شرح الكافية الشّافية - ج ١

أبي عبد الله جمال الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مالك الطائي الجياني الشافعي

شرح الكافية الشّافية - ج ١

المؤلف:

أبي عبد الله جمال الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مالك الطائي الجياني الشافعي


المحقق: علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-2874-4
الصفحات: ٥٨٣
الجزء ١ الجزء ٢

ومن ورود الخبر جملة مصدرة بـ «إذا» قول ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ :

«فجعل الرّجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا» (١).

والمطرد فى أخبار هذا الباب ورودها بلفظ الفعل المضارع مجردا من «أن» بعد «جعل» و «أخذ» و «طفق» و «طبق» و «علق» و «هب» و «أنشأ» ؛ وهذه السبعة هى للشروع فى الفعل.

وتقرن بـ «أن» مع «حرى» و «اخلولق» و «أولى» عند من أثبتها مستشهدا بما أنشد الأصمعى من قول الشاعر : [من الوافر]

فعادى بين هاديتين منها

وأولى أن يزيد على الثّلاث (٢)

أى : قارب.

واستعمل الخبر بالتجريد أو الاقتران بعد «عسى» و «كاد» و «كرب» و «أوشك» ، فلك أن تقول : «عسى زيد أن يفعل ، وعسى زيد يفعل» وكذا الثلاثة البواقى.

إلا أن «عسى أن يفعل» أكثر من «عسى يفعل» ، و «كاد» بالعكس.

والأمران فى «أوشك» و «كرب» على السواء ، أو مقاربان له.

وصرح سيبويه بأن «عسى يفعل» وشبهه بمنزلة : «كان يفعل» فى اقتضاء اسم مرفوع وخبر منصوب.

وأن «عسى أن يفعل» وشبهه ليس من باب «كان يفعل» فى شيء ؛ لأن حق ما هو معدود من باب «كان» أن يحذف فيبقى ما بعده مبتدأ وخبرا.

فـ «عسى زيد يفعل» من باب «كان» لصلاحيته لذلك ، و «عسى زيد أن يفعل» ليس من باب «كان» لعدم صلاحيته لذلك ؛ وبهذا يعتبر جميع أفعال الباب.

__________________

(١) رواه البخارى فى «صحيحه» (٩ / ٤٤٩) كتاب التفسير ، باب «وأنذر عشيرتك الأقربين» حديث (٤٧٧٠) من حديث ابن عباس قال : لما نزلت : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) صعد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم على الصفا فجعل ينادى : «يا بنى فهر يا بنى عدى» لبطون قريش حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا ... الحديث.

ورواه أيضا مسلم (٢٠٨) وليس فيه موضع الشاهد ورواه أيضا الترمذى (٣٣٦٣) والنسائى فى «عمل اليوم والليلة» (٩٨٣).

(٢) البيت بلا نسبة فى خزانة الأدب ٩ / ٣٤٥ ، والدرر ٢ / ١٣١ ، ولسان العرب (لبث) ، (ولى) ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٨.

٢٠١

ومن ورود المضارع مجردا بعد «عسى» قول هدبة بن خشرم (١) : [من الوافر]

عسى الكرب الّذى أمسيت فيه

يكون وراءه فرج قريب (٢)

ومن وروده بعد «كاد» مقرونا بـ «أن» قول عمر ـ رضى الله عنه : ـ «ما كدت أن أصلّى العصر حتّى كادت الشّمس أن تغرب» (٣).

هكذا هذا الحديث فى صحيح البخارى.

ومثال ترك أن مع «أوشك» قول النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يوشك الرّجل متّكئا على أريكته يحدّث بحديثى فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله» (٤). أخرجه أبو داود (٥)

__________________

(١) هو هدبة بن خشرم بن كرز ، من بنى عامر بن ثعلبة ، شاعر فصيح ، مرتجل راوية ، من أهل بادية الحجاز ، كان راوية الحطيئة ، قيل : كان هدبة أشعر الناس منذ دخل السجن إلى أن أقيد منه. مات سنة ٥٠ ه‍.

ينظر : الأعلام (٨ / ٧٨) ، الشعر والشعراء (٢٤٩) ، خزانة الأدب (٤ / ٨٤ ـ ٨٧).

(٢) البيت فى خزانة الأدب ٩ / ٣٢٨ ، ٣٣٠ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٤٢ ، والدرر ٢ / ١٤٥ ، وشرح التصريح ١ / ٢٠٦ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٩٧ ، وشرح شواهد المغنى ص ٤٤٣ ، والكتاب ٣ / ١٥٩ ، واللمع ص ٢٢٥ ، والمقاصد النحوية ٢ / ١٨٤ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ١٢٨ ، وأوضح المسالك ١ / ٣١٢ ، وتخليص الشواهد ص ٣٢٦ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣١٦ ، والجنى الدانى ص ٤٦٢ ، وشرح ابن عقيل ص ١٦٥ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٨١٦ ، والمقرب ١ / ٩٨ ، وشرح المفصل ٧ / ١١٧ ، ١٢١ ، ومغنى اللبيب ص ١٥٢ ، والمقتضب ٣ / ٧٠ ، وهمع الهوامع ١ / ١٣٠.

(٣) رواه البخارى فى صحيحه (٢ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦) كتاب مواقيت الصلاة ، باب : من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت حديث (٥٩٦) من حديث جابر بن عبد الله : أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش قال : يا رسول الله ما كدت أصلى العصر حتى كادت الشمس تغرب.

(٤) رواه أبو داود (٤ / ٢٠٠) كتاب السنة ، باب فى لزوم السنة حديث (٤٦٠٤) ، الترمذى (٥ / ٣٨) كتاب العلم ، باب ما نهى عنه أن يقال عند حديث النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حديث (٢٦٦٤) ، وابن ماجه (١ / ٦) فى المقدمة ، باب تعظيم حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم والتغليظ على من عارضه حديث (١٣) والطحاوى فى شرح المعانى (٤ / ٢٠٩) ، وابن حبان (١٣) والطبرانى فى الكبير (٩٣٤) ، (٩٣٥) ، (٩٣٦) والحاكم (١ / ١٠٨) ، والبيهقى (٧ / ٧٦) ، والبغوى (١٠١) من حديث المقدام بن معدى كرب مرفوعا. وصححه الألبانى فى صحيح الترمذى (٢١٤٥) وفى غيره من تصانيفه.

(٥) هو سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الأزدى السجستانى أبو داود ، إمام أهل الحديث فى زمانه ، وصاحب السنن المشهورة بسنن أبى داود السجستانى. من مصنفاته : السنن ، المراسيل ، الزهد ، البعث ، تسمية الإخوة. توفى سنة ٢٧٥ ه‍.

ينظر : تذكرة الحفاظ (٢ / ١٥٢) ، الأعلام (٣ / ١٢٢) ، تاريخ بغداد (٩ / ٥٥) ، سير أعلام النبلاء (١٣ / ٢٠٣).

٢٠٢

والترمذي (١).

