ٥

المبحث الأول : في علم اللغة...................................................... ٧

المبحث الثاني : في بيان واضع اللغة................................................. ٧

المبحث الثالث : في حد الوضع.................................................. ١٩

المبحث الرابع : شروط ثبوت اللغة................................................ ٢٠

المبحث الخامس : في سعة اللغة................................................... ٢١

المبحث السادس : في حد الكلمة والكلام والكلم والفرق بينهما...................... ٢٤

المبحث السابع : أقسام الكلام : (الاسم والفعل والحرف)........................... ٢٧

ترجمة المصنف.................................................................. ٣٢

عملنا في الكتاب............................................................... ٣٥

مقدمة المؤلف.................................................................. ٣٩

الكلام........................................................................ ٤١

شرح الاسم.................................................................... ٤١

شرح الفعل.................................................................... ٤٤

شرح الحرف................................................................... ٤٦

باب مواقع الحروف............................................................. ٤٧

ذكر ما يدخله التغيير من هذه الثلاثة وما لا يتغير منها.............................. ٤٨

باب الإعراب والمعرب والبناء والمبني................................................ ٥٠

ذكر العوامل من الكلم.......................................................... ٥٨

تفسير الأول وهو الاسم......................................................... ٥٨

٥٢٥

تفسير الثاني وهو الفعل.......................................................... ٦١

تفسير الثالث وهو العامل من الحروف............................................. ٦١

والقسم الثاني من الحروف :...................................................... ٦٢

والقسم الثالث من الحروف :.................................................... ٦٢

ذكر الأسماء المرتفعة............................................................. ٦٤

شرح الأول : وهو المبتدأ :....................................................... ٦٤

شرح الثاني وهو خبر المبتدأ....................................................... ٦٩

شرح الثالث من الأسماء المرتفعة وهو الفاعل........................................ ٧٨

شرح الرابع من الأسماء المرتفعة :.................................................. ٨١

شرح الخامس................................................................... ٨٦

ذكر الضرب الثاني : وهو ما ارتفع بالحروف المشبهة بالأفعال :....................... ٩٤

ذكر الفعل الذي لا يتصرف..................................................... ٩٩

شرح التعجب................................................................ ١٠٠

مسائل من هذا الباب......................................................... ١٠٦

باب نعم وبئس............................................................... ١١٠

مسائل من هذا الباب......................................................... ١١٥

باب الأسماء التي أعملت عمل الفعل............................................ ١١٩

مسائل من هذا الباب......................................................... ١٢٣

شرح الثاني وهو : الصفة المشبهة باسم الفاعل.................................... ١٢٧

مسائل من هذا الباب......................................................... ١٢٩

شرح الثالث : وهو المصدر..................................................... ١٣٢

مسائل من هذا الباب......................................................... ١٣٣

٥٢٦

شرح الرابع................................................................... ١٣٦

مسائل من هذا الباب......................................................... ١٣٨

باب المعرفة والنكرة............................................................ ١٤٢

ذكر المعرفة................................................................... ١٤٣

مسائل في المعرفة والنكرة....................................................... ١٤٦

ذكر الأسماء المنصوبات........................................................ ١٥١

مسائل من هذا الباب......................................................... ١٥٥

شرح الثاني وهو المفعول به...................................................... ١٦٠

مسائل من هذا الباب......................................................... ١٦٤

باب الفعل الذي يتعدى إلى مفعولين............................................ ١٦٨

مسائل من هذا الباب......................................................... ١٧٢

باب الفعل الذي يتعدى إلى ثلاثة مفعولين....................................... ١٧٦

مسائل من هذا الباب......................................................... ١٧٨

شرح الثالث : وهو المفعول فيه.................................................. ١٨٠

مسائل من هذا الباب......................................................... ١٨٤

ذكر المكان.................................................................. ١٨٧

مسائل من هذا الباب......................................................... ١٩١

شرح الرابع من المنصوبات وهو المفعول له......................................... ١٩٥

شرح الخامس وهو المفعول معه.................................................. ١٩٩

القسم الثاني من الضرب الأول من المنصوبات..................................... ٢٠٣

ذكر ما كان المنصوب فيه هو المرفوع في المعنى..................................... ٢٠٣

ذكر ما شبه بالمفعول والعامل فيه فعل حقيقي..................................... ٢٠٣

٥٢٧

مسائل من هذا الباب......................................................... ٢٠٧

باب التمييز.................................................................. ٢١١

مسائل من هذا الباب......................................................... ٢١٤

مسائل من هذا الباب......................................................... ٢٢٨

باب كسر ألف إن وفتحها..................................................... ٢٤١

ذكر أن المفتوحة.............................................................. ٢٤٥

ذكر المواضع التي تقع فيها إن وأن............................................... ٢٥٠

مسائل في فتح ألف (أن) وكسرها............................................... ٢٥٣

ذكر ما يكون المنصوب فيه في اللفظ غير المرفوع.................................. ٢٦٠