ومنه قول الشاعر : [من المنسرح]

يوشك من فرّ من منيّته

فى بعض غرّاته يوافقها (٢)

ومثال استعمال «أن» مع «أوشك» [قول الكلحبة اليربوعى] (٣) : [من الطويل]

إذا المرء لم يغش الكريهة أوشكت

حبال الهوينى بالفتى أن تجذّما (٤)

وتنفرد «عسى» و «أوشك» و «اخلولق» بالإسناد إلى «أن يفعل» ؛ ويقوم ذلك مقام ذكر الاسم والخبر كقولك : «عسى أن يفعل» ، و «يوشك أن يفعل» ، و «اخلولق أن يفعل».

(ص)

وجائز (ذان عسى أن يفعلا)

أو (عسيا) وقس فليس مشكلا

والسّين من نحو : (عسيت) قد يرى

منكسرا ، ونافع به قرا

واستعملوا مضارعا لـ (أوشكا)

و (كاد) واحفظ (كائدا) و (موشكا)

وما لذى الأفعال بالتّصريف يد

سوى الّذى ذكرت فادر المستند

(ش) إذا وقعت «عسى أن يفعل» فى موضع خبر اسم قبلها ، جاز أن يجعل المرفوع بها ضمير المخبر عنه مطابقا له فيما له من إفراد وتذكير وغيرهما ، وجاز أن

__________________

(١) هو محمد بن عيسى بن سورة بن موسى السلمى ، أبو عيسى الترمذى ، من أئمة الحديث وحفاظه ، أخذ عن البخارى ، وكان يضرب به المثل فى الحفظ ، من تصانيفه : الجامع الكبير ، الشمائل المحمدية ، العلل ، التاريخ. مات سنة ٢٧٩ ه‍.

ينظر : الأعلام (٦ / ٣٢٢) ، تذكرة الحفاظ (٢ / ١٨٧) ، سير أعلام النبلاء (١٣ / ٢٧٠).

(٢) البيت لأمية بن أبى الصلت فى ديوانه ص ٤٢ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٦٧ ، وشرح التصريح ١ / ٢٠٧ ، وشرح المفصل ٧ / ١٢٦ ، والعقد الفريد ٣ / ١٨٧ ، والكتاب ٣ / ١٦١ ، ولسان العرب (بيس) ، (كأس) ، والمقاصد النحوية ٢ / ١٨٧ ، ولعمران بن حطان فى ديوانه ص ١٢٣ ، ولأمية أو لرجل من الخوارج فى تخليص الشواهد ص ٣٢٣ ، والدرر ٢ / ١٣٦ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٣١٣ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٢٩ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٥٢ ، وشرح ابن عقيل ص ١٦٨ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٨١٨ ، والمقرب ١ / ٩٨ ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٩ ، ١٣٠.

(٣) فى ط : قول الشاعر.

(٤) ينظر : تخليص الشواهد ٣٢٢ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٨٦ ، ٣٨٧ ، وشرح اختيارات المفضل ١٤٩ ، وشرح شواهد الإيضاح ١٠٣ ، ولسان العرب (وشك) ، ونوادر أبى زيد ١٥٣ ، وله أو للأسود ابن يعفر فى المقاصد النحوية ٣ / ٤٤٢ ، وبلا نسبة فى الخصائص ٣ / ٥٣ ، وشرح عمدة الحافظ ٨١٧.

٢٠٣

يفرغ «عسى» ويجعل المرفوع بها «أن» وصلتها.

فيقال على الوجه الأول :

«الزّيدان عسيا أن يفعلا» ، و «الزّيدون عسوا أن يفعلوا» ، و «هند عست أن تفعل» ، و «الهندان عستا أن تفعلا» ، و «الهندات عسين أن يفعلن».

ويقال على الوجه الثانى : «الزّيدان عسى أن يفعلا» ، و «الزّيدون عسى أن يفعلوا» ، «وهند عسى أن تفعل» و «الهندان عسى أن تفعلا» ، و «الهندات عسى أن يفعلن».

واتفقت العرب على فتح سين «عسى» إذا لم تتصل بتاء الضمير ونونه.

فإذا اتصل بشيء من ذلك أجازوا فتح السين وكسرها.

والفتح أشهر وبه قرأ ابن كثير (١) ، وأبو عمرو ، وابن عامر (٢) والكوفيون. ولم يقرأ بالكسر إلا نافع (٣).

وأفعال هذا الباب كلها ملازمة للفظ الماضى ، إلا «كاد» و «أوشك» فإنهما استعملا بلفظ الماضى ، والمضارع كثيرا ، واستعمل منهما اسم فاعل قليلا.

فشاهد «كائد» قول كثير (٤) : [من الطويل]

وكدت وقد سالت من العين عبرة

سما عاند منها وأسبل عاند (٥)

__________________

(١) هو عبد الله بن كثير الدارى ، المكى أبو معبد ، أحد القراء السبعة ، كان قاضى الجماعة بمكة ، فارسى الأصل ، ومولده ووفاته بمكة ، توفى سنة ١٢٠ ه‍.

ينظر : الأعلام (٤ / ١١٥) ، وفيات الأعيان (١ / ٢٥٠) ، سير أعلام النبلاء (٥ / ٣١٨).

(٢) هو عبد الله بن عامر بن يزيد أبو عمران اليحصبى الشامى ، أحد القراء السبعة ، ولى قضاء دمشق فى خلافة الوليد بن عبد الملك ، وتوفى بدمشق سنة ١١٨ ه‍.

ينظر : الأعلام (٤ / ٩٥) ، تقريب التهذيب ت (٣٤٢٧) ، سير أعلام النبلاء (٥ / ٢٩٢).

(٣) هو نافع بن عبد الرحمن بن أبى نعيم الليثى المدنى ، أحد القراء السبعة المشهورين ، كان حسن الخلق ، فيه دعابة ، اشتهر فى المدينة وانتهت إليه رئاسة القراءة فيها ، توفى سنة ١٦٩ ه‍.

ينظر : الأعلام (٨ / ٥) ، غاية النهاية (٢ / ٣٣٠) ، سير أعلام النبلاء (٧ / ٣٣٦).

(٤) هو كثير بن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر الخزاعى ، أبو صخر ، المشهور بكثير عزة ، شاعر متيم مشهور ، من أهل المدينة ، أكثر إقامته بمصر ، كان شاعر أهل الحجاز فى الإسلام ، لا يقدمون عليه أحدا. له ديوان شعر. مات سنة ١٠٥ ه‍.

ينظر : الأعلام (٥ / ٢١٩) ، الأغانى (٨ / ٢٥) ، وفيات الأعيان (١ / ٤٣٣).

(٥) ينظر : ديوانه (٣٢٠) ، وتخليص الشواهد (٣٣٦) ، والدرر (٢ / ١٣٨) ، وشرح التصريح (١ / ٢٠٨) ، وشرح عمدة الحافظ (٨٢٤) ، المقاصد النحويه (٢ / ١٩٨٩ ، وبلا نسبة فى ـ

٢٠٤

أموت أسى يوم الرّجام وإنّنى

يقينا لرهن بالّذى أنا كائد

وشاهد «موشك» قول كثير ـ أيضا ـ : [من الوافر]

وقال النّاصحون تخلّ عنها

ببذل قبل شيمتها الجماد

فإنّك موشك ألا تراها

وتعدو دون غاضرة الغوادي (١)

ومثله قول الآخر : [من المتقارب]

فموشكة أرضنا أن تعود

خلاف الخليط وحوشا يبابا (٢)

وعلى هذا نبهت بقولى :

 ...

واحفظ (كائدا) و (موشكا)

ثم قلت :

وما لذى الأفعال بالتّصريف يد

سوى الّذى ذكرت ...

(ص)

ولدليل استجز حذف الخبر

هنا ومنه قول بعض من غبر

(يا أبتا علّك أو عساكا)

ونائب التّا : الكاف فاعرف ذاكا

هذا اختيارى تابعا أبا الحسن

منظّرا ما قال شاذ ذو علن

(يا ابن الزّبير طالما عصيكا

وطالما عنّيتنا إليكا)

والعملين سيبويه عكسا

مسوّيا هنا (لعلّ) و (عسى)

والآخر اسم والمقدّم الخبر

عند أبى العبّاس فاعرف الصّور

(ش) إذا دل دليل على خبر هذا الباب جاز حذفه ؛ كما يجوز فى غير هذا الباب حذف ما ظهر دليله.

__________________

ـ أوضح المسالك (١ / ٣١٨) ، وشرح الأشموني (١ / ١٣١) ، وشرح ابن عقيل (١٧١).

(١) البيت فى ديوانه ص ٢٢٠ ، والدرر ٢ / ١٣٨ ، وشرح التصريح ١ / ٢٠٨ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٨٢٣ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٠٥ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٣٢١ ، وتخليص الشواهد ص ٣٣٦ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٣١ ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٩.

(٢) اليباب : إتباع للخراب. مقاييس اللغة (يبب).

والبيت لأبى سهم الهذلى فى تخليص الشواهد ص ٣٣٦ ، والدرر ٢ / ١٣٧ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٢١ ، ولأسامة بن الحارث فى شرح أشعار الهذليين ص ١٢٩٣ ، وبلا نسبة شرح الأشمونى ١ / ١٣١ ، وشرح ابن عقيل ص ١٧١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٨٢٣ ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٩.

٢٠٥

فمن ذلك الحديث : «من تأنّى أصاب أو كاد ، ومن عجّل أخطأ أو كاد» (١).

وفى حديث آخر : «فإذا استغنى أو كرب استعفّ» (٢).

ومن ذلك قول المرقش (٣) : [من الخفيف]

وإذا ما سمعت من نحو أرض

بمحبّ قد مات أو قيل : كادا

فاعلمى علم غير شكّ بأنّى

ذاك ، وابكى لمصفد لن يقادا (٤)

واختلف فيما يتصل بـ «عسى» من الكاف وأخواتها فى نحو : «عساك» و «عسانى» و «عساه».

فمذهب سيبويه (٥) أنها فى موضع نصب و «أن يفعل» فى موضع رفع.

إلحاقا لـ «عسى» بـ «لعلّ» كما ألحقت «لعلّ» بـ «عسى» فى اقتران خبرها بـ «أن» كقول متمم بن نويرة : [من الطويل]

لعلّك يوما أن تلمّ ملمّة

عليك من اللائى يدعنك أجدعا (٦)

ومذهب أبى العباس المبرد (٧) أن «عسى» على ما كانت عليه من رفع الاسم ، ونصب الخبر.

__________________

(١) رواه الطبرانى فى الكبير (١٧ / ٣١٠) (٨٥٨). وفى الأوسط (٣٠٨٢) وهو فى مجمع البحرين (٢٩٧٨) من حديث عقبة بن عامر وذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد (٨ / ٢٢) وقال :

رواه الطبرانى فى الكبير والأوسط عن شيخه بكر بن سهل وهو مقارب الحال وضعفه النسائى ، وابن لهيعة فيه ضعف».

(٢) رواه أحمد فى مسنده (٥ / ٣ ، ٥) عن معاوية بن حيدة قال : قلت : يا رسول الله إنا قوم نتساءل أموالنا قال : يتساءل الرجل فى الجائحة أو الفتق ليصلح به بين قومه فإذا بلغ أو كرب استعف».

وذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد (٣ / ١٠٢ ـ ١٠٣) وقال : رجاله ثقات.

(٣) هو عوف (أو عمرو) بن سعد بن مالك بن ضبيعة من بنى بكر بن وائل ، الشهير بالمرقش الأكبر ، شاعر جاهلى ، من المتيمين الشجعان ، شعره من الطبقة الأولى.

ينظر : الأعلام (٥ / ٩٥) ، الأغانى (٦ / ١٢٧) ، الشعر والشعراء (٥٤).

(٤) ينظر : شرح المرادى (١٨٠) ، شرح التسهيل (١ / ٣٩٥).

(٥) ينظر : الكتاب (٢ / ٣٧٤ ، ٣٧٥).

(٦) البيت فى ديوانه ص ١١٩ ، وخزانة الأدب ٥ / ٣٤٥ ، ٣٤٦ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٥٦٧ ، ٦٩٥ ، ولسان العرب (علل) ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ١٩١ ، وشرح المفصل ٨ / ٨٦ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٨٨ ، والمقتضب ٣ / ٧٤.

(٧) قال المبرد : فأما قول سيبويه : إنها تقع فى بعض المواضع بمنزلة (لعل) مع المضمر فتقول : عساك وعسانى ـ فهو غلط منه ، لأن الأفعال لا تعمل فى المضمر إلا كما تعمل فى المظهر ... ينظر : المقتضب : ٣ / ٧١.

٢٠٦

لكن الذى كان اسما جعل خبرا ، والذى كان خبرا جعل اسما.

ومذهب أبى الحسن الأخفش أن «عسى» على ما كانت عليه من رفع الاسم ونصب الخبر.

إلا أن ضمير النصب ناب عن ضمير الرفع ، كما ناب عنه من قول الراجز : [من الرجز]

يا ابن الزّبير طالما عصيكا (١)

وكما ناب ضمير الرفع عن ضمير النصب، وضمير الجر فى التوكيد نحو : «رأيتك أنت» و «مررت بك أنت».

وفى قول بعضهم : «ما أنا كأنت» و «ما أنا كإيّاك». ولو كان الضمير المشار إليه فى موضع نصب كما قال سيبويه (٢) والمبرد ـ لم يقتصر عليه فى مثل : [من الرجز]

 ...

يا أبتا علّك أو عساكا (٣)

لأنه بمنزلة المفعول ، والجزء الثانى بمنزلة الفاعل ؛ والفاعل لا يحذف ، وكذا ما أشبهه.

(ص)

وبثبوت (كاد) ينفى الخبر

وحين تنفى (كاد) ذاك أجدر

ف (كدت تصبو) منتف فيه الصّبا

و (لم يكد يصبو) كمثل (إن صبا)

وغير ذا على كلامين يرد

ك (ولدت هند ولم تكد تلد)

(ش) قد اشتهر القول بأن «كاد» إثباتها نفى ، ونفيها إثبات حتى جعل هذا المعنى لغزا فقيل ـ [وهذا اللغز للمعرى] (٤) ـ : [من الطويل]

أنحوى هذا العصر ما هى لفظة

جرت فى لسانى جرهم وثمود

__________________

(١) الرجز لرجل من حمير فى خزانة الأدب ٤ / ٤٢٨ ، ٤٣٠ ، وشرح شواهد الشافعية ص ٤٢٥ ، وشرح شواهد المغنى ٤٤٦ ، ولسان العرب (تا) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٩١ ، ونوادر أبى زيد ص ١٠٥ ، وبلا نسبة فى لسان العرب (قفا) ، (تا) ، والجنى الدانى ص ٤٦٨ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٨٠ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٣٣ ، ٣ / ٨٢٣ ، شرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٢٠٢ ، ومغنى اللبيب ١ / ١٥٣ ، والمقرب ٢ / ١٨٣ ، والممتع فى التصريف ١ / ٤١٤ ، وكتاب العين ٥ / ٢٢٢ ، والمخصص ١٧ / ١٤٤ ، وتاج العروس (ك).

(٢) ينظر : الكتاب (٣ / ١٦٠).

(٣) تقدم تخريج هذا البيت.

(٤) سقط فى «أ».

٢٠٧

إذا استعملت فى صورة الجحد أثبتت

وإن أثبتت قامت مقام جحود (١)

ومراد هذا القائل «كاد» ؛ ومن زعم هذا فليس بمصيب.

بل حكم «كاد» حكم سائر الأفعال فى أن معناها منفى إذا صحبها حرف نفى ، وثابت إذا لم يصحبها.

فإذا قال قائل : «كاد زيد يبكى» فمعناه : قارب زيد البكاء ؛ المقاربة ثابتة ، ونفى البكاء منتف.

فإذا قال : «لم يكد يبكى» فمعناه : لم يقارب البكاء ؛ فمقاربة البكاء منتفية ، ونفى البكاء منتف ، انتفاء أبعد من انتفائه عند ثبوت المقاربة.

ولهذا كان قول ذى الرمة : [من الطويل]

إذا غيّر النّأى المحبّين لم يكد

رسيس (٢) الهوى من حبّ ميّة يبرح (٣)

صحيحا بليغا ؛ لأن معناه : إذا تغير حب كل محب لم يقارب حبى التغير ، وإذا لم يقاربه فهو بعيد منه.

فهذا أبلغ من أن يقول : لم يبرح ؛ لأنه قد يكون غير بارح ، وهو قريب من البراح ، بخلاف المخبر عنه بنفى مقاربة البراح.

وكذا قوله ـ تعالى ـ : (إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها) [النور : ٤٠] وهو أبلغ فى نفى الرؤية من أن يقال : (لم يرها).

لأن من لم ير قد يقارب الرؤية ؛ بخلاف من لم ير ولم يقارب.

وأما قوله تعالى : (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) [البقرة : ٧١] فكلام يتضمن كلامين مضمون كل واحد منهما فى وقت غير وقت الآخر ؛ والتقدير : فذبحوها بعد أن كانوا بعداء من ذبحها غير مقاربين له. وهذا واضح والله أعلم.

أو قد يكون نفيها إعلاما ببطء الوقوع ، والثبوت حاصل كقوله ـ تعالى ـ : (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) [النساء : ٧٨] أى : يفقهون ببطء وعسر.

قال الأخفش فى قوله : ـ تعالى ـ (لَمْ يَكَدْ يَراها) [النور : ٤٠]

__________________

(١) ينظر : الهمع (١ / ١٣٢) ، والدرر (١ / ١١٠) ، والأشمونى (١ / ٢٦٨).

(٢) يقال : رسّ الغرام فى قلبه : ثبت ودخل. الوسيط (رسس).

(٣) البيت فى ديوانه ص ١١٩٢ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣٠٩ ، ٣١٢ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٣٤ ، وشرح المفصل ٧ / ١٢٤ ، ولسان العرب (رسس).

٢٠٨

إذا قلت : «كاد يفعل» إنما تعنى : قارب الفعل ولم يفعل.

فإذا قلت : «لم يكد يفعل» كان المعنى : إنه لم يفعل ، ولم يقارب الفعل على صحة الكلام.

[وهذا معنى الآية ، إلا أن اللغة قد أجازت] (١) «لم يكد يفعل» على معنى : فعل بعد شدة.

وليس هذا على صحة الكلام [والله أعلم].

باب الحروف الناصبة الاسم الرافعة الخبر

(ص)

ل (إنّ) عكس ما لـ (كان) من عمل

فى خبر ، واسم ، وهكذا (لعلّ)

و (ليت) مع (لكنّ) هكذا (كأنّ)

وقيل فى (لعلّ) : (علّ) و (لعنّ)

و (عنّ) ـ أيضا ـ ثمّ (أنّ) و (لأنّ)

كذا (لغنّ) و (رعنّ) و (رغنّ)

وكلّ ما (كان) عليه دخلا

فاجعل لذى الحروف فيه عملا

ما لم يعنّ مانع ككون ما

أسند ممّا ألزم التّقدّما

والتزمن هنا تأخّر الخبر

إلا إذا ظرفا أتى أو حرف جرّ

تقول : (إنّ خالدا ذو فضل

وإنّ فيه شغفا بالبذل)

(ش) قد تقدم أن «كان» ترفع الاسم ، وتنصب الخبر.

وعكس ذلك نصب الاسم ورفع الخبر ، وهو عمل هذه الأحرف.

وهى ستة إذا ذكرت «أنّ» ، وخمسة إذا استغنى بـ «إنّ» كما فعل سيبويه ـ رحمه‌الله ـ إذ قال : (هذا باب الحروف الخمسة).

لأن فتح همزة «إنّ» تعرض بوقوعها موقع اسم مفرد ، وإذا سلمت من ذلك كسرت همزتها.

ومعانيها مختلفة :

فـ «إنّ» للتوكيد ، و «كأنّ» للتشبيه ، و «لكنّ» للاستدراك ، و «ليت» للتمنى ، و «لعلّ» للترجى فيما يحب ، وللإشفاق فيما يكره كقوله ـ تعالى ـ : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ) [هود : ١٢]

__________________

(١) فى أ: فهذا معنى الانتفاء لأن اللغة قد أجازت.

٢٠٩

وفيها تسع لغات ، وقد ذكرت.

ولما تقدم الإعلام بأن «كان» تدخل على المبتدإ والخبر وهما ـ أيضا ـ معمولا «إنّ» وأخواتها ـ نبهت على ما يعرض له سبب يقتضى اختصاص «كان» بالدخول عليه دون «إنّ» وأخواتها ، فقلت :

ما لم يعنّ مانع ككون ما

أسند ممّا ألزم التّقدّما

والإشارة بذلك إلى نحو : «أين زيد»؟ فإن فيه مانعا من دخول «إنّ» عليه ، وهو كون المسند إليه واجب التقديم ؛ لتضمنه معنى حرف الاستفهام.

فإذا دخلت عليه «كان» جاز ، ولزم تقديم الخبر ؛ لأن خبرها كان جائز التقديم فتقول : «أين كان زيد»؟.

ولا سبيل إلى ذلك فى «إنّ» وأخواتها ؛ لأن شيئا مما يتعلق بها لا يتقدم عليها.

فإنها حروف عملت عمل الأفعال ، ولم تقو قوتها فيتصرف فى معموليها بتقديم وتأخير ، كما تصرف فى معمولى الأفعال.

ولكن إذا قام مقام مرفوعها ظرف ، أو جار ومجرور ، جاز تقديمه ؛ لأنه ليس فى الحقيقة خبرا ، وإنما هو

معمول الخبر المقدر آخرا.

ألا ترى أن قولك : «إنّ عندك زيدا» معناه : «إنّ عندك زيدا كائن».

فحذف «كائن» وأقيم الظرف مقامه لدلالته عليه.

وشبه تقديمه وهو قائم مقام الخبر بتقديمه ، والخبر موجود نحو قولك : «إنّ عندك زيدا مقيم» ؛ فـ «عندك» فى هذه المسألة ونحوها فضلة عن الخبر.

وسهل الفصل به بين «إنّ» واسمها وخبرها كما سهل فى «كان» و «ما».

وكما سهل أن يفصل به بين المضاف والمضاف إليه مع أنهما كالشيء الواحد. وقد أشير إلى ذلك فيما مضى.

(ص)

وواجب تأخيرك اسما يشتمل

على ضمير ما بمسند وصل

ك (إنّ فى خباء هند بعلها)

و (ليت للمضنى بسعدى مثلها)

(ش) تأخير اسم «إنّ» هنا واجب كوجوب تأخير المبتدإ فى قول الشاعر :

 ...

ولكن ملء عين حبيبها (١)

__________________

(١) تقدم تخريج هذا البيت.

٢١٠

ولكن التنبيه على أن مثل ذلك قد يتفق فى هذا الباب : حسن ؛ لأن أكثر الناس لا يستحضرون ذلك.

ولا يتفق هذا فى مثل هذا الباب إلا والخبر ظرف نحو : «إنّ عند هند بعلها» ، أو جار ومجرور نحو : «ليت للمضنى بسعدى مثلها».

وأما فى باب المبتدإ ، وباب «كان» فيتأتى ذلك بظرف ، وغير ظرف.

(ص)

ولدليل جوّزوا حذف الخبر

وبعد واو «مع» وجوبا اشتهر

كذا كنحو : (إنّ زيدا سيرا

سيرا) و (إنّ النّصر ميرا ميرا)

ونحو : (إنّ أكثر اشتغالى

به وحيدا مكتف بحال)

والحذف بعد (ليت شعرى) التزم

وذكر الاستفهام بعده حتم

كما جاز أن يحذف خبر المبتدإ إذا دل عليه دليل يجوز حذف خبر هذا الباب ـ أيضا ـ إذا دل عليه دليل. كقول عمر بن عبد العزيز ـ رضى الله عنه ـ لرجل ذكر أنه من ذوى القربى : «إنّ ذلك».

ثم ذكر له حاجة فقال : «لعلّ ذلك» ؛ يريد : إن ذلك صحيح ، ولعل الذى طلبته حاصل (١).

وحكى سيبويه عن بعض العرب : «إنّك وخيرا» ؛ يريد : إنك مع خير ؛ فأغنت الواو التى بمعنى «مع» عن خبر «إنّ» كما أغنت عن خبر المبتدإ.

وحكى الكسائى : «إنّ كلّ ثوب لو ثمنه» ؛ فأدخل اللام على الواو كما تدخل على الخبر ؛ لأنها سدت مسده ؛ وهذا من الحذف الواجب.

ومثله ـ أيضا ـ فى الوجوب نحو : «إنّ زيدا سيرا سيرا» ؛ أى : إن زيدا يسير سيرا

فحذف الفعل ، وجعل تكرار المصدر بدلا منه ، كما فعل ذلك فى باب الابتداء.

وكذلك حذف خبر «إنّ» لسد الحال مسده ، كما كان كذلك فى باب الابتداء.

تقول : «إنّ أكثر شربى السّويق ملتوتا» كما قلت فى الابتداء : «أكثر شربى السّويق ملتوتا».

والتقدير هنا ، كالتقدير هناك. ومنه قول الشاعر : [من البسيط]

__________________

(١) ينظر : الأمالى (٢ / ٦٤).

٢١١

إنّ اختيارك ما تبغيه ذا ثقة

بالله مستظهرا بالحزم والجلد (١)

وقالوا : «ليت شعرى» وحذفوا الخبر ـ أيضا ـ وجوبا لسد الاستفهام مسده ؛ كقول أبى طالب : [من الخفيف]

ليت شعرى مسافر بن أبى عم

رو ، وليت يقولها المحزون (٢)

أى شىء دهاك أم غال (٣) مرآ

ك ، وهل أقدمت عليك المنون (٤)

(ص)

ونحو : (إنّ قائما عبداكا)

أجاز يحيى ، وسعيد ذاكا

(ش) يحيى هو الفراء ، وسعيد هو أبو الحسن الأخفش ؛ اتفقا على جواز : «إنّ قائما الزّيدان» (٥)

يجعلان الصفة اسم «إنّ» ، ويرفعان بها ما بعدها مغنيا عن الخبر ؛ كما يفعل الجميع ذلك بعد النفى والاستفهام نحو : «ما قائم الزّيدان» و «أقائم الزّيدان»؟.

وفاعل ذلك بعد النفى والاستفهام معذور ؛ لأن النفى والاستفهام لشدة طلبهما الفعل ، وأولويتهما به جعلا الصفة كأنها فعل ، وعوملت لذلك معاملة الفعل.

ونحو : «إنّ قائما الزّيدان» بخلاف ذلك ؛ لأن «إنّ» مختصة بالأسماء ، فدخلوها على ما فيه شبه الفعل مزيل لشبهه به ، أو جاعله كالزائل.

فمذهبهما فى ذلك ضعيف.

(ص)

و (ما) تكفّ العمل الموصوفا

زائدة إن تل ذى الحروفا

ك (إنّما الله إله) وأتى

فى (ليتما) الوجهان فيما أثبتا

وغير (ليت) لاحق به لدى

قوم قياسا ، وبنقل عضّدا

(ش) لما كان عمل هذه الحروف العمل المخصوص ، لأجل شبهها بـ «كان» فى

__________________

(١) البيت بلا نسبة فى الدرر ٢ / ١٧٥ ، وهمع الهوامع ١ / ١٣٦.

(٢) البيت فى الاشتقاق ص ١٦٦ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٤٦٣ ، وبلا نسبة فى الكتاب ٣ / ٢٦١ ، ولسان العرب (شعر).

(٣) غاله : أهلكه وأخذه من حيث لا يدرى. الوسيط (غال).

(٤) البيت فى لسان العرب (منن) ، وخزانة الأدب ١٠ / ٤٦٣ ، وتاج العروس (منن).

(٥) قال ابن السراج : وأجاز الفراء : إن قائما الزيدان ، وإن قائما الزيدون ، على معنى : إن من قام الزيدان ، وإن من قام الزيدون. ينظر : الأصول فى النحو : ١ / ٢٥٦.

٢١٢

الاختصاص بالمبتدإ والخبر ، وكان الاختصاص مفقودا بتركيبها مع «ما» فتصير جائزة الدخول على الفعل والاسم ـ بطل عملها لشبهها حينئذ بالحروف المهملة لعدم اختصاصها.

إلا (ليتما) فإن اختصاصها بالمبتدإ والخبر باق ، فأعملت وأهملت.

فمن أعملها ، فلبقاء الاختصاص.

ومن أهملها فإلحاقا بأخواتها ، ولأنها باينت «كان» حين قارنها ما لا يقارن «كان» ؛ كما أهملت «ما» حين وصلت بـ «إن» لأنها باينت «ليس» بمقارنتها ما لا يقارنها.

وقد روى بيت النابغة : [من البسيط]

قالت : ألا ليتما هذا الحمام لنا

إلى حمامتنا أو نصفه فقد (١)

بنصب «الحمام» ورفعه ؛ ورفعه أقيس.

وحكى ابن برهان (٢) أن الأخفش روى عن العرب : «إنّما زيدا قائم» ؛ فأعمل «إنّ» مع زيادة «ما».

وحكى مثل ذلك الكسائى فى كتابه.

وأما (ليتما) فالجميع روى عن العرب إعمالها وإلغاءها.

__________________

(١) البيت فى ديوانه ص ٢٤ ، والأزهية ص ٨٩ ، ١١٤ ، والأغانى ١١ / ٣١ ، والإنصاف ٢ / ٤٧٩ ، وتخليص الشواهد ص ٣٦٢ ، وتذكرة النحاة ص ٣٥٣ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٢٥١ ، ٢٥٣ ، والخصائص ٢ / ٤٦٠ ، والدرر ١ / ٢١٦ ، ٢ / ٢٠٤ ، ورصف المبانى ص ٢٩٩ ، ٣١٦ ، ٣١٨ ، وشرح التصريح ١ / ٢٢٥ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٦٢ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٧٥ ، ٢٠٠ ، ٢ / ٦٩٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٣٣ ، وشرح المفصل ٨ / ٥٨ ، والكتاب ٢ / ١٣٧ ، واللمع ص ٣٢٠ ، ومغنى اللبيب ١ / ٦٣ ، ٢٨٦ ، ٣٠٨ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٥٤ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٣٤٩ ، وخزانة الأدب ٦ / ١٥٧ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٤٣ ، وشرح قطر الندى ص ١٥١ ، ولسان العرب (قدد) ، والمقرب ١ / ١١٠ ، وهمع الهوامع ١ / ٦٥.

(٢) هو عبد الواحد بن على بن عمر بن إسحاق بن إبراهيم بن برهان ، أبو القاسم الأسدى العكبرى النحوى ، صاحب العربية واللغة والتواريخ وأيام العرب ، كانت فى أخلاقه شراسة على من يقرأ عليه ، وكان زاهدا ، عرف الناس منه ذلك ، وكان يتكبر على أولاد الأغنياء ، مات سنة ٤٥٦ ه‍.

من تصانيفه : الاختيار فى الفقه ، أصول اللغة ، اللمع فى النحو.

ينظر : بغية الوعاة (٢ / ١٢٠) ، الأعلام (٤ / ١٧٦) ، تاريخ بغداد (١١ / ١٧).

٢١٣

(ص)

وكسر (إنّ) الزم بحيث يعتقب

اسم وفعل ، فلبدء ذا يجب

أو كونها محلّ حال ، أو صله

أو لجواب قسم مكمّله

أو وليت فعلا بلام علّقا

أو حكيت من بعد قول مطلقا

والكسر والفتح يجوّزان إن

(إذا) فجاءة تلت أو تقترن

بفا الجزاء ، أو (أما) أو أوليت

فعل يمين دون لام أو تلت

قولا كـ (ظنّ) أو بـ (إنّ) مخبرا

عنه وثان جا لـ (إنّ) خبرا

وكلّ موضع سوى ما قدّما

ففتح همز (إنّ) فيه التزما

(ش) «إن» ـ بالكسر ـ هى الأصل ؛ لأن الكلام معها جملة غير مؤولة بمفرد.

و «أن» ـ بالفتح ـ فرع ؛ لأن الكلام معها جملة فى تأويل مفرد.

وكون الشىء جملة من كل وجه ، أو مفردا من كل وجه أصل لكونه جملة من وجه ، ومفردا من وجه.

ولأن المكسورة مستغنية بمعموليها عن زيادة ، والمفتوحة لا تستغنى عن زيادة ؛ والمجرد من الزيادة أصل للمزيد فيه.

ولأن المفتوحة تصير مكسورة بحذف ما تتعلق به ؛ كقولك فى «عرفت أنّك برّ» : «إنّك برّ».

ولا تصير المكسورة مفتوحة إلا بزيادة كقولك فى «إنّك برّ» : «عرفت أنّك برّ».

والمرجوع إليه بحذف أصل للمتوصل إليه بزيادة.

ولما كانت المكسورة أصلا استحقت موضعا لا يتقيد بقبيل دون قبيل ، بل موضعها صالح للاسم والفعل دون اختلاف معنى.

فمن ذلك وقوعها أول كلام نحو : «إنّ زيدا ذاهب» ، ووقوعها فى موضع الحال كقولك : «جئت وإنّ زيدا لحاضر».

أنشد سيبويه : [من المنسرح]

ما أعطيانى ولا سألتهما

إلا وإنّى لحاجزى كرمى (١)

__________________

(١) البيت لكثير عزة فى ديوانه ص ٢٧٣ ، وتخليص الشواهد ٣٤٤ ، والكتاب ٣ / ١٤٥ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٣٠٨ ، وبلا نسبة فى الدرر ٤ / ١٣ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٣٨ ،

٢١٤

ووقوعها صلة كقوله ـ تعالى ـ : (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ) [القصص : ٧٦]

ووقوعها جواب قسم كقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) [الدخان : ٣]

ووقوعها بعد فعل معلق باللام نحو قوله ـ تعالى ـ : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ) [الأنعام : ٣٣]

وكإنشاد سيبويه (١) : [من الطويل]

ألم تر إنّى وابن أسود ليلة

لنسرى إلى نارين يعلو سناهما (٢)

ووقوعها محكية بقول نحو : (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِ) [سبأ : ٤٨]

والمراد بقولى : «مطلقا» ـ أيضا ـ التنبيه على أنه يكون بعد فعل القول ومصدره ، واسم فاعله ، ومفعوله نحو :

«قلت إنّك فاضل» ، و «صحّ قولى : إنّك فاضل» ، و «لم أزل قائلا : إنّك فاضل» ، و «سرّ المقول : إنّك فاضل».

وقولنا :

والكسر والفتح يجوّزان إن

(إذا) فجاءة تلت ...

معناه : أن «إذا» حيث قصد بها المفاجأة ووليتها «إنّ» ، جاز كسر همزتها وفتحها ؛ كقول الشاعر : [من الطويل]

وكنت أرى زيدا كما قيل : سيّدا

إذا إنّه عبد القفا واللهازم (٣)

__________________

وشرح ابن عقيل ص ١٨٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٢٧ ، والمقتضب ٢ / ٣٤٦ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٤٦.

(١) ينظر : الكتاب (٣ / ١٤٩).

(٢) البيت للشمردل بن شريك اليربوعى فى شرح أبيات سيبويه ٢ / ١٤١ ، وبلا نسبة فى تخليص الشواهد ص ٣٤٣ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٣٨ ، والكتاب ٣ / ١٤٩ ، ولسان العرب (سنا) ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٢٢.

(٣) البيت بلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٣٣٨ ، وتخليص الشواهد ص ٣٤٨ ، والجنى الدانى ص ٣٧٨ ، ٤١١ ، وجواهر الأدب ص ٣٥٢ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٢٦٥ ، والخصائص ٢ / ٣٩٩ ، والدرر ٢ / ١٨٠ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٣٨ ، وشرح التصريح ١ / ٢١٨ ، وشرح شذور الذهب ص ٢٦٩ ، وشرح ابن عقيل ص ١٨١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٨٢٨ ، وشرح المفصل ٤ / ٩٧ ، ٨ / ٦١ ، والكتاب ٣ / ١٤٤ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٢٤ ، والمقتضب ٢ / ٣٥١ ، وهمع الهوامع ١ / ١٣٨.

٢١٥

فمن كسر فعلى تقدير : فإذا هو عبد ، ومن فتح فعلى تقدير : فإذا العبودية.

فـ «أنّ» وما عملت فيه فى تأويل مصدر ابتدئ به ، وحذف خبره.

وكذا إذا وقعت بعد فاء الجزاء يجوز فيها الكسر والفتح ؛ فالكسر على تقدير جملة صرح بجزأيها ، والفتح على تقدير مصدر ابتدئ به وحذف خبره.

ومثال الكسر قوله ـ تعالى ـ : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) [آل عمران : ٩٢]

ومثال الفتح قوله ـ تعالى ـ : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ) [التوبة : ٦٣]

ويجوز كسرها بعد «أما» مقصودا بها معنى «ألا» الاستفتاحية ؛ إن قصد بها معنى «حقّا» فتحت.

ويجوز ـ أيضا ـ كسرها وفتحها بعد القسم إن لم يكن مع أحد معموليها اللام.

وكذلك يجوز كسرها وفتحها فى نحو : «أوّل قولى أنّى أحمد الله» وشبهه.

فمن فتح فعلى تقدير : «أوّل قولى حمد الله».

ومن كسر جعل «أوّل قولى» مبتدأ ، و «إنّى أحمد الله» جملة أخبر بها مستغنية عن عائد يعود على المبتدإ.

لأنها نفس المبتدإ فى المعنى كأنه قال : أول قولى هذا الكلام المفتتح بـ «أنّى».

ونظير ذلك قوله ـ تعالى ـ : (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) [يونس : ١٠]

وقوله عليه الصلاة والسّلام : «أفضل ما قلته أنا والنّبيّون من قبلى لا إله إلا الله».

وضابط ما يجوز فيه الوجهان من هذا النوع أن تقع «أن» خبر قول ، ويكون خبرها قولا كـ «أحمد» أو «آمر» أو (أدعو).

فلو لم يكن خبرها قولا تعين الكسر نحو : «أوّل قولى إنّك ذاهب».

وما سوى المواضع التى يجب فيها الكسر ، والمواضع التى يجوز فيها الكسر والفتح ـ فالفتح فيه متعين نحو : «علمت أنّك ذاهب» ، و «معلوم أنّك فاضل» ، وما أشبه ذلك.

(ص)

وبعد ذات الكسر لام الابتدا

تأتى كـ (إنّ خالدا لذو هدى)

٢١٦

والثّانى المثبت ممّا يقتضى

يلحق نحو : (إنّ زيدا لوضى)

وإن يكن فعل مضى صرّفا

ولم يقارن (قد) فذا اللام انتفى

(أمّ الحليس لعجوز شهربه

ترضى من اللّحم بعظم الرّقبه)

[وقد تليه واو مع وقد يرد

مع اسم إثر ظرف اكفاه قصد] (١)

وأوله معمول غير الماض إن

وسّط فهو باستباحة قمن

وجنّبوه جزأى الشّرط وفى

لحاقه الجزا أبو بكر قفي

ويلحق الفصل وزائدا يعدّ

فيما سوى هذا وممّا قد ورد

وخبر المعطوف بعد (إنّ) إن

قارنها استحسنه كلّ فطن

(ش) مما تختص به «إنّ» المكسورة وقوع لام الابتداء بعدها مقارنا لاسمها المتأخر ؛ نحو : «إنّ فى الدّار لزيدا».

أو لخبرها المتأخر نحو : «إنّ زيدا لفى الدّار».

فإن كان الخبر منفيّا لم تلحقه مطلقا.

وكذا إن كان فعلا ماضيا متصرفا غير مقارن لـ «قد».

فإن كان ماضيا غير متصرف ، أو متصرفا مقارنا لـ «قد» ـ لم يمتنع اقترانه باللام ؛ نحو : «إنّك لنعم الرّجل» و «إنّك لقد أحسنت».

وإن كان الخبر جملة شرطية لم تلحقه هذه اللام ، لا مع الجزء الأول ، ولا مع الثانى ؛ نحو : «إنّك إن تأتنى أكرمك».

وأجاز أبو بكر بن الأنبارى : «إنّك إن تأتنى لأكرمك».

وأجاز ـ أيضا ـ على الكسائى دخولها على الواو التى بمعنى «مع» ، وسمع «إنّ كلّ ثوب لو ثمنه» ـ حكاه ابن كيسان فى «المهذب».

وقد تدخل هذه اللام على الاسم المسبوق بظرف ملغى نحو : «إنّ غدا لزيدا راحل».

ويتناول الظرف الملغى : الجار والمجرور الملغى نحو : «إنّ بك لزيدا واثق».

وقد يقارن هذه اللام معمول الخبر ما لم يتأخر عن الخبر ، أو يكن الخبر فعلا ماضيا.

فيجوز : «إنّى لإياله مؤتمن» ، ولا يجوز : «إنّى مؤتمن لإياله».

وأجاز الأخفش نحو : «إنّى لبك وثقت» مع أنه لا يجيز : «إنّى بك لوثقت».

__________________

(١) سقط فى ط.

٢١٧

ومعلوم أن اللام إنما دخلت على معمول الخبر ؛ لوقوعه قبل الخبر من أجل أنه واقع موقعه فكأنها دخلت عليه.

فإذا لم يكن هو صالحا لها فلا حظ لمعموله فيها ، وإلا لزم ترجيح الفرع على الأصل.

ومما تدخل عليه هذه اللام : الفصل المسمى عمادا

كقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ) [آل عمران : ٦٢]

وما سوى ما ذكر من مواضع اللام إن ورد بلام حكم بزيادتها.

كقول من قال : [من الطويل]

 ...

ولكنّنى من حبها لعميد (١)

وكقراءة سعيد بن جبير : (إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ) [الفرقان : ٢٠] بفتح الهمزة.

ومنه قول الراجز : [من الرجز]

أمّ الحليس (٢) لعجوز شهربه (٣)

__________________

(١) عجز بيت وصدره :

يلوموننى فى حب ليلى عواذلى

 ...

وهو بلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٤ / ٣٨ ، والإنصاف ١ / ٢٠٩ ، وتخليص الشواهد ص ٣٥٧ ، والجنى الدانى ص ١٣٢ ، ٦١٨ ، وجواهر الأدب ص ٨٧ ، وخزانة الأدب ١ / ١٦ ، ١٠ / ٣٦١ ، ٣٦٣ ، والدرر ٢ / ١٨٥ ، ورصف المبانى ص ٢٣٥ ، ٢٧٩ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٨٠ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٤١ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦٠٥ ، وشرح ابن عقيل ص ١٨٤ ، وشرح المفصل ٨ / ٦٢ ، ٦٤ ، وكتاب اللامات ص ١٥٨ ، ولسان العرب (لكن) ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٣٣ ، ٢٩٢ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٤٧ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٠.

(٢) الحلس : كساء على ظهر البعير تحت البرذعة ويبسط فى البيت تحت حر الثياب.

(القاموس ـ حلس).

(٣) الشهربة والشهبرة : العجوز الكبيرة. (اللسان ـ شهرب).

والرجز لرؤبة فى ملحق ديوانه ص ١٧٠ ، وشرح التصريح ١ / ١٧٤ ، وشرح المفصل ٣ / ١٣٠ ، ٨ / ٢٣ ، وله أو لعنترة بن عروس فى خزانة الأدب ١٠ / ٣٢٣ ، والدرر ٢ / ١٨٧ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦٠٤ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥٣٥ ، ٢ / ٢٥١ ، وبلا نسبة فى لسان العرب (شهرب) ، وجمهرة اللغة ص ١١٢١ ، وتاج العروس (شهرب) ، (لوم) ، وأوضح المسالك ١ / ٢١٠ ، وتخليص الشواهد ص ٣٥٨ ، والجنى الدانى ص ١٢٨ ، ورصف المبانى ص ٣٣٦ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٧٨ ، ٣٨١ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٤١ ، وشرح ابن عقيل ص ١٨٥ ، وشرح المفصل ٧ / ٥٧ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٣٠ ، ٢٣٣ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٠.

٢١٨

ومنه قول الشاعر : [من البسيط]

مرّوا عجالى فقالوا : كيف سيّدكم؟

فقال من سألوا : أمسى لمجهودا (١)

ومنه قول الآخر : [من الطويل]

وما زلت من ليلى لدن أن عرفتها

لكالهائم المقصى بكلّ مراد (٢)

ومنه قول الآخر : [من البسيط]

أمسى أبان ذليلا بعد عزّته

وما أبان لمن أعلاج (٣) سودان (٤)

وأحسن ما تزاد بعد خبر مبتدأ معطوف هو وخبره على «أن» ومعموليها كقول الشاعر] : [من الكامل]

إن الخلافة بعدهم لذميمة

وخلائف ظرف لما أحقر (٥)

(ص)

وإن تخفّف (أنّ) أو (كأنّا)

فبعدها انو الاسم مستكنّا

وقد يبين ، وإذا ما أضمرا

مع (أن) فجملة تجيء خبرا

وإن بفعل صدّرت غير دعا

وغير ما تصرّفا قد منعا

فالأحسن الفصل بـ (قد) أو نفى أو

تنفيس او (لو) ، وقليل ذكر (لو)

وقبل (أن) ذى علم او ظن لزم

وبشذوذ ما سوى هذا وسم

(ش) «أنّ» المفتوحة أشبه بالفعل من المكسورة ؛ لأن لفظها كلفظ «عضّ» مقصودا به المضى ، أو الأمر.

والمكسورة لا تشبه إلا الأمر كـ «جدّ» ؛ فلذلك أوثرت «أن» المفتوحة المخففة

__________________

(١) البيت بلا نسبة فى تذكرة النحاة ص ٤٢٩ ، وجواهر الأدب ص ٨٧ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٣٢٧ ، ١١ / ٣٣٢ ، والخصائص ١ / ٣١٦ ، ٢ / ٢٨٣ ، والدرر ٢ / ١٨٨ ، ورصف المبانى ص ٢٣٨ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٧٩ ، وشرح ابن عقيل ص ١٨٥ ، وشرح المفصل ٨ / ٦٤ ، ٨٧ ، ومجالس ثعلب ص ١٥٥ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٣١٠ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤١.

(٢) البيت لكثيرة عزة فى ديوانه ص ٤٤٣ ، وتذكرة النحاة ص ٤٢٩ ، وجواهر الأدب ص ٨٧ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٣٢٨ ، والدرر ٢ / ١٨٨ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦٠٥ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٤٩ ، وبلا نسبة فى تخليص الشواهد ص ٣٥٧ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٤١ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٣٣ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤١.

(٣) العلج : الرجل الغليظ من كفار العجم. القاموس : (علج).

(٤) البيت بلا نسبة فى جواهر الأدب ص ٨٨ ، والدرر ٢ / ١٨٩ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٤١ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦٠٤ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٣٢ ، ٢٣٣ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤١.

(٥) البيت بلا نسبة فى تخليص الشواهد ص ٣٥٨ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٥.

٢١٩

ببقاء عملها ، لكن على وجه تبين (١) فيه الضعف ، وذلك بأن جعل اسمها محذوفا لتكون بذلك عاملة كلا عاملة.

ومما يوجب مزيتها على المكسورة أن طلبها لما تعمل فيه من جهة الاختصاص ومن جهة وصليتها بمعمولها ، ولا تطلب المكسورة ما تعمل فيه إلا من جهة الاختصاص ؛ فضعفت بالتخفيف ، وبطل عملها ـ غالبا ـ بخلاف المفتوحة.

ومثلها «كأنّ» لتركيبها من «أن» والكاف.

وقد يظهر اسماهما. فمثال ذلك فى «أن» ، قول الشاعر : [من المتقارب]

لقد علم الضّيف والمرملون (٢)

إذا اغبرّ أفق وهبّت شمالا

بأنك ربيع ، وغيث مريع

وأنّك هناك تكون الثّمالا (٣)

ومثال ذلك فى «كأنّ» ، قول الشاعر : [من الطويل]

فيوما توافينا بوجه مقسّم

كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم (٤)

على من نصب «ظبية» ، ويروى برفعها على حذف الاسم ، ويروى بجرها على زيادة «أن» بين كاف الجر ، والمجرور بها.

ولا يكون الخبر عند إضمار اسم «أن» إلا جملة :

إما اسمية ، كقول الأعشى : [من البسيط]

فى فتية كسيوف الهند قد علموا

أن هالك كلّ من يحفى وينتعل (٥)

__________________

(١) فى أ: يتبين.

(٢) المرمل : الذى لا زاد معه. مقاييس اللغة (رمل).

(٣) البيت لكعب بن زهير فى الأزهية ص ٦٢ ، وتخليص الشواهد ص ٣٨٠ ، وليس فى ديوانه ، وهو لجنوب بنت عجلان فى الحماسة الشجرية ١ / ٣٠٩ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٣٨٤ ، وشرح أشعار الهذليين ٢ / ٥٨٥ ، وشرح التصريح ١ / ٢٣٢ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٨٢ ، ولعمرة بنت عجلان أو لجنوب بنت عجلان فى شرح شواهد المغنى ١ / ١٠٦ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ١ / ٢٠٧ ، وأوضح المسالك ١ / ٣٧٠ ، وخزانة الأدب ٥ / ٤٢٧ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٤٦ ، وشرح قطر الندى ص ١٥٦ ، وشرح المفصل ٨ / ٧٥ ، ولسان العرب (أنن) ، ومغنى اللبيب ١ / ٣١ ، وتاج العروس (أنن).

(٤) البيت لعلباء بن أرقم فى تاج العروس (قسم) ، وبلا نسبة فى تاج العروس (أنن).

(٥) البيت فى ديوانه ص ١٠٩ ، والأزهية ص ٦٤ ، والإنصاف ص ١٩٩ ، وتخليص الشواهد ص ٣٨٢ ، وخزانة الأدب ٥ / ٤٢٦ ، ٨ / ٣٩٠ ، ١٠ / ٣٩٣ ، ١١ / ٣٥٣ ، ٣٥٤ ، والدرر ٢ / ١٩٤ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٧٦ ، والكتاب ٢ / ١٣٧ ، ٣ / ٧٤ ، ١٦٤ ، ٤٥٤ ، والمحتسب ١ / ٣٠٨ ، ومغنى اللبيب ١ / ٣١٤ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٨٧ ، والمنصف ٣ / ١٢٩ ، وبلا ـ

٢٢٠