هذا باب ما جاء من الكلم في معنى (إلا)........................................ ٢٦٣

باب الاستثناء المنقطع من الأول................................................. ٢٢٦

مسائل من باب الاستثناء...................................................... ٢٧٠

باب تمييز المقادير............................................................. ٢٧٩

باب تمييز الأعداد............................................................. ٢٨٢

باب (كم)................................................................... ٢٨٥

مسائل من هذه الأبواب....................................................... ٢٩٠

ذكر الاسم المضموم والمفتوح اللذين يضارعان المعرب............................... ٢٩٦

باب النداء................................................................... ٢٩٧

شرح الاسم المنادى الثاني وهو المضاف :......................................... ٣٠٥

شرح الثالث : وهو الاسم المنادى المضارع للمضاف لطوله :....................... ٣٠٨

باب ما خص به النداء من تغيير بناء الاسم المنادى والزيادة في آخره والحذف فيه...... ٣١٠

باب اللام التي تدخل في النداء للاستغاثة والتعجب................................ ٣١٣

٥٢٨

باب الندبة................................................................... ٣١٦

باب الترخيم................................................................. ٣٢٠

باب مضارع للنداء............................................................ ٣٢٦

مسائل من هذا الباب......................................................... ٣٢٧

باب النفي ب (لا)........................................................... ٣٣٦

ذكر الأسماء المنفية في هذا الباب................................................ ٣٤٠

باب ما يثبت فيه التنوين....................................................... ٣٤٥

باب ما إذا دخلت عليه (لا) لم تغيره عن حاله................................... ٣٤٩

باب (لا) النافية إذا دخلت عليها ألف الاستفهام................................. ٣٥٢

باب تصرف (لا)............................................................. ٣٥٤

مسائل من باب (لا).......................................................... ٣٥٦

ذكر الجر والأسماء المجرورة....................................................... ٣٦٤

ذكر حروف الجر............................................................. ٣٦٤

باب (ربّ)................................................................... ٣٧٠

مسائل من هذا الباب......................................................... ٣٧٤

باب حتى.................................................................... ٣٧٦

مسائل من هذا الباب......................................................... ٣٨١

باب الأسماء المخفوضة في القسم................................................ ٣٨٤

مسائل من هذا الباب......................................................... ٣٩٠

المجرور بالإضافة............................................................... ٣٩٥

باب إضافة الأسماء إلى الأفعال والجمل........................................... ٣٩٩

مسائل من هذه الأبواب....................................................... ٤٠١

٥٢٩

هذه توابع الأسماء في إعرابها..................................................... ٤٠٦

شرح الأول : وهو التوكيد :.................................................... ٤٠٦

الثاني من التوابع وهو النعت :.................................................. ٤٠٩

شرح الثالث من النعوت : وهو ما كان صفة غير عمل وتحلية :..................... ٤١١

شرح الرابع : وهو النسب :.................................................... ٤١١

شرح الخامس : وهو الوصف ب (ذي) :........................................ ٤١٢

ذكر الصفات التي ليست بصفات محضة......................................... ٤١٣

ذكر وصف المعرفة............................................................ ٤٢٠

مسائل من هذا الباب......................................................... ٤٢٢

الثالث من التوابع وهو عطف البيان :........................................... ٤٣٢

الرابع من التوابع : وهو عطف البدل :........................................... ٤٣٢

مسائل من هذا الباب......................................................... ٤٣٦

الخامس من التوابع : وهو العطف بحرف :........................................ ٤٤٢

باب العطف على الموضع...................................................... ٤٤٧

باب العطف على عاملين...................................................... ٤٥٣

باب مسائل العطف........................................................... ٤٦٠

ذكر ما ينصرف من الأسماء وما لا ينصرف....................................... ٤٦٣

الأسباب التي تمنع الصرف تسعة................................................ ٤٦٤

مسائل من هذا الباب......................................................... ٤٧٥

باب ما يحكى من الكلم إذا سمي به وما لا يجوز أن يحكى.......................... ٤٨٤

باب ما لا يجوز أن يحكى...................................................... ٤٨٨

باب التسمية بالحروف......................................................... ٤٨٩

٥٣٠

ذكر الأسماء المبنية التي تضارع المعرب............................................ ٤٩٠

أقسام الأسماء المبنيات المفردات ستة............................................. ٤٩٣

باب الكنايات وهي علامات المضمرين........................................... ٤٩٣

الباب الثالث من المبنيات : وهو الاسم الذي يشار به إلى المسمى................... ٥٠٦

باب الأسماء المبنية المفردة التي سمي بها الفعل...................................... ٥٠٨

باب الاسم الذي قام مقام الحرف............................................... ٥١٣

باب الظرف الذي يتمكن وهو الخامس من المبنيات................................ ٥١٥

الباب السادس من المبنيات المفردة وهو الصوت المحكى............................. ٥١٧

ذكر الضرب الثاني من المبنيات وهو الكلم المركب :................................ ٥١٧

الفهرس...................................................................... ٥٢٥

٥٣